عبدالقادربشيربيرداود
الحوار المتمدن-العدد: 7925 - 2024 / 3 / 23 - 10:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لعبت وسائل الإعلام؛ التقليدية منها والرقمية، ومنها منصات التواصل الاجتماعي، دورًا خطيرًا في دعواتها الدؤوبة على اعتياد الأشياء والتكيف معها، واعتبارها أمورًا طبيعية؛ ما يؤدي إلى الإصابة، إن جاز التعبير، بـ(تبلد الإحساس) من خلال دس ذلك الكم الهائل من الأخبار المروعة يوميًا.
نأخذ على سبيل المثال الحرب في (غزة) أو الحرب في (أوكرانيا) اللتين تشكلان حديث الساعة في العالم، فنجد أن الأحداث الصادمة في بداية تلك الصراعات كانت جديدة، وغير متوقعة لأنها جذبت انتباه المتابعين. ومع استمرار التغطية الإعلامية كانت تثار أكثر وأكثر في أحاديث المثقفين وحتى العامة من البشر، ولكن عندما طالت مدة تلك الحروب دلت مؤشرات البحث على أن أسبوعًا واحدًا من القتال الطاحن لم يحظ بتلك المتابعة والاهتمام التي حظيت بها الأيام الأوائل من الحرب.
لا تقتصر ظاهرة ( تبلد الحس) على الأحداث فقط، بل تنسحب على شؤون الحياة اليومية للناس، إذ تتعمد وسائل الإعلام في لعبتها الإعلامية اليومية على شريحة واسعة من الجمهور، وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ كان الناس يعربون عن قلقهم ازاء جائحة (كوفيد/١٩) التي هزت العالم في بدايات انتشارها بشكل كبير، برغم أن معدلات الوفيات جراء الإصابة بالمرض كانت لا تزال قليلة؛ ولكن الغريب والملفت للنظر أنه بعدما ارتفعت معدلات الوفيات أصبح الناس أقل قلقًا!
يتبين من ذلك أن كثرة قيامنا بفعل ما، وحتى تلك الأشياء التي نعرفها في قرارة أنفسنا أنها خطأ؛ يجعلنا للأسف أقل اكتراثًا بمشاعرنا تجاه ذلك الشيء؛ ما يبين ان هناك سلبيات واضحة لشعور الاعتياد (التكيف)، وبعد ذلك التصور الذي يعد أحد أسباب تلك الصعوبات التي يجدها الناس في مواجهة ما يسمى بـ(العنف البطيء).
من خلال عملنا في وسائل الإعلام لعقود؛ يحتم علينا شرف المهنة أن نقدم لجمهورنا الكريم بعض النصائح الناجعة من خلال تجاربنا المتواضعة حول كيفية تلقي ذلك الكم من الأخبار المروعة على نحو لا يجعله فريسة ذلك الخطر (الاعتياد أو التكيف أو تبلد الإحساس)؛ فنوجه جمهورنا الحريص على الإحاطة بالمستجدات بتنوع الوجبة الإعلامية، وعدم الاقتصار على نافذة إعلامية واحدة فقط أو وسيلة إعلامية واحدة فقط. لذلك نكرر القول؛ وفي بعض التكرار فائدة أحيانًا أن المتابعين لأخبار الحرب في غزة مثلًا؛ عليكم عدم الاقتصار على متابعة عناوين الأخبار العاجلة، بل توسعوا أكثر وأكثر من خلال البحث عن تحليلات سياسية أجنبية؛ غير العربية أيضًا، لاسيما لمن يجيدون أكثر من لغة، وعن مقالات رأي، ولا أقصد الترويج لكُتاب المقال؛ كوني كاتب مقال رأي بامتياز، وهذه حقيقة. واذهبوا لمشاهدة وثائقيات وسماع كتب صوتية، وزيدوا على ذلك واحرصوا على متابعة روايتي طرفي الحرب ولا تقتصروا على رواية طرف واحد فقط.
... وللحديث بقية.
#عبدالقادربشيربيرداود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟