أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المشي .














المزيد.....

مقامة المشي .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 7974 - 2024 / 5 / 11 - 14:13
المحور: الادب والفن
    


مقامة المشي :
يقول أبقراط : (( المشي هو أفضل دواء للإنسان )) .
المَشي, ظَاهِرَة استَوقَفَت الكُتَّاب والفَلَاسِفَة والحُكَمَاء والشُّعرَاء, لِذَلك لَا تَستَغرب ولَا تَتعجَّب أَنْ تَجد كُتباً تَتحدَّث عَن المَشي بحَدِّ ذَاتهِ, وهو موضوع حيوي وضروري بالنسبة لي ولمن في عمري , وقد دأبت على عادة المشي منذ زمن بعيد , فتراني يوميا أقطع نهر ديالى متنقلا بين جانبيه , مستمتعا ومستريضا جامعا كل الفوائد النفسية والطبية, والمشي أنواع : هناك السريع و الهاديء والبطيء , وكما يقول الشاعر : (( مَشَوا إلى الرَّاحِ مَشْيَ الرُّخِّ وَ انصَرَفُوا وَالرَّاحُ تَمْشِي بِهِمْ مَشْيَ الفَرَازِينِ )(.
تعد رياضة المشي من أقل الأنشطة البدنية تكلفة وأبسطها وأسهلها ولا تتطلب أي معدات أو مهارات خاصة, كما أنها وسيلة لتحسين اللياقة البدنية والحفاظ على الصحة والحد من التوتر, ومن المؤسف أنه لم يحصل على التقدير الذي يستحقه سواء من الناحية الصحية أو قيمته كوسيلة مواصلات وترفيه, ففي العصر الحاضر نرى أنه كلما زاد تطور البشرية قلت ممارستهم له.
في كتابه (اعترافات) كتب المفكِّر العالمي جان جاك روسو : لم يقدَّر لي قط أن أكون أكثر تفكيراً, وأكثر استمراءً لوجودي وحياتي, وأكثر قرباً من حقيقتي مما كنت في تلك الرحلات التي كنت أقوم بها سيراً على قدمي , ففي المشي شيء ينعش نشاطي ويسمو بأفكاري, وأنا لا أكاد أفكِّر عندما أكون ساكناً, لا بدَّ لجسمي من أن يكون في حركة حتى يتحرك عقلي)).

ومعلوم ان المَشْيُ يَوْمِيًّا يُبْطِئُ الشَّيْخُوخَةَ حسب ما أفَادَ به عُلَمَاءُ بِكُلِّيَّةِ الْحَيَاةِ وَعُلُومِ الصِّحَّةِ بِجَامِعَةِ أسْتُون الْبرِيطَانِيَّةِ أنَّ الْمَشْيَ لِمُدَّةِ نِصْفِ سَاعَةٍ يَوْمِيًّا يُمْكِنُ أنْ يَقِيَ مِنَ الْبَدَانَةِ وَالسُّكَّرِي, ومعلوم انه لم يكن أرسطو وتلاميذه الذين أطلق عليهم تسمية المشائين, مشّائين كبارًا, كنيتشه ورامبو وروسو, لكن كان التفكير لديهم مقترنًا بالمشي, وهم يشبهون بذلك الفلاسفة الرواقيين, الذين كانوا يزرعون رواق مدرستهم بالمشي ذهابًا وإيابًا, فيما تحتدم نقاشاتهم, و في بلاد الإغريق القديمة كان الكلبيون ومعلمهم ديوجين مشّائين كبارًا, فرغبتهم الكبيرة في تحطيم المعارضات الكلاسيكية بين ثنائيات الوجود, دفعتهم إلى تبسيط الوجود إلى عناصره الأولية والعودة إلى الطبيعة المحضة, التي تعارض الطبيعة الثقافية, لأنّ الحقيقة تكمن في الرياح التي تضرب البشرة, والشمس الساطعة, والعواصف الرعدية, حيث تعاش التجربة بشكل عار, فالكلبي لا يحتاج إلّا أقل العناصر الضرورية لكي يحيا, قدمان قاسيتان لكثرة المشي وعصا وجراب صغير, وبعدها يمتلك الكون ساخرًا من ابتسامة الفيلسوف الحكيم الهادئة.
يقول جون ويليامز: ((ما فائدة الدنيا الواسعة إذا كان حذاؤك ضيقًا)) , تضمر مقولة ويليامز فكرة تخلّي الصوفية عن متاع الدنيا, من ماديات وأفكار, المرموز إليها بالحذاء الضيق, ومن ثم ارتياد هذا الوجود مشيًا, وتميز الفلسفة الهندوسية بين أربعة مسارات عن الحياة, آخرها هي مرحلة : الحاج المتسوِّل, وفيها ينطلق الشخص في سعي ديني عبر الدروب, ويكون الشكل المادي لهذه الرحلة الروحية هو المشي, والمشي قليلًا ما يكون مقصدًا لذاته, لكنّ الحاج الهندوسي الهائم على وجهه يجعله مقصدًا لذاته, فالمشي لا يحتاج إلى تدريبات, ولا تقنيات, ولا يوجد فيه منافسة مع آخر, ولا يرتب نتائج, كل ما يحتاجه الماشي ساقين وعصا يتوكأ عليها, والمشي هو أن تأخذك الدروب في متاهاتها, وبالمقابل أن تطويها بقدميك, وفيها يزهد الحاج عن كل شيء, حتى يُعطى كل شيء.
يقول الباري عزوجل في سورة النور : (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .
وهكذا ليتنا نمشي كما قال الشاعر ابن مقبل :(( بمَشْيٍ كهَزِّ الرُّمْحِ , بادٍ جَمَالُهُ إذا جَذَفَ المَشيَ القِصَارُ الدَّحادِحُ)) .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة أسبقيات قوة العراق.
- مقامة الشجاعة .
- مقامة النخلة .
- مقامة ابن الملوح ( المقامة المطولة ) .
- مقامة الهلوسات (العقد الثامن - الشيخوخة).
- مقامة التملك .
- مقامة المستملحات : ( تواصل صوفي ).
- مقامة السالكين .
- مقامة الطأطأة .
- مقامة السدى .
- مقامة الصواع .
- مقامة 2024.
- مقامة العتيبة
- مقامة العقاب .
- مقامة الحب المستحيل .
- مقامة الحروب .
- مقامة الحرام .
- مقامة الصباحات .
- مقامة الحضارة .
- مقامة الأبتسامة و السعادة .


المزيد.....




- قهوة مجانية على رصيف الحمراء.. لبنانيون نازحون يجتمعون في بي ...
- يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم ...
- المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
- دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل ...
- قسم الإعلام التطبيقي بكليات التقنية العليا الإماراتية والمدر ...
- نص من ديوان (ياعادل) تحت الطبع للشاعر( عادل جلال) مصر.
- إخترنا لك :نص (شكرا لطوق الياسمين )حسن فوزى.مصر.
- رحيل الممثلة البريطانية ماغي سميث عن 89 عاماً


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المشي .