الانتخابات البلدية وتغير الخارطة السياسية التركية.

سربست مصطفى رشيد اميدي

الحوار المتمدن-العدد: 7944 - 2024 / 4 / 11 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

اشرنا في مقال سابق حول نتائج الانتخابات البدبة التركية لسنة 2019، بان تلك النتائج قد تكون مؤشرا لبداية افول نجم حزب العدالة والتنمية، نتيجة خسارتها لرئاسة بلدية مدينة اسطنبول الكبرى وانقرة، ام ان رئيس الحزب والجمهورية بحنكته السياسية سيتمكن من تجاوز ذلك، ويستطيع معالجة مشاكل تركيا السياسية والاقتصادية بحلوله المعهودة بتصديرها الى الخارج، واللجوء الى المقولة القديمة الحديثة التي تلجا اليها قادة الدول وهي ان الوطن في خطر، ويتعرض لهجمة اجنبية او ارهابية لضمان استمرارهم بالحكم، مثلما يفعل الرئيس التركي السيد رجب طيب اردوغان باستمرار العمليات العسكرية في كوردستان العراق، والمناطق الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، بدل ان يلجا الى حل مشاكل تركيا بالحلول السلمية والمفاوضات، خاصة في مجال انكار الحكومات التركية للوجود الكردي في تركيا، فكيف بمنحهم ادنى الحقوق الثقافية والسياسية، وفي مقدمتها الاعتراف بالهوية القومية للكرد وبتعليم اللغة الكردية في المناطق ذات الغالبية الكردية. وفعلا بعد مرور اربع سنوات وباستمرار حزب العدالة والتنمية في سياساته الاقتصادية وفي السياسة الداخلية والخارجية واستمرار العمليات العسكرية خارج الحدود التركية، ومصادرة الحريات خاصة تجاه الناشطين من الكرد والترك، استطاع الحزب المحافظة على استمرار سيطرته على مقاليد الحكم في تركيا، لا بل حصل السيد رجب طيب اردوغان على 27834692 صوتا في انتخابات الجولة الثانية للمنافسة على منصب رئاسة تركيا سنة 2023، والتي شكلت نسبة 52,18% من اصوات المقترعين، مقابل 25504552 صوتا وينسبة 47,82% لمنافسه السيد كمال كليجدار اوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض. وقد جاءت هذه النتائج على الرغم من مرور فترة قصيرة على الزلزال المدمر الذي ضرب محافظة مرش وعدد من المحافظات القريبة، لكن ذلك لم يؤثر كثيرا على حظوظ فوز السيد رجب طيب اردوغان مرة اخرى بالرئاسة التركية. وتحقيق تحالف الجمهور بقيادة حزب العدالة للاغلبية في البرلمان، والذي كان يضم حزب الحركة القومية، والرفاه الجديد وحزب هودابار، حيث حصد هذا التحالف 323 مقعد من مجموع مقاعد البرلمان البالغ عددها 600 مقعدا.
لكن يبدو ان توجه الناخب التركي بدأ يتغير، حيث ان نتائج الانتخابات البلدية التركية التي جرت في 31/3/2024 برزت بشكل وضوح نجاح حزب الشعب الجمهوري باستقطاب شرائح واسعة من الشعب التركي، ونافس حزب العدالة في محافظات كانت تعتبر لحد قريب بانها مراكز مغلقة لحزب العدالة، ولم تكن تتحقق هذه النتائج لولا وجود تحضير جيد ومثابرة لدى حزب الشعب الجمهوري، ووجود تفاهمات بينه وبين احزاب اخرى خاصة حزب المساواة والديمقراطية، وعلى الرغم من تفكك تحالف الشعب الذي تشكل قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سنة 2023، حيث كانت التوقعات تشير الى استمرار حزب العدالة بالصدارة في عدد الاصوات، وان حزب الشعب الجمهوري قد يحقق ارتفاعا بسيطا في عدد الاصوات.
ولاجل القاء المزيد من الضوء على نتائج الانتخابات البلدية التركية لسنة 2024، نشير الى عدد من النقاط:
1-الانتخابات البلدية كانت لاجل المنافسة للفوز برئاسة بلديات 30 مدينة كبيرة، و51 محافظة، مع انتخاب رؤساء 1393 قضاء، بالاضافة الى اعضاء مجلس البلديات، ومخاتير القرى. وعلى الرغم من أن هذه الانتخابات هي محلية، لكن لها اهمية لان تحالف الجمهور كان يعمل لتعزيز نفوذه واعادة السيطرة على رئاسة عدد من البلديات التي خسرها في الانتخابات البلدية لسنة 2019، وخاصة رئاسة مدينة اسطنبول الكبرى والعاصمة انقرة. في المقابل كانت احزاب المعارضة وخاصة حزب الشعب الجمهوري تحاول المحافظة على تقدمها التي حققتها سنة 2019 وتعزيزه بخطوات اخرى للفوز برئاسة عدد من بلديات المدن الكبرى والمحافظات والاقضية، وهذا ما حصل.
2-بعد اعلان النتائج النهائية تبين تقدم حزب الشعب الجمهوري في مجموع الاصوات التي حصل عليها في عموم تركيا لتكون (17391548) صوتا، وبنسبة 37,77% من الاصوات، في حين جاء حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الثانية ليحصل على (16339771) صوتا، وبنسبة 35,49% من الاصوات. وجاء حزب الرفاه الجديد برئاسة السيد (فاتح اربكان) وهو ابن السيد (نجم الدين اربكان) مؤسس احزاب الاسلام السياسي في تركيا، ومؤسس حزب الرفه الاسلامي، بالمرتبة الثالثة ليحصل على (2851784) صوتا وبنسبة 6,19% من الاصوات، في حين حصل حزب المساواة والديمقراطية (DEM) على (2625588) صوتا، وبنسبة 5,7% من الاصوات. وهذا يشير الى تغير واضح في توجه ومزاج الناخب التركي.
3- من الواضح كان هنالك تقهقر لاصوات الاحزاب القومية التركية في هذه الانتخابات، حيث حصل حزب الحركة القومية (MHP) على نسبة 4,99% من الاصوات، والحزب الجديد (IYI) على نسبة 3.77% من الاصوات، في حين حصل حزب ظفر على نسبة 1.74% من الاصوات.
4-ارتفاع واضح في عدد الاصوات التي حصلت عليها احزاب اسلامية، كانت ضمن تحالف الجمهور في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية سنة 2023. حيث حصل حزب الرفاه الاسلامي على رئاسة بلدية مدينة اورفا بحصوله 347600 صوتا، في حين جاء حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الثانية للمنافسة على رئاسة بلدية اورفا بحصوله على 300830. وايضا حصل حزب الرفاه الجديد على رئاسة بلدية مدينة يوزكات بوسط تركيا بحصوله على 17141 صوتا وبنسبة 36،33% من الاصوات، في حين جاءت الحركة القومية بالمرتبة الثانية ليحصل على 14049 من الاصوات وبنسبة 29,78% من الاصوات. وقد حقق حزب هودابار الاسلامي الكردي ايضا ارتفاعا في عدد اصواته، حيث حصل على المرتبة الثانية في مدينة باطمان بحصوله على 29698 صوتا، وبنسبة 15.69% من الاصوات، حيث حصل حزب المساواة والديمقراطية على المرتبة الاول ليحصد 122143 صوتا وبنسبة 64.52% من الاصوات.
5-أن مجموع المدن الكبيرة والمحافظات والمناطق والاقضة والقصبات والتي جرت الانتخابات لمجالسها ورئاسة بلدياتها كان 1444، وقد حافظ حزب العدالة والتنمية من حيث مجموع العدد الذي فاز به، فلا زال يسيطر على 549 بلدية، ومن ضمنها 12 مدينة كبيرة و 12 محافظة. في حين أن حزب الشعب الجمهوري قد حصل على 433 لدية ومنها 14 مدينة كبيرة و 21 محاقظة، وجاءت الحركة القومية لتحصل على 228 بلدية لم تكن من ضمنها اي من المدن الكبيرة لكنها حصلت على رئاسة 8 بلديات محافظات. وحصل حزب المساواة والديمقراطية على 85 بلدية منها 3 مدن كبيرة ورئاسة بلديات 7 محافظات، في حين حصل حب الرفاه الجديد الاسلامي على 65 بلدية منها مدينة كبيرة واحدة مع رئاسة بلدية محافظة واحدة أما الحزب الجديد (EYI) وقد حصل على 32 بلدية لم تكن من ضمنها أي من المدن الكبيرة، مع الفوز برئاسة بلدية محافظة واحدة فقط.
6-أنخفاظ نسبة التصويت في عموم تركيا قياسا الى انتخابات 2023 حيث زادت نسبة التصويت في حينه على 88% من مجموع الناخبين وعددهم كان 64145504 ناخب، حيث يحق للناخبين المقيمين خارج تركيا المشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، في حين أنه لا يحق لهم المشاركة في الانتخابات البلدية، أما نسبة التصويت للانتخابات البلدية لسنة 2024 فقد أنخفضت الى 78.55 % من مجموع الناخبين الذين يحق لهم التصويت وعددهم 61430934 ناخب، في حين أن نسبة التصويت للانتخابات البلدية لسنة 2019 كانت 84.7% من الناخبين.
7-ظل عدد الاصوات الباطلة مرتفعة كما كان حالها في جميع الانتخابات التركية سواء كانت برلمانية أو محلية. وفي هذه الانتخابات فقد بلغ عدد الاصوات الباطلة 2210042 ورقة، مما تشكل نسبة 4.57% من مجموع الاصوات المدلى بها في هذ الانتخابات و عددها 48256541 صوتا.
8-أنخفاظ أصوات حزب العدالة والتنمية بنسبة كبيرة في عموم تركيا في هذه الانتخابات عن أنتخابات سنة 2023، حيث حصل على 15881438 صوتا، في حين أن أصوات الحزب كانت19387412 سنة 2023 . أما أصوات حزب الشعب الجمهوري فقد أرتفعت لتصل الى 17391763 صوتا، في حين ان الحزب قد حصل على 13791299 سنة 2023 وهذه الاصوات التي حصل عليها جاءت نتيجة تصويت نسبة كبيرة من الناخبين الكورد في أسطنبول لهذا الحزب، حيث أن نسبة أصوات الكورد في مدينة أسطنبول تتراوح بين 10 – 13 % من مجموع الاصوات، في حين أن حزب المساواة والديمقراطية قد حصل فقط على نسبة 2.12% من الاصوات، حيث يعتقد أن النسبة الغالبة من الناخبين الكورد قد صوتوا لمرشح حزب الشعب الجمهوري السيد أكرم أمام أوغلو، وصوتت نسب بسيطة منهم لصالح مرشحي أحزاب العدالة والتنمية وحزب الرفاه الجديد وحزب هودابار الكوردي. ووالتغيير الابرز كان هو بصعود حزب الرفاه الجديد للمرتبة الثالثة في عموم تركيا وذلك بحصوله على 2850279 صوتا، أما حزب المساواة والديمقراطية فقد أنخفض أصواته عن أنتخابات 2023 حيث حصل على 2624650 صوتا في هذه الانتخابات، في حين حصل في أنتخابات 2023 على أكثر من أربعة ملايين و ثمانمائة الف صوت، على الرغم من زيادة نسبة المصوتين له وحصوله على عدد أكبر من المدن الكبيرة والمحافظات والمناطق والاقضية .
9-أن قانون الانتخابات التركي وفي عملية تحديث سجلات الناخبين وعملية أنتشار وتوزيع مراكز الاقتراع يقيد القوات العسكرية والامنية من الدرك وقوات الشرطة والمييت والموظفين ومع عوائلهم ضمن سجل الناخبين للمدينة أو القضاء اللذين يؤدون فيها خدمتهم العسكرية أو الوظيفية. وهذا يؤثر بشكل واضح على نتائج الانتخابات في المحافظات والمدن الكوردية التي تخضع للعمليات العسكرية والامنية منذ عشرات السنين، حيث تستفيد أحزاب السلطة التركية وغيرها من هذه الاصوات، خاصة حزب العدالة والتنمية والحركة القومية وحزب الشعب الجمهوري وأخيرا حزب الرفاه الجديد الى حد ما. والهدف من هذا الموضوع واضح وهو السيطرة على بلديات هذ المدن في الانتخابات، وأن لم تستطع ذلك فتقوم الحكومة التركية بضرب أصوات الناخبين عرض الحائط عن طريق فرض رؤساء بلديات (قيوم) من حزب العدالة بقرارات حكومية. هذا الامر كان سببا رئيسيا في خسارة الكورد برئاسة بلدية مدينة شرنخ ومدينة قرس، حيث أضيف 6541 ناخبا من هذه القوى الى سجل ناخبي مدينة شرنخ الصغيرة والمتاخمة للمثلث الحدودي العراقي السوري التركي. لذلك فاز مرشح حزب العدالة والتنمية بحصوله على 18033 صوتا وبنسبة 47.58% من الاصوات، في حين جاء مرشح حزب المساواة والديمقراطية بالمرتبة الثانية ليحصل على 15553 صوت وبنسبة 41.04%. أما في مدينة قرس المتاخمة للحدود الارمنية ونتيجة لتلك الاصوات وقد حصل مرشح الحركة القومية على 16384 صوت، في حين حصل مرشح حزب المساواة والديمقراطية على 13120 صوت. ونتيجة لبناء سجل الناخبين بهذا الشكل فأنها أثرت حتى على نتائج بعض الاقضية الحدودية بشكل واضح، مثلا في قضاء شمدينان الحدودية المتاخمة للمثلث الحدودي العراقي الايراني التركي في محافظة هكاري فقد حصل مرشح حزب العدالة والتنمية على نسبة 48.23 % من الاصوات. وحصل مرشح نفس الحزب على نسبة 31.54% من الاصوات في قضاء جلي المتاخم لحدود قضاء العمادية في محافظة دهوك. والاغرب أن مرشح حزب الرفاه الجديد قد حصل على نسبة 54.35% من مجموع أصوات ناخبي (درجييك) المتاخم لحدود قضاء ميركسور في محافظة أربيل، وجاء بعده مرشح حزب العدالة والتتمية ومن ثم مرشح حزب ظفر وبعده مرشح الحزب الجديد (IYI)، و أخيرا مرشح حزب السعادة. في حين أنها منطقة حدودية نائية لم يكن قد عاش أو يعيش فيها أي شخص من القومية التركية منذ الازل و لحد الان.
10-أقدمت الحكومة التركية ومنذ أندلاع الازمة السورية على منح الجنسية التركية لعشرات الالاف من السوريين وايضا عدد أقل من الليبين والعراقيين، وأغلبهم من حاملي الشهادات أو هم تجار ورجال أعمال. وولاء أغلب هؤلاء هو لاحزاب الاسلام السياسي، وبالتالي فأنهم يصوتون لحزب العدالة والتنمية بالدرجة الاولى ومن ثم لاحزاب أخرى كحزب الرفاه الجديد. وتأثير تصويت هذه الكتلة مؤثر بشكل واضح في عدد من المحافظات خاصة في محافظة غازي عنتاب وأسطنبول وهاتاي (الاسكندرونة).
11-التضييق أمام الدعاية الانتخابية للحزاب الكوردية، وعدم فسح المجال أمام تلك الاحزاب لممارسة حريتها في الحركة والنشر والاعلان لدعايتها الانتخابية قياسا للاحزاب التركية، بالاضافة الى الاتهامات المستمرة لهم ب موالاتهم للارهاب وحزب العمال الكوردستاني، وأن أغلب المناطق الكوردية هي مناطق عسكرية تخضع للاجراءات الامنية.
12-هنالك هجرة مستمرة من المناطق الكوردية الى المتروبولات التركية خاصة الى أسطنبول وأزمير وأنطاليا وميرسين وأدنة وبورصا نتيجة للعمليات العسكرية والامنية المستمرة في المناطق الكوردية، وعدم توفر فرص العمل للشباب في تلك المحافظات، على عكسها في المناطق الاخرى من تركيا. وتكون ذلك ضمن أهم اسباب أنخفاض الكتلة التصويتية للاحزاب الكوردية، وبالتالي أنخفاض عدد المصوتين الكورد في المحافظات الكوردية مقابل أرتفاعها في المحافظات التركية.
13-يبدو أن الطريق أمام حزب المساواة والديمقراطية (DAM ) لا زال طويلا للحصول على ثقة ناخبي عدد كبير من المحافظات الكوردية. حيث لم يستطع هذا الحزب دخول المنافسة الفعلية في المحافظات التالية (قرس، أردهان، ارضروم، بينغول، أرزنجان، اديامان، ملاطية، أورفا، غازي عنتاب، ألازيغ، مرش، كلس، سيواس). ولعل في مقدمة أسباب هذا الاخفاق هو عملية التدريب المستمرة وتوطين الاتراك والتركمان في هذه المناطق، وتهجير سكانها لغرب تركيا، هذه العملية مستمرة منذ أكثر من مائة سنة. لذلك على حزب المساواة والديمقراطية دراسة أسباب أخفاقها في المنافسة الانتخابية في تلك المحافظات بجدية، وأن تضع خططا واقعية لكيفية تجاوز هذا الامر والحصول على ثقة ناخبي هذه المحافظات رويدا رويدا. ويكون ذلك مثلا بترشيح أشخاص مستقلين معروفين بالنزاهة والانتماء الكوردي، أو التحالف مع أحزاب أخرى كحزب الشعب الجمهوري أو غيرها. بحيث يستوجب وضع خطط لكل محافظة وقضاء لوحدها. ومع كل ذلك فقد تمكن حزب المساوات والديمقراطية من تجاوز هذا الامر جزئيا حيث فاز مرشحي هذا الحزب في قضائين في محافظة قرس، وثلاثة أقضية في محافظة أرضروم وسبع أقضية في محافظة أورفا وقضاء واحد في محافظة الازيك.
14-يبدو أن أساليب الحكومة التركية لم تعد تنفع في فرض واقع خلاف أرادة الناخبين وهذا ما جاء في كلمة السيد رجب طيب أردوكان بعد أنتهاء عمليات العد والفرز بقوله بأن نتائج الانتخابات البلدية لا تعتبر نهاية الدنيا، على الرغم من التاكيد على الاستمرار في محاربة الارهاب والارهابيين على حد قوله. وقد تبين بشكل أوضح مع قرار المحكمة بخصوص مرشح حزب المساواة والديمقراطية في (وان) السيد عبدالله زيدان بمنعه من مزاولة مهامه حيث هب أبناء وان وهكاري وغيرها بالنزول الى الشارع لرفض هذا التعدي على حقوق وأصوات الناخبين في (وان). لانه تم توجيه هذا الكتاب الى مفوضية الانتخابات نهاية دوام يوم 29/3/2024 أي قبل الاقتراع بيوم واحد فقط، لكن هذه الهبة الجماهيرية أثرت على قرار المفوضية للبت في الطعن المقدم من السيد عبدالله زيدان أمامها بشكل عادل و لصالحه، علما أن السيد عبدالله زيدان هو من أبناء أغاوات عشيرة بنيانش الكوردية الكبيرة المنتشرة في محافظتي هكاري ووان، وأنه قد حصل على 245573 صوتا وبسبة 55.48% من الاصوات. في حين أن مرشح حزب العدالة السيد (عبدالاحد ارفاس) الذي هو سليل عائلة دينية موالية للحكومات التركية منذ القدم، قد حصل على 120147 صوتا وبنسبة 27.15% من الاصوات. هذه الانتفاضة الجماهيرية لم تكن ضمن توقعات حزب العدالة والحكومة التركية خاصة أنه شارك فيها نسبة من مؤيدي حزب العدالة والتنمية نفسه في المناطق الكوردية، مما كان سببا واضحا في قرار مفوضية الانتخابات التركية بأرجاع الحق لصاحبها ليبدأ السيد عبدالله زيدان بممارسة مهامه كرئيس بلدية مدينة وان المتاخمة لايران ذات الاهمية الجغرافية والاقتصادية، والتي تدخل يوميا من المعابر الحدودية مع أيران مئات المواطنين الايرانيين لغرض السياحة في حدود محافظة وان.

في الختام يتبين من العرض أعلاه أن الخارطة السياسية قد بدأت تتغير في تركيا بأتجاه تعزيز ثقل ومساحة تأثير حزب الشعب الجمهوري، وتراجع شعبية حزب العدالة والتنمية. في حين كان هنالك زيادة طفيفة في نسبة أصوات حزب المساواة والديمقراطية قياسا ل للاحزاب الاخرى في المناطق الكوردية، مع أنخفاض عدد أصوات الحزب، لكن بزيادة تأثير كتلته التصويتية في تغيير نتائج الانتخابات في المدن التركية الكبيرة وخاصة في أسطنبول لصالح منافسي حزب العدالة. مع صعود ملحوظ لحزب الرفاه الجديد وحصوله على المرتبة الثالثة، مقابل تراجع شعبية الاحزاب القومية التركية. مما يعني أنه وبسبب نتائج هذه الانتخابات فأنه على حزب العدالة والتنمية التفكير مليا في موضوع التعديل الدستوري الذي يهدف الى فسح المجال أمام السيد رجب طيب اردوغان للترشح مرة أخرى لمنصب رئاسة تركية سنة 2028. بالاضافة الى أنه في حال أستمرار نفس الظروف السياسية والاقتصادية والدولية الحالية فأن حظوظ أستمرار حزب العدالة للبقاء في المرتبة الاولى في تركيا قد أصبحت في مهب الريح.

#سربست_مصطفى_رشيد_اميدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات