أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كاظم حبيب - لِمَ هذه الخدمات المجانية لدعم غير مباشر لقوى صدام حسين التخريبية؟















المزيد.....


لِمَ هذه الخدمات المجانية لدعم غير مباشر لقوى صدام حسين التخريبية؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 527 - 2003 / 6 / 28 - 13:40
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

لمواجهة نشاط قوى صدام حسين بعد سقوط النظام

الحلقة الثانية عشر

لِمَ هذه الخدمات المجانية لدعم غير مباشر لقوى صدام حسين التخريبية؟
 
انقسم الرأي العام العراقي في الداخل والخارج على نفسه بشأن الحرب على النظام العراقي, ولكنه اتفق على ضرورة الخلاص من النظام الدكتاتوري الذي أهدر كرامة الإنسان العراقي وسلط عليه إرهاباً وقمعاً لا يطاقان, كما دفع بمئات الآلاف من البشر إلى الموت في ساحات الحروب وفي السجون, السرية منها والعلنية, وفي المعتقلات الصحراوية ودهاليز الأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية, وأولئك الذين سيقوا في سيارات الشحن ليدفنوا أحياء أو أمواتاً في القبور الجماعية التي يكتشف منها المزيد كل يوم, كما تسبب بسياساته العدوانية, رغم موارد البلاد الغنية, في نشوء عوز وجوع الناس وحرمانهم الشديد من التغذية الصحية والرعاية الطبية وتأمين الدواء للأطفال ومن العيش في أمن وسلام.
ثم شنت الحرب وانتهت بسرعة أذهلت الكثيرين وسقط النظام الدموي وتنفس الناس الصعداء بأمل العيش في أمن وسلام وكرامة. وتمنى الذين ساندوا الحرب الأمريكية-البريطانية تحقيق حلم إقامة عراق آمن ومستقر ومتطور, وأن يحكم العراق من نسائه ورجاله مباشرة. كما تمنى الذين رفضوا الحرب كوسيلة لحل النزاعات ولم يكن في مقدورهم منع وقوعها, أن يتحقق ما تصوره الآخرون أمراً محسوماً وأكيداً, وقالوا بصوت مرتفع بأن الأصدقاء الأمريكان جاءوا محررين لا محتلين.
واليوم أصبح الجميع يواجهون وضعاً جديداً, صعباً ومعقداً. فيه الملامح التالية:
• إعلان عن وضع العراق تحت الاحتلال الأمريكي البريطاني رسمياً وفق قرار مجلس الأمن رقم 1483. فالقوى التي حررت العراق من دكتاتور مرعب أصبحت تحتله رسمياً وفق إرادة دولية جديدة كانت قد رفضت الحرب أصلاً.
• سلطة الاحتلال وضعت في أجندتها مهمات تختلف عن مهمات القوى السياسية العراقية وهي تسير في تنفيذها على طريقة "إن كنت تريد أرنباً فخذ أرنباً, وأن كنت تريد غزالاً فخذ أرنباً, فحصتك دوماً هي الأرنب شئت ذلك أم أبيت! وفي هذا نوع من استبداد الأقوى لا شك فيه.
• وظهرت في البلاد مجموعات من العصابات العدوانية المسلحة التي حكمت العراق 35 عاماً لتساهم في تعقيد اللوحة في العراق وإعطاء الانطباع وكأن هناك مقاومة شعبية لقوات الاحتلال, وهي ليست سوى جيوب عدوانية مجرمة موزعة في مناطق مختلفة من البلاد. ومن الخطأ الاعتقاد بأن هذه العصابات هي من قوى تدين بالمذهب السني فقط, بل هناك من أتباع المذهب الشيعي من كان مستفيداً من النظام المخلوع, ولهذا فليس مستغرباً أن نجد حالة التنقل لقوى من منطقة إلى أخرى في مقدورها تأمين السلاح لعملياتها أولاً, أو وجود عناصر لها في مختلف المناطق تتحرك تدريجاً لتنفيذ التعليمات في إثارة الفوضى في البلاد وإشاعة عدم الاستقرار ثانياً.    
• وهي لا تتحرك وفق إرادة داخلية فقط, بل هناك قوى أخرى تتحرك أيضاً بهدف إثارة المشكلات في العراق, وهي كما أشرنا أكثر من مرة إلى أنها من قوى الإسلام السياسي المتطرفة, التي تتداخل نهاياتها مع نهايات قوى الإسلام السياسي المعتدلة, خاصة إذا ما انطلقت دعوات من علماء دين تلك القوى المعتدلة تدعو إلى ما يفهم منه تطوير عمليات إقلاق المحتلين والمطالبة بخروجهم حالياً, دون أن يفكروا بعواقب ذلك حالياً. وعلينا أن نفكر جيداً ونمعن النظر بالقوى التي قامت بالعمليات الأخيرة في جنوب العراق. إذ لا بد من فحص مواقعنا ومعرفة ما إذا حصلت تحولات في مواقع بعض القوى السياسية التي كانت, أو ما تزال في العلن, إلى جانب الوضع الجديد.
• وبرزت على الساحة السياسية محاولة من بعض القوى, الذي لم تكن له أرضية سياسية واضحة المعالم في العراق, للبروز وفرض نفسه على الجماهير الشعبية وعلى حساب القوى التي كانت تناضل في الداخل مما أثار حساسية القوى في الداخل مصحوبة بدفع وتشهير القوى المعادية التي كانت تتربص لمثل هذه الممارسات لتكرس الفجوة التي يراد إقامتها بين مناضلي الداخل والخارج.
• وبرزت في الساحة السياسية حالة تنافس غير سليمة ومرفوضة من جانب بعض قوى التحالف المؤيد للحرب بهدف الإطاحة بصدام حسين إزاء القوى التي رفضت الحرب بهدف إبعادها عن المشاركة في التحالفات السياسية الجديدة التي يفترض إقامتها لتتماشى مع الوضع الجديد ومع واقع امتلاك القوى لمواقع سياسية وقاعدة اجتماعية في العراق.
• وشهد الواقع السياسي مسألة أخرى لم يعرفها الكثيرون, سواء أكانت سلطات الاحتلال, وهي بشكل خاص, أم كانت الكثير من الأحزاب والقوى السياسية العراقية التي عملت في الخارج أو حتى التي كانت تواجه المحنة مباشرة, مفادها أن المجتمع العراقي خلال العقود الثلاثة المنصرمة قد شهد تحولات كبيرة سلبية بشكل عام في بنيته وعلاقاته الاجتماعية واتجاهات تفكيره واستعداداته للعمل السياسي وثقته بالأحزاب السياسية وأوضاعه النفسية ورغبته الصادقة في الحصول على الهدوء والاستقرار والتمتع بالحياة بعد حرمان مديد طال أجيالاً.
• كما أن هذه العقود المنصرمة لم تكن مقرونة بالدكتاتورية القاهرة في مجال العمل السياسي فحسب, بل كانت مقرونة بغسل الأدمغة ونشر الفكر الظلامي والعنصري والثقافة الصفراء, إضافة إلى تحريم مطالعة الفكر والثقافة الجديدة, فلا فضائيات ولا محطات تلفزة غير محطة بغداد التي تعرض دوماَ ضيفها الثقيل صدام حسين ورهطه, وكذلك التعتيم على الصحافة والمجلات والكتب الحديثة الصادرة في العالم العربي أو الدول الغربية وبقية بقاع العالم. فالشعب العراقي كان حبيس فكر البعث وثقافعه الصفراء. ولذلك لا من الاعتراف بوجود فجوة كبيرة ومحزنة بين فكر أجيال الخمسينات والستينات حتى منتصف السبعينات نسبياً, وبين الفكر والثقافة التي سادت كلية في النصف الثاني من السبعينات حتى سقوط النظام, وهم في الغالب الأعم شابات وشباب العراق الذي ترعرع في ظل نظام الطغاة والثقافة القومية الفاشية. إن هذه الملاحظة تستهدف لفت الانتباه إلى القوى الواسعة التي توزعت على اتجاهات عديدة, ومنها الغيبية التي أرادت الهروب من الواقع المرير, وهي مستعدة الآن للقيام بعمليات شرسة في محاولة لفرض نفسها مستفيدة من وجود الفراغ السياسي في البلاد, الذي لا يمكن أن يمليه المحتلون.
• ومما يزيد الأمر تعقيداً في ملامح الوضع الراهن الصعوبات الكبيرة التي تواجه إعادة العمل بالكثير من المرافق المهمة أو التي يعاد العمل بها ثم تتعرض لأعمال تخريب متلاحقة, كما في حالة الكهرباء أو الماء أو السفر على الطرق الخارجية أو غياب الأمن في الليالي أو ..الخ.
• إن المشكلات العملية التي تواجه العراق في المرحلة الراهنة ناجمة عن:
1. الخراب الذي تسبب به النظام العراقي قبل الحرب الأخيرة نتيجة سياساته, وهي تشمل الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتمييز المتعدد الجوانب والتركة الثقيلة التي سيبقى المجتمع يعاني منها لسنوات قادمة وفي مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة أو المستويات, والعواقب النفسية والاجتماعية على المجتمع نتيجة اكتشاف المقابر الجماعية وفقدان الأحبة وبأعداد كبيرة جداًُ ومن مختلف القوميات.
2. الحصار الاقتصادي الدولي الذي فرضه مجلس الأمن الدولي, وعجز عن رفعه بسبب رغبة الولايات المتحدة في استمراره حتى وأن كلف الشعب العراقي وفاة أكثر من 600 ألف طفل خلال الأعوام المنصرمة, دع عنك المشكلات الأخرى التي نشأت عنه والتي سيستمر تأثيرها سنوات طويلة لاحقة. وتبقى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا, إلى جانب النظام العراقي, مسؤولتين بشكل مباشر عن استمرار ذلك الحصار والعواقب التي نجمت عنه والأضرار البالغة على الشعب العراقي وعلى أجياله القادمة, رغم رفع الحصار حالياً.
3. الحرب العراقية – الإيرانية ومجازر الأنفال الدموية وغزو الكويت وحربي الخليج الثانية والثالثة وما تسببت به من قتلى وجرحى بأعداد هائلة وتدمير واسع للبنية التحتية والمشاريع الاقتصادية المختلفة والبنايات الحكومية, إضافة إلى التخريب الواسع النطاق للبيئة, وكذلك عواقب الحروب الداخلية.
4. النشاط التخريبي الذي تقوم به بقايا النظام العراقي في مناطق عديدة من العراق والتي لا تترك مجالاً للبدء بعمليات واسعة لإعادة الحياة إلى مجراها الطبيعي المطلوب. وهي ستبقى لفترة غير قصيرة تحاول القيام بعمليات التخريب مدعومة بنشاط القوى الدينية المتطرفة وتأييد القوى القومية والدينية اليمينية في العالم العربي والإسلامي, مما سيقود إلى استمرار التوتر السياسي والاجتماعي والعسكري الداخلي وسيحرم الشعب العراقي من القدرة على تأمين الهدوء والاستقرار وطلب انسحاب قوات الاحتلال من العراق بسرعة.
5. السياسات التي تمارسها قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية في العراق والتي تميزت بعدم معرفة دقيقة للواقع والحاجات من جهة, ووجود أهداف معينة تريد تحقيقها بغض النظر عن الثمن الذي سيدفعه الشعب العراقي بسبب تلك السياسات من جهة أخرى. إن سلطات الاحتلال الأمريكية, التي تتحكم بالوضع في العراق ولديها القرار النهائي, تتصرف اليوم لا بذهنية المحرر للعراق, بل بذهنية المحتل على أقل تقدير. وهو الواقع الذي تردده كثيراً الصحف العربية والكثير من الصحف ووسائل الإعلام الدولية. فسلطات الاحتلال تعمل عن قصد واضح لا لبس فيه لتحقيق الأمور التالية:
• رفضها الالتزام بإقامة حكومة عراقية مؤقتة تستند إلى مؤتمر وطني عام لكل القوى السياسية العراقية التي ناصبت النظام العراقي العداء. وهو المطلب الذي يعبر في الوقت الحاضر عن إرادة الغالبية العظمى من الشعب العراقي ويجسد القدرة على تجاوز المصاعب الراهنة بتكاليف وخسائر أقل وسرعة أكبر.
• وهي تفضل استمرار العمل وفق إدارة أمريكية - بريطانية مباشرة لا تستعين بالخبرات العراقية إلا في الحالات القصوى. وتؤكد الأوساط المرتبطة بقوات الاحتلال بأن سلطة الاحتلال تريد فرض إرادتها على الجميع, بغض النظر عن النتائج المحتملة. وهي غير منفصلة عن سياسة الصقور التي تحيط بالبيت الأبيض والبنتاغون, حيث يعتبر السيد بريمر واحداً مهماً منهم.
• وهي بالتالي لا تستفيد ولا تستشير تلك الكوادر العلمية والفنية والإعلامية والأدبية ومن جميع الاختصاصات التي جمعتهم لأشهر عدة في واشنطن, وعملوا على إعداد الكثير من أوراق العمل أو تدارسوا في ما بينهم ما يفترض أن يقوموا به في العراق, بل أن هؤلاء أصبحوا يعيشون حالة من الغثيان وهدر الكرامة بسبب إهمال الأمريكيين لهم, والرغبة في تحويلهم إلى أدوات طيعة بيدهم ومترجمين لهم. وتثير هذه الحالة أعصاب هذه الكوادر الفنية العراقية ويتمنون أن تنتهي فترة التعاقد معهم, التي تتمدد كل ثلاثة شهور ويمكن فسخ العقد في أي وقت يشاء أحد الطرفين, ليتخلصوا من حالة لا يريدونها لأنفسهم, إذ أنهم الآن يعيشون محنة المثل العراقي القائل "اسمه بالحصاد ومنجله مكسور".
• إن العراقيين بدأوا يحسون بأن إدارة الاحتلال تتعامل معهم من فوق وباستعلاء كبير تماماً. وهذا لا يشمل الفنيين فحسب, بل تجاوزه ليشمل حتى القوى السياسية التي ساندتهم طويلاً ووقفت إلى جانب مشروعهم العسكري في العراق. وهي تقوم اليوم بالتنسيق مع قوى العشائر أكثر بكثير مما تقوم به أو تلتقي مع القوى السياسية العراقية. ويبدو هذا واضحاً من تذمر كل القوى السياسية العراقية من تصرفات سلطة الاحتلال ورئيس السلطة أو الحاكم العام السيد بريمر. وزاد في الطين بلة ترأسه لوفد العراق إلى المنتدى الاقتصادي الشرق أوسطي الذي عقد على ضفاف البحر الميت في الأردن, والغضب الذي أثاره في صفوف العراقيين من مختلف الاتجاهات والمشارب.
• وهناك مشكلات تنبع من قيام بعض القوى السياسية التي كانت تعمل مع البنتاغون وال CIA  , باحتضان البعثيين من العهد الصدامي. ولا شك في أن هذه الوجهة يمكن أن تغطي على نشاطهم المعادي للوضع الجديد في العراق.

إن الإدارة المباشرة للحكم في العراق من جانب قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية تقود إلى عواقب سلبية, خاصة عندما تتهم الإدارة الأمريكية في العراق بأنها تمارس الاستعلاء على العراقيين والتعامل الفوقي معهم وعدم الإصغاء إلى مطالبهم, أو إطلاق الرصاص العشوائي على الجماعات السكانية بعد تعرض قوات التحالف إلى هجمات عدوانية بالسلاح. وردود الفعل هذه تؤدي إلى سقوط قتلى وجرحى عراقيين أبرياء لا ناقة لهم بتلك الاعتداءات ولا جمل,  مما يثير غضب الناس وتذمرهم وارتفاع صوت شكواهم. إن هذه المظاهر يمكن أن تقود إلى ما يلي: 
o  إثارة التذمر و حفيظة الناس دون مبرر مما يشجعها على النشاط المضاد. 
o  الصدام المباشر بينها وبين الجماهير الشعبية, بدلاً من التعاون الوثيق لإلقاء القبض على أعوان النظام النشطين, وخاصة المجموعة القيادية التي ما يزال نصف المطلوبين منهم حراً, علماً بأن عدد المطلوبين لا يشكل سوى الجزء اليسير من المتهمين بأكبر العمليات الإجرامية في العراق ومن أقطاب النظام البارزين.
o إضعاف القوى السياسية التي أيدت الولايات المتحدة في حربها, كما أنه إضعاف لكل القوى السياسية التي ناصبت النظام السابق العداء وعملت للإطاحة به, والإساءة إلى سمعتهم ودورهم السياسي في صفوف الجماهير.
o  تقديم الأدلة الجديدة على أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن تريد تحرير العراق من صدام حسين ولم يكن هذا همها الأساسي, بل كان همها احتلال العراق والاستفادة من ذلك لمصالحها في العراق والمنطقة ولمنفعة إسرائيل بالدرجة الأساسية, إضافة إلى الهيمنة التامة على نفط العراق وخصخصته, رغم رفض الغالبية العظمى من الشعب العراقي والقوى السياسية لهذه الرغبة الأمريكية. وهذا وحده يكفي لإثارة أغلب العراقيات والعراقيين على السياسة الأمريكية- البريطانية.
o  إضافة إلى سقوط ضحايا يومية غير مبررة ويمكن تجاوزها من أفراد القوات الأمريكية وربما البريطانية أيضاً وكذلك من العراقيين . وفي هذه الأفعال تشديد للتوتر السياسي والاجتماعي والعسكري.
o  وكل هذا سيثير أكثر فأكثر الشعوب العربية ويساهم في تنشيط العداء للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا, إذ عندها تبدأ عملية تعبئة جديدة ضد الوجود الأمريكي والبريطاني في العراق. ويجب أن ندرك بأن القوى المعادية للوضع الجديد تدرك بأن نشاطها التخريبي هذا سيساهم في إضعاف مواقع جورج دبليو بوش وبلير في الانتخابات القادمة, وبالتالي ستبذل جهداً مستميتاً لمواصلته.
o إن هذه الظواهر تقود مجتمعة إلى تقديم أفضل خدمة لأعداء استقرار العراق والقوى المناهضة للوضع الجديد لتعبئة الناس ضدهم, وإلى كسب تأييد المزيد من العراقيين لنشاطاتهم التخريبية.


إن ما يجري في العراق يضعنا أمام احتمالين, وهما:
1) إن سلطات الاحتلال لا تريد حتى الآن أن تعي الواقع القائم في العراق وتفهم الوضع النفسي والاجتماعي للشعب العراقي, ولا تريد أن تصغي إلى واقعية المطالب العادلة للقوى السياسية العراقية المنظمة, ولا تريد أن تتعامل بواقعية مع القوى التي يمكنها أن تدفع بالأمور نحو الأمام, بل تسعى إلى تثبيت مواقعها في العراق للبقاء الطويل فيه. وهذه الوجهة بالذات هي التي يمكن أن تقود إلى نتائج وخيمة, بما في ذلك موت وجرح الكثير من جنود التحالف وسكان العراق.
2) أو أن الإدارة الأمريكية تعاني من صراع مراكز القوى المختلفة حول سبل التعامل مع الواقع العراقي والذي يتجلى أحياناً بتبدل المواقف والقرارات بسرعة يربك نشاط الحاكم العام في العراق وسلطات الاحتلال عموماً.
ومن جانبي أرى بأن سلطات الاحتلال تتعرض لضغط الاحتمالين, أي نشوء احتمال ثالث يجمع بين الاحتمالين ويتشابكان في تأثيريهما على الأوضاع الجارية حالياً. إلا أن هذه الاحتمالات لا تساعد على التقدم المطلوب صوب الأفضل, فالعراق بحاجة ماسة وعاجلة إلى إجراء جدي في سياسات الولايات المتحدة, إذ أن السياسة الراهنة لا تكسب الأصدقاء بل تدفع بالقوى الحليفة إلى التخلي عن تحالفها وأنها تكسب المزيد من المناهضين لها. وهو أمر ليس في صالح المسيرة المنشودة لبناء الديمقراطية في العراق.
لا يدور في بالي أي شك في أن الولايات المتحدة يساورها هاجس تدخل القوى السياسية في إيران, وخاصة القوى الأكثر محافظة في الحياة السياسية العراقية والتأثير على قوى معينة فيها, وخاصة تلك القوى التي أقامت علاقات خاصة مع إيران خلال ربع القرن الأخير. إلا أن هذا التدخل القائم فعلاً لا يمكن إيقافه أو منعه بالطريقة الجارية حالياً, بل يزيد من  تأثيره, كما أن مردوده السلبي سيكون أكبر بكثير مما تتوقعه سلطات الاحتلال. ولكن السؤال العادل الذي يجب أن تطرحه على نفسها قوات الاحتلال الأمريكي-البريطاني, ومعها الأمم المتحدة هو الآتي: كيف يمكن مواجهة هذا التدخل المحتمل؟
لا يمكن مواجهة هذا التدخل المحتمل أو القائم فعلاً إلا من خلال الاستجابة السريعة لحاجات الناس الأساسية ومطالبه العادلة وعقد المؤتمر الوطني العام الذي يمكن أن يتسع ليشمل عدداً كبيراً من المندوبين لاختيار الحكومة المؤقتة والتعاون معها لإنجاز بقية المهمات. عندها سنجد حصول اصطفاف مهم في الحياة السياسية العراقية وتحول لصالح المسيرة الديمقراطية في العراق. ينبغي على الولايات المتحدة أن تكف عن الاعتقاد بأنها قادرة على إقامة الديمقراطية في العراق بدون العراقيات والعراقيين وبدون الأحزاب السياسية وبدون التعاون المشترك على مختلف الأصعدة. 
والسؤال الذي يدور في بالي حالياً هو: هل ستستمع سلطات الاحتلال, وقبلها الإدارة الأمريكية, إلى صوت العقل وتبدي مزيداً من الواقعية في مواجهة الأحداث, رغم كونها ما تزال مأخوذة بانتصارها السريع, وهي ما تزال تعتقد بأنها الإمبراطورية الأعظم القادرة على تحقيق كل شيء, وهي التي تمتلك العالم وتمسكه بيديه, وهي الأرقى والأفضل والأمثل والمجسد للخير في العالم, وهي القادرة بمفردها على مكافحة الشر المنتشر في العالم, وأن ألله أقنع الرئيس الأمريكي بقدرته على تحقيق ذلك. إن سياسات العولمة المنطلقة من مواقع اللبرالية الجديدة وقوى المحافظين الجدد المصحوبة بسياسات العولمة الجارية في الولايات المتحدة لا تدلل على  توفر مثل هذه القدرة. ولكن هذا لا يمنع من محاولة النضال في سبيل تعبئة الناس في العراق والعالم للضغط على الإدارة الأمريكية من أجل إجراء تغيير في سياستها الراهنة إزاء العراق والسير وفق أحكام العقل, وإلا فأنها ستقدم خدمة مجانية للقتلة المجرمين ولنشاط عصابات صدام حسين في العراق شاءت ذلك أم أبت, هؤلاء الذين حكموا العراق طوال عقود كانت عجافاً على الشعب العراقي وموتاً مستمراً  لبنات وأبنا وادي الرافدين وكردستان العراق.

برلين في 27/06/2003                                                                  كاظم حبيب          

     



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الدور الجديد الذي يراد أن تلعبه العشائر العراقية في مصلحة ...
- من أجل أن لا ننسى ما فعله الاستعمار البريطاني والنظام الملكي ...
- من أجل التمييز الصارم بين مواقف الشعب ومواقف أعداء الحرية وا ...
- قراءة في كتاب -دراسات حول القضية الكردية ومستقبل العراق- للأ ...
- انتفاضة السليمانية وثورة العشرين
- إجابة عن أسئلة تشغل بال مواطنات ومواطنين عرب ينبغي إعارتها ك ...
- من أجل مواصلة حوار هادئ, شفاف وبعيد عن الحساسية والانغلاق وا ...
- تحويل بعض بيوت الله من منابر للتسبيح بحمد الدكتاتور إلى مراك ...
- من أجل مواصلة حوار هادئ, شفاف وبعيد عن الحساسية والانغلاق وا ...
- الشفافية والمجاهرة حاجة ماسة في العلاقة المنشودة بين القوى ا ...
- من يقف وراء حملة التمييز بين مناضلي الداخل والخارج؟ وما الهد ...
- محنة الأكراد الفيلية في العراق!
- المشكلة الأمازيغية وسياسة الشوفينيين العرب
- إلى من تتوجه أصابع الاتهام في التخريبات الأخيرة والجارية في ...
- الدور الذي يفترض أن تلعبه قوى حركة التحرر الوطني الكردية في ...
- ماذا وراء أحداث الفلوجة وهيت؟
- من أجل مواصلة الحوار حول وحدة قوى اليسار الديمقراطي العراق
- احتلال العراق ليس نهاية التاريخ! المخاطر الراهنة على مستقبل ...
- نشاط قوى صدام حسين ما بعد سقوط النظام في العراق والخارج - ال ...
- الحوار المفتوح والشفاف هو الطريق الأسلم لتحقيق رؤية ناضجة حو ...


المزيد.....




- قضية قطع رأس رجل الأعمال فهيم صالح بأمريكا.. القضاء يكشف تفا ...
- شاهد دبًا أسودًا يداهم رجلًا في فناء منزله الخلفي.. ماذا فعل ...
- التصق جلده بعظمه.. والدة طفل يعاني من الجوع في غزة: أفقد ابن ...
- لحظات مؤثرة لوصول ولقاء جوليان أسانج بعائلته في مطار كانبرا ...
- فيدان: حرب أوكرانيا قد تتوسع عالميا
- شاهد: المنتخب البرازيلي يصل إلى لاس فيغاس استعدادا لمواجهة ا ...
- الرئيس الكيني يصف الاحتجاجات وما أحاط بها من أحداث دامية -با ...
- مشاركة عزاء للرفيق خليل عليان بوفاة أخيه
- -الشبح الطائر-.. مميزات مقاتلة Su-57 الروسية
- -أطباء بلا حدود- نعته.. إسرائيل تغتال مسؤول تطوير منظومة صوا ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كاظم حبيب - لِمَ هذه الخدمات المجانية لدعم غير مباشر لقوى صدام حسين التخريبية؟