|
التداعي والتراجعات والاحتمالات
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1756 - 2006 / 12 / 6 - 11:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لاخلاف على إن التداعي والإرهاق الشديدين قد أصابا الإدارة الأمريكية الحالية، ( عدا من لايريد أن يرى الشمس في رابعة النهار، لأسباب إرادوية معروفة )، خاصة بعد الإخفاقات الميدانية الكبيرة في العراق، وتعمق المستنقع العراقي، وكل التطورات التي إنعكست في خسارة كبيرة وفادحة للحزب الجمهوري، وفقدانه السيطرة على الكونغرس بمجلسيه، النواب والشيوخ، والمطالبة الحالية بتقديم جماعة المحافظين الجدد للتحقيق من قبل لجان الكونغرس، بسبب توريطها للإدارة الأمريكية في عملية الحرب والغزو للعراق، ودراسة الأسباب المقدمة، وتكاليف الحرب والاحتلال، وإمكانيات الإستمرار والأساليب الجديدة المطلوبة، واحتمالات المستقبل، الى جانب الإطلاع على تقرير لجنة دراسة العراق برئاسة بيكر هاملتون . واستمرت الردود السلبية المتصاعدة، من الحليف البريطاني، الى ملاحظات كيسنجر وملاحظات كولن باول القاسية، ثم آراء كوفي عنان ( الجرئية ) لكن المتأخرة، الذي صرح أخيراً، بأن مايجري في العراق هو أسوأ من الحرب الإهلية، وواقع الحال كذلك، ثم جاءت الضربة القاضية من مجرم الحرب رامسفيلد الفاشل، والذي أعتبر النتيجة الراهنة هي فشل إستراتيجي علني وصريح وكامل . لم يبق أحد غير بوش، يعمل على البقاء في العراق، وإستمرار الاحتلال ( حتى إنجاز المهة )، لكن ماهي المهمة ؟؟ هل هي غير ترسيخ الاحتلال مثلاً ؟؟ وكيف يريد إنجازها ؟؟ وماهي إداواته وإمكانياته وأساليبه الجديدة ؟؟ وكم يحتاج من الوقت ؟؟ فهي أشياء في علم الغيب !! وإذا كان الرجل العسكري الأول ( التخطيطي والتنفيذي ) وطاقمه، يعلن عن فشل أستراتيجي في ( إنجاز المهمة) فلماذا يصر بوش على الإستمرار ؟؟ يبدو إنها أحجية معقدة، فرغم الفشل في الإنتخابات النصفية، ورغم مئات الدراسات والآراء التي تعلن الفشل أو حتمية الفشل، فإن بوش يواصل المعركة الخاسرة، وتقف وراءه مجموعة صغيرة من الشخصيات والدوائر المتطرفة، وهذه الدوائر آخذة بالتناقص والتقلص، لكن أعتقد إن شركات السلاح والنفط هي من يفرض على بوش الإستمرار بالحرب والاحتلال، حيث يباع السلاح، كسلعة أولى، ويتدفق النفط العراقي من دون عدادات ، وبلا رقيب أو حسيب، الى جانب ضغط اللوبي الصهيوني المسيحي، كما أصبح الموقف رهاناً شخصياً لبوش، في كيفية كتابة التاريخ، وتسجيل هذا الفصل الخطير، فهو يريد أن يسجل الى جانب اسمه، نصر ما، مهما كان الثمن، وحتى لوكان نصراً بعيداً أومستحيلاً، وهذا مايتعارض مع رؤية الحزب الجمهوري لإنتخابات الرئاسة القادمة، والتي لم تعد تهم بوش شخصياً !! عشية إنتخابات الكونكرس الأمريكي والى الآن، والإدارة الأمريكية تعيش حالة من الإرتباك والتردد والتجريب، وهي تنتظر النص الكامل والرسمي لتقرير لجنة بيكر، رغم كل التسريبات الكبيرة، الذي سيصدر في 6 ديسمبر، وتدرس ملاحظات رامسفيلد، الى جانب آراء وخطط وزير الدفاع الجديد، ولجان البنتاغون والمخابرات، ومواقف الأكثرية الديمقراطية في الكونكرس، ومئات وآلاف الآراء والدراسات والخطط التي تطرحها المراكز والصحف الأمريكية يومياً . في هذا الجو المتلبد والصعب، جاءت زيارة بوش الى عمان، للقاء الملك حسين والمالكي، وكذلك زيارة جلال الطالباني الى إيران، والتحركات الجارية في القاهرة والرياض، وتصريحات إيران الخطيرة، لإنقاذ أمريكا من المستنقع العراقي، إذا مابدلت أمريكا سياستها في المنطقة، أو تجاه إيران حصرياً !! الى جانب عشرات اللقاءات والتصريحات والحرب الإعلامية الدائرة في العواصم الإقليمية .. لكن يبدو إن زيارة بوش لعمان خيبت آمال جميع الأطراف خاصة بوش والمالكي، فعدا مديح بوش للمالكي وتغزله به، كرجل أمريكا في العراق، وووو، لم يبرز شيء هام على الإطلاق، ولم تكن زيارة الحكيم التكميلية الى واشنطن ذات شأن كبير، خارج عن هذه السياقات والدوائر المغلقة التي يمر بها الجميع، وحتى لو حصل على موقع جديد، أو حظوة ما عند بوش، أو دعم معين ضد تيار الصدر مثلاً، أو نقل رسالة إيرانية الى الإدارة الأمريكية، فكلها لاتساهم في حل الوضع الداخلي العراقي، لإنها تتصادم وتتعارض مع الموقف الوطني العراقي، ولا تفكربه إصلاً . الوضع الداخلي يزداد خطورة، والحرب الإهلية الطائفية تزداد إشتعالاً، والضحايا تتكاثر أعدادهم، وبغداد تقسم الى كرخ ورصافة وأحياء وشوارع و( درابين)، في هذه اللحظة الدموية العجيبة، يخرج علينا من يتحدث عن المشروع الوطني الديمقراطي المزعوم، ضمن العملية السياسية الأمريكية، وفي ظل الاحتلال، كبديل عن المحاصصة الطائفية، ولاأدري ماهي أسس وأصول هذا الهراء ؟؟ كما لم يعد أحد يتحدث عن الخدمات المتردية والمعدومة، وعن حياة الناس البائسة، في المدن والمناطق المستقرة أو الساخنة ؟؟ ولا أحد يتحدث عن الفشل الأمني المريع، وأسبابه، ومن المسؤول عنه ؟؟ الحركة الوطنية العراقية، الرافضة للاحتلال ستبقى اللاعب الرئيسي، وصاحبة الحظوظ الكبيرة الآن وفي المستقبل القريب، إذا ما تمكنت من توفير شروط العمل المتنوعة، وطرحت البدائل السليمة والفعالة، لعزل المحتل وأتباعه، أكثر فأكثر، بواسطة البرامج والأساليب المتطورة، وإستغلال وسائل الإعلام الواسعة والسريعة، لتوصيل الآراء والمواقف، والرد على الاحتلال ومريدية . كما ينبغي زيادة وتنشيط اللقاءات والاجتماعات الوطنية، وحيثما تسمح الظروف في المدن والعواصم العربية والعالمية، واطلاق المبادرات السياسية والثقافية والقانونية، لمتابعة وفضح جرائم العدو المتصاعدة ضد المدن العراقية، وفضح مشاريعة ومحاولاته لتثبيت الاحتلال، عبر حيل ومحاولات بائسة . نحن في اللحظة الوطنية الحساسة والحاسمة، لتحديد مسار الأحداث، ومصير الوطن، والطرف الآخر لايملك حلول جاهزة، وهو عاجز عن التقدم خطوة واحدة، بل لقد بدأ الإنسداد ( التاريخي ) والتراجع العلني والجماعي لمشروعهم، بكل تفاصيله، ومن هنا يأتي صراخ وعويل جماعات الاحتلال الطائفية والاعلامية، ورفضهم لجميع الآراء والمبادرات الوطنية والدولية ( عامي شامي ) ومن دون تفكير.. إنه الرعب من المصير القادم، على خيانة وطنية حصلت، مع سبق الإصرار والقرار. يبدو إن لااحتمالات ولامفآجات ولا حلول أمريكية خارقة، قبل أو بعد تقرير بيكر، ولاخطط سحرية يحملها مجرم الحرب الجديد، والجاسوس السابق، سوى إعلان الفشل الإستراتيجي على لسان بوش، وهذا ما يتطلب بعض الوقت فقط . أخيراً سقط رمز آخر من أحباب بوش وخاصته، إنه السليط، المتجهم، الصفيق، الغليظ، المتعجرف، الأرعن ال.....، من صقور الخارجية ، إنه بولتون ( أبو شوارب التنك ) .
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التداعي
-
التحركات الأمريكية الأخيرة، هل هي تحركات اللحظة الأخيرة ؟؟
-
ماذا سأفعل لك ياغزة ؟؟
-
العراق على مفترق الطرق وبداية التحول النوعي
-
تعليق على تطورات مثيرة ... أرقام مجلة لانست ولجنة بيكر وتصري
...
-
ماذا تفعل رايس في بغداد الآن ؟؟
-
الفكر السياسي الوطني والفكر السياسي التابع للإحتلال في ضوء ا
...
-
رايس : الشيطان وحاوي الثعابين
-
مرثية لوجه الوطن المقدس، وكلمات ضد من وقف ضده .
-
موقفان من الإحتلال العسكري الأمريكي لبلادنا، وتصريحات جلال ا
...
-
كلمات أخرى الى ستار غانم راضي العابر في الزمن المفقود
-
تعليقات سريعة على أحداث وأخبار أمريكية ساخرة ومتنوعة
-
متابعة وتعليق : حول تصريحات ورسائل بوش والإدارة الأمريكية ال
...
-
كلمة : رأي في المسألة النووية الإيرانية وأوضاع المنطقة
-
ماذا حصل في العراق في شهر تموز الفائت ؟؟
-
كلمة : عن الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية
-
كلمة : وحشية العدوان الصهيوني وحجم الكارثة
-
لبنان الكرامة والشعب العنيد
-
يوميات العدوان : المرحلة البرية الأخيرة المتعثرة، ووضع المقا
...
-
يوميات العدوان : مفارقة الربط التعسفي بين الشرعية الدولية وا
...
المزيد.....
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
-
فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
-
لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط
...
-
عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم
...
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ
...
-
اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا
...
-
العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال
...
-
سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص
...
-
شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك
...
-
خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|