وليد حكمت
الحوار المتمدن-العدد: 1753 - 2006 / 12 / 3 - 10:44
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
حين تمارس الحكومات عملية التضليل بإعلامها الديماغوجي تضع نصب عينيها هدفا استراتيجيا ألا وهو إطالة أمد استغلالها لعموم الشعب استغلالها لإنتاج الشعب وخيرات الشعب وثروات الشعب ودماء الشعب الذي يكون وقودا لحروبها وسياساتها التي يقررها رؤوسها والقائمون على تدبير شؤونها
يلعب التضليل الإعلامي الدور الأكبر والاهم في عملية التضليل وغسل الدماغ ففي تلك الوسائل الإعلامية التي تتسم بالرخاصة والكذب والخديعة وبث الأراجيف تارة والتطمينات الوهمية التي من شأنها أن تلعب دورا نفسيا خطيرا في تغيير وتشكيل الوعي لدى جمهور الشعب الكادح الذي أصبح يعيش في عالم الأحلام والأوهام والطوباوية السرمدية هذا الجمهور الكادح يحلم ويحلم بالحياة النظيفة المستقرة الآمنة التي تحقق له كفاياته وحاجاته الإنسانية , له ولمن يعيلهم من أطفال وعجزة ... تلك الأحلام والأضاليل والأماني تبثها الصحافة ووسائل الأعلام المرئية والمقروءة والمسموعة بكثافة لتعمل على تخدير العوام والبسطاء والكادحين فتضللهم وتمنيهم وتبث في قلوبهم الرعب إن هم فكروا في تغيير واقعهم وتحسينه
لقد جرى الترويج الإعلامي لمؤتمر السلام مع دولة إسرائيل المعادية لكل القيم النبيلة في العالم وكان لهذا الترويج اثر كبير في تخدير عقول الشعب وبث أماني جديدة في نفوسهم وان اظهروا شيئا يخالف تلك ألاماني والتطلعات فعلى الرغم من العداء الذي يكنه عموم الشعب في الأردن لهذا الكيان إلا أن الدعاية الديماغوجية المضللة والواعدة بتحسن الأوضاع الاقتصادية المتردية بعد التخلص من تبعات المقاطعة وحالة الحرب الوهمية مع هذا العدو قد أخذت مأخذها في نفوس الناس فكل شيء سيتغير ستتحسن الدخول وتنخفض الأسعار وستزداد القدرة الشرائية وستتطور الخدمات والبنى التحتية للبلد وسنعيش بأمن وأمان .... لقد أثبتت هذه الدعايات المضللة التي قصد منها أخذ الرخصة والإباحة للرأسماليين الأردنيين والفلسطينيين البرجوازيين المتواجدين في الأردن لفتح باب التعاون الاقتصادي على مصراعيه بينهم وبين التجار الإسرائيليين من أجل تحقيق المصالح الاقتصادية والسياسية الخاصة لأفراد الطبقات المسيطرة ومن أجل تنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني التوسعي في المنطقة وهذا ما تحقق خاصة بعد إنشاء المدن الصناعية في الأردن والتي بلغ حجم الاستثمار الإسرائيلي فيها نسبة لا بأس بها في حين تحول المواطن الأردني الى عامل مأجور يتلقى الفتات من أسياده ويعامل معاملة العبيد وبخاصة المراة الأردنية التي كانت تتقاضي أجرا لا يزيد عن مائة دولار في تلك المدن الصناعية وسط ظروف استغلالية سيئة للغاية , اضافة إلى ازدياد حجم التبادل التجاري بين إسرائيل والأردن والذي فتح المجال لإسرائيل من أجل التمدد والتوسع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا بتقنيات عالية جدا مقابل دولة هشة ضعيفة عاجزة عن الدخول إلى ميدان التنافس الاقتصادي المطلوب.
لقد دفعت الطبقات الكادحة في الأردن الثمن غاليا جراء تلك المعاهدة المجحفة والتي تم بموجبها الاعتراف بهذا الكيان المعادي للإنسانية عامة وتم بموجبها تقديم تنازلات سياسية واقتصادية أسهمت في تفاقم وتردي الوضع الاقتصادي والإنساني للشعب الكادح لقد كانت الدعاية المضللة للشعب آنية خدرت عقول البسطاء وتحت ضغط العصا الغليظة التي لم تزل تقرع بشدة بين الحين والآخر لتهدئ من غضب الشعب الكادح كلما حاول التململ .
لقد كسبت البرجوازية الكثير من الثروات والاموال والرشاوي من اجل تمرير تلك المعاهدة ولكن الشعب الكادح هو من دفع ولا زال يدفع الثمن من قوت يومه وعرقه ودمه وكرامته.
الترويج للمشاريع الوهمية بشكل مبالغ فيه وكأننا في مدينة هونج كونج حين يصدر صاحب القرار قراره بإنشاء مدينة صناعية مثل تلك المدينة الصناعية التي روج لها وسوق لها في وسائل الإعلام منذ سنوات في مدينة معان وفي الحقيقة ليست الا عبارة عن سور اسمنتي يتخلله بعض الحجرات الخالية التي تقرعها رياح الصحراء العاتية بقيت على تلك الحال مدة ليست بالقليلة الى ان تم انشاء بعض الورش الاقتصادية الصغيرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع قائمة على استعباد عمال المدينة وتشغيلهم بأدنى الأجور مع حرمان لكافة الحقوق العمالية والوظيفية.. تلك المدينة الصناعية التي يقرأ عنها الشعب الأردني فيصدق أن الحكومات تعنى بالمناطق البعيدة وتوليها اكبر الاهتمام ولكن واقع الحال يشهد بغير ذلك
مشروع آخر تم طرحه لإسكات بعض الأصوات التي نادت بحل مشكلة معان الاقتصادية عقب العديد من الانتفاضات والاعتصامات هو مشروع الروفر الذي تم الترويج له إعلاميا بشكل مضخم للغاية كما روج له في مؤتمر دافوس عقب احداث 2002 م ومن المعلوم بالضرورة البرجوازية ان الدعاية تتم على وجبات زمنية وفترات التأزم لدى عامة الشعب فيتم الترويج لهذا المشروع الذي سيجعل من بلادنا بلاد سمن وعسل... لقد تم الترويج لهذا المشروع في مختلف وسائل الإعلام عشرات المرات حتى وصل المواطنون في معان مرحلة القرف من كل قرار سياسي اقتصادي واتخموا من أطنان الكذب الذي تصدره لهم وسائل الأعلام التضليلية.
مشاريع التنمية المختلفة في معان جميعها بلا استثناء هي مشاريع ورقية يقصد بها تضليل العوام والكادحين ويقصد بها حشد الرأي العام الاردني ضد هذه المدينة بقولهم هذه مدينة قدمنا لها كل المشاريع ولا زالت مدينة عاصية لولي الأمر ناشزا يجب تأديبها.
مشروع الميناء البري / سكة حديد العقبة والمتوقع أن تبلغ تكلفته 500 مليون دينار على حد زعم وزارة التخطيط ووزارة النقل وباقي المسؤولين .. هذا المشروع الوهمي الترويج قائم له حتى هذه الساعة ومنذ حوالي سنتين حتى ان هذا المشروع الوهمي قد خلق أزمة في أسعار الأراضي المقاربة لموقعه الوهمي وأحدث نزاعا وصراعا بين المتنفذين في معان لأجل السيطرة ووضع اليد على تلك الأرض... مشروع الميناء البري أحد المشاريع الوهمية الورقية الذي ليس له أي دلالة واقعية ومثله مشاريع أخرى وهمية تم إقرارها ولكنها ذهبت إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم فمشروع المركز الثقافي الذي اقره وزير الثقافة بقيمة 6 ملايين دينار ومشروع القاعة الهاشمية ومشروع إعادة تأهيل مصنع الزجاج ومشروع تحديث طريق جامعة الحسين ,,,وووو
ولا يخلو الترويج والتضليل من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بل يدخل هذا الخداع إلى جوهر العلاقات الاجتماعية بين السكان... فالسكان يعانون من تسلط بعض رموز الحكومة المزمنين يرافقهم الكثير من الزعامات العشائرية الرجعية المتخلفة والانتهازية... هؤلاء يحتكرون المناصب والعطايا والهبات والإقطاعات والوجاهة والنفوذ بدعم من البرجوازية فتقوم البرجوازية بالترويج إعلاميا لتغيير قادم قد يؤطر لتغيير بعض الوجوه المهترئة بوجوه جديدة تكون بداية لمشروع تخديري تضليلي جديد و ستسعى حسب زعمهم إلى تصحيح الأخطاء وتكريس العدالة ومبدأ تكافؤ الفرص ...الخ وهذا التغيير قد يكون من خلال تعديل وزاري أو انتخابات برلمانية تعمل على الهاء المواطنين وإشغالهم وقتا ليس بالقصير وهم ينتظرون حدوث التغيير فها هي الآمال تراودهم وتحلق في سماواتهم ها هي الأحلام الخيالية والطموحات الطوبائية تدغدغ مشاعرهم المكبوتة فهم يحلمون بتحقق وعودات البرجوازية الخلب من اجل ان يكونوا بشرا حقيقيين سعداء منتمين لهذا الوطن الذي منحهم الراحة والطمأنينة والسعادة تلك أمانيهم وأحلامهم التي زرعها في أذهانهم المتسلطون على رقابهم من أركان الطبقات المسيطرة المستغلة.
تستخدم البرجوازية المضللة أدوات كثيرة لها غير الأدوات الإعلامية الرسمية المباشرة فتعتمد في بث اضاليلها واكاذيبها على الأشخاص والرموز الشعبية والقيادات الرخيصة الموالية لها هؤلاء يتواجدون بكثرة في صفوف الكادحين فيمنونهم ويطمئنونهم ويروجون الإشاعات تارة وتارة يبثون الأراجيف التي تصور بطش البرجوازية وفتكها بكل من يحاول ان ينتقد ويطالب بحقوقه ومن هؤلاء المضلين يبرز نوع آخر غير مشيخات العشائر والموظفين المتبقرطين فها هم المتلبسون بثوب أهل الدين وخاصة الموظفون الرسميون في وزارة الأوقاف والمؤسسات الدينية هؤلاء يثبطون ويعللون ويفتون... فتارة يقولون هذا قضاء وقدر وذاك الضيق في العيش والضنك بسبب معاصيكم أيها الفقراء فتوبوا الى الله وكما تكونوا يول عليكم ,,, واطيعوا الله ورسوله واولي الامر منكم .. واسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون.... هؤلاء يعملون على ابعاد انظار الكادحين عن صلب قضيتهم وحقوقهم المهضومة ... ويعملون على الصاق مصائبنا السياسية والاقتصادية بأمريكا الشيطان الأكبر فقط وإسرائيل التي لا تنام الليل حسدا وبغضا في انظمتنا....
فالفتنة اشد من القتل والاعتصام من اجل المطالبة بالحقوق بدعة لم يفعلها السلف الصالح ... واذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار....الخ
التضليل الذي يمارسه خطباء الجمعة من أصحاب إكرامية السبعة دنانير هو من اخطر واشد انواع التضليل والتخدير فهو يعطي تنفيسة طويلة الأمد تريح نفسيات الكادحين وتبث في قلوبهم الأمل مرة أخرى وتعينهم على بغض هذه الدنيا المذمومة
إن البرجوازية يرهقها كثيرا الصدام المباشر واستخدام القوة في كل مرة فتلجأ الى الاستغلال مع الاقناع والتضليل والخداع بوسائلها الدنيئة المختلفة فلله درها من طبقة قبيحة قميئة دنيئة.
#وليد_حكمت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟