|
الأنا و تمثيل الآخر / الثقافي
محمد سمير عبد السلام
الحوار المتمدن-العدد: 1759 - 2006 / 12 / 9 - 07:42
المحور:
ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن
هل يمكننا الخروج من حدود المفاهيم المغلقة للأنا في مواجهة الآخر ، خارج النص ، أو حالة تداخل التاريخ مع النص ، و النص مع تأويل الوجود الآن ؟ إننا بالفعل نحيا في مجموعة متشابكة من التداخلات التي حولت الهوية الثقافية ، و الفن ، و العالم الواقعي ، و التاريخ نفسه ضد ما كان يتوهم أنه يحدد مثل هذه العوالم سابقا ، و ذلك من خلال الممارسة المعاصرة الخارجة عن أي إطار ، و تقبل اللعب ، و ذوبان الآخر من داخل الحدود الوهمية . لكننا مازلنا نعاني من أشباح الرؤى الشمولية التي تدعي المركزية المناهضة لحالة التداخل التي صارت واقعا لا شك فيه . فنحن نعايش فضاء الإنترنت المتجدد ، و قد حقق تداخل المحلي و العالمي ، أو ما يطلق عليه إيهاب حسن Local / Global Context أي السياق المحلي العالمي ، و لكنه يزدوج بمحاولات البعض التجسس ، و تصدير الفيروسات الإلكترونية انطلاقا من مبدأ التحديد ، و المواجهة بين الأنا و الآخر . إن حالة الخروج الكامل من الحدود الثقافية ، و اللغوية ، و التاريخية يصعب تصورها في شكل نقي ، و لكنها اتخذت مسارين أدائيين يتجاوزان وهم الحدود دون التبشير بخروج كامل من ادعاء العنف الموجه ، و هو ادعاء ؛ لأنه لا يستطيع القضاء على حالة التداخل التي – دون وعي – تبشر بها بنيته الافتراضية ، كما أنه مازال في حالة عمل تبدو في محاولات الإقصاء و التهميش ، و الحرب لإبادة الآخر / المختلف ، و إن كانت مثل هذه المحاولات تنطوي على تفكك ثقافي داخلي باتجاه الآخر من جهة ، و الكشف عن عبثية الأداء الموجه و ذلك بانتمائه للفعل اللاواعي الطبيعي ، أو شعور الحماسة المناهض لمنطقية الحدود و التوجهات من داخلها ، و قد كشف ليوتار عن كمون الحماسة في نقل الجزئي المختلف للفكر التصوري . ما هذا الازدواج العنيف بين واقع ثقافي مفتوح ، و ادعاء متكرر للكليات الشمولية التي تفصل الهامش عن المركز تعسفيا ؟ و قد عاصرت عددا كبيرا من الكتابات التجريبية العربية التي حققت خروجا نصيا من حدود الأنا / الآخر الثقافي ، لكنها صاحبت دعوات متكررة بالحفاظ على الحدود بين الأنواع ، و محاكمتها وفق منطق ، يعترف أحيانا بانعدام الفهم كتهمة موجهة للكتابة كمفهوم تأويلي للوجود . الكتابة الخارجة تتجه إلى تأويل بلا حدود ، و لا تعترف بالفهم الذي بني على تاريخ من الانغلاق في أحادية المدلول . و من ثم فمازال أمامنا مساران للخروج غير النقي تماما من الحدود بين الأنا و الآخر هما : 1 – التفكيك : يتجاوز التفكيك قراءة النصوص ، و الأحداث السياسية و الثقافية ضمن خطابها الخاص ، و يكشف عن تناقضات الحدث و ألعابه الذاتية ، التي تخرجه من حدوده الخاصة ، إنه يتجاوز سلطة الخطاب المعرفي في اتجاه الوفرة ، و اللعب ، و إنتاج المختلف من داخل تاريخ الميتافيزيقا ، فبودريار يقرأ الفوتوغرافيا بوصفها كشفا عن مبدأ يناهض مفهوم المبدأ أو الوجود المنعكس برمته ، بما يحمل من دلالات الأصالة و القوة ، و هو الاختفاء الذي هو وجود دون مركزية للوجود . و جاك دريدا يرى الكتابة كأداء لوجود يخلف الأثر الذي يقبل الاستبدال دون الرجوع إلى أصل أو التخلي تماما عن وجوده لكنه يمارس حالة اللعب ، بين وجود المدلول و استبداله المتكرر بالآخر / المختلف . إن التفكيك ممارسة ، تستعصي على القبض عليها ضمن التاريخ السابق للقراءة و الكتابة المحددة ، و من ثم فإنه يقاوم الخطاب من داخل سلطته و استمراريته ، و تاريخه الطويل . إن الكتابة في رأيي تتجاوز الفن الموضوع في إطار أو نوع بعينه ، فهي تبدأ من تناقضات الأخير و تمتد في لعب الأثر الذي هو وجود متغير و متداخل . 2- التمثيل : ارتبط التمثيل التأويلي المعاصر بالشك في قدرة الوعي على إنتاج معرفة محددة بالعوالم و الأشياء و لو كانت بسيطة ، ومن ثم كان التأويل عند بول ريكور عملا وجوديا يرتبط على نحو وثيق بالاستعارة و التمثيل السردي . لقد صار الوجود البسيط تمثيليا بحد ذاته في التوجهات المتجاوزة لما بعد الحداثة أو ما يعرف ب After Post-modernism . فالحياة صارت تأويلا أو فعلا تأويليا لا يخلو من الجانب التمثيلي للآخر الثقافي / المختلف ، فحدود الأنا هنا مرهونة بتمثيل الآخر . لقد استخدم إيهاب حسن أسطورة أورفيوس لتمثيل الغناء رغم الصمت أو الموت في قراءته لصمويل بيكيت ، و كأن أورفيوس / الآخر دخل سياقا تأويليا جديدا ، مثل فيه تجاوز الكلام بصورة استعارية . أما فرويد فقد أول إيروس / الحب ، و ثناتوس / التدمير أو الموت ، من خلال تناقضات الغرائز اللاواعية و تداخلها ، ثم اتخذت تمثيلاته كتحليل ثقافي للمجتمع عند ماركيوز . هكذا تتحول المفاهيم القديمة إلى تمثيلات ثقافية جديدة وفق السياق المختلف ، و المتداخل في الوقت نفسه رغم ادعاء الحدود بين الأنا ، و الآخر الثقافي الكامن فيما يحدد الأنا ، و يكشف عنه التأويل .
#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نشوة التجزؤ .. قراءة في حالات الروح
-
كتابة أورهان باموك .. و خروج الهامشي من هامشيته
-
أولية التحول في الفوتوغرافيا و الشعر ... قراءة في شجن ل .. ع
...
-
جماليات الغياب .. قراءة في رشحات الحمراء ل .. جمال الغيطاني
-
نجيب محفوظ ... وهج بدء متكرر
-
تناثر المرآة و اللعب بالقصيدة .. قراءة في ديوان فوق كف امرأة
...
-
طفرة الخروج ... التجاوز و التجديد في قصيدة النثر المعاصرة
-
نهاية النموذج .. قراءة في كسبان حتة ل .. فؤاد قنديل
-
الاستباق و التحول - التفاعل المعاصر بين التراث الثقافي و الع
...
-
أرشيف الكتابة .. قراءة في ديوان النشيدة ل .. علاء عبد الهادي
-
مقاومة الهامش في ديوان المدخل إلى علم الإهانة ل ..مهدي بندق
-
العقل يتجاوز إطاره
-
ارتباك الواقع في مجموعة هشاشة عقول ل نبيل عبد الحميد
-
جماليات الاندماج الكوني.. قراءة في الغزلان تطير ل محمد المخز
...
-
هارولد بنتر .. و الاستعادة المقدسة لتموز
-
فرح التفكيك .. قراءة في ديوان لك صفة الينابيع ل .. علاء عبد
...
-
التسامح الحضاري في سيرة نجيب محفوظ و أحلامه
-
الأدب يفجر أسئلة العمل و العمل الافتراضي
-
عبد الرحمن منيف ... الوجه الجمالي للشخصية العربية
-
ما بعد الحداثة... و جماليات التناقض..قراءة في الأشياء الفريد
...
المزيد.....
-
-فجأة سمعنا طلقات نارية-.. ترامب يروي ما حدث بالتفصيل لحظة م
...
-
رئيس وزراء العراق يكشف عن موعد إعلان انتهاء مهمة التحالف الد
...
-
السعودية.. وزارة الداخلية تعدم مواطنا قصاصا وتوضح كيف قتل زو
...
-
مراسلتنا: مكتب الجمعية الوطنية الفرنسية يجيز مناقشة عريضة عز
...
-
-الشاباك- يعلن إحباط محاولة اغتيال خطط -حزب الله- لتنفيذها
-
الحرب الروسية الأوكرانية: مليون قتيل وجريح في حصيلة مروعة
-
إعادة سكان الشمال هدف إسرائيلي جديد لحرب غزة
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1960 عسكريا أوكرانيا خلال 24
...
-
ميلوني: سعداء بتعيين مرشحنا نائبا لرئيسة المفوضية الأوروبية
...
-
القوات المصرية تنقذ 3 سياح في البحر الأحمر
المزيد.....
|