أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سميرة الوردي - من أشعل النار فيها














المزيد.....

من أشعل النار فيها


سميرة الوردي

الحوار المتمدن-العدد: 1756 - 2006 / 12 / 6 - 11:30
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بخضرة تلك الغابات وجبالها وبالوديان وضفاف النهرين حلمت خارجة من بطون التاريخ ، حاملة أسفارها . تجوب الأرض شرقا وغربا لا تحدها حدود ، توق أن تفوز بالعلم ، وأن تتخرج بدرجة عالية تؤهلها للإرتقاء بحياتها الى أقصى ما تريد ، تحقق حلمها بالرغم من قسوة الظروف التي احاطت نشأتها الأولى ، عرفتها كما عرفت آخريات من خلال وقائع يرويها أبي بفخر واعتزاز ، تنعكس عندي كأسطورة رومانسية تُصيغ حياتي ، كان معجبا بكثير من النساء اللواتي كسرن قيودهن ليكن قدوة ومثالا يحتذى بهن في بناء ثقافة ووعي مجتمعهن كروزا لوكسمبرغ وجان دارك ، يفتخر بنسائنا اللواتي ساهمن كالرجال في العمل السياسي والثقافي ، يذكرهن أمامي وكأنه يتمنى أن أكون مثلهن ، كثيرا من النسوة المناضلات عرفتهن بوعي دون أن أراهن أوقد أكون شاهدتهن في محفل وظلت ذكراهن عالقة في خيالي على مر السنين . كثيرا ما تردد في داخلي اسم حياة شرارة ، لا أدرك مالذي يربطني بها ،أعرفها ولا أعرفها حتى عثرت في يوم من الأيام على كتاب لها في النقد مترجم عن الروسية ، وجهها اليف في ناظري ، وكأني أعرفها منذ زمن طويل ، وما إن قرأت سيرتها حتى وجدت أن ما يربطني بها أشياء كثيرة ، مرت سنون مثقلات بالدم والجوع والغضب وسمعت خبرا لم أصدقه في حينها ، الأديبة الكبيرة والتي نالت الدكتوراه بجهودها وذكائها وتبوأت مكانة علمية راقية تنتحر حرقا وتحرق معها ابنتيها ، ويشاء القدر أن تنجو إحدى البنتين . مر الخبر مرور الكرام وكل عراقي مُحمّل بهمه . أدركت حينها أن حياة أُحْرقت وابتيها ولم تنتحر كما أراد الطغاة إيهام الناس . المنتحر شخص ضعيف مريض نفسيا أما حياة فهي تلك المناضلة الجسور التي لاتحنيها المحن ولاتذلها المصاعب ، ومرت السنون واذا بي أجد كتابا لها تحت عنوان ( إذا الأيام أغسقت ) كتاب جسدت فيه حياة المأساة الحقيقية التي وقع الشعب العراقي تحت وطأتها والتي لم يدركها اخواننا العرب ، لأنهم لم يذوقوها بالرغم من رداءة حكامم وقسوتهم ، جسدت فيه ممارسات القمع اليومية التي مارسها النظام لإذلال الناس في لقمتهم اليومية . مَن من اخواننا العرب أدرك ماعاناه العراقيون بكل فئاتهم من ذل ومهانة في أدق تفاصيل حياتهم ابتداءً من وقوفهم فجرا طوابيرَ على المخابز التي قد يظفرون منها بأرغفة معدودة وقد يرجعون خائبين يقضون يومهم بقدرة قادر انتهاءَ بمسائهم المظلم البارد .
بين يدي الطبعة الثانية من الكتاب في عام 2002 والمقدمة كتبت عام 1999 أي قبل سقوط النظام بأربعة أعوام وكان موتها في 1 آب عام 1997 ، اشاعات كثيرة روجت قبل انتحار حياة كقتل امرأة لأبنائها لأنها لم تجد ماتطعمهم ، وبيع امرأة لأبنائها كي يستطيعوا ملأ بطونهم . من عاش تلك الفترة لايستغرب من هذه الإشاعات بل الأدهى أصاب بعض الناس القلق والخوف من أن يموتوا فلا يجد أهاليهم ثمنا لأكفانهم .
حتى لو افترضنا جدلا إنها انتحرت فهل يعقل أن تقتل ابنتيها بتلك الطريقة الجنونية التي لا مثيل لها في قسوتها وهي المثقفة الحالمةالمترجمة لأرق شعراء وأدباء الأدب الروسي ، لماذا تختار الحرق وهو الأقسى بين طرق الإنتحار ولا تختار الموت بالسم مثلا ، وكيف أحرقت ابنتيها وأحرقت نفسها لتنجو إحدى البنتين بعد ذلك ، اسئلة كثار لا تجد جوابا ، كل من وصل لسدة الحكم مجد قتلاه والأصح شهداءه واقيمت مراكز وهيآت ومحاريب لهم وكأنهم في كون آخر وليس كل العراقيين شهداء بأيدي النظام وجلاوزته ، فمن سيمجد حياة شرارة ويبني محرابا لها .



#سميرة_الوردي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الندم الثاني
- سعد والله
- زينب والمسرح
- حكاية من زمن الموت
- مناجاة
- التلفاز
- الآن حان الدرس الأول
- الحب بعد الرحيل
- الندم الأول
- أعاصير
- تاريخ أسفارنا /الفارزة الأولى والثانية
- تاريخ أسفارنا / الفارزة الثانية
- في يوم ما
- صورة
- مكتبتي
- جنون
- لحظة من لحظات الحرب
- لاشيء يعدل الحرية
- المحبرة
- القداس


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سميرة الوردي - من أشعل النار فيها