|
هل يحق لرئيس جامعة الأزهر أن يفاخر
كامل النجار
الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 11:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الدكتور أحمد الطيب، رئيس جامعة الأزهر، قد كتب عدة مقالات دفاعاً عن الإسلام، وحضر عدة مؤتمرات عُقدت في عدة أقطار لتشجيع الحوار بين المسيحية والإسلام. ولكن الدكتور قد ضن بالحقيقة في بعض مقالاته وفي بعض المؤتمرات التي حضرها ممثلاً للجامع الأزهر. وكما يقول الإنكليز "إنه اقتصد في الحقيقة" He was economical with the truth . ففي آخر مقال له وتحت عنوان "تأملات في الخطاب الغربي" حاول الدكتور أن يُظهر سماحة الإسلام بهجوم كاسح على العهد القديم والديانة المسيحية، كما يفعل كل من يحاول الدفاع عن الإسلام. فهم دائماً يبدأون بالهجوم على المسيحية لاعتقادهم أنهم إذا أظهروا مساوئ المسيحية سيُظهرون محاسن الإسلام تلقائياً. فبدأ د. أحمد الطيب مقاله بالآتي: (لا يمكن للباحث في فلسفة الحروب أن يتجاهل ــ بحال من الاحوال ــ الفرق الشاسع بين آيات القرآن الكريم وآيات الكتاب المقدس حول بواعث الحروب وضوابطها ومآلاتها الأخلاقية, ولا أن يتجاهل المسار اللاانساني الذي ارتضته حضارة الغرب في تدمير الحضارات الاخري, وهي تترنم بآيات العهد القديم في حركات هيستيرية, أو تمسك بالانجيل في يد والصليب في يد أخري) انتهى.
وليس لدينا أي شك في أن العهد القديم، الذي أصبح جزءاً من الإنجيل لأن عيسى قد بُعث إلى بني إسرائيل لإكمال رسالة موسى، كما تقول التعاليم المسيحية، كتابٌ يحتوي على كمية مهولة من الآيات التي تحث على القتل والدمار وعدم تحمل الأخر. ولا داعي لنقل بعض هذه الآيات لأنها معروفة لدى غالبية القراء. ولكن أن يحاول د. أحمد الطيب أن يقارن بين العهد القديم والقرآن، في محاولة يائسة لترجيح كفة القرآن، فأمر يدعو للأسف لأن الدكتور أحمد الطيب يمثل جامعة الأزهر في المؤتمرات العديدة التي تُعقد للحوار بين الأديان، والذي يود أن يحاور لا يهاجم الأديان التي أتى ليتحاور مع ممثليها وإنما يحاول أن يجد النقاط أو المساحات التي يتقاربون فيه، ويُظهر محاسن دينه إن كان به محاسن. ولو أراد د. أحمد أن يفعل ذلك لتحدث عن العهد الجديد الذي يخلو من آيات القتل وسفك الدماء. وبكل جرأة يقول د. أحمد (لا يمكن للباحث أن يتجاهل المسار اللاانساني الذي ارتضته حضارة الغرب في تدمير الحضارات الاخري.) انتهى. ولعمري هذا أكبر افتراء على الحقيقة عندما يتحدث د. أحمد عن تدمير الحضارات الأخرى، والإسلام هو أكثر الأديان تدميراً لكل الحضارات التي سبقته ابتداءً من الحضارة الفارسية والبيزنطية والفرعونية والنوبية والأمازيقية والأيبيرية (الإسبانية). والإسلام، تمشياً مع مقولة الفقهاء "الإسلام يُجبُ ما قبله" فقد جَبّ أي محا جميع هذه الحضارات محواً كاملاً ولم يترك منها أثراً
وفي تجني واضح على الحقيقة يقول د. أحمد الطيب ( وحسبك دليلا علي ذلك حضارة الرومان, وما كتب عن ديكتاتورياتها المتوحشة في فرض العقائد علي عقول الناس وقلوبهم, ثم الحروب الصليبية التي تمثل أول حركة منظمة ــ في التاريخ المقروء ــ تتبني دعوي واحدة تنشرها تحت ظلال السيوف) انتهى
ولا يسعنا هنا إلا أن نتذكر المثل الإنكليزي الذي يقول (كافاتيرة الشاي تقول للقِدر أنت أسود) The kettle calling the pot black. فالإمبراطورية الرومانية كانت قد نشأت وتسلطت على العالم قبل ظهور المسيحية، وكانت وقتها إمبراطورية وثنية. وعندما اعتنق الإمبراطور الروماني قسطنطين المسيحية في عام 325م كانت الإمبراطورية الرومانية الأولى قد انتهت وبدأت الإمبراطورية الثانية وعاصمتها بيزنطة في الشرق. ولذلك من الخطأ مقارنة ما فعلته الإمبراطورية الرومانية الوثنية مع ما فعله الإسلام أو المسيحية. أما الحروب الصليبية فقد قام بها المسيحيون رغم أن العهد الجديد يخلو من آيات القتال، ولكن الحروب نفسها كانت سياسية استعمل القائمون عليها غطاء الدين لتجنيد المحاربين بإثارة نخوتهم الدينية. والجدير بالذكر هنا هو أن الحروب الصليبية لم تقتصر على الإسلام أو الشرق العربي فقط وإنما بدأت واستمرت لفترة طويلة في أوربا نفسها لعوامل سياسية. ولكن عندما اتجهت الحروب الصليبية إلى الشرق كان هدفها المعلن هو استرداد الأراضي المسيحية التي اغتصبها الإسلام منهم، خاصة الشام والقسطنطينية والقدس. ولا جدال في أن كل تلك الأراضي كانت مسيحية إلى أن أتى الإسلام واحتلاها بحد السيف. وما أُخذ بالقوة لا يُرد إلا بالقوة، كما قال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
ويجدر بنا هنا أن نتذكر أن الحروب الصليبية كانت قد بدأت في عام 1079م، وحتى ذلك التاريخ، أي على مدى أكثر من ألف عام كانت المسيحية قد انتشرت بالدعوة السلمية ولم يستعمل المسيحيون السيف إطلاقاً في نشرها. وإذا قارنا هذا مع انتشار الإسلام وعلو السيف على الدعوة، نجد أن الإسلام لم يدخل أي مدينة أو قرية أو قطر أخر عدى يثرب، إلا عن طريق السيف. وقد بدأ استعمال السيف منذ السنة الثانية للهجرة عندما بدأت سرايا وغزوات الرسول ثم تكونت الجيوش وغزت الأقطار المجاورة. والجدير بالذكر كذلك هو أن الهدف المعلن لكل تلك الحروب كان نشر الإسلام، بينما كانت الأهداف المسيحية في حروبها الصليبية استرداد الأراضي المغتصبة. ومنذ زمن طويل ظللنا نستمع للإسلامويين يرددون علينا مقولاتهم الممجوجة من أن المسلمين حاربوا دفاهاً عن الإسلام وكان جهادهم جهاد دفع وليس جهاد طلب. وسوف أستعرض هنا بعض الحقائق التي تفند هذه المزاعم واستميح القارئ عذراً في الإطالة. وسوف أبدأ بالقرآن: • قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً (سورة الفتح، 16) فالآية هنا واضحة المعني وتخاطب المسلمين الذين تخلفوا عن بيعة الحديبية عندما أراد النبي أن يؤدي العمرة ومنعه القرشيون، ويقول لهم سوف تدعون إلى قوم ذوي بأس شديد، قيل هم الفرس وقيل الروم. وفي الآية شرط، وهو أما أن يدخل هؤلاء القوم الإسلام أو تقاتلوهم. وإذا لم تقاتلوهم سوف يعذبكم الله عذاباً أليماً. فهل في هذه الآية أي شك في أن الفرس أو الروم الذين لم يغزوا أرض الإسلام، كان عليهم أن يسلموا أو يقاتلهم المسلمون؟ • قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ماحرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (التوبة 29) والآية هنا لا تقول للمسلمين قاتلوا الذين لا يومنون بالله دفاعاً عن دينكم، وإنما تقول لهم قاتلوا الذين لا يومنون بالله ولا يدينون دين الحق من اليهود والنصارى حتى يعطوا الجزية أو يدينوا بدين الحق وهو الإسلام. فاليهودي أو المسيحي كان عليه أن يسلم أو يدفع الجزية أو يحاربه المسلمون. • وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين (البقرة 193) مرة أخرى لا يحدد القرآن شروط القتال بالدفاع عن الإسلام أي جهاد الدفع كما يقول الإسلامويون، وإنما أمر المسلمين أن يقاتلوا كل من هو غير مسلم حتى يكون الدين كله لله أي يصير الكل مسلم. فالشرط كان واضحاً: أما أن تسلم ويصير الدين كله الإسلام، أو تُقتل بالسيف • أخرج أحمد بسند حسن عن علي قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء: نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعل التراب لي طهورا، وجعلت أمتي خير الأمم". وقالوا في تفسير الحديث: ونصرت بالرعب مسيرة شهر يقذفه في قلوب أعدائي، وأحل لنا الغنائم. فالنبي قد نُصر بالرعب على بعد مسيرة شهر. فالعدو كان يبعد عن ديار المسلمين مسيرة شهر ولم يكن قد هاجم المسلمين حتى يقولوا إنه جهاد الدفع. وواضح أن هذا جهاد طلب أي هجوم، وسلاحه ليس الدعوة وإنما الرعب • أخرج الفرياني وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن أبي هريرة في قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال: خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا الإسلام فهل الذين يأتون بهم بالسلاسل في أعناقهم يدخلون الإسلام بالدعوة والمنطق؟ • يقول بن باز: التفسير كما سيأتي إن شاء الله تعالى أظهر وأوضح في معنى الآية ، ولهذا قال بعدها بقليل : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّه)ِ فعلم بذلك أنه أراد قتال الكفار، لا من قاتل فقط ، بل أراد قتال الكفار جميعا حتى يكون الدين كله لله وحتى لا تكون فتنة والفتنة الشرك ، وأن يفتن الناس بعضهم بعضا عن دينهم (فتاوى بن باز، ج3، ص 154) • يقول ابن القيم: (قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (بُعِثْتُ بالسَّيفِ بَينَ يدِي الساعةِ حتى يُعْبَدَ اللَّهُ وحدَه لا شريكَ له، وجُعِلَ رِزقي تحتَ ظِلَ رمُحي، وجُعِلَ الذِّلَةُ والصَّغَار على مَنْ خالف أمري، ومن تشبَّه بِقَومٍ، فهو منهم)) (زاد المعاد لابن القيم، ج1، ص 7) فالنبي نفسه يقول إنه بُعث بالسيف وليس بالمنطق • عندما جاء وفد بني تميم إلى النبي قال خطيبهم، عطارد بن حاجب: الحمد لله الذي جعلنا ملوكاً والذي له الفضل علينا وجعلنا أعز أهل المشرق. فطلب النبي من ثابت بن قيس أن يرد عليهم، فقال: نحن أنصار الله، ووزراءُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، نُقاتِلُ الناسَ حتى يؤمنوا، فمن آمن بالله ورسولِه منع ماله ودمه، ومَن نكث جاهدناه فى الله أبداً، وكان قتلُه علينا يسيراً، أقول هذا، وأستغفر الله العظيم للمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم (زاد المعاد لابن القيم، ج2، ص 278) . ولم يعترض النبي على هذا الرد الذي يقول بكل وضوح إنهم يقاتلون من لا يسلم وكان قتله عليهم يسيراً • يقول الذهبي عن أهل المدينة (وإنما كان النفاق في أهل المدينة لأن الإسلام فشا بها وعز وعلا على الشرك ، فبقي أناس في قلوبهم زيغ وغل لم يؤمنوا ، فأسلموا في الظاهر تقية وخوفاً من السيف) (المنتقى من مناهج الاعتدال، ص 50) فحتى في المدينة هناك من آمن بالظاهر خوفاً من السيف • ويقول الذهبي كذلك (وهكذا وصلت أمانة السنة إلى رجال التدوين من أمثال مالك وأحمد وشيوخهم ومعاصريهم وتلاميذهم غضة يفوح منها عبق النبوة هدية من الأمناء الحافظين إلى الأمناء الحافظين فكان من ذلك أثمن تراث للمسلمين بعد كتاب الله عزوجل فبهمة هؤلاء حفظ الله لنا هذه الكنوز وبسيوفهم فتح الله للإسلام هذه الممالك) (المنتقى للذهبي، ص 2) • يقول السيوطي (ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول"إن الله أمرني أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله {فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين} قال: وإن الظالم الذي أبى أن يقول: لا إله إلا الله، يقاتل حتى يقول: لا إله إلا الله".) (الدر المنثور في التفسير بالمأثور، للسيوطي، البقرة، الآية 281) • في عام 681 ميلادية، عندما وقف القائد العربي عُقبة بن نافع على جواده، على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في المغرب العربي، شهر سيفه وخاض بحصانه في البحر إلى أن بلغ الماء بطن الحصان، وقال: " الله أكبر... لو لم يقف هذا البحر عائقاً في طريقي، لركبت إلى ممالك الغرب لأعلّمهم أن الله واحد، وأحكّم السيف في رقاب من يعبد غير الله ". فهل في هذا القول شك في أن فتح إسبانيا كان جهاد طلب، وغزواً بغرض فرض الإسلام بحد السيف على ممالك أوربا؟
فهل بعد هذا نجد من يجادل ويقول إن الإسلام لم ينتشر بالسيف؟
ثم ينتقل د. احمد الطيب إلى الهجوم على الكنيسة الكاثوليكية فيقول (ولعلنا لا نجاوز الحقيقة لو قلنا: ان قراءات الكنيسة الكاثوليكية للكتاب المقدس مسئولة الي حد كبير ــ عن إشعال نار الصراع العالمي الذي انطلقت شرارته الأولي في مواكب الحروب الصليبية المتكررة, ولا يزال العالم يصطلي بنيرانها حتي هذه اللحظة. وقد لاحظ مؤرخ الحضارات الأشهر( ارنولد توينبي) ــ بحق ــ ان الاعتقاد نفسه الذي دفع بني اسرائيل قديما لإبادة الكنعانيين( اصحاب الأرض الأصليين), بأمر من الرب( في الكتاب المقدس) هو ايضا الذي دفع البريطانيين للاستيلاء علي امريكا الشمالية وايرلندا الشمالية واستراليا, ودفع الهولنديين للاستيلاء علي جنوب افريقيا, والألمان للاستيلاء علي بولندا, والصهاينة للاستيلاء علي فلسطين, ولو كان توينبي حيا الآن لما تردد لحظة في الحكم بأن الاعتقاد نفسه هو ايضا ما يدفع السياسة الأنجلو أمريكية لتنفيذ مخططاتها الاستعمارية في العراق وافغانستان ولبنان ودارفور وغيرها من مناطق التوتر في الشرق الاسلامي. وانت حيثما نظرت الي هذه البؤر الملتهبة فإن عينك لا تخطئ ان عقيدة ما من عقائد الكتاب المقدس تشعل هذا الصراع الدامي, وتبعثه في هذه البقعة أو تلك.) انتهى. ولا نشك في أن الكنيسة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر قد استغلت العهد القديم لتشن حروبها الصليبية، ثم بعد ذلك استغل الإسبان والبرتغاليون والبلجيك وغيرهم فكرة الحروب الصليبية لاستعمار وإبادة الهنود الحمر والأفارقة، ولكن هل كان تصرف المسلمين أكثر أخلاقيةً من تصرف المسيحيين؟ ألم يستغل المسلمون الغطاء الدين لاستعمارهم الاستيطاني لكل البلاد التي فتحوها في شمال إفريقيا وفي الشام والعراق وغيرها. ماذا حدث للسكان الأصليين المسيحيين في سوريا وتركيا والعراق ومصر والمغرب وتونس والجزائر والنوبة؟ ألم يستعمل المسلمون النصوص القرآنية لإبادتهم أو إدخالهم الإسلام عن طريق الخوف؟ أين اللغة الأمازيغية والقبطية وأين لغة النوبة ولغة الأكراد وغيرهم؟ فالحقيقة الواضحة للعيان أن الأديان الثلاثة التي تُعرف بالأديان السماوية هي في حقيقتها إيدولوجيات استعمارية تعمل بواسطة غسيل أدمغة أتباعها ليسهل السيطرة عليهم بواسطة ولمصلحة رجال الدين، سواء أكانوا متعممين أو لابسي بدلات أوربية.
ثم انتقل د. احمد الطيب للحديث عن فلسطين، فقال (.. لكن المأزق الحقيقي الذي يثيره عالم اللاهوت الفلسطيني، نعيم عتيق هو: كيف يقرأ المسيحي الفلسطيني نصوص العهد القديم المتعلقة باسطورة أرض الميعاد. وكيف يؤمن بها وهي تبيح دمه وأرضه وعرضه ــ بلا ثمن ــ للاسرائيليين؟ ولنترك حالة المسلمين الفلسطينيين جانبا ونتساءل: ماذا يفعل المسيحيون الفلسطينيون؟ هل يؤمنون بنصوص سفر يشوع وعليهم حالتئذ ان يستسلموا طائعين للابادة الجماعية التي يمارسها الجيش الاسرائيلي او يقاوموا كما قاوم أجدادهم الكنعانيون, ثمتئذ عليهم ان يديروا ظهورهم لهذه النصوص؟! وكيف والإيمان بالعهد القديم جزء لا يتجزأ من الإيمان المسيحي؟! أم سيقولون مع عالمة اللاهوت الصينية بويلان ــ فيما ينقل بريور ــ إنها لا تستطيع أن تؤمن بإله يأمر بإبادة الكنعانيين في الماضي, ولا يستمع لبكاء الفلسطينيين منذ نصف قرن في عصرنا هذا؟!) انتهى
هذه أسيلة في غاية الوجاهة وتبين لنا ركاكة منطق الأديان وآلهتهم التي تجلس في السماء وتتفرج على المآسي التي تُرتكب في الأرض باسمها ولا تتدخل. ولكن لو تركنا المسيحي الفلسطيني الذي تساءل عنه د. أحمد الطيب، وأخذنا المسلم الفلسطيني، ماذا يقول هذا المسلم الفلسطيني عندما يقرأ النص القرآني عندما خاطب الله بني إسرائيل فقال (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شيئتم رغداً وادخلوا الباب سُجّداً وقولوا حطةٌ يغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين) (البقرة 58). وهذه الأرض هي فلسطين وقد قال الله لبني إسرائيل أن يدخلوها ويأكلوا منها حيث شاؤوا. ثم قال لهم (ياقوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين. قالوا يا موسى إنّ فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإنْ يخرجوا منها فأنّا داخلون. قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إنْ كنتم مؤمنين) (المائدة 21-23). فهاهو الله يقول لبني إسراءيل أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها لهم وإنهم سوف يغلبون. وبما أن القرآن صالح لكل زمان ومكان، فإن وعد الله لبني إسرائيل ما زال قائماً. بل زاد القرآن وقال (وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا) (الأعراف 137). ثم قال لهم (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم وفضلتكم على العالمين) (البقرة 47). فماذا يقول المسلم الفلسطيني عندما يقرأ هذا النص القرآني؟ وماذا ستقول عالمة اللاهوت الصينية عندما تعلم أن الله لم يستجب أو يسمع بكاء المسلمين الفلسطينيين وغير الفلسطينيين منذ نصف قرن من الزمان؟
قد غاب عن الدكتور أحمد الطيب وغيره من المتأسلمين الذين يحاولون هدم المسيحية لرفعة الإسلام، أنهم يقدمون لنا خدمة جليلة ويهدمون كل الأديان بهدمهم للمسيحية. فكل الأديان تزعم أن مصدرها واحد، فإذا انهدمت مزاعم أحد الأديان انهدمت مزاعم الأديان الأخرى. فتفاخر د. أحمد الطيب على العهد القديم تفاخر أجوف لأن القرآن يحتوي على نفس العدد من آيات القتال والدمار وقتل الأخر المخالف، إن لم يكن عدد مثل هذه الآيات أكثر في القرآن
#كامل_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلام هو القاسم المشترك
-
أنثى موزعة الحقيقة بين الجاهلية والإسلام 2-2 تعقيباً على عبد
...
-
أنثى موزعة الحقيقة بين الجاهلية والإسلام 1 -2
-
مفردات الجنس عند العرب
-
أسطورة العدل الإلهي
-
الإسلام يذل المرأة
-
أسماء الله الحسنى
-
هل نصلب البابا أم نصلب المنطق لننصر النبي؟
-
ردود أفعال المسلمين على خطاب البابا بنيدكس السادس عشر
-
الحب.. والجنس.. والإسلام 2-2
-
الحب..الجنس..والإسلام 1-2
-
تنبؤ القرآن
-
المسلمون والإسلام: كلاهما يُسفّه الحياة
-
تعقيباً على أحمد صبري السيد علي 2-2
-
تعقيباً على أحمد صبري السيد علي 1-2
-
المقدس ....ماهو ومن قدّسه؟
-
أمثلة من المنطق الأعرج في الخطاب الديني
-
سُحقاً للأديان
-
لا قيمة للإنسان عربياً كان أو مسلماً
-
الأزهر وأنصاف الحقائق
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|