|
هلوسات... محمومة؟؟
سمية الشيباني
الحوار المتمدن-العدد: 1757 - 2006 / 12 / 7 - 05:53
المحور:
سيرة ذاتية
بلجيكية تفجر نفسها في العراق..! وأطلقت ضحكة عالية، ومعروف عني حين أضحك بصوت عال فانني "أجيب التايه لأهله" هكذا كانت والدتي رحمها الله تطلق صوتها من بعيد وهي تأمرني أن أخفض من صوتي حين أضحك، ثم تقترب مني وتوشوشني "فضحتيني ضحكتك جايبة آخر الشارع" فأجيبها وأنا أضحك "خليهم يسمعون ضحك مو أحسن ما يسمعون نواح وولولة؟! أقلها يفرحون ويضحكون على ضحكتي".
ولأن والدتي كانت ولا أروع ودمها "شربات" فهي تتركني وهي تتمتم وعلى شفتيها الورديتين الدقيقتين ابتسامة خفية ودعاء طيب بأن يديم الله علي الضحكة.
بلجيكية؟! واليوم الخميس، وأنا باجازة لأربعة أيام، قلت سأعيش أربعة أيام عسل مع زوجي، بلا صحف ولا أخبار ولا نكد، لكن زوجي سامحه الله دخل يلوح بالجريدة وهو مستاء جداً، واستاء أكثر حين انتابتني نوبة الضحك تلك!؟.
سلامة عقلك هو هذا شيء يضحك" سكت وشعرت بعدها بقشعريرة، جلست أتناول طعامي فوجدت أن شهيتي للطعام معدومة! ازدادت القشعريرة! استأذنت بعدها من زوجي على أثر مهاتفة أحد المسؤولين لي حيث أخبرني بأنني يجب أن أتواجد في المؤسسة في الساعة الخامسة عصراً، فهم بصدد تصوير طاقم المذيعين تلفزيونياً لإعداد برنامج إعلاني عن عمل المؤسسة، ولهذا علي أن "أهندس" نفسي في الصالون النسائي.
وهناك في الصالون قالت لي مصففة الشعر بأنني محمومة؟! قلت مستحيل فأنا بصحة طيبة! صحيح إنني منذ ساعتين أو ثلاث شعرت بقشعريرة أزعجتني ولا زلت! ولكن حمى؟ مستحيل! "لا يكون انفلونزا الطيور؟"
في الساعة العاشرة ليلاً كنت وزوجي في البيت بعد الإنتهاء من مهمة التصوير.
لكن حرارة جسدي في ازدياد! لامني على ذهابي إلى المؤسسة وقال إنه كان علي أن أعرض نفسي على طبيب والإعتذار عن ذلك التصوير، كنت أسمع قطرات الماء تعصر في وعاء ثم تهبط الخرقة المبلولة على أقدامي وجبهتي باردة كالثلج، وأنا أقاوم رغبة زوجي بنقلي إلى المستشفى.
لا شيء لا تشغل بالك إنها مجرد حمى بسيطة وستزول ولا داعي للمستشفى، ثم أن اليوم هو الخميس وسوف يستقبلني طبيبٌ مناوب ويعطيني ربما مضاد حيوي وباندول، إذهب إلى الثلاجة ستعثر على علبة من المضاد الحيوي المسالم؟؟؟ ولا تنسى حبتين باندول "الأكثر مسالمة" وكل شيء راح يكون تمام، عاد زوجي ومعه الدواء ولكنني تصورت أنه غاب لسنوات! ابتلعت الحبوب وأسلمت جسدي المحموم على الصوفة وجهاز التلفزيون يتغير من مسلسل إلى نشرة أخبار ومن أغنية إلى فيلم ومن برنامج عربي إلى برنامج أجنبي، وأنا أفتح جفني وأغلقهما حسب مزاج الصوت المنبعث من أنظمة الفضائيات.
وفجأة رأيت أخي بساقه المبتورة،التي تذكرني بالحرب المشؤومة مع ايران، يدخل علي وهو يقفز على ساق واحدة! قفزت من نومي أحييه، حبيبي يا هلا ما الذي أتى بك؟ واحتضنته، أزاحني أخي بعصبية وقال: جئت أودعك فأنا ذاهب لأفجر نفسي في الجنة! ماذا؟ في الجنة؟ ولماذا في الجنة؟ وما هذا الذي تلفه حول جسدك؟ قال أخي بعنف وبصوت غاضب: هذا حزام ناسف وأنا ذاهب لأفجر نفسي في الجنة كي لا يفجر أحدهم نفسه في العراق لأنه سوف لن يكون للجنة وجود! وضحك أخي بشماتة! ضحكته دوت في منزلي! وخرج بعد أن قبلني وهو يصيح "والله لأقلب عاليها واطيها! هم هم يفجرون أنفسهم في العراق لبلوغ الجنة وأنا سأفجر الجنة! "خليهم يروحون إلى جهنم" لأنه سوف لن يكون للجنة وجوووود" لم أستطع اللحاق بأخي فهو منذ أن فقد ساقه في الحرب تعلم كيف يهرول بسرعة بساق واحدة! ولا أحد يستطيع اللحاق به.
بعد ذلك ظهرت أختي! فتحت الباب وهي تزغرد! ورمت عباءتها على الأرض وأقبلت علي والصقت شفاهها بخدي لتطبع دزينة من القبل العراقية دفعة واحدة! وقالت: أنا جئت يا حبيبتي كي أودعك! واحتضنت أختي وشعرت بأن شيئاً سميكاً يحيط بجسدها! وحين سألتها ما هذا يا حبيبتي هل أنت حامل؟ "مو قلنا خلاص سويتيهم سبعة شلك بالثامن؟ ردت أختي بفرح: لا يا حبيبتي هذا ليس حملاً إنه حزام ناسف! " أنا ذاهبة لأفجر نفسي في اليابان! لأن الملاعين اليابانيين مكيفين وعايشين عيشة رغدة بمكيفاتهم وآنة ميتة من الحر كل الصيف! ما شفيت من التسلخات والحساسية إلا عندما زرتك في الصيف وعشت شهرين وأنا طربة على سمفونية "السبلت يونت" شنو يعني ليش هم عندهم مكيفات وكهرباء واحنا لا؟ والله لأقلب عاليها واطيها وافجر اليابان وأقضي على كل صناعاتهم الخفيفة التي تحتل أسواق العالم!؟" صرخت على أختي ولكنها راحت تركض باتجاه اليابان وتصيح " يا الله علي وعلى أعدائي "جا" لا مكيفات ولا كهرباء وهم تفجيرات وهم احتلال إلمن أريد الروح!"
بعد ذلك وجدت نفسي داخل استديو كبير! وفيه كم هائل من المشاركين! وكنت أقدم برنامجاً كبرنامج أوبرا! وأستضيف فيه عبد الخالق الغانم مخرج مسلسل " طاش ما طاش " وأبطاله" وحين خرجت على الجمهور حيث فصلوا الرجال عن النساء؟ النساء يصفقن وأكفهن لا تعلو عن مستوى الصدر وبحذر شديد ومتشحات بالسواد من الرأس وحتى الأقدام، ولا يسمع لهن صوتا! أما الرجال فوقفوا وهتفوا ورفعوا "العقل" عالياً ورموا بها في الفضاء فصارت تتساقط علي كالمطر! وأنا أحاول أن أحتفظ ببعض "العقل" كذكرى لهذه الحلقة المميزة! ورأيت أوبرا تقترب مني! فدهشت عندما رأيتها! ماذا تفعلين يا أوبرا هنا؟ ألا يكفيك أنك احتللت محطاتنا التلفزيونية؟ هل جئت كي تسرقي مني الأضواء! والبرنامج في حلقته الأولى؟ فقالت أوبرا: لا أنا أتساءل لماذا النساء لا يعبرن عن غبطتهن بحظور برنامجك وضيوفك النجوم؟ فقلت لها: يا أوبرا يا حياتي عليك أن تعرفي بأننا مجتمعات محافظة ويجب على المرأة أن تحترم أنوثتها وأمومتها ولا تعبر عن فرحها بالمجان وفي الأماكن العامة وعلى الأجهزة الإعلامية وأمام الكاميرات، ولعلمك ما يُبَثُ من برامجك على شاشاتنا لا يمت لنا بصلة " بس إيش تقولين تجارة ، ورزق الهبل....".
ثم التفت إلى يساري فرأيت الدكتور "فيل" وقد راح ينظر بتعجب لردة فعل الرجال مع بداية إطلالتي على الجمهور بحظور أبطالي وقال: ما هذا يا سيدتي لماذا كل هذه الضجة: فاجبته بشيء من الدهشة: ما هذا أنت يا دكتور هل تستكثر علي أن يرحب بي الجمهور بهذه الحيوية؟ " يا أخي أنا أيضاً نجمة وجمهوري سعيد بي ويعبر عن سعادته وين المشكلة؟" قال الدكتور فيل: لا أنا أعتقد بأن رجالكم يحتاجون إلى علاج لأن ردة فعلهم مبالغ بها وهي لا توازي ردة فعل نسائكم!؟.
أخرجت الدكتور فيل وأوبرا من الأستوديو وأنا أدفع بهم وأطلب منهم أن لا يتدخلوا بشؤوننا ويكفينا ما فينا ونحن أدرى بمعالجة أمراضنا ومشاكلنا ولسنا بحاجة لتدخلاتهم ولا برامجهم ولا علاجاتهم وأدويتهم ودراساتهم!.
ولكن بعد ذلك شاهدت نفسي!؟ وغريب ما شاهدت؟! كنت أنا على الأريكة ممددة ونفسي تجلس أمامي وتلف حولها شيئا سميكا فيه نتوءات وبروزات ومربعات ومثلثات! فسالت نفسي: ما هذا؟ قالت لي نفسي هذا حزام ناسف!
- أنا: ماذا حزام ناسف! لماذا؟ أنا وأنت قبل قليل كنا قد حققنا الحلم ونجحنا في تقديم برناج جماهيري ناجح لماذا تريدين نسفي؟!
- نفسي بتأفف: أنا مللت من هذه العيشة! مللت الحياة! وهذا الزوج الذي لا ينفك يعاتبني على وقوفك بوجهه حين رغب بالهجرة إلى بلاد الغرب! وأنت أيضاً دائماً تحملينني ما لا أحتمل! تفكرين كثيراً في كل صغيرة وكبيرة، وعقلك في حالة عمل دائم يا اختي تعبت منك أريد أن أرتاح!.
" يا معودة والله محلولة، خلينا نتفاهم، "المسألة ما تحتاج لتفجير، والتفجير مو لعبة، راح تتناثرين أشلاء وحتى..." وقاطعتني نفسي غاضبة: وحتى ماذا؟ حتى لا يقرؤون عليك الفاتحة؟ حتى لا يشيدوا لك قصرا... أقصد قبراً؟ أنت أنانية تريدين بهرجة لموتك! روحك الإعلامية ستبقى تطاردك وحبك للأضواء سيلازمك، حتى في موتك تريدين أن يشيدوا لك قبراً؟ ومن يكترث لك إن كان لك قبراً أم لا؟.
أنا ذاهبة لأفجر نفسي في جزر الكناري! جزر الكناري؟ يا معودة إيش دخل جزر الكناري بينا" إيش لم الشامي عالمغربي؟ قالت نفسي: هل تذكرين حين كنا صغاراً؟ هل تذكرين كم كنا نحب طيور الكناري الملونة ونسميها طيور الحب؟ هل تذكرين كم كنا نجاهد في توفير الراحة والطعام واشترينا لها الأقفاص الكبيرة؟ ومع ذلك كانت تموت! با ئع الطيور قال لنا إنها طيور تحب "الحياة" ولا بد أن تكون ذكراً وأنثى، وجعلناها ذكراً وأنثى، ولا بد أن تجد دائماً أحواضاً لتسبح بها بعد أن "تتزاوج!" ووفرنا لها الأحواض، ومع ذلك كانت تموت!؟.
- أنا: ليش طيور الكناري مسلمة كي تستحم بعد التزاوج؟
- نفسي بتأفف: لا أدري هكذا قال البائع ربما كان يسخر منا!
- أنا: إذن لنفجر نفسنا في بائع الكناري ..
- نفسي: بائع الكناري مات! مات في آخر تفجير في "البصرة ستي" الم تسمعي به؟
-أنا: يا حرام مسكين والله سمعت بالتفجير يقولون سيارتين مفخختين تفجرت قبل عيد رمضان بثلاثة ايام؟
- نفسي: حرمت عليه عيشته! ياما ضحك علينا وباعنا طيور كناري تموت بعد اسبوع وبالكثير اسبوعين!.
-أنا: يا نفسي لماذا أنت عدوانية بهذا الشكل؟ وما دخل جزر الكناري ببائع الكناري؟ ولماذا تموتين وأنت تحملين ذنب قتل نفس بريئة؟ تعالي يا حبيبتي وضمي نفسك إلي " خلك عن هالسوالف"
قالت نفسي: أنا أحقد على جزر الكناري! لأن طيور الكناري تغرد ليل نهار بارضها وعلى أغصان أشجارها وتشرب من ماء أنهارها الصافي، وتلون سماءها وتُفْرحُ قلوب سكان أهل الكناري! "والله لأقلب عاليها واطيها، وأخللي اللي ما يشتري يتفرج، ليش طيور الكناري تعيش بجزر الكناري وما تعيش بأقفاصي؟" وراحت نفسي مني حاولت أن ألحق بها ركضت وراء نفسي وأنا اصيح تعااااااااالي! لا تذهبي أرجوك هناك في جزر الكناري أطفال وبسطاء، وأبرياء، والله لأجيبلك أكبر قفص واحلى الطيور، قفص بحجم العالم وأملؤه بالطيور كل أنواع الطيورالملونة والمغردة وسوف لن تموت فالعالم سيصير حديقة طيور تعاااااالي وأمسكت بطرف ثوب نفسي... واستيقظت!.
كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحاً، الحمى قد زالت ووجدت نفسي على سريري وبجانبي وعاء الماء والخرقة المبللة، الحمد لله، لا إنفلاونزا الطيور ولا غيرها، هي الصدمة فعلت فعلها في صحتي ورأسي!
"ولكنني ساستمر في تناول المضاد الحيوي ليحميني من جراثيم هذا الزمان".
#سمية_الشيباني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحزان السيدة السومرية
-
في المرآة .... أرى وجهك يطلع من وجهي
-
تضيع أسماؤنا.. ونبقى نحن
المزيد.....
-
صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب
...
-
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح
...
-
الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن
...
-
المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام
...
-
كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
-
إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك
...
-
العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا
...
-
-أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص
...
-
درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|