أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رحيم العراقي - فن الحياة















المزيد.....

فن الحياة


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1755 - 2006 / 12 / 5 - 06:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مؤلف كتاب فن الحياة هو البروفيسور لوك فيري واحد من أشهر فلاسفة فرنسا المعاصرين والذي كان وزيراً للتربية والتعليم في حكومة جاك شيراك حتى أمد قريب. وكان قد نشر سابقاً عدة كتب لاقت رواجاً كبيراً داخل فرنسا وخارجها. ذلك أن الرجل مترجم إلى أكثر من خمس وعشرين لغة أجنبية، وقد اشتهر بمقدرته على الكتابة الواضحة في مجال مشهور بغموضه وصعوبته: هو مجال الفلسفة. فهو من أفضل من يبسّط النظريات الفلسفية الأكثر تعقيداً.
وعلى هذا النحو يتمكن الطلاب من قراءتها وفهمها دون صعوبة تذكر. من بين كتبه السابقة يمكن أن نتحدث عن تاريخ الفلسفة السياسية (في ثلاثة أجزاء). ويمكن أن نذكر أيضاً كتابه عن فيلسوف الألمان هيدغر بعنوان: هيدغر والمحدثون. وكذلك كتابه: لماذا نحن لسنا نيتشويين، الخ. وفي هذا الكتاب الجديد يحاول لوك فيري أن يشرح لابنته الشابة وكل من هو في سنها تحولات الفلسفة منذ عصر اليونان وحتى يومنا هذا. والواقع أنه أهدى الكتاب إلى بناته الثلاث: غابرييلا، ولويزا، وكلارا. يتألف الكتاب من مقدمة وستة فصول وخاتمة. وكل فصل يتفرع إلى عدة فقرات. الفصل الأول يحمل العنوان التالي على هيئة تساؤل: ما هي الفلسفة؟ وهنا يقدم المؤلف عدة تعريفات بعد أن يقول: ليس من السهل تعريف الفلسفة. والواقع أن لها تعريفات عديدة. ولا يزال الفلاسفة حتى اليوم مشغولين بتعريفها دون أن يتوصلوا إلى رأي واحد مجمع عليه.
فالبعض يقول إن الفلسفة هي ذلك العلم الذي يدربنا على الفكر النقدي والاستقلالية العقلية. وبالعض الآخر يقول بأنها المنهجية التي تعلمنا الفكر الدقيق والصارم. والبعض الثالث يقول بأن الفلسفة هي عبارة عن فن التفكير المنطقي أو العقلاني، الخ. ولكن الفلسفة في الواقع تهدف إلى تقديم خلاص للإنسان على هذه الأرض. من هنا التنافس الحاصل بين المشروع الفلسفي والمشروع الديني على مدار التاريخ الأوروبي. فالدين أيضاً يقدم خلاصاً أو عزاء للإنسان الذي يعرف أنه سيموت لا محالة.
ثم يردف لوك فيري قائلاً: لقد عرّف بعض فلاسفة الإغريق الفلسفة بكلمات بسيطة قائلاً: إنها الفن الذي يعلمنا كيف سنموت. المقصود بأن الفلسفة تدربنا على قبول فكرة الموت التي يصعب على الإنسان القبول بها عادة. وبالتالي فالفلسفة تقدم لنا الحكمة العميقة التي تقنعنا بضرورة الموت أو على الأقل بضرورة القبول به على الرغم من كل شيء بصفته قدراً محتوماً لا مفر منه.
ولكنني أنا أقول إن الفلسفة على العكس تعلمنا فن الحياة: أي كيف نعيش ونتصرف بشكل ذكي وحكيم في الحياة. أقول ذلك ونحن نعلم أن مفاجآت الحياة كثيرة، وكذلك مصائبها وكوارثها. وبالتالي فالفلسفة تجعلنا نقبل بهذه الكوارث أو بالأحرى تمكننا من مواجهتها بكل رباطة جأش وبدون خور أو جبن.
إنها تساعدنا على تبديد الخوف والقلق والهلع الذي يعترينا ما إن تصيبنا مصيبة أو نتعرض لحادث ما. فالذي يفقد أخاه أو أباه أو أي شخص عزيز عليه قد يفقد توازنه إذا لم يكن مسلحاً بموقف فلسفي ما. ولهذا السبب قلنا بأن الفلسفة هي عزاء للإنسان في عالم مليء بالمخاطر والمفاجآت.
ثم يردف المؤلف قائلاً: هناك ثلاثة جوانب للفلسفة. الجانب الأول نظري، وهو يشرح لنا تركيبة العالم وسر الكون. والجانب الثاني عملي أو أخلاقي يشرح لنا كيفية التصرف في الحياة وأنواع السلوك. والجانب الثالث يخص الحكمة وهو يشرح لنا كيفية الخلاص أو النجاة.
والواقع أن الدين ينقذنا عن طريق الإيمان الذي يدخل السكينة والطمأنينة إلى قلوبنا. هذا في حين أن الفلسفة تنقذنا عن طريق العقل. وبالتالي فالمشروعان متكاملان في نظر البعض، ومتناقضان في نظر البعض الآخر. فالخلاص الديني غير الخلاص الفلسفي، أو قل أن مفهوم الخلاص في الدين غير مفهومه في الفلسفة.
أما الفصل الثاني من هذا الكتاب القيم فيتخذ العنوان التالي: أحد نماذج الفلسفة اليونانية، حب الحكمة لدى الرواقيين، وهم فلاسفة دعوا بهذا الاسم لأنهم كانوا يجتمعون في رواق معين للتفكير في شؤون الدنيا والحياة والموت. وكانوا يقولون بأن على الإنسان أن يتقبل كل ما يحصل له حتى ولو كان سيئاً لأن هناك حكمة ما وراء كل ذلك.
فلا شيء يحصل في هذا العالم إلا بعقلانية معينة أو لسبب ما قد نجهله في معظم الأحيان. وبالتالي فلا داعي للتذمر والشكوى أو النواح والعويل إذا ما أصابتنا مصيبة ما، وإنما ينبغي أن نتقبل كل ذلك برحابة صدر. فما الفائدة من البكاء على الأطلال؟
وهو موقف صعب لا يقدر عليه إلا القليلون. ولكن إذا ما درّبنا أنفسنا على الحكمة والتحمل والجلد فإننا نستطيع التوصل إلى الموقف الرواقي الصبور جداً والمتقبل لكل ما يأتي به القدر.
ويقول الرواقيون بأن علينا ألا نخشى الموت كثيراً لأننا جزء من هذا الكون وسنعود إليه بعد أن نموت وإن بشكل آخر. وبالتالي فلا يوجد موت نهائي أو فناء أبدي في هذا العالم وإنما تحول من حالة إلى حالة. فلماذا الرعب إذن من الموت. هكذا نلاحظ أن الفلسفة اليونانية تسهّل علينا قبول النهاية المحتومة التي تنتظر كل واحد من بني البشر.
أما في الفصل الثالث من الكتاب فإن المؤلف يتحدث عن انتصار المسيحية على الفلسفة الإغريقية. وهنا أصبح الإيمان هو الأهم وليس العقل البشري الخاص. فالإيمان يجبرنا على تحجيم العقل أو بالأحرى تحجيم استخدام العقل وتسليح أنفسنا للمشيئة الإلهية التي تتجاوز كل عقل بشري.
وهنا نلاحظ أن الخلاص لم يعد يحصل عن طريق الاتحاد بالكون أو العودة إليه كما اعتقدت الفلسفة الإغريقية وإنما عن طريق اليوم الآخر والحساب الذي قد يوصلنا إلى الجنة إذا ما رجحت كفة الحسنات على كفة السيئات. وبالتالي فهنا يوجد تصور مختلف تماماً عن مصير الإنسان بعد الموت وعن الخلاص في هذا العالم أو النجاة في الدار الآخرة.
أما الفصل الرابع من الكتاب فيكرّسه المؤلف لدراسة الموضوع التالي: النزعة الإنسانية ونشأة الفلسفة الحديثة. وهنا يتحدث المؤلف عن نظرية المعرفة لدى ديكارت وفلاسفة التنوير الذين جاءوا بعده وبالأخص جان جاك روسو. ويرى المؤلف أن فلسفة التنوير تجاوزت التصور اليوناني والتصور المسيحي للكون والإنسان والميلاد والمصير...
أما الفصل الخامس من الكتاب فمكرس لنيتشه وما بعد الحداثة. وهنا نلاحظ أن صاحب «هكذا تكلم زرادشت» تجاوز التنوير والحداثة وشكل تصوراً آخر هو تصور ما بعد الحداثة. فنيتشه اخترع نظرية العودة الأبدية للشيء ذاته. وبالتالي فلا شيء يموت إلا لكي يحيا من جديد، وكل شيء يعود بطريقة أو بأخرى إلى هذا الكون. فالربيع الذي مرّ قبل مليون سنة سوف يمر بعد مليون سنة، وهكذا دواليك.
أما الفصل السادس من الكتاب فمكرس لفلسفة ما بعد التفكيك: أي لفلسفة لوك فيري نفسه. ولكنه يتوقف مطولاً عند هيدغر ويعتبره أهم فيلسوف في العصر الحديث لأنه اكتشف جوهر الحضارة الحديثة قبل أي فيلسوف آخر ولأنه عرف المخاطر المترتبة على غزو التكنولوجيا لكل مظاهر الحياة.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالم المافيات
- ستالين الطيب
- التلفزيون والإنزال الثقافي الأميركي
- اليوناني الرائي
- لماذا يقتتلون في الشرق الأوسط..؟
- تهافت الديمقراطيات الصناعية
- موسوعة التنوير..غيرت مسار التأريخ
- من نحن؟ تحديات الهوية الوطنية الأميركية
- هكذا تكلم الفيلسوف الماركسي هابرماس
- العالم عام 2020 ..حسب تقرير السي آي أيه
- مواطن الإرهاب الجديدة
- بغداد..الصعود والسقوط
- إستغراق في الديمقراطية
- كاثوليك ..مطلوبون للعدالة
- السيد المسيح..جمهورياً
- الأصولية
- علماء وأنبياء..
- الفكر الإغريقي والثقافة العربية
- تاريخ الاشتراكية الفرنسية
- إبن رشد والإرث الأندلسي


المزيد.....




- الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على ...
- روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر ...
- هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
- الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو ...
- دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
- الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل ...
- عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية ...
- إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج ...
- ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر ...
- خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رحيم العراقي - فن الحياة