|
لماذا مع - التدين بالفطرة - وتضخم - التدين المغروس - انحدرت الأخلاق ؟؟
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7941 - 2024 / 4 / 8 - 23:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا مع " التدين بالفطرة " وتضخم " التدين المغروس " انحدرت الأخلاق ؟ ================================================== وهكذا ، ومرة أخرى ، يظهر 8 أبريل ، وقد نفض عنه تراب السفر الطويل ، ليذكرنى أننى فى مثل اليوم ، أخرجونى من رحم أمى . كالعواصف المجنونة ، يمر الوقت ، اشراقات شمسه وغروبها ، وينسى أن يعطى " الفرح " ، خريطة سهلة للوصول الى مدينتى ، وعنوان اقامتى ، وغرفة نومى . لا يخبره بألوانى المفضلة ، وأغنياتى المحببة ، وذكريات تمنيت عبورها بالذاكرة ، ولا يفشى سر الرجل ، الذى كتبت له توكيلا عاما ، للعيش نيابة عنى . 8 أبريل ، جاء كعهدى به ، بالضبط فى التوقيت نفسه ، ليؤكد أنه منحوت على جلدى ، وملامح وجهى ، وأوراقى الرسمية ، منحنى فصيلة دمى ، وجيناتى الوراثية . لا يمل المجئ ، وترديد الأكذوبة القائلة ، أننى وهو فى عناق دائم حميم ، وأن لولاه ، لكنت حتى الآن كتلة من العدم ، سابحة فى الفضاء . كل سنة ، أحاول أقناع 8 أبريل ، أنه مخطئ . كيف يُعقل أننى وأنا جنين ، محاط بالراحة والأمان ، يأتيه ما لذ ، وطاب من الطعام والشراب ، يقضى الوقت فيما يريد ، ومتى يشاء ، أن أترك كل هذا النعيم ، الى المجهول ؟. عندى جواسيس ، يحملون لى أخبار العالم ، خارج رحم أمى . حروب ، ومؤامرات ، شتائم ، اشاعات ، تهديدات بالقتل والرجم والجلد ، وافشاء الأسرار ، التلصص على شهيق وزفير النساء ، حراس أمن غشاء البكارة ، يتنابون الورديات ، وفى آخر الليل يسلمون التقرير المنتظر من الجميع ، يعلن البشرى .. " كله تمام ، سلم الشرف الرفيع من الأذى ، ناموا فى اطمئنان واسعدوا بالأحلام ". كيف يُعقل أننى ، وأنا جنين ، قبل أن يشتهى لبن العصفور ، كان يأتيه ، فيضا متدفقا ، أن أهجر حضارة العصافير بحنانها ، وغنائها ، وتحليقها فى كل الأرجاء ، لأرتمى على حضارة الصحراء الموحشة ، لا يسكنها الا الغربان والخفافيش والغنم والمعيز . هل فقدت صوابى ، لأخرج الى غابة من اللصوص ؟؟. كل لص ، له تخصصه الدقيق ، وخبرته المتفردة . لص يسرق الكحل من العين ، لص يسرق راحة البال ، لص يسرق البيوت والغسيل المرفرف على السطوح ، لص يسرق لقمة العيش ، آخر يسرق لقمة الحرية .. لص يسرق ماء الفرح ، لص متخصص فى سرقة ماء الشرب ، وآخر تكمن خبرته الطويلة فى سرقة ماء الوجه .غابة شعارها : " الفقر يغنيك عن كل الأشياء " ، و " البطش سيد الأخلاق ". الثامن من أبريل ، يطفئ سيجارته ، يودعنى : " برضه هاقولك كل سنة وأنتِ كما أنتِ "؟. ********************************** هناك تساؤلات تفرضها مقولة : " الشعب المصرى متدين بفطرته ". أولا ، اذا كان الشعب المصرى " متدين بالفطرة " ، اذن هو لا يحتاج أية جرعات اضافية " صناعية " ، " خارجية " ، من التدين ، والوعظ الدينى ، والحث على الايمان . لكن الواقع يشهد تضخما فى البرامج والارشادات والأوامر والنواهى .. الصلوات تُذاع على الهواء مباشرة ، والميكرفونات فى المساجد والجوامع تدخل آذان منْ هم خارج الوطن . واطلالات الشيوخ ، ورجال الدين ، لهم ساعات مخصصة لهم . واعلانات الصابون والزيت والشاى والأكل ، تستخدم الآيات الدينية ، والأزياء الدينية ، لسحب الفلوس من الجيوب . هذا غير تحفيز الناس للتبرعات ، والصدقات ، لعلاج الأمراض ، وبناء مساجد ، أو تقديم مساعدات لضحايا الزلازل ، والحروب . ثانيا ، اذا كان الشعب المصرى " متدينا بفطرته " ، كان من المفروض أن نصبح مجتمعا ، خاليا من الجرائم داخل البيوت وخارجها . ومع " التدين المضاعف " ، الذى أغرق كل شبر فى مصر ، منذ غزوات " الاسلام هو الحل " ، كنا تحولنا الى " واحة أخلاقية " عالمية . ولكن الواقع يشهد خاصة بعد " تديين " ، و" أسلمة " مصر ، تكاثرا فى الكم والكيف ، بشكل غير مسبوق . هذا معناه أن " التدين " ، ليس طرفا أصيلا فى معادلة الأخلاق ، محاسنها أو مساوئها ، وأن " التدين " سواء كان فطريا أو مغروسا ، يؤدى الى نتيجة عكسية تماما . واذا كان هكذا الأمر ، لماذا فشل " التدين "، المخترق الاعلام والثقافة ، والتعليم ، فى السمو بالأخلاق ؟؟. فى أفلامنا ، نشاهد اللص ، أو القاتل ، يستعد لتنفيذ جريمته ، ويطلب الدعاء من أفراد عصابته . وعادى جدا أن نسمع : " اتوكل على الله .. ربنا معاك .. ربنا يجيبك بالسلامة ". يرد المجرم : " هاخطفلى ركعتين عالسريع " . ربما هو مشهد يثير الضحك ، من تناقضه . لكنه أبلغ تعبير عن اهتراء الواقع ، وازدواجياته الأخلاقية الصارخة ، واستغلال الدين للتغطية على الأجواء الفاسدة . حين ينصحنى الناس بمتابعة طبيب ، يقولون عنه : " متدين وبيخاف ربنا " ، أعرف أننى لن أكون بمأمن . لن نتقدم فى مجالات التعليم والاعلام والثقافة والاقتصاد والاكتشافات العلمية والطبية والقانون والتشريعات ، الا اذا استقامت أخلاقنا ، وتركيبة شخصيتنا . لا تكلمونى عن " تنظيف البيئة " ، والأخلاق " ملوثة " بعادم المبادئ ، وتحلل الضمائر المدفونة تحت الجلد ، وقمامة آلاف السنوات ، وغبار أزمنة لم يبق منها ، الا الهيكل العظمى . لا نحتل المراكز الأولى ، الا فى " الكلام دون الفعل " ، و" الأطفال حفظة القرآن " . لا يوجد مجتمع يتكلم طول الوقت ، عن الأخلاق والشرف والدين والتدين ، مثل مجتمعاتنا . ان فاقد الشئ ، هو منْ يعوض غيابه ، بالكلام ، والزعيق ، والشكليات المفرغة من الجوهر . نحتاج أن " نفعل " الأخلاق والشرف ، لا أن تكون كلمات على شفاهنا . ان الصين يبلغ تعداده مليارا ونصف مليون تقريبا ، أى 18 % من عدد سكان العالم ، وهو يفتخر بأنه " بلا دين " ، وأن الديانة الرسمية للبلد ، هى الالحاد ، هل يمكن أن يصفه أحد ب" الانحلال والتدنى والخزى الأخلاقى " ، مع كل انجازاته المتتالية ؟؟. لابد من فتح ملف الأخلاق علنا ، واعادة التساؤل عن معنى الأخلاق ، ومعنى التدين ، والعلاقة بينهما . ولابد أن يصبح مشروعا قوميا ، واضح المعالم ، تقوده التيارات المستنيرة فكريا ، وحضاريا ، المؤيدة للدولة المدنية . أسوأ ما يصيب شعبا ، أو مجتمعا ، أو فردا ، هو " الافلاس الأخلاقى " ، وليس " الافلاس النقدى أو المالى ". صدق " أحمد شوقى " : صلاح أمرك للأخلاق مرجعهُ .. فقوِم النفس بالأخلاق تستقمُ انما الأممُ الأخلاق ما بقيت ... فان همُ ذهبت أخلاقُهم ذهبوا ========================================
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجهر بالافطار فى نهار رمضان من أساسيات الدولة المدنية
-
تمهيد التربة لزراعة المواطن الصالح والمواطنة الصالحة
-
سرير القهر .. احتياج قصيدتان
-
الثمن الذى ندفعه من أعصابنا ودمنا وسعادتنا لنأكل
-
- أمى - ليست ناقصة عقل ودين
-
بائعة الفجل وبائعة الشِعر
-
نعش اللعنات .. استعباد قصيدتان
-
الشيطان .. حبيبتك السابقة قصيدتان
-
هيئة الكتاب أماتت ديوانى الشِعرى قبل ولادته
-
أحبها .. الفرح قصيدتان
-
الطبيب الرومانسى .. قُبلة الحياة قصيدتان
-
أحبنى قليلا .. قصيدتان
-
اضطراب خماسى القطب ... قصيدتان
-
ألا أشتهيك لحظة .. قصيدتان
-
رأس المرأة ,, رأس المال .. رأس السنة
-
لست غاضبة منك .. أربع قصائد
-
كان عنده غسيل .. ثلاث قصائد
-
ماذا أعطيك ؟ .. لم يبق لى شئ .. قصيدتان
-
حضارة - الثقب -
-
تمجيد وتخليد رابطة الدم
المزيد.....
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في
...
-
الجنائية الدولية تحكم بالسجن 10 سنوات على جهادي مالي كان رئي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|