أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - قاسم حسين صالح - معالجة مشكلات الشباب..شرط لتحقيقي الأمن المجتمعي















المزيد.....


معالجة مشكلات الشباب..شرط لتحقيقي الأمن المجتمعي


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 7921 - 2024 / 3 / 19 - 18:47
المحور: المجتمع المدني
    


معالجة مشكلات الشباب
شرط لتحقيق الأمن المجتمعي في العراق

أ.د. قاسم حسين صالح
مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية
*


تحديد مفاهيم
يتطلب هذا الموضوع الذي يخص أربعة أطراف اساسية: الحكومة، الشعب، الأحزاب والكتل السياسية، ومراكز البحوث العلمية..تحديد معنى اربعة مفاهيم:الأمن المجتمعي،الأمن السياسي،الأمن الأقتصادي،ومشكلات الشباب، وبدونها يبقى الحال في العراق كما هو ولن تتحقق دولة المؤسسات المدنية.
ولنبدأ بفهوم الأمن المجتمعي.
يقصد به ان يعيش الفرد حياة اجتماعية مطمئنة على نفسه ورزقه وبيته، ويتحقق من خلال الاجراءات والخطط التي تتخذها الدولة لحماية المجتمع من كل ما يحد من تقدمه وتحقيق الحياة الكريمة لجميع المواطنين.
ومؤخرا استخدمت مفوضية الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان مفهوم الامن الانساني كمرادف لمفهوم الامن المجتمعي وعرّفته بأنه( حماية الحريات الحيوية، وحماية الناس من الاوضاع والاخطار الطارئة، وبناء قواهم وطموحاتهم،وخلق النظم السياسية والمجتمعية والبيئية والعسكرية والثقافية التي تمّكن الناس من العيش بكرامة).
ما يعني ان كلا المفهومين يؤكدان ان على الدولة تأمين (كرامة الأنسان) بكل ابعاد الكرامة.
ومع ان هنالك ستة مكونات للأمن المجتمعي،فاننا سنركز على اهم اثنين منها: الأمن السياسي والأمن الأقتصادي.
فما المقصود بالأمن السياسي؟
يقصد به قدرة الدولة على حماية نفسها من اي تهديد او عدوان او هجوم ،والحفاظ على كيانها السياسي، وتحقيق اعلى درجات الاستقرار،وتحرر المواطن من الشعور بالخوف والحاجة،وحمايته من تهديدات القمع السياسي، وتأمين عدم تعرضه للصراعات والحروب واضطراره للهجرة، وضمان ممارسة حرية التعبير عن الرأي،والتعامل السلمي في الأختلاف والخلاف في الرأي والرأي الآخر.

اما الأمن الأقتصادي فيقصد به تأمين حاجات الفرد الاساسية (غذاء ،سكن ، ملابس ،رعاية صحية ، تعليم..)،رفع مستوى الخدمات، تحسين ظروف المعيشة ،ايجاد فرص عمل للجميع ،محاربة الفقر،تطوير القدرات والمهارات من خلال برامج تعليمية ،مواكبة روح العصر ومتطابات الحياة الراهنة..وتحقيق العدالة الأجتماعية،الذي كان غيابها احد أهم اسباب الحراك الأجتماعي الثوري الذي اطاح بانظمة حكم عربية ( ليبيا، مصر ، تونس).

والتساؤل هنا: ما شكل العلاقة بين الأمن السياسي والأمن المجتمعي؟

والأجابة ان كليهما (الأمن السياسيّ والأمن الاجتماعيّ) يعدّان أحد الحقوق التي تمنحها الدولة لمواطنيها،وبموجب ذلك،يتعين على الدولة حماية أفرادها من التعدي الذي قد تمارسه الحكومات أو المنظمات،أو الأفراد،فإن تحقق الأمن السياسيّ والاجتماعيّ، يصبح بمقدور الأفراد المشاركة في الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة للمجتمع والدولة دون تمييز أو قمع.
ونضيف نقطة مهمة تخص قادة العملية السياسية،أن من شأن الحفاظ على الأمن والاستقرار السياسيّ والاجتماعيّ لأفراد الدولة أن يُكسب النخبة الحاكمة شرعية أكبر( أكرر..شرعية اكبر)، ما يعني انه لا يمكن تحقيق الأمن الاجتماعيّ دون الحفاظ على الأمن السياسيّ.

فهل الأمنان السياسي والأقتصادي متحققان في عراق ما بعد 2003؟
الأحداث تؤكد انهما غير متحققين..نكتفي بذكر ثلاثة فيما يخص الأمن السياسي:
الأول: الحرب الطائفية بين عامي (2006 و 2008) التي راح فيها آلآف الضحايا ولسبب في منتهى السخافة: ما اذا كان الآخر اسمه حيدر او عمر او رزكار!

والثاني: الحرب الداعشية.

في ليلة 9 على 10 من حزيران (2014) سقطت مدينة الموصل في ساعات بيد مسلّحي الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) من غير ان تحصل معركة بينهم وبين قوات الجيش العراقي المسؤول عن حمايتها،فأصاب الناس ذهول ان تسقط ثاني اكبر مدينة عراقية محاطة باربع فرق عسكرية وبداخلها مائة الف شرطي ورجل امن..في ساعات بين ليلة وفجرها.. بيد مسلحين لا يتجاوز عددهم عشر عدد الجيش النظامي المحيط بها وبداخلها!

والثالث : انتفاضة تشرين

في الأول من تشرين أول/اكتوبر 2019 شهد العراق حدثا سياسيا وجماهيريا غير مسبوق في تاريخه السياسي،ففيه انطلقت في المحافظات الوسطى والجنوبية تظاهرات فاجأت السلطة والشعب والمحللين السياسيين الذين كانوا على يقين بأن الأحباط اوصل العراقيين الى اليأس والعجز من اصلاح الحال. وفاجأت ايضا علماء النفس والأجتماع بما يدهشهم..بل أنها خطّات نظرية في علم النفس تقول:اذا اصيب الانسان بالأحباط وحاول وحاول ولم ينجح،فأن تكرار حالات الخذلان والخيبات توصله الى العجز والاستسلام..فأطاح بها جميعها شباب ادهشوا العرب والعالم!.
وخلال خمسة أيام،بلغ عدد الضحايا 110 شهيدا،ليسجل الخميس (الثالث من الأيام الخمسة) اليوم الأكثر دموية في مواجهات عنيفة غير مسبوقة بين القوات الامنية ومتظاهرين يطالبون برحيل الفاسدين وتأمين فرص عمل للشباب استدعى الحكومة الى اعلان الانذار جيم واستخدامها قوة مفرطة،ادانها الرأي العام العالمي، وحملّت المرجعية الدينية على لسان الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة (11 تشرين اول 2019)،الحكومة العراقية مسؤولية اراقة الدماء،وامهلتها اسبوعين لكشف الجناة ومحاسبتهم على قتل اكثر من ستمئة وجرح وتعويق اكثر من عشرين الفا اغلبهم شباب ومراهقين.
واذا اضفنا لها المواجهة التي حصلت في المنطقة الخضراء بين فصيلين شيعيين هما التيار الصدري ودولة القانون فأننا نصل الى حقيقة ان الأمن السياسي غير متحقق في العراق طوال عشرين سنة، وانه الآن مهدد ايضا من تدخلات اجنبية وعدم توافق سياسي داخلي.

ولكشف ما هو غير معلن،فان المطالب المعلنة للمتظاهرين تحددت بتوفير فرص عمل للشباب وحملة الشهادات العليا،وتأمين الخدمات وتحسين الوضع الأقتصادي،فيما كانت في حقيقتها السيكولوجية تعبيرا عن انتقام استهدف أحزاب الأسلام السياسي ،عبروا عنه باحراقهم لمقرات هذه الأحزاب، لأنهم وجدوا ان من انتخبوهم قد خذلوهم ،او بالتعبير العراقي (ضحكوا عليهم) والعراقي..( ما يرحم اليضحك عليه).

وللتاريخ فأنني كنت الوسيط بين الحكومة والمتظاهرين. فحين وجدت المخابرات العراقية ان لي حضورا توعويا مع المتظاهرين في ساحة التحرير..اتصل بي رئيسها السيد مصطفى الكاظمي طالبا الحضور الى مكتبه..والتقينا، واتفقنا على مسائل مهمة،والتقيت بعدد من قيادات المتظاهرات وتم الآتفاق بتحديد مدة ستة اشهر على تطبيقها..وبعد يومين نزل السيد الكاظمي الى ساحة التحرير دون حماية معلنة والتقى بالمتظاهرين.

مشكلات الشباب
يشكل الشباب ثلثي المجتمع العراقي،ولهم الدور الرئيس في المجالات السياسية والأقتصادية والأجتماعية والعلمية،وعليهم يتوقف مستقبل العراق. ولدى متابعتنا لأوضاعهم بعد 2003 ،وجدنا انهم يعانون أربع مشكلات خطيرة :البطالة،المخدرات ، الأنتحار،والأغتراب.
البطالة
• وفقا لتقرير عالمي World of Statistics فان العراق حلّ ثالثا في العالم بنسبة بلغت 16% فيما ذكرت وزارة التخطيط العراقية ان نسب البطالة في البلاد تتجاوز ما ذكره التقرير لاسيما بين حملة الشهادات الجامعية. ويفيد تقرير بان نسبة البطالة في قطاع الشباب بلغت ( 27%)
• وبحسب وزير التخطيط لجريدة الصباح فان نسبة الفقر في العراق 20 % لعام 2018 ،ترتفع بالمحافظات الجنوبية لتصل بمحافظة المثنى الى 52 %. ويفيد تقرير لوزارة التخطيط بأن عدد الذين هم تحت خط الفقر (13) مليون عراقي في سابقة ما حصلت بتاريخ العراق.

المخدرات
• وفقا لاحصاءات مجلس القضاء الاعلى في العراق لعام 2021 فان نسبة الادمان على المخدرات قد تصل الى 50 في المئة من فئة الشباب، وان تناولها وصل الى اطفال المدارس الأبتدائية!
• ووفقا لتقارير وزارة الصحة العراقية لعام 2017 فان هناك ثلاثة الى اربعة مدمنين من كل عشرة شبان بعمر 18-30 .
ومع تعدد المصادر التي تؤكد ارتفاع تعاطي المخدرات في العراق، فان الحقيقة المؤكدة ان العراق يتصدر الدول العربية بتعاطي المخدرات في قطاع الشباب.
فما اسباب ذلك؟
أهم سببين:
• كانت الدولة قبل 2003:
- قوية في تطبيق القانون بعقوبات تصل حد الأعدام لمن يتاجر بالمخدرات.
- و تعاطي الكحول كان مباحا..وبالصريح فأن الفضل يعود الى العرق العراقي..لأن من يتعاطاه لا تكون لديه حاجة الى أي مخدر مهما كان قويا.
وأن الذي حصل بعد 2003 :
• أن الدولة بمفهومها الأمني لم تعد موجودة،
- وان محلات بيع الكحول تم غلقها بمعظم المحافظات،فضلا عن دعوة ممثلي احزاب الاسلام السياسي في البرلمان العراقي بتحريم الكحول،وقيام بعض المليشيات بحرق عدد من محلات بيعها لاسيما في البصرة.
شهادات
+ يؤكد تجار ومهربون،تفاقم ظاهرة تهريب العرق والخمور المستوردة من العراق إلى إيران مقابل تهريب الحشيشة والحبوب المخدرة منها للعراق.
+ ويرى آخرون أن تخلخل الاستقرار السياسي دفع القوى السياسية الى ما هو مشروع وغير مشروع في تحصيل مكاسب من بينها سيطرتها على المنافذ الحدودية وممارستها الاستيراد والتصدير،وتوريط مسؤولين عراقيين باشراكهم واعطائهم نسبا من الارباح..لهدف سياسي ايضا هو الهاء الشباب بالهلوسة وتخديرهم.
+ أعلن قائد الشرطة في البصرة الفريق رشيد فليح وجود متنفذين يوفرون الحماية لتجار المخدرات (20تموز 2019)
+ واعلن نائب برلماني من البصرة(السكيني) ان تجارة المخدرات في العراق اكثر من تجارة النفط والسلاح.
واصبح تجار المخدرات مافيات ومواجهات عنيفة مع القوات الامنية ادت الى استشهاد ضباط ومنتسبين.
* الأنتحــــــار
اعلنت فضائية (الشرقية نيوز) في حصادها ليلة (27/26 اكتوبر 2021) ان حالات الأنتحار قد زادت في عام 2020 . وفي( 31 كانون الثاني 2024 ) اعلنت نفس الفضائية ووسائل اعلام اخرى ان (هناك خمس حالات انتحار يوميا في العراق).
هذا يعني ان الحكومات العراقية واحزاب السلطة لم تعالج الأسباب التي تؤدي الى الأنتحار برغم ان علماء النفس والاجتماع ومثقفين كتبوا عشرات المقالات فيها معالجات علمية للحد من هذه الظاهرة.
نوعان من الأسباب:
الأول:اسباب تقليدية للانتحار ،هي:
• البطالة في قطاع الشباب،
• تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية،
• عادات وتقاليد اجتماعية متخلفة.
والثاني :أسباب عراقية جديدة للأنتحار، نوجزها في الآتي:

• انشغال حكومات المحاصصة بمصالحها الخاصة على حساب المصلحة العامة،

• فشل العملية السياسية وانشغالها بالصراعات وانتاج الأزمات نجم عنها حالات اجتماعية سلبية تطورت لظواهر أخطرها: تضاعف حالات الطلاق والانتحار وتعاطي المخدرات،


• توالي الخيبات على الشباب..نجم عنها شعورهم بالاكتئاب والضياع والخوف من المستقبل وانعدام المعنى من الحياة ،ليشكّلا أهم سببين لتعاطيهم المخدرات والمؤثرات العقلية.

ابتكار عراقي لمعالجة انتحار الشباب!

• في 22نيسان 2019،أمر مجلس محافظة بغداد ببناء أسيجة للجسور لمنع الشباب من الانتحار،سخر منه العراقيون ووصفوه بأنه (ابتكار جديد يستحقون عليه براءة اختراع) وأن ( رئيس مجلس محافظة بغداد اكتشف سرّا خطيرا لم تعرفه الانسانيه على مر العصور حين توصل الى ان طريقة الانتحار تتم بواسطة الجسور ووجد العلاج..ببناء الأسيجه!)

الأغتراب
هذه الكلمة (الأغتراب) التي تبدو بسيطة ، شغلت اهتمام الفلاسفة وعلماء النفس والأجتماع وكتبوا عنها مجلدات وتوصلوا الى اكثر من عشر نظريات..من ماركس الى هيجل،سارتر، كولن ولسن ...اتفقت على ان له سببا محددا لكنها اختلفت في تحديد ماهية السبب.
ومن وجهة نظرنا نرى ان الاغتراب هو حصيلة تفاعل ستة اسباب..نختصرها بثلاثة:

1.العجز: ويعني احساس الفرد بأنه لا يستطيع السيطرة على مصيره،لأنه يتقرر بعوامل خارجية اهمها انظمة المؤسسات الاجتماعية.

2.فقدان المعنى: ويعني الاحساس العام بفقدان الهدف في الحياة.

3.الاغتراب النفسي: ويعد اصعب حالات الاغتراب تعريفا، ويمكن وصفه بشعور الفرد بانه اصبح بعيدا عن الاتصال بذاته( حين يقف أمام المرآة يسأل نفسه: آني منو!).

وتفيد الدراسات بان المغترب الذي يعاني من واحد او اكثر منها، مثل:(حين تكون علاقاته بالآخرين او السلطة مصدر شقاء له)، فأنه يشعر بعدم وجود معنى للحياة ،فينعزل عن المجتمع،وقد ينقلب ضده.
وحين يصل حد الشعور بأن ذاته اصبحت غريبة عليه،فانه يحقد عليها..فينهيها بانتحار بطيء بالادمان على الكحول،او بانتحار سريع...بـــــطلقة!..وقد فعلها كثيرون في العشرين سنة الأخيرة.
وللأمام علي(ع) مقولة سبق بها علماء النفس والأجتماع هي ( الفقر في الوطن غربة) فكيف اذا كان هذا الوطن هو اغنى بلد في المنطقة وواحد من أغنى عشرة بلدان في العالم؟ّ..دون ان تدرك السلطة ان الشباب يشكلون ثلثي المجتمع وانهم هم الذين سيحددون مستقبل العراق.

المعالجات
شرطان أساسيان لتحقيق الأمن المجتمعي في العراق، هما:
اولا: مكافحة الفساد
• قالت منظمة الشفافية العالمية المعنية بالكشف عن الفساد حول العالم ان العراق يحتل المرتبة الثالثة في قائمة الدول الاكثر فسادا.
• وصفت المرجعية الدينية في النجف الاشرف كبار الفاسدين في السلطة بانهم (حيتان) ،و(بح صوتها) دون ان يستجاب لها بالحد من الفساد الذي افقر الملايين.
• اعلنت هيئة النزاهة بانها تمكنت في 18-5- 2009 من تنفيذ اوامر قبض بحق 33 متهما بقضايا فساد لم تنفذها الحكومة.
• كشف القاضي راضي الراضي الرئيس الاسبق لمفوضية النزاهة عن ان 31 من اعضاء الهيئة قتلوا.
• رئيسان تناوبا على رئاسة دورة واحدة للبرلمان،اسلاميان.. يوعظان الناس بالزهد وبتطبيق الشريعة، يقولان بان الاسلام هو الحل.. يتقاضى الواحد منهما راتبا شهريا قدره 57 مليون دينارا عدا امتيازاته الخيالية!
المؤتمر الأول لمكافحة الفساد 2024
في (14 كانون الثاني 2024 ،)انعقد في بغداد اول مؤتمر لمكافحة الفساد برئاسة السيد محمد شياع السوداني مؤكدا ان الحكومة وضعت ملف مكافحة الفساد على رأس أولوياتها،وانها خاطبت الدول التي تتواجد فيها أموال الفساد،و اصدر سبع توصيات بدأها بـ(الإسراع في حسم وإنجاز الإخبارات والشكاوى والدعاوى الجزائية ضمن المدد المحددة قانوناً..)،وانهاها بـ(تشريع قانون لاستحداث هيئة الرقابة، استناداً إلى أحكام المادة 108 من الدستور...).
الفساد في العراق.. اكبر من سبع توصيات!
ان اشرس المعارك التي تواجه العراق هي معركته مع الفساد، وهي مخيفة! بدليل ان رئيس الوزراء الأسبق السيد نوري المالكي اعترف علنا بأنه لا يستطيع مكافحة الفساد لأنه لو كشف ملفاته لأنقلب عاليها سافلها. وحين تلاه رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وعد بأصرار بانه سيضرب الفساد بيد من حديد ثم اعترف علنا في(27 /11/ 2017) بأنه غير قادر، لأن الفساد (مافيا.. يملكون المال، فضائيات، قدرات، يستطيعون ان يثبتوا انهم الحريصون على المجتمع، وهم الذي يحاربون الفساد، ولكنهم آباء الفساد وزعماء الفساد)، ختمها رئيس هيئة النزاهة السيد حيدر حنون بتصريح في (3 /5 / 2023) بان الفاسدين (قادة، وجنود، ومشجعين يدافعون عنهم، وانهم يتسابقون على سرقة أموال الدولة)، ليؤكدوا حقيقة ان الفاسدين اصبحوا دولة داخل دولة..تخيف أي رئيس وزراء يحاول التحرش بهم،وآخرهم السيد مصطفى الكاظمي، الذي حصلت في زمانه سرقة القرن بمليارات الدولارات! وتكتم عن كشف الحقيقة كاملة..ما يعني ان محاربة الفساد تحتاج الى متخذ قرار شجاع وحازم وذكي واستثنائي يعتمد استراتيجية علمية يضعها مختصون وخبراء مستقلون ،يتحرر من مقولتنا قبل عشر سنين بأن،( سيكولوجيا السلطة في العراق علمت الحاكم ان يحيط نفسه بأشخاص يقولون له ما يحب ان يسمعه).
لنستفد من تجارب العالم
يعد كتاب: (الفساد.. مبادرات تحسين اﻟﻨـﺰاهة في البلدان النامية) الصادر عن الأمم المتحدة بعنوان (برنامح الأمم المتحدة الأنمائ ومركز التنمية الأقتصادي في منظمة التعاون الأقتصادي والتنمية) افضل مصدر عن التجارب الناجحة في مكافحة الفساد ومنها:الهند،المكسيك، الولايات المتحدة. ومع ان تجربة ماليزيا تعد الأنجح في (الدور التنموي للدولة في مكافحة الفساد)، فأن تجربة سنغافورة تعد الأنجح والأنسب للأستفادة منها في العراق، وكان أهم عوامل نجاحها هو:
- إصدار قانون متكامل لمحاربة الفساد،
- انشاء "مكتب التحقيق في ممارسة الفساد" وقيامه بمهامه على الوجه الأمثل،
واتخاذ اجراءات ذكية لتنفيذ التشريعات التي تضمنها "قانون مكافحة الفساد" اهمها:توفر إرادة سياسية جادة وصادقة وحازمة في اقرار قانون فعاّل وعملي لمكافحة الفساد، وتأمين نظام قضائي كفوء ونزيه وسريع، وتأمين جهاز اداري مهني لتنفيذ قرارات القضاء، واشاعة الوعي بين المواطنين بان مكافحة الفساد واجب وطني وديني واخلاقي.
وكان اهم درس بتجربة سنغافورة، أنها قامت بتشكيل هيئة تتبع رئيس الوزراء ويعين أعضاؤها بقرار منه بعد أن كانت تابعة لوزارة الداخلية، تتولى دون غيرها جمع الاستدلالات والتحقيق في إعطاء سلطات واسعة لأعضاء هيئة مكافحة الفساد في الكشف عن الجرائم. ولا يحق لأي مسئول بالدولة أن يعيق أو يتداخل أو يؤثر على عملية اتخاذ القرار أو التحريات أو التحقيقات التي يقوم بها مكتب التحقيقات (Corrupt practices Investigation Bureau) الذي منحت له كامل الصلاحيات في استدعاء اي فرد مهما كان منصبه في الدولة او ثقله السياسي للمثول امامه والأجابة على اية اسئلة او استفسارات.مثال ذلك.. إذا كان أحد الأفراد مسئولاً مدنيـًا راتبه الشهري 500 دولارا ولديه سيارة BMW ولدى زوجته سيارة مرسيدس، ويمتلك منزلاً بقيمة 5 مليون دولار، فان عليه ان يمثل امام مكتب التحقيقات ويجيب عن سؤال: من أين لك هذا؟. فان ثبت ان ما لديه كان مالا غير مشروعا، فانه تتم مصادرته وتطبق بحقه قوانين صارمة تعتبر الفساد ليس فقط مجرد جريمة ارتكبها ذلك الشخص، وانما ضد من اعطاه تلك الأموال ايضا.
فهل تستطيع حكومة السيد السوداني محاسبة او مساءلة (36) ملياردير ثروة كل واحد منهم مليار دولار معظمهم كانوا فقراء، وفقا لمركز البحوث الفرنسي؟
وهل يستطيع تنفيذ ما قاله في المؤتمربانه سيتم (تشكيل لجان تحقيقية مع المسؤولين من المستويات كافة) ولو مساءلة رؤساء الوزراء السادة: نوري المالكي ،حيدر العبادي،عادل عبد المهدي،ومصطفى الكاظمي، بوصفهم كانوا الرجل الأول في الدولة؟
ثانيا: اعادة النظر بامتيازات السلطات الثلاث والبرلمان

نورد هنا بالأرقام ميزانيات العراق في عدد من سنوات ما بعد 2003
بلغت ميزانية العراق عام 2003 بحدود 14 مليار دولار، ارتفعت عام 2004 إلى 18 مليار دولار، لتبلغ في 2005 بحدود 26 مليار دولار،ارتفعت في 2006 الى 34 مليار دولار،لتقفز في 2007 الى 42 مليار دولار،لتصل 70 مليار دولار في 2008،و 74 مليار دولار في 2009،و 84 مليار دولار في 2011،و 101 مليار دولار في 2012،و 120 مليار دولار في 2013،لتقفز في 2014 الى 150 مليار دولار.
والتساؤل هنا جاء على لسان المرجعية بصوت الشيخ احمد الصافي بخطبة جمعة (9 /8/ 2019) بقوله:(ارقام مرعبة من الأموال..أين ذهبت؟ هل من مجيب؟!)..ولم يجبه احد أين ذهبت تلك الأموال الضخمة!
والجواب ان ما يقرب من ثلث هذه الميزانيات يذهب رواتب وامتيازات للسلطات الثلاث واعضاء البرلمان العراقي في سابقة ما حصلت بتاريخ العراق وتاريخ حكومات وبرلمانات العالم المعاصر.
ورغم اننا قدمنا مذكرات وقعها شخصيات وطنية من داخل العراق وخارجه، فأن من في السلطة لم تستجب.ومع ذلك فأننا اعددنا استراتيجية علمية لمعالجة اهم شرطين لتحقيق الأمن المجتمعي مقدمة من (المدى) الى مكتب السيد رئيس مجلس الوزراء.
وبالصريح فانه ما لم يتم معالجة هاتين الآفتين ( الفساد والأمتيازات ) فانه لن يتحقق الأمن المجتمعي ولا الأمن السياسي ولا الأمن الأقتصادي. ونحذر بأنه ما لم يحصل تغيير في الأنتخابات التشريعة القادمة تنقل العملية السياسية من سكة المحاصصة الى سكة بناء دولة مؤسسات مدنية فان العراق مقبل على حدث خطير سيندم عليه من توهم ان من استلم السلطة واستفرد بالثروة سيبقى يتنعم بهما الى يوم يخصه عزرائيل بالزيارة.

(*) مقدم الى الى مؤتمر مركز البحوث النفسية ( 7-8/ 3/ 2024 ) كربلاء المنعقد تحت شعار : الأمن المجتمعي - التحديات والمعالجات
*



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة العراقية في يوم عيدها العالمي- سيدتي..أنت استثناء
- علماء نفس في اربعة مواقف من الدين
- فلسطينيان..أحبا العراق وأبدعا فيه - الحلقة الثانية
- فلسطينيان..أحبا العراق وأبدعا فيه
- هل انتهى الكتاب في زمن الثورة المعلوماتية والذكاء الأصطناعي؟ ...
- مهرجان المربد الشعري بعيون من حضروا ومن غابوا
- طلبات الزائرين للأمام موسى الكاطم..هل تحققت بعد 17 سنة؟
- العراقيون وكرة القدم. تحليل سيكولجي لفرحهم بالفوز
- العراقيون..بين لعبتي كرة القدم والسياسة
- انعقاد المؤتمر الأول لمكافحة الفساد في العراق- معالجة علمية ...
- الحول العقلي..اصيب به المثقفون ايضا!
- اخوان الصفا..مفكرون اخوان اخوان الصفا..مفكرون في نقد العقل ا ...
- المعتزلة..مفكرون مجددون أم كفرة وزنادقة؟
- القرامطة..شيوعيو الأسلام !
- فلسفة فن اللامبالاة - لعيش حياة تخالف المألوف!
- عالم نفس مشهور غير معروف في الجامعات العراقية!
- الهروب الى النوم!
- اللغة العربية في العراق منسية في يومها العالمي
- تساؤلات مشروعة الى السيد نوري المالكي
- (الفقر في الوطن غربة) الأغتراب والأنتخاب


المزيد.....




- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...
- مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا ...
- اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات ...
- اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
- ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف ...
- مايك ميلروي لـ-الحرة-: المجاعة في غزة وصلت مرحلة الخطر
- الأمم المتحدة: 9.8 ملايين طفل يمني بحاجة لمساعدة إنسانية
- تونس: توجيه تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام إلى عبير موسي رئيسة ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - قاسم حسين صالح - معالجة مشكلات الشباب..شرط لتحقيقي الأمن المجتمعي