سعد السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 7925 - 2024 / 3 / 23 - 18:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتساءل الكثيرون ربما عن اسباب استقرار او مناعة النظام او الانظمة المتعاقبة على حكم العراق او ما يبدو من كونه كذلك، وعن اسباب الصمت الدولي عن ما يحدث فيه بينما نجدهم في المقابل يرفعون اصواتهم ضد دول اخرى.
الاجابة على هذا السؤال هي برأينا كالتالي. للنظام السياسي الحاكم في العراق الذي يوفر النفط باسعار تلبي مصالح الدول المستهلكة كأن تكون مثلا زهيدة، تقوم هذه الدول بالمقابل بتوفير الدعم السياسي. ولن ياتي هذا الدعم مع ذلك مقابل الاسعار الزهيدة فقط، وإنما ايضا بشرط ألا يظهر هذا النظام طموحات لا يريدونها او لا تلبي مصالحهم وان يبقى صغيرا. او مثلما ذكرنا في عدة مقالات سابقة مجرد صنبور نفط. وان يصرف اموال النفط عندهم بدلا من القيام باية تنمية، وان يستقدم شركاتهم المختلفة للعمل في البلد بدلا من الاعتماد على الجهد الوطني. اي انهم يريدون لذاك النظام ان يكون تابعا وخانعا ذليلا ولبلده ان يبقى ضعيفا. بالاضافة الى هذا فانه ايضا مقابل هذا الدعم المشروط سيقوم نزولا عند الرغبات الاضافية لداعميه بالتنازل عن مصالح بلده التي يتوجب عليه حمايتها بموجب الدستور. من مثال هذا ابقاء قوات هؤلاء في البلد بحجج مختلفة، والسماح لشركاتهم النفطية للمشاركة في ارباح حقول بلده النفطية.
هذا الدعم سيستخدمه النظام لاسناد حكمه عند تعويضه الدعم الآخر والقاعدة الشعبية المفقودين محليا خصوصا إن كان نظاما يتجه نحو الاستبداد مثلما بينّا مع مقالة الريع النفطي قبل سنتين. ومع هذا لاطلاق يديه في كل امور البلد بالدوس والتجاوز المتعمد على قوانينه السارية مثل الدستور والقوانين الاخرى وسيترك هؤلاء الاجانب يتدخلون في شؤون بلده الداخلية طالما هو يعتمد عليهم. بهذا سيشعر النظام بالثقة في ما يقوم به اكثر فاكثر بعدما ضمن صمت الآخرين عنه. وهذا على الرغم من وجود عوامل اخرى تسهم في رفع منسوب هذه الثقة منها التقاعس والخمول الشعبيين.
كل هذا سيؤدي الى تجاهل النظام للمطالبات الشعبية بتعديل الاوضاع العامة في البلد. إذ ان من مصلحة الغربيين والآخرين غيرهم من دول الاستهلاك النفطي عدم تطبيق الديمقراطية في العراق توازيا مع التجاوز على حقوق العراقيين في بلدهم طالما ضمن هؤلاء حصولهم على النفط بلا عوائق وانبطاح النظام امامهم وجموده في ما يتعلق بمشاكل المنطقة. فهم لا يريدون إلا الحصول على النفط لكونه مصدر الطاقة في بلدانهم وعجلة دوران اقتصادها واساس الرفاهية فيها. واستنادا الى كل هذا ضمان هيمنتهم العالمية. ومعه ازالة اي شيء يمكن ان يشكل تهديدا على هذا التحصيل من مثل تقوية وتحصين بلد النظام مع امور التنمية الاقتصادية والدفاع الوطني واسترجاع حقوقه المسلوبة.
إذن النفط هو عمود استقرار النظام الحالي في الحكم. وهو هنا يتبع اثر ذاك النظام السابق الذي سقط مع ذلك بتدخل تلك الدول المستهلكة نفسها التي كانت تدعمه بداية.
ولا يتفرد النظام العراقي وحده في ما نورده هنا. إذ يشاركه في هذا معظم الانظمة النفطية العربية.
بهذا نكون قد اجبنا على السؤال حول اسباب ما يبدو من استقرار النظام العراقي.
#سعد_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟