|
ٱلحوار وٱلاختلاف
سمير إبراهيم خليل حسن
الحوار المتمدن-العدد: 1759 - 2006 / 12 / 9 - 10:34
المحور:
ثقافة الحوار والاختلاف - ملف 9-12- 2006 بمناسبة الذكرى الخامسة لانطلاق الحوار المتمدن
أكثر ٱلمجتمعات ٱلتى يُزعم بعربيتها ليست خاضعة لسلطات دكتاتورية مستبدة وقامعة ولسلطات غير محدودة للمؤسسات ٱلدينية وٱلقبيلية وحسب. بل هى أكثرية خاضعة قامعة بقوّة ٱستبداد ذاتىّ بفعل ما فىۤ أنفسها من مناهج لغو موروثة فى جميع ٱلمفاهيم. وهى ٱلتى تعمل على نشر قيمها وأعرافها ٱلموروثة ولا تقبل بتجديد فيهاۤ أو ٱستبدالها. وهى بموقفها ٱلمقدِّس للموروث تستبد وتقمع نفسها بكل وسائل ٱللّغو وٱلتخريص. لا توجد لدى هذه ٱلأكثرية أىّ أمكانية لنشر أسلوب للحوار وقبول ٱلاختلاف فيه. سوآء ءكان ٱلحوار سياسيّا أم دينيّا. فٱحترام ٱلأخر ونظره ٱلمختلف لآ أصل له ولا منهاج عند أكثرية هذه ٱلمجتمعات ٱلغارقة فى مرض جهلها وتخلفها بسبب كَفرها على نفسها. وهى ستبقى على مرضهاۤ إلىۤ أخر حياتها. وهو ما بيّنه كتاب ٱللّه فيما يقوله ٱلرّسول عن قومه يوم يقوم ٱلحساب: "وقال ٱلرّسولُ يَـٰرَبِّ إنّ قومى ٱتَّخَذُواْ هٰذا ٱلقرءانَ مَهجُورًا" 30 ٱلفرقان.
ٱللّه يعلم بما فىۤ أنفسنا وبٱحتمالات أعمالنا وأقوالنا. فهو ٱلعليم ٱلرقيب ٱلسميع ٱلبصير. وهو يوكّد فى كتابه على ٱستمرار خضوع أكثرية أبنآء هذه ٱلمجتمعات لأغلال مرض مناهجها ٱللاغية وٱلغافلة وٱلقامحة وٱلكافرة ٱلتى تُغشى ٱلبصر وتمنع من ٱلإيمان: "يسۤ(1) وَﭐلقرءَانِ ﭐلحَكِيمِ(2) إِنَّكَ لَمِنَ ﭐلمُرسَلِينَ(3) علىٰ صِرَٰطٍٍ مُّستَقِيمٍ(4) تَنزِيلَ ﭐلعَزِيزِ ﭐلرَّحِيمِ(5) لِتُنذِرَ قَومًا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُم فَهُم غَـٰفِلُونَ(6) لَقَد حََقَّ ﭐلقَولُ عَلَىٰۤ أَكثَرِهِم فَهُم لا يُؤمِنُونَ(7) إِنَّا جَعَلنَا فِىۤ أَعنَـٰقِهِم أَغلَـٰلا فَهِىَ إلى ﭐلأذقانِ فهم مُقمَحُونَ(8) وجعلنا مِن بَينِ أيدِيهِم سَدًّا ومِن خلفِهِم سَدًّا فأغشَينَـٰٰهم فَهُم لا يُبصِرُونَ(9) وَسَوَآء عَليهِم ءََأَنذَرتَهُم أَم لَم تُنذِرهُم لا يُؤمِنُونَ(10)" يسۤ.
هٰذه ٱلصّفات ٱلمعدّدة فى سورة "يسۤ" هى صفات أكثرية قوم ٱلرّسول ٱلشاميين. وبهٰذه ٱلصّفات تظهر أسباب ٱتباع أكثرية قوم ٱلرسول لمناهج ٱلظّنّ وٱللّغو وٱلشّيط وٱلرّجم بٱلغيب وٱلزّعم بإيمان. وهى مناهج مرض ٱلوسواس ٱلخناس ٱلمقيم فىۤۤ أنفسهم. وهى ٱلتى تستبدّ بهم وتشدّهم إلى تخلف وتُواريهم عن أى سبيل للحوار وٱلحرية وٱلتطور. خطاب هؤلآء قامح كاذب يشيط عن ٱلحقِّ. وهذا سبب تشهيرهم وتسقيطهم وتكفيرهم وإلغآئهم لكلِّ مَن يخالف رأيهم ٱلسياسى وٱلدينى. وبذلك يمنعون علىۤ أنفسهم تأسيس مجتمع مدينىّ يقوم على حقِّ ٱلشخص كفرد مسئول له حقّ ٱلاختلاف مع ٱلجميع فى جوٍّ من ٱلقبول وٱلاحترام وٱلاعجاب. وهم لا يستيطعون ولن يستطيعوا قبول وٱحترام حقِّ ٱلمرء ٱلذَّكر. لأنّهم لم يؤسسوا له منهاجا يقوم على ٱلمروءة وقوّة ٱلذِّكر. وأكثرية ٱلذكور لا يستطيعون بنآء أسس ذلك ٱلمنهاج بسبب صيطرة منهاج مرض ٱللّغو عليهم. وبٱلتالى لن يرَ ٱلذكر من هذه ٱلأكثرية فى ٱلمرأة أكثر من مكان لبذوره فيبقى مستنفرا لحراسته من ٱلبذور ٱلغريبة. ولن يستطيع ٱلذكر من هذه ٱلأكثرية تأسيس مجتمع يقوم على ٱلتسامح ٱلاجتماعى وٱحترام ٱلأرآء وٱلمواقف ٱلمغايرة ولن يحترم للإنسان حقوقا لأنه لا يعلم بها ولا يستطيع. وسيبقى يرى فى ٱلذكور (حتى فيمن يحمل منهاجه ذاته من ٱلأقليات ٱلدينية وٱلقومية) غربآء يعيشون فى دياره. وهو يحذرهم ويخشى على نفسه من خيانتهم بسبب ما فى نفسه من منهاج خيانة.
أما ٱلقطيعة بين ٱلسلطات ٱلمستبدّة وبين سكان بلادها فهى بفعل منهاج يخضع له أهل هذه ٱلسلطات. فهم من أبنآء ٱلسكان ومنهاجهم هو منهاج مرض ٱللغو ٱلمهيمن علىۤ أنفس ٱلأكثرية. ولن يكون لهم سلوك إلا وفق منهاج رعاة لأكثرية قطيع يرعونه أو يملكونه.
ولن تكون أكثرية ٱلفرق ٱلمعارضة لهذه ٱلسلطات أكثر من فرق تتنازع مع ٱلرعاة وبين بعضها على سلطة ٱلرَّعى فى ٱلمكان.
كذلك هى وسآئل ٱلاعلام. فأكثرها على ٱلرغم من زعم قبول أكثرها للرأى ٱلأخر لا تنشر لهذا ٱلأخر رأيا أو مقالا من دون رقابة وقبول لما يقول. فأكثر وسآئل ٱلاعلام تدّعى دوافع لمنع نشر هذا ٱلمقال وأخر. أو بثّ هذا ٱلرأى وأخر. بزعم ثوابت ومبادئ هى ٱلأساس لمفهوم أىّ ٱستبداد. ومَن يتساهل منهم مع بعض ٱلأفكار تقوم سلطات طاغوت قوم ٱلرسول بٱلعمل على تعطيلهاۤ أو كفرهاۤ أو حبس ٱلكاتب أو ٱلمتحدث. وإن تأخر فعل طاغوتها يسارع إليه فريق من قوم ٱلرسول مهددا بقتل ٱلكاتب أو ٱلمتحدث بٱسم ما يظنّه من دين.
حتى ٱلحوار ٱلمتمدن لم يكن بعيدا عن تلك ٱلمبادئ وٱلثوابت. فهو لم يترك للحوار على موقعه من فرصة. وقد ٱكتفى بٱلتصويت ٱلذى قد لا يكون وسيلة لبيان موقف صاحب ٱلصوت. وهو يمنع نشر مقالات يرى فى نشرها ما يضرّ بٱلموقع. كمآ أنّه يزعم لنفسه أسمآء متناقضة لاغية (يسارى- علمانى- ديقراطى). فٱليسارى متطرف بدليل ٱسم يسار ونقيضه فى ٱسم يمين. وهذا ينقض مفهوم ٱلتمدن ٱلمعلن للموقع. أما ما يسمّى علمانىّ فهو لغو فى كلمة دنيوىّ نسبة للحياة ٱلدنيا. وفى ٱلحياة ٱلدنيا ٱلسليمة من ٱلأمراض جميع مواقف ومفاهيم ٱلناس ٱلتى لا يجوز ٱلفصل بين أصحابهآ إلا يوم ٱلقيامة كما يبيّن كتاب ٱللّه: "إنَّ ٱلّذين ءَامنواْ وٱلّذين هَادُواْ وٱلصَّـٰبئينَ وٱلنَّصَـٰرى وٱلمَجُوسَ وٱلّذينَ أَشْرَكُواْ إنَّ ٱللَّه يفصِلُ بينهم يومَ ٱلقيـٰمةِ إنَّ ٱللَّه على كلِّ شَىءٍ شهيد" 17 ٱلحج. فٱلمجتمع ٱلعلمانىّ يهتم أهله بعيشهم فى ٱلحياة ٱلدنيا ويتركون أمر ٱلفصل بين أطرافه ٱلمختلفة ٱلمفاهيم إلى يوم ٱلقيٰمة. فلا يسمحون بتشريع يجيز لطرف أو فريق أن يسعى لفصل أحد عن ٱلأخر فى ٱلحياة ٱلدنيا. وهذا عمل وموقف وليس إعلان وحسب يدعيه مَن يريد. وهو ما يجب أن يؤسس عليه ٱلعاملون بمنهاج ٱلديمقراطية ومنهم أهل موقع ٱلحوار ٱلمتمدّن. وهو ما عليهم بيانه حتى فى ٱلأسمآء ٱلتى يتسمون بها. فٱلأمر ٱلذى يجب أن يعمل عليه كلّ مَن يحمل ٱسم مدينىّ وديمقراطىّ هو عيش ٱلناس كأفراد فى مجتمع مدينة. ذكر وأنثى وليس كقوم أو شعب قطيع له رأى أو موقف أو دين واحد هو دين طاغوته ٱلمتسلط عليه. وعليه ٱلعمل فى ٱلكشف ٱلمستمرّ عن ٱللغو فى جميع ٱلمفاهيم ٱلتى تعيق وتعطل وتمنع ٱلعيش ٱلمدينىّ. وخصوصا مفاهيم ٱلدين ٱلمتعلقة بفقه دليل ٱلكلام ٱلحامل للمفاهيم. فأىّ إصلاح وتغيير يبدأ فى ٱلنفس وليس فى مكان أخر: "إنَّ ٱللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بقومٍ حتَّى يُغَيِّرُوا ما بأَنفُسِهِم" 11 ٱلرَّعد. وما فىۤ أنفس أكثرنا (بمن فيهم ٱلذين يتفكرون) هو منهاج تعليم وتربية تخريص ٱلطاغوت وكهنوته.
فهل تعمل أقليتنا (ٱلتى تظنّ أنها مدينيّة وديمقراطية ٱلتفكير وٱلموقف) على تغيير ما بأنفسها من مفاهيم دين ولغو وقوم وسياسة موروثة من ٱلأبآء؟
فىۤ أخر هذا ٱلمقال أتوجّه إلى ٱلعاملين فى موقع ٱلحوار ٱلمتمدن بٱلشكر على ما يبذلون من جهد لمتابعة عمل هذا ٱلمنبر. وأخص منهم ٱلأخ رزكار عرقاوى ٱلذى بادر أكثر من مرّة لحماية ٱلموقع من أسلوب ٱلاستبداد.
ولى رأى أعرضه علىۤ أهل ٱلموقع وعلى ٱلذين ينشرون كتاباتهم فيه. حيث أرىۤ أن يكون للموقع ما يناسب ٱسمه "ٱلمتمدن" من أعمال متخصصة فى عرض ٱلمفاهيم. من دون دخول فى مسآئل إخبارية أو حزبية أو مواقف حدودية مع أو ضد هذا ٱلفريق أو ذاك. وأن يكون ٱلمقال حاملا لمفاهيم مدينيّة محدّدة من قبل ٱلموقع. مثل حقوق ٱلإنسان ذكر وأنثى. ومنها حقّه كفرد فى ٱلعمل وٱلسكن وٱلقول وٱلكتابة وٱلهجرة وٱلعلم وٱلموقف وٱلزواج وٱلتبنى وٱلوصية وٱلملكية بكلّ ألوانها شيئية وفكرية. وٱستبدال ٱلاسم ٱلذى ٱختاره له والديه. وتغيير دينه وحزبه ووطنه وغيرها من ٱلمسآئل ٱلتى لا يحقّ لغيره ٱلتدخل فيها. فهى حياته ومصالحه ومسئوليته وله وحده حقّ ٱلتصرف فيها من دون وصاية ولا رعاية عليه. كذلك ٱلمسآئل ٱلتى تتعلق بٱلميثاق وٱلعهد بين ٱلناس على عيشهم ٱلمشترك فى مجتمع وتشريع أسس ذلك ٱلعيش. ككتابة مشاريع دستور وٱلحوار فيها وأهميتها وعلاقة ٱلتشريع وٱلسلطة بٱلدستور وغيرها من ٱلمسآئل ٱلتى تكشف عن أسباب ٱلاستبداد فى مجتمعاتنا. كذلك مسألة ٱلأكثرية وٱلأقلية قومية وطآئفية. ومفهوم ٱلفيدرالية ومفهوم ٱلوحدة وغيرها من ٱلمسآئل ٱلحوارية. ٱلتى لا تحمل عدآء لهذه ٱلسلطة أو تلك أو لهذا ٱلحزب أو ذاك وهذه ٱلطآئفة أو تلك. ولكنها تحمل رأيا فى سلوك ومواقف وأرآء وأعمال تخالف مفهوم ٱلتمدن لأىّ من هؤلآء. كمآ أرىۤ أن تترك ٱلمسآئل ٱلحزبية وٱلإخبارية وٱلمواقف ٱلمؤيّدة وٱلرافضة ومتعلقاتها لمواقع أخرى متخصصة. فٱلتمدن هو سلوك مرتبط بمفاهيم مدينيّة يجب ٱلعمل على نشرها وٱلحوار فيها وبيان عيوبها من دون عدوان. وهو ما على ٱلموقع أن يعمل عليه ويعلنه.
ملاحظة: لمن يريد نسخة من كتبى فهى على ٱلوصلة ٱلتالية: http://islamdemocacy.friendsofdemocracy.net/default.asp?item=208498
#سمير_إبراهيم_خليل_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ٱلتعليم ٱلدينىّ عدوان وظلم
-
أهمية عقل ٱلنظرية ٱلعلمية مع ٱلقرءان
-
ٱلأخوان فى مصر طاغوت يجعل من طاغوتها رحمة!
-
أقيموا ٱلصَّلوٰة وءاتوا ٱلزَّكوٰة و&
...
-
تفسير ٱلقرءان
-
ٱلبشر وٱلإنسان
-
هل -ٱلقرءان- هو كتاب ٱللَّه؟
-
ٱلديمقراطية وٱلفيدرالية وحقوق ٱلإنسان
-
ٱلبابا بندكتوس وٱلمسلمون ٱلبخاريون!
-
هل أنّ ٱللّه ربّ ٱلسّمٰوٰت وٱل
...
-
جدلية وحش إنسان
-
ٱلعمل ٱلسياسىّ بهداية كتاب ٱللّه
-
عام 2050 على ٱلأبواب
-
مَن نحن؟
-
أيها ٱلديمقراطيون لا تلوموا ٱلرئيس على عبد ¤
...
-
ٱلعلمانية مفهوم يحرف ٱلإدراك ويلغو فيه
-
ما هى حاجتناۤ إلى ٱلميثاق؟
-
ٱلجميع سيقبل ٱلفيدرالية!
-
ٱلفيدرالية هى ٱلسبيل إلى ٱلديمقراطية و
...
-
بيان ٱلحىّ حىّ
المزيد.....
-
إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
-
مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما
...
-
سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا
...
-
مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك
...
-
خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض
...
-
-إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا
...
-
بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ
...
-
وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
-
إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات
...
المزيد.....
|