|
معيار تحديد فعل (الإهانة) وأثره في تقييد حرية التعبير عن الرأي، قراءة في ضوء قرار المحكمة الاتحادية العليا العدد 325/اتحادية/2023 في 13/3/2024
سالم روضان الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 7924 - 2024 / 3 / 22 - 15:44
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
معيار تحديد فعل (الإهانة) وأثره في تقييد حرية التعبير عن الرأي
قراءة في ضوء قرار المحكمة الاتحادية العليا العدد 325/اتحادية/2023 في 13/3/2024
أولا: تعريف الإهانة:
1. ان فعل (الإهانة) سواء كان بتصرف قولي او بالحركة والايماءة او بأي وسيلة أخرى فانه، فعل منبوذ اجتماعيا ومستهجن اخلاقياً لدى كل المجتمعات، وفعل الإهانة يتعلق بتوجيه أوصاف منافية للأخلاق العامة وإلصاقها بالشخص، أو يكون فيها وقع التجريح بمقام ذلك الشخص، ومفردة (الإهانة) لها مدلول التحقير والتصغير في قواميس اللغة العربية،
ولأن شرف واعتبار الإنسان له مكانه عظيمة في كل التشريعات السماوية والأرضية ، فلا يوجد ناموس أو شريعة واحدة حاولت أن تحط من قدر الإنسان وشرفه، بل جعلت من ذلك حق مصان بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية ففي ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نجده أشار إلى حفظ كرامة الإنسان وحقه في أن تكون له سمعه حسنه ومصانة، وعد كل فعل يخترق هذه الحصانة بمثابة الجرم الذي يستحق العقاب، وهكذا سارت كل القوانين الوضعية على تجريم الأفعال التي تمس أو تخدش شرف واعتبار الإنسان سواء كانت بإسناد وقائع غير حقيقة بالإهانة والتحقير، وهي الأفعال التي حصرها المشرع في توصيف جرائم القذف والسب، وفي بعض القوانين العربية تسمى القدح والذم وأخرى نطلق عليها التشهير،
2. كما ان الإهانة قد تكون شفوية وهي الأصوات التي تعبر عن معنى سواء كانت صياح له دلالة معينة تدل على تحقير الشخص، على أن تكون تلك الدلالة واضحة المعنى في العرف أو بالنظر إلى الظروف التي صدر فيها ذلك الصياح، ولا عبرة بحجم القول سواء كان على شكل جمل متعددة أو جملة واحدة أو جزء من جملة ، كذلك يرى بعض شراح القانون ، أن لا عبرة بشكل القول سواء كان نثرا أم نظما، كما إن الصراخ بأي شكل كان دمدمة او ولولة أو صفير فانه يعد قذفاً[1]، ويكفي ان تتضمن قدرا من الواقعية مما يجعلها تبدو محتملة التصديق ، وتعرف كذلك بأنها كل أمر يتصور حدوثه سواء حدث فعلا أو كان محتمل الحدوث، فإذا كانت الواقعة مستحيلة الوقوع كانت الجريمة بدورها مستحيلة التنفيذ[2]،
3. والاهانة هي النتيجة المتحصلة من اسناد واقعة لشخص، واقصد بالواقعة هي القول او التصرف الذي يوحي الى الصاق صفة مذمومة الى شخص ما، لكن ما هو السبيل لتحديد المعيار الذي بموجبه تصنف هذه التصرفات او الاقوال بانها (إهانة)، في الحقيقة لا توجد معايير ثابتة، وانما ترك تقديرها الى القضاء عندما تم تجريمها بموجب القوانين العقابية، لكن وجد بعض شراح القانون، نطاق ممكن ان يكون سبيلاً للوصول الى معيار التمييز تجاه الاقوال او الأفعال التي تعتبر (إهانة) ومنها الاتي:
أ. إذا كانت الواقعة تشكل جريمة يعاقب بموجبها الشخص (الموجهة اليه الإهانة) فيما إذا لو صحت، فان المعيار الذي نتحقق بموجبه من كون هذا الإسناد يشكل جريمة على وفق أحكام المادة (433) او أي مادة أخرى من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل او قانون اخر، فان الأمر يسير لان الأفعال الجرمية محددة ومحصورة في القانون العقابي، ومن صور ذلك كان تنسب جريمة سرقة او رشوة أو احتيال الى شخص معين أو مجموعة معينة، ويرى بعض شراح القانون، يكفي ان تتضمن قدراً من الواقعية مما يجعلها تبدو محتملة التصديق ، وكل أمر يتصور حدوثه سواء حدث فعلا أو كان محتمل الحدوث[3].
ب. إن تكون الواقعة المنسوبة لا تشكل جريمة بل إنها توجب التحقير بين أبناء المجتمع بما يحط من قدره وكرامته عند الآخرين ، مثال أن يقال إن فلان يتردد على دور الدعارة، او انه مختلس او سارق، او غير ذلك من الأفعال المشينة اجتماعياً واخلاقياً، وهذه من الأمور التي لا يمكن ضبطها بل انها تخضع لسلطة محكمة الموضوع التقديرية، لذلك نجد ان القضاء يتوسع احياناً في مد نطاق التجريم، ويقول احد شراح القانون المصري ان القضاء المصري في فترة معينة قد توسع فيها كثيراً لأسباب سياسية، إذ اعتبر الواقعة التي لا تخالف القانون أو الأخلاق وإنما تثير مجرد تثير الاشمئزاز في نفوس الناس من الشخص بأنها جريمة قذف وتشكل إهانة وتحقير[4]،
ج. تعيين الشخص : إن تعيين الشخص من أهم الأمور التي يتوفر عليها الاتهام بجريمة نتيجتها الإهانة، لكن يرى بعض شراح القانون، ان ليس من الضروري أن يتم تسمية الشخص، وإنما مجرد توجيه الكلام بأي طريقة تدل على شخصه وبأي وسيلة كانت، مثل ذكر الصفة أو الكنية أو الحروف الأولى من الاسم بما يكفي للدلالة عليه[5]، أو بالإشارة إلى الزمان والمكان أو المهنة وغير ذلك من معالم تعريف الشخصية، فلا يكفي توجيه القذف إلى آراء عامة أو لفقه معين، إذا كانت لا تتعرض لشخص معين ، أو لرموز دينية أو قومية أو عرقية أو رمز لمجموعة من الناس أو لفئة من شعب معين.
ثانياً: معيار تمييز الإهانة عن غيرها:
1. لكن هل كل ما ينسب الى أي شخص في وسائل التواصل الاجتماعي او في أي وسيلة إعلامية أخرى، حتى وان كان يشكل جريمة او ازدراء مجتمعي، هو فعل إهانة يوجب العقوبة؟، يرى بعض الباحثين في شؤون الإعلام إن الإعلام المرئي والمسموع مهمته نشر الحقائق والأخبار والأفكار والآراء عبر الوسائل المرئية والمسموعة، بهدف معاونة الناس ودفعهم إلى تكوين رأي عام سليم إزاء مشكلة أو مسألة عامة، ويهدف أيضا إلى نقل الصورة بأمانة وليس إنشاء هذه الصورة[6]
2. هذه الإشارة لها دلالة بموضوع الاهانة لان البعض يجعل من الوسيلة الإعلامية وخصوصا القنوات الفضائية وسيلة إلى الاعتداء على خصوصيات الآخرين والتعرض إلى أشخاصهم نتيجة لإسقاطات فردية من القائم بفعل القذف أو السب، دون أن يمثل ذلك الفعل قضية عامة أو محور رأي عام، مما يجعل من معرفة الضوابط التي تفرق بين ، ما هو إهانة وبين ما هو نقد لتصرف شخص ما، سواء كان طبيعي او معنوي، والصعوبة تكمن في هذه الجزئية،
3. لكن من خلال مراقبة الحراك السياسي والنشاط الإعلامي لما يحصل في العراق والاحكام القضائية التي صدرت بحق بعض هؤلاء الإعلاميين او غيرهم، وجدنا فيها ميل لتفعيل المادة (226) عقوبات التي تتعلق بإهانة الهيئات النظامية، وجعل أي إهانة لأي موظف في الهيئات النظامية بمثابة إهانة لتلك الهيئات دونما أي تمييز بين إهانة شخص الموظف او إهانة المؤسسة او الهيئة التي يعمل فيها، اكثر التهم الموجهة بموجب المادة (226) عقوبات في حقيقتها تهم عن إهانات موجهة الى شخص العاملين في الهيئات سواء كانوا على رأس تلك الهيئات أو أعضاء فيها أو من العاملين فيها وليس إلى الهيئات، لان جميع من اتهم بها كان قد وجه فعله إلى شخص معين وليس إلى التعميم على مجمل الهيئة أو التشكيل النظامي،
حيث ان الهيئات النظامية قد وردت في المادة (226) من قانون العقوبات على سبيل الحصر (مجلس الأمة ويمثله حاليا "مجلس النواب" او الحكومة او المحاكم "ويقصد بها السلطة القضائية" او القوات المسلحة او غير ذلك من الهيئات النظامية او السلطات العامة او المصالح او الدوائر الرسمية او شبه الرسمية) ولم يكن من بينها رئيس تلك الهيئة او السلطة او التشكيل النظامي، بل يوجد بعض الأشخاص ممن يختزل المؤسسة التي يقودها بشخصه ويجعلها من إقطاعياته.
ثالثاً: معيار التمييز بين الإهانة وحق النقد المباح:
1. حرية النقد صورة من صور حرية الرأي والتعبير، تتيح للإفراد بطريقة غير مباشرة المشاركة في الحياة العامة والإسهام في مواجهة المشكلات وإدارة شؤون الوطن[7]، ويعرف النقد بانه إبداء الرأي في أمر من الأمور أو عمل من الأعمال دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل ، أي لا يمس بشرفه أو اعتباره ، كما يرى بعض فقهاء القانون إن هذا التعريف غير جامع باعتباره ينصرف إلى مجال لا تثار فيه صعوبة لان أركان القذف غير محققة[8]، كما عرفته محكمة النقض المصرية بان النقد المباح هو (هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به او الحط من كرامته)[9]، أما القضاء العراقي فانه لم يعرف حق النقد وإنما وجدت في قرار محكمة التمييز الاتحادية العدد 206/ هيئة عامة / 2009 في 31/8/2009 إشارة إلى حق النقد حيث اقرن النقد باعتباره رأي أو تقويم لأداء الموظف العمومي بالمصلحة الوطنية دون إن يفصل مفهوم المصلحة الوطنية.
2. نطاق النقد ومصدره : إن النقد يستعمل في أكثر من مجال في الحياة وينصب النقد على البحث في عمل أو نشاط فكري ويتم الحكم على قيمته الفنية وتمييز مناقبه ومثالبه، على أن لا يتعدى على صاحب العمل محل التقييم، وللنقد مجالات عديدة منها النقد السياسي والتاريخي والأدبي، وجد مصدره في عدد من الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية والإقليمية ، كما وجد له مرجعية في التشريعات الوطنية ( المحلية) وكانت له إشارات ضمنية في النصوص الدستورية والقانونية تحت عنوان (حرية التعبير، او حرية الرأي، وكذلك حرية المعتقد) ومنها ما ورد في المادة (36) من دستور العراق لعام 2005، التي تنص على ما يلي ( تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب: اولاً :ـ حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. ثانياً :ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر. ثالثاً :ـ حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون) وفي المادة (42) من دستور العراق لعام 2005التي تنص على ما يلي (لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة)،
بل وجدنا إن المشرع العراقي عد القذف الموجه إلى الموظف العمومي يكون بمثابة الفعل المباح، في حال توفر بعض الشروط التي تتطلبها المادة (433) من قانون العقوبات العراقي، ويشترط أن يكون متعلق بشخص عام ويتعلق بعمل من الأعمال المسندة إليه في وظيفته[10]،
بالإضافة إلى حق النقد توجد حقوق أخرى تحتوي على أفعال تعد اهانة، إلا إن المشرع أضفى عليها أسباب الإباحة لذات الأسباب التي أشرت إليها عند التعرض إلى حق النقد، لأنه يتوخى في ذلك المصلحة العامة ومن هذه الحقوق، وحق النشر منح حق نشر الإخبار إلى الصحفيين ورجال الاعلام أكثر من غيرهم، لان الأخبار لا تنشر إلا بواسطة وسائل الإعلام سواء كانت مرئية أو مقروءة أو مسموعة او بواسطة الانترنيت، لذلك فان حق الإعلامي في نشر الأخبار هو مصلحة يقرها القانون ويحميها من كل اعتداء، ومصادر هذا الحق الدستورية والقانونية، ما جاء في في المادة (36) من الدستور العراقي لعام 2005 ،
وتعتبر الحقوق الممنوحة للإعلامي، مثلما منحت إلى بعض الأشخاص الذين يحملون صفات معينة مثل البرلماني والخصوم في الدعاوى المشار إليها في شرح حق النقد، هي حقوق غايتها حماية الصالح العام، ولتحقيق هذه الغايات لابد من رفع القيود عنها مثل إعفاءه من المسائلة تحت طائلة جرائم القذف والسب عند تناوله لحق نقد أفكار السلطة السياسية أو نشر خبر يتعلق في بيان مظاهر الفساد في الدولة، وهذا الحق مثلما أشرت إلى مصادره القانونية، كذلك نجده ليس بغريب عن منظومة القيم الأخلاقية والاجتماعية للمجتمع العراقي أو الإسلامي،
كما إن لهذا الحق مصدر دولي هو المواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقع وصادق عليها العراق ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966، ويرى الفقه القانوني إن العرف من الممكن أن يكون سندا لوجود هذا الحق ومن ذلك ما أشار إليه قضاء محكمة النقض المصرية في ما يتعلق بنشر أخبار الحوادث ونقد تصرفات المؤسسات العامة دون أن يشكل ذلك جريمة قذف أو سب، لان العرف قد جرى على نقدها عند وقوع تلك الحوادث طالما إنها تهدف إلى تغليب المصلحة العامة[11].
رابعاً: قراءة في قرار المحكمة الاتحادية العليا
1. ومن خلال ما تقدم نجد ان معيار التفريق بين ما هو مباح وما هو غير مباح تجاه تقدير الإهانة المتحققة من الفعل ، هي محل جدال، كان ومازال وسيبقى قائماً، لأنه يعبر عن ثنائية الصراع بين قوى الاصلاح وقوى الفساد، وما ورد في قرار المحكمة الاتحادية العليا العدد 325/اتحادية/2023 في 13/3/2024 محل البحث نجد في بعض مما ورد بالفقرة الحكمية التي الزمت وزارة الاتصالات وهيئة الاعلام والاتصالات بحجب مواقع التواصل الاجتماعي التي تتعلق بالتعرض للأخرين او الإساءة لهم باستخدام الالفاظ النابية او التشهير او السب او القذف او الإهانة بأية وسيلة كانت، وعلى وفق الوصف الوارد في الفقرة (13) من قرار الحكم أعلاه،
2. لكن ما يفهم من قرار الحكم بان المحكمة الاتحادية العليا قد منحت وزارة الاتصالات وهيئة الاعلام والاتصالات صلاحية مطلقة بتحديد وتقدير فعل الإهانة او السب او القذف، ولابد من التنويه الى ان هذه الجهات هي جهات تنفيذية، مع ان توصيف الفعل بانه قذف او سب او إساءة هو فعل جرمه القانون والجهة الوحيدة المختصة بذلك هو القضاء الاعتيادي (محاكم الجزاء) لإنها بموجب الدستور هي الجهة الوحيدة المخولة بحرمان أي شخص من حقوقه الدستورية ومنها الحق في الحرية سواء كانت المتعلقة بعدم تقييد حريته البدنية او حريته الفكرية في التفكير والتعبير عن اراءه، وعلى وفق احكام المادة (15) من الدستور التي جاء فيها الاتي (لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرار صادر من جهة قضائية مختصة)
3. ان الفقرة الحكمية رقم (13) في قرار المحكمة الاتحادية العليا، قد قضى بنمح الجهات التنفيذية صلاحية حجب تلك المواقع، والحجب يعني غلق الموقع، وحيث ان هذا الموقع هو المحل الذي وقع فيه الفعل الموصوف في الفقرة الحكمية، فان غلقه لا يجوز ان يكون من قبل الجهات التنفيذية، وانما لابد وان يكون بقرار قضائي يصدر عن المحكمة المختصة، وهي محكمة الجزاء (الجنايات او الجنح) حيث ان قانون العقوبات النافذ اعتبر الغلق من العقوبات حيث عدها من التدابير الاحترازية المادية وعلى وفق احكام المادة (121) من قانون العقوبات، طالما لا يوجد نص خاص يتناول التنظيم القانوني لمواقع التواصل الاجتماعي، وحيث ان العقوبة لا يجوز فرضها الا من قبل المحاكم المختصة، التي تعد جزء من السلطة القضائي، وبذلك فان أي تفةيض يمنح لاي جهة غير قضائية فيه تجاوز على المبدأ الدستوري ، الفصل بين السلطات،
4. إن ذلك الحجب هو خرق لحق دستوري ولابد أن يكون بموجب قرار قضائي حيث أشارت المادة (40) من الدستور إلى ذلك ومنعت قطع أي اتصال عبر الوسائل الالكترونية وغيرها إلا لضرورة امنية وبقرار قضائي وعلى وفق النص الآتي (حرية الاتصالات والمراسلات البريدية والبرقية والهاتفية والالكترونية وغيرها مكفولةٌ، ولا يجوز مراقبتها أو التنصت عليها، أو الكشف عنها، إلا لضرورةٍ قانونيةٍ وأمنية، وبقرارٍ قضائي) لذلك فان القرار بحجبها والاستمرار فيه هو مخالفة دستورية لأنه لم يكن بموجب قرار قضائي.
5. شكل موقع التواصل الاجتماعي ظاهرة اجتماعية لها حضور وتأثير في مجمل نواحي الحياة الخاصة والعامة، وان كان حديث العهد نسبياً من حيث التكوين والتأثير، إلا انه أصبح ظاهرة تكتسب كل يوم افاق جديدة وأصبحت قائمة الشعوب والمجتمعات التي استخدمته تطول وتكبر يوما بعد يوم بل يرى البعض إننا في عصر الفيسبوك ويعرف بعض المختصين (الظاهرة الاجتماعية) بأنها فعل اجتماعي يمارسه جموع من البشر، يتعرضون له أو يعانون منه أو من نتائجه، وهي عبارة عن نماذج من العمل والتفكير التي تسود مجتمعاً من المجتمعات والتي يجد الأفراد أنفسهم مجبرين على إتباعها في عملهم وتفكيرهم[12]، وخلق أنماط ثقافية وأدبية جديدة، تمثل بظهور نمط من الأدب يسمى "أدب الفيسبوك أو الأدب الفيسبوكي"، واعتبرت مواقع التواصل الاجتماعي ومنها (الفيسبوك) وسيلة من وسائل الإعلام، وتسمى بالإعلام الجديد أو البديل ( new media) فهي تعتبر مرحلة في انتقال أدوات الإعلام والاتصال من المؤسسات إلى الجمهور كونها مصدراً لرفد الوسائل التقليدية في الإعلام بالأخبار والمعلومات[13]
خامساً: الخلاصة:
1. لاحظنا من خلال العرض مدى التعقيد في توصيف الأفعال، ودقت الفصل بين ما هو مباح وما يشكل جريمة، وان القضاء بحرفيته وحياديته ودربته على الفصل بين هذه المشتركات، نجده متباين في احكامه القضائية سواء في العراق او في الوطن العربي المتمثل بالقضاء المصري، وفي تطبيقات القضاء الفرنسي قرار محكمة استئناف باريس الذي قضى ببراءة صحفي من تهمة القذف على اعتبار إن العبارات التي تحوي قذفا في حق احد المرشحين لم تنشر بغرض الانتقام أو الكراهية وإنما بهدف إعلام الناخبين عن ماضي المرشح في الانتخابات العامة او المحلية،
2. اما منح هذه الصلاحية الواسعة والمطلقة لمؤسسة تنفيذية بحكم العرف السياسي والانتخابي في تشكيل الدولة العراقية لابد وان تكون خاضعة لجناح سياسي من الاجنحة المهيمنة على المشهد العراقي، فانه سوف يعرض حرية التعبير عن الرأي الى التقييد، فضلا عن إمكانية توظيف هذه الصلاحية لمصالح هذه الجهات.
سالم روضان الموسوي
قاضٍ متقاعد
الهوامش ===============================
[1] المستشار عزت حسنين ـ جرائم الاعتداء على الشرف والاعتبار بين الشريعة والقانون ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ط 2006 ـ ص 25
[2] المستشار عزت حسنين ـ مرجع سابق ـ ص 29
[3] المستشار عزت حسنين ـ مرجع سابق ـ ص 29
[4] المستشار عزت حسنين ـ مرجع سابق ـ ص 31
[5] للمزيد انظر الدكتور فخري عبدالرزاق الحديثي ـ شرح قانون العقوبات ـ القسم الخاص ـ ط2 عام 2007 المكتبة القانونية ـ 354
[6] الدكتورة سعدى محمد الخطيب ـ التنظيم القانوني لحرية الإعلام المرئي والمسموع ـ منشورات الحلبي الحقوقية ـ ط 1 بيروت عام 2009ـ ص 14
[7] الدكتور طارق سرور ـ جرائم النشر والإعلام ـ دار النهضة العربية ـ الطبعة الثانية 2008 ـ ص302
[8] الدكتور خالد رمضان عبدالعال سلطان ـ المسئولية الجنائية عن جرائم الصحافة ـ منشورات دار النهضة العربية ـ ص 63
[9] الدكتور طارق سرور ـ مرجع سابق ـ ص 303
[10] الدكتور خالد رمضان عبدالعال سلطان ـ مرجع سابق ـ ص 85
[11] الدكتور خالد رمضان عبدالعال سلطان ـ مرجع سابق ـ ص 155
[12] الدكتور احمد زكي بدوي ـ معجم العلوم الاجتماعية القسم الأول ـ منشورات مكتبة لبنان طبعة عام 1982ـ ص396
[13] الدكتورة بشرى جميل الراوي ـ دور مواقع التواصل الاجتماعي في التغيير / مدخل نظري ـ مجلة الباحث الاعلامي ـ العدد 18 لسنة 2013 تصدر عن كلية الإعلام في جامعة بغداد ـ ص 94
#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يجوز للمحكمة ان تحل محل إرادة الخصوم تجاه التمسك بشرط الت
...
-
حصانة عضو مجلس النواب والقراءات المتباينة لنص المادة (63/ثان
...
-
الاقناع والاقتناع بين فن المرافعة واتجاهات الرأي العام
-
سجناء الرأي بين خلود السجين وزوال الطاغية، من وحي ذكرى استشه
...
-
هل تؤثر قيم القضاة الشخصية على الاحكام القضائية؟ المحكمة الع
...
-
فوضى التشريع والتصدي القضائي قراءة في قرار محكمة التمييز الا
...
-
هل يؤخذ الناخب بجريرة المرشح؟
-
هل أسهمت هيئة النزاهة بتعزيز ثقة الشعب بالحكومة؟
-
مركز التسوية والتحكيم الرياضي العراقي
-
ما هو نطاق الدعوى الدستورية في قضاء المحكمة الاتحادية العليا
...
-
الاجتهاد المتطور تجاه مسؤولية المتبوع عن اعمال تابعيه، تعليق
...
-
الرق الوظيفي وشهوة السلطة
-
رؤية محمد الغزالي تجاه جبابرة العصر الراهن
-
رؤية محمد الغزالي تجاه جبابرة العصر الراهن
-
هل يجوز اصدار قرار التحكيم باسم الشعب
-
ما مصير الاحكام التي تصدر من محكمة غير مختصة نوعياً؟ محكمة ا
...
-
لا تصح خصومة الواقف في متعلقات الوقف، قراءة في اتجاهات القضا
...
-
التحكيم الالكتروني ام التحكيم بالوسائل الالكترونية؟
-
(لماذا استخدام المشرع العراقي في المادة (٤٠£
...
-
لماذا استخدام المشرع العراقي في المادة ٤٠٥ عق
...
المزيد.....
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
-
مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا
...
-
اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات
...
-
اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
-
ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف
...
-
مايك ميلروي لـ-الحرة-: المجاعة في غزة وصلت مرحلة الخطر
-
الأمم المتحدة: 9.8 ملايين طفل يمني بحاجة لمساعدة إنسانية
-
تونس: توجيه تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام إلى عبير موسي رئيسة
...
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|