أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - ماذا عن تاريخنا؟















المزيد.....

ماذا عن تاريخنا؟


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7945 - 2024 / 4 / 12 - 11:03
المحور: القضية الكردية
    


البعض من كتابنا الكورد، الذين يتناولون التاريخ، أصبحوا يقلدون المؤرخين العرب بتحريفاتهم وتضخيمهم لتاريخنا، متجاوزين كل الاعتبارات والقيود الخاصة بمثل هذه الدراسات. فعلها مؤرخو التاريخ العربي والإسلامي، في مراحل لم يكن من السهل الرد عليهم، وتعرية عيوبهم وفضائحهم. لكن اليوم وحيث سهولة الحصول على المصادر والمعلومات وجرأة النقد على خلفية زوال قدرة السلطات على المراقبة والمحاسبة، بدأت تتعرى تلك الدراسات من جميع الجهات، ليس فقط كحوادث تاريخية غير صحيحة، بل بما خلقته من المضار للمجتمعات، والكوارث للبنية الثقافية للشعب العربي والمتعايشة معه.
أرى، والموقف هنا حالة شخصية، أن تضخيم النقاد والكتاب الكورد لتاريخنا أثناء ردهم على العنصريين الذين تناولوا تاريخ الشعب الكوردي بضغينة، وقدموه وكأنه شعب على هامش التاريخ، وعلى أنه لا يحمل خاصية الأمة، وغيرها من الإشكاليات، تصرف كحالة استثنائية، ولا يمكن الطعن فيها خاصة إذا عرضت مع المادة المطعونة فيها، فتضخيم تاريخنا الذي تم تحريفه أو تعتيمه أو تشويهه، يستخدم كحالة إنقاذ من براثن المتربصين بأمتنا.
لكن لا يمكن التساهل معهم أثناء تقديم الدراسات التاريخية الأكاديمية المتعلقة بشعبنا الكوردي كما يجب أن يقدم للعالم، فعلى كتابنا ومؤرخينا الانتباه إلى ما قد يخلقوه من المضار المشابه لما خلقته السلطات والعنصريون العرب، فاليوم وفي عصر الإنترنيت وحيث سهولة الحصول على المراجع، ودقائق المعلومات، بدأت تنكشف للعالم الصفحات الغارقة في السلبيات وبعضها تعدت سوية الفضائح التاريخية، بل أصبحت كتاباتهم وبالا على الشعب العربي والتاريخ الإسلامي.
العديد من النقاد الكورد بل والبعض من العرب أيضا، ينقبون العشرات من الملفات وفي أعماق الأرشيف، والكتب ليكشفوا حقيقة الدراسات المشوهة والمحرفة عن تاريخ شعبنا الكوردي والشعوب الأخرى في المنطقة، ويبينوا للعالم الأوبئة المنشورة من على صفحاتها.
ردودهم وانتقاداتهم على أولئك المؤرخين بدأت مع ظهور الإنترنيت كالنار في الهشيم، رغم أن هذه الحركة لا زالت في بداياتها، لكنها خلقت الرهبة لدى السلطات العنصرية والكتاب العبثيين، والأغرب أنهم ولتفادي هذه الإشكالية بدأوا يتبنون أساليب حديثه، ومن بينها الدفاع عما كتب سابقا التي تتلاءم ومفاهيمهم، أو تقديم دراسات مماثلة مدعومة بتأويلات تتلاءم والعصر. يحتاج الكورد إلى عمق رؤية ووعي واسع لمواجهة الجاري، وربما إلى عقود، لتعرية ما حرف وشوه؛ ليس فقط تاريخ العرب والإسلام، بل تاريخ شعوب المنطقة بشكل عام، وبشكل خاص ما يخص الشعب الكوردي، لكن ومن المؤسف أن البعض من كتابنا عوضا عن تصحيح المسيرة يفاقمون فيها بعرض تاريخنا بنفس الأساليب، وليس تضخيمه كأسلوب للرد.
نأمل من كتابنا وباحثينا، الانتباه إلى الإشكاليات الغارقة في السلبية التي ستؤدي بقضيتنا وتاريخنا إلى السقوط في أخطاء نحن بغنى عنها، ونأمل تفادي المستنقع ذاته الذي ضاع فيه كتاب محتلي كوردستان. فالتضخيم والتحريف نتائجها السلبية كارثية، تخلق قاعدة ثقافية مشوهة لا يمكن البناء عليها.
للأسف عدد الذين يضخمون ويحرفونه، وبشكل خاص تاريخ العائلات والعشائر إلى حد القرف، وحتى تاريخ ثوراتنا والإمارات الكوردية، يتزايد يوما بعد يوم، بل وبينهم من يخلقون حوادث من الخيال والعدم، أحيانا تصل إلى درجة الجهالة. معظمنا قدمنا إماراتنا كإمبراطوريات، وثوراتنا كنظريات، ولا شك نحن أمة عريقة في التاريخ، بنينا أو ساهمنا في بناء الحضارات والإمبراطوريات، لكن بهذه الأساليب الساذجة لن نحصل على تجارب مناسبة لحاضرنا وقادمنا.
ركز مارتن فان بروانسن، في إجمالية كتابه (الأغا والشيخ والدولة)، على جدلية تاريخية لمجريات الأحداث في كوردستان خلال القرنين الماضيين، وتعتبر عمود منهجية كتابه، وهو أن الفراغ الناتج من زوال الإمارات الكوردية، وهيمنة الباشوات العثمانيين والصفويين ومن ثم القجاريين فتح المجال للتكايا الدينية بالطفو وتوسع السيادة وقيادة الشعب إلى درجة أن معظم الثورات الكوردية في القرن التاسع عشر قادها مشايخ التكايا الصوفية الكوردية، وحسب رؤيتي كانت حينها حالة صحية وإنقاذ للشعب أمام الفراغ السياسي الكارثي لمواجهة المحتلين. اليوم نلاحظ ظهور حالة مشابهة من حيث الجدلية لكن ببنية هشة ضحلة مضارها لا يحمد عقباه، يخلق تراجع مدمر لقادم قضيتنا، ومستقبل شعبنا وثقافته.
فعلى خلفية الفراغ الناجم من تشتت الحراك الكوردي الحزبي وضعفه وتراجع نشاطاته، بدأت تطفوا دراسات التبجح والتضخيم لتاريخ عائلاتنا وخلق هالات حول الأجداد، وأعمالهم، ونحاول عرض العشيرة كبديل عن الحراك السياسي، ونحن الأحفاد نقدم ذواتنا كورثة لإمبراطورية الأجداد، على عتبة هذا التضخيم الوهمي نسوق مكانتنا بين المجتمع الكوردي، وليتنا كنا على مقدرة من تقديم عمل يستحق التقدير، فأفضل ما نقدمه فتات من الخدمات للمجتمع المعاني، وتظل الساحتين الحزبية – السياسية والثقافية – الاجتماعية في العدم، بأساليبنا هذه نفاقم الوباء في تاريخنا ونعقد مسيرة تشذيب ثقافة المجتمع، ونصعب توعيته، ويتم تقزيم القضية الكوردستانية ضمن جغرافية العشيرة والعشيرة ضمن العائلة والعائلة نحصرها في شخصية ماضية، فننسى الحاضر أمام أوهام الماضي، خاصة وأن شريحة واسعة من المدركين لما تؤول إليه القضية بهذه الجهالة لا يقدمون على المواجهة لاعتبارات عدة، لكن لا تعني هذا أن الأبواب ستظل مغلقة، ولن يأتي البعض من النقاد الجريئين لتعرية هذا الخلق الوهمي المضخم مع الزمن.
ليعلم الجميع أننا اليوم في عصر الإنترنيت، من السهل لأي كاتب جريء أو أكاديمي، أو حتى أبسط ناشط في وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرهم، فتح الأبواب وتناول هذه التجاوزات، وانتقادنا بل وكل من أفسد أو خلق سلبية عن قصد، بجرأة وقوة، لن يتساهل الواعون من النقاد في تعرية كل ما تم خلقه من العدم، أو ما تم تحريفه وتضخيمه، ولا شك التحذير الأهم موجه لأولئك المتناولين بشكل عشوائي تاريخ الشعب والأمة والإمارات الكوردية وثوراتنا، بل ولربما ماضي أمتنا بشكل عام، فالمصداقية تطرق جميع الأبواب، فما يبنى على الخطأ والوهم لن يحصد منتوجا.
لا تنسوا أننا ندخل مرحلة حديثة من التطور الحضاري، فمثلما عرى عصر الإنترنيت المؤرخين والباحثين العرب والإسلاميين، فالذكاء الاصطناعي القادم سيعري كل التجاوزات، وبدون تدخل الإنسان، ومن بينهم كتاباتنا والكتاب والمؤرخين الكورد المعنيين بالأمر.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
10/4/2024



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن الكورد انفصاليون - 5
- نحن الكورد انفصاليون - 4
- من أخبر إسرائيل عن موقع جنرالات إيران
- نحن الكورد انفصاليون - 3
- نحن الكورد انفصاليون - 2
- نحن الكورد انفصاليون - 1
- أنا ولجنة التحديد والتحرير - 13 – الأخيرة
- أنا ولجنة التحديد والتحرير - 12
- أنا ولجنة التحديد والتحرير - 11
- أنا ولجنة التحديد والتحرير - 10
- التناقضات في تهنئة المرأة بعيدها
- يهملون جماليات نوروز أمام هيمنة رمضان
- أنا ولجنة التحديد والتحرير - 9
- أنا ولجنة التحديد والتحرير - 8
- أنا ولجنة التحديد والتحرير - 7
- أنا ولجنة التحديد والتحرير - 6
- أنا ولجنة التحديد والتحرير - 5
- أنا ولجنة التحديد والتحرير - 4
- زوجة البغدادي مجرمة ويجب أن تحاكم
- أنا ولجنة التحديد والتحرير - 3


المزيد.....




- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...
- ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها ...
- العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - ماذا عن تاريخنا؟