أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - بلطجي وبلطجة وبلطجية !!!














المزيد.....

بلطجي وبلطجة وبلطجية !!!


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7957 - 2024 / 4 / 24 - 09:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثلاث كلمات، تُحيل إلى الفوضى والاعتداء على الاخرين من دون وجه حق، أو الإقدام على سلوكات غير سوية. اقتحم تعبير "بلطجي" فضاءنا التداولي بقوة، بعد اندلاع شرارة ما يعرف بالربيع العربي، وعلى وجه التحديد في الشقيقة الكبرى مصر. لم ينتعش استخدامه هناك بالصدفة، بل له أسبابه التاريخية.
لا أصل لمصطلح "بلطجي" في لغة الضاد، فهو ذو أصل تركي يتكون من مقطعين: "بلطة" و "جي"، أي حامل البلطة، الآلة الحادة المعروفة. وبذلك اقترن بالقسوة والعنف والشِّدَّةِ منذ بداية ظهوره، من زاوية ارتباطه قديمًا بكل من كان يحمل بلطة لتقطيع الأشجار. في وقت لاحق، أُسميت فرقة في الجيش العثماني بالبلطجية، لأن كل فرد فيها كان يحمل بلطة. وبعد أن دبَّ الوهن في أوصال الدولة العثمانية وانتشر الفساد، تحول مصطلح بلطجي إلى وصمة للشخص الفاسد. من الدولة العثمانية انتقل إلى مصر، ليشير في المعنى الدلالي إلى الشخص المنحرف أو الحرامي وإلى كل من يلجأ إلى العنف ضد الآمنين. ولم يلبث المصطلح أن اقترن لاحقًا بالفتوات وأفراد العصابات. بهذه المعاني والدلالات، وجد نشطاء الحراكات الشعبية في مصر بشكل خاص، عام 2011، استسهال وصم المندسين في الصفوف من أجهزة نظام حسني مبارك آنذاك للتخريب والاعتداء على المشاركين بالبلطجية. بهذه الدلالة السياسية، تمددت كلمة بلطجي بصيغ المفرد والفعل المصدري والجمع في الوطن العربي. وتوسع المعنى، ليشمل كل سلوك مشين يطبع الموصوف بالنزوع إلى العنف في التعامل مع المختلفين في الرأي لترهيبهم وتخويفهم، من أجل تحقيق أهداف سياسية.
هنا، يمكن القول من دون تردد أن البلطجة ملازمة للفعل السياسي في واقعنا العربي، حيث الحوار ما يزال خارج إطار مكونات ثقافتنا. وعليه، فإن البلطجة وثيقة الصلة بإقصاء الخصوم المختلفين في الرأي والاجتهاد، وقمعهم. أما وأن الانسان، أي إنسان، هو بالمحصلة نتاج ثقافة تُقرر نظرته إلى الذات والوجود والكون، وتحدد أنماط تفكيره ومنطلقات فعله السياسي، فمن الطبيعي أن تشمل البلطجة أفاعيل النُّظُم الحاكمة وألا تستثني الأحزاب السياسية.

أما العناوين الأبرز لأسباب إقدام شخص ما على سلوك يَصدُق عليه وصف "بلطجي" فكثيرة، يتصدرها الجهل بمعنى انحطاط مستوى الوعي، ناهيك بمثالب تعتري السلوك وتدني مستوى التحصيل العلمي. كما ترتبط البلطجة بالانتهازية السياسية، حيث يكون الدافع في هذه الحالة عدم تحقيق هدف خاص بالحصول على موقع أو مسمى أو منفعة ذاتية. وعادة ما تبدأ البلطجة على أرضية الانتهازية، في الحزب السياسي بشكل خاص، بالتشهير وافتعال المشكلات متسربلة بالمبدئية وتضخيمها والكلام المنمق على طريقة "كلام حق يُراد به باطل". بالمناسبة، كلما بالغ أحدهم بالحرص على مصالح الحزب ضَع علامة أو ربما علامات استفهام !
وقد يكون محركو البلطجة قياديون متضلعون في العمل الحزبي، يستشعرون خطرًا على منافع خاصة تحققت لهم نتيجة تغييرات في البنية القيادية. وإذا استعنَّا بعلم النفس الاجتماعي، فقد تتبدى أسباب للبلطجة تتعلق بالعصبيات الجهوية أو الاقليمية، وهي بالإضافة إلى تدني مستوى الوعي، أكثر ما يشين العمل الحزبي في مجتمعاتنا العربية. وليس لنا ان نُسقط دور العاطفة، وعادة ما تتجلى في الحماسة الزائدة لهذا التيار أو ذاك داخل الحزب.
ولا نستبعد كما دلت تجارب حزبية عدة أن تكون أسباب البلطجة مفتعلة، من أعضاءٍ هبطوا على الحزب ب"البراشوت"، أو تسللوا إلى عضويته بطريقة ما. هنا، العاطفة هي المحرك. وعندما تتحكم العاطفة بالسلوك وتسطو على التفكير، يكون العقل في إجازة قد تطول أو تقصر حسب الظروف.
يُفترض بأعضاء حزب سياسي تجمعهم منظومة فكرية واحدة، وتشملهم أسس تنظيمية محددة، عدم افساح المجال لظهور أزمة وألا تستعصي عليهم مشكلة أو تقف في طريقهم معضلة. افتراض منطقي، لكن للبلطجي كفرد وللبلطجة كفعل وللبلطجية كمجموع، قول آخر يمتح من وهم أن ما يرونه هو الصواب لا يأتيه الباطل عن يمين او شمال!
هنا تحضر الإطلاقية المميزة للعقل السياسي العربي، بغض النظر عن لونه ومرجعيته الفكرية. الإطلاقية من مُطلق، وهي نقيض النسبية، وتعني في أخطر معانيها على صعيد العمل السياسي توهم امتلاك الحقيقة المطلقة. وبذلك، فإنها في مقدمة أسباب تعثر استنبات بذور الديمقراطية وثقافة التعددية والحوار في واقعنا العربي.



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركات سياسية واجتماعية مُعارِضة في تاريخنا
- نكشة مخ (10)
- مذكرات هنري كيسينجر.
- مختصر القول
- كَشَّافُ الحرب !
- -كلوب باشا- والشماغ الأردني والحطَّة الفلسطينية!
- وهم الهيكل المزعوم !
- كلام في الاعلام خارج النص
- البقرة الحمراء !
- قبل أن تبعدنا الأيام عن الأول من نيسان !
- إضاءة على أحدث نماذج تسييس الدين !
- الدين الابراهيمي !
- انفصام ثقافي !
- الضلع القاصر !
- العماليق
- الدين والتسلط
- إلى الأردنيين قبل البشر أجمعين!
- حارس المرمى !
- من طبائع الإجتماع الإنساني (المحترم وغير المحترم)
- نكشة مخ (9)


المزيد.....




- بدت في أشهر حملها الأخيرة.. الأميرة رجوة الحسين إلى جانب زوج ...
- منافسو ترامب في الحزب الجمهوري يشيدون بترشيحه للرئاسة
- مدينة ألمانية تغير اسمها مؤقتا احتفاءً بالمغنية تايلور سويفت ...
- -شخص ما على السطح-.. رصد مطلق النار على ترامب قبل لحظات من ا ...
- RT ترصد حجم الدمار بمدينة خان يونس
- قتيل و6 جرحى في حادث اصطدم سيارة بمقهى في باريس
- نتنياهو: مصممون على تدمير حماس
- نصر الله: سنواصل دعم غزة لحين وقف الحرب
- مبادرة بودابست.. السلام والموقف الأوروبي
- نصر الله يتوعد إسرائيل.. مفاجآت قادمة


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله عطوي الطوالبة - بلطجي وبلطجة وبلطجية !!!