|
إلى كل من يدعو نفسه قيادياً
هشام محمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 1755 - 2006 / 12 / 5 - 06:39
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الأمة بإحادها والدولة برجالها كان يعتقد افلاطون (حسب جمهوريته) ان الرجال (القادة) الذين يجب ان يسيروا الدولة هم الفلاسفة الذين يصل احدهم إلى درجة فيلسوف بعد ان يجتاز ثلاث مراحل دراسية يكون بعدها قد تجاوز الخمسين عاماً. اما الأحاد، فلا اجروء على التحدث عنهم، واستغرب كثيراً عندما يخبرني احدهم أن فلان يقول بأنه واخر الوحيدان اللذان يعتبران (أحدان) الأمة الديمقراطية في الشرق الأوسط، أو من يقول عن نفسه مفكراً من الطراز الراقي! حسب علمي، المفكر هو من صاحبُ إبداعٍ أصيل، فكم من منتجي الفكر الأصيلِ نملك؟ الكلام كله يقودوني إلى الأسف على تخلف مجتمعاتنا التي تصنع من المُحاضر مفكراً، وتطلقُ على المدير المتعسكرِ قائداً.
سأتطرق حسب العلوم الإجتماعية والعُرف المعرفي إلى القيادة التي طالما اعتقدت بأنها إحدى اكبر النواقص التي واجهتها البلدان التي آلات كما آلا الحال عليه في العراق، فالرجل المناسب في المكان المناسب لايعني ان يضع احدهم (س) في المكان (ص) لأنه يناسبه، بقدر مايعني ان يعرف (س) اي الأماكنِ انسب لهُ.
القائد هو الإنسان الذي يملك السلطة التي هي حسب تعريف (روبرت دال) تعني "قدرة شخص على التحكم في ردود فعل شخص اخر" اي ان السلطة مستندة على العامل السايكولوجي من خلال ان تؤثر وان تتأثر أيضاً، معظم التعاريف الموجودة عن القيادة تقول بأنها "عملية التأثير في الناس وتوجههم نحو هدف معين" وهذا الكلام لا ينطبق بأي شكل من الأشكال على الروؤساء الذين ينهون حديث مروؤسيهم المختلفين عنهم بالرأي من خلال إسكاتهم إستناداً إلى الصلاحيات المسنودة لهم.
القائد هو الشخص الذي يتسم بالود والأحترام، الإخلاص، التضحية، الشخصية القوية التي لا تعاني من ازمات نفسية مستمرة، وهو يعمل على تنمية قابليات وقدرات أعضاء فريقه، وهذا غالباً ما لايُطبق في مجتمعاتنا التي فيها "القائد" يعمل قدر الإمكان على عدم وصول مصادر المعرفة إلى من هم دونه، خوفا من المنافسةِ او من ان تذهب عنه هالة العبقرية التي صنعها لنفسه، او ان يكون قد صنعها له بائع الخضر الذي غالباً مايتحدث له "السيد" عن الديمقراطية وأهمية ان تمارس كسلوك، لا مجرد شعار، فيبقى هو "القائد". هذا النوع من "القادة" سيتحول بسرعة كبيرة إلى دكتاتور متعجرف من خلال الإعتقاد بأنه "قائد ضرورة" بالنسبة لِما ولمن يقود، وقد تكون صحيفةً او او مؤسسة اوحتى دولة، إذا ما وجد حوله إثنان فقط يغذون غروره بتأيديهم الدائم "لعبقريته" التي لولاها لأنهارت المؤسسة.
أثبتت الدراسات وجود علاقة قوية بين سلوك القائد و قدراته القيادية و من أنواع السلوك التي تم دراستها موازنة القائد بين اهتمامه بأعضاء الفريق و اهتمامه بأداء مهام العمل التي أثبتت ان لا وجود لتعارض بينهما، إذا ماكان القائدُ حاملاً للصفات التي تؤهله للقيادة. وهذه الدراسات قد قالت بوجود اربعة أنواع من القادة: 1. القائد الذي يعنى بالفريق و بمهام العمل 2. القائد الذي يعنى كثيرا بالفريق و قليلاً بمهام العمل 3. القائد الذي يعنى كثيرا بالعمل و قليلاً بالفريق 4. القائد الذي يعنى قليلا بالعمل و الفريق وجدت الدراسات أن الأداء الأفضل من حصة الفرق التي تتصف قيادتها بالعناية بالفريق و بمهام العمل في آن واحد.
إذا ما استثنينا كل مايتعلق بالصفات المطلوبة من الشخص ليكون قائداً وحسب المدارس المختلفة، ابتداءً من الحركات الجسدية والخصائص النفسية التي يجب ان يمتلكها، وانتهاءً بالموهبة، الوراثة والكارزما، فلا يمكننا ان نستثني ان القائد يجب ان يكون قادراً على التعامل مع مختلف المواقف وكافة انواع الشخصيات.
ليس من الضرورة ان يعرف القائد كل شيء وان يكون في كل شيء قائداً، وان يقولب نفسه داخل قوالب يخترعها لنفسهِ، تصل حد ان يمنع زوجته او مقربه من كل اشكال المزاح معه امام موظفيه، معتقداً ان التعالي سيخلق منه قائداً، حسب علم نفس الشواذ فالذين على هذه الشاكلة يكونون تحت الضغط النفسي المستمر بسبب ميلهم إلى المنافسة المفرطة، وقد يسبب ذلك عدم رضاهم المستمر عن ماحولهم من امور، وبعضهم يذهب إلى التذمر والشكوى ظاناً أن معرفة مروؤسِه بكثرة "مشاكله" سترفع من شأنه، وهذا غير صحيح، بل وقد يتسبب تذمر القائد (خاصة وإن كان كثير التذمر) إلى تقليل إحترام من يقوده له.
الأهم هو ان يعرف المرء هل هو قائد يستحق اللقب من خلال مقدرته الشخصية على التأثير في دفع الفريق نحو تأدية المهام بروح الحماس والوحدة؟ ام هو مدير يستمد اللقب من خلال المنصب الرسمي الذي يشغله وهو الدائم العودةِ إلى صلاحياته لأجل ان يؤدي الفريق المنقسِمُ إلى تكتلاتٍ عدة، لمهامه دون بقاءِ حس الأنتماء لديه لهذه للمهام؟. أقول لِمن سُنِحت لهم فرصة القيادة، اتعضو التاريخ واتقوه، ولن اطيل لأن اللبيب بالإشارةِ يفهمً وإشارتي لِمن يدعون القيادة.
#هشام_محمد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكرد والإنسلاخ عن الإسلام
-
بحث حول الايزدية - اليزيدية
-
صراع المصالح في كوردستان العراق
-
ثقافة السلطة والثقافات الصغيرة...نعمة ام نقمة؟
-
أستشراء العنف
المزيد.....
-
-خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس
...
-
أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|