|
طوفان الأقصى يحقق نصرا استراتيجيا في قضايا الضمير الانساني و مناهضة الابادة الجماعية
عبداللطيف النكادي
كاتب وباحث
(Abdellatif Ngadi)
الحوار المتمدن-العدد: 7941 - 2024 / 4 / 8 - 01:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لنعزز أسبوع الضمير الانساني العالمي والتفكير بالإبادة الجماعية بقلم النكادي عبد اللطيف يخلد العالم يوم الضمير العالمي (5 ابريل) ويوم التفكير في الابادة برواندا (7 ابريل) على واقع جديد. فالأسبوع الأول من أبريل كرس دور غزة في انبعاث قوي للضمير الانساني العالمي بتربعها على عطف وتأييد الرأي العام العالمي طوال 6 أشهر. كما شغلت غزة تفكير أحرار العالم حول الابادة الجماعية في يوم مخصص للتفكير في الابادة التي حصلت برواندا. فيما أبت الصهيونية ورغم صدور قرار محكمة العدل إلا أن تضيف الى هزائمها العسكرية هزائم استراتيجية أخرى في أربعينية آرون بوشنل باغتيال فريق المطبخ العالمي وقنبلة هيئة دبلوماسية في دمشق. هزيمة الكيان متعددة الأوجه : فضيحة "انعدام الضمير الإنساني و جرائم الابادة الجماعية و قبح الاعلام وسقوط "الديمقراطية الإسرائيلية " وشوهة الاستخبارات والتكنولوجيا العسكرية التي لفظتها الأسواق. فعلى عاتق المفكرين والأدباء والإعلاميين والفنانين والمؤثرين الأحرار في العالم مسؤولية الفضح والتنديد بممارسات اسرائيل النازية وهي التي يسكنها احفاد الهولوكوست النازي. أن يحرق طيار أمريكي نفسه احتجاجا على حرب ما هي إلا ابادة جماعية و أن تتحدى جماهير الشباب الغربي السلطات المتواطئة وتنتصر عليها بفرض تضامنها عبر مسيرات واحتجاجات لا سابق لها ، فهذا لم يكن ليحدث لولا تحريكه من طرف طوفان الأقصى والدم الفلسطيني الطاهر لضحايا العدوان الأبرياء من أطفال ونساء ومرضى في المستشفيات. وقد شاهد العالم كيف غرق "جيش الدفاع " الصهيوني في تبريرات غير مقنعة عن جريمة اغتياله لعمال اغاثة ساعدوا وقدموا الطعام لمواطنيه قبل أن يتوجهوا لمساعدة الفلسطينيين. فشباب اليوم المتفتح على الثقافات يعرف بسهولة أخبار وآلام الابادات الجماعية منذ محى الرومان سنة 146 حاضرة قرطاج الجميلة واستعبدوا 55 الفا من الناجين ومن بينهم 25 الف امرأة. وتذكرنا النساء اللواتي حلقن شعرهن في الغرب بحلق نساء قرطاج لشعرهن منذ أكثر من ألفي سنة. وهكذا نعيش فضاء للرأي العام العالمي تملؤه مقولات وأعمال وفنون ترتبط بالضمير الانساني العالمي وتغنيه وتجدده. فيما تتنكر اسرائيل لكل حقوق الانسان بما فيها حرية الضمير لتسجن وتقمع رافضي التجنيد. أجل لقد تهاوت السرديات الغربية والصهيونية ومعها كل الامبراطوريات الاعلامية المضللة ونهض المواطن الصحفي كالمارد في الفضاء الأزرق. وهذا بعد ظهور مفاجئ لأداء اعلامي اسرائيلي ضعيف جدا وسخيف وبأكاذيب لا يصدقها لا الأطفال ولا السذج بينما حلق عاليا الاعلام المقاوم طوال ستة أشهر. لقد فقد العدو الصهيوني الرافعة الاعلامية لظنه أن امتلاك الأسهم والرساميل في الشركات والمنابر الاعلامية لا زالت استراتيجية كافية و بالغة مرادها. لهذا سجلت الحرب الاعلامية هزيمة استراتيجية كبرى للصهاينة والغرب. فقد استيقظ الغرب على عالم عايش بأجمعه دولا وشعوبا وفئات اجتماعية وعمرية نبل المقاوم القسامي في تعامله مع الأسرى وبطولات فدائية تخللتها شعارات رسخت في الأذهان كلازمة لن تنمحي. كما انبهر العالم بصبر الضحايا وإيمانهم العميق بالنصر. وفي المقابل سجل العالم صراخ الجنود الصهاينة المفزوعين وهروبهم وسفالتهم التي وثقتها صورهم المفتخرة بجرائم اعتداءاتهم العنصرية على المدنيين والنساء والأطفال الخدج والمرضى والأسرى وفيديوهات بطولات السرقة من منازل ودكاكين في غيبة اصحابها. كما عايش العالم وتجاذب أطراف الحديث مع المؤثرين والمحللين والضحايا والشهود طوال اكثر من ستة أشهر في حين كانت اسرائيل لا تزال تجتر نماذج عفا عنها الزمن تعتمد على ارتكاب جرائمها في غفلة من الرأي العام العالمي (حروب خاطفة تسمح بالتضليل عبر تغطية اعلامية محتكرة من طرف واحد). حرب بأهداف وهمية وإستراتيجية متجاوزة طوال 75 سنة كرس الغرب اسرائيل كقاعدة عسكرية تكنولوجية وظيفتاها تطويع دول الشرق الأوسط وفرض هيمنة الشركات الاستعمارية الغربية على النفط وباقي الموارد المحلية. وظن أن صفقة القرن والتطبيع توجا مجهوداته بنصر استراتيجي. لن استفيض في تحليل الهزيمة العسكرية الكبرى لإسرائيل فقد اشبعنا المحللون العسكريون توضيحات وبراهن عن الحرب اللامتوازية. فأقوى جيش في الشرق الأوسط تأخر عن ركب الزمن بينما طورت حماس استراتيجيتها وتكتيكاتها في جل الميادين وليس فقط في بناء الأنفاق. وأوضح مؤشر هو عدم تحقيق أي هدف معلن للاحتلال وعدم القضاء على المقاومة او تحرير الأسرى. أما قتل المدنيين وتدمير العمران فلا يحقق حل المشكل الأساسي : الاحتلال الاستيطاني في اطار فصل عنصري من جهة وحق مقاومة الاستعمار المعترف به في الشرعة الاممية من جهة أخرى. كما أن عنصرا النصر في الماضي من حرب خاطفة وسيطرة جوية حاسمة اصبحا لا يفيان بالغرض امام الصواريخ والمسيرات والصبر الاستراتيجي المقاوم والفرق الشاسع في تحمل التضحيات بإيمان عميق بنصر الاهي. عمق الكابينيت هزيمته بتعنته في رفض وقف اطلاق النار وجهل تام بالمنظومة الجديدة للحرب والتعلق بنموذجها القديم. فالحرب الامبريالية تعتمد على المنظور الصناعي التكنولوجي الرأسمالي أي الذي تغمره قضايا الكلفة وافق الربح. بيد أننا رأينا جيشا يعتمد على الاحتياط والتدريب على الحرب التكنولوجية الخاطفة في اطار منظومة الصناعة العسكرية يريد اطالة الحرب ولا يعير اهمية الى الموازنة بين الخسائر والكلفة ولا الى الهدف والربح. رأينا بالصوت والصورة جيشا جرارا ثقيلا بطئ التحرك. وفي المقابل هناك مقاومين خفافا لا كلفة لتنقلاتهم. ورأينا الياسين 105 الرخيصة تفجر المصفحة النمر والميركافا الثمينة أو العبوة اللاصقة الأرخص التي يشغلها مقاوم ب "ولاعة " و هو يلبس "شبشب" فيدمر الجرافة D 9. فمن سيحاسب الكابينيت على الفرص الضائعة لو تمت مفاوضات في بداية الحرب ؟ تلك معضلة أخرى تدخل في اطار أفول "الديمقراطية الإسرائيلية " التي فضلا عن خصوصيات الكيان الغاصب تدخل كذلك في تراجع عام للديمقراطية الغربية ( توثق ذلك تقارير الرصد السنوية الأخيرة عن الديمقراطيات) . بل يتميز مسار الديمقراطية الصهيونية " بتشوه أخطر حيث يتم انتخاب قائد تلاحقه فضائح الفساد ويفلت من العقاب بل يكبل السلطة القضائية ويهينها وينتصر في الانتخابات. كما أصبح يتحدى جزء متكاثرا من مواطنيه بالتهديد والمنع والقمع وقتل أسراه واحتقارأهلهم. فطوال هذه الحرب ظهرت بشكل مستفز اقلية فاشية تتلاعب بالأغلبية وتحول الجنود الى مجرمي حرب وقتلة ولصوص. ردات فعل يقودها نخاعهم الشوكي لم يكن للعدو ألباب تدرك معنى مثوله امام محكمة العدل الدولية ولم تستطع النخبة المتسلطة ايجاد منظور ولا استراتيجية ولا مخططات بارعة بل اكتفت كعادتها داخليا بالنفي والكذب والهروب الى الأمام مع تصعيد لجرائم الحرب في تحد بليد للمنتظم الدولي ومحكمته. فهل اصبح مربع القيادة مجموعة من المعتوهين بلا رأس لهم فقط نخاع شوكي ؟ لقد ذكرنى هذا السلوك بدرس العلوم الطبيعية لتلامذة الصف الاعدادي حول الضفدعة التي يقطع رأسها ولكن كلما لمست أجزاؤها بإبرة تحركت أطرافها بسرعة وقوة. فالحقد والإدمان على رؤية الدم والتدمير أمراض توطنت وتورمت في نفسية المستوطنين الصهاينة مما يفسر حضور القتل والتدمير وغياب الهدف العسكري او الاستراتيجي. في الحقيقة هذه الممارسات يوظفها ويغذيها المكر السياسي الانتخابي الذي يلبي فئات مختلفة من الناخبين (مستوطنون، عنصريون، تجار حروب....) كما تغذيه حسابات فردية للإفلات من العقاب ومصالح شركات عالمية تتحين ما تتيحه الحروب من اعادة اعمار واقتناص ممتلكات من افلسوا. فهل تستطيع أوهام شاطئ غزة من استغلال الغاز الى بناء الفيلات والفنادق (كما صرح بذلك السمسار الأمريكي بلينكن) أن تبرر كل ما خسره الجيش والصناعة والأسر الصهيونية ماليا واقتصاديا وبشريا ؟ وهل سيبقى جنود الاحتلال غير واعين بوظيفتهم "كلحم للمدافع " يذبح قربانا لاستغلال الغاز وبناء الفنادق ورشاوى السياسيين ؟ لقد تغير المجتمع الصهيوني وستتعمق خلافاته لأن الخاسرين كثر والرابحون شرذمة من الدكاكين الحزبية السياسية. وإننا نشاهد يوميا ابتعاد يهود كثر عن الدولة المارقة فيما وعى آخرون بتلاعب الايدولوجيا الصهيونية. سيتصاعد هذا المد فما بعد غزة هو بداية التحرير والنصر الحاسم. ومجمل القول ان اخفاقات الصهيونية وانتصارات المقاومة والضمير الانساني العالمي تدل على افول نجم الاستيطان وتبشر بمستقبل التحرير والعدالة. وسيبقى الاحتلال والمقاومة فتيلان للجولة القادمة كما هو الحال منذ 75 سنة خلت. وستكون الحرب القادمة حرب تحرير بالمؤكد لأن المجتمع الاسرائيلي أصبح يعيش بدوره حالة اللاجئين والخيام. كما بدأت تظهر عليه علامات التعب من حالة الحرب الدائمة وكلفتها على اجيال جديدة تحب الحياة وتختلف عن اجيال الرعيل الأول بيد ان الأجيال الفلسطينية والعربية والإسلامية يزيد صبرها وحماسها للتضحية لأنها مظلومة مضطهدة وتريد تحرير الأرض المغتصبة. كما أن الشباب العربي سيعود بقوة لامتلاك انعتاقه بعد كبوة عابرة سببتها الثورة المضادة منذ عشر سنوات. كما ينبئ المسار التاريخي باندحار هيمنة الغرب وليس فقط هيمنة أمريكا. فالهيمنة الأمريكية تلقت بعد الهروب المذل من أفغانستان والعراق مهزلة الحرب الأوكرانية وتعيش الآن ضياع اسرائيل كرأس حربة للإمبريالية. فقد اقبر طوفان الأقصى التفوق السيبراني الكاذب وقوة الاستخبارات الوهمية والميركافا فخر الصناعة وما على أمريكا إلا التفكير في خلق إسرائيل أخرى بعيدا عن محور مقاومتنا الجديد لا شرقهم الأوسط الجديد ولا صفقة قرنهم القذرة « Game Over ». ويبقى كما أسلفنا على عاتق المفكرين والأدباء والإعلاميين والفنانين والمؤثرين الأحرار في العالم بما فيهم على الخصوص اليهود المعادون للصهيونية مسؤولية تسريع التاريخ بالضغط والفضح والتنديد بممارسات اسرائيل النازية وهي التي يسكنها احفاد الهولوكوست النازي.
#عبداللطيف_النكادي (هاشتاغ)
Abdellatif_Ngadi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم تضامنت فلسطين الحرة في 1930 مع المغرب ضد فرنسا و قبل تأس
...
-
الطائرة من الحلم العربي الضائع الى الحلم الغربي النافع محن ل
...
-
قطر2022 عودة الى الاقتصاد السياسي للرياضة
-
ليوطي يرفض نشر اعلان حقوق الانسان والمواطن في المغرب ويرفض م
...
المزيد.....
-
-سقوط مباشر واحتراق آلية-.. -حزب الله- يعرض مشاهد لاستهدافه
...
-
صنعاء.. تظاهرات ضد الحرب على غزة ولبنان
-
فصائل العراق المسلحة تستهدف إسرائيل
-
الديمقراطيون.. هزيمة وتبادل للاتهامات
-
القنيطرة.. نقاط مراقبة روسية جديدة
-
عرب شيكاغو.. آراء متباينة حول فوز ترامب
-
مسؤول أميركي: واشنطن طلبت من قطر طرد حركة حماس
-
إعلام سوري: غارات إسرائيلية على ريف حلب
-
بعد اشتباكات عنيفة بين إسرائيليين وداعمين لغزة.. هولندا تقرر
...
-
هجوم بطائرة مسيرة يوقع قتيلًا و9 مصابين في أوديسا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|