|
اليوم التالي ومعضلة وقف إطلاق النار
ناجح شاهين
الحوار المتمدن-العدد: 7971 - 2024 / 5 / 8 - 18:11
المحور:
القضية الفلسطينية
اليوم التالي ومعضلة وقف النار درج علماء السياسة الأمريكيون على ترويج فكرة عن حل مبدع للصراعات باعتماد استرايتجية ربح-ربح لطرفيه. لكن هل يمكن لإسرائيل والمقاومة أن يتقاسما الأرباح من عملية وقف كامل لإطلاق النار؟ يشكل هذا السؤال مفتاحاً لفهم الصعوبات الجمة التي تعترض فكرة وقف إطلاق النار بغض النظر عن الدور الذي يضطلع به رئيس الوزراء الموتور نتانياهو في محاولة التهرب من اليوم التي الذي سيجلب نهايته السياسية ويجلبه إلى المحكمة على السواء. ما الذي تريده إسرائيل ؟ لقد وصلت إسرائيل قبل السابع من تشرين بعقد من الزمن على الأقل إلى لحظة الحقيقة فيما يتصل بمناورات المبدع شمعون بيرس المتصلة بتأسيس سلطة فلسطينية تدير سكان "المناطق" وتسهم في حماية أمن إسرائيل حتى "يقضي الله أمراً كان مفعولا". باختصار جاء وقت ذلك الأمر المفعول الذي لا مفر منه: لا بد من تطهير الضفة والقدس نهائياً، وتكريس إسرائيل من البحر إلى النهر دولة لشعب الله المختار دون أي سكان عرب. وقد قبل النظام الإقليمي العربي الرسمي هذه الواقعة، وتعايش معها، ودخل طوعاً أو كرهاً في في مسار التطبيع والعلاقات الكاملة مع إسرائيل بدءاً بمصر والأردن، ومروراً بقطر والبحرين والإمارات والسودان، ووصولاً إلى السعوية التي اضطرت إلى التريث في اللحظة الأخيرة بسبب طوفان السابع من تشرين. إذن جاء السابع من تشرين صفعة أسطورية للأوهام الصهيونية بانتهاء الصراع محسوماً على الطريقة الأنجلوساكسونية في أمريكا الشمالية بإبادة غالبية السكان الأصليين، وحشر من تبقى منهم في معازل تخضع للإشراف/الرعاية/والمراقبة من قبل أجهزة الدولة. ولدت فلسطين من جديد ليعود الصداع أقوى من أي وقت مضى. وبدا أن مقاومة فلسطين قد دشنت زمناً جديداً لا يحتمل إمكان إقامة دولة فلسطينية مستقلة فحسب، بل إمكان أن يتوسع النضال ويتعمق ليتقزم المشروع الصهيوني تدريجياً حتى ينتهي بهزيمة تامة على طريقة الجزائر وفيتنام. جاء الرد الإسرائيلي متوقعاً في بطشه الهائل الساعي إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ولكن المقاومة "عقدت" الأمور كثيراً بصمودها الأسطوري المفاجئ للصديق قبل العدو، وذلك ما عزز الإمكان الخطير المتصل ببداية أفول المشروع الصهيوني من جذوره. وهكذا وجدت النخب الصهيونية نفسها مجبرة على الاتحاد خلف نتانياهو الذي تبغضه من أجل إنقاذ إسرائيل من خطر وجودي محقق. وتقدم رعاة المشروع الاستعماري الصهيوني في أوروبا وأمريكا الشمالية لتقديم ما في وسعهم لتمكين إسرائيل من إنجاز انتصا رحاسم يعيد الزمن إلى الوراء. ومرة أخرى تكسر ذلك كله على صخرة صمود غزة ليبدأ الكون يشهد صحوة معادية للوحشية الاستعمارية مثلما يحدث في نضالات حركات المقاومة دائماً. وبدأ الضغط على إسرائيل لتوقف حرب الإبادة التي تشنها على الفلسطينيين بغرض إبادتهم أو تهجيرهم أو إجبارهم على الاستسلام غير المشروط. لكن خلافاً لتجربة الاحتلال "اللطيفة" سنة 1982، فإن قيادة المقاومة الحالية لا تقبل أية حلول تسحب منها المكاسب العظيمة التي أصبحت في حوزتها بالفعل. وتصر في سياق التفاوض مع مواصلة القتال على مطالبها التي لا تستسيغها النخبة السياسية الصهيونية من قبيل الانسحاب من غزة، وعودة الناس إلى بيوتهم أو مناطقهم المدمرة ليعاد بناؤها، ثم تبادل الأسرى الذي يعني إطلاق سراح "إرهابيين" خطرين أو مهمين. إسرائيل بداهة لا تقبل بذلك، وهي تريد في المقابل "استراحة" تسترد فيها أسراها ثم تعاود قتال المقاومة حتى يتم القضاء عليها تماماً، أو يعود الزمن المواتي للمشروع الصهيونية إلى لحظته العظيمة التي تلت أوسلو وسمحت ببدء التخطيط للتطهير العرقي الكامل. ليس هناك إمكانية أن تربح المقاومة شيئاً ذا بال من مقترح وقف إطلاق النار الصهيوني الذي يعني حرفياً أن تتخلى عن إحدى نقاط قوتها الأساس وهي الأسرى في مقابل هدنة يتخللها بعض الهدوء وبعض المساعدات، وتنتهي بعودة ماكينة القتل الصهيوأمريكية إلى ممارسة ألعابها بالطريقة ذاتها. كذلك إسرائيل من جانبها لن تربح أي شيء من وقف للنار يسمح للمقامة بقيادتها ومشروعها ذاته بالبقاء على قيد الحياة لتستعد لمعركة مقبلة بعد أن راكمت الخبرات والإنجازات على السواء. لذلك نرجح أنه حتى لو ذهبت إسرائيل إلى وقف لإطلاق النار برعاية أمريكية تخدع المقاومة لبعض الوقت، فإن العودة إلى المواجهة ستكون خياراً لا بد منه في وقت قريب. لحظة الحقيقة العارية هي ما نعيشه اليوم: إما أن يتم تقويض المشروع الصهيوني جوهرياً، أو أن شعب فلسطين سينضم إلى من سبقه شعوب تحولت إلى ذكريات ولوحات في المتاحف. لكن أداء المقاومة الشجاع والذكي يسمح لنا بالقول إن فرصة فلسطين في الانتصار ودحر المشروع الصهيوني هي الأقوى لأول مرة منذ العام 1948.
#ناجح_شاهين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غزة بين الكلبية وعقيدة الضاحية
-
قراءة في زمن ما بعد 7 تشرين
-
إسرائيل تفقد قيمتها وتتجه نحو اليسار
-
إدارة التوحش
-
غزة في الحسابات الدولية والإقليمية
-
الخوارزميات وسلوك القطيع
-
نورمان فنكلشتين والحرب في غزة
-
هوامش على خطاب السيد
-
إسرائيل واستعادة الردع
-
قصة استشهاد غزة التي لا تنتهي
-
المقاومة الغزية صناعة الأمل
-
الرجل العربي وجنس الفيس بوك
-
أثمان مفرقعات التوجيهي تذهب إلى جنين
-
معركة التوجيهي الكبرى
-
دور حفلات التخرج في تدمير العقل والذائقة
-
إضراب الوكالة وسمات الإضراب الناجح
-
التشكل التاريخي للبيض والأغيار
-
مواجهة التطهير ولحظة الحقيقة
-
زمن سموترتش/بن غفير
-
جنين تتصدى لمشروعي الدولة والتنمية
المزيد.....
-
ياسمين عبدالعزيز بمسلسل -وتقابل حبيب- في رمضان
-
ياسين أقطاي: تركيا والنظام السوري الجديد أكثر دراية بمحاربة
...
-
السويد- الإفراج عن مشتبه بهم فى حادث مقتل حارق القرآن
-
عمّان.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
ترمب: بلادنا ليست منخرطة في أحداث سوريا
-
لماذا يصر ترمب على تهجير الفلسطينيين من غزة لمصر والأردن؟
-
كشف جرائم جنود أوكران بحق مدنيين بكورسك
-
مئات اليمنيين يصلون على رئيس الجناح العسكري لحركة -حماس- بعد
...
-
البيت الأبيض: واشنطن ستفرض رسوما جمركية إضافية على كندا والم
...
-
مصر.. أسد يفترس حارسه بحديقة الحيوان
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|