أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - تأريخ الخرافة ح 7















المزيد.....

تأريخ الخرافة ح 7


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7967 - 2024 / 5 / 4 - 20:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اشير إلى الدين هنا ليس المحمول المعرفي هذا الذي نعرفه اليوم، وصار مجرد معرفة متنقلة من جيل لجيل دون أن يسأل أحد لماذا أنا مؤمن بهذا الدين تحديدا، ولكن أشير بكلامي للبذرة الأولى والمحاولة القديمة لوضع الدين في طريق الإنسان من أول محاولة ربط بين إدراك حسي بقوة خفية متحكمة وأثرها على الوجود، لقد فسر العقل الأول هذا العلاقة الرمادية الضبابية على أنها قوانين أو تحكمات ضده هو، والمقصود فيها أن يكون منشغلا بالخوف منها أو لجعله على أهبة الخضوع لها جبرا أو رضاء، نعم حاول أن يبرر لماذا يقبل بهذا الوضع، فسر أيضا كيف يمكن أن يسايرها وصدق مت ذهب إليه عقله من واجب الأستجابة، عندها حاول أن يبسط هذه الحلول التي وصل إليها على أرض الواقع وأعطاها معنى شديد الحساسية، وأيضا شديد السرية إلا في حدو ما يمكن أن يتشارك به مع الأخر، الذي أمتلك الأسرار أصبح الكاهن ومن لا يمتلك الأسرار أصبح أسير محاولة الفهم بالتقرب من الكاهن وإرضاءه، من هنا نشأت خرافة أن الرب ينيب عنه الكاهن، وأن مكان الرب القريب هو المعبد، فأختصر مجموع الإنسان الكاهن والمؤمن وجود الرب بما يشبه وجودهم، فللرب بيت وقرار ويحب ويكره وبأمر وينهى بل حتى البعض جعلوا له أزواج وبنين.
لقد كانت ولادة أول فكرة ربطت بين عالم الإنسان الحسي وبين عالم ما ورائي غير محسوس ماديا ولا حتى تصوريا بالقدر الكافي الذي يمكن تفسيره عند كل الناس هي بداية فكرة الدين، هذا ما جعل منه أي من الدين شبيه بمقدمات الخرافة عند البعض، ولكنها خرافة تتناغم مع طبيعة الإنسان الكائن الفضولي المعرفي الذي يبحث عن ما في الوجود من أشياء قد ينجح في معرفتها، ويحيل الأخر لتصوراته الذاتية الذهنية فقط، لذا ومنذ أن عرف الإنسان الدين كان لديه تقيمان أو جزء الدين إلى حسي وغيبي حاص وعام له وعليه فوقي وتحتي، هذا التقسيم ليس من طبيعة الدين بحد ذاته ولكنه من طبيعة تعامل الإنسان معه، فما يعرف من الدين لا إشكال فيه ويمكن أن يكون عقلانيا ومنطقيا، الإشكالية في الجزء الذي لا يخضع لمنطق العقل والعلم أو هكذا يبدو، فيحال إلى الما ورائي ويتحول في جزء منه مع عدم المعالجة والدراسة والتحليل إلى خرافة، أو يتعلق بخرافة أو يكون نتيجة عقل يستسيغ الخرافة عندما لا يسمع له صوت.
من أولى التحولات الفكرية في تاريخ العقل الإنساني أنه خرج من دائرة الدهشة والتساؤل إلى دائرة البحث عن اللا مفهوم واللا مفسر ليمارس ذكاءه الفطري، لقد أكتشف هذا العقل هواية جديدة عليه وهي حب البحث، ليس فقط أستجابة للحاجة التي كانت في المراحل الأولى من وعيه المعرفي السبب الأساس، الأن أصبح معتادا على أن يرى بعين الفضولي الذي يريد أن يعرف كل شيء، فأخذ يقارن بين الأشكال والألوان وحتى بين الكائنات وفيما بين كل شيء متشابه أو مختلف، ثم في مرحلة لاحقة بدأ يفرز هذه المجموعات والأنماط والأنواع مع عامل مشترك أو لرابط معين حتى وكأنه يريد أن يعرف السر في الوجود المحيط به، كانت هذه المحاولة هي التي جرته فيا بعد إلى التعمق في بحر المعرفة ومحاولة مقاومة عامل الحوف والتردد من الأشياء الغير مفهومة أو التي قد تسبب له الأذى.
أيضا حاول المكتشف الأولي أن يشرك معه الأخرون ربما في محاولة منه للسيطرة على الخوف أو المشاركة في المعلومة، فقد عرف العمل الجمعي وأتخذ من أسلوب المعيشة القائم على أن الواجب المشاع والحقوق المشاعة بين الجميع، إذا لا بد من أن يشارك الكل في رحلة الكشف والبيان، بما أن الجميع لا يمكن أن يكونوا على قالب عقلي واحد، ولا بنفس الدرجة والمقدار من لآلية العقلية، فقد برز منهم الأكثر قدرة على الفعل المعرفي كشفا وتفسيرا وتعليلا وتبريرا وفهما وصولا إلى تقرير ما يلزم وما لا يلزم، من هنا نشأت فكرة المعلم وفكرة العالم والمفكر والصانع والقائد المعرفي الذي مجرد أن يمتلك جزء من الأسرار يتحول إلى سيد أجتماعي، سبد قادر على أن يوجه المجموع نحو أهداف وربما نحو تصورات معينة.
من لا يفهم أو لا يستطيع أن يفهم كيف أمتلك المعلم الزعيم هذه الأسرار ولا كيفية الوصول إليها، ربط بين الزعيم وبين القوى الخفية برباط غير منطقي من خياله لا من حقائق الواقع، من أن المعلم الزعيم القائد على أتصال معها وهي أي القوى الخفية هي من منحته هذه المقدرة، والتي لا بد من أن تقابل بالتعظيم والرهبة والخوف من المعلم وأسراره، أيضا غرور الإنسان بما يملك وقوة الأنا الذاتية شاركت مع خرافة الجاهل لتنشئ ما يعرف لاحقا بالمقدس أو المعظم، الذي بمقدور من يظنون به أن قادر على التعامل مع الغيب من خلال الأسرار أن يحرك الوجود وفقا لإرادته أو إرادة قراره.... هذه واحدة من خرافات ما بعد المعرفة.
إذا المعرفة ليست مشروطة بوجود الجهل دوما حتى تتزاحم معه، فهناك خرافات بأشكال أخرى وخاصة عندما يفشل بعض العقل من إدراك بعض المواضيع والقضايا مع تكاسل أو أتكال أو تقصير من قبل عقل يعرف ويدرك ويفهم، الجانب الديني بعد أن أصبح في حياة الإنسان جزء أساسي من معرفته تحول بالأعتياد إلى جزء أساسي من واقعه الوجودي، خاصة بعد أن أضفى وجود المعلم المعرفي الكاهن النبي سيد المعبد أي تسمية تختار من قبل المجموعة عليه نوعا من الضمان الأمن، فوجوده أضاف عامل أمان وأنزل شيئا من السكينة الأجتماعية ليتفرغ الإنسان الأخر الغير معني بالمعرفة الدينية إلى تأمين متطلباته الوجودية، وهو قادر على أن يتكل على الكاهن في أن يجعل الوجود ماشيا بأنتظام، هذه التصنيفة المختارة أيضا جعلت من البعض بشكل طبقة أجتماعية جديدة، تفرز أو أفرزت من واقه المجتمع فلها حقوق وعليها ألتزامات، هذا التقسيم الطبقي أبرز وجسد سلطة الدين على الإنسان المعتاد، الإنسان الذي يحاول أن يعيش في دائرة أمنة.
لقد كانت الفلسفة في البداية ومعها الدين متحصنة من الخرافة بوجود المعلم وبوجود الثبوتية في مندرجاتها، حتى مرحلة مبكرة من تأريخهما عندما حصل التعارض العملي والواقعي ما بين الفلسفة والدين، عندما أصطدم معلم الفلسفة بتفكير معلم الدين وتنافسا على الزعامة، أنحاز الجمهور المجتمعي حين ذلك لمعلم الدين وللمعبد بما يمتلكون من رهبة غيبية سموها قداسة، فأنزوي معلم الفلسفة في زاويته البعيدة أو صومعته ليحدث العقل البشري بصمت، بقوة الحجة وبالدليل على أن معلم الدين قد خرج عن ثوابته، وحاول معلم الفلسفة أن يوصل للجماهير التي طردته هذه الفكرة لكنه أصطدم بحاجز العواطف، هنا أشتد معلم الدين في وسائله ودفاعه عما يؤمن به أو يريد الناس أن تؤمن به، فلم يجد من صعوبة في تسويق بعض الأفكار التي تمنحه حصانة وعصمة من كلام معلم الفلسفة وينسبها دوما للغيب، هذه الأفكار عندما نجحت في مواجهة الفلسفة والعقل اللا خرافي، أخذت أستقرارا في عقول الناس ورسوخ سهل وحاول معلم الدين أن يفصل بين العلم والمعرفة والعقل الجمعي لينتصر لوجوده وينتصر للخرافة.... هنا بدأ عصر الخرافة الذهبي وأمتد الجهل من جديد ليسيطر على العقل الجمعي، فيما بقي معلم الفلسفة معزولا مبعدا ووحيد؟.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأريخ الخرافة ح 6
- تأريخ الخرافة ح 5
- تأريخ الخرافة ح 4
- تأريخ الخرافة ح 3
- تأريخ الخرافة ح 2
- تأريخ الخرافة
- أثر الجغرافية البيئية والبيئة الجغرافية في صياغة الشخصية الف ...
- هل الشخصية العراقية علمانية الجذور والتكوين؟.
- العلماني جذور نفسية وتأريخية في الشخصيى الفردية والعامة
- التناقض بين العلمانية ومفهوم الطاعة للمقدس... الحرية معيار
- إعادة تأهيل الروابط المشتركة للشعب العراقي، مسئولية النخب أم ...
- في دور المال في تشكيل مفهوم السلطة في بعض أوجه الشخصية العرا ...
- الجانب الأخر من التاريخ....
- تحول الدين من ظاهرة إلى مظاهرة
- الدين والطبيعة وفهم العلاقة بين الإحساس والوجود.
- الدرس العشرون والاخير من دروس شهر رمضان لهذا العام
- الدرس التاسع عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس الثامن عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس السابع عشر من دروس رمضان لهذا العام
- الدرس السادس عشر من دروس رمضان لهذا العام


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - تأريخ الخرافة ح 7