|
في يوم الصحافة الكردية قراءة نقدية لواقع الصحافة والاعلام
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7953 - 2024 / 4 / 20 - 16:51
المحور:
الصحافة والاعلام
في يوم الصحافة الكردية قراءة نقدية لواقع الصحافة والاعلام
في المراحل الأربعة التي اجتازتها الحركة السياسية الكردية السورية في غضون نحو قرن من الزمن ، كان لكل منها مشهدها ( الصحافي – الإعلامي – الثقافي ) كانعكاس طبيعي لماهو قائم ، وتعبير عن ماهو سائد من فكر ومفاهيم ، وقدرات . المرحلة الأولى كانت " تشكل وتنامي الوعي القومي " وامتدت من ( ١٩٢٧ – ١٩٥٧ ) ، والتي كان للمتنورين الذين اجتازوا – خط السكك الحديدية – من الشمال نحو – بني ختي – تحت ضغط السلطات التركية خصوصا بعد اخفاق انتفاضة الشيخ سعيد عام ١٩٢٥ الدور الأبرز . تليها مرحلة – الاستيقاظ – التي تمخض عنها ولادة الحزب الكردي المنظم الأول ، وتمتد بين ( ١٩٥٧ – ١٩٦٥ ) ، وماسبقت الولادة من نشاطات ذات الطابع الثقافي الاجتماعي . ومرحلة – النهوض – التي افرزت التحول العميق في إعادة التعريف ، وتصويب المسار التي امتدت بين ( ١٩٦٥ – ١٩٩٥ ) ، وكان المحرك الرئيسي ( البارتي اليساري – الاتحاد الشعبي ) ، مع مساهمات أخرى جماعية ، وفردية . ثم مرحلة " الردة ، والتراجع " منذ ( ١٩٩٥ وحتى الان ) ، وعنوانها الرئيسي ( الزمرة المنشقة عن الاتحاد الشعبي + حزب اليمين + البارتي ) وهم اول من تجاوبوا مع مشروع السلطة بشخص – محمد منصورة - ، تلاهم ( مجموع الأحزاب الكردية ) عندما اتفقوا مع – جنرالات النظام – في وأد الهبة الكردية الدفاعية عام ٢٠٠٤ ، ثم أحزاب طرفي الاستقطاب منذ اندلاع الثورة السورية المغدورة عام ٢٠١١ . . وفي هذه المراحل الأربعة اختلفت مستويات الأداء في الجانب – الصحافي والإعلامي من حيث الشكل والمضمون ، ودرجات التاثير في وعي المجتمع الكردي ، وفي الراي العام الوطني ، والإقليمي ، والعالمي ، ومدى النجاح والاخفاق في نشر مشروعية القضية القومية الكردية ، وخدمة الثقافة بكل تفرعاتها من لغة ، وآداب ، وفنون ، ولاشك ان المرحلة الأولى التي أحدثت تجربة فريدة بغاية الأهمية على ايدي البدرخانيين في طبيعة الكفاح القومي الكردي عندما تم الاندماج بين السياسي الثوري ، والثقافي فكانت غنية ، ومنتجة ، ومبدعة ، في مجال اللغة ، والثقافة القومية العامة ويعود الفضل الأكبر بذلك الى أبناء تلك العائلة العريقة حيث اصدر احد أبنائها وهو الأمير مقداد مدحت بدرخان في 22 أبريل 1898 في العاصمة المصرية القاهرة ، ( وهذا التاريخ يعتبر يوم الصحافة الكردية ) اول صحيفة كردية باسم – كردستان – من الخارج ووصلت اعدادها الى معظم المدن الكردية ، إضافة الى مجلة – هاوار – التي اشرف عليها الأمير جلادت بدرخان ، ومطبوعات أخرى ، ومن الملاحظ ان جميع الصحف ، والمجلات التي صدرت في تلك المرحلة كانت مفتوحة لكل من يكتب ، او ينقد ، او يرسل ملاحظات ، وكانت تتضمن مساهمات مختلف الاطياف من متدينين ، وعلمانيين ، ويسار ، ويمين ، وهذه ميزة متقدمة بعكس قيود الأحزاب المفروضة ، وشروطها في نشر مساهمات الوطنيين المستقلين . بخلاف جريدة الحزب الكردي الأول – دنكي كرد – لم تشهد المرحلة الثانية نشاطا إعلاميا بحسب المطلوب ، ( وقد يكون لاسباب موضوعية ) كما لم تصل الينا ( على الأقل حسب علمي ) نحن الجيل – المخضرم - بعد التاسيس وثائق فكرية ، وسياسية حول تحليل بنية المجتمع الكردي ، والقضية الكردية السورية ، والأوضاع العامة في سوريا ، وقضايا الخلاف ، وسبل حلها ، وتطورات الفكر القومي ، فقط أتذكر انني استلمت عبر منظمة حزبنا – بجياي كرمينج – رسالة موجهة الي من المرحوم المحامي – شوكت حنان - احد مؤسسي – البارتي – كانت عبارة عن دراسة موسعة حول الحركة الكردية عموما والحزب خصوصا ، وتناول نقدي لادوار عدد من المسؤولين الحزبيين المؤسسين في منطقة عفرين ، ودعوة الى التغيير ، ومناقشة موضوعية لمسالة التحول الذي حصل في الكونفرانس الخامس عام ١٩٦٥ ، والوقوف من حيث المبدأ الى جانب قرارات ، وتوجهات الكونفرانس ، وبيانه الختامي ، مرفوقة بملاحظات هامة ، للأسف الشديد لااعلم الان اين تلك الرسالة – الوثيقة . اما المرحلة الثالثة التي شهدت ولادة اليسار القومي الديموقراطي في الكونفرانس الخامس عام ١٩٦٥ ، وتصديه لانجاز المهام الموكولة اليه ، فقد تميزت بعطاء ثري في الجانب الفكري ، والثقافة السياسية القومية والوطنية ، والترجمة ، والنشر ، فمن تناول القضية القومية بالتحليل العلمي التاريخي ، وطرح المشروع الكردي السوري بشقيه القومي والوطني ، وإعادة تعريف الشعب ، والقضية ، والحقوق ، والتكامل بين القومي والوطني ، والكردستاني ، والاممي ، والعمل على توفير شروط تعميق مسالة الاعتراف المتبادل بالوجود ، والحقوق ، وعلاقات التضامن ، والعيش المشترك مع الشعوب الأخرى ، ورافقت تلك المبادئ الثابتة ، والمنطلقات المتقدمة ، ترجمة عملية وعلى ارض الواقع من الناحية الإعلامية ، والثقافية ، حيث ظهرت أبحاث ، ودراسات ( بعد طول غياب ) ، حول القضية الكردية ، والمسالة القومية ، والتاريخ ، والاداب ، والفنون ، وتم اصدار مجلة – روهلات – بالكردية والعربية ، في عاصمة الثقافة والاعلام – بيروت – ومطبوعات أخرى من داخل الوطن بالكردية والعربية ، وتم تأسيس – رابطة كاوا للثقافة الكردية – في بيروت التي أصدرت العشرات من الكتب هناك حول الكرد وتاريخهم ، وحركتهم السياسية ، وادابهم ، وكذلك تم تشكيل – الجمعية الثقافية الاجتماعية – ونجحت مساعي رفاقنا في تشكيل فرقة فنية كردية شارك فيها فنانونا المبدعون ( محمود عزيز ، ومحمود شاكر ، وسعيد يوسف ، وشيرين ) كما بدانا المساهمة بالكتابة حول قضيتنا في الصحافة العربية اللبنانية والفلسطينية ، خصوصا في مجلتي – الحرية ، والهدف ، وصحيفة بيروت المساء ، وفي فترة لاحقة جريدة الحياة وغيرها . لقد شكلت سنوات تسعينات القرن الماضي بداية مرحلة الردة في العمل السياسي الكردي السوري ، وباكورة نجاح الأجهزة الأمنية في سلطة نظام الاستبداد البعثي – الاسدي في اختراق صفوف الأحزاب الكردية ، واستمالة عدد كبير من العاملين في المجال الحزبي وبينهم مسؤولون ، وبعد موجة – الانشقاقات – المتتالية وكانت باكورتها شق – الاتحاد الشعبي – باشراف الضابط الأمني – محمد منصورة - ، لم يعد الحزب الكردي السوري بشكل عام بامان ، ولم يعد يتمتع بالشروط الأدنى لكسب مواصفات المؤسسة السياسية الديموقراطية الحرة ، وبما انه من حيث البنية التنظيمية أيضا لم يمثل مصالح طبقة بحد ذاتها ، او فئات اجتماعية معينة ، او مجموع الشعب بحيث يتبلور بناء عليه نهجه الفكري ، ويتحدد توجهاته السياسية ، وصولا الى امتلاك المشروع القومي والوطني ، وعلى ضوء التراجع ، وفقدان الاستقلالية ، والتبعية للأجهزة الأمنية ، لم يعد للكرد السوريين صوت واضح ، حتى صحافة الأحزاب – الصفراء – باتت ابواقا لمدح الدكتاتور ، وعنوانا للخنوع والمذلة ، مليئة بعبارات النفاق ، والمجاملات الفارغة . وباء الاعلام الحزبي استقر الامر أخيرا على الاعلام الحزبي الكردي الذي اصبح باعثا للانقسام ، ومصدرا للفساد والافساد ، ووسيلة في خدمة شراذم ، ومجموعات ، ولم تختلف سلطة الامر الواقع التابعة لحزب – ب ي د – عن سلطة نظام الاستبداد في مجال قمع الحريات العامة ، وانتهاك حرية الراي ، والاعلام ، والنشر ، والطبع ، وحلت عبادة الفرد محل احترام الشعب ، والقيادة الجماعية الديموقراطية ، وبدأ اعلام أحزاب طرفي الاستقطاب يضع الأولوية لاخبار واحوال المحاور الخارجية ، الى جانب شن الحملات المسعورة التخوينية ضد الراي المخالف ، ويكاد يقتصر تناول الداخل إعلاميا على رسائل التعزية ، والزيارات البينية ، والاحتفالات ، ومجاملات لاتخلو من المزايدات اللفظية حيث برع في ممارستها الى جانب مسؤولي الأحزاب بعض مدعي الثقافة والاعلام الذين يفتقرون الى الحدود الدنيا من المعرفة . ولاشك ان هذا المشهد الإعلامي المؤدلج – الموبوء – انعكس على معظم منظمات ، واتحادات المجتمع المدني في الداخل والخارج التي تتخذ المسميات الصحافية ، والإعلامية ، والثقافية ، مع الإشارة الى صمود بعض المواقع الفردية ، والمؤسسات الإعلامية المستقلة ، والشخصيات الثقافية المحصنة الجريئة بالرغم من كل التحديات . في يوم الصحافة الكردية أقول : طوبى لكل صحفي ، واعلامي مازال ملتزما بقضايا الشعب والوطن ، صامدا ، مستقلا ، يبحث عن الحقيقة .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من دفتر يومياتي : هل صحيح ان الاكاديميين هم من شكلو
...
-
القضية الكردية والنظام السوري
-
مخرجات اللقاء الدوري للجان متابعة مشروع - بزاف -
-
نوروز عيد الحرية والسلام
-
قراءة موضوعية لمكانته في يوم ميلاده
-
جماعات الإسلام السياسي عامة وحركات – الاخوان – خاصة
...
-
قراءة سياسية دورية لحراك - بزاف -
-
كفى التضليل – كفى الهروب عن مواجهة الحقيقة
-
أمريكا .. ضربت ..ولم تضرب
-
التقرير السياسي الدوري
-
طموحاتنا المشروعة في العام 2024
-
-عقد اجتماعي - ام صفقة عشائرية
-
الأهم ان يكون الحزب بخير
-
من - زكي الارسوزي - الى - محمد بركة - قرن من بؤس و
...
-
على ضوء مؤتمري جناحي الحزب ماذا تغير في نهج اليمين ا
...
-
قراءة في الحدثين الأبرز بالساحة الكردية السورية
-
من هموم الدياسبورا : الكرد السورييون في المانيا
-
للذكرى والتاريخ عندما يتم التضحية بالمصلحة الشخصية من ا
...
-
اطلاق مبادرة جديدة
-
استكمالا لحوارات البحث عن الحقيقة
المزيد.....
-
ترامب يعلق على تحطم طائرة صغيرة في فيلادلفيا
-
سوريا.. فيديو ودلالة هدية أحمد الشرع إلى أمير قطر ورد فعل ال
...
-
السعودية.. فيديو ما فعله وافد يمني ومواطن بالشارع العام يشعل
...
-
تونس تُطلق مبادرة لدعم دخول شركاتها إلى أسواق موريتانيا والس
...
-
مسؤولون أوكرانيون لـCNN: قوات كورية الشمالية انسحبت من الخطو
...
-
عاجل| نيويورك تايمز: إدارة ترامب تخطط لمراجعة دقيقة لعملاء ف
...
-
ماسك يبدأ تنفيذ تكليف ترامب.. وهذا ما فعله بموظفي الحكومة
-
ترامب يعاقب عناصر -إف بي آي- المشاركين في التحقيقات بشأنه
-
من بينهم مصريون.. محكمة تحدد مصير -المحتجزين في ألبانيا-
-
رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|