|
الأميين
رمضان عبد الرحمن علي
الحوار المتمدن-العدد: 1753 - 2006 / 12 / 3 - 10:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم يكن العصر الجاهلي عصر جهل كتابة وقراءة ولكن كان عصر جهل بعبادة الله، وحين نقرأ عن هذا العصر نجد شعراً أو ما يسمى الشعر الجاهلي، وهل الشعراء لا يقرأون ولا يكتبون، وقد أنزل الله في كتابه العزيز: ((وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ)) سورة الحاقة آية 41.
إذاً في ذلك العصر كانوا يقرأون ويكتبون، ولذلك حذرنا الله من إتباع الشعر، وليس كما يقول الناس على هذا العصر، أنهم لا يقرأون ولا يكتبون، مع العلم أن أغلبية الناس تقول عن هذا العصر هو العصر الذهبي في اللغة العربية، وكان في هذا العصر أيضاً الرسول يقرأ ويكتب وكما تعلمون أن الرسول قبل الرسالة كانوا يطلقوا عليه الصادق الأمين، لكثرة الأمانات عنده، فبالتالي كان يكتب من يأتي له بأي شيء، وخاصة المال، لكي يتذكر حقوق الناس دون الرجوع إلى (فاكر أو مش فاكر) هذا عن الرسول الذي قال عنه رب العزة: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)) سورة الجمعة آية 2.
وهذه الآية العظيمة توضح أن الرسول كان يتلوا عليهم الكتاب وإن كانوا من قبله في ضلال، أي لا يعبدون الله، لم تقل الآية علمهم القراءة والكتابة لأنهم يقرأون ويكتبون، وإذا كانت كلمة أمي تعني عدم القراءة والكتابة، فكيف يقرأ عليهم رسول الله وهم لا يقرأون ولا يكتبون، إن مضمون الآية جاء لعبادة الله وليس لها مضمون آخر، لأنهم كانوا أهل الفصاحة واللغة في الشعر كما تعلمون عن ذاك العصر الذي سماه الله بهذا الاسم بقوله تعالى: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)) سورة الأحزاب آية 33.
إذاً الذي أطلق على هذا العصر هذا الاسم رب العزة جل وعلا، ومضمون هذه الآية أيضاً يندرج في سياق التشريع إلى الذين آمنوا لكي لا يعودوا على ما كانوا عليه قبل الإسلام من لباس، ويقول المولى عز وجل: ((لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)) سورة آل عمران آية 164.
أي رسول من أنفسهم، وهذا تأكيد من الله أن الذي يقرأ القرآن على المؤمنين الرسول، وبالتالي فإن الذي يقرأ يكتب أيضاً، فلماذا أغلبية المسلمين مصرين على أن الرسول كان لا يقرأ ولا يكتب، وهم بذلك تركوا كلام الله، وحين أنزل الله القرآن على الرسول الله يعلم أن محمد ابن عبد الله هو خير إنسان في هذه الأمة في كل شيء، ومن ضمنهم القراءة والكتابة، وهذه حكمة وفضل من الله ورحمة أنه أنزل القرآن بدون آيات مادية على العقل البشري لكي يفتح لنا آفاق جديدة من التقدم ولولا القرآن ما وصل العالم إلى هذا التقدم الذي تحدث عنه القرآن قبل ألف وأربعمائة عام، وما زال المسلمين لا يفهمون كلمة أمي في القرآن، متهمين بذلك الرسول أنه لا يقرأ ولا يكتب، تاركين القرآن وما فيه من العلوم إلى العالم من حولنا يتقدم ونحن (محلك سر)، والسبب في ذلك انشغال المسلمين في كتب التراث، لكي يثبتوا صحة كلام فلان أو علان مضيعين قرون في البحث في تراث لن ينتهي إلا إذا علمنا أننا على خطأ منذ تركنا القرآن وما فيه من علوم لا حصر لها، مانحين شهادات الدكتوراه في علوم الحديث إلى آلاف الأشخاص، أي كلام بشر يأخذون فيه الدكتوراه، ولم نسمع على مثل هذا باتجاه كلام الله، أن فلان من الناس أخذ الدكتوراه في علم ما من علوم القرآن، وهذه خيبة المسلمين أنهم هجروا القرآن مقدسين غيره، بل وجعلوا أنك لا تفهم القرآن إلا إذا قرأت آلاف من الكتب، وعلى فرض أن هذا الكلام صحيح أننا لا نفهم القرآن إلا إذا قرأنا آلاف الكتب كما قال السابقون، فكيف فهموا القرآن هم؟!.. ولم يكن بين أيديهم إلا القرآن، ولم يكونوا قد كتبوا آلاف الكتب التي قالوا فيها أنك لا تفهم القرآن إلا إذا قرأت ما أشاروا إليه من تعجيز تجاه القرآن لكي يبعدوا المسلمين عن القرآن بطريقة غير مباشرة، ويبقى لنا سؤال، هل من فعلوا هذه الأعمال كانوا لا يقرأون ولا يكتبون؟!.. أعتقد أن هذه الضربة التي ضرب بها المسلمين لإبعادهم عن القرآن وما فيه من علوم هي التي جعلت المسلمين في مزبلة التاريخ.
رمضان عبد الرحمن علي
#رمضان_عبد_الرحمن_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقوق الإنسان
-
حكومة أم وحش كاسر
-
مواساة الشعوب في بلادنا
-
إلى أين انتم ذاهبون
-
نصيحة إلى الوالي
-
ويكون الدين كله لله
-
إلى أبو ذر المقديشي
-
واصطبر لعبادته
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|