سيناريوهات التصعيد الإيراني الإسرائيلي

ندى أسامة ملكاني

الحوار المتمدن-العدد: 7947 - 2024 / 4 / 14 - 16:11
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    

في السياسة قد تكون كل الاحتمالات واردة وممكنة مع ضرورة تحليل متغيرات قد تؤثر على مجريات الحدث السياسي وإمكانية تحققه أو استبعاد تحققه أو حتى استحالة وقوعه. في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة منذ طوفان الأقصى والرد الإسرائيلي عليه، تترقب المنطقة ردا إيرانيا ما على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق مطلع نيسان الجاري. فما هي احتماليات وأشكال الرد الإيراني الذي صرح بوقوعه الوشيك مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى أو بعبارات أخرى ما هي سيناريوهات التصعيد الإيراني الإسرائيلي بعد تنفيذ إسرائيل هجومها الذي أسفر عن مقتل سبعة من قادة الحرس الثوري الإيراني في دمشق؟
لم تعترف إسرائيل رسميا باغتيال أهم الجنرالات الإيرانيين في سورية ومنهم محمد رضا زاهدي ولكنها لم تنف أيضا مسؤوليتها عن ذلك. ولكن التحليلات المنطقية تتجه نحو ربط هذا الحدث بموقف إيران من الرد الإسرائيلي على طوفان الأقصى والذي اتسم بوحشية هائلة وقام بتعرية سردية الحضارة الغربية التي تدعي احترام حقوق الإنسان. وأيضا تأتي هذه العملية أي الهجوم على القنصلية الإيرانية في ظل ما تشهده المنطقة من تردد المخاوف حول حرب إقليمية واسعة بين محور المقاومة من جهة والولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الاستراتيجية إسرائيل والداعمين الغربيين من جهة أخرى.
التحليلات حول ردود الفعل الإيرانية عديدة، ولكن يمكن أن نقول إنها تتمركز حول سيناريوهين اثنين:
السيناريو الأول: يرى هذا السيناريو أن الرد الإيراني على إسرائيل سيكون وشيكا ومباشرا
هناك جملة من الوقائع والتصريحات التي تعزز احتمالية حدوث هذا السيناريو.
أولا: تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة في أنه يتوقع أن تحاول طهران توجيه ضربة لإسرائيل في المدى القريب، وأن احتمال هذه الضربة عاجل وليس آجلا.
ثانيا: ما نشرته صحيفة " تايمز أوف إسرائيل" والتي أكدت أن إسرائيل وضعت نفسها في حالة تأهب قصوى بسبب تهديدات وتقييمات استخباراتية بشأن هجمات إيرانية متوقعة.
ثالثا: امتلاك طهران الترسانة اللازمة لاستهداف إسرائيل في بناها التحتية أو مرافقها أو منشآتها، وفي هذا السياق نقلت شبكة "سي بس أس نيوز" عن مسؤولين أمريكيين البارحة أن إيران قد تستهدف إسرائيل باستخدام 100 طائرة مسيرة وعشرات الصواريخ والتي ستتوجه نحو أهداف عسكرية إسرائيلية.
ماذا لو تحقق هذا السيناريو؟ في حال تحقق سيناريو الهجوم المباشر لا شك أنه سيكون هناك دعم أمريكي غير محدود لإسرائيل ضد إيران. فلقد صرح بايدن "نحن ملتزمون بالدفاع عن إسرائيل، وسندعم إسرائيل، وسنساعد في الدفاع عن إسرائيل وإيران لن تنجح" . ما يعني أنه إذا قامت إيران بالهجوم المباشر فستتحول الأمور إلى حرب إقليمية شاملة. وانطلاقا من هذا التحليل الأخير ستسعى إيران إلى التخفيف من إمكانية حرب شاملة في الإقليم عن طريق مهاجمة أهداف إسرائيلية محدودة النطاق ولن تنسى الدعم الأمريكي والغربي للكيان الصهيوني وستكون حذرة كثيرا في حال استهدفت قوات أمريكية في الشرق الأوسط
أما السيناريو الثاني: يرى هذا السيناريو أن الرد سيكون غير مباشر من قبل إيران، ويدعم هذا السيناريو مجموعة ثانية من الوقائع والتصريحات.
أولا: لو أن الرد سيكون مباشرا لما تأخر حتى الآن ولاسيما مع تكثيف إسرائيل غاراتها على غزة وسط تأهب وحراك دبلوماسي خشية أي رد إيراني. وستكثف إسرائيل من ردها الهمجي على فلسطين بالمجمل لو قامت إيران بالهجوم المباشر على تل أبيب وهذا ما لا تريده إيران انطلاقا من إيديولوجيتها الداعمة لثوابت القضية الفلسطينة في ظل أعنف المتغيرات الدولية.
ثانيا: ما صرح به مسؤولون أمريكيون في أن إيران ستختار تنفيذ الهجوم على نطاق محدود لتجنب تصعيد كبير لأن إسرائيل فيما لو اختارت الهجوم المباشر قد تواجه صعوبة في الدفاع ضد هجوم واسع النطاق.
ثالثا: نتيجة إمكانية تحقق السيناريو الأول هي نفسها عامل مساعد لإمكانية تحقق السيناريو الثاني ألا وهي الدعم الأمريكي التاريخي والاستراتيجي والمستمر لإسرائيل. فلقد شدد وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت على أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية تقفان جنبا إلى جنب في مواجهة إيران. وأكد في بيان له: " أعداؤنا يظنون أن بإمكانهم المباعدة بين إسرائيل والولايات المتحدة، لكن العكس هو الصحيح إنهم يقربوننا من بعضنا البعض ويعززون روابطنا" وتابع: " إسرائيل لن تتساهل مع ضربة إيرانية ضد أراضيها"
ماذا يعني تحقق هذا السيناريو؟
عدم الرد الإيراني المباشر على إسرائيل سيبقي الوضع الراهن على ما هو عليه لأن إيران مسبقا كانت ترد على إسرائيل عبر استهداف قواعد أمريكية في العراق وسورية وربما ستكثف من هجماتها ولكن بإطار إمكانية الردع الأمريكي وتوقع دائم للحضور الأمريكي في المخيلة. كما يمكن أن تستهدف إيران وعملا بالمثل شخصيات إسرائيلية ودبلوماسية غربية وتبقى المنطقة فتيلا للحرب وسيبقى شبح الحرب الإقليمية مخيما عليها .

بكل الأحوال الرد الإيراني بأي شكل هو متوقع ومنتظر ووشيك الحدوث وكل من هذين السيناريوهين له ما يدعم إمكانية تحققه، كل شيء في السياسة ممكن ومتوقع مع تحليل المتغيرات ومراقبتها بعقل ومنطق فقد يؤدي المزيد من الإضرار بالمصالح الإيرانية وحلفاء إيران إلى الوصول لنقطة حرجة لن تنفع معها محاولات أمريكا لإقناع إيران بضبط النفس ما يعني هجوما مباشرا قد يعيد ترتيب الحسابات الإمريكية والإسرائيلية في المنطقة.

#ندى_أسامة_ملكاني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات