أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - المأزق الأمريكي البريطاني















المزيد.....

المأزق الأمريكي البريطاني


خالد عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 527 - 2003 / 6 / 28 - 13:43
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 


كاتب عربي يقيم في وارسو

بعد مقتل الجنود البريطانيين الستة في المجر الكبير زاد الضغط على حكومة بلير من أجل وضع استراتيجية للخروج من العراق. وقد كان ميجر رئيس الوزراء البريطاني السابق واضحا في مطلبه حينما أكد " أننا نحتاج لأن نتحدث عن استراتيجية خروج ( من العراق ) بحيث يرى أولئك الناس الذي ينشرون الدعاية بأننا سنبقى لمدة طويلة بأن حججهم مدحوضة بحقيقة أننا نتحدث علنا عن استراتيجية للمغادرة ". فلم يعد الضغط قاصرا على فئات من أقصى اليسار البريطاني، بل يتقاطع التعبير عن الرغبة في وضع خطة للخروج من المأزق العراقي بين الفئات السياسية البريطانية المتنوعة التوجهات.

لكن مقتل الجنود البريطانيين ليس السبب في هذه الدعوة، وإن كان المناسبة للجهر بها من أطراف مختلفة. وقد أثبت غزو العراق حتى الآن أنه كارثة سياسية وإعلامية للولايات المتحدة وبريطانيا، وهما يتخوفان أن يكون كارثة عسكرية واقتصادية. لقد بنى بوش وبلير، على ما يبدو، استراتيجيتهما على أن ممارسة الإفك السياسي في إعداد العالم لقبول حربهما ضد العراق سيذهب به إلى ديار النسيان قبول هادر من جماهير الناس في العراق بمن حرروهم من ظلم كبير كان واقعا بهم على امتداد عقود طويلة. وتظهر قناعة الأمريكان بحصول الترحيب العراقي بهم أنهم لم يخططوا لاحتمال وقوع البديل الأسوأ.

وحينما شرعت جماهير العراقيين المليونية تصرخ مطالبة بمغادرة قوات الاحتلال لبلادها أسقط في يد الأمريكان. وحينما بدأ العراقيون يرفضون التعيينات الأمريكية والبريطانية بمظاهرات الاحتجاج غالبا، وبالطلقات أحيانا زاد حنقهم. وبات العري الأمريكي البريطاني من رداء الترحيب الجماهيري كاشفا لكل العورات الأخرى. حينذاك أصبح البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق هواية مفتشي الأمم المتحدة،  وملاحقة معارضي الحرب، بل واهتمام قسم متزايد من النخبة في كلا البلدين. وأصبحت القضية تهدد مستقبل بوش وبلير السياسي، بعد أن أطاحت بسمعة بلديهما على المستوى العالمي.

وقد امتزج التمرد والاحتجاج السلميين للعراقيين بتصاعد المقاومة المسلحة، حتى بات يتعرض الأمريكان في مواقعهم ودورياتهم إلى هجمات مسلحة تعادل اثني عشر هجوما يوميا. وأراد الأمريكان أن يصرفوا الأنظار عنها بالزعم أن هذه الهجمات يقوم بها فلول النظام السابق.

ولكن هذه الدعاوى لم تعد تقنع أحدا، لأن مظاهر الاحتجاج العام على الاحتلال ممارسة يومية وشاملة لكل العراقيين. كما أن ممارسات وتصرفات قوات الاحتلال الأمريكية أصبحت روايات الصحف حتى الأمريكية. ثم إن فلول النظام التي تخلت عنه في معركة بغداد حينما كانت خيوطها بين أصابعه، ليس من المعقول أن تبادر إلى رفع رايته بعد أن أصبح مطاردا يلتقط أفراده البارزين بين ساعة وأخرى.


 وقد حاول الإعلام الغربي تسليط الأنظار على الأحداث في مناطق السنة لإثبات مقولته. وجاءت حادثة المجر الكبير بحكم حجمها لتكشف عن أن المقاومة شأن عراقي شعبي، وليس شأنا مذهبيا. بل ربما معارضة الشيعة أكثر فعالية وتأثيرا في الرأي العام في هذين البلدين. فقد كانت محل ظلم النظام وملاحقة زبانيته. وحينما يطلق آية الله السيستاني فتواه بعدم التعاون مع قوات الاحتلال فليس محل ظن أنه من فلول النظام، تماما حينما تقتل عشائر الجنوب المتعاونين أو الجنود البريطانيين فلن يصدق أحد مقولة فلول النظام. هذه هي أهمية الأحداث في البصرة والناصرية والعمارة والمجر الكبير والكوت والحلة.

لقد بدت الحرب على العراق قبيل وقوعها استثمارا استراتيجيا مجديا، السيطرة على النفط التي ترسخ الحملة الأمريكية للهيمنة الكاملة على العالم، وتساقط كل المعارضة للحل الإسرائيلي. فإذا بالأمريكان لا يستطيعون ضخ النفط من حقول العراق في الأنابيب القديمة ناهيك عن أن يضخوها في الأنابيب الجديدة. وإذا بأمريكا التي كانت تظن تساقط الورقة الفلسطينية تضغط على أوروبا كي تضغط على حماس حتى تعلن هدنة. وحينما يستمع المرء إلى بوش يتحدث عن حماس يظن أنها أصبحت قوة عظمى. لكن الحقيقة الساطعة أن القوة العظمى لا تجد طريقها كما تصورت في بلاد العرب، فقد ظنت العرب ظلالا لحكوماتهم. فهي تسير الآن في المنطقة خبط عشواء، تهديد للقوى الفلسطينية، وتهديد لسوريا وإيران.

وهذا شأن من قد خاب ظنه وأحبط مراده لا يملك إلا أن يرعد ويزبد. وتبدو الحماقة الأمريكية في أجلى صورها. فهي تهدد إيران وسوريا والفلسطينيين أن يقبلوا هيمنتها سلما أم حربا. وهي تظن أن بإمكان سوريا وإيران أن يطفئوا أوار المقاومة في فلسطين، وأن يئدوا شعلتها في العراق. وحالها كمن يريد أن يقتل غريمه دون أن يخدش منه. كما أن قصر نظرها في ظنها أن المقاومة تحتاج إلى إذن. ولو افترضنا أن حماس خنعت، فهل سيعجز الشعب الفلسطيني أن يجد حماسا أخرى. ولو خضعت إيران وضغطت على المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، فهل سيعجز الجنوب العراقي أن يصنع مجالس أخرى للثورة الإسلامية.
 كم هو متهافت الظن أن الأحزاب تولد المقاومة، وليس المقاومة هي التي تصنع الأحزاب.

ولا أظن أن القيادات الحزبية الرئيسية العراقية لا تعرف أنها تخاطر بالتردد في إعلان المقاومة، أن تجد نفسها على قارعة الطريق حينما تتخطاها قوى المقاومة المتصاعدة. بل أن الفصيلين الكرديين سيجدان إن لم يركبا موجة المطالبة بخروج الاحتلال من العراق فصائل تخرج من رحم كردستان العراق تنادي بخروجه. هذه هي دروس التاريخ البعيدة وعبره القريبة.

ولأن بريطانيا مجرد تابع لأمريكا، فقد بدأت النخبة فيها تستفيق على عدم جدوى الاستثمار الأمريكي في العراق. وأخذت ترى أن المستنقع واسع ووحله عميق، وأن من التبصر النظر في كيفية الخروج قبل أن تزداد الكلف. وحديث ميجر يدل على حنكة سياسية، لأنه يرى أن إعداد جدول الخروج من الآن يقلل من حجم الكارثة السياسية والعسكرية والاقتصادية. فالخروج المبرمج لا يشي بالضعف، وقد يعبر عن حسن النية.
 بينما الخروج القسري كما حدث في جنوب لبنان فهو يدل على الهزيمة ويشجع الجميع ضعاف الإرادة وأقويائها على التمرد. وليس العراق فيتنام، فالفوضى التي خلفتها أمريكا في فيتنام كان لها أثر قليل على مصالحها ومصالح أوروبا. غير أن الفوضى في العراق التي قد تطول المنطقة إن طال مكوث الأمريكان وعنادهم سيلحق الضرر بالأمريكان وبحجم أكبر بالأوروبيين.

لقد أصبح الأمريكان والبريطانيون في ورطة حقيقية. فالخروج السريع وئد لمشروعهم الاستثماري، وإخفاق للاستفراد الأمريكي. أما التلكؤ في الخروج الذي قد يفرض الخروج القسري مستقبلا  فنتائجه بالغة القسوة ليس أقلها تهديد الوجود الإسرائيلي. ويقف بوش وبلير الآن أمام بديل قصير الأجل قد يطيح بطموحاتهما السياسية، وبديل طويل الأجل قد يقصف ظهر المصالح الأمريكية في المنطقة، النفطية والإسرائيلية. هذا ما نحتاج لمراقبته.
                                              

كنعان



#خالد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشهد العلاقة بين ضفتي الأطلسي
- تنفيذ خريطة الطريق الحقيقية
- قمة إيفيان: خريطة طريق إلى أين؟
- خريطة الطريق : الانتقام من الانتفاضة
- تغيير الخريطة العربية: منطقة التجارة الحرة
- تأمين الغنيمة
- زيارة أم احتلال أمريكي للعراق!
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- العجلة الأمريكية لرفع الحصار عن العراق
- مستقبل الجامعة العربية
- الإخفاق الأمريكي الذريع
- قمة بوش وبلير
- معذرة بغداد
- تطور مدرسة الحيل الشرعية العربية
- الديمقراطي الفلسطيني
- قمة تسليم مفاتيح بغداد
- الإفلاس السياسي للقيادة الفلسطينية
- مبدأ بوش: الحياة يستحقها الأقوياء فقط
- الديمقراطية الأمريكية


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - المأزق الأمريكي البريطاني