أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - مقالات بوب أفاكيان 2023 – الجزء الثالث من كتاب : مقالات بوب أفاكيان 2022-2023















المزيد.....



مقالات بوب أفاكيان 2023 – الجزء الثالث من كتاب : مقالات بوب أفاكيان 2022-2023


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 7920 - 2024 / 3 / 18 - 20:48
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مقالات بوب أفاكيان 2023 – الجزء الثالث من كتاب : مقالات بوب أفاكيان 2022-2023
( ملاحظة : الكتاب كاملا - بى دى أف - متوفّر للتحميل من مكتبة الحوار المتمدّن )
--------------------------------------------------------------
الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 47 / جانفى 2024
شادي الشماوي
https://www.ahewar.org/m.asp?i=3603
مقالات بوب أفاكيان 2022 و 2023
)This is not an official translation ( ملاحظة : هذه الترجمة ليست رسميّة /
مقالات بوب أفاكيان 2022 و 2023
مقدّمة المترجم :
في هذا العدد 47 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " أو الكتاب 47 ، نضع بين أيدي القارئ و القارئة 55 مقالا خطّها سنتي 2022 و 2023 بوب أفاكيان المعتبر حسب عنوان مقال نشر سنة 2020 ، " القائد الثوري ومؤلّف الشيوعية الجديدة الثوريّة و مهندسها " ( الملحق 1 ) . و إلى جانبها نورد مقالات تتفاعل مع بوب أفاكيان و أهمّية قيادته ( مقالات 5 ) تقييما و نقدا صدرت هي الأخرى في جريدة الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، جريدة " الثورة " وموقعها على الأنترنتrevcom.us.
و مثلما قلنا قبل سنتين ، في مقدّمة الكتاب 41 ، العدد 41 من " الماويّة : النظريّة و الممارسة " و كان عنوانه " مقالات بوب أفاكيان 2020 و2021 " :
" و لمن لم يعلم بعدُ من هو بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الذى ذكرنا للتوّ ، ببساطة نكتفى بقول :
أوّلا ، إنّه قائد شيوعيّ منذ سبعينات القرن العشرين و واضع الكثير من المقالات و الكتب و قد عرّبنا منها بضعة أعمال منها على سبيل الذكر لا الحصر الكتب التالية ( و جميعها متوفّرة للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن ) :
- المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ ، الجزء الأوّل
- ماتت الشيوعيّة الزائفة ... عاشت الشيوعيّة الحقيقيّة ! ،
- إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة
- الشيوعية الجديدة – علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة ، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقي "،
- لنتخلّص من كافة الآلهة ! تحرير العقل و تغيير العالم راديكاليّا !
[ - تقييم علمي نقدي للتجربتين الإشتراكيّتين السوفياتيّة و الصينيّة : " كسب العالم ؟ واجب البروليتاريا العالميّة و رغبتها " / 2020
- مقالات بوب أفاكيان 2020 و 2021 / 2021
- الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ... خطابات ثلاثة لبوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة / 2022
- المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ ، الجزء الثاني / 2023 ]
و ثانيا ، إنّ بوب أفاكيان مهندس الشيوعيّة الجديدة / الخلاصة الجديدة للشيوعيّة التي عرّفها هو ذاته بصورة مكثّفة :
" تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية ، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيء مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . "
( بوب أفاكيان ، " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية ، الجزء الأوّل " ؛ جريدة " الثورة " عدد 112 ، 16 ديسمبر 2007 )
و من يرغب / ترغب في مزيد التعرّف على من هو بوب أفاكيان و على سيرته الذاتيّة و مساهماته كقائد شيوعي لعقود ، فعليه / عليها بالملحق الثاني لهذا الكتاب و بكتاب " عن بوب أفاكيان و أهمّية الخلاصة الجديدة للشيوعيّة..." ( مكتبة الحوار المتمدّن أيضا ). و من تتطلّع / يتطلّع إلى دراسة مضمون الشيوعيّة الجديدة / الخلاصة الجديدة للشيوعيّة فعليها / عليه بداية بالملحق الثالث لهذا الكتاب و تاليا بكتابي " إختراقات ..." و " الشيوعيّة الجديدة ..." الذين مرّ بنا ذكرهما .
أمّا عن أهمّية هذه المقالات التي تطبّق الموقف و المقاربة و المنهج الشيوعيّين على جملة من قضايا الصراع الطبقيّ الحارقة و الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة و عالميّا ، فنترك للقرّاء الحكم عليها و لما لا التفاعل مع مضمونها نقاشا و تقييما نقديّا . "
و محتويات هذا الكتاب 47 ، العدد 47 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " مثيرة و معبّرة للغاية ، وهي زيادة على هذه المقدّمة المقتضبة :
الجزء الأوّل : مقالات بوب أفاكيان سنة 2022
1- بعض النقاط المفاتيح بصدد " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا ..." – حقائق نحتاجها من أجل التحرّر
2- تحدّي متجدّد : البحث عن ليبرالي أو تقدّمي نزيه
3- مسألة منهجيّة هامة صاغها بوب أفاكيان ، القائد الثوريّ و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة
4- النضال من أجل حقوق الإجهاض و تحرير النساء
5- بوب أفاكيان : بصدد دوافع أعمالي و كيف يرتبط هذا بالأهداف و المنهج و المبادئ الأساسيّين
6- بوب أفاكيان يتكلّم عن " عبادة الفرد " : تهمة سخيفة و جاهلة و غير مسؤولة – إنّما نحن نطبّق منهجا و مقاربة علميّين و نغيّر العالم في سبيل تحرير الإنسانيّة
7- الشوفينيّة الأمريكيّة الوقحة : - معاداة الإستبداد - ك - غطاء - لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة
8- الطفيليّة الإمبرياليّة و" الديمقراطيّة " : لماذا يساند عدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين بلا خجل إمبرياليّت" هم"
9- مبدأ أساسي بشأن الحرب في أوكرانيا
10- بوب أفاكيان يفضح المتقدّمين لخدمة هذا النظام الإضطهاديّ
11- قوى إضطهاد وحشيّ و إعتذارات منافقة للقتلة المقترفين للإبادات الجماعيّة – ما الذى يجب أن " يُلغى "
12- كلمات أربع و بعض الأسئلة الأساسيّة موجّهة إلى الليبراليّين الذين يحبّون أمريكا
13- ضباب الحرب و وضوحها
14- الطفيليّة الإمبرياليّة و تأثيراتها الرهيبة على الجماهير القاعديّة - و المخرج الثوريّ
15- حوار مع بوب أفاكيان [ حول قضايا حارقة : البيئة و الهجرة و حقوق الإنسان و الطبقات و حرّية الصحافة و سلاسل العمل – التزويد] ( الحوار بأكمله )
16- أوكرانيا : حرب عالميّة ثالثة خطر حقيقيّ و ليست تكرارا للحرب العالميّة الثانية
17-" عصابة صعاليك شرعيّين " ، صعاليك يملكون أسلحة نوويّة
18- الجنون الهستيري لشين بان و خطر حرب نوويّة
19- الحرب العالميّة الثالثة و البلاهة الخطيرة
20- الثورة : أمل الفاقدين للأمل - بوب أفاكيان يتحدّث عن " ليس لنا مستقبل وعلى أيّ حال سنموت في سنّ الشباب"
21- الحرب في أوكرانيا و مصالح الإنسانيّة : مقاربة علميّة ثوريّة مقابل التشويش الضار و الأوهام الشوفينيّة - بوب أفاكيان يردّ على أناس يجب أن يكونوا أكثر معرفة ( و ربّما كانوا كذلك في وقت ما )
22-المحكمة العليا تتحرّك نحو إلغاء حقوق الإجهاض : " النزول إلى الشوارع " و رفض حدوث ذلك – بوب أفاكيان يتحدّث عن هذا الوضع الدقيق في القتال من أجل حقوق الإجهاض و الطريق إلى التقدّم و تجنّب الطرق المسدودة
23- النضال الحيويّ من أجل حقوق الإجهاض و وضع نهاية لكافة الإضطهاد – الوحدة العريضة و الصراع الضروريّ
24- العمل مع حزب الفهود السود ، العمل من أجل الثورة – و ليس هراء " هويّة اليقظة "
25- قيادة السود و السكّان الأصليّين و ذوى البشرة الملوّنة ( البيبوك ) ، لا وجود لشيء كهذا – القتال ضد الإضطهاد و القيادة التي نحتاج إليها
26- قتال جدّيّ ضد الظلم – و ليس تدافعا تافها من أجل " الملكيّة "
27- الضمائر و جوع الأطفال
28- رسالة مفتوحة إلى المنظّر الفيزيائي لي سمولين من بوب أفاكيان – قائد ثوريّ و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة و مهندسها
29- جلسات إستماع المحكمة بشأن أحداث 6 جانفي [2020 ] - و عنف هذا النظام [ الرأسمالي – الإمبريالي ]
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الجزء الثاني : تفاعلا مع بوب أفاكيان ( سنة 2022 )
1- سجين ثوريّ يتفاعل مع جدال بوب أفاكيان حول إلغاء العبوديّة
2- الحاقدون الذين " لا يرغبون في السماع عن بوب أفاكيان " يخبرون عن حقيقتهم
3- بوب أفاكيان : مسألة خلافيّة
4- روبار ماككاي يُشيطن بشكل تضليليّ بوب أفاكيان و يمحو الثورة و يتفّه الحقيقة – هل تقبل الأنترسبت بهذا ؟
تجّار: ( revcoms ) 5- خلفيّة أسبوع من الهجمات على شبكة الأنترنت ضد بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين لخوف الإمبريالي و خدمه
----------------------------------------------------------------------------------------------------------
الجزء الثالث : مقالات بوب أفاكيان سنة 2023
1- أمريكا : حقّا نموذج – للإبادة الجماعيّة الفاسقة
كيف يمكن لأيّ إنسان شريف أن يُنكر أنّنا في حاجة إلى ثورة للإطاحة بهذا النظام ؟!
2- بوب أفاكيان يردّ على شباب قاعديّين – " الحسّ العام " عادة خاطئ و المقاربة العلميّة تبيّن أنّ الثورة ممكنة ، لا سيما في هذا " الزمن النادر "
3- دستور الولايات المتّحدة : نظرة مستغِلِّين للحرّية + ملاحظات إضافيّة ( و مقدّمة مقتضبة )
4- فكر " مناهضة الإستبداد " فكر مناهض للعلم – خدمة الإمبرياليّة الأمريكيّة و الترويج للشوفينيّة الأمريكيّة
5- النظريّة الشيوعيّة العلميّة و مشكل " الخطّ الجماهيري "
6- الثورة : المنعرجات الكبرى و الفرص النادرة أو ... لماذا تحدّث لينين عن الحرب العالميّة الأولى بإعتبارها " مديرة مسرح " الثورة ؟ ... و لماذا قال ماو إنّه يجب أن نشكر اليابان لغزوها الصين ؟
7- الليبراليّون ... كاذبون ... كاذبون
8- بصدد بيل ماهر – ملاحظة أخرى عن الشوفينيّة الأمريكيّة و الفرديّة الطفوليّة
9- روبار أف. كندي الإبن ... التدجيل و التآمر ... أفكار غير عاديّة و مقاربة علميّة – المحاورة أو عدم المحاورة – هذه مسألة مبدأ و منهج
10- المحكمة العليا : المسيحيّون الفاشيّون يسلبون بإسم الإلاه
11- الإستغلال : ما هو و كيف نضع له نهاية
12- الثورة ممكنة – يجب إغتنام هذا الزمن النادر
13- الإلاه و التحيّز و الإضطهاد و الرعب ؛ و طريق الخروج من هذا الجنون
14- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر – الجزء الأوّل : نحن نتحلّى بالجدّية
15- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر – الجزء الثاني : إستراتيجيا ترتكز على العلم
16- حالة طوارئ : سلاسل تقيّد الذين هم في حاجة بيأس إلى التحرّر
17- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر - الجزء الثالث : الحرب الأهليّة والثورة
18- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر - الجزء الرابع : لبّ صلب من الشباب و الثورة
19- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر - الجزء الخامس : الظفر و الظفر
20- وضع نهاية للإستغلال و للإضطهاد كلّه
21- رأسماليّون ، معادون للشيوعيّة : نفاق صارخ و تناقض ساطع
22- كيلار مايك ، آيس كيوب ، لماذا لا يمكن للبرامج الرأسماليّة و التطلّعات البرجوازيّة أن تؤدّي إلى التحرير و لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة
23- محاكمات دونالد ترامب الفاشي و الطبيعة الإجراميّة لهذا النظام برمّته
24- بعض الحقائق الأساسيّة حول الحرب الإسرائيليّة المدعومة من قبل الولايات المتّحدة ضد فلسطين
25- نقطة مخفيّة في أخلاق مساندي إسرائيل الذين ينقدون حماس – و حماس فقط – لقتل أطفال
26- أجل ، لا يمكن أن " نسوّي " بين إسرائيل و الفلسطينيّين ، لكن الواقع عكس ما يؤكّد عليه مساندو إسرائيل
27- بوب أفاكيان : إلى الشيوعيّين الثوريّين و المنتمين إلى نوادى الثورة و المتعاطفين معها – فلسطين ، إسرائيل ، الإمبرياليّة : الحرب و خطر حرب أكبر حتّى – و الثورة – توجّه أساسيّ و تحريض مُقنع و تعبأة الجماهير
28- حكم مستفزّ في الوقت المناسب صادر عن بوب أفاكيان
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
الجزء الثالث
مقالات بوب أفاكيان سنة 2023
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1- أمريكا : حقّا نموذج – للإبادة الجماعيّة الفاسقة
كيف يمكن لأيّ إنسان شريف أن يُنكر أنّنا في حاجة إلى ثورة للإطاحة بهذا النظام ؟!
2- بوب أفاكيان يردّ على شباب قاعديّين – " الحسّ العام " عادة خاطئ و المقاربة العلميّة تبيّن أنّ الثورة ممكنة ، لا سيما في هذا " الزمن النادر "
3- دستور الولايات المتّحدة : نظرة مستغِلِّين للحرّية + ملاحظات إضافيّة ( و مقدّمة مقتضبة )
4- فكر " مناهضة الإستبداد " فكر مناهض للعلم – خدمة الإمبريالية الأمريكيّة و الترويج للشوفينيّة الأمريكيّة
5- النظريّة الشيوعيّة العلميّة و مشكل " الخطّ الجماهيري "
6- الثورة : المنعرجات الكبرى و الفرص النادرة أو ... لماذا تحدّث لينين عن الحرب العالميّة الأولى بإعتبارها " مديرة مسرح " الثورة ؟ ... و لماذا قال ماو إنّه يجب أن نشكر اليابان لغزوها الصين ؟
7- الليبراليّون ... كاذبون ... كاذبون
8- بصدد بيل ماهر – ملاحظة أخرى عن الشوفينيّة الأمريكيّة و الفرديّة الطفوليّة
9- روبار أف. كندي الإبن ... التدجيل و التآمر ... أفكار غير عاديّة و مقاربة علميّة – المحاورة أو عدم المحاورة – هذه مسألة مبدأ و منهج
10- المحكمة العليا : المسيحيّون الفاشيّون يسلبون باسم الإلاه
11- الإستغلال : ما هو و كيف نضع له نهاية
12- الثورة ممكنة – يجب إغتنام هذا الزمن النادر
13- الإلاه و التحيّز و الإضطهاد و الرعب ؛ و طريق الخروج من هذا الجنون
14- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر – الجزء الأوّل : نحن نتحلّى بالجدّية
15- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر – الجزء الثاني : إستراتيجيا ترتكز على العلم
16- حالة طوارئ : سلاسل تقيّد الذين هم في حاجة بيأس إلى التحرّر
17- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر - الجزء الثالث : الحرب الأهليّة والثورة
18- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر - الجزء الرابع : لبّ صلب من الشباب و الثورة
19- الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر - الجزء الخامس : الظفر و الظفر
20- وضع نهاية للإستغلال و للإضطهاد كلّه
21- رأسماليّون ، معادون للشيوعيّة : نفاق صارخ و تناقض ساطع
22- كيلار مايك ، آيس كيوب ، لماذا لا يمكن للبرامج الرأسماليّة و التطلّعات البرجوازيّة أن تؤدّي إلى التحرير و لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة
23- محاكمات دونالد ترامب الفاشي و الطبيعة الإجراميّة لهذا النظام برمّته
24- بعض الحقائق الأساسيّة حول الحرب الإسرائيليّة المدعومة من قبل الولايات المتّحدة ضد فلسطين
25- نقطة مخفيّة في أخلاق مساندي إسرائيل الذين ينقدون حماس – و حماس فقط – لقتل أطفال
26- أجل ، لا يمكن أن " نسوّي " بين إسرائيل و الفلسطينيّين ، لكن الواقع عكس ما يؤكّد عليه مساندو إسرائيل
27- بوب أفاكيان : إلى الشيوعيّين الثوريّين و المنتمين إلى نوادى الثورة و المتعاطفين معها – فلسطين ، إسرائيل ، الإمبرياليّة : الحرب و خطر حرب أكبر حتّى – و الثورة – توجّه أساسيّ و تحريض مُقنع و تعبأة الجماهير
28- حكم مستفزّ في الوقت المناسب صادر عن بوب أفاكيان
--------------------------------------
(1)
أمريكا : حقّا نموذج – للإبادة الجماعية الفاسقة
كيف يمكن لأيّ إنسان شريف أن يُنكر أنّنا في حاجة إلى ثورة للإطاحة بهذا النظام ؟!
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 785 ، 13 جانفي 2023

هذا مقتطف من خطاب ألقاه بوب أفاكيان السنة الفارطة في اجتماع الشيوعيّين الثوريّين و قد أدخل عليه تعديلات من أجل النشر .
-----------------------------------------------
هناك نزاع محتدم للغاية في هذه البلاد حول ما إذا كان من الممكن حتّى الحديث عن تاريخ العبوديّة بأية طريقة حقيقيّة ، و الفاشيّون التفوّقيّون البيض يهاجمون و يحاولون منع أيّ نقاش جدّيّ للموضوع و خاصة فظائعه الفعليّة ، و يتركّز هذا النزاع بوجه خاص في النظام التعليميّ . أحيانا يقول هؤلاء الناس عمليّا بأنّ العبوديّة لم تكن شيئا بذلك السوء ! - أو يؤكّدون: " آه ، العبوديّة ، حدثت قبل فترة زمنيّة طويلة . لم تكن لديّ أيّة علاقة به . هذا من الماضي البعيد . كلّ الأمر من الماضي . لا علاقة لذلك بما يجرى الآن . كفّوا عن التباكي على أشياء حصّلت في الماضي و إنتهت ". لكن حين يتمّ الكلام عن هذه البلاد ، عن شكل فظيع بفظاعة العبوديّة عمليّا ، ليست العبوديّة مجرّد بعض التاريخ الديم .
سنة 2003 ، إستهللت خطاب " الثورة : لماذا هي ضروريّة ، و لماذا هي ممكنة ، و ماذا تعنى " بالحديث عن " البطاقات البريديّة للشنق " محيلا على مطلع أغنية لبوب ديلان . فكّروا في التاريخ الحقيقيّ لهذه البلاد . فكّروا في ما كان يجرى لما يناهز القرن ، عقب نهاية الحرب الأهليّة و الفترة القصيرة جدّا من إعادة البناء ، حينما كانت هناك محاولة للسماح عمليّا للسود لكسب بعض الحقوق – التي تمّ حينها الإنقلاب عليها مع ولادة الكو كلو كس كلان [ ku klux Klan ] و الإرهاب النظاميّ في الجنوب و الذى قامت بمجاراته كامل الطبقة الحاكمة للبلاد و مأسسته ، كجزء من " التوافق " الذى أبرمته في سبعينات القرن التاسع عشر . فكّروا في ما يعنيه هذا : لما يُناهز القرن ، لم يقع سحل آلاف السود ، لكن عديد عمليّات السحل هذه كانت تجرى أثناء تجمّعات جماهيريّة للبيض ، في حفلات شواء و أجواء إحتفاليّة . و تاليا ، عندما يقع شنق الأجساد و عادة حرقها ، عديد البيض كانوا يتقدّمون ليقتطعوا أجزاء من جسد المسحول كتذكار ، في جوّ كرنفاليّ .
أهذا ما يعنيه بيدن لمّا قال إنّ أمريكا كانت ملهمة للعالم ؟ ( حديثا قال إنّ أمريكا مثّلت مصدر إلهام للعالم لأكثر من قرنين من الزمن – ما يشمل زمن العبوديّة بجميع فظائعها الحقيقيّة جدّا ، و كذلك الميز العنصريّ لفترة جيم كرو و إرهاب كلو كلوكس كلان و آلاف عمليّات السحل التي أنفت الإشارة إليها ).
و الأمر لا يقف عند هذا الحدّ ... كانت تؤخذ صور و تُصنع بطاقات بريديّة و تباع عبر البلاد قاطبة – بطاقات بريديّة لعمليّات السحل . فكّروا في ما يعبّر عنه ذلك .
في ما يتعلّق بالفسق ، لا يمكن إيجاد أيّ شيء قام به هتلر و النازيّون كان أسوأ من هذا . كان هناك الدكتور النازيّ منجلي الذى تنقّل بين معسكرات الحشد النازيّة و أجرى تجاربا غريبة على أجساد اليهود السجناء هناك . وكان ذلك رهيبا. و هذا جزء من أسوء الفظائع في تاريخ الإنسانيّة ، كامل الهلوكست ( نظام قتل ملايين اليهود على يد النازيّين ). لكن ، مرّة أخرى في ما يتعلّق بالفسق ، حتّى عقب العبوديّة ، ما كان يجرى لما يناهز القرن من الزمن في هذه البلاد لم يكن أقلّ فظاعة – يصنّف بمستوى فظائع النازيّة – بينما يقال لنا طوال الوقت إنّ " هذا أعظم بلد في العالم ، هذا قائد العالم الحرّ ، هذا مصدر إلهام للناس في العالم بأسره ".
و معاملة السود بوجه خاص في الولايات المتّحدة ، و كذلك كامل الأشياء المتّصلة بتحسين النسل البشريّ التي ظهرت في هذه البلاد – حيث وقع التقدّم بفكرة أنّ الناس الذين وقع إعلانهم " أدنى " بشكل أو آخر ، بما في ذلك المعاقين ، لا ينبغي السماح لهم بالتوالد لأنّهم جرّوا البشر إلى مستوى أسفل - و لأنّ تحسين النسل و العنصريّة الإباديّة الجماعيّة في الولايات المتّحدة كانت نموذجا لما سيفعله النازيّون و بوجه خاص مع اليهود . فكّروا فحسب في هذا ، بينما يصمّون أذاننا بعظمة هذه البلاد و إعتبارها مصدر إلهام للعالم ... و على يبدو كان ملهما كبيرا للنازيّين .
و لا يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ . فحتّى مع نهاية نظام التمييز جيم كرو و الميز العنصريّ المنهجي المركّز في الجنوب مع وجوده عمليّا عبر البلاد لما يقارب القرن – حتّى مع وضع نهاية لهذا التمييز و الميز العنصريّين القانونيّين و ما نجم عن ذلك من فظائع – لا يزال مستمرّا الإضطهاد الرهيب للسود و غيرهم من الملوّنين .
و اليوم ، بدلا من الكلو كلوكس كلان بملابسهم البيضاء و أقنعتهم ، إنّها الشرطة بزيّها الأزرق ( رغم أنّ بعضهم يمكن أن يكون منتميا إلى الكلو كلوكس كلان ) هي التي تقترف قتل السود المرّة تلو الأخرى ، و كذلك اللاتينو [ المنحدرون من بلدان أمريكا اللاتينيّة ] و السكّان الأمريكيّين الأصليّين [ الهنود الحمر ] . و إنّه لواقع أنّه منذ ستّينات القرن العشرين وقع قتل المزيد من السود على يد الشرطة من الآلاف الذين سجّلوا في الفترة التالية للحرب الأهليّة إلى ستّينات القرن العشرين. و هذا ، إلى جانب السجن الجماعي للسود و اللاتينو أيضا ، تعبير مكثّف عن الإضطهاد العام .
في نهاية المطاف ، بداية من ستّينات القرن العشرين ، وُجدت معارضة غجتماعيّة واسعة لكلّ هذه الفظائع العنصريّة – معارضة جماهير السود إلتحقت بها أعداد كبيرة من البيض ، و آخرين و خاصة الشباب . لكن ، رغم مثل هذه المعارضة الجماهيريّة – التي وقع التعبير عنها مرارا و تكرارا ، مرّة أخرى بطريقة هامة سنة 2020- الإضطهاد العنصريّ و الإرهاب العنصريّ ، اجل بأبعاد إباد جماعيّة ، يتواصل بلا توقّف . لماذا ؟ لأنّه مبنيّ في هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يحكم هذه البلاد و يهيمن على العالم قاطبة .
هذه هي حقيقة بلاد و نظام يدعوننا إلى الإحتفاء به بإعتباره مصدر إلهام كبير . و ليس هذا سوى جزء من فظائع هذا النظام – و مهما كان قدر ذلك ، بمعنى حقيقيّ ، تكثيف لهذه الفظائع .
كيف يمكن لإنسان شريف أن يُنكر أنّنا في حاجة إلى ثورة للإطاحة بهذا النظام ؟َ!
----------
من أجل المزيد من التفاصيل عن الفضح القويّ لهذا النظام من طرف بوب أفاكيان ، و عن إفلاس مساعى إصلاحه و الحاجة الإستعجاليّة للإطاحة به بواسطة ثورة فعليّة و " عن قرب و شخصيّا " و تطوّر بوب افاكيان و دوره كقائد ثوريّ، عليكم بالتوجّه إلى " حوارات بوب أفاكيان " على اليوتيوب ضمن برنامج " الثورة ، لا شيء أقلّ من ذلك ! " .
(2) بوب أفاكيان يردّ على شباب قاعديّين – " الحسّ العام " عادة خاطئ و المقاربة العلميّة تبيّن أنّ الثورة ممكنة ، لا سيما في هذا " الزمن النادر "
جريدة " الثورة " عدد783 ، 4 جانفي 2023
" إنّه لمجرّد حسّ عام أنّه لا يمكن التمرّد ضد هذا النظام و الإطاحة به "- هكذا يقول الشباب القاعديّ في الجامعات ردّا على نداء الإلتحاق بصفوف الثورة .
" الحسّ العام " هو الأفكار التي يؤمن بها معظم الناس في وقت معيّن (ما يبدو صحيحا ظاهريّا ، دون المزيد من التعمّق في الأمر .)
لفترة زمنيّة مديدة من تاريخ الإنسانيّة ، كان من " الحسّ العام " – كان معظم الناس يؤمنون ب – أنّ كوكب الأرض لا يتحرّك و أنّ الشمس هي التي تتحرّك حول الأرض في حين أنّ في الواقع الأرض " تدور حول الشمس " أيضا بما يجعل سير دورة تامة لها حول الشمس سنة زمنيّة .
و كان حتّى من " الحسّ العام " لآلاف السنين أنّ الأرض مسطّحةو ذلك لأنّ الناس في وجودهم اليومي لم يكونوا عادة يلمسون " كرويّة " الأرض . لكن هناك حقيقة أساسيّة دلّل عليها العلم في مناسبات عديدة ألا وهي أنّ الأرض كرويّة الشكل و ليست مسطّحة .
و بالتالى ، لفهم حقيقة الأشياء لا سيما منها تلك الأكثر تعقيدا ، لا بدّ من المضيّ أبعد من " الحسّ العام " . لا ينبغي أن نقبل ببساطة ب " ما يعرفه الجميع " وهو عادة خاطئ . لا بدّ من التوغّل إلى ما تحت السطح لبلوغ معرفة علميّة – فهم علميّ للواقع .
و ينسحب هذا على التمرّد على هذا النظام و الإطاحة به . " الحسّ العام " يقول إنّ هذا غير ممكن بالنظر على قوّة هذا النظام . بيد انّ المقاربة العلميّة تؤكّد لنا شيئا مغايرا . فهي تكشف التناقضات و نقاط الضعف الكامنة صلب هذا النظام الذى ينظر له " الحسّ العام " نظرة سطحيّة . و بالأخصّ ، تثبت لنا المقاربة العلميّة كيف يتطوّر الوضع الآن و ما يشتمل عليه من نزاعات عميقة ( ما فتأت تتعمّق ) في صفوف السلطات الحاكمة و في البلاد ككلّ ما يوفّر إمكانيّة تعبأة ملايين الناس من أجل ثورة فعليّة بفرصة حقيقيّة لتحقيق الظفر – لإلحاق الهزيمة العمليّة بالنظام و تفكيك المؤسّسات التي تفرض بالقوّة هذا النظام – و إنشاء نظام أفضل بكثير .
و هذا الوضع ، المشتمل على فرصة نادرة للقيام عمليّا بالثورة و إنشاء عالم مغاير تماما و أفضل بكثير ، شيء لا يمكن التفريط فيه أو التفويت فيه . يجب أن ننكبّ على العمل بأقصى طاقاتنا و بحماس متسلّحين بالمعرفة العلميّة التي نحصّلها، لنحوّل إمكانيّة الثورة إلى ثورة في الواقع . و يجب أن نواصل كسب المزيد من الناس ليساهموا بنشاط في إنجاز هذا .
و قد تعمّقت في كلّ هذا في " الحوارات الثلاثة " التي أجريتها حديثا ضمن برنامج اليوتيوب " الثورة ، لا شيء أقلّ من ]Revolution Nothing Less- Show ذلك ! " [
إذا أردتم الحصول على فهم أتمّ لكيف أنّ هذا يمثّل حقيقة – و خاصة إذا أردتم المشاركة في القيام بثورة فعليّة - ، تعمّقوا في دراسة هذه الحوارات ... و ساعدوا في نشرها في كلّ مكان ...و إلتحقوا بالشيوعيّين الثوريّين الذين يجتهدون يوميّا من أجل إنجاز هذه الثورة ... و ساهموا بشتّى الطرق الهامة في هذه الثورة فيما تواصلون مزيد التعلّم و حتّى مزيد المساهمة في هذه السيرورة .
(3)
دستور الولايات المتّحدة : نظرة مستغِلِّين للحرّية + ملاحظات إضافيّة( ومقدّمة مقتضبة )
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 813 ، 8 ماي 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/us-constitution-exploiters-vision-freedom-added-notes-and-brief-introduction

مقدّمة مقتضبة : نُشر المقال التالي لبوب أفاكيان في الأصل في 1987. و نعيد نشره الآن لأنّه يظلّ مناسبا جدذا بمعنى فهم الطبيعة الأساسيّة لهذا النظام الذى نعيش في ظلّه – النظام الرأسمالي – الإمبريالي – و دور دستور الولايات المتّحدة كأساس قانوني و سياسي لهذا النظام الإستغلالي بلا رحم و الإضطهادي القاتل و المدمّر على نطاق واسع . في هذه النسخة المعاد نشرها ، صاغ بوب أفاكيان ملاحظات إضافيّة في نهاية المقال ، لمزيد توضيح بعض النقاط الهامة .
------------------------------

جامس ماديسون المؤلّف الأساسي لدستور الولايات المتّحدة كان أيضا مدافعا عن العبوديّة و عن مصالح مالكي العبيد في الولايات المتّحدة . لم يكتب ماديسون ، الرئيس الرابع للولايات المتّحدة ، بقوذة دفاعا فقط عن هذا الدستور بل دافع أيضا بقوّة عن جزء الدستور الذى يُعلن فيه أنّ كلّ عبد من العبيد يساوى ثلاثة أخماس إنسان ( و هذا لحساب العبيد على هذا النحو بهدف تقرير تمثيلهم و دفع الأداءات للولايات – الفصل الأوّل ، القسم 2 و 3 من الدستور ) .
و عند كتابة هذا الدفاع ، كان ماديسون يمدح " وسيلة مساومة الدستور " الذى يعامل العبيد على أنّهم " سكّان ، لكن بفعل العبوديّة أصبحوا أقلّ من المستوى المتساوى للسكّان الأحرار ؛ و بهذا يُنظر إلى العبد على أنّه مجرّد خمسي الرجل فحسب و شرح ماديسون " الوضع الحقيقيّ للحالة هو أنّهم يشاركون في كلّ من هذه الصفات : يعتبرون حسب قوانيننا ، في بعض الجوانب كأشخاص و في جوانب أخرى ، كملكيّة ... و في الواقع هذا طابعهم الحقيقيّ. إنّه الطابع الذى تمنحه لهم القوانين التي يعيشون في ظلّها ؛ و لن يُنكر أحد أنّ هذه هي المعايير المناسبة ". لقد لمس ماديسون لبّ المسألة ، جوهر كلّ ما يعنيه دستور الولايات المتّحدة ، حينما في سياق الدفاع عن قرار معاملة العبد على أنّه ثلاثة أخماس رجل، وافق على المبدأ التالي: " تقام الحكومة ليس أقلّ لحماية الملكيّة من حماية الأشخاص " (1) . حقوق الملكيّة – يعنى الأساس الذى عليه تنهض العبوديّة و كذلك أشكال أخرى من الإستغلال و التمييز و الإضطهاد جرى على الدوام الدفاع عنها . و طوال أكثر من قرنين من الزمن كُرّس خلالهما هذا الدستور ، إلى يومنا هذا ، رغم الحقوق الشكليّة المعلنة للأشخاص و حتّى مع أنّ الدستور قد نُقِّح ليلغي العبوديّة حيث شخص يملك عمليّا شخصا آخر كملكيّة ، فإنّ دستور الولايات المتّحدة ظلّ على الدوام وثيقة تدافع عن و عطى سلطة قانونيّة لنظام فيه الجماهير الشعبيّة ، أو قدرتها على العمل ، غستخدمت كملكيّة خاصة للثروة لفائدة قلّة قليلة .
إنّ إلغاء العبوديّة أثناء الحرب الأهليّة عني إلغاء شكل من أشكال الإستغلال و مزيد تطوير و توسيع أشكال أخرى من الإستغلال . و مثلما كتبت في " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا إنجاز أفضل من ذلك ؟ " ، " رغم جهود أنصار إلغاء العبودية و مقاومة تمرّدات العبيد أنفسهم – و قتالهم البطولي في الحرب الأهليّة ذاتها – لم تخُض حكومة الوحدة في الشمال و رئيسها لينكولن الحرب لأجل إلغاء فظائع العبوديّة بمعنى أخلاقيّ ما ... لقد نشأت الحرب الأهليّة عن نزاع بين نمطين من الإنتاج ، النظام العبودي في الجنوب و النظام الرأسمالي المتمركز في الشمال ، و إنفجر هذا العداء بصورة مفتوحة ، حرب ، عندما لم يعد من الممكن لهذين النمطين من الإنتاج أن يتعايشا داخل البلاد نفسها " (2) . و مثّل إنتصار الشمل على الجنوب في الحرب الأهليّة للولايات المتّحدة إنتصارا للنظام الرأسمالي على حسبا النظام العبودي . و قد مثّل ذلك إنتصارا للشكل الرأسمالي لإستخدام الناس كوسيلة لخلق الثروة . و في ظلّ نظام عبودي تماما ، يكون العبد كلّيا ملكيّة مالك العبيد . و في ظلّ الرأسماليّة ، تصبح العبوديّة عبوديّة مأجورة . : الطبقة المستغَلّة من العمّال ليست ملكيّة الطبقة الستغِلّة من الرأسماليّين ( مالكو المصانع و الأراضي إلخ ) بل يجد العمّال أنفسهم في وضع يتعيّن عليهم فيه بيع قدرتهم على العمل لرأسمالي لأجل كسب أجر . و تحتاج الرأسماليّة عددا كبيرا من العمّال " الأحرار " ، بمعنى مزدوج : يجب أن يكونوا " أحرارا " من كافة وسائل العيش ( كافة وسائل الإنتاج ) بإستثناء قدرتهم على العمل ؛ و لا يجب أن يرتبطوا بمالك خاص و مكان خاص و نقابة خاصة إلخ .- يجب أن يكونوا أحرارا ليقوموا بأيّ عمل يطالبون به ، يجب أن يكونوا " أحرارا "في التنقّل من مكان إلى آخر و أحرارا في أن يقع تشغيلهم و طردهم وفق حاجيات رأس المال ! إذا لم يستطيعوا أن يراكموا ثروة لرأسمالي من خلال عملهم ، عندئذ لا يستطيع العمّال العمل ن لا يستطيعون كسب أجر – لكن حتّى إن لم يستطيعوا أن يجدوا رأسماليّا ليستغلّ عملهم ، حتّى إن كانوا عاطلين عن العمل ، يظلّون بعدُ تحت هيمنة الطبقة الرأسماليّة و سيرورة مراكمة رأس المال للثروة – البروليتاريّون ( العمّال ) مرتهنون بالطبقة الرأسماليّة و النظام الرأسمالي من أجل حياتهم بالذات ، طالما كان النظام الرأسمالي يحكم . إنّه هذا الحكم ، هذا النظام الإستغلالي هو الذى يدافع عنه دستور الولايات المتّحدة و يفرضه و بصفة أكبر عقب إلغاء العبوديّة التامة خلال الحرب الأهليّة .
لكن إليكم واقع آخر غاية في الأهمّية : في الظروف الملموسة لخروج الولايات المتّحدة من الحرب الأهليّة ، و لبعض الوقت بعد ذلك ، لم تكن العبودية المأجورة الشكل الأوسع فحسب للإستغلال الجاري في الولايات المتّحدة . إلى وقت حديث جدّا ( إلى خمسينات القرن العشرين ) كان ملايين السود مستغَلّون مثل الأقنان في مزارع الجنوب ، يشتغلون كمزارعين و فلاّحين مأجورين لإثراء الملاّكين العقّاريّين الكبار ( و أصحاب البنوك و الرأسماليّين الآخرين ) . و فُرضت ترسانة كاملة من القوانين – معروفة عموما بقوانين جيم كرو – للحفاظ على هذه العلاقة الإستغلاليّة و الإضطهاديّة : و السود عبر الجنوب – و حقيقة عبر البلاد بأسرها – تعرّضوا إلى تمييز مفضوح و عنف و إرهاب سمحت بهم مثل تلك القوانين و شجّعت عليهم . و كلّ هذا ، أيضا ، دافع عنه و فرضه الدستور و تـاويلاته و تطبيقاته من طرف السلطات السياسيّة و القانونيّة العليا في الولايات المتّحدة . و طوال العقود العديدة الماضية ، عندما وقع إجتثاث الغالبيّة العظمى من السود من الأراضي في الجنوب لينتقلوا إلى مدن الشمال ( و الجنوب ) تواصل بعدُ التمييز ضدّهم ، و تعرّضوا إلى الميز العنصريّ بالقوذة ن كما تعرّضوا بإستمرار إلى العنف و الإرهاب حتّى بينما وقع توسيع بعض الحقوق المدنيّة الشكليّة لتشملهم .
و مجدّدا ، ينسجم ها مع مصالح الطبقة الرأسماليّة الحاكمة و النظام الرأسمالي . إنّه يتماشى مع المبدأ الذى ألنه جامس ماديسون : على الحكومات أن تحمي الملكيّة بقدر ما تحمى الأشخاص . و في الواقع ، ما عناه ماديسون بداهة – و ما كن عليه بوضوح واقع الولايات المتّحدة – هو أنّ الحكومة يجب أن تحمي ملكية البيض ، لا سيما البيض الأغنياء ، أكثر من حماية حقوق السود . لا يجب أن ننسى أبدا أنّه لمعظم تاريخهم في ما هو اليوم الولايات المتّحدة الأمريكيّة كان السود ملكيّة البيض ، وبوجه خاص مالكي المزارع الأثرياء . و حتّى بعد إلغاء هذه العبوديّة التامة ، لم يكن مسموحا أبدا للسود بأن يبلغوا المساواة مع البيض : لقد أخضعوا و تمّ الحفاظ على أنّهم أمّة مضطهَدَة و وقع التنكّر لحقّهم في تقرير المصير . لا يمكن للرأسماليّة أن توجد دون إضطهاد الأمم و هذا صحيح أكثر عندما تتطوّر الرأسماليّة إلى أعلى مراحلها : الرأسماليّة الإحتكاريّة – الإمبرياليّة . و لئن بيّن تاريخ الولايات المتّحدة شيئا فقد بيّن هذا .
الإرث الذى لن يتخلّوا عنه :
إنّ الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة اليوم – فوق كلّ شيء إمبرياليّو الولايات المتّحدة ، الرأسماليذون على نطاق واسع و المستغِلّون العالميّون الذين يهيمنون على الولايات المتحدة و معظم العالم – هم فعلا ، كما يزعمون ، ينحدرون مباشرة و عن جدارة من " آبائهم المسؤّسين " . و لهذا الطبقة الحاكمة و ممثّلوها السياسيّون بينما يشعرون بالإضطرار إلى قول إنّهم يعارضون العبوديّة اليوم ( على ألقلّ في الولايات المتّحدة ذاتها ) ، يمدحون بجدّية و يحتفون بملاّكي العبيد و المدافعين عن العبوديّة الذين كانوا بارزين جدّا ضمن " الآباء المؤسّسين " و لعبوا أدوارا محوريّة جدّا كجزء من تركيز نظام الولايات المتّحدة : رجال مثل جورج واشنطن و توماس جيفرسن و جامس ماديسون .
هؤلاء الإمبرياليّين لن يعترفوا أبدا بأنّ " آباءهم المؤسصّسين " أرسوا نظام حكم قائم في أسسه ذاتها على الإضطهاد و الإستغلال . لن يعترفوا أبدا بأنّ دستورهم هو الأداة القانونيّة لفرض ذلك الإستغلال و الإضطهاد .لا يمكنهم الإعتراف بذلك و أكثر من ذلك أيضا ، لا يمكنهم الإعتراف بأنّ الثروة و السلطة الشهيرتين تنبعان و بنيتا على سرقة الأرض و الموارد من السكّان الأصليّين ( و المكسيك ) من خلال الإبتزاز و وسائل القتل التام ؛ و من خلال التجارة في لحم البشر الحيذ و سحق البشر في عمل العبيد ؛ و من خلال الإستغلال بلا رحمة للمهاجرين بالملايين كعبيد مأجورين ؛ و من خلال السرقة و النهب عبر العالم ، خاصة لأمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و آسيا ( ما يسمّى اليوم عامة بالعالم الثالث ) . لا يمكن أن يقرّوا بانذه بينما تغيّرت أشكال العبوديّة ، ظلّت الولايات المتّحدة من البداية وصولا إلى اليوم ، مجتمعا حيث العبوديّة بشكل أو آخر كنت في موقع القلب من النظام الاقتصادي و بالذات أساس الهيكلة السياسيّة .
هناك الكثيرون ( بمن فيهم حتّى قاضى المحكمة العليا ثرنغود مارشال ) الذين يحاججون بأنّه بسبب الدفاع عن العبوديّة في الدستور – و ظلم آخر مثل إقتصاء النساء من الإنتخاب و معاملة الهنود الحمر – لم يكن الدستور وثيقة عظيمة عندما كُتب بيد أنّه صار عظيما عبر تاريخ الولايات المتّحدة و النضالات لإنشاء إتذحاد أكمل و دستورا أكمل . بكلمات أخرى ، يمكن أن تكون للدستور نقائص ببعض الطرق عندما إرتئى في الأصل ، لكن معجزته هي أنّ الدستور ينطوى في فصوله على إمكانيّات التغيير و التحسين – لتوسيع الديمقراطيّة و الحقوق إلى من حُرموا منها قبلا . و سيضيف البعض ، بينما يُدافع الدستور على حقوق الملكيّة ، يدافع أيضا عن الحقوق الفرديّة و المدنيّة ( حتّى موقف ماديسون المذكور في بداية هذا المقال يشدّد على ذلك ، قد يحاجج البعض ) . لننظر بعمق أكبر في هذه المسائل .
توسيع الدستور ... توسيع الهيمنة البرجوازيّة :
إنّ توسيع الحقوق و الحماية الدستوريّة للذين تمّ إقصاؤهم منا قبلا قد ترافق بطريقة عامة بتوسيع العلاقات البرجوازيّة ( الرأسماليّة ) و هيمنتها عبر الولايات المتّحدة . و في الوقت نفسه ، مضى ذلك اليد في اليد مع مواصلة إضطهاد السود و السكّان الأصليّين الأمريكيّين و اللاتينو و المهاجرين من أمريكا اللاتينيّة ( و من غيرها من الأماكن )، و إضطهاد النساء، و أشكال أخرى من الإضطهاد و الإستغلال . و كلّ هذا ليس في تناقض مع بل يتناغم مع المبادئ الجوهريّة التي يقوم عليها الدستور و الطريقة التي يتعامل بها مع العلاقة بين حقوق الملكيّة و حقوق الأفراد . (*)
و تجدر الملاحظة بأنّ الفصل 14 من الدستور ( وهو صدى للفصل الخامس ) نقطته المحوريّة هي بند أنّ لا ولاية يمكن أن " تحرم أيّ شخص من الحياة و الحرّية و الملكيّة دون سيرورة قانونيّة لازمة ؛ و لا أن تنكر على أيّ شخص داخل مجالها القانونيّ الحماية المتساوية أمام القانون ". و بوجه خاص في الفترة منذ الحرب العالميّة الثانية ، هذا إستُخدم هذا الفصل كجزء كبير من أساس توسيع الحقوقالمدنيّة لتشمل السود و النساء و آخرين تعرّضوا إلى التمييز ضدّهم . و مع ذلك، هذا الفصل صُوصق عليه بالضبط عقب الحرب الأهليّة ، سنة 1866؛ و لعدّة عقود لم يُستخدم هذا الفصل لمقاتلة الميز العنصريّ و الجنسيّ . بدلا من ذلك " لعدّة سنوات ، طبّقت المحكمة العليا بُند السيرورة اللازمة أساسا لحماية مصالح رجال الأعمال ضد قانون الولاية للتشريع التنظيمي ".(3) فقط بداية من ما بعد الحرب العالميّة الأولى ، و بشكل أتمّ عقب الحرب العالميّة الثانية ، جرى تطبيق الفصل 14 بطريقة لها دلالتها على مسائل الميز العنصريّ و الجنسيّ . و هكذا ، " في سلسلة طويلة من الحالات " بداية من 1925 ، المحكمة العليا " وسّعت تدريجيّا فهمها للسيرورة اللازمة لكي تشمل معظم ضمانات الحرّيات الفرديّة في القانون و الحقوق الفيدراليّة و حمايتها من ضعف الولاية . و حدث تطوّر مشابه في ما يتّصل ب بند الحماية المتساوية " (4). و هذه التغييرات في قرارات المحكمة العليا كانت جزءا من تغييرات أكبر في سياسة الطبقة الحاكمة . لكن هذه لم تنجم عن بعض الرؤى القانونيّة الثاقبة الجديدة ، و لا عن ضوء فجئيّ لصحوة أخلاقيّة في صفوف الطبقة الحاكمة . بالأحرى ، نجمت عن تغيّر في وضع السود في مجتمع الولايات المتّحدة و بأكثر حيويّة ، عن وضع الإمبرياليّين الحاكمين و حاجياتهم .
و كما جرت الإشارة إلى ذلك آنفا ، عرفت جماهير السود تغيّرا دراماتيكيّا في ظروف وجودها الخاصة – و ظروف الإضطهاد – في الولايات المتّحدة . و بدأ هذا خلال الحرب العالميّة الأولى و مباشرة إثرها لكنّه تطوّر تماما خلال الحرب العالميّة الثانية و إثرها . تُبع طلب العمل في الإنتاج الحربيّ و في صناعات إستراتيجيّة أخرى ، بعد الحرب العالميّة الثانية ، بتغيّرات شاملة في الفلاحة بالجنوب – أتت نتيجة التغيّرات التقنيّة و المنافسة الإقتصاديّة العالميّة – دفع بملايين و ملايين السود من الجنوب الريفيّ إلى الغيتوات المدينيّة للشمال و الجنوب ، و إلى الفئات الأكثر إستغلالا من البروليتاريا . و في الوقت نفسه ، لم يظهر الإمبرياليّون الأمريكان منتصرين فحسب بل تعزّزت قوّتهم بصفة كبيرة بفعل الحرب العالميّة التي دمّرت البلدان المعنيّة بصورة مباشرة و مركزيّة أكثر . لذا ، عقب الحرب العالميّة الثانية ، كانت إمبرياليّة الولايات المتّحدة في كلّ مكان تجمع تحت سيطرتها الممتلكات الإستعماريّة السابقة للقوى الإستعماريّة السابقة و تركّز الهيمنة الإستعماريّة الجديدة للولايات المتحدة باسم الحرّية و ( عادة ) تحت قناع السماح بالإستقلال الشكليّ . و في هذا الوضع ، لم يكن من الضروريّ جدّا – و ما كانمساعدا جدّا – معاملة السود بشكل مفضوح و بارز ك " مواطنين من الدرجة الثانية " في الولايات المتّحدة عينها . لهذا ، طوال الفترة الممتدّة على عدّة عقود ، وقع تقديم تنازلات للمطالبة بالحقوق المدنيّة و النضالات من أجل ذلك في الوقت نفسه مع الإحباط و القمع الخبيث و الترويج ل " قادة سود موالين و مسؤولين " فتمّ الإبقاء على الأشياء بصلابة تحت سيطرة الطبقة الحاكمة و في خدمة مصالحها الأوسع . و كذلك ، عرفت العقود الحديثة تغييرات سياسيّة و قانونيّة أفضت إلى توسيع معيّن للحقوق الشكليّة للنساء و بعض التنازلات لمعركتهنّ ضد الإضطهاد . و قد تناسبت هذه التنازلات مع تغيّرات هامة في المجتمع و في العالم بما في ذلك واقع أنّ في نسبة مائويذة صغيرة فحسب من الأسر الأمريكيّة ، لم يعد الحال أنّ الأسرة يُعيلها الرجل العامل لا غير . لكن مجدّدا ، هذه التنازلات إنحصرت في حدود تماشى جوهريّا مع مصالح و حاجيات الطبقة الحاكمة إزاء الظروف المتبدّلة في الولايات المتّحدة و في العالم .
هل سيجرأ أيّ شخص على قول إنّه بسبب هذه التغيّرات و التنازلات ،اللامساواة و الظلم قد ألغيا من الولايات المتّحدة ؟ في الواقع ، لا شيء من هذا قد أُلغي بأيّة طريقة ، أو إقترب من إلغاء التمييز ضد السود و ظروفهم الإضطهاديّة العامة و مكانتهم كأمّة مضطهَدة . و كذلك ما إنفكّ الإمبرياليّون الحاكمون يضطهدون السكّان الأصليّين لأمريكا – لم يتوقّفوا أبدا حتّى عن محاولة خداعهم و سرقة أراضيهم و مواردهم الثمينة . و أيضا ما إنفكّ الإمبرياليّون يقترفون التمييز ضد و يستغلّون بخبث الأقلّيات القوميّة الأخرى و المهاجرين . و كذلك ، رغم أنّ فصلا دستوريّا ( ال19 سنة 1919) منحهم حق التصويت و تنازلات أخرى ل " حقوق النساء " ، لم تمنح النساء المساواة – لم يوضع حدّ للإخضاع و الإهانة اللذين تعرّضت لهما : يظلّ إضطهاد النساء حجر أساس في مجتمع الولايات المتّحدة طالما أنّ نظام هيمنة و إستغلال طبقيّين مفروض . و اليوم ، قرنان بعد التفعيل الأوّل لدستور الولايات المتّحدة و بعد جميع التغييرات و التعديلات ، ما من أحد بوسعه جدّيا و بصفة معقولة أن يحاجج بأنّ مختلف أنواع الإضطهاد التي تحدّثت عنها هنا لم توجد أو هي مظهر بسيط للوضع لا أكثر . ما من أحد بوسعه جدّيا و بصفة معقولة أن يحاجج أنّها ليست مظهرا أساسيّا متجذّرا عميق التجذّر في المجتمع الأمريكي .
و سبب هذا متجذّر في ذات واقع و طبيعة النظام الاقتصادي في الولاات المتّحدة و النظام السياسي الذى يدافع و يفرض هذا النظام الاقتصادي بما في ذلك الدستور ك " أساس " قانوني للهيكلة السياسيّة . و السبب الجوهري للماذا " توسيع " الحقوق الدستوريّة إلى الذين تمّ حرمانهم منها سابقا لم يضع نهاية للإستغلال و اللامساواة و الإضطهاد هو التالي : جوهر النظام الاقتصادي الرأسمالي ليس منافسة مالكي السلع ، جميعهم يتنافسون بشكل متساوي في السوق ( فرصة متساوية للجميع ) . الجوهر هو إستغلال العمل كعمل مأجور ، تحكّم رأس المال في قوّة العمل ( القدرة على العمل ) كسلعة – سلعة فريدة من نوعها – يخلق إستعمالها ثروة . (**) و مثلما قال لى عامل برصيف بميناء قبل سنوات : ما من أحد يصبح غنيّا بالعمل ، الطريقة الوحيدة لأن تصبح غنيّا هي جعل أناس آخرين يعملون من أجلك ). و جوهر الهيكلة السياسيّة التي تتماشى مع هذا النظام الاقتصادي الرأسمالي و تحميه ليس الحرّية و الديمقراطيّة للجميع ، بغضّ النظر عن الثروة و الموقع الاجتماعي . الجوهر هو دكتاتوريّة الطبقة البرجوازيّة – إحتكارها للسلطة السياسيّة و القوّات المسلّحة – ضد الذين تهيمن عليهم في النظام الإقتصاديّ ، خاصة البروليتاريا . و هكذا ، حقّ التصويت و حقوق شكليّة أخرى للبروليتاريا و الجماهير المضطهَدَة الأخرى ليست بأيّ شكل من الأشكال في تعارض جوهريّ مع النظام الاقتصادي و السياسي للرأسماليّة و الدكتاتوريّة البرجوازيّة .
الديمقراطيّة البرجوازيّة – الدكتاتوريّة البرجوازيّة :
تقدّم الديمقاطيّة البرجوازيّة نفسها كديمقراطيّة لاطبقيّة : إنّها تعلن المساواة بين الجميع . و هكذا ، دستور الولايات المتّحدة لا يقول إنّ الطبقات المختلفة من الشعب يجب أن تملك ثروة و سلطة غير متساويتين ؛ بالأحرى ، يُرسى قوانينا يبدو و كأنّها تعامل الجميع بالطريقة نفسها ، بغضّ النظر عن الثروة و المكانة الإجتماعيّة . و مع ذلك ، لم يوجد أبدا ، و لا يمكن أن يوجد أبدا ، مجتع رأسمالي دون إختلافات هائلة في الثروة و النفوذ ، دون إنقسامات طبقيّة جوهريّة و تناقضات عدائيّة. في الواقع ، مجتمع رأسمالي دون هذه الأشياء غير ممكن تصوّره حتّى . و في الواقع ، الديمقراطيّة في المجتمع الرأسمالي لا يمكن أن تكون سوى ديمقراطيّة برجوازيّة . و يعنى هذا أنّ هناك ديمقراطيّة – حقوق سياسيّة متساوية و سلطة لإتّخاذ القرارات الجوهريّة – فقط ضمن الطبقة الرأسماليّة ، الطبقة الحاكمة . و بالنسبة إلى البقيّة و بخاصة بالنسبة إلى البروليتاريا، الديمقاطيّة البرجوازيّة تعنى الدكتاتوريّة : إنّها تعنى الخضوع لحكم الرأسماليّين حتّى حينما يُسمح بالتصويت و حتّى حينما يتمّ الحكم وفق دستور يحدّد القوانين التي ستطبّق بمساواة على الجميع . كيف يمكن لهذا أن يوجد ؟
أوّلا ، بالنسبة إلى التصويت ، كما أشرت إلى ذلك في كتاب " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا إنجاز أفضل من ذلك ؟ " :
" على المستوى الأكثر بداهة ، أن تكون مرشّحا جدّيا لأيّة وظيفة كبرى في بلد مثل الولايات المتّحدة يتطلّب ملايين الدولارات – ثروة خاصة أو غالبا ، دعم من أناس لهم تلك الثروة الماليّة . و أبعد من ذلك ، أن تصبح معروفا و تؤخذ على محمل الجدّ يرتهن بالعرض المواتي في وسائل الإعلام ( مواتي على ألقلّ بمعنى أنّك تقدّم كأنّك ضمن إطار المسؤوليّة – أي ، السياسات المقبولة ...و في حين " يعبّر الناس عن إرادتهم عبر التصويت " ، كلا المرشّحان اللذان عليهم الإختيار بينهما و " المواضيع " التي تستحقّ " الإنتباه الجدّي " قد وقع إختيارها من قبل شخص آخر " الطبقة الحاكمة ...
و فضلا عن ذلك ، و حتّى أكثر جوهريّة ، " لبلوغ مكان ما " عندما يتمّ إنتخابك – كلّ من التقدّم بالمسار المهنيّ الشخصيّ و " الحصول على فعل شيء ما " – من الضروري أن تتماشى مع القواعدالمركّزة و تعمل ضمن الهياكل المركّزة ". (5)
إلاّ أنّ هذا ليس كلّ شيء .
مع ذلك ، إذا لم تكن السيرورة الإنتخابيّة في المجتمع البرجوازي تمثّل ممارسة سيادة الشعب ، فهي عامة تلعب دورا هاما في الحفاظ على سيادة – دكتاتوريّة – البرجوازيّة و تواصل المجتمع الرأسمالي . و تنزع هذه السيرورة الإنتخابيّة ذاتها نحو تغطية العلاقات الطبقيّة الأساسيّة – و التناقضات الطبقيّة العدائيّة – في المجتمع ، و تخدم لتقديم تعبير شكليّ ، مؤسّساتي للمشاركة السياسية للأفراد المشتّتين كأفرراد في تأبيد الوضع القائم . و لا تقلّص هذه السيرورة الناس إلى أفراد منعزلين فحسب و إنما في الوقت ذاته تقلّصهم إلى موقع سلبيّ سياسيّا و تحدّد جوهر السياسة على أنّه مثل هذه السلبيّة المشتّتة – كلّ شخص ، فرديّا ، منعزل عن الآخرين ن مقدّما قبوله / قبولها لهذا الخيار أو ذاك ، و جميع هذه الخيارات قد صيغت و قُدّمت من قبل سلطة تقف فوق هذه الجماهير المشتّتة من " المواطنين "... قبول السيرورة الإنتخابيّة ذاتها على أنّها جوهر الفعل السياسي يعزّز القبول بالنظام القائم و يعمل ضد إحداث أيّة قطيعة راديكاليّة ، حتّى لا نقول أيّ شيء عن الإنقلاب العملي على ذلك النظام . ( 6 )
و لنتذكّر أنّ أحد أهم الأسباب التي جعلت دستور الولايات المتّحدة " مقدّرا و مركّزا " كما أعلن في " التمهيد " ، كان منع التمرّد الاجتماعي و الإطاحة بالنظام الذى يدعمه هذا الدستور – " ضمان الهدوء الداخلي " .
و الشيء نفسه يمكن قوله عن المظاهر الأخرى للديمقراطيّة البرجوازيّة و نوع الحقوق المعروضة في دستور الولايات المتّحدة ( بما في ذلك " قانون الحقوق " ) : هدفها و دورها هو تعزيز حكم البرجوازيذة و الإبقاء على النشاط السياسي في إطار الحدود المقبولة للبرجوازيّة . و هكذا ، " حرّية التعبير المتبجذح بها كثيرا في " البلدان الديمقراطيّة " ليست في تعارض مع بل هي مشمولة و محدودة ضمن الممارسة العمليّة لدكتاتوريّة البرجوازيّة . و يعود هذا إلى سببين إثنين – لأنّ الطبقة الحاكمة تملك إحتكار وسائل تشكيل الرأي العام و لأنّ إحتكارها للقوّات المسلّحة يضعها في موقع يسمح لها بأن تقمع، بالعنف الذى تراه ضروريّا ، أيّ تعبير عن الأفكار و كذلك أيّة حركة تمثّل تحدّيا جدّيا للنظام القائم " (7). إنّ تاريخ الولايات المتّحدة ،مثل تاريخ كامل الدكتاتوريّات " الديمقراطيّة " البرجوازيّة الأخرى ، يزخر بالإيضاحات التخطيطيّة لمجرّد مدى صحذة الموقف المقتبس أعلاه !
المساواة الشكليّة – معاملة كافة الأشخاص كمتساوين و خاصة " متساوين أمام القانون " ، دون إعتبار الثروة و الموقع الاجتماعي – في المجتمع البرجوازي تغطّى عمليّا على علاقة الإخضاع الكامل و الإستغلال و الإضطهاد الكاملين الذين تتعرّض لهم البروليتاريا و الجماهير الشعبيّة . إذا تحكّمت مجموعة صغيرة – الطبقة الرأسماليّة – في الوسائل الهامة لخلق الثروة ، عندئذ في الواقع ستكون لها سلطة الحياة و الموت على الذين يتحكذمون في القليل منها أو في لا شيء منها . و إمتلاك مثل هذه السلطة على الناس هو ، في الجوهر ، إبقاؤهم في ظروف عبوديّة ، سواء كانت أم لم تكن السلاسل ظاهرة تماما . في مثل هذا الوضع ، وهو الظرف الجوهري للمجتمع الرأسمالي – كيف يمكن أن يكون هناك أيّ شيء إلاّ لامساواة عميقة إقتصاديّا و إجتماعيّا و سياسيّا ؟ بمثل هذا الإنقسام الجوهري و بمثل هذه اللامساواة الجوهريّة لا يمكن أبدا أن يوجد أيّ شيء عدا الإستغلال و الإضطهاد و الدكتاتوريّة .
و بالنظر إلى القانون ، سيظهر هذا بطريقتين إثنتين . أوّلا ، أولئك الذين يهيمنون على المجتمع إقتصاديّا سيهيمنون عب الهيكلة السياسيّة ، في تقرير مضمون القوانين . سيضمنون أن تخدم القوانين مصالحهم . و ثانيا ، التطبيق العملي و فرض القانون سيميّز خدمة لمصلحة الذين يملكون ثروة و سلطة و سيكون ضد الذين لا يملكونهما – و حتّى أكثر ضد الأمم المضطهَدَة و النساء و الآخرين الذين " هم آخر الأخيرين " في المجتمع . و هذا تبيّنه الحياة اليوميّة العادّة في المجتمع الرأسمالي المرّة تلو المرّة . و هكذا ، مرّة أخرى ، كما مع حقّ التصويت و الحقوق الدستوريّة الأخرى في جمهوريّة ديمقراطيّة – برجوازيّة ، المساواة الشكليّة أمام القانون تعبّر عن نفسها ، في الواقع ، كلامساواة عميقة – و أكثر – كشيء محصور ضمن و يتناسب مع الهيمنة البرجوازيّة و الدكتاتوريّة البرجوازيّة .
إنّ الإختلاف الأساسي بين وجهة النظر البرجوازيّة للحرّية و الديمقراطيّة من جهة و سعي الجماهير الشعبيّة إلى وضع نهاية للظروف الإضطهاديّة من الجهة الأخرى ، يرسم بحدّة في الأحداث الأخيرة في هايتي و الفليبين و كوريا الجنوبيّة . فالجماهير المضطهَدة ( و الطلبة و المثقّفين الثوريّين ) يرغبون في نوع من التغيير الجوهري في النظام الاجتماعي و في كسر سلاسل الهيمنة الإمبرياليّة على بلدانهم . لكن معارضة قادة البرجوازيّة و الأحزاب البرجوازيّة يرغبون فقط في الإعتراف بالبنود و السيرورات الديمقراطيّة البرجوازية – بالإنتخابات كأعلى تعبير عن النشاط السياسي . فوق كلّ شيء، يرغبون في تقاسم السلطة – بينما يتركون النظام الاجتماعي و الهيمنة الإمبرياليّة دون مساس . أمّا بالنسبة إلى الإمبرياليّين حيث يصبحون مقتنعين بالحاجة إلى التغيير فىمثل هذه الأوضاع ، يبذلون قصارى الجهد لإبقائه ضمن إطار الهيمنة الإمبرياليّة و الحكم البرجوازي . و بالفعل ، يحاولون إستعمال مثل هذه الأوضاع لتعزيز و ربّما " تحسين " جهاز السياسة البرجوازيّة – و فوق كلّ شيء ، جهاز القمع – في البلدان المعنيّة .
و مع هذا نبلغ النقطة الأكثر جوهريّة التي عادة ما يقع تجاهلها أو التغاضى عنها في النقاشات و الجدالات حول الديمقراطيّة في بلدان مثل الولايات المتّحدة : الواقع هو أنّ الدرجة التي إليها تتوسّع الحقوق المسموح بها إلى الطبقات غير الحاكمة في البلدان الإمبرياليّة ترتهن بوضع حيث في أنحاء واسعة من العالم في ظلّ الهيمنة الإمبرياليّة ، تتعرّض الجماهير الشعبيّة على قمع مفضوح أكثر و قاتل أكثر . بإختصار :
" أرضيّة الديمقراطيّة في البلدان الرأسماليّة ( مأكول دودة كما هي ) تقوم على الرعب الفاشي في الأمم المضطهَدَة : الضامنون الحقيقيّون للديمقراطيّة البرجوازيّة في الولايات المتّحدة ليسوا الأكاديمية الدستوريّة و عدالة المحكمة العليا ، و إنّما هم المعذِّبون البرازيليّون و شرطة جنوب أفريقيا و الطيّار الإسرائيليّ ؛ المدافعون الحقيقيّون عن التقاليد الديمقراطيّة ليسوا في الصور المعلّقة في أروقة الكابيتولات الغربيّة و إنّما هم ماركوس و موبوتو و عشرات الجنرالات من تركيا إلى تايوان و من كوريا الجنوبيّة إلى جنوب أمريكا ، كلّ هذا موضوع و محافظ عليه في السلطة و مدعوم من قبل القوّة العسكريّة للولايات المتّحدة و شركائها الإمبرياليّين .(***) (8)
لكن في الوقت نفسه ، الحكّام الإمبرياليّون و المقدّسون بحماس للديمقراطية البرجوازيّة يمضون إلى مدي بعيد ليحاولوا التغطية على ذلك ، أو إساءة شرح الأمر ، القمع العنيف " في الداخل " الأساسي جدّا ليس لسير النظام و الحفاظ على النظام المركّز :
لأنّه يوجد قمع خبيث و إرهاب دولة يطبّقان بإستمرار – و ليس في أوقات الأزمة الجدّية أو التمرّد الاجتماعي فحسب – في البلدان الإمبرياليّة ؛ و يطبّق ها التوجّه بوجه خاص ضد الذين لا يدعمون بل يعارضون النظام القائم ، أو الذين ببساطة لا يمكن عدّهم على أنّهم مسالمين من قبل السير العادي للنظام الإمبرياليّ – أولئك الذين تكون ظروفهم يائسة و يكون وضعهم الحياتي متفجذر على أيّ حال .
في الولايات المتّحدة ، مئات رجال الشرطة يُطلقون النار على المضطهَدين ، لا سيما السود و الأقلّيات القوميّة الأخرى ، كلّ سنة و إنّه لأمر واقع أنّ السجون يعمّرها بشكل طاغي الفقراء ، و العدد الأكبر مرّة ا×رى من السود و الأقلّيات القوميّة - هو إحصاء مذهل لكن حقيقي أنّ 1 من 13 أسود في الولايات المتّحدة سيتعرّض للإيقاف كلّ سنة ( و يُسجن السود أكثر من البيض بمعدّل 8 و نصف مرّة ! ) – و الإستعمال المنتشر للمخدّرات و تقنيات الجراحة و وسائل أخرى لقمع و بثّ الرعب فى صفوف المساجين ( و كذلك عدد مذهل من الناس ليس في السجون ، بما في ذلك أطفال يُزعم أنّهم عنيدون ) و إستخدام ما يسمذى بالرفاه الاجتماعي و وكالات الخدمات الإجتماعيّة الأخرى لهرسلة الفقراء و التحكّم فيهم وصولا إلى التفاصيل الأكثر حميميّة لحياة الأشخاص ؛ هذا و أكثر منه بكثير جزء من تجربة الحياة اليوميّة لملايين الناس في أكبر البلدان الإمبرياليّة . و إلى جانب هذا ، طبعا ، هناك إستعمال جهاز الدولة للقمع السياسي المباشر ...
أوقات الأزمة الحادة و التوتّر الاجتماعي ، طبعا ، يُنجز كلّ هذا بشكل أشدّ و أكثر إتّساعا ... و بعدُ ، الآن بالذات في الولايات المتّحدة ، لذكر مظهر هام واحد من هذا ، مئات آلاف المهاجرين ، " اللانظاميّين" و " النظاميّين " يتعرّضون إلى حملة ترهيب – بما في ذلك هجمات على أماكن شغلهم و منازلهم و الفصل بالقوّة و بطريقة فجئيّةة للأولياء عن أبنائهم ، و ترحيل أعداد كبيرة من اللاجئين إلى أحضان فيالق الموت التي تنتظرهم هي و قتلة آخرون تابعين للحكومات في بلدان مثل السلفادور. و كذلك ، يوجّه الشيء نفسه ضد المهاجرين في فرنسا و ألمانيا الغربيّة و أنجلترا و ديمقراطيّات إمبرياليّة أخرى.
و عبر كلّ هذا ، بينما يعدّ القمع السياسي المفتوح من قبل الدولة بمعنى ما المؤشّر الأوضح على المضمون الطبقيّ للديمقاطيّة – في البلدان الإمبرياليّة كما في أماكن أخرى – بمعنى آخر ، الإرهاب اليومي و عادة ما يبدو عبثيّا ، الموجّه ضد الفئات الدنيا في هذه البلدان الإمبرياليّة يركّز العلاقة بين السير العادي للنظام و الطبيعة السياسيّة ( أي الطبقيّة ) للدولة . (9)
رؤية جديدة و أشمل بكثير للحرّية :
في هذا المقال إلى حدّ الآن ، عند الحديث عن بعض المسائل الأساسيّة بشأن دستور الولايات المتّحدة و النظام الذى يدافع عنه ، قمت بالردّ على بعض أهمّ الحجج المنافحة عن هذا الدستور و عن هذا النظام ، بما فيها حجّة أنّ الدستور لا يتّصف بالكمال وهو قابل للتحسين – و يمكن أن يُحسذن بإستمرار و الحقوق التي يركّزها يمكن أن تتوسّع إلى الذين حُرموا منها سابقا . و قبل الختام ، أود أن أعالج بإقتضاب بعض الحجج الأساسيّة الأخرى المقدّمة باسم – أو دفاعا عن – هذا الدستور و هذه المبادئ و الرؤية التي يجسّدها .
" يركّز هذا الدستور قانونا خاصا بالأرض ينسحب على الجميع – يركذز حكم قزانين ، ليس حكم الشعب ". و هذا مرتبط وثيق الإرتباط بمبدأ " المساواة أمام القانون " . ما نعنيه ب " حكم القانون ، ليس حكم الشعب " هو أنّه ما من أحد " فوق القانون " و ما يُسمح به و ما يُمنع يحدّدان قبل كلّ شيء ، ضمن مجموعة من الضوابط المنسحبة على الجميع و يمكن تغيير هذا فقط من خلال سيرورات مركّزة للقيام بمثل هذه التغييرات . و يُحيل " حكم الشعب " على مفهوم حكم حيث إرادة بعض الناس و كلمتهم – ملك ، طاغية ، مجموعة من الطغاة إلخ – هما اللذان يحدّدان ما يُسمح به و ما يُمنع ، و أين يمكن لهذا أن يتغيّر و سيتغيّر وفق ما يمليه مثل هؤلاء الحكّام و وفق نزواتهم . لا وجود لشيء مشترك و واضح المعالم كمعيار ينسحب على الجميع ، حتّى على القادة السياسيّين و الأقوياء و المأثّرين في المجتمع .
مثل كافة مبادئ الديمقراطيّة البرجوازيّة ، هذا المفهوم " حكم القوانين ، ليس الشعب " يُغفل و يطمس المسألة الأساسيّة . قبل كلّ شيء :
" حكم القانون " يمكن أن يكون جزءا من دكتاتوريّة ، من نوع أو آخر ، و بالمعنى الأعمّ هو كذلك – حتّى حيث قد يبدو أنّ السلطة ممارسة دون قانون أو فوق القانون ، القوانيني ( بمعنى المعايير الممنهجة التي على الناس إتّباعها في المجتمع، سواء كانت مكتوبة أم لا ) ستظلّ موجودة و تلعب جزءا من فرض حكم الطبقة المهيمنة . و بالمقابل ، كافة الدول ، كافة الدكتاتوريّات ، تشمل قوانينا بشكل أو آخر . (10)
و الأكثر جوهريّة هو أنّ المسألة هي : ما هي طبيعة و ما هو المضمون الطبقيّ للقوانين ، و ما هو النظام الذى يدافعون عنه و يفرضونه ، و ما هي المصالح الطبقية التي يمثّلونها – عن أيّة دكتاتوريّة طبقيّة ، برجوازيّة أم بروليتاريّة يعبّرون و هم أداة لها – و بإتّجاه تحقيق أيّة غاية يساهمون – صيانة التقسيم الطبقي و الهيمنة و الإستغلال و الإضطهاد الطبقيّين أم الإلغاء النهائيّ للإنقسامات الطبقيّة ، لكلّ الإنقسامات الإجتماعيّة الإضطهاديّة و التناقضات الإجتماعيّة العدائيّة ؟ بإختصار، المسألة الأساسيّة ليست " حكم القوانين مقابل حكم الشعب " و إنّما هي أيّ شعب - أيّ طبقة – يحكم و ما هي القوانين المفروضة و ما هي الأهداف التي تخدمها ؟
" نحن الشعب " الموجودة في موقع القلب من هذا الدستور و عبقريّة هذا الدستور : إنّه يُرسى حكومة من الشعب بواسطة الشعب و من أجل الشعب " . و كمعطى ماديّ تاريخي ، هذه الجملة الإتتاحيّة للدستور ، " نحن شعب الولايات المتّحدة " لم تكن إفرازا للرغبة في تجاوز مشاكل الولايات التي تقدّم سيادتها الخاصة ضد الحكومة الفيدراليّة – و الرغبة في تجنّب المشكل الخاص لعدم معرفة أيّة ولاية ستمضى بالموافقة على الدستور : " تمهيد فصول الكنفدراليّة ذكر بالإسم كافة الولايات بشكل منظّم من الشمال إلى الجنوب . كيف كان للاجتماع العام [ الدستوري ] أن يعدّد الولايات المشاركة دون معرفة من سيمضى بالموافقة ؟ في ومضة إلهام لامعة ، بدإفتتح الدستور بكلمات " نحن شعب الولايات المتّحدة ... نصادق على هذا الدستور و نركّزه ..." (11)
و أهمّ من ذلك ، الإطار التاريخي الأوسع و المضمون الفعلي لهذا الإعلان – " نحن الشعب " – يجب أن يوضّحا . إنّ تأسيس الولايات المتّحدة الأمريكيّة كبلد مستقلّ لم يمثّل القطيعة مع هيمنة قوّة أجنبيّة فحسب فقد عني أيضا القطيعة مع شكل الحكم الذى يخول سلطة كبيرة في شخص النظام الملكي – حتّى و إن كان في نهاية المطاف يخدم مصالح البرجوازية مصالح البرجوازيّة " و النبلاء " ملاّكي الأراضي . عامة ، حقوق و تحديدات السلطة المركّزة في دستور الولايات المتّحدة المؤسسة حديثا كان يتمحور حول منع الحكم العبثيّ للطغاة و تريكز قدر كبير من السلطة أكثر من اللازم في شخص أو جزء من الحكم . و " الفصل بين السلط " و " المراقبة و التوازن " في مختلف فروع الحكم إرتُئي كطريقة لضمان أن يخدم الحكم مصالح الطبقة الرأسماليّة و ( وقتها ) ملاّكي العبيد ككلّ . و على ضوء هذا يجب فهم " نحن شعب الولايات المتّحدة " في " تمهيد " الدستور . بداهة " نحن شعب الولايات المتّحدة " لم يشمل كلّ الذين بشكل معّر قد تمّ حرمانهم من سيرورة إختيار الحكومة و المصادقة على الدستور . بالنسبة حتّى للمستوى الأكثر بداهة ، كيف يمكن لحكومة الولايات المتّحدة المتشكّلة حديثا ، مثلا ، أن تعتبر أنّها إستمدّت سلطاها " من توافق المحكومين " و الحال أنّه زمن تشكيل الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، غالبيّة الناس " المحكومين " – بمن فيهم العبيد و الهنود الحمر و النساء و الرجال الذين لا تنطبق عليهم متطلّبات ملكيّة متنوّعة و آخرين – لم يكن لديهم حتّى حقّ التصويت ... حتّى لا نقول أيّ شيء عن السلطة الفعليّة للحكم و تحديد إتّجاه المجتمع ؟ (12)
عامة ما تتحدّث الطبقات الحاكمة البرجوازيّة باسم الشعب ، كافة الشعب . من وجهة نظرها ، يمكن أن يكون لذلك قدرا من المعنى : بعد كلّ شيء يتحكّمون في الجماهير الشعبيّة . لكن من وجهة نظر أكثر أساسيّة و أكثر موضوعيّة ، زعمهم تمثيل جميع الشعب محبط . و لئن كان محبطا زمن تأسيس الولايات المتّحدة و تبنّى دستورها ، فهو كذلك بصورة أكبر الآن. فالآن حكم الرأسماليّين في تناقض عدائيّ جوهريّ مع مصالح الغالبيّة العظمى من الناس ، ليس فقط في بلد معيّن ، لكن عبر البلاد قاطبة . و الآن ، المسألة الحيويّة ليست تجاوز العراقيل الإقتصاديّة و السياسيّة لتطوّر الرأسماليّة و ما يتناسب معها من نظام سياسيّ . زمن وجود ذلك على الجندا التاريخيّة قد فات منذ وقت بعيد . ما يوجد الآن على الأجندا التاريخيّة هو الإطاحة بالرأسماليّة و الإلغاء النهائيّ لكافة الأنظمة الإستغلاليّة و كافة العلاقات الإجتماعيّة و كافة الإختلافات الطبقيّة بواسطة ثورة الطبقة المستغَلّة في ظلّ الرأسماليّة ، البروليتاريا .
و للحصول على معنى جدّ كامل لمجرّد كيف أنّ مصالح و أهمّ مشاغل " الآباء المؤسّسين " و المنحدرين منهم ، الإمبرياليّين الحاكمين اليوم ، مشروط تاريخيّا ، لننظر في واقع أنّه في كتابة دستورهم ، ماديسون و آخرون " كمصدر إلهام نظري ... إعتمدوا كثيرا على لوك و على كتاب منتسكيو " روح القوانين " . و كلا الكاتبان قد أكّدا على الحاجة إلى فصل السلطات لأجل الحيلولة دون الطغيان ؛ في نظرة منتسكيو حتّى ممثّلى الشعب في الجهاز التشريعي لا يمكن منحهم سلطة لامتناهية "(13) و عندما طالعت كتاب منتسكيو " روح القوانين " لم أستطع إلاّ أن أصاب بالذهول لكيف أنّ إطار إحالته شامل ، إطار عصر غابر و نظرته نظرة الطبقات المستغِلّة التي كانت فترة صعودها التاريخي قد ولّت منذ زمن بعيد . و كمثال بارز ، أنظروا في التالي :
إن كان عليّ أن أبرّر حقّنا في إستعباد السود ، هذا ما سأقوله : بما أنّ شعوب أوروبا قد أبادت شعوب أمريكا ، كان عليها أن تستعبد شعوب أفريقيا لأجل إستخدامها لتنظيف و زراعة مثل هذه الأرض الممتدّة الأطراف .
سيكون السكّر غاليا جدّا إذا لم يكن العبيد هو الذين يزرعونه و يحصدونه .
أولئك المعنيّين هو السود من أخمص أصبعهم إلى قمّة رؤوسهم ، و أنوفهم مسطّحة جدّا إلى درجة أنّه من غير الممكن تقريبا الشعور بالأسف عليهم .
من غير المتصوّر أنّ السود لا يملكون أيّ حسّ عام هو أنّهم يصبحون أكثر حماسا بشأن خيط الخرز الزجاجيّة من حماسهم للذهب ، وهو في البلدان المتحضّرة ذا قيمة كبيرة .
من غير الممكن أن يكون هؤلاء الناس رجال ؛ لأنّه إن فكّرنا فيهم كرجال ، سنشرع في التفكير في أنّنا نحن أنفسنا لسنا مسيحيّين ." (14)
لنترك " الآباء المؤسّسين " و المنحدرين منهم يستمدّون إلهامهم النظريّ من أشباه منتسكيو ! لنتركهم يدافعون عن العبوديّة و الإستغلال المعاصر على أرضيّة حقوق الملكيّة ؛ و يأخذون قيادتهم من أمثال جامس ماديسون ، أهمّ مؤلّفي الدستور . أمّا بالنسبة إلى البروليتاريا ، فهدفنا هو " نظرة ماركس للإلغاء التام لعلاقات الملكيّة البرجوازيّة – و كلّ العلاقات التي يواجه فيها البشر بعضهم كمالكين ( أو غير مالكين ) بدلا من المواجهة بالرابطة الواعية و التطوّعيّة " (15) .
و بالنسبة إلى الطبقات المستغِلّة ، و في نظام تحت حكمهم ، " الخطّ الأدنى " هو تقليص الجماهير الشعبيّة إلى مجرّد ملكيّة تخلق الثروة – و اليوم ، في ظلّ هيمنة الإمبرياليّين أكبر المستغِلّين ، جماهير الإنسانيّة يعاملون كمجلرّد وسيلة لتكديس ثروة و سلطة أكبر حتّى بيد و لفائدة قلّة قليلة . و باّيّة ثمن ! و هذا الثمن يجب تقديره بالعذابات الإنسانيّة الكبرى و الإهانات و الدمار . تصوّروا الثمن حتّى الأكبر من العذابات الإنسانيّة و الإهانات و الدمار الذى سيتعيّن دفعه إلاّ إذا و إلى أن ينهض الضحايا المضطهدون و المستغَلّون لهذا النظام ، و هم يمثلون الغالبيّة العظمى من الإنسانيّة ، و أن يطيحوا بهذا النظام و في نهاية المطاف يضعون حدّا لكلّ العلاقات الإجتماعيّة الإستغلاليّة و الإضطهاديّة .
و ختاما ، دستور الولايات المتّحدة يمثّل نظرة المستغِلّين للحرّية . و إنّه دستور لمجتمع ع قائم على الإستغلال و على العبوديّة بشكل أو آخر . الحقوق و الحرّيات التي يعلنها مرتبطة بالنظام الإستغلالي الذى يدافع عنه وهي في خدمته. لقد كان هذا الدستور و لا يزال يطبّق وفق هذه النظرة و وفق مصالح الطبقة الحاكمة لهذا النظام : و في تطبيقه صار أكثر فأكثر تماما أداة الهيمنة البرجوازيّة و الدكتاتوريّة و الإضطهاد و الغزو و النهب .
و إجابتنا واضحة على الذين يحاججون : حتّى و إن كان دستور الولايات المتّحدة لا يمكن وصفه بالكمال ، فهو أفضل ما قد وقع إبتكاره – إنّه يُرسى معاييرا يتمّ الإجتهاد لبلوغها . إجابتنا هي : لمذا علينا أن ننظر إلى أسفل جدّا ، في حين لدينا بيان الحزب الشيوعي الذى يحدّد معاييرا أرقى لما يمكن للإنسانيّة أن تجتهد من أجله – وهي قادرة على بلوغ ذلك – و نظرة أعظم للحرّية .
الهوامش :
1. Quotes from James Madison are from the Federalist Paper No. 54 in The Federalist Papers (New York: New American Library, 1961), pp. 336-341, especially pp. 339 and 337.
2. Bob Avakian, Democracy: Can t We Do Better Than That? (Chicago: Banner Press, 1986), pp. 110-11.
3. Edward Conrad Smith, editor, The Constitution of the United States with Case Summaries (New York: Barnes & Noble Books, 1979), p. 18. All citations in this article are from the essay “The Origins of the Constitution.”
4. Ibid., pp. 18-19.
5. Avakian, Democracy, p. 69.
6. Ibid, p. 70.
7. Ibid, p. 71.
8. Lenny Wolff, The Science of Revolution: An Introduction (Chicago: RCP Publications, 1983), p. 184.
9. Avakian, Democracy, pp. 137-39.
10. Ibid., pp. 233-34.
11. Smith, Constitution of the U.S., p. 12.
12. Avakian, Democracy, p. 100.
13. Smith, Constitution of the U.S., p. 13.
14. Charles Montesquieu, De L Esprit Des Lois, Paris: Garnier, 1927, livre 15, chapitre 5, "De L Esclavage Des Negres" (The Spirit of the Laws, book 15, chapter 5, "On the Enslavement of Negroes"), my translation.
15. Avakian, Democracy, p. 212.
----------------------------------------------
ملاحظات إضافيّة لكاتب المقال ، ربيع 2023
( * ) عالم هلم يكمن وراء هذا " التوسيع للحقوق الدستوريّة و الحياة الدستوريّة للذين حُرموا منها سابقا " كان – خاصة منذ النصف الثاني من القرن العشرين – تنامى عولمة الاقتصاد الرأسمالي – الإمبريالي ، نظام عالمي للإستغلال يشمل تماما مليارات البشر ن و خاصة أقصى إستغلال الجماهير الشعبيّة بمن فيها أكثر من 150 مليون طفل ، في العالم الثالث لأمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا . و العلاقة بين الإستغلال العالمي و أقصلى الإستغلال بالوضع في الولايات المتّحدة ذاتها – بالخصوص في علاقة بالهيكلة الإقتصاديّة و الإجتماعيّة و العلاقات الطبقية ضمن هذه البلاد – جرى تحليله بعمق في الورقة البحثيّة لريموند لوتا " الطفيليّة الإمبرياليّة و إعادة التشكّل الاجتماعي – الطبقي في الولايات المتّحدة منذ سبعينات القرن العشرين إلى اليوم : إستكشاف للنزعات و التغيّرات " ، و هذا البحث متوفّر على موقع أنترنت revcom.us . و الأبعاد السياسيّة لهذا تمّ إستكشافها في مقالي " الطفيليّة الإمبرياليّة و " الديمقراطيّة " : لماذا يساند عدد كبير من الليبراليّين والتقدّميّين بلا خجل لأمبرياليّتهم " هم " "( كذلك متوفّر على موقع revcom.us) حيث وقع توضيح التالي :
" ...الطريقة التي يوفّر بها النهب الإمبريالي الأساسي المادي إستقرارا معيّنا على الأقلّ " في الأوقات العاديّة " في " البلد الوطن " الإمبريالي ( بالولايات المتّحدة كمثال أوّل لهذا ) . و هذا الاستقرار النسبيّ بدوره يجعل من الممكن للطبقة الحاكمة السماح بقدر معيّن من المعارضة و الإحتجاج السياسيّ – طالما أنّ هذا يظلّ ضمن حدود أو على الأقلّ لا يهدّد بصفة لها دلالتها " القانون و النظام " الذى يخدم و يفرض المصالح الجوهريّة لهذه الطبقة الحاكمة .
و في الوقت نفسه ، مثلما تبيّن بحدّة في الإنتفاضات الجماهيريّة التي تضع موضع مساءلة هذا " القانون و النظام " و / أو تتحدّى الولاء للمصالح الإمبرياليّة لهذا النظام – على غرار الإحتجاجات الجماهيريّة ضد إرهاب الشرطة في 2020 و تمرّدات مدينيّة و معارضة جماهيريّة لحرب الفيتنام في ستّينات القرن العشرين – حكّام هذه البلاد سيردّون غالبا على مثل هذه المعارضة بالقمع الشديد و العقوبة القاتلة . و على سبيل المثال ، مدينة ولمنغتن من ولاية هي موطن بيدن من دلاوار ، وُضعت تحت حالة طوارئ لأشهر أثناء نهوض ستّينات القرن العشرين ضد إضطهاد السود و جرى إغتيال عدد من أعضاء حزب الفهود السود و أبرزهم فراد همبتن على يد الشرطة ، إلى جانب عدد من السود المشاركين في الإنتفاضات المدينيّة في تلك الحقبة ، بينما تعرّضت المقاومة الجماهيريّة المناضلة ضد الحرب في الفيتنام و التمرّدات في صفوف شباب الطبقة الوسطى و الطلبة أحيانا إلى ردّ خبيث و في بعض الحالات إلى قمع قاتل من الشرطة و فيالق الحرس الوطني ّ.
و لا يتعيّن أن ننسى أبدا أو نستهين أبدا بأنّ " القانون و النظام " الذى يفرض هذا الاستقرار النسبيّ قد إشتمل على القتل النظامي للسود و كذلك اللاتينو [ اللاتينيّين من أمريكا اللاتينيّة - المرتجم ] من طرف الشرطة – و ينجم عن ذلك واقع أنّ عدد السود الذين قتلتهم الشرطة خلال السنوات منذ 1960 أكبر من آلاف السود الذين وقع سحلهم خلال فترة الميز العنصريّ جيم كرو و إرهاب الكلو كلوكس كلان ، قبل ستّينات القرن العشرين . و يتعيّن كذلك أن نستهين بكون الولايات المتّحدة تملك أعلى نسبة من السجناء و السجن الجماعي مقارنة بأّي بلد آخر في العالم ، و السود و اللاتينو معرّضين بشكل خاص إلى السجن الجماعي ."
(**) المسألة هنا ، مثلما تمّ التشديد على ذلك في كتابي " إختراقات : الإختراق التاريخي لكارل ماركس ، و مزيد الإختراق بفضل الشيوعيّة الجديدة ، خلاصة أساسيّة " ، هو أنّ جوهر الاقتصاد الرأسمالي ، و مصدر الثروة الرأسماليّة و " النموّ الاقتصادي " الرأسمالي ليسص مجموعة من أصحاب المؤسّسات الرأسماليّين و " تجديدهم " أو " عبقريّتهم التجاريّة " . إنّه إستغلال الرأسماليّين ( البرجوازيّة ) للعمّال المأجورين ( البروليتاريا ). و يختلف هذا عن مسألة ما هي القوّة المحرّكة الدافعة للرأسماليّين لمواصلة تشديد إستغلال البروليتاريا و إيجادهم المستمرّ لوسائل جديدة للقيام بذلك . و كما جرت الإشارة إلى ذلك في " إختراقات ..." :
" و قد ناقش إنجلز في " ضد دوهرينغ " حركة التناقض الأساسي للرأسماليّة بين الإنتاج ذي الطابع الاجتماعي و التملّك الفردي . و أشار إلى أنّ سير هذا التناقض يتّخذ شكلين إثنين مختلفين من الحركة تمثّل ديناميكيّة سيرورة حركة التناقض الأساسي .
و هذان الشكلان من الحركة هما من ناحية ، التناقض بين البرجوازية و البروليتاريا التي تستغلّها هذه البرجوازية ، و من ناحية ثانية ، الشكل الثاني للحركة الذى شخّصه إنجلز ، بصورة مهمّة ، هو التناقض بين التنظيم و الفوضى ، تنظيم الإنتاج على مستوى لنقل ، المؤسسة -التي يمكن أن تكون عالية التنظيم ، بحسابات كثيرة و تقديرات للسوق و كافة الأشياء من هذا القبيل ، و يمكن أن تكون منظّمة بإحكام بمعنى كيف أنّ السيرورة الفعليّة للإنتاج تجرى على مستوى الشركة الرأسماليّة الفرديّة ، و ما إلى ذلك – بينما ، في الوقت عينه ، يتناقض هذا مع فوضى الإنتاج و التبادل في المجتمع ككلّ ( أو اليوم العالم ككلّ ، اليوم أكثر من أي زمن مضى في العالم ككلّ ). لذا لدينا هذان الشكلان من الحركة – و سأعود لاحقا إلى مظهر مميّز حيوي للشيوعية الجديدة : أهمّية تشخيص المشكل الثاني لحركة هذا التناقض الأساسي، أي ، تناقض فوضى / تنظيم ، أو القوّة المحرّكة للفوضى ، على أنّها عامة الشكل الرئيسي و الأكثر جوهريّة لحركة التناقض الأساسي للرأسماليّة."
في هذا المضمار ، مقال " حول "القوّة المحرّكة للفوضى " و ديناميكيّة التغيير " لريموند لوتا ذكر موقفى هذا :
" فى الواقع فوضى الإنتاج الرأسمالي هي القوّة المحرّكة لهذه السيرورة حتى و إن كان التناقض بين البرجوازية و البروليتاريا جزء لا يتجزّا من التناقض بين الإنتاج الإجتماعي و التملّك الفردي . و فى حين أنّ إستغلال قوّة العمل هو الشكل الذى به و من خلاله يُنتج فائض القيمة و يتمّ تملّكه ، فإنّ العلاقات الفوضوية بين المنتجين الرأسماليين ، و ليس مجرّد وجود البروليتاريين الذين لا يملكون شيئا أو التناقض الطبقي فى حدّ ذاته ، هي التى تدفع هؤلاء المنتجين إلى إستغلال الطبقة العاملة على نطاق أوسع و أشدّ تاريخيّا . قوّة الفوضى المحرّكة هذه تعبير عن واقع أنّ نمط الإنتاج الرأسمالي يمثّل التطوّر التام للإنتاج السلعي وقانون القيمة . "
و تاليا ، هناك المقتطف الهام للغاية التالي :
" إن لم يكن الأمر أنّ هؤلاء المنتجين للسلع الرأسمالية منفصلين عن بعضهم البعض رغم أنّهم مرتبطون بسير قانون القيمة ، لن يواجهوا ذات الحاجة إلى إستغلال البروليتاريا – يمكن تلطيف التناقض الطبقي بين البرجوازية و البروليتاريا. إنّه الإضطرار الداخلي لرأس المال للتوسّع هو الذى يفسّر الديناميكية التاريخية غير المسبوقة لنمط الإنتاج هذا ، سيرورة تغيّر بإستمرار علاقات القيمة وهي التى تؤدّى إلى أزمة ."
( " إختراقات ... " متوفّر على موقع أنترنت revcom.us ؛ و المقال الذى يحيل عليه ريموند لوتا هو " " حول "القوّة المحرّكة للفوضى " و ديناميكيّة التغيير " يمكن العثور عليه في المجلّة النظريّة على الأنترنت " تمايزات " العدد الثالث ).
(***) و كما تمت الإشارة إلى ذلك في " الطفيليّة الإمبرياليّة و " الديمقراطيّة " : لماذا يساند عدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين بلا خجل إمبرياليّتهم " هم " " :
" بعض أكبر المجرمين في بلدان أخرى تنهض اليوم بمثل هذا الدور الحيويّ في خدمة مصالح إمبرياليّة الولايات المتّحدة عبر العالم و في التمكين من الحفاظ على الديمقراطيّة البرجوازيّة في هذه البلاد عينها ( كما هي فعلا آكلة نمل )، هي ذات البلدان التي كانت قبل 40 سنة و صارت بعضها مختلفة – لكن الواقع الأساسيّ يظلّ أنّ " أرضيّة الديمقراطيّة " في هذه البلاد تقوم على الإرهاب الفاشيّ إلى جانب الإستغلال بلا رحمة في البلدان المضطهَدَة للعالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ). "
( **** ) في علاقة بهذا الموقف لمنتسكيو – و بصفة أعمّ نظرته للعبوديّة – أعيد التذكير هنا بالتالى من " ملاحظة لبوب أفاكيان : حول منتسكيو و العبوديّة و دستور الولايات المتّحدة " ، التي نُشرت في جريدة الثورة عدد 37 ، بتاريخ 5 مارس 2006 على موقع أنترنت revcom.us :
" حديثا ، نشرت جريدة الثورة مقتطفا من كرّاس كتبته و قد نُشر في الأصل سنة 1987 ، " دستور الولايات المتّحدة : نظرة مستغِلّين للحرّية " في ذلك المقتطف ، هناك إستشهاد مقتبس من " روح القوانين " لشارل منتسكيو ، فيلسوف فرنسي من القرن الثامن عشر ، كان أحد مصادر إلهام دستور الولايات المتّحدة و خاصة في ما يتّصل بنظريّة فصل السلط التي أدمجت في هذا الدستور . و الإستشهاد من عمل منتسكيو المنشور سنة 1748 ، مقتطف فيه يذكر تبريرا مغالى فيه و عنصريّ بصفة فظّة ل " إستعباد السود " . و في صلة بهذا ، عادة ما تجرى المحاججة بأنّ منتسكيو يقدّم موقفا ساخرا هنا ، وهو يبالغ في التشديد المتعمّد على هذه الحجّة لأجل بالفعل لأجل الجدال ضد عبوديّة الشعوب الأفريقيّة و أنّ كتابات منتسكيو تعبّر عامة عن معارضته للعبوديّة . لكنّ الواقع ليس بهذه البساطة و لا يعكس ما كان منتسكيو يبحث عنه في الأساس في هذا الجزء من " روح القوانين " . يمكن قول إنّ في " روح القوانين " موقف منتسكيو موقف معارضة عامة للعبوديّة و إنّه يشير إلى كون العبوديّة ليست مناسبة في بلدان مثل فرنسا ؛ لكن في الوقت نفسه ، يتحدّث عن ظروف متنوّعة يعتقد فيها في إمكانيّة تبرير و عقلنة العبوديّة . مثلا ، يحاجج أنّ في أجزاء من العالم ، لا سيما في المناطق الجنوبيّة حيث الطقس أحرّ ، هذا المناخ يجعل الناس موصوفين بالكسل و يمكن تبرير العبوديّة لجعلهم يعملون ( وهو يحاجج بأنّ في بلد يحكمه طاغية ، حيث الحقوق السياسيّة للشعب مقموعة بعدُ ، يمكن أن لا تكون العبوديّة أسوأ للناس من هذا الوضع ).
هذا و النقاش العام للعبوديّة المكوّنين لهذا الجزء ( الكتاب 15 ) من " روح القوانين " مُدمج في نقاش أوسع لمنتسكيو حول طبيعة مختلف المجتمعات و الحكومات في شتّى البلدان و أنحاء العالم ( و يوجد هذا ليس في الكتاب 15 فحسب بل كذلك في الكتاب 14 و 16 من " روح القوانين " ) و فيه يحاجج منتسكيو أنّ الجغرافيا و خاصة المناخ يلعب دورا كبيرا في تحديد طبيعة مختلف الشعوب و طبيعة مجتمعهم و نظام حكمهم . و من المهمّ فهم أنّه رغم قيام منتسكيو في النقاش بدحض منطقيّ لبعض الحجج بما فيها بعض الدفاع عن العبوديّة ، هذا ليس جدالا من أجل أو ضدّ العبوديّة ، أو أشكال أخرى من الحكم ، و طابعه ليس محاججة أخلاقيّة بقدر ما هو محاولة لشرح لماذا وُجدت( و في بعض الحالات تواصل وجود ) ممارسات متنوّعة و أشكال متنوّعة من المجتمع و الحكم في أماكن متنوّعة .
و طريقة أخرى لوضع هذا هي ما يقوم به منتسكيو ، في هذه الأجزاء من " روح القوانين " و ( عامة في هذا العمل ) هو محاولة تقديم نوع من التحليل المادي لهذه الظواهر بما فيها العبوديّة في عدّة أماكن حيث وُجدت – رغم أنّه ينبغي التشديد على أنّ هذا ليس ماديّة جدليّة ، علميّة تماما بل بدلا من ذلك ماديّة فظّة متميّزة و قائمة على قدر كبير من الحتميّة : إنّها نوع من الماديّة الميكانيكيّة التي تحاجج من أجل رابط مباشر و خطّيّ مستقيم بين الأشياء كالجغرافيا و المناخ و طبيعة المجتمع و الحكم . إنّها صنف من الماديّة التي لا تميّز بصفة مناسبة و دقيقة القوى المحرّكة الحقيقيّة لتطوّر المجتمع الإنسانيّ ، و في الواقع هذا الضرب من الماديّة الفجّة قد إستعمل عادة لتبرير أشكال متباينة من الإضطهاد بما في ذلك الهيمنة الإستعماريّة و الإمبرياليّة . و بينما يمكننا و يجب عليها أن نعترف بأنّه في ظروف و زمن كتابته – حوالي 250 سنة قبل الآن – هناك مظاهر ممّا كان منتسكيو يبحث عن فعله كانت جديدة و مثّلت قطيعة مع النظرة و التقاليد الإقطاعيّة الخانقة و المشوّشة ، من المهمّ جدّا فهم كيف تميّزت نظرة منتسكيو و تميّز منهجه و تحدّدا بالعلاقات الإجتماعيّة و العالميّة التي كانت في نهاية المطاف تعبيرا عنهما : علاقات فيها جزء من المجتمع ، و من العالم ، يهيمن و يستغلّ الآخرين . و هذه النقطة الأساسيّة التي وقع التشديد عليها في علاقة بمنتسكيو و دستور الولايات المتّحدة ، في كرّاس " دستور الولايات المتّحدة : نظرة مستغِلِّين للحرّية ".
و في علاقة بالمقتطف الخاص المذكور في " دستور الولايات المتّحدة : نظرة مستغِلِّين للحرّية "، " حول إستعباد السود"، هناك ، في الواقع ، بعض السبب للقبول بانّ منتسكيو لا يوافق عمليّا على تبرير هذا الإستعباد الذى يلخّصه و أنّه عمليّا يعرض هذا النوع من التبرير ببعض السخرية و النقد . تأويل معقول لحجج منتسكيو وهو يسترسل في هذا الجزء من " روح القوانين " ( الكتاب 15)، هو أنّ هذا الصنف من المحاججة ، حول الطبيعة غير الإنسانيّة للسود ، ليس حجّة مقبولة، ليس حجّة تبرّر عمليّا هذا الإستعباد . لكنّه يستمرّ في إكتشاف مسألة ما قد يكون عمليّا تبريرات عقلانيّة ، في بعض الظروف ، للعبوديّة ، و كما تحدّثنا عن ذلك أعلاه ، يجد مثل هذا التبريرات في أوضاع كتلك حيث هناك حكم طغيانيّ ، أو حين – كما يستخلص ، من خلال تطبيق الماديّة الفجّة و الحتميّة – المناخ الحار يجعل الناس يتّصفون بالكسل و يفقدون الرغبة في العمل بمبادرتهم الخاصة .
و هكذا ، عند مزيد النظر في و التفكير في هذا ، سأقول إنّه بينما من المهمّ فهم تعقيد و الفرق الدقيق في ما يكتبه منتسكيو هنا – و يمكن قول إنّ الطريقة التي ذكرت بها منتسكيو في كتابة هذا الكرّاس عن دستور الولايات المتّحدة لا تفعل حقّا أو تماما ذلك – ليس الحال أنّ ما كان يقوم به منتسكيو هنا كان عرضا ضد إستعباد السود أو ضد العبوديّة بشكل عام . و مرّة أخرى ، من المهمّ أن نبقي في أذهاننا واقع أنه و إن كان معارضا للعبوديّة كمبدأ عام و قد صرّح أنّه وقع إلغاء العبوديّة في وطنه ، فرنسا ، و بصفة أعمّ في أوروبا ، لم يفكّر منتسكيو في أنّ العبوديّة كانت خاطئة ، أو دون تبرير ، في كلّ الظروف. و يبدو كذلك أنّ منتسكيو لم يتردّد في الإستثمار في شركات تشارك في تجارة العبيد . بهذا ، هناك مقارنة مع جون لوك ، الفيلسوف الأنجليزي و المنظّر السياسي ، الذى ، كما أشرت إلى ذلك في الكرّاس نفسه ( " دستور الولايات المتّحدة : نظرة مستغِلّين للحرّية " ، كان كذلك مؤثّرا جدّا في رؤية دستور الولايات المتّحدة . و مثلما كتبت في " الديمقراطيّة : أليس بوسعنا إنجاز أفضل من ذلك ؟ " ( ص 29)
" خلاصة القول ، المجتمع الذى كان لوك معبّر عنه نظريّا ، و كذلك مناصرا سياسيّا عمليّا له ، كان مجتمعا قائما على العبوديّة المأجورة و الإستغلال الرأسماليّ . و ليس مفاجأ أنّه بينما كان يعارض العبوديّة في أنجلترا ذاتها ، لم يدافع عن مؤسّسة العبوديّة في ظورف معيّنة فحسب ، في البحث الثاني ، بل إستغلّ ربحا هاما هو نفسه من تجارة العبيد و ساعد في رسم دستور حكم تتراّسه أرستقراطيّة مالكة للعبيد في واحدة من المستعمرات الأمريكيّة . وكما لخّص ذلك ماركس بسخرية: " إكتشاف الذهب و الفضّة في أمريكا و إستئصال السكّان الأصليّين و إستبعادهم و قبرهم في المناجم ، و بداية الغزو و النهب في الإيست أنديز و تحويل أفريقيا إلى جحر الصيد التجريّ لذوى البشرة السوداء ، أعلن الفجر الورديّ لعصر الإنتاج الرأسماليّ ".
(*****) في السنوات منذ كتابة هذا المقال ، خصّصت عملا معتبرا لتطوير ما نعنيه بهذه " النظرة الأكبر بكثير من الحرّية" – ما ستعنيه " في الحياة الواقعيّة ". و ثمرة هامة جدّا لهذا هي" دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " الذى يوفّر في آن معا نظرة شاملة و عرض ملموس لمجتمع و عالم مختلفين راديكاليّا و تحريريّين . و هذا الدستور متوفّر على موقع أنترنت revcom.us .
(4)
فكر " مناهضة الإستبداد " فكر مناهض للعلم – خدمة الإمبرياليّة الأمريكيّة و الترويج للشوفينيّة الأمريكيّة
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 806 ، 12 جوان 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/anti-scientific-anti-authoritarianism-serving-american-imperialism-and-promoting

في مقال سابق ، تفحّصت كيف أنّ المفهوم المضلّل لفكر " الإستبداد " ، شانه في ذلك شأن " النظريّة " المتّصلة وثيق الإتّصال بفكر " الكليانيّة / الشموليّة " " نظريّة " معادية للعلم تخدم المصالح الإمبرياليّة الأمريكيّة و تروّج للشوفينيّة الأمريكيّة ( الإعتقاد الباعث على المرض في تفوّق الأمريكان و " نمط الحياة الأمريكي " ) (*) . و مثلما حلّلت في ذلك المقال السابق ، " نظريّة " " الإستبداد " دُفعت باسم الإمبرياليّة الأمريكيّة في نزاعها مع منافستها الإمبرياليّة الصينيّة ، و في خدمة المنافسة الأمريكيّة مع الإمبرياليّة الروسية كما تتركّز الآن في الحرب في أوكرانيا . و هنا سأتناول بمزيد الحديث المعنى الفعلي و الهدف الفعلي ل " نظريّة " " الإستبداد " .
أوّلا ، هناك في الواقع مفهوم " الإستبداد " في حدّ ذاته الذى يحمل مضمونا خاصا إيديولوجيّا و سياسيّا و إجتماعيا و في الواقع يخدم غطاء أو يحجب المضمون الفعلي الاجتماعي و السياسي و الإيديولوجي ... الحديث عن " الإستبداد " دون الرجوع إلى المضمون الإيديولوجي و السياسي و الاجتماعي الفعلي ل " الإستبداديّين " ، و يسمح بزعم أنّ " المتطرّفين " " من اليمين " و من " اليسار " متشابهين في الأساس . (*)
" نظريّة " " الإستبداد " تفصل السلطة السياسيّة عن الطبيعة الأساسيّة للمجتع المعنى و بوجه خاص عن أساس ذلك المجتمع في نظامه الاقتصادي ( نمط الإنتاج ) و ما يتناسب معه من العلاقات الإجتماعيّة ( مثلا ، العلاقات العنصريّة ، و الجنسيّة و الجندريّة ). بهذه المقاربة الموجّهة توجيها خاطئا ، إنكار ( أو التغطية على ) الطبيعة الجوهريّة للمجتمع ، من غير الممكن التوصل إلى أي فهم حقيقيّ لكيف يسير هذا المجتمع عمليّا ، و كيف و من يحكمه و لماذا الأشياء كما هي ، و ما يمكن القيام به لتغيير هذا بطريقة إيجابيّة .
" الإستبداد " و الدكتاتوريّة ( الرأسماليّة ) البرجوازيّة :
ما يعنيه " منظّرو " " الإستبداد " بهذا المصطلح هو وجود مجموعة صغيرة ( أو أحيانا أنّ هناك شخص واحد لا غير ، مثلا بوتين في روسيا ) تُملى الأوامر على جميع الآخرين في المجتمع . لكن إلى درجة أنّ مفهوم " الإستبداد " يمكن أن يُفهم على أنّ له أي معنى واقعي ، من الأساس هوالتالي : مجموعة محدودة من ممثّلى الطبقة الحاكمة تمارس سلطة الدولة بينما تُقصى الممثّلين الآخرين لهذه الطبقة الحاكمة من المشاركة الفعّالة في ممارسة سلطة الدولة هذه .
و مصطلح " دولة " ( في صيغة " سلطة الدولة " ) لا يحيل على الوحدات الجغرافيّة و السياسيّة التي توجد في الولايات المتّحدة ( كولاية كاليفرنيا ، نيويورك ، التكساس و فلوريدا ) . يُحيل على المؤسّسات المفاتيح للحكم التي تُمثّل السلطة المركّزة للطبقة الحاكمة و بوجه خاص إحتكارها للقوّات المسلّحة و العنف " الشرعيّين " . و " شرعيّة القوّات المسلّحة و العنف يعنيان القوّات المسلّحة و العنف الممارس من قبل المؤسّسات الرسميّة كالشرطة و الجيش – مؤسّسات يمنحها الدستور و تمنحها القوانين حقّ إستخدام القوّات المسلّحة و إرتكاب أعمال عنف في مصلحة النظام القائم و كما سُمح بذلك و أمر الممثّلون السياسيّون لهذا النظام كالرئيس ( و موظّفون آخرون في مستويات متنوّعة من الحكم ، بقدرة السماح القانوني بإستخدام العنف ). في هذه البلاد حيث النظام السائد هو الرأسماليّة الإمبرياليّة ، الممثّلون السياسيّون و المؤسّسات الحاكمة – خاصة مؤسّسات سلطة الدولة – أجهزة هذا النظام الرأسمالي الإمبريالي ؛ ؛ و على الصعيد العالمي ، يمثّلون و يبحثون عن فرض مصالح الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبرياليّة لهذه البلاد .
و سلطة الدولة التي تمارس بطريقة " إستبداديّة " شكلا خاصا من دكتاتوريّة الطبقة الحاكمة . و فهم هذا حيويّ لرؤية ما هو حقّا جوهر الإختلاف بين الشكل " الديمقراطيّ " لدكتاتوريّة البرجوازيّة التي وُجدت عامة في هذه البلاد ، من جهة و من الجهة الأخرى ، الدكتاتوريّة البرجوازيّة الفاشيّة التي يبحث الحزب الجمهوريّ الآن بنشاط عن إنشائها ، و هذا الحزب نفسه كقوّة حيويّة في الدكتاتوريّة البرجوازيّة الفاشيّة و منافسيها في الطبقة الحاكمة ( في الحزب الديمقراطي ) ، مقصيّين من المشاركة الفعليّة في هذه الدكتاتوريّة . و كما حلّلنا كذلك في مقال سابق حول " الإستبداد " أحلت عليه هنا ، تعنى هذه الفاشيّة " مضمونا محدّدا جدّا " : الكره و القمع العنيف للسود و ذوى البشرة الملوّنة الآخرين و المهاجرين و النساء و المثليّين و المتحوّلين جنسيّا ، و النهب بلا حدود لبيئة ، و الشوفينيّة الأمريكيّة الفجّة ، و مناهضة الفكر بفظاظة و جنون معاداة العلم " .
و كي نكون واضحين جدّا ، إضطهاد السود و الملوّنين الآخرين و المهاجرين و النساء و المثليّين و المتحوّلين جنسيّا و نهب البيئة و كذلك حروب العدوان و الجرائم ضد الإنسانيّة : كلّ هذا مبنيّ في أسس و يتطلّبه النظام الرأسمالي – الإمبريالي . كلّ ممثّلى هذا النظام شوفينيّين أمريكيّين . جميعهم يتجاهلون أو يشوّهون بفظاظة العلم و الحقائق القائمة على العلم في مسعى منهم إلى فرض صالح الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبرياليّة لهذه البلاد . و يكمن الإختلاف في أنّ موظّفى " الديمقراطيّة البرجوازيّة لهذا النظام ( كما يمثّل ذلك الحزب الديمقراطي ) يعترفون بالحاجة إلى تنازلات محدودة معيّنة أمام النضال ضد هذه الأشكال المختلفة من الإضطهاد ، لغة معيّنة من " اندماج " و إنخراط معيّن في التفكير العقلانيّ – إلى قدر معيّن - بينما الحماس المتعصّب و هدف الفاشيّين هو أن يفرضوا بالقوّة وضعا حيث لا وجود لمثل زعم " الإندماج" و هنا فرض غير مقنّع و غير محدّد لكلّ هذا الإضطهاد و هذا الجنون .
للحصول على فهم أتمّ لكلّ هذا ، الآتي من " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " هام للغاية :
" بصرف النظر عن هذه الإختلافات ، حتى الإختلافات الكبيرة و النوعية ، فى هياكلها و مؤسساتها السياسية و مبادئها المرشدة ، للدول جميعها مضمون إجتماعي و طابع طبقي محدّدين . إنّها تعبير عن العلاقات الإجتماعية السائدة و بصفة أكثر جوهرية عن العلاقات الإقتصادية ( علاقات الإنتاج ) التى لها دور حاسم و فى النهاية محدّد فيما يتصل بكيفية سير مجتمع معيّن و كيفية تنظيمه . دور الدولة هو حماية هذه العلاقات و توسيعها و فرض مصالح المجموعة الإجتماعية - الطبقة الحاكمة - التى تحتلّ الموقع المهيمن فى المجتمع ، نتيجة لدورها فى الإقتصاد ، و على وجه الخصوص ملكيتها و سيطرتها على اهمّ وسائل الإنتاج ( بما فى ذلك الأرض و المواد الأوّلية و الموارد الأخرى ، و التقنية و الهياكل المادية من مثل المصانع و ما إلى ذلك . ) فى المجتمع الرأسمالي ، الطبقة الرأسمالية هي الطبقة التى تحتلّ موقع الهيمنة : هياكل الحكومة و سيروراتها - و قبل كلّ شيء أجهزة الدولة كأداة حكم و قمع طبقي ( القوات المسلّحة و الشرطة و المحاكم و السجون و السلطة التنفيذية والبيرروقراطيين ) – تهيمن عليها الطبقة الرأسمالية كوسيلة لممارسة حكمها للمجتمع و قمعها للقوى التى تتعارض مصالحها معها بصفة هامة و / أو التى تقاوم حكمها. بإختصار ، كلّ الدول أجهزة دكتاتورية – إحتكار للسلطة السياسية مركّز كإحتكار ل " شرعية" إستعمال القوات المسلّحة و العنف الذى يمارس من قبل طبقة ضد أخرى و فى مصلحة طبقة ضد أخرى . و كلّ ديمقراطية تمارس فى هذا الوضع ديمقراطية بإسم الطبقة الحاكمة و ممارستها للدكتاتورية تخدم جوهريّا مصالحها . " (**)
و بالنظر إلى ممارسة سلطة الدولة – الدكتاتوريّة – من قبل الطبقة الحاكمة البرجوازيّة ( الرأسماليّة ) ، نقد " الإستبداد " من طرف " البرجوازيّين الديمقراطيّين " يساوى عمليّا هذه الحجّة :
" دكتاتوريّة البرجوازيّة تمارس بطريقة أفضل بهياكل و سيرورات سياسيّة تسمح بمشاركة ممثّلي الطبقة الرأسماليّة بشكل أوسع في ممارسة هذه الدكتاتوريّة ( في الولايات المتّحدة الحزب الديمقراطي و كذلك الحزب الجمهوري ممثّلي الطبقة الحاكمة )، بدلا من تقليص الممارسة الفعليّة لهذه الدكتاتوريّة على مجموعة صغيرة من صفوف الطبقة الحاكمة . "
و حجّة :
" هذه الدكتاتوريّة البرجوازيّة تمارس كذلك بشكل أفضل عبر الحفاظ على " الديمقراطيّة البرجوازيّة " – ديمقراطيّة في إطار محدّد بنطاق حكم الطبقة الرأسماليّة – حيث يُسمح للناس بالإنتخاب ، طالما أنّ الخيارات التي يمكن أن يصوّتوا عليها محدّدة بصرامة في الخيارات التي تمثّل مصالح الطبقة الحاكمة الرأسماليّة ، و حيث يسمح للناس ببعض الحقوق الأخرى، طالما أنّ ممارسة هذه الحقوق تهدّد مصالح هذه الطبقة الحاكمة . "
سلطة الدولة الإشتراكية – مختلفة راديكاليّا و تحريريّة :
يوضّح" دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " أنّه في تعارض جوهري مع دكتاتوريّة الطبقة الرأسماليّة؛ فسلطة الدولة الإشتراكيّة ، دكتاتوريّة البروليتاريا ،
" فى طابعها الأساسي و مبادئها و هياكلها و مؤسساتها الجوهرية و سيروراتها السياسية ، يجب أن تعبّر عن المصالح الجوهرية للبروليتاريا و تخدمها، و البروليتاريا طبقة إٍستغلالها هو محرّك مراكمة الثروة الرأسمالية و سير المجتمع الرأسمالي ، طبقة تحريرها من وضع إستغلالها لا يمكن أن يحدث إلاّ عبر الثورة الشيوعية و هدفها القضاء على كافة علاقات الإستغلال و الإضطهاد و بلوغ تحرير الإنسانية جمعاء ." (**)
و في الوقت نفسه ، من خلال العمل الذى قمت به طوال عقود من تلخيص التجربة السابقة للحركة الشيوعيّة و المجتمع الإشتراكي في الإتّحاد السوفياتي و في الصين ( قبل إعادة تركيز الرأسماليّة في الإتّحاد السوفياتي أواسط خمسينات القرن العشرين و في الصين ، عقب وفاة ماو تسى تونغ سنة 1976 ) ، بالتعلّم من مروحة عريضة من التجارب الإنسانيّة ، وقع التقدّم بشيوعيّة جديدة هي إستمرار و كذلك قفزة نوعيّة أبعد و في بعض الطرق الهامة قطيعة مع النظريّة الشيوعيّة كما تطوّرت سابقا . و مطبّقا على المجتمع الإشتراكي ، هذا يعنى التأكيد على أهمّية المعارضة و الصراع الفكريذ و الفنّي و حماية حقوق الشعب ، خاصة ضد تجاوزات الحكم ، في إطار و كجزء هام من ممارسة دكتاتوريّة البروليتاريا . و هذا يطبّق مبدأ و منهج " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة " – و كما عُرض في " دستور الجمهوريّة افسشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " ، يعنى
" يجب ، من جهة ، أن يوجد توسّع مستمرّ للقوّة فى المجتمع ، و الحزب الشيوعي الثوري كعنصره القيادي ، وهو فى النهاية مقتنع بالحاجة إلى التقدّم نحو الشيوعية و ملتزم بعمق بالمضي فى خوض النضال ، عبر جميع الصعوبات و الحواجز؛ و على أساس من ذلك و فى نفس الوقت مع التعزيز المستمرّ لهذا " اللبّ الصلب " ، ينبغى أن تتوفّر مقاييس و يتوفّر مجال لتنوّع كبير فى التفكير و النشاط ، فى صفوف الشعب عبر المجتمع ، " فى عديد الإتجاهات المختلفة " ، متعاطين و مجرّبين الكثير من الأفكار و البرامج و حقول النشاط المتنوّعة و مجدّدا يتعيّن أن " يشمل " كلّ هذا الحزب الطليعي و " اللبّ الصلب " بالمعنى الشامل و يجب التمكّن من المساهمة ، من خلال طرق مغايرة عديدة ، فى التقدّم على طريق عريض صوب هدف الشيوعية . " (**)
مبدأ و منهج " اللبّ الصلب مع الكثير من المرونة " يطبّق في ثنايا " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " في ما يتّصل بكلّ مؤسّسات الحكم و المجالات الهامة من المجتمع بما فيها التربية و العلم و الثقافة و وسائل الإعلام.
و موقفى التالي بشأن " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " صحيح بعمق و هام بصفة حيويّة :
" إنّه لأمر واقع أنّه لا وجود في أي موقع آخر ، في أيّة وثيقة تأسيسيّة أو مرشدة مقترحة من أيّة حكومة ، لأيّ شيء يُشبه ليس فحسب حماية المعارضة و الحثّ عليها و على الغليان الفكريّ و الثقافي المتجسّدين في هذا الدستور ، بينما لهذا في نواته الصلبة أرضيّة من التغيير الإشتراكي للإقتصاد ، بهدف القضاء على كلّ الإستغلال و التغيير المناسب للعلاقات الإجتماعيّة و المؤسّسات السياسيّة و إجتثاث كافة الإضطهاد و التشجيع عبر النظام التعليمي و في المجتمع بأسره لمقاربة أنّ هذا " سيمكّن الناس من إتّباع الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح الفكر النقديّ و الفضوليّة العلميّة ، و على هذا النحو التعلّم المستمرّ من العالم و القدرة على المساهمة بشكل أفضل في تغييره وفقا للمصالح الجوهريّة للإنسانيّة " . " (***)
طبعا ، في ما يتّصل بممارسة السلطة السياسيّة من قبل ممثّلي هذا النظام الإشتراكي المغاير راديكاليّا – أي ممارسة سلطة الدولة الإشتراكية ، دكتاتوريّة البروليتاريا – " منظّرو " البرجوازية من كافة المجالات يعارضون سلطة الدولة الثوريّة بأي شكل كانت لسبب أساسي هو أنّ سلطة الدولة الإشتراكيّة هذه تمكّن الجماهير الشعبيّة و تدعمها في إجتثاث علاقات الإستغلال و الإضطهاد التي يقوم عليها النظام الرأسمالي .
و تهدف سلطة الدولة الإشتراكيّة هذه إلى تحرير الإنسانيّة ككلّ ، في كلّ ناحية من أنحاء العالم ، من كافة علاقات الإستغلال و الإضطهاد ، ببلوغ الشيوعيّة عبر العالم – عى إثر ذلك ستكون قد ألغيت الحاجة و ألغي أساس إستغلال أيّ قسم من الإنسانيّة و إضطهاده و ممارسته الدكتاتوريّة على القسم الآخر ، و قد قُضي عليهما ، و محلّ الإنقسامات العميقة بتبعاتها الرهيبة التي تميّز العالم ألان ، في ظلّ هيمنة النظام الرأسمالي – الإمبريالي سيحلّ عالم مجتمع تعاون حرّ بين البشر .
************************
نقطة أخيرة : إمبرياليّوو الولايات المتّحدة منافقو طبقة عالميّة و داعمون منذ زمن بعيد ل " الإستبداد " كلّما كان ذلك يخدم مصالحهم .
في المقال الأصلي الذى يفضح الطبيعة المعادية للعلم ل " نظريّة " " الإستبداد " و إستخدامها خدمة للإمبرياليّة الأمريكيّة، أبرزت نقطة أنّ " الولايات المتّحدة اليوم ، و كانت تاريخيّا ، متحالفة مع عديد الحكومات " الإستبداديّة " عبر العالم ( و في الواقع ، ركّزت بالقوّة مثل هذه الحكومات في عديد البلدان " ).(*)
و فيما يلى قائمة في بعض البلدان أين ، فقط منذ الحرب العالميّة الثانية ، تحالفت الولايات المتّحدة بالفعل مع – و في عديد الحالات ركّزت بواسطة الغزوات و الإنقلابات الدمويّة إلخ - حكومات " إستبداديّة "( يتعيّن إعتبارها " إستبداديّة" وفق " منطق " " منظّري " " الإستبداد " ).
- الشيلي
- البرازيل
- هايتي
- كوبا ( قبل ثورة 1959)
- السلفادور
- نيكاراغوا
- غواتيمالا
- الهندوراس
- باناما
- جمهوريّة الدومينيك
- اليونان
- بولونيا
- أندونيسيا – الفليبين
- كوريا الجنوبيّة
- فيتنام الجنوبيّة
- الصين ( قبل إنتصار الثورة سنة 1949)
- إيران
- العراق
- تركيا
- إسرائيل .
و مجدّدا ، هذه فقط قائمة جزئيّة للحكومات " الإستبداديّة " المدعومة – و عادة المركّزة بواسطة الغزوات و الإنقلابات الدمويّة إلخ – من طرف الإمبرياليّين الأمريكان ، منذ الحرب العالميّة الثانية لا غير .
منافقو الطبقة العالميّة ، مضطهِدون مدمِّرون للعالم .
هوامش المقال :
* The article by Bob Avakian, “Shameless American Chauvinism: ‘Anti-Authoritarianism’ as a ‘Cover’ for Supporting U.S. Imperialism, with an ADDED NOTE by Bob Avakian, Spring 2023,” is available at www.revcom.us. In the article “Bob Avakian on Impeachment, Crimes Against Humanity, Liberals and Lies, Provocative and Profound Truths” (also available at www.revcom.us), Bob Avakian speaks to the “theory” of “totalitarianism” and how it, too, promotes, anti-scientific thinking particularly in the service of U.S. imperialism.
** The quotes from the Constitution for the New Socialist Republic in North America are from the Preamble of this Constitution. This Constitution, written by Bob Avakian, is also available at www.revcom.us.
*** This statement by Bob Avakian, on the Constitution for the New Socialist Republic in North America, originally appeared in NEW YEAR’S STATEMENT BY BOB AVAKIAN, A New Year, The Urgent Need For A Radically New World—For The Emancipation Of All Humanity, January 2021, which is also available at www.revcom.us.
(5)
النظريّة الشيوعيّة العلميّة و مشكل " الخطّ الجماهيري "
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 808 ، 26 جوان 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/scientific-communist-theory-and-problem-mass-line

مساهمات ماو في النظريّة الشيوعيّة و تحرير الإنسانيّة عميقة حقّا – لكن " الخطّ الجماهيري " خاطئ
كان للثورة الصينيّة و بالأخصّ النهوض الثوري للثورة الثقافيّة في الصن ( ثورة داخل المجتمع الإشتراكي نفسه ! ) و للدور الذى نهض به ماو تسى تونغ كقائد لتلك الثورة الثقافيّة ، في ستّينات القرن العشرين و بدايات سبعيناته ، تأثير إيجابي كبير على الجماهير الشعبيّة حول العالم . و قد شمل هذا المضطهَدين و الشباب المتعلّم في الولايات المتّحدة . الكتاب الأحمر للمقتطفات من أقوال الرئيس ماو كان بيد الملايين تماما في البلدان عبر العالم بما في ذلك في الولايات المتّحدة ، و كان كذلك يوفّر توجّها ثوريّا أساسيّا للجماهير الشعبيّة في الصين عينها .
( أتكلّم عن الدور الفعلي لماو و الطابع التحريري الأساسي للثورة الثقافيّة للصين ، و ليس عن التشويهات الفظّة لهذا عن طريق أناس يتكلّمون إنطلاقا من الجهل المدقع و أولئك الموظّفين السياسيّين المعادين للشيوعيّة المنخرطين في التشويه المتعمّد و المنهجيّ . إنّ تحليلا جدّيا ، تحليلا علميّا الضرورة و أهداف الثورة الثقافيّة في الصين و لمسارها – بما في ذلك التناقضات التي كانت تسعى إلى معالجتها و التناقض المميّز لسيرورة نموّ الثورة الثقافيّة – يمكن أن تعثروا عليه في أعمال لى و لغيرى على موقع أنترنت revcom.us ).
لقد عبّر مزيد تطوير ماو للنظريّة الشيوعيّة عن نفسه بعدّة أبعاد أهمّها بفهم الخطر و أساس الإنقلاب على الثورة و إعادة تركيز الرأسماليّة في بلد إشتراكي – و وسائل التصدّى لذلك و قد لقي ذلك ترجمته في الثورة الثقافيّة .
و من المظاهر الهامة لفكر ماو ( و فصل من الكتاب الأحمر [ " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ] ) كان ما أحال عليهما و على أنّه " الخطّ الجماهيريّ " . و قد إعتبرنا ذلك أداة هامة وقتها ، نحن الذين صرنا ليس فحسب ذوى فكر ثوريّ بمعنى عام ما بل شيوعيّين ثوريّين ألهمتنا و أثّرت فينا فوق كلّ شيء الثورة الثقافيّة في الصين . و مع ذلك ، مثلما بات جليّا في العقود مذّاك ،هذا المفهوم ، " الخطّ الجماهيري " ليس صحيحا و يمضى عمليّا ضد الإنخراط العام لماو في النظريّة الشيوعيّة و مزيد تطويره لها .
و كما تعلّمت بطريقة متعمّقة بإستمرار ، يجب على النظريّة الشيوعيّة أن يقع تبنّيها و تطبيقها كمنهج و مقاربة علميّين لفهم الواقع و تغييره . و بإستمرار يجب تطويرها مع إستمرار تطوّر الواقع الأشمل و تغيّره – و ينبغي أن يشمل هذا المساءلة المستمرّة للنظريّة الشيوعيّة نفسها ، على ضوء مراكمة التجارب و المعرفة ، و ليس فحسب في مجال الممارسة الثوريّة و إنّما أيضا في الأبعاد الأوسع للنشاط الإنسانيّ بما في ذلك العلوم الطبيعيّة كما الإجتماعيّة ، و جال الفنون و الثقافة و ما إلى ذلك . و كجزء من هذه السيرورة – الشروع عقب هزيمة الثورة الثقافية و نهاية الثورة عبر الصين كافة ، و إعادة تركيز الرأسماليّة هناك إثر وفاة ماو سنة 1976- إنخرطت في و قُدتُ سيرورة مساءلة النظريّة الشيوعيّة مساءلة نقديّة علميّة بما فيها فهمي أنا السابق لهذه النظريّة و تطوّرها بداية من ماركس ( و إنجلز ) و ما أنجزه لينين ثمّ ماو . و كانت النتيجة تطوير خلاصة جديدة للشيوعيّة – يُحال عليها شعبيّا بالشيوعيّة الجديدة – وهي مواصلة و كذلك قفزة نوعيّة أبعد من و بطرق هامة قطيعة مع النظريّة الشيوعيّة كما تطوّرت سابقا . و قد شمل هذا نقد و في نهاية المطاف نبذ " الخطّ الجماهيريّ " كمنهج أساسيّ و وسيلة للتقدّم بالثورة الشيوعيّة .
أين يكمن الخطأ في " الخطّ الجماهيري "
عند تفحّصنا هنا لكيف لا يُمثّل " الخطّ الجماهيري " منهجا و مقاربة علميّين للإستراتيجيا و السياسات الثوريّة ، سأركّز على التصوّر المكثّف لفكر ماو حول " الخطّ الجماهيريّ " في الكتاب الأحمر للمقتطفات من أقوال الرئيس ماو .
في الفصل المفرد ل " الخطّ الجماهيري ّ" ، هناك نقاط توجّه هي نهائيّا صحيحة و هامة – على سبيل المثال الحجج ضد الوقوف بعيدا عن و إزدراء الجماهير الشعبيّة و نقد محاولة تكريس خطوط و سياسات دون تشريك الجماهير . لكن المنهج الأساسيّ ل " الخطّ الجماهيريّ " ضُمّن في التالي من ماو :
" إنّ كلّ قيادة صحيحة في كلّ عمل واقعي من أعمال حزبنا لا يمكن أن تتم إلاّ بتطبيق مبدأ " من الجماهير و إلى الجماهير " . و يعنى هذا المبدأ جمع آراء الجماهير ( الآراء المتفرّقة غير المنسّقة ) و تلخيصها ( أي دراستها و تلخيصها في آراء مركّزة منسّقة ) ، ثمّ العودة بالآراء الملخّصة إلى الجماهير و القيام بالدعوة لها و توضيحها ، حتّى تستوعبها و تصبح آراء خاصة بها ، فتتمسّك بها و تطبّقها عمليّا ، و تختبر هذه الآراء أثناء تطبيق الجماهير لتعرف أهي صحيحة أو لا . ثمّ تعاد الكرّة ، فتجمع آراء الجماهير ثانية و تعاد إليها بعد تلخيصها ، فتتمسّك بها و تطبّقها مرّة أخرى . و هكذا دواليك، فتصبح الآراء ، مرّة بعد أخرى ، أكثر صحّة و تغدو أكثر حيويّة و غزارة . هذه هي النظريّة الماركسيّة في المعرفة . "
لكن في الواقع ، هذه ليست النظريّة الماركسيّة للمعرفة . هذه النظريّة في المعرفة – كما تطوّرت في المقام الأوّل على يد ماركس ( عاملا معا مع إنجلز ) و إزدادت تطوّرا مذّاك – قد نهلت من مروحة أوسع بكثير من التجربة و المعرفة من " أفكار الجماهير " . ( و في أعمال مختلفة لماو ،معالجة مسائل أخرى غير " الخطّ الجماهيريّ " ، يتقدّم بعرض أصحّ للنظريّة الشيوعيّة العمليّة للمعرفة ) . و كما كتبت في " إختراقات : الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعيّة الجديدة ، خلاصة أساسيّة " لم يكن عمليّا كيف تصرّف ماو بالمعنى الأساسي في تطوير الخطوط و السياسات و الإستراتيجيّات في إنجاز النضال الثوريّ . لقد قام ماو بذلك أساسا على قاعدة علميّة و ليس إعتمادا على النهل من ثمّ تكثيف أفكار الجماهير و إعادة ذلك إلى الجماهير . لقد قام ماو بذلك ب " تحديد ما هي التناقضات الأساسيّة التي ينبغي التركيز عليها في وقت معيّن ".
( في لاحظة أدناه ، أوردت قائمة لبعض القرارات الكبرى التي إتّخذها ماو في ما يتّصل بالإستراتيجيا و السياسات خلال مسار الثورة الصينيّة – قبل و بعد إفتكاك السلطة عبر البلاد قاطبة سنة 1949 – وقع التوصّل إليها ليس من خلال تطبيق " الخطّ الجماهيريّ " ، بل على أساس المنهج و المقاربة الذين لخّصتهما في " إختراقات ..." ، كما ذكرت هنا . و لم أتحدّث فقط عن الخطوط و السياسات الصحيحة التي قادها ماو في تبنّى و طبيق بل كذلك بعض الخطوط و السياسات الخاطئة بصفة لها دلالتها ).
و لنشدّد مرّة أخرى على هذه النقطة الهامة ، " الخطّ الجماهيري " - جمع آراء الجماهير ( الآراء المتفرّقة غير المنسّقة ) و تلخيصها ( أي دراستها و تلخيصها في آراء مركّزة منسّقة ) ، ثمّ العودة بالآراء الملخّصة إلى الجماهير و القيام بالدعوة لها و توضيحها ، حتّى تستوعبها و تصبح آراء خاصة بها ، فتتمسّك بها و تطبّقها عمليّا ، و تختبر هذه الآراء أثناء تطبيق الجماهير لتعرف أهي صحيحة أو لا .- ليس وسيلة بلوغ خطّ صحيح ( إستراتيجيا و سياسات إلخ ) . و هذا مرّة أخرى ، يعود إلى أخذ أفكار الجماهير كنقطة إنطلاق للخطوط و السياسات – و حتّى سيرورة " تلخيص أفكار الجماهير " ( " عبر الدراسة تحويلها إلى أفار مكثّفة و منهجيّة " ) – ضيّقة جدّا كمصدر للمعرفة و سيرورة محدودة جدّا لبلوغ فهم صحيح لما نحتاج القيام به للتقدّم بالثورة و تجاوز العراقيل الحائلة دون ذلك التقدّم .
و هنا ، عليّ أن أقول إنّه أحيانا حاولت انا نفسى أن " أعمّق أكثر " ما يقوله ماو حول " الخطّ الجماهيري " بإعادة تأويل هذا ليعني شيئا مثل تطبيق المنهج العلمي للشيوعيّة بالمعنى العام لتكثيف ما هو صحيح في أفكار الجماهير ... و لم يساعد ذلك في شيء . لا يهمّ كيف تحوّلونه و تعالجونه ، يبقى الواقع أنّ أفكار الجماهير – و حتّى أفكارها الأكثر " تقدّما " – مجرّد مصدر ضيّق جدّا و " تكثيف أفكار الجماهير محدود جدّا كسيرورة لبلوغ خطّ و سياسة صحيحين .
التذيّل للأفكار المتخلّفة في صفوف الجماهير بدلا من لصراع ضدّها
يكثّف الموقف التالي لماو المشكل الأساسي مع " الخطّ الجماهيري " :
" إنّ خبراتنا خلال أربعة و عشرين عاما قدعلّمتنا أنّ جميع المهمّات و السياسات و أساليب العمل الصحيحة هي التي تتّفق مع مطالب الجماهير في وقتها و مكانها و توثق صلاتنا بها ، و أنّ جميع ما هو خاطئ منها هو الذى يتنافى مع مطالب الجماهير في وقتها و مكانها و يعزلنا عنها . "
هذا الموقف – وهو يتعلّق بجوهر الموضوع – خاطئ في ما يتّصل بنظرية المعرفة التي يعرضها و بوجه خاص تأكيده الأساسي أنّ " مطالب الجماهير في وقتها و مكانها " هي المعايير و المقاييس لما إذا كانت الخطوط و السياسات صحيحة ( أم لا ) . إنّه لأمر ، إنّه لهام ، أن نكون واعين و متفطّنين لمشاعر الجماعير ( بما في ذلك واقع أنّ هذه المشاعر لن تكون " متجانسة " و ثابتة : أناس مختلفون من صفوف " الجماهير " ستكون لهم مشاعر مختلفة و مشاعر الجماهير يمكن أن تتغيّر بصورة ذات دلالة مع تغيّر الظروف ) . و إنّه لشيء آخر – و هذه ليست مقاربة صحيحة – جعل مشاعر ( أو " مطالب " ) الجماهير أساس السياسة الشيوعيّة في أيّ وقت معطى .
الواقع هو أنّه ، في ظلّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبرياليّ ( أو أي نظام إستغلالي و إضطهادي ) ، مشاعر الجماهير و مطالبها إلى درجة بعيدة جدّا يشكّلها سير هذا النظام – نظامه الاقتصادي الإستغلالي و علاقاته الإجتماعيّة الإضطهاديّة و المؤسّسات السياسيّة و الثقافة السائدة التي تعقلن بإستمرار و على نطاق كثيف و تعزّز هذا الإستغلال و هذا الإضطهاد . ( و حتّى في المجتمع الإشتراكي ، سيكون الحال أنّه في صفوف الجماهير ستوجد أفكار تظلّ تعكس ، بدرجات متنوّعة ، تأثير العلاقات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة التي من غير الممكن القضاء عليها تماما داخل المجتمع الإشتراكي و التي ستواصل تمييز قسط كبير من العالم خلال ما سيكون سيرورة طويلة الأمد للتقدّم نحو الشيوعيّة عبر العالم .)
ليس من العسير رؤية كيف أنّ " أخذ أفكار الجماهير " كنقطة إنطلاق للإستراتيجيا الشيوعيّة و اسياسات الشيوعيّة إلخ – و التصرّف وفق معيار أنّ " جميع المهمّات و السياسات و أساليب العمل الصحيحة هي التي تتّفق مع مطالب الجماهير في وقتها و مكانها " – يمكن بيُسر أن يُفضي إلى التذيّل للأفكار الخاطئة جدّا و " مطالب " الجماهير الشعبيّة في أيّ وقت معطى . أكثر من قلّة من الشيوعيّين قد سقطوا تحديدا في هذا الضرب من التذيّل بتطبيق " الخطّ الجماهيريّ " . و على العكس من ذلك ، سبب من أسباب لماذا من الهام أن نكون واعين و متفطّنين لمشاعر الجماهير هو أنّ هذا ضروري من أجل الصراع فعليّا ضد مشاعر و مطالب الجماهير ( على ألقلّ عددا منها ) ، في أوضاع مختلفة – بدلا من مجرّد البحث عن تلخيص أفكار الجماهير عند أيّة لحظة معطاة . و هنا من المهمّ التأكيد على أنّه من الممكن أن نحدّد و نتصرّف في إنسجام مع ما هي المصالح الحقيقية الموضوعيّة للجماهير الشعبيّة – و بصفة خاصة و عامة جوهريّا – ليس بالتذيّل للجماهير ، بل بالقيام بالتحليل العلمي و بتطبيق ذلك التحليل العلمي .
معالجة تناقض حيويّ – بين المفهوم الخاطئ ل " الخ"ّ الجماهيري " و الأساس الفعلي للتقدّم بالثورة الشيوعيّة
إنّنا لمحظوظون أنّ " الخطّ الجماهيري" ليس كيف طوّر ماو عمليّا الخطوط الحيويّة – الإستراتيجيا و السياسات إلخ – في قيادة الثورة الصينيّة إلى النصر سنة 1949 و تاليا المضيّ قُدما بالثورة ، في ظروف المجتمع الإشتراكي الجديد بالغين قمّة ذلك إبّان الثورة الثقافيّة ، قبل أن يقع الإنقلاب على هذا إثر وفاة ماو سنة 1976 . و كما شدّدنا على ذلك أعلاه ، عند ذكر " إختراقات ..." قام ماو بذلك بتحليل التناقضات التي كان يجب مواجهتها و تغييرها – ب " تحديد ما هي التناقضات الأساسيّة التي يجب التركيز عليها في وقت معيّن " .
و مع ذلك ، هناك تناقض حيويّ هنا ، بين المنهج و لمقاربة العلميّين الذين طبّقهما ماو في تطوير الخطّ و السياسات و ما قدّمه في " الخطّ الجماهيري " كقاعدة للقيام بهذا . و يحتاج هذا التناقض أن يُعالج – و لا يُمكن إلاّ أن يُعالج إيجابيّا – بالتبنّى و بالتطبيق المنهجي لمنهج و مقاربة علميّين لفهم الواقع و تغييره ، في تطوير و تطبيق الخطّ الشيوعيّ ( بما في ذلك الإستراتيجيا و السياسات في أيّ وقت معيّن ) ، في تعارض مع المنهج و المقاربة الخاطئين ل " الخطّ الجماهيريّ ".
و هذا التغيير للواقع سيشمل ، كمظهر هام للغاية ، خوض الصراع الإيديولوجي لتغيير طُرق التفكير الخاطئة في صفوف الجماهير الشعبيّة ، كاسبينها إلى نظرة و أهداف ثوريّين ، إعتمادا على مقاربة علميّة للواقع هي ، في الأساس ، قد ميّزت الشيوعيّة منذ بدايتها ، و قد وقع مزيد تطويرها ، بطريقة أكثر علميّة صراحة ، مع الشيوعيّة الجديدة .
************************
ملاحظة هامة :
كما ألمحنا إلى ذلك أعلاه ، هذه ( بعض ) القرارات الكبرى – القرارات الصحيحة و الهامة – ذات الصلة بالإستراتيجيا و السياسات إلخ التي تبنّاها ماو ، في مسار الثورة الصينيّة ، ليس من خلال تطبيق " الخطّ الجماهيريّ " بل من خلال تحليل التناقضات التي كان يجب مواجهتها و تحويلها – ب " تحديد ما هي التناقضات الأساسيّة التي يجب التركيز عليها في وقت معيّن ".
* الإنطلاق في النضال المسلّح الثوري أواخر عشرينات القرن العشرين ضد القوّات الحاكمة المركّزة في حكومة الكيومنتانغ، و على رأسه تشان كاي تشاك ( و المدعومة من الإمبرياليّين الكبار " الغربيّين " ).
* في أواسط ثلاثينات القرن الماضي ، في إطار غزو الإمبرياليّة اليابانيّة و إحتلالها الصين ، التحوّل من القتال ضد الكيومنتانغ إلى الجبهة المتّحدة مع الكيومنتانغ ضد اليابان .
* قرار التفاوض مع الكيومنتانغ مع نهاية الحرب العالميّة الثانية سنة 1945...و إستئناف حرب الشعب – الآن موجّهة ضد الكيومنتانغ – عقب إنهيار هذه المفاوضات .
* قرار الدخول في الحرب الكوريّة سنة 1950 ، إثر غزو القوّات الإمبرياليّة بقيادة الولايات المتّحدة و إحتلالها لأجزاء من كوريا الشماليّة و التقدّم بإتّجاه الحدود الصينيّة مع كوريا الشماليّة ( و كان قائد هذه القوى الإمبرياليّة ، ماك أرثور ، يهدّد الصين بالهجوم المباشر عليها . )
* إطلاق الثورة الثقافيّة و المضيّ فيها في ستّينات القرن الماضيّ و سبعيناته .
و مرّة أخرى ، و لا قرار من هذه القرارات الكبرى – و قرارات كبرى أخرى ، تعنى تبنّى ( و تغيير ) الإستراتيجيا و السياسات – كان قائما على الخطّ الجماهيري ، بل على تحليل التناقضات و ترتيبها .
و في الوقت نفسه ، من الضروري الإعتراف بأنّه ، رغم أنّه في الأساس و بصفة طاغية في مسار الثورة الصينيّة في كل من قبل و بعد بلوغ الإنتصار عبر البلاد قاطبة سنة 1949 -الخطوط و السياسات المتبنّأة بقيادة ماو كانت صحيحة و أدّت إلى تقدّم حيويّ للثورة ، و مثال حاد حيث لم يكن الأمر كذلك هو السياسة التي تبنّتها الصين في بدايات السبعينات و التي يمكن توصيفها بأنّها " إنفتاح على الغرب " و لم يشمل ذلك إرساء علاقات مع الولايات المتّحدة من أجل إستعمال التناقضات بين الولايات المتّحدة و منافسها الأساسي ، الإتّحاد السوفياتي فحسب . في الواقع ، نبعت المقاربة الصينيّة للعلاقات الدوليّة و التطوّرات العالميّة ، في تلك الفترة ، من تحليل خاطئ لكون الإتّحاد السوفياتي كان حينها العدوّ الأساسي لشعوب العالم . نهائيّا هناك نزعة لتقديم الأشياء و مقاربتها عالميّا في إطار كيفيّة مساهمتها أو عدم مساهمتها في معارضة أهداف و تحرّكات الإتّحاد السوفياتي على الصعيد العالمي . ( منذ خمسينات القرن العشرين ، لم يعد الإتّحاد السوفياتي بلدا إشتراكيّا بل صار قوّة الرسماليّة – الإمبرياليّة ، حتّى و قد واصل ، لبعض الوقت تقديم نفسه على أنّه إشتراكي . لقد حلّل ماو و لحزب الشيوعي الصيني الذى كان يقوده تحليلا صحيحا و هاما بأنّ الإتّحاد السوفياتي قد أضحى " إمبرياليّة – إشتراكيّة " – إشتراكيّة في الإسم و إمبرياليّة في الواقع – غير أنّ إعتبار الإتّحاد السوفياتي العدوّ الأساسيّ الوحيد لشعوب العالم و التصرّف – و تشجيع الآخرين على التصرّف – في إنسجام مع هذا التحليل الهشّ ؛ لم يكن صحيحا و قد تسبّب في ضرر حقيقيّ .)
و أحد الأبعاد الأكثر ضررا لهذا كان المساندة التي قدّمتها الصين لحكومات إضطهاديّة بصفة فظيعة في العالم الثالث ، على غرار نظام التعذيب و على رأسه شاه إيران و نظام ماركوس في الفليبين ( بلد حيث ، لسخرية الأقدار ، كان الثوريّون الماويّون حينها يخوضون كفاحا مسلّحا ضد ذلك النظام بالذات ).
هذه الأخطاء الجدّية كانت إنعكسا و تعبيرا عن كلّ من الضرورة الواقعيّة – ليس أقلّها التهديد الفعلي بهجوم كبير للإتّحاد السوفياتي على الصين – و لكن أيضا النزعات القوميّة لدي ماو ( نزعت تقييم الأشياء أساسا بمعنى تأثيرها على الصين ) التي ظهرت ثانويّا لكن بصفة ذات دلالة ، ضد التوجّه العام الشيوعي / الأممي لماو .
في مذكّراتي ( " من إيكي إلى ماو و بعد ذلك " )، رويت وضعا حيث أثناء زيارة للصين سنة 1974 ، أثرت ( بمعيّة شخص آخر مشاركا في الزيارة ) نقدا و خضت صراعا مع ممثّلين للجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الصيني حول هذه السياسات الخاطئة و الضارة للغاية . و بداية من " كسب العالم " و " التقدّم بالحركة الثوريّة العالميّة : قضايا توجّه إستراتيجي " في ثمانينات القرن الماضيّ ، أجريت تحليلا نقديّا لهذه السياسة الخاطئة . ( " كسب العالم ؟ واجب البروليتاريا العالميّة و رغبتها " و " التقدّم بالحركة الثوريّة العالميّة : قضايا توجّه إستراتيجي " متوفّران على موقع أنترنت revcom.us ضمن الأعمال المختارة لبوب افاكيان ).
و في الوقت نفسه ، هذا النقد الضروريّ القائم على العلم أجري في إطار التحليل القائم كذلك على العلم أنّه حتّى بينما قد مورست هذه السياسة الخاطئة و ألحقت ضررا حقيقيّا ، في الجزء اوّل من سبعينات القرن العشرين ، واصل ماو و الذين كانوا يتّبعون قيادته في الحزب الشيوعي الصيني تقديم الدعم لمختلف النضالات الثوريّة في أنحاء مختلفة من العالم وقتها ، و في الوقت نفسه ، كانوا يقودون الثورة الثقافيّة داخل الصين ذاتها – و هذه ، كما تحدّثت عن ذلك هنا ، لم تكن حركة ثوريّة غير مسبوقة للجماهير الشعبيّة في الصين ذاتها فحسب بل كانت مصدرا عميقا للإلهام تماما لمئات ملايين المضطهَدين و الناس ذوى الذهنيّة الثوريّة عبر العالم .
و مرّة أخرى ، بالرغم من هذه الأخطاء ذات الدلالة ، في ألساس و بشكل طاغي ، أثناء مسار الثورة الصينيّة – في كلّ من قبل و بعد تحقيق الظفر عبر البلاد سنة 1949 – الخطوط و السياسات المتبنّاة في ظلّ قيادة ماو كانت صحيحة و أفضت إلى تقدّم حيويّ للثورة في الصين بينما كانت تقدّم مساهمات حيويّة في هذه الثورة في العالم ككلّ . و كما شدّدنا على ذلك في البداية ، كتقييم عام صحيح أنّ مساهمات ماو في النظريّة الشيوعيّة و تحرير الإنسانيّة عميقة حقّا .
( 6 )
الثورة : المنعرجات الكبرى و الفرص النادرة أو ... لماذا تحدّث لينين عن الحرب العالميّة الأولى بإعتبارها " مديرة مسرح " الثورة ؟ ... و لماذا قال ماو إنّه يجب أن نشكر اليابان لغزوها الصين ؟
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 810 ، 10 جويلية 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/revolution-major-turning-points-and-rare-opportunities
لننطلق من هذا : بالمعنى الأكثر جوهريّة ، الثورات لا تأتى فقط نتيجة العمل الثوري و نضال الشيوعيّين . لماذا أصير هذا ؟ للمحاججة بأنّ ما يقوم بع الشيوعيّون لا أهمّية له ؟! لا – بداهة لا . من الأهمّية المحدّدة و الحيويّة للشيوعيّين أن يعملوا بإستمرار و يناضلوا بحيويّة و بتصميم و إبداع لكسب الجماهير الشعبيّة لرؤية الحاجة إلى أن تنخرط بنشاط في الإعداد و تاليا في إنجاز الإطاحة بالنظام الإضطهادي ، لأجل إنشاء نظام مختلف راديكاليّا و تحريريّا . ( و بوضوح الثورات لا تأتى نتيجة إنجاز الثوريّين شيئا آخر عدا العمل و النضال الثوريّين الثابتين . )
لكن الثورات لا تحدث في خطّ مستقيم – و من الحيويّ إستيعاب و العمل بشكل حاسم في علاقة بهذه الأزمان النادرة حيث التغيّر العميق و النوعي في الوضع يفتح إمكانيّة تقدّم كبير للثورة ، ربّما حتّى إمكانيّة المضيّ بالأشياء تماما نحو الإطاحة بالنظام القائم و تركيز نظم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير .
و هذه الإمكانيّة قد لا تكون و عامة لا تكون ظاهرة فورا ، و بالعكس ما يشاهد بأكثر سهولة على السطح هو الطريقة التي بها ، على المدى القصير ، يزداد الوضع سوءا .
النقطة هي أنّ كلّ هذا لا يمكن إلاّ أن يُستوعب بطريقة صحيحة و يتمّ الإشتغال عليه بمنهج و مقاربة علميّين صريحين.
و أحد أهمّ الأشياء التي يوضّحها مثل هذا المنهج و هذه المقاربة العلميّين هو التالي : الثورات تصبح ممكنة بالمعنى الأكثر جوهريذة نتيجة إحتدام تناقضات النظام الإضطهادي ، مؤدّية إلى منعرجات حيويّة و موفّرة فرصا نادرة للتقدّم الثوري الكبير ، حتّى فعلا فسح المجال لظفر الثورة . و آفاق الثورة ترتهن إلى درجة كبيرة بما إذا كانت القوى الواعية لهذه الثورة لا تنجز عملا و نضالا ثوريّا ثابتا فحسب بل بالأخصّ بما إذا كانت تقرّ – و على هذا ألساس تعمل بجسارة و تصميم مستندين إلى العلم كي تستغلّ تمام الإستغلال الوضع – هذه المنعرجات الحيويّة و الفرص النادرة جدّا .
طبعا ، دور الشيوعيّين ليس إنتظار بسلبيّة لمثل هذه المنعرجات الحيويّة و الفرص النادرة . بالعكس – و هذه نقطة توجّه أساسيّة في الشيوعيّة الجديدة التي تقدّمت بها – يجب على الشيوعيّين أن يعملوا بإستمرار لتحقيق أقصى التطوذر بإتّجاه مراكة القوى من أجل الثورة التي نحتاج إليها : تطبيق مقاربة التسريع بينما ننتظر الظروف الضروريّة التي تجعل من الممكن المضيّ تماما للنضال من أجل الثورة ، بفرصة حقيقيّة للنصر . و تاليا عندما تنشأ الظروف الضروريّة ن من الأهمّية الحيويّة التحرّك بشكل حيويّ – لقيادة الجماهير الشعبية بملايينها من أجل إفتكاك السلطة .
بمجرّد مواصلة القيام بالعمل " الروتيني " باسم الثورة ، فاقدين عمليّا أيّ توجّه ثوريّ و إحساس بالوضع الإستعجالي – " قرع الأجراس " بخلود ، مثل القساوسة في الكنيسة ، مع عدم إيلاء الإنتباه للتطوّرات الأشمل في العالم ، و بوجه خاص الطريقة التي بها تغدو التناقضات الأساسيّة للنظام الحاكم أحدّ منه أثناء " الأزمة العاديّة " – سيُفضى ذلك إلى الإخفاق في إدراك الإمكانيّات التي يفتحها ذلك بالنسبة للتقدّم بالثورة و سيؤدّى إلى التفريط في الفرصة النادرة .
إنّ الثورات المظفّرة بقيادة شيوعيّة ، أوّلا في روسيا و تاليا في الصين ، خلال النصف الأوّل من القرن الأخير ، تجسّد هذه الدروس الحيويّة ( رغم أنّ الأنظمة الإشتراكيّة التي تركّزت عبر الثورات ، أوّلا ، في روسيا / الإتّحاد السوفياتي و تاليا في الصين ، وقع في نهاية المطاف الإنقلاب عليها و تمذت إعادة تركيز الرأسماليّة في كلا البلدين ، النقاط الأساسيّة التي شدّدت عليها هنا تسلّط عليها الضوء تجارب هتين الثورتين في قيادة الجماهير الشعبيّة في افطاحة بالنظام الإضطهادي القديم و إرساء مجتمع و حكم جديدين و ثوريّين ).
روسيا : الحرب العالميّة الأولى ك " مديرة مسرح " الثورة :
بالنسبة إلى الثورة الروسيّة ، كانت الحرب العالميّة الأولى ، بداية من 1914 ، هي التي جعلت تناقضات النظام الرأسمالي – الإمبريالي عامة تحتدم كثيرا و بوجه خاص تزداد حدّتها داخل روسيا . ( كانت حربا بين قوى إمبرياليّة متنازعة من أجل موقع الهيمنة في العالم ، و بوجه خاص الهيمنة على و إستغلال الإمبراطوريّات الإستعماريّة الواسعة خاصة في أقريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ). و مع تطوّر هذه الحرب لعدّة سنوات و تفاقم التناقضات التي أدّت إلى الحرب ، صارت القاعدة الموضوعيّة و إمكانيّة الثورة أكثر مواتاة ، رغم أنّ هذه الإمكانيّة كان يجب أن تُدرك بصلابة و يجب العمل عليها بنشاط – و إمكانيّة الإطاحة بالنظام القديم يجب إستغلالها بحيويّة ، حين ظهرت هذه الفرصة مع نهاية الحرب .
لكن تجدر ملاحظة أنّه لبعض الوقت قبل بداية الحرب العالميّة الأولى ، و تاليا خلال معظم تلك الحرب ، كان الشيوعيّون الروس ( البلاشفة ) شديدي الضعف – و قائدهم لينين و بعض الوجوه القياديّة الأخرى في المنفى ، و بيأس متعلّقين بمنتهى الظروف الصعبة ( مع بعض الرفاق يعيشون و حتّى يموتون في الشوارع ) . الوضع الصعب كان إلى درجة كبيرة نتيجة هزيمة التمرّد الثوري في روسيا في العقد السابق لبداية الحرب العالميّة الأولى و القمع الشديد الذى تبع تلك الهزيمة . في هذه الظروف ، عديد المساندين السابقين أو المتعاطفين من المثقّفين مع الثورة تبنّوا تبريرات " فلسفيّة " لإدارة ظهرهم للماركسيّة و أكثر من قلّة من الناس من صفوف البلاشفة تراجعوا إلى الفرديّة المنغمسة في الملذّات . و علاوة على ذلك ، لمعظم الحرب العالميّة الأولى ، لأنّ البلاشفة إتّخذوا و حافظوا على الموقف المبدئي لرفض دعم طبقتهم الحاكمة الإمبرياليّة فىتلك الحرب – بينما فضحوا و ندّدوا بالحرب عامة كان خاصة في بداية الحرب منجرّ وراء الحماس الوطني لدعم إنخراط روسيا في الحرب .
لكن مع تطوّر الحرب ، و مع مواصلة الطبقة الحاكمة الروسيّة الإنخراط بنشاط في هذه الحرب التي كانت تتسبّب في خسائر ضخمة لفيالق روسيا و في عذابات رهيبة للجماهير الشعبيّة في روسيا ، إستطاع البلاشفة أن يكسبوا بصفة متصاعدة أعدادا متنامية من الناس و تنظيمهم في قوّة ثوريّة قويّة – بما في ذلك قسم من القوّات المسلّحة الحكوميّة الذى إلتحق بجانب الثورة – و في الجزء الأخير من سنة 1917 نجحت هذه القوّة الثوريّة في إفتكاك السلطة مع تواصل إحتداد التناقضات ، و بصفة واسعة نتيجة تواصل الحرب و الطريقة التي كانت تكثّف التناقضات الكامنة للنظام الرأسمالي – الإمبريالي .
هذا ما عناه لينين عندما قال إنّ هذه الحرب بكل دمارها الكبير و عذاباتها الرهيبة ،كانت " مديرة مسرح " الثورة . لكن هذا لم يحدث " آليّا " جرّاء تصاعد فظاعات الحرب . لم تكن لتوجد ثورة في روسيا حينها لو لم يحافظ البلاشفة بقيادة لينين قبل كلّ شيء على موقف مبدئيّ في معارضة الحرب – ماضين ضد التيّار القويّ للحماس الوطني في البداية و لجزء لا بأس به من الحرب . و علاوة على ذلك ، لم تكن لتوجد ثورة 1917 لو لم يوفّر لينين القيادة الحيويّة في القيام بتحليل علميّ للطرق التي بها قد شدّدت هذه الحرب إلى درجة كبيرة من تناقضات النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، عامة و بصفة حاد بشكل خاص في روسيا – أو لو أخفق البلاشفة في تطبيق هذا التحليل و إستغلال الوضع النادر مع نهاية الحرب عندما ، كما وضع ذلك لينين ، سنوات و حتّى عقود من " الأزمنة العاديّة " تصبح مكثّفة في أشهر أو حتّى أسابيع من التناقضات المحتدّة و التطوّرات المتسارعة .
الثورة الصينيّة و الغزو الياباني و إحتلال الصين :
أواخر عشرينات القرن العشرين ، عقب قتل عدد كبير من الشيوعيّين الصينيّين على يد القوى الرجعيّة و على رأسها تشان كاي تشاك في المناكق المدينيّة الصينيّة ، قاد ماو تسى تونغ إنجاز قفزة حيويّة في الثورة الصينيّة : قاد قوّة من الثوريّين ،منتدبين خاصة من الفئات اليائسة من الشباب الصينيّ ، للتراجع إلى جبال نائية و شنّ نضال مسلّح – حرب الشعب – ضد الحكومات الإضطهاديّة و المجرمة و على رأسها تشان كاي تشاك ( يدعمه الإمبرياليّون "الغربيّون " بمن فيهم الأمريكيّون). و لعدّة سنوات ، نجحت حرب الشعب في تركيز و توسيع مناطق الإرتكاز الثوريّة في الريف الصينيّ و في إلحاق الهزيمة بمحاولات متتالية لقوى الثورة المضادة لقمع و القضاء على قواعد الإرتكاز هذه و القوى الثوريّة التي تقودها . لكن ، في النهاية ، في أواسط ثلاثينات القرن العشرين ، تبنّت حكومة تشان كاي تشاك إسترتيجيا و تكتيك عسكريّ جديد نجح في إجبار الثوريّين على التخلّى عن قواعد الإرتكاز و الإنطلاق في ما بات معروفا بالمسيرة الكبرى ، لآلاف الأميال منتهين إلى تركيز منطقة إرتكاز جديدة في يانان في داخل الصين .
و بصفة خاصة مع إنتصار الثورة الصينيّة في نهاية المطاف – مع الهزيمة النهائيّة لقوات تشان كاي تشاك و تركيز السلطة السياسيّة الثوريّة عبر البلاد سنة 1949- أضحت المسيرة الكبرى تُعتبر مكسبا ثوريّا عظيما و كانت كذلك . لكن كذلك هو حال أنّه بالرغم من كون هذه المسيرة الكبرى لم تتمكّن من تحقيق مرحلة جديدة و حيويّة في الثورة الصينيّة ، فإنّ الغالبيّة العظمى من القوى الثوريّة التي أنجزت هذه المسيرة الكبرى – وهي تعدّ عشرات و عشرات الآلاف – لقيت حتفها إبّانها . و كان من الممكن تماما أنّ أعدادا كبيرة من المقاتلين الثوريّين و أيضا الثورة نفسها كان من الممكن أن تتعرّض إلى الإغتيال – على الأقلّ لفترة زمنيّة كاملة – نتيجة الإضطرار إلى التخلّى عن مناطق الإرتكاز الأصليّة و إنجاز مسيرة كبرى شاقة . و كما تبيّن ، حتّى مع الخسائر الكبرى ، بقيت قوّة لها دلالتها على قيد الحياة إثر المسيرة الكبرى ، و هذه القوّة – بعد خوضها عدة معارك و تجاوز عدّة مشاق – صُهرت أكثر و صارت أقوى . و بالتالى ، نتيجة غزو الإمبرياليّة اليابانيّة و إحتلالها جزاء كبرى من الصين ، بات من الضروريّ و الممكن توحيد أقسام واسعة من الشعب الصينيّ في معارضة هذا الغزو و هذا الاحتلال . و أرست الحاجة إلى أوسع مقاوة ممكنة ضد الاحتلال الياباني و كذلك الموقف الضعيف الذى بلغته حكومة تشان كاي تشاك بفعل هذا الاحتلال ، أرست كلاّ من ضرورة و قاعدة الدخول في جبهة متّحدة مع حكومة تشان كاي تشاك لقتال الغزاة اليابانيّين . ( جرّاء " الواقع على الرض " أُجبر تشان كاي تشاك على الموافقة على هذه الجبهة المتّحدة ، رغم أنّه أثناء حرب المقاومة ضد اليابان ، واصل محاولاته كنس القوّات التي يقودها الشيوعيذون ، بينما كان يتخلّى على المزيد و المزيد من الأراضي لليابانيّين ).
و نتيجة كلّ هذا كانت أنّ أثناء الحرب العالميّة الثانية – التي إندلعت في 1939 و إنتهت في نهاية المطاف في 1945 بهزيمة اليابان و حلفائها و منهم ألمانيا النازيّة – نمت القوّات الثوريّة في الصين بقيادة ماو عددا و قوّة ؛ و بعد فاصل قصير نسبيا من محاولات المفاوضات و فشلها مع تشان كاي تشاك ، و بواسطة حرب الشعب لمدّة سنوات ثلاث نجحت الثورة في إلحاق الهزيمة الشاملة بالقوّات الرجعيّة للنظام القديم سنة 1949، مفتكّة السلطة عبر الأراضي القاريّة و أجبرت تشان كاي تشاك على الفرار إلى جزيرة تايوان .
و مثلما كان الحال مع الحرب العالميّة الأولى ، هذه الحرب العالميّة الثانيّة بما فيها إحتلال اليابان للصين و حرب المقاومة المخاضة ضد هذا الاحتلال و التي لعبت فيها القوّات الثوريّة بقيادة ماو دورا حاسما – أفرز تغييرا كبيرا في ميزان القوى داخل الصين بإتّجاه أكثر مواتاة للثورة ؛ و قد أعدّ هذا الكثير من الأرضيّة للقتال من أجل الإنتصار النهائيّ للثورة سنة 1949 . و بمعنى واقعي ، مثّل الغزو الياباني و إحتلال الصين نوعا من " نقطة الإرتكاز " الناقلة لمسار النضال الثوري و الموفّرة للقاعدة الموضوعيّة للتقدّم الحاسم للثورة ، عقب التراجع المدمّر ( الحاجة إلى التخلّى عن قواعد الإرتكاز الأوّلية للثورة ) ما جعل المسيرة الكبرى ضروريّة ، ليس بمكاسبها الحقيقية فحسب بل كذلك بخسائرها الكبرى .
هذا ما عناه ماو عندما قال إنّه يجب شكر اليابان لغزوها الصين . بداهة ، ما كان ما غير واعي أو غير معنيّ بالفظاعات الرهيبة التي فرضها الاحتلال الياباني على الشعب الصينيّ . نقطته كانت أنّ الغزو و الاحتلال اليابانيّين ، إلى جانب كلّ الدمار و العذابات التي جلبها لمئات الملايين من الشعب الصينيّ و الأمّة الصينيّة ككلّ ، إنتهى إلى المساهمة و بطريقة كبيرة في الإنتصار في نهاية المطاف للثورة الصينيّة ، و معها إمكانية إجتثاث الأسباب الأساسيّة و العام للإستغلال و الإضطهاد الفظيعين الذين تعرّضت لهما جماهير الشعب الصينيّ ليس لسنوات و عقود فحسب بل لقرون و آلاف السنوات .
موقف ماو الساخر – يجب أن نشكر اليابان لغزوها الصين – يعكس واقع أنّ غزو الصين و إحتلالها من قبل الإمبرياليّة اليابانيّة إنتهى إلى المساهمة بطريقة كبيرة في نجاح الثورة الصينيّة . لكن هذه الثورة لم تكن تستطيع النجاح إذا كان الذين يقودونها ، و بوجه خاص ماو ، لم يدركوا و لم يتصرّفوا وفق الظروف الموضوعيّة المتغيّرة الناشئة عن غزو اليابان و إحتلالها الصين ، لا سيما مع حدوث هذافى الإطار العام للحرب العالميّة الثانية – و تاليا الظروف المتغيّرة نوعيّا مجدّدا، داخل الصين و في العالم ككلّ ، مع نهاية الحرب العالميّة الثانية حيث هُزمت اليابان و وُضع حدّ لإحتلالها الصين .
دروس حيويّة لهذا الزمن النادر حيث أصبحت الثورة ممكنة أكثر :
طبعا ، ما من أحد بوسعه ان يقول بصفة مؤكّدة أنّ الثورة الصينيّة لم تكن في نهاية المطاف لتنجح حتّى و إن لم تغز اليابان الصين ( أو أنّه لم تكن لتوجد أبدا ثورة بقيادة شيوعيّة في روسيا دون الحرب العالميّة الأولى ) . و مثلما قد شدّد ماو كذلك، الماركسيّون ليسوا من قارئي البخت ، الماركسيّة – الشيوعيّة تتطوّر بإستمرار كعلم و تنطلق من أساس تحليل الواقع الموضوعي المتغيّر بلا توقّف .
المسألة ، مرّة أخرى ، هي أنّ الثورات لا تتطوّر في خطّ مستقيم ، بل عبر عديد المنعرجات و الإلتواءات بما فيها تراجعات و هزائم ، و أحيانا تراجعات و هزائم جدّية ، في المسار . و تنسجم السيرورة الفعليّة مع موقف آخر لماو ينسحب حتّى على ثورة مظفّرة – أنّ الأمر يتعلّق بالقتال و الفشل بشكل متكرّر إلى تحقيق النصر في نهاية المطاف . و على طول المسار ، هناك حاجة إلى تطبيق المنهج و المقاربة العلميّين للتعلّم ليس فقط من الخطوات المقطوعة إلى الأمام و من ما يتبيّن أنّه سياسات صحيحة و إنّما كذلك من الأخطاء و الصعوبات و التراجعات و الهزائم و القيام بإستمرار بتحليل علميّ للوضع المتغيّر بإستمرار ، و تشخيص و إغتنام الإنفتاحات للتقدّم خاصة في أوضاع حيث توجد تغيّرات عميقة و نوعيّة في الوضع الموضوعي موفّرة إمكانيّة تقدّم كبير ، و ربّما حتّى إنتصار الثورة .
و من خلال تطبيق هذا المنهج و هذه المقاربة العلميّين ، يمكن أن يكون و قد كان مركّزا بصلابة أنّ هناك أساس و إمكانيّة – ليس تأكيد أو " حتميّة " بل قاعدة و إمكانيّة عمليّين – لثورة تهدف إلى تحقيق عالم شيوعي و في نهاية المطاف تحٌّق الظفر . و حتّى بينما اليوم الظروف في الولايات المتّحدة و العالم مختلفة جدّا عن ما كانت عليه خلال مختلف مراحل اثورة الصينيّة ، في الجزء الأوّل من القرن الفارط ، أو الثورة الروسيّة في 1917 – و الثورة في هذه البلاد بديهيا لن تكون و لا يمكن أن تكون نوعا من " النسخ " لواحدة من هتين الثورتين – لا سيما في هذه الأوقات المضطربة الآن ، إمكانيّة ثورة فعليّة حقيقيّة ، أجل تماما في هذه الولايات المتّحدة الأمريكيّة الإمبرياليّة القويّة . إلاّ أنّ هذه الإمكانيّة لا يمكن إدراكها دون المنهج و المقاربة الشيوعيّين ، كما جرى تطويرهما مع الشيوعيّة الجديدة . و لا يمكن أن تنشأ ثورة و لن تنشأ دون تطبيق هذا المنهج و هذه المقاربة للقيام بإستمرار و العمل إنطلاقا من تقييم علميّ للواقع الموضوعي المتغيّر بلا هوادة و الآن بسرعة – بما في ذلك التحدّات المهيبة و الصعوبات المغيظة ، لكن التطوّر الأكثر جوهريّة لتناقضات النظام الرأسمالي – الإمبريالي و تبعات ذلك ، على الصعيد العالمي و أيضا ضمن هذا البلد عينه .
و هذه المقاربة العلميّة حيويّة بالخصوص في هذه الأوقات عندما تكون تناقضات هذا النظام تتغيّر بشكل كبير – و فوق كلّ شيء ، هذه الأزمنة النادرة حيث ، كما أشار لينين ، سنوات و عقود من " الأوقات العاديّة ط تتكثّف في أشهر و أسابيع ، حيث التناقضات تحتدم بصفة متكرّرة و تتسارع التغيّرات مصعّدة من أفق كارثة كبرى بالنسبة للإنسانيّة و أيضا إمكانيّة إنتزاع مستقبل مختلف راديكاليّا و أفضل ، عبر الثورة .
هذا زمن الأزمة النادرة :
لماذا ؟ مثلما جرى شرح ذلك في " التنظيم من أجل ثورة فعليّة : سبع نقاط مفاتيح " :
" تفوّق البيض العنيف و الإجراميّ و التفوّق الذكوريّ و علاقات إضطهاديّة أخرى و تعمّق الأزمة في المجتمع و العالم ككلّ بما في ذلك الحروب المستمرّة و تواصل تحطيم البيئة : كلّ هذا لا يمكن في نهاية المطاف معالجته بأية طريقة إيجابيّة في إطار النظام الذى يحكم في هذه البلاد و يهيمن على العالم ككلّ – النظام الرأسمالي – الإمبريالي . في ظلّ حكم هذا النظام ، لن يفعل كلّ هذا إلاّ أن يزداد سوء . فتعمّق الإنقسامات داخل هذه البلاد الآن من القمّة إلى القاع يعنى أنّ الذين حكموا هذه البلاد لمدّة طويلة ( الطبقة الرأسماليّة – الإمبرياليّة ) لم يعودوا قادرين على الحكم ك " قوّة موحّدة " بالطرق " العاديّة " التي إعتاد الناس على القبول بها – بنظام حكم له قناع خارجي " ديمقراطي " لتغطية واقع أنّه عمليّا دكتاتوريّة رأسماليّة تعتمد في جوهرها أساسا على القوّة المسلّحة لمؤسّسات " العنف الشرعيّ" ، الشرطة و الجيش . و نتيجة تغيّرات كبرى في هذه البلاد و في العالمك ككلّ ، صار جزء من الطبقة الحاكمة ممثّل في الحزب الجمهوريّ فاشيّا : إنّهم لم يعودوا يؤمنون أو يشعرون بالإضطرار إلى القبول بما كانت " ضوابط " " ديمقراطيّة " الحكم الرأسمالي في هذه البلاد . و قسم آخر من الطبقة الحاكمة ممثّل بالحزب الديمقراطي ، لا إجابة لديه حقيقيّة عن هذا – بإستثناء محاولة الحفاظ على " الطريقة العاديّة " التي فرضها الحكم الإضطهادي لهذا النظام طوال قرون بينما الفاشيّون مصمّمون على تمزيق هذه " الضوابط " و الحكم عبر وسائل إضطهاديّة عدوانيّة أكثر سفورا ؛ دون القناع التقليدي للمفترضة " ديمقراطيّة للجميع " .
الأزمة و الإنقسامات العميقة في المجتمع لا يمكن إلاّ أن تعالج بوسائل راديكاليّة ، من صنف أو آخر – إمّا وسائل راديكاليّا رجعيّة و إجراميّة و إضطهاديّة و مدمّرة و إمّا وسائل راديكاليّة ثوريّة تحريريّة . و هذا الحلّ يمكن تماما أن يحدث بطريقة أو أخرى في غضون السنوات القليلة القادمة . و هذا الوضع النادر مع تعمّق و إحتدام النزاعات في صفوف السلطات الحاكمة و في المجتمع ككلّ يوفّر قاعدة أقوى و إنفتاحات أكبر لكسر قبضة هذا النظام على الجماهير الشعبيّة . في مثل هذا الوضع ، الأشياء التي ظلّت في الأساس نفسها لعقود يمكن أن تتغيّر راديكاليّا في فترة زمنيّة قصيرة . لا يجب أن نضيّع هذا الزمن النادر – يجب أن نغتنمه لتكون لدينا فرصة نضال حقيقيّة لإيجاد حلّ ثوريّ تحريريّ حقّا مع عدم التعرّض لقمع رهيب و رجعيّ و قاتل و لحلّ مدمّر . "(1)
و هذا مرّة أخرى يتطلّب بصرامة " المضيّ ضد تيّار " المشاعر العفويّة للجماهير بما فيها النزعة العنيدة لدي الكثيرين لأن يعلقوا بأخدود مهترئ من التعويل على " الطريقة التي كانت عليها الأشياء على الدوام " حتّى مع أنّ هذه " الطريقة " تتمزّق بعمق و تتفتّت جراء إشتداد و حتّى إمكانيّة وجوديّة ل" الزلازل " التي تنفجر في هذه البلاد و العالم ككلّ و كما شدّدت على ذلك قبلا ، الناس – الجماهير الشعبيّة في مختلف أنحاء المجتمع – تحتاج إلى إيقاظها بقوّة من خلال نضال حاد و أحيانا شرسا لجعلها تواجه ذات الفظائع الحقيقيّة جدّا المتشكّلة في الأفق القريب و أيضا الإمكانيّة الحقيقية لطريق ثوريّ إلى الأمام للخروج من براثن هذا الجنون . و هذا يعنى القطيعة مع العلاقات السائدة و طُرق تفكير هذا النظام الفاسد الرأسمالي – الإمبريالي بما فيه أحابيل الرمال المتحرّكة للإنتخابات و الإختيار بين الممثّلين الديمقراطيّين و الجمهوريّين من الطبقة الحاكمة لهذا النظام .
و التالي الذى كتبته قبل سنوات الآن قد شدّد بقدر كبير المعنى الإستعجالي اليوم :
" بالفعل إذا و متى تبلغ النزاعات بين مختلف فئات الطبقة الحاكمة نقطة حيث تبدأ في إتّخاذ أبعاد عدائيّة هي نفسها ، يكون ذلك علامة على التصدّعات و التشقّقات العميقة و الحادة منتهى العمق و الحدّة في كامل النظام القائم ؛ و مثل هذا الوضع يجب أن يغتمنه المضطهَدون ليس للوقوف إلى جانب فئة من البرجوازيّة ضد فئة أخرى – و هكذا يساعدون الطبقة الحاكمة على " إصلاح " النظا القديم المتصدّع و على تعزيز دكتاتوريّتها ، بشكل أو آخر – و إنّما بدلا من ذلك ، للنهوض في نضال ثوري للإطاحة بحكم البرجوازيّة برمّته " (2)
الجماهير الشعبيّة : كلّ الذين يعانون بصفة فظيعة جدّا في " الأوقات العاديّة " من العيش في ظلّ حكم هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . كلّ الذين يتطلّعون إلى عالم أعدل و مستقبل يستحقّ الحياة فيه ، لكن مستقبلهم سيكون شيئا فظيعا حقّا إذا ما وقع السماح للأشياء بالتواصل في الإطار الذى رسمه هذا النظام ... الجماهير الشعبيّة ، بأعداد نامية بإستمرار ، يجب أن تعي معنى و تبعات هذا الزمن النادر بما في ذلك عبر النضال الشرس بقدر ما هو ضروري لكسبها لرفع أنظارها و التعرّف ليس على ضرورة و لكن أيضا على إمكانيّة إغتنام هذا الزمن النادر للقيام بالثورة و إنتزاع شيء يكون إيجابيّا حقّا ، أجل شيئا تحيريّا حقّا ، من هذا الزمن النادر .
الهوامش :
1. Organizing for an Actual Revolution: 7 Key Points is available at revcom.us. A fuller analysis of why this is a rare time when revolution becomes more possible, even in a powerful imperialist country like the U.S., is contained in the major work by Bob Avakian Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating: Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—And The Revolution That Is Urgently Needed, A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution, which is also available at revcom.us.
2. This statement by Bob Avakian is from his book Democracy: Can’t We Do Better Than That? (published by Banner Press, 1986) emphasis added.
(7)
الليبراليّون ... كاذبون ... كاذبون
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 811 ، 17 جويلية 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/liberals-liar-liar

تكريما لدانيال هلسبارغ الذى كان ينوى و كان مصمّما على مواجهة و الإصداح ب – و دفع الآخرين إلى الإصداح ب – الحقائق الحيويّة بشأن جرائم هذه الإمبرياطوريّة الأمريكيّة و المخاطر التي تمثّلها لشعوب العالم و لوجود الإنسانيّة ذاته .
----------------------------
لبعض الوقت ، كنت أبحث عن ليبراليّين نزهاء . و قد تحدّيت الليبراليّين ( و التقدّميّين ) أن يتفاعلوا بجدّية مع المواد بما فيها سلسلة جرائم أمريكا – التي تسلّط الضوء بقوّة على الجرائم الكبرى المنشورة على موقع أنترنت revcom.us و الفظيعة حقّا التي تقترفها بإستمكرار الطبقة الحاكمة لهذه البلاد ، طوال كامل تاريخيها ، و تحلّل طبيعة النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يتطلّب هذه الجرائم . (*) و إلى حدّ ألان ، كانت نتائج البحث مخيّبة للأمل تماما : على حدّ علمي ، قلّة أو لا أحد من الليبراليّين و التقدّميّين رفعوا هذا التحدّى – على الأقلّ ليس بطريقة جدّية . ( طبعا ، أودّ معرفة الليبراليّين و التقدّميّين النزهاء الذين ينوون رفع هذا التحدّى ؛ لكن على حدّ علمي في هذه اللحظة ، هذا لا يحدث ن على ألقلّ ليس بايّة طريقة و على أيّ نطاق يحتاج أن يتمّ به ذلك ) .
و قد جعلنى هذا أفكر في شريط " كاذب ... كاذب " و فيه يقوم جيم كاري بدور الشخصيّة الرئيسيّة التي أمست غير قادرة على الكذب لفترة زمنيّة معيّنة . فكانت النتية الكثير من الحقائق المزعجة حول نفسه و الآخرين ، بما في ذلك أشياء يعرفها فعلا لكنّه أبقاها مخفيّة ( ربّما حتّى من أفكاره الواعية ذاتها ) . و سيكون من المهمّ للغاية رؤية ما الذى سنكتشف إن حدث الأمر نفسه لليبرياليّين و التقدّميّين و ظهرت الحقيقة المتعلّقة بما يعرفونه فعلا ( و ما لا يعرفونه ) حول تاريخ هذه البلاد و واقعها و جرائمها المدوّية و ما الذى يرفضون عمدا موادهته .
و بما أنّه في الحياة الحقيقيّة ، لا وجود لجهاز يمكن أن يجعل الليبراليّين و التقدّميّين غير قادرين على الكذب ( بما في ذلك على أنفسهم ) ، أتحدّاهم مرّة أخرى أن يواجهوا التاريخ الحقيقيّ و الطبيعة الحقيقيّة لهذه البلاد و النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يحكم في هذه البلاد و يهيمن على العالم – و الإنعكاسات الحقيقيّة لذلك – حتّى و إن كنت تعلّمت أو لا أكون متحفّزا لحصول ذلك .
(*) التحدّى الموجّه لليبراليّين و التقدّميّين متضمّن في عدّة مقالات لبوب أفاكيان متوفّرة أيضا على موقع أنترنت و من ذلك " على ضوء الوضع الإستعجالي المتحدّث عنه في " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا " ؛ revcom.us و" تحدّى متجدّد : البحث عن ليبرالي أو تقدّمي نزيه "[ متوفّر باللغة العربيّة على صفحات الحوار المتمدّن، ترجمة شادي الشماوي].
(8)
بصدد بيل ماهر – ملاحظة أخرى عن الشوفينيّة الأمريكيّة و الفرديّة الطفوليّة
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 811 ، 17 جويلية 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/about-bill-maher-further-observation-american-chauvinism-and-parasitic-individualism

كجزء من التحدّيات العامة التي أصدرتها للناس ليواجهوا الطبيعة الحقيقيّة و التاريخ الحقيقي لهذه البلاد و النظام الحاكم في هذه البلاد و المهيمن على العالم – النظام الرأسمالي – الإمبريالي – أصدرت هذا التحدّى لبيل ماهر :
يا بيل ماهر ، إليك حقيقة " سياسيّا خاطئة " لا يمكن " منعها ": أمريكا ليست و لم تكن قط عظيمة ؛ بإستثناء في طريقة واحدة هي أنّها أكبر مضطهِد و مدمِّر للبيئة في العالم .
هل لك الجرأة على رفع التحدّى و محاولة الردّ عليه ؟ (*)
لكن منذ صدور هذا التحدّى ، لم تفعل الأشياء سوى المضيّ من السيّء إلى الأسوأ مع بيل ماهر .
ماهر شخص ،في الماضي القريب على ألقلّ ، حاول أن يقدّم نفسه كشخص " لطيف " و لعب دورا يعتبر نفسه فيه تقدّميّا أمام الحضور ، بالمعنى العام . لكن ألشياء واصت الإحتداد في هذه البلاد و في العالم ككلّ ، و كشف ماهر أكثر فأكثر نفسه و ما هو عليه فعلا و غاياته العمليّة . في حين يُثير نقدا ل " ثقافة المنع " – و لا يمكن إلاّ أن تكون لديه بضعة نقاط صحيحة في تتبّع هذه الظاهرة المتنامية التخبيل للعقل و الضارة – يظلّ نقده بصلابة في إطار النظام الرأسمالي – الإمبريالي وهو في حدّ ذاته يحتاج إلى " المنع " في أقرب وقت ممكن .
ماهر ليس مدافعا بلا حياء و عدواني عن الجرائم الوحشيّة للإمبرياليّة الأمريكيّة فحسب ، بل هو كذلك يضع نفسه بصفة متصاعدة في ذات موقع الفاشيّين تماما و المروّجين الآخرين للجنون ، مثلا في معارضة ( أو " إثارة أسئلة جدّية حول ") التلاقيح التي تبيّن أنّها آمنة و فعّالة و حيويّة في منع أو التحديد بشكل دال للإنعكاسات المدمّرة للأمراض و الأوبئة .
مثل بعض المعلنين عن أنفسهم " مؤمنين بمذهب التخيير " ، يبدو ماهر داعية بارزا لنوع من " الحرّية الفرديّة " المطلقة – و على سبيل المثال " حرّية " عدم التلقيح ضد مرض جدّيّ – ما يُفضى إلى طرح ذلك نفسه ضد حقوق الآخرين و رفاههم ، و يتسبّب في ضرر حقيقيّ للمجتمع و في نهاية المطاف للإنسانيّة ككلّ .
و هذا مجرّد تنويعة أخرى من الفردية المتطرّفة القائمة على و " المتغذّية " بطفيليّة إمبرياليّة الولايات المتّحدة – لنظيم وليمة الإستغلال و منتهى الإستغلال الفظيعين لتماما مليارات البشر عبر العالم ، بمن فيهم مئات ملايين النساء و أكثر من 150 مليون طفل ، لا سيما في العالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ).
لا وجود لشيء يستحقّ الإعجاب أو الحفاظ علي في هذه الفرديّة الطفيليّة بغضّ النظر عن كيف تجلبب نفسها و تقدّم نفسها كنوع من الحقذ في التعبير الفردي و تأكيد " الحرّية الفرديّة " – " حرّية " المساعدة على تأبيد و تنظيم وليمة الإستغلال و الإضطهاد الرهيبين .
(*) تحدّى بيل ماه متوفّر على موقع أنترنت revcom.us [ و متوفّر باللغة العربيّة ، ترجمة شادي الشماوي ، على صفحات الحوار المتمدّن ].
(9)
روبار أف. كندي الإبن ... التدجيل و التآمر ... أفكار غير عاديّة و مقاربة علميّة – المحاورة أو عدم المحاورة – هذه مسألة مبدأ و منهج
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 811 ، 17 جويلية 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/robert-f-kennedy-jr-quackery-and-conspiracy-unconventional-ideas-and-scientific

في المدّة الأخيرة ، وُجد نقاش ضمن عديد المعلّقين السياسيّين و غيرهم حول ما إذا كان على الناس أن يناقشوا روبار ف. كندي الإبن بصدد التلاقيح . فكندي شخص تقدّم بعدد من المزاعم بوضوح فاقدة للأدلّة و لاعقلانيّة حول عدد من الأشياء منها التأثيرات الضارة المفترضة ليس لتلاقيح الكوفيد فحسب بل لتلاقيح أخرى أيضا لطالما وقع إستخدامها لمنع ( أو التخفيف من ) الأمراض الجدّية و حتّى التي قد تكون قاتلة . لهذا ، إلى جانب واقع أنّ كندي قد أعلن بنفسه أنّه معارض لجو بيدن و لترشيحه من قبل الحزب الديمقراطي للرئاسة في انتخابات 2024 ، فقد إلتقى كندي مع الجمهوريّين الفاشيّين و غيرهم من أنصار نظريّات التآمر الجنونيّة . لقد حاولا الترويج لفكرة أنّ مزاعم كندي حول التلاقيح موضوع نقاش شرعي ( و بالخصوص ، حاولوا ، دون نجاح في ذلك ، أن يزجّوا بيبتر هوتاز ، طبيب أطفال و مختصّ في التلاقيح ، في نقاش مع كندي ، و قد دحض هوتاز " نظريّات " كندي حول التلاقيح .) بعد كلّ شيء ، يشدّدون على ذلك ، لا ضرر فقط شيء جيّد يمكن أن ينجرّ عن المواجهة المباشرة للنظرات المتعارضة حول مسائل هامة مثل التلاقيح .
و قد أكّد آخرون على أنّ لا شيء إيجابي يمكن أن ينجرّ عن مثل هذا النقاش لأنّ حجج كندي ليست قائمة على و لا تيسّر الخطاب العقلانيّ ، و إنّما تنطلق من التشويه المنهجيّ للواقع لإنكار الواقع المركّزة لمدّة طويلة و المدلّل عليه أحسن تدليل – و أنّ نقاش كندي لن يفعل سوى إعطاء هواء غير مستحقّ من " الشرعيّة " لهذه الحجج الجنونيّة .
أن نناقش أو لا نناقش شخصا تمضى أفكاره ضد الحقيقة المركّزة جيّدا ليس مسألة بسيطة تحلّ بإجابة " حجم واحد ينفع الجميع " . في هذه الحال ، من يحاججون بأنّ لا شيء جيّد و فقط ضرر حقيقيّ يمكن أن ينجرّ عن مثل هذا النقاش مع كندي على صواب . و للمساعدة على إعطاء أمثلة للماذا ذلك كذلك ، من المفيد أن نتذكّر تجربة ستيفان جي غولد ، وهو عالم دراسات قديمة و عالم البيولوجيا التطوّريّة ، في حواره مع أصوليّين مسيحيّين حول التطوّر ، قبل عدّة عقود .
إثر عدّة حوارات ، إتّخذ غولد موقفا صارما بأنّه لن ينخرط في مثل هذه الحوارات لسبب أساسي هو أنّه من غير الممكن إقامة مواجهة مبدئيّة عقلانيّة لمواقف متعارضة : فالأصوليّين المسيحيّين الذين تحاور معهم لم يكونوا مهتمّين ببلوغ فهم للواقع موضوعي و علمي و قائد على الأدلّة . هدفهم و مبتغاهم هما الترويج للتعصّب الدينيّ المعادي للعلم و هم يحاججون وفق ذلك . فكلّ مرّة كان فيها غولد يقدّم وقائع و أدلّة لبيان أنّ التطوّر الطبيعي قد حصل فعلا و يواصل الحصول – و خاصة أنّ البشر أنفسهم نتيجة من نتائج هذه السيرورة التطوّريّة – كان معارضوه من الأصوليّين المسيحيّين يواجهون ذلك بحجج لم تكن قائمة و لا يمكن أن تنتمي إلى المناهج العلميّة العقلانيّة . و إلى جانب التأكيدات الدوغمائيّة ل " الحقيقة الإنجيليّة " يبثّون بإستمرار مزاعم شديدة الإختلاف مع الواقع ، و النتيجة هي أن غولد وجد نفسه مضطرّا بصفة متكرّرة إلى " الركض إلى الخلف " و دحض المزاعم المضلّلة و المعادية للعلم ، ما كان ينأى به عن و يقوّض التركيز على المقاربة العلميّة و الجدّية للمسألة .
و على سبيل المثال ، زعم الأصوليّون السيحيّون حينها – و ما إنفكّوا يزعمون – أنّ " الفجوات " في سجلاّت المستحاثات " تدلّل " بشكل ما على أنّ التطوّر الطبيعي ما كان ليكون ذلك الذى أدّى إلى ظهور أنواع متباينة و أنّ هذه الأنواع بالتالي يجب أن تكون " قد خلقت من قبل إلاه ".
و عندما جرى دحض هذا بصفة متكرّرة بما في ذلك بيان كيف أنّ " الفجوات " الموجودةسابقا في سجلاّت المستحاثات قد " مُلئت " بإكتشاف مستحاثات جديدة تدلّل على الروابط بين الأنواع ، كان الأصوليّون المسيحيّون يزعمون حينها أنّه بهذا الإكتشاف الجديد ، ظهرت فجوات " جديدة " في سجلّ المستحاثات !
و مثلما أشارت إلى ذلك أرديا سكايبراك في شرحها الملموس و الحيوي لنظريّة التطوّر و دحض المزاعم المناهضة للعلم ل " فكر الخلق " الإنجيليّ ( " علم التطوّر و أسطوريّة فكر الخلق – معرفة ما هو واقع و لماذا هو مهمّ " )، هؤلاء الأصوليّين الدينيّين أنصار فكر الخلق " لا يطبّقون منهجا علميّا حقيقيّا ، و لا يملكون أيّة أدلّة علميّة شرعيّة يمكن أن تسند وجهة نظرهم ( لا يفعلون سوى إطلاق مزاعم عبثيّة إعتمادا على لا شيء ، مثل فكرة أنّ نظام المستحاثات في مختلف طبقات الحجارة يمثّل النظام الذى غرقت وفقه مختلف الحيوانات أثناء الفيضان الإنجيلي ! ) ".
كلّ هذا أدّى بغولد – بعد عدد من المحاولات الصريحة للدخول مع هؤلاء الأصوليّين المسيحيّين في حوار مبدئيّ نزيه – ليستخلص عن حقّ أنّه لا يمكن لمثل هذا الحوار العقلاني أن يحدث و أنّ هؤلاء المتزمّتين دينيّا ليسوا مهتمّين بهذا الحوار و لا هم قادرين عليه ، و بدلا من ذلك ، بذل غولد جهدا معتبرا للترويج و النشر الشعبي على أوسع نطاق ممكن الحقيقة القائمة على الأدلّة حول التطوّر و المنهج العلمي الذى يفضى إلى هذا الفهم . و هذا ما يجب القيام به إزاء التشويهات الأخرى للواقع المعادية للعلم – خاصة تلك التي يقع الترويج لها على نطاق واسع – مثل الجنون الذى يبثّه روبار ف. كندي الإبن حول التلاقيح ( و غيرها من المسائل ) .
تعقيد : ليست كلّ " الحقائق المعلومة جيّدا " حقائقا فعليّة :
لا يتعيّن أن يكون من العسير رؤية أنّ حوارا مبدئيّا و عقلانيّا و علميّا قائما على ألدلّة غير ممكن مع أنصار فكر الخلق . و الشيء نفسه ينسحب على الحجج " العلميّة المزعوة " – عمليّا معادية للعلم – و مقاربة شخص مثل روبار ف. كندي الإبن .
و مع ذلك ، كمسألة مبدأ أو منهج ، من المهمّ التشديد على أنّ مجرّد أن يكون شيء خارج إطار أو مقدّما ضد " الحقيقة المقبولة " لا يجعل من ذلك الشيء ذاته شيئا خاطئا . " ما يعرفه الجميع " ليس صحيحا دائما و التعويل على " ما يعرفه الجميع " ليس أساسا صحيحا لتحديد ما هو صحيح عمليّا . في لحظة تاريخيّة سابقة من تاريخ الإنسانيّة " الجميع " ( أو تقريبا الجميع ) " يعرفون " - يعتقدون بصلابة في - ما هو معروف على نطاق واسع الآن على أنّه لاحقيقة معادية للعلم : أنّ الأرض مبسوطة و أنّ " الشمس تدور حول الأرض " . و يمكن ذكر العديد من الأمثلة الأخرى لتبيان مسألة أنّ ما يُعتقد بصفة شائعة في أنّه حقيقة يمكن أن يكون عمليّا عكس ذلك . إنّه المنهج العلميّ و ليس " الحكمة المشتركة " هو أساس و وسيلة بلوغ الحقيقة حول الظواهر في المجتمع و كذلك في الطبيعة ( و حيث للعلم ، على المدى القصير ، شيء خاطئ ، يظلّ المنهج العلمي هو الذى يمدّنا بوسائل معرفة الخطأ و تداركه ).
لا يجب أن أفاجأ – بما أنّنى شيوعي ، و في الواقع شخص تقدّم بمزيد تطوير النظريّة الشيوعيّة العلميّة ، الشيوعيّة الجديدة – بأنّ أحد ألمع الأمثلة على التفكير الخاطئ و الإستنتاج غير الصائب ، وأشعر بأنّه من الهام أن نتجادل حول مفهوم المعروف على نطاق واسع ( " /ا يعرفه الجميع " ) من كون الثورة الشيوعيّة و الدول الإشتراكيّة التي أنشأتها كانت " كابوسا كليانيّا / شموليّا " . هذا ليس أكثر حقيقة من مزاعم روبار أف. كندي الإبن حول التلاقيح . في حين وُجدت مشاكل و أخطاء واقعيّة – بعضها كان جدّيا و حتّى مريرا – في التجربة التاريخيّة للشيوعيّة ، الواقع ، الحقيقة المركّزة علميّا ، هي أنّ هذه التجربة ككلّ كانت بالأساس و حتّى بصفة طاغية ، إيجابيّة . و الشيوعيّة الجديدة تدافع عن هذه التجربة الإيجابيّة رئيسيّا بينما تنقد بالملموس و عمليّا نقدا قائما على ألدلّة لجانبها الواقعي السلبيّ و الثانوي عامة ( الشيوعيّة الجديدة، مواصلة لكن كذلك تمثّل قفزة نوعيّة أبعد و ببعض الطرق الهامة قطيعة مع النظريّة الشيوعيّة كما تطوّرت سابقا ).
معيار متى يتعيّن أن نجري الحوار و كيف يتعيّن أن يجري هذا الحوار :
غايتى هنا ليست الإنخراط في دحض الإفتراءات ضد الشيوعيّة التي روّجت لها على نطاق واسع و بلا هوادة وسائل الإعلام و مؤسّسات مهيمنة أخرى للنظام الرأسمالي – الإمبريالي الحاكم لهذه البلاد ، و التشويهات الفظّة التي يبثّها أناس يتحدّثون عن جهل كبير و من الموظّفين السياسيّين المعادين للشيوعيّة المنخرطين في التشويه المتعمّد و المنهجي . و بالنبسة لكلّ شخص يهتمّ حقّا بمقاربة هذا بفكر مفتوح و منهج علميّ عقلاني ، هناك دحض شامل و قائم على ألدلّة للإفتراءات المعادية للشيوعيّة – نقاش مستفيض للتاريخ الفعلي و الإنجازات التاريخيّة للشيوعيّة و كذلك عرض لمبادئ الشيوعيّة الجديدة و مناهجها و أهدافها – في أعمال لي و لآخرين ، متوفّرة على موقع أنترنت revcom.us
و ما هو مسألة مبدأ و أهمّية جوهريّين أشعر بانّه يحتاج إلى المعالجة هنا هو ما هي المقاربة التي يتعيّن تبنّيها في تحديد ما إذا نخوض جدّيا أو لا – بما في ذلك عبر النقاش متى لزم ذلك – في مسائل خلافيّة عامة ، و كيف ينطبق هذا بوجه خاص على مسألة الشيوعيّة .
معيار هذا ينبغي أن يكون ، قبل كلّ شيء ، تحديد ما إذا كانت للموضوع موضع السؤال دلالة كافية ليستحقّ الإنخراط الجدّي و نزاع المواقف المتعارضة ، ثمّ هناك مسألة ما إذا ، نتيجة مثل هذا الإنخراط و النزاع ، ليس فحسب أنّ الحقيقة حول الموضوع المعالج بل المنهج الصحيح و الضروري لبلوغها ،سيجرى مزيده تعميقه بدلا من تقويضه . و عنصر مفتاح في هذا هو ما إذا هناك توقّع معقول بأنّ الإنخراط و النقاش يمكن و ستقع مقاربته من أناس لهم وجهة نظر معارضة بنتقديم حجج تكون معتمدة على و متنازع حولها بواسطة تجميع الوقائع و الأدلّة و تقييمها بتجربتها ضد اواقع من خلال تفكير عقلاني و منطقي – كما يحاكم في جزء كبير منه بما إذا كان الجانبان المعنيّان طبّقا هذا المنهج و هذه المقاربة في الماضي. ( طبعا ، يمكن للناس أن لا يوافقوا بشأن و سيكون عليهم صياغة أحكامهم الخاصة بشأن ما إذا كانت هذه المعايير أو ستقع تلبيتها في النقاش الجدّي ؛ لكن مثل هذا الحكم نفسه يتعيّن أن ينطلق و ينسجم مع هذه المعايير الأساسيّة مطبّقة بنزاهة ) .
في هذا المضمار ، يمكن أن أذكر بعضا من تجربتى الخاصة من زمن حرب الفيتنام . كشخص صار معارضا لتلك الحرب منذ بدايات سنة 1965 ، غثر بحث جدّيّ في أسباب و طبيعة تلك الحرب و مسارها ، و خاصة دور الولايات المتّحدة في الحرب ، إنحرطت في محاججات غير رسميّة لا تحصى و لا تعدّ مع أناس بمن فيهم جنود و قدماء محاربين من جيش الولايات المتّحدة في الفيتنام ، بإنعكاسات رهيبة على الشعب الفيتنامي ( بما في ذلك مليونين من المدنيّين قتلتهم الولايات المتّحدة أثناء الحرب )؛ و شاركت في عدّة نقاشات رسميّة مع طلبة يمينيين و آخرين كانوا يساندون تلك الحرب . وقتها ، لمّا كانت الثقافة مؤدّية أكثر إلى المحاججة العقلانيّة ( في تعارض مع " الآراء " التي لا أساس لها و عادة الجنونيّة التي تبثّها وسائ الإعلام ، و غيرهامن الوسائل ، اليوم ) ، كظاهرة عامة حتّى المدافعين عن دور الولايات المتّحدة في حرب الفيتنام شعروا بضرورة الدفاع عن موقفهم بمحاولة تجميع أدّة و الإنخراط في الخطاب العقلاني – مهما كان سيّء الأساس و خاطئا – في موقفهم كما يظهر ذلك . لهذا ، شعرت حينها و أواصل الشعور بأنّه بالمعنى العام و كقانون عام ، كان الأمر يستحقّ و كان من المفيد أن أنخرط في المحاججة و النقاش مع مثل هؤلاء الناس – ليس كثيرا بهدف كسبهم و إنّما لبيان الحقيقة لحضور عدده أكبر ( كلّ من الحضور للنقاشات الرسميّة و كذلك الحشود التي كانت عادة تنجذب إلى سماع و أحيانا للمشاركة في الحجج غير الرسميّة في تلك الأيّام ).
ليس الجهل و الأحكام الإعتباطيّة أساسا صالحا لتحديد الحقيقة :
في تعارض مع تلك التجربة في ستّينات القرن العشرين ، اليوم أولئك الذين يدافعون عن الشيوعيّة الجديدة قد أحبطت كثيرا جدّا محاولاتهم لدفع الناس إلى التفاعل الجدّيّ مع ما لدينا لنقوله في هذا الصدد – بما في ذلك أكثر من عدد قليل من الناس الذين في أطر أخرى ، سيشدّدون على المقاربة العلميّة القائمة على الأدلّة و العقلانيّة ، إلاّ أنّهم يرفضون تطبيق هذه المقاربة على مسألة الشيوعيّة . و بدلا من ذلك ، الرد الشائع ( او الردّ الغائب ) هو إستبعاد هذا كمسألة جدّية و الإستناد على التهرّب إلى " يعرف الجميع " أنّ الشيوعيّة كانت كارثة – وهي " مسألة وقع البتّ فيها " و ليست مسألة تستحقّ التفاعل معها أو النقاش حولها .
و ردّا على هذا ، سأعود – و أطبّق على مسألة الشيوعيّة و حاجة الناس إلى التفاعل الجدّي مع الشيوعيّة الجديدة – معيارا تكلّمت عنه أعلاه لتحديد ما إذا كان الأمر يستحقّ وهو مهمّ أن نتفاعل و ندخل في نقاش حول موضوع معطى . قبل كلّ شيء ، هل أنّ مسألة الشيوعيّة و تجربتها التاريخيّة ذات دلالة ؟ و الإجابة على ذلك ، بشكل لا يمكن دحضه ، أجل : الحركة الشيوعيّة و المجتمعات الإشتراكيّة الناجمة عنها تمثّل بلا شكّ أحد أهمّ التجارب ذات الدلالة في ال175 سنة الأخيرة أو ما يناهزها ، منذ أعلن ماركس ( بمعيّة إنجلز ) " بيان الحزب الشيوعي " . هل ينوى أولئك بيننا الذين يدافعون عن الشيوعيّة الجديدة و ينوون الإنخراط في مناقشة و محاورة حول هذه المسألة على أساس تجميعالوقائع و الأدلّة و تقييم الوقائع و الأدلّة بإختبارها ضد الواقع من خلال التفكير العقلاني و المنطقيّ؟ أجل ، ممارستنا ، طوال السنوات و العقود ، تبيّن أنّ هذه هي المقاربة التي نؤكّد على تطبيقها – و نحن مصمّمون و على إستعداد لمواصلة تطبيق هذا المنهج و هذه المقاربة ! و في النهاية ، هل هناك توقّع معقول بأنّ الحقيقة حول الشيوعيّة و تجربتها التاريخيّة ، و وسائل بلوغ الحقيقة حول هذا ، سيسلّط عليها الضوء بأكثر وضوح ، بالنسبة لأعداد أكبر من الناس ، نتيجة مثل هذا التفاعل و النقاش ؟ مرّة أخرى الإجابة هي أجل .
و على ضوء هذا ، لا يمكن أن يُوجد سبب صالح لأيّ كان يزعم أنّه يهتمّ لوضع العالم و مستقبل الإنسانيّة أن يرفض التفاعل مع ما لدينا لنقوله عن الشيوعيّة و مزيد تطويرا مع الشيوعيّة الجديدة . أيّ شخص يفكّر بنزاهو يكون في موقع إمتلاك على ألقلّ معنى أساسيّ لما يجرى في هذه البلاد و العالم ككلّ ، يتعيّن أن يتمكّن من الإعتراف بأنّ ألشياء تمضى في الوقت الحاضر في إتّجاه في منتهى السلبيّة ، و المسألة تُطرح بموضوعيّة بمعنى حاد جدّا أو متنامي الإستعجاليّة : هل هناك بديل إيجابي لهذا ؟ فى هذه الظروف ، في حين أنّ أولئك من بيننا الذين يدافعون عن الشيوعيّة الجديدة – و نحن على إستعداد إلى التدليل على ذلك بالوقائع و الأدلّة و الحجج القائمة على العلم – رفض الإنخراط الجدّي في هذا هو نفسه أمر ضار بصفة خاصة و ما من ضمير يردعه .
و لعلّه ، إلى جانب تأثير التشويه الإعلامي المنتشر على نطاق واسع حول الشيوعيّة ، أحد أسباب رفض البعض التفاعل مع هذا الموضوع هو أنّهم يعلمون أنّه ليس لديهم عمليّا أيّة معرفة ملموسة عن الشيوعيّة و تنقصهم خلفيّة صلبة لحكمهم السلبي عليها . و يبدو أنّ البعض لديهم على الأقلّ معنى أوّليّ ( و خوف ) من كون مثل هذا التفاعل سيفرض عليهم أن يتخلّوا عن ما يبدو أنّه أحكام إعتباطيّة مريحة – فالنقاش الجدّي حول الشيوعيّة سيبيّن بالتحديد أنّ ما يعتقد فيه على نطاق واسع ، حكم " يعرف الجميع " بأنّ الشيوعّة كانت فظيعة سيتبيّن أنّه إفتراء خبيث لا صلة له جوهريّا بالواقع ؛ و أنّ الشيوعيّة الجديدة في محاكمتها لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي و نظرتها الشاملة و الملموسة لعالم مختلف راديكاليّا و أفضل ، تمثّل شيئا إيجابيّا بعمق ، شيئا تحريريّا حقاّ ، يحتاج تبنّيه بنشاط و بصفة ملحّة و تطبيقه على العالم .
بالنسبة إلى عديد الناس ، يتطلّب هذا مواجهة ما تبدو حقائق غير مواتية لكن عمليّا تحريريّة و " التحرّك للخروج من منطقة رفاه الشخص ". هل نحتاج أن نقول إنّ هذا ليس سببا شرعيّا أو تبريرا للإخفاق في أو رفض التفاعل الجدّي مع الشيوعيّة الجديدة ؟ التعويل على ألحكام السلبيّة " الأرض المنبسطة " حول الشيوعيّة ، دون التفاعل الجدّيّ ،و بالأخصّ مع الشيوعيّة الجديدة لن يجعل من هذه الأحكام أحكاما صالحة . لن يلغي بل سيساهم في ـابيد الضرر الكبير الذى تتسبّب فيه مثل هذه الأحكام غير الصالحة . لم يمحو واقع أنّه من ناحية ، في ظلّ هيمنة هذا النظام الرأسالي – الإمبريالي – بفرضه العلاقات الرهيبة الإستغلاليّة و الإضطهاديّة و تسريعه في تحطيم البيئة و تشديده من خطر حرب نوويّة – تُدفع الإنسانية نحو كارثة حقيقيّة و من الناحية الأخرى ، أنّ الشيوعيّة الجديدة تمثّل السبيل الوحيد للخروج من هذا الجنون بإتّجاه عالم و مستقبل يستحقّهما البشر و يخوّلان التعبير عن أعلى طموحات الإنسانيّة .
(10)
المحكمة العليا : المسيحيّون الفاشيّون يسلبون بإسم الإلاه
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 812 ، 24 جويلية 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/supreme-court-christian-fascists-stealing-name-lord

قبل مدّة زمنيّة ، وُجدت أغنية أر أن بي " النهب باسم الإلاه " . و هذا بالضبط ما تقوم به في هذه المرّة الأغلبيّة المسيحيّة الفاشيّة في المحكمة العليا : تستغلّ الدين كسلاح لسلب الحقوق الأساسيّة للشعب .
في الجلسة الأخيرة ، أصدرت هذه المحكمة العليا عددا من القرارات الشنيعة بما فيها الإنقلاب على الحركة الإيجابيّة في التعليم و أشارت بالتصميم على التراجع عن أيّ تنازل للنضال ضد كامل تاريخ الإضطهاد الرهيب و مواصلة التمييز المنهجي ضد السود بوجه خاص . و هنا أودّ أن ألفت النظر إلى كون المحكمة العليا المدافعة عن " حقّ " مصمّمة أنترنت في أن تقوم بالتمييز المناهض للمثليين و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا – و بصفة خاصة منطق هذا القرار .
كما جرى فضح ذلك بشدّة في مقال حديث على موقع أنترنت revcom.us ( المحكمة العليا تدافع عن التمييز المناهض للمثليّين و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا ، ربط جديد في سلسلة التيوقراطيّة المسيحيّة الفاشيّة ) ، حكم المحكمة العليا بالدفاع عن " الحقّ " في التمييز بالإتّفاق مع مصمّمة أنترنت إلتجأت إلى هذه المحكمة إفتراضيّا على أساس أنّ حقّها في التعبير الحرّجرى دوسه لأنّ قانون الدولة قد منعها من التمييز ضد المثليّين و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا . المسألة الحقيقيّة هي أنّ مصمّمة الأنترنت هذه مسيحيّة أصوليّة تنظر إلى الشياء كزواج المثليين على أنّه " خطيئة " ، " أمر مستنكر " و بالتالى يمضى تقديم خدمات لمثل هذا الزواج ضد دينها . هذه هي " حرّية التعبير " لدي مصمّمة الأنترنت هذه التي يُفترض أنّه وقع دوس حقّها .
ليس قرار هذه المحكمة العليا شنيعا في حدّ ذاته فحسب بل فكّروا في تبعاته الأوسع نطاقا : إذا ، حسب المحكمة العليا ، كان من " القانوني " التمييز على قاعدة " حرّية الدين " – أو حقّ " حرّية التعبير " للتعبير عن " الآراء الدينيّة " فهذا يجعل قانونيّا التمييز ضد مجموعات كاملة من البشر – يمكن أن ينسحب هذا على مروحة كاملة من الناس الذين يصبح الآن " مقبولا " التمييز ضدّهم . و مرّة أخرى ، كما لأجيال قبل حركة الحقوق المدنيّة ، أصحاب الأماكن العموميّة ( مثل النزل و المطاعم و المغازات و المسابح و ما إلى ذلك ) و أناس يبيعون أو يسوّغون منازلهم يمكن " قانونيّا " أن يرفضوا تقديم خدمة أو بيع أو تسويغ للسود – إن صدر هذا الرفض باسم دينهم ( أو " حقّ " أو " حرّية التعبير " عن دينهم لرفض خدمة الناس ! ).و يمكن للموظّفين في المؤسّسات الحكوميّة المناسبة أن يرفضوا إصدار تصاريح الزواج للزوجين من أصلين عرقيّين مختلفين . و ما إلى ذلك .
و نوع " المنطق " نفسه سينسحب على التمييز ضد النساء بما أنّ الإنجيل و الكتابات " اليهوديّة – المسيحيّة " عامة و كذلك تلك الإسلاميّة ، هي ذاتها بطرياركيّة بشكل بارز ، تضع النساء في موقع غير متساوي و في موقع المضطهَد بوضوح . و علينا أن لا ننسى أنّ ذات هذه المحكمة العليا هي التي قبل أكثر من سنة قد نزعت من النساء حقّ الإجهاض.
إنّ التبعات الرهيبة لهذا بعيدة المنال . و كلّ هذا يخدم الأصوليّة الدينيّة : المسيحيّين الفاشيّين .
نحتاج إلى دستور مغاير راديكاليّا و أفضل بكثير ، من أجل نظام مغاير راديكاليّا و أفضل بكثير . و لدينا هذا الدستور : " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " . و هذا الدستور يضمن حرّية الدين و ليس " حقّ " إضطهاد الناس باسم الدين . و إليكم ما جاء في هذا الدستور :
" لا يجب منع حقّ العقيدة الدينيّة و ممارسة الشعائر الدينية أو تحديدها ، إلاّ فى حال خرق للقانون و عبر السيرورة القانونية اللازمة . و فى الوقت ذاته ، لا يجب أن يستعمل الدّين و أن تستعمل الشعائر الدينيّة لإستغلال الناس و مراكمة رأسمال خاص ، فى خرق للقانون ، أو لخرق القانون بطرق أخرى ؛ و لا يمكن للأشخاص أو المجموعات أو المؤسسات الدينيّة أن تمنح حقوقا أو إمتيازات لا يتمتّع بها الناس عامة فى هذه الجمهورية ." (*)
هنا ، في هذا الدستور الجديد راديكاليّا ، حقّ الدين يدافع عنه بوضوح ، لكن ليس إستخدام الدين لإستغلال الآخرين في تجاوز للقانون – و ليس بعض " الحقوق أو الإمتيازات الدينيّة " لدوس موقف هذا الدستور الإشتراكي الجديد الواضح و الصارم ضد التمييز و الإضطهاد القائمين على القوميّة و العرق و الجنس و الجندر .
حان الوقت ، و منذ زمن بعيد ، للتخلّص من هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى أنتج هذه المحكمة العليا ؛ حان الوقت للتحرّك لتجاوز دستور الولايات المتّحدة الذى وقع تأويله طوال التاريخ الشنيع لهذه البلاد و يقع تأويله اليوم لوضع فئات كاملة في منزلة " الدرجة الثانية " . لقد آن الأوان لثورة للإطاحة بهذا النظام الإضطهادي و تعويضه بنظام تحريريّ مغاير راديكاليّاو أفضل بكثير يقوم على دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا .
--------------------------
(*) هذا المقتبس حول الدين إقتطف من " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " و حصرا من الفصل II، القسم 2 ، الفقرة 3خ . و الطريقة التي بها يمثّل هذا الدستور نظرة شاملة و إجراءات خاصة لإلغاء و إجتثاث التمييز و الإضطهاد القائمين على القوميّة و العرق و الجنس و الجندر ، موجودة في تميهد هذا الدستور و جرت معالجتها أكثر في عدد من الفصول في هذا الدستور ، لا سيما الفصل II و الفصل III ، القسم 3 و 4 .
(11)
الإستغلال : ما هو و كيف نضع له نهاية
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 812 ، 24 جويلية 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/exploitation-what-it-ishow-put-end-it

في تقرير حديث عن العمل الثوري في شيكاغو، أشار أحد المنجذبين هناك إلى الثورة أنّه لا يعرف معنى كلمة " إستغلال" و لأنّ هذه الكلمة " إستغلال " تصف شيئا أساسيّا جدّا في ما يتعلّق بالنظام الرأسمالي الذى نجد أنفسنا الآن مضطرّين إلى العيش في ظلّه ، و لأنّ عديد الناس لا يملكون فهما واضحا لهذا ، من المهمّ شرح المقصود ب " إستغلال " .
بالمعنى الأعمّ ، " إستغلال " تعنى " الإستفادة من " . و بصفة أخصّ ، يمكن أن تعني الإستفادة من الناس – إستعمالهم . و بمعنى الفهم العلمي المتّصل بالإقتصاد ، يحيل " الإستغلال " على وضع حيث شخص أو مجموعة أشخاص يراكم ثروة رأسماليّة يخلقها عمل الآخرين . الرأسماليّة نظام فيه عدد قليل نسبيّا من الناس ، الرأسماليّون ، يملكون و يتحكّمون في وسائل الإنتاج الكبرى ( المصانع و الأراضي و المواد الأوّليّة و الآلات و غيرها من التكنولوجيا و ما إلى ذلك ) و هم بالتالى في موقع إجبار الناس الآخرين الذين لا يملكون أو يتحكّمون في وسائل الإنتاج ، على العمل من أجلهم . و عمل هؤلاء المستغَلّين من طرف الرأسماليّين – و ليس " الذكاء الخارق " أو " العبقريّة التجريّة " للرأسماليّين – هو الذى يخلق الثروة التي يتملّكها الرأسماليّون ( يستحوذون عليها لفائدتهم و إستعمالهم الخاصّين ) .
و مرّة أخرى ، يوجد الرأسماليّون في موقع يخوّل لهم تملّك الثروة التي أنتجها آخرون يستغلّونهم لأنّ الرأسماليّين يملكون و يتحكّمون في وسائل إنتاج كبرى – وسائل إنتاج وُجدت هي نفسها بفضل عمل الناس الذين يستغلّهم الرأسماليّون ( و على سيبل المثال ، في مصنع يملكه رأسمالي ، الآلات التي يعمل عليها الناس أنتجها الناس المشتغلون في مصانع أخرى ، يشتغلون على مواد أوّليّة لخلق هذه الآلات ؛ و هذه المواد الأوّليّة بدورها أخرجها من المناجم أناس يشتغلون كذلك في ظروف الإستغلال الرأسمالي ) (1) .
في ظلّ النظام الرأسمالي ، هناك على الدوام " فائض في السكّان " – أناس لا يقع تشغيلهم لأنّهم لا يمكن أن يستغلّوا بصورة مربحة . ( و وجود الناس في هذا الوضع شيء يستفيد منه الرأسماليّون ليستغلّوا أولئك الذين يُشغّلونهم – " إذا لم تكن تريد هذا العمل بالأجر الذى أدفعه لك ، هناك العديد من الناس الذين يبحثون بيأس عن شغل ..." )
و اليوم ، هذا النظام الرأسمالي تطوّر إلى نظام إستغلال عالميّ العولمة ، الرأسماليّة الإمبرياليّة و فيه عدد قليل نسبيّا من الرأسماليّين يملك و يتحكّم في وسائل إنتاج على نطاق واسع و يتملّك قدرا كبيرا من الثروة الرأسماليّة على أساس إستغلال مليارات البشر عبر العالم ، بمن فيهم مئات ملايين النساء و أكثر من 150 مليون طفل يقع إستغلالهم بأكثر الطرق خبثا ( أقصى درجات الإستغلال ) ، لا سيما في بلدان العالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ). (2)
و مرّة أخرى ، هؤلاء المليارات من البشر في موقع حيث يمكن أن يكونوا مستغَلَين بخبث لأنّهم لا يملكون وسائل إنتاج ( العديد منهم ، لا سيما بلدان العالم الثالث ، أناس كانت أسرهم قبلا تملك قطع أرض صغيرة يزرعونها ، لكنّهم أُجبروا على ترك تلك القطع من الأرض و باتوا غير قادرين على البقاء على قيد الحياة بواسطة الفلاحة ، في جزء كبير منه بسبب الهيمنة على سياسات و إقتصاد بلدانهم من قبل الرأسماليّين المتمركزين في البلدان الإمبرياليّة مثل الولايات المتّحدة ).
إنّما هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي هو مصدر و جذور كلّ هذه العذابات و هذا الجنون الفظيعين و غير الضوريّين اللذين يتعرّض لهما الناس عبر العالم ، و التهديد المتنامي للإنسانيّة في وجودها ذاته ككلّ .
و للتخلّص من الإستغلال – و الإضطهاد الذى يرافقه – لا بدّ من التخلّص من النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و هذا يعنى القيام بالثورة للإطاحة بهذا النظام و تعويضه بنظام مختلف جوهريّا و أفضل بكثير ، قائم على " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا ".
ماذا تعنى هذه الثورة و ماذا يعنى هذا النظام الجديد راديكاليّا ... لماذا هذه الثورة ممكنة ... و كيف ننجز هذه الثورة – كلّ هذا تمّ توضيحه في عدد من أعمالي و أعمال غيري تجدونها على موقع أنترنت revcom.us بما في ذلك بيان " نحن الشيوعيّون الثوريّون " و بيان الشيوعيّين الثوريّين " نحتاج و نطالب ب : نمط حياة جديدا تماما و نظام مغاير جوهريّا " و كذلك " دستور الجمهوية الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " . و بحيويّة يقدذم هذا في برنامج على اليوتيوب ، برنامج – الثورة لا شيء أقلّ من ذلك !
و إليكم التحدّى :
إلى كلّ من لا يستطيع القبول بهذا العالم كما هو ... من هو مريض جرّاء العدد الكبير من الناس الذين يعاملون على أنّهم أقلّ من بشر ... من يعلم أنّ زعم " الحرّية و العدالة للجميع " كذب محض ... من هو غاضب عن حقّ لتواصل الظلم و اللامساواة بلا هوادة رغم الوعود الكاذبة والكلمات المعسولة من الماسكين بالحكم ( أو الذين يبحثون عن المسك بالحكم ) ... كلّ من يعانى من مآل الأمور و من أن تكون شابا الآن يعنى الحرمان من مستقبل كريم أو أيّ مستقبل أصلا ... كلّ من حلم أبدا بشيء أفضل أو حتّى تساءل إن كان الشيء الأفضل ممكنا ...كلّ من يتطلّع إلى عالم خال من الإضطهاد و الإستغلال و الفقر و تدمير البيئة ... كلّ من من له قلب نابض ليناضل من أجل ما يستحقّ حّقا النضال من أجله : تحتاجون أن تكونوا جزءا من هذه الثورة .
و بخاصة في زمن مثل هذا ... زمن حيث الأشياء مضطربة في هذا العالم ، مأثّرة في كامل مستقبل الإنسانيّة ... حيث المستغِلّون و المضطهِدون لزمن طويل الذين يتحكّمون فينا في هذه البلاد منقسمين بمرارة فيما بينهم و هم غير قادرين بصفة متصاعدة على جعل الأمور متماسكة ك طبقة حاكمة " موحّدة ... حيث ليست هناك حاجة إستعجاليّة فحسب بل إمكانيّة حقيقيّة لإغتنام هذا الوضع للإطاحة بهم جميعا – إذا لم تقفوا إلى جانب الشيوعيّين الثوريّين الذين يعملون يوميّا من أجل هذه الثورة ، إذا لم تكونوا جزءا من العمل من أجل تحقيق هذه الثورة ، عندئذ ما الذى تفعلونه ؟! (3)
ملاحظات لبوب أفاكيان :
1- التبعات المريرة لأن نكون جزءا من الطبقة المستغَلّة – البروليتاريا – في ظلّ النظام الرأسمالي هي شيء يخبره الناس في حياتهم اليوميّة . و في كتاب " الشيوعيّة الجديدة " ، تحدّثت عن هذا :
" قد تكونون في قاع المجتمع فلا تملكون شغلا أو أنّكم تتخبّطون باذلين جهدكم في صراع يومي من أجل الحياة أو لديكم شغل و أحدهم يستغلّكم . و للحصول على ذلك العمل يجب أن تبيعوا أنفسكم . هذا ما تفعلونه . تذهبون للقاء فرصة تشغيل و يقولون لكم " حسنا ، لنتوغّل في تاريخكم " و ما على ذلك . أحيانا يطلبون منكم التبوّل في قارورة و أحيانا معرفة كلّ شيء عن تاريخكم الشخصيّ ، يريدون معرفة إن تمّ إيقافكم في يوم ما أو هل تعرّضتم لحكم إدانة لإرتكابكم جناية . و ليس بوسعكم مجرّد قول : " ما هذا الهراء ، فقط مكّنونى من العمل ، اللعنة ، أنا أتضوّر جوعا ! " أنتم خارج الباب و ليس بوسعكم حتّى أن تقولوا بلطف : " عذرا ، لكن هذا نوع من الأسئلة الشخصيّة ، ألا تعتقدون ذلك ؟ " لا، لأنّ الشخص الذى يجرى معك اللقاء في موقع وسط في خدمة الذين يملكون وسائل الإنتاج و أنتم لا تملكون أيّة وسائل إنتاج لذا أنتم في موقع الضعفاء لأنّكم لم تلبّوا المطلوب منكم فلا يشغّلونكم . " ( مقتطف من " المقدّمة و التوجّه ، ضحايا الخداع و خداع الذات "، صفحات 31-32 من " الشيوعيّة الجديدة " ).
و بالنسبة لأساس النظام الرأسمالي ، فهو مبنيّ على الكثير من العنف . و على سبيل المثال ، في أوروبا ، قبل عدّة قرون ، كان عدد كبير من الفلاّحين ( الفلاّحين الصغار ) يُطردون من أراضيهم و يُجبرون على التحوّل إلى بروليتاريّين ، مضطرّين إلى بيع قوّة عملهم ( قدرتهم على العمل ) للرأسماليّين المتطوّرين في المدن على أساس دورهم كتجّار و على رأس جمعيّات صناعيّة أوليّة و كمرابين إلخ . و في أمريكا ، عدد كبير من السكّان الأصليّين الذين نجحوا في البقاء على قيد الحياة رغم الحروب ضدّهم و الأمراض التي جلبها الغزاة الأوروبيّون، أُجبروا على العمل ، عادة في ظلّ ظروف تسحق الحياة تمام السحق ، لإثراء المستغِلّين الذين جاؤوا القارة الأمريكيّة من إسبانيا ومن بلدان أخرى . ولنتذكّر، أساس ثروة هذا النظام الرأسمالي–"the good ole USA" كان قائما ، إلى حدّ كبير للغاية ، على عمل العبيد .
و مثلما أشار إلى ذلك كارل ماركس ، مؤسّس الشيوعيّة ، بسخرية لاذعة : إنّ " الفجر الوردي " للرأسماليّة يتميّز بإستعباد أعداد من الأفارقة الذين يعملون تماما حدّ الموت و أناس تمّ غزوهم في جنوب أمريكا مجبرون على العمل بمناجم المعادن الثمينة و وسائل وحشيّة أخرى ، لمراكمة الثروة .
و إنّه لواقع أنّ بعض المجتمعات الأسبق في القارة الأمريكيّة – كإمبراطوريّة الإنكا في جنوب أمريكا و إمبراطوريّة الأزتاك في المكسيك كانتا نفسيهما قائمتين على إستغلال الجماهير الشعبيّة من قبل الطبقات الحاكمة في لك المجتمعات ؛ و صحيح أنّه وجدت عبوديّة في أفريقيا لبعض الوقت قبل غزو المستغِلّين الأوروبيّين لتلك القارة . لكنّ كلّ هذا حدث على نطاق أكبر بكثير وبأبعاد أفظع، بداية من عدّة قرون قبل الآن ، مع غزو و إستعمار هذه القارات و تطوّر تجارة العبيد العالميذة و آلة الإستغلال الرأسمالي التي لا تتوقّف ، و من خلالها جيلا وراء جيل ، بالملايين و الملايين ، إستخدموا بلا رحمة حتّى الإنهاك و الموت ، بسرعة أو ببطئ أكبر ، في البحث المريض لراس المال و المنافسة بلا شفقة بين الرأسماليّين ، من أجل الربح و مزيد الربح .
2- إضافة إلى هؤلاء المعنيّين مباشرة بإستغلال الناس في سيرورة إنتاج ثروة النظام الرأسمالي ، هناك أيضا مُستغِلّون رأسماليّون آخرون . و على سبيل المثال ، هناك البنوك و المؤسّسات الماليّة الأخرى التي تحقّق الربح عبر القروض للشركات و غيرها من الأعمال التي تستغلّ مباشرة الناس . ( هذه القروض تُسترجع مع قدر إضافي من المال – " الأرباح " - ) . و علاوة على ذلك هذه المؤسّسات الماليّة عينها تستثمر في شركات تستغلّ الناس إستغلالا مباشرا . و بدورها ، الشركات على النطاق الواسع تشترك كذلك في المعاملات الماليّة . و يُصبح رأس المال المالي متداخلا مع رأس المال المستعمل مباشرة لإستغلال الناس في سيرورة الإنتاج . و هناك أيضا تجّار رأسماليّون – مثلا ، أولئك الذين يبيعون الملابس أو الغذاء أو حاجيات أساسيّة أخرى . و تاليا ثمّة أولئك الذين يستثمرون في سوق الأسهم الماليّة – لكن هذا يساوى ببساطة نوعا من المقامرة – مراهنين على أيّة مؤسّسات رأسماليّة ستكون أنجح في إستغلال الناس .
و إليكم النقطة الأكثر جوهريّة : مصدر الثروة التي يراكمها مختلف الرأسماليّين هي إستغلال الناس المضطرّين إلى العمل لدي رأسمالي او آخر ( أو شركة رأسماليّة إلخ ) في سيرورة إنتاج السلع التي يستهلكها الناس .
3- لماذا هذا زمن نادر حيث الثورة حتّى في بلد إمبريالي قويّ مثل الولايات المتّحدة ، تصبح ممكنة أكثر ، تمّ تفحّصه في عدد من أعمالي و أعمال آخرين متوفّرة بما فيها " الثورة : المنعرجات الكبرى و الفرص النادرة " و كذلك على موقع أنترنت revcom.us" شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا " و " التنظيم من أجل ثورة فعليّة : سبع نقاط مفاتيح " . و مجدّدا ، يقدّم هذا بشكل حيويّ في برنامج على اليوتيوب ،" برنامج – الثورة لا شيء أقلّ من ذلك ! "
(12)
الثورة ممكنة – يجب إغتنام هذا الزمن النادر
مقتطفات هامة من " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا "
بوب أفاكيان 24 جويلية 2023 ، جريدة " الثورة " عدد 812
https://revcom/us/en/bob_avakian/revolution-possible-rare-time-must-be-seized
في الواقع مثل هذه الثورة يمكن أن تنجح غير أنّ هذا ليس ممكنا خاصة ضد قوى طبقة حاكمة عتيّة كما هو الحال في هذه البلاد إلاّ في زمن و في ظروف نادرين . و هاكم حقيقة غاية في الأهمّية : هذا زمن و هذه ظروف من الأزمان و الظروف النادرين .
و هذا الزمن النادر يجب علينا عدم إهداره و تفويته و تضييعه . بالأحرى ، يجب أن نعدّ للثورة إعدادا نشيطا و أن نعمل من أجلها بحيويّة و مثابرة – الآن و بثبات – لبناء قوى موجّهة علميّا و منظّمة بصرامة و لإعداد الأرضيّة لقيام هذه الثورة . و لهذا ، نقول نحن الشيوعيّون الثوريّون :
" إلى كلّ من لا يقبل بهذا العالم كما هو ... إلى من يزعجه و يتسبّب له في القرف أن يعامل عديد الناس على أنّهم أدنى من البشر ... إلى من يعرف أنّ زعم " الحرّية و العدالة للجميع " محض كذب ... إلى من يتملّكه الغضب الشرعيّ جرّاء إستمرار الظلم و اللامساواة ... إلى كلّ من يتعذّب في فهم إلى أين تمضى الأمور و واقع أن نكون شبابا اليوم يعنى عدم توفّر مستقبل كريم أو أي مستقبل أصلا ... إلى كلّ من حلم يوما بشيء أفضل أو حتّى تساءل إن كان ذلك ممكنا ... كلّ من يتطلّع إلى عالم خال من الإضطهاد و الإستغلال و الفقر و تدمير البيئة ... إلى كلّ من له / لها قلب يحفّزه على القتال في سبيل شيء يستحقّ حقّا النضال من أجله : تحتاجون إلى أن تكونوا جزءا من هذه الثورة . "
إنّنا بصدد الحديث عن ثورة فعليّة و لسنا نتلهّى ببعض التغييرات التي تترك هذا النظام في مكانه وفى السلطة و الحال أنّ قلّة قليلة هي التي تستفيد منه . و مثلما يوضّح ذلك بجلاء " بيان ونداء ..." :
" الثورة تعنى قوّة الملايين من شتّى أنحاء المجتمع تكون منظّمة من أجل قتال هذا النظام على كافة الجبهات و من أجل تعويضه بنظام إقتصادي و سياسي مغاير راديكاليّا و أفضل بكثير ، نظام إشتراكي قائم على تلبية حاجيات الناس و التقدّم بالنضال في سبيل عالم شيوعي أين ستوضع في الختام نهاية في كلّ مكان من كوكبنا للإستغلال و الإضطهاد و تحطيم البيئة المبنيّين في أسس هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، و أيّ شيء أقلّ من هذه الثورة سيخفق تمام الإخفاق في معالجة جذور كافة المشاكل أي لن يؤدّي إلى معالجة فعليّة . "…(1)
هناك بعض التجربة التاريخيّة الهامة التي منها نتعلّم – أوضاع حيث تكون لم تعد الطبقة الحاكمة قادرة على الحكم ب " الطريقة العاديّة " التي ألف الناس القبول بها ، و ظهرت إلى السطح إمكانيّة حقيقيّة لوضع نهاية للنظام القائم ، حتّى لنظام كان متخندقا بقوّة كبيرة إلى درجة أنّ هكذا تغيير عميق قد كان يبدو و لفترة طويلة مستحيلا . و قد يجدّ هذا بوجه خاص عندما لا تعود الطبقة الحاكمة للنظام أو فئة منها تؤمن و تتخلّى تقريبا صراحة عن ما كان " ضوابطا موحّدة " – جملة من العقائد و السيرورات التعديليّة – لذلك النظام ...
مثلما يزداد وضوحا يوما بعد يوم ، هناك إنقسامات عميقة و متعمّقة بإستمرار ليس في هذه البلاد عموما فحسب بل خصوصا في صفوف القوى الحاكمة لهذا النظام . و كما سأتطرّق إليه بصفة أتمّ بعد قليل ، جزء من هذه القوى الحاكمة ممثّل في الحزب الجمهوريّ لم يعد يعتقد في أو يشعر بأنّه صار مقيّدا بما كان" ضوابطا موحّدة " للحكم الرأسمالي" الديمقراطي" في هذه البلاد . و يؤدّى هذا بصفة متصاعدة إلى مزيد تعمّق الإنقسامات و الصدامات المريرة عبر المجتمع ، و كذلك في " قمّته " . كلّ المؤسّسات الحاكمة لهذا النظام ستتأثّر بصفة متنامية بهذا. و سيشتدّ الإستقطاب ، بقوى مجمّعة حول و يقودها الحزب الجمهوريّ تصبح أكثر عدوانيّة حتّى في تأكيدها على فرض بما في ذلك بالوسائل العنيفة ، لرؤيتها لما ل " جعل أمريكا عظيمة " بكافة الفظائع الحقيقيّة جدّا المصنّفة في قمّة الفظائع التي يعنيها ذلك.
و ستكون لكلّ هذا إنعكاسات متناقضة – بعضها سلبيّ بالتأكيد لكن بعضها إيجابيّ أو ينطوى على إمكانيّات إيجابيّة . و مع تطوّر هذا ، ستكون هذه الحقيقة العميقة بيّنة بقوّة أكبر فأكبر : الأزمة و الإنقسامات العميقة في المجتمع لا يمكن أن تعالج إلاّ بواسطة وسائل راديكاليّة من صنف أو آخر – إمّا رجعيّة راديكاليّا بمعنى وسائل إضطهاديّة قاتلة و تدميريّة و إمّا وسائل ثوريّة راديكاليّة تحريريّة .
و مع كلّ هذا ، ما نحتاجه بصفة إستعجاليّة ، ما هو ممكن – و ما يجب العمل من أجله بنشاط و بلا هوادة ، لأجل أن تكون نتيجة كلّ هذا إيجابيّة – هو إصطفاف مختلف جوهرياّ في البلاد ككلّ : إعادة إستقطاب تكون مواتية للثورة و تتقدّم بالقوى الضروريّة لهذه الثورة - ثورة حقيقيّة للإطاحة بهذا النظام و إنشاء نظام مغاير جذريّا و أفضل بكثير ...
و الأشياء ليست كما كانت في الماضى فالواقع كالتالى : الإنقسامات العميقة في صفوف الطبقة الحاكمة و في المجتمع ككلّ لا يمكن التخفيف من وطأتها – و لن تفعل سوى التعمّق و الإحتداد لتمسي أشدّ و اكثر عدائيّة .
و هذه حقيقة جوهريّة تحتاج إلى أن تفهم بوضوح و بعمق :
" هذه الإنقسامات صلب السلطات الحاكمة في المجتمع الأوسع لا يمكن معالجتها داخل الإطار الموجود و الذى وحّد الأشياء معا لقرابة 150 سنة منذ بُعيد نهاية الحرب الأهليّة التي أدّت إلى إلغاء العبوديّة ، لا يمكن معالجتها على أساس " الديمقراطيّة " الرأسماليّة التي كانت للأداة " العاديّة " للحكم الرأسمالي ( الدكتاتوريّة الرأسماليّة ) لوقت طويل جدّا."
و " يوفّر هذا الوضع النادر مع تعمّق و إحتدام النزاعات صلب القوى الحاكمة و في المجتمع ككلّ أساسا أقوى و إنفتاحات أكبر لكسر قبضة هذا النظام على الجماهير الشعبيّة . "
و في منتهى الأهمّية أن نفهم عميقا هذا :
مع تطوّر هذا الوضع و تزايد عدم قدرة الطبقة الحاكمة على الحكم بالطريقة القديمة ، يمكن أن يصبح المجتمع و تصبح الحياة اليوميّة للجماهير الشعبيّة من مختلف أنحاء المجتمع بصفة متصاعدة غير مستقرّين و تسودهما الفوضى ب " تقطّعات " متواترة في الطريقة " العاديّة " التي كانت تسير بها الأشياء .
و مع إخفاق " الطريقة العاديّة " التي كانت تحكم المجتمع في إبقاء الأمور موحّدة – و تمزّق المجتمع بصورة متنامية – يمكن أن يهتزّ إعتقاد الناس في أنّ " الطريقة التي كانت عليها الأشياء على الدوام " هي الطريقة الوحيدة التي يمكن للأشياء أن تكون عليها . يمكن أن يجعل ذلك الناس أكثر إنفتاحا على التساؤل عن - بالمعنى الحقيقيّ يمكن أن تفرض على الناس أن يتساءلوا عن – الطريقة التي كانت عليها الأشياء و ما إذا يجب عليهم البقاء على هذا النحو . و يرجّح أكثر أن يحدث هذا إذا كانت القوى الثوريّة تعمل في صفوف الجماهير مسلّطة الضوء على الواقع الأعمق لما يجرى و لماذا و مقدّمة أنّ هناك بديل للحياة على هذا النحو . "
و هذا جزء حيويّ من كيف يمكن أن ينشأ وضع ثوريّ – وضع حيث يُصبح من الممكن الإطاحة العملية بهذا النظام .
هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، " متروك لنفسه " – أي لو ظلّ الطابع الراهن و ظلّت الديناميكيّة الراهنة على المسار الذى هما عليه الآن – فإنّ هذا الوضع و هذه الإنقسامات التي تميّزه و النتيجة الناجمة عنه بالتأكيد تقريبا سيتحوّل إلى وضع سلبيّ شناعته ستكون أكبر . لذا ، يجب تغيير كلّ هذا تغييرا راديكاليّا في غضون فترة زمنيّة قصيرة نسبيّا و" مضغوطة " - ليس فقط أسابيع أو أشهر و إنّما أيضا عقود - و إن لم تنفجر الأمور بعدُ تماما قبل ذلك ، فإنّ الانتخابات الرئاسيّة المبرمجة لسنة 2024 يرجّح بدرجة كبيرة أن تكون نقطة مفصليّة حيويّة و نقطة تحوّل حيويّة خلاها سيحاول الجمهوريّون الفاشيّون كسب السلطة و وضع يدهم على المجتمع و وضع نهاية لأيّة إمكانيّة " لإنتقال سلطة " مستقبلي بعيدا عنهم هم .
مع تواصل الكذبة الكبرى المستمرّة لدى الجمهوريّين و القائلة بأنّ الإنتخابات الرئاسيّة الأخيرة (2020) قد سُرقت من ترامب ، و مع تحرّكاتهم لمحو أصوات إنتخابيّة و توجّههم بأكمله ، في جميع الأحوال ، في ما يتّصل بالإنتخابات الرئاسيّة لسنة 2024 ( مفترضين حدوث هكذا انتخابات ) ، النتيجة الوحيدة المقبولة لديهم هي أن يُعلن و يؤكّد أنّهم الفائزون – و كلّ هذا أجلى أنّهم لن يبتلعوا أيّة " إنتقال سلمي للسلطة " في الحكم إلاّ إذا كانت نتيجته صعودهم هم إلى سدّة الحكم . و تستعدّ أعداد متنامية من ذوى التوجّهات الفاشيّة في هذه البلاد إلى إستخدام العنف بحثا عن تكريس فهمهم الفاسد ل " إعادة عظمة أمريكا " – و القيادة الجمهوريّة على إستعداد للجوء إلى ذلك إن لم تتمكّن من بلوغ السلطة بطريقة أخرى . و بعدُ الموظّفون المنتخبون من الجمهوريّين بمن فيهم أعضاء فى الكنغرس يحرّضون على المشاعر المناصرة لمثل هذا العنف و على دعم الغوغاء الفاشيّة التي إنخرطت في هذا العنف .
في وضع الانتخابات الرئاسيّة لسنة 2020 ، كان إلحاق الهزيمة بترامب و ترحيله بوساطة تلك الانتخابات ممكنا و كان من المهمّ القيام بذلك كحركة تكتيكيّة صائبة حينها للحيلولة دون مزيد تعزيز الحكم الفاشيّ . و حتّى بتلك الهزيمة الإنتخابيّة ، كاد ترامب و أنصاره أن يفلحوا في تنفيذ إنقلاب كان سيفضى إلى بقائه في السلطة متحدّيا نتائج الانتخابات و " الإنتقال السلمي للسلطة " من فئة إلى فئة أخرى من الطبقة الحاكمة . و قد تطوّرت الأمور وهي لا تزال تتطوّر بسرعة إلى أبعد ممّا وُجد في وضع انتخابات 2020 و ما تلاها مباشرة .
و زيادة على ذلك ، تسير السيرورة الإنتخابيّة للنظام ضد نوع التغيير الجوهريّ الضروريّ بصفة إستعجاليّة الآن . و ضمن أشياء أخرى ، تخفّض هذه السيرورة من آفاق رؤية الناس مقلّصة " خياراتهم الواقعيّة " إلى ما هو ممكن في إطار هذا النظام و تعويد الجماهير على رؤية و مقاربة الأشياء في إطار هذا النظام . و مواصلة التصويت للديمقراطيّين و السعي من خلال السيرورة الإنتخابيّة إلى منع إفتكاك الجمهوريّين -الفاشيّين للسلطة و تعزيزهم لها بنجاح ، سيعرف على الأرجح بدرجة كبيرة الفشل و بصفة أكثر جوهريّة سيساهم في إستمرار سير الأشياء على المسار عينه الذى هي عليه الآن ، بتبعات فظيعة على مليارات البشر على سطح هذا الكوكب – و بالنسبة إلى الإنسانيّة قاطبة .
و كما شدّدت على ذلك في بيان " سنة جديدة ..." :
" إنّ الهزيمة الإنتخابيّة لنظام ترامب / بانس لا توفّر عدا " كسب بعض الوقت " – في كلّ من العلاقة بالخطر الذى تطرحه الفاشيّة التي يمثّلها هذا النظام و أكثر جوهريّة و بمعنى أزمة الوجود التي تواجهها بصفة متصاعدة الإنسانيّة بفعل ديناميكيّة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . لكن ، بالمعنى الأساسي ، ليس الوقت إلى جانب النضال من أجل مستقبل أفضل للإنسانيّة . " (2)
يمرّ الوقت و معه يتقدّم السير الهائل للأشياء بإتّجاه نتيجة كارثيّة . الوقت الذى لا يزال متاحا لا يجب أن ننفقه في ما سيكون، خاصة الآن ، تحرّك لا معنى له في إطار هذا النظام و إنتخاباته . ينبغي أن نغتنم هذا الوقت بصفة إستعجاليّة ضروريّة للبناء بإتّجاه الحلّ الوحيد الذى يمكن أن يجعلنا نتفادى الكارثة و ننتزع من كلّ هذا شيئا إيجابيّا حقّا : ثورة فعليّة ...
كلّ شيء يرتهن بالتقدّم بأناس ثوريّين من صفوف المضطهَدين بأكبر مرارة و من جميع أنحاء المجتمع ، أوّلا بالآلاف و تاليا بالملايين ، كقوّة ثوريّة عتيّة و منظّمة من البداية و بثبات بأفق البلاد بأكملها و ما يؤثّر في المجتمع كلّه و يغيّر إطار كيف ترى الجماهير الأمور و كيف يتعيّن على كلّ مؤسّسة أن تردّ الفعل . يجب تركيز كلّ شيء الآن على إيجاد هذه القوّة الثوريّة و على تنظيمها .
-----------------------------------------
و كما يوضّح " بيان و نداء ..." ، كي نكسب الجماهير الشعبيّة إلى الثورة ، ثمّة قدر هائل من الصراع اللازم خوضه و ليس ضد النظام الذى مصدر الأهوال التي تتعرّض لها الجماهير فحسب و إنّما أيضا ضد طرق التفكير و السلوك في صفوف الشعب و التي " تقبل بها " عمليّا فيما هي تخدم تأبيد هذا النظام و طرق التفكير التي يشجّع عليها و علاقاته الإضطهاديّة الوحشيّة و قيمه الفاسدة – طرق تفكير و سلوك تمضى ضد إعادة الإستقطاب الذى نحتاج بصفة ملحّة حتّى تتوفّر إمكانيّة حقيقيّة لإغتنام هذه الفرصة النادرة للقيام بالثورة .
في " أمل من أجل الإنسانيّة على أساس علميّ ..." ، أشرت إلى توصيف الإصطفاف الراهن من قبل نائب سابق بالكنغرس، الجمهوري الفاشيّ ستيف كينغ – و مفاده أنّ هناك الكثير من الحديث عن حرب أهليّة أخرى قادمة و الحال أنّ هناك جانب ( هو الجانب الفاشيّ ) مدجّج بالسلاح ( ب 8 تريليون رصاصة ) بينما الجانب الآخر ( " المتيقّظون " ) لا يستطيعون حتّى أخذ قرار أي مرحاض يستعملون . (3) وحتّى و إن عني ذلك بعض التلاعب الحقيقي و التشويه الجليّ للمتحوّلين جنسيّا،هناك نظرة ثاقبة جنونيّة و قدر كبير من الحقيقة في هذه الملاحظة التي أبداها ذلك الفاشيّ البارز . و لئن تمادى هذا الإستقطاب بلا تغيير أساسي ، ستكون له إنعكاسات حتّى أسوأ مع تطوّر الأمور و مزيد تفاقم الأزمة .
و الكثير من ما هو مرتبط بهذا و يعدّ تعبيرا عنه هو واقع أنّ اليوم ، خاصة في صفوف الطبقات الوسطى ، لا تزال الأشياء بعدُ تتطابق أكثر من اللازم مع كلمات الشاعر ييتس : " الأفضل تنقصه في القناعة جميعها ، فيما الأسوأ يزخر حماسا فيّاضا " . الفاشيّون هم من أعلنوا أنّ " هذه حرب ! " – إنّهم يشعرون من أعماق أعماقهم أن كيفيّة سير الأشياء حاليّا غير مقبولة تماما بالنسبة لهم ، بل هو بمثابة تهديد وجودي لنمط عيش و لبلد يعتقدون أنّهم يستحقّون أن يكونوا جزءا منه . و في أذهانهم الجنونيّة ، الحكومة ( أو الحكومة الواقعة بيد الديمقراطيّين أو تحت تأثير كبير للديمقراطيّين تسعى لمواصلة الأشياء في هذا المسار و هي عندئذ بالنسبة لهم غير شرعيّة كلّيا . و في الوقت نفسه ، في صفوف ما يمكن أن يسمّى عن حقّ " الناس النزهاء " المعارضين لهؤلاء الفاشيّين ، ثمّة بصفة بيّنة غفلة و جهل و تجاهل أكثر من اللازم – أو حتّى تنكّر مستمرّ – لما يجرى أبعد من أن يهدّئه إحساس نائم بأنّ الأشياء تمضى في مصلحة و على النحو الذى يريدونها أن تسير فيه أو على ألقلّ أنّ " الأشياء في طريقها إلى الحلّ " بما يتماشى و ميولاتهم . أو ، إلى درجة إعترافهم بأنّ هذا ليس الحال ( على سبيل المثال ، مع تفاقم الأزمة البيئيّة ) قد أدّت بهم ذلك بعيدا جدّا إلى الإنهزاميّة و النفاق و السلبييّة .
و لا يتوقّف المشكل عند هذا الحدّ . فكما أشرت كذلك في " أمل من أجل الإنسانيّة ... " :
" عنصر آخر من هذا لا يمكن أن نغضّ عنه النظر هو أنّه ، بينما الكثير ممّا يصفه كينغ ينطبق بطريقة ما جنونيّة ، لا سيما على التقدّميّين أو من يسمّون أنفسهم ب " المتيقّظين " من الطبقة الوسطى ، ثمّة مشكل من نمط آخر في ما يتّصل بالقاعديّين الأكثر إضطهادا ، لا سيما منهم الشباب – مشكل عويص هو أنّ بنادقهم موجّهة في الوقت الحاضر إلى بعضهم البعض... هناك شيء يحتاج للتغيير الراديكالي في بناء حركة من أجل ثورة فعليّة . "
************************************************
النصّ الكامل للعمل اهام لبوب أفاكيان " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة - أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة " متوفّر على موقع أنترنت revcom.us .
الهوامش :
1. From The Revcoms: A Declaration, A Call To Get Organized Now For A Real Revolution, April 2021, is available at revcom.us.
2. New Year’s Statement By Bob Avakian: A New Year, The Urgent Need For A Radically New World—For The Emancipation Of All Humanity, January 2021, is also available at revcom.us.
3. Hope For Humanity On A Scientific Basis, Breaking with Individualism, Parasitism and American Chauvinism, November 2019, by Bob Avakian, is also available at revcom.us.
(13)
الإلاه و التحيّز و الإضطهاد و الرعب ؛ و طريق الخروج من هذا الجنون
بوب افاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 812 ، 24 جويلية 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/god-prejudice-oppression-terror-and-way-out-madness

في المدّة الأخيرة ، وردت في تقرير عن إنجاز عمل ثوريّ في هارلام إحالة على واقع أنّ بعض الناس كانوا يتقدّمون بالكثير من " الهراء المعادي للمثليّين و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا " – من مثل " وهب الإلاه الرجال قضيبا و النساء مهبلا ، لذا هكذا يجب أن يكون الأمر ".
و إنّه لمحزن للقلب و باعث على الغضب الشديد سماع هذا الهراء المعادي للمثليين و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا من أناس أمثال أولئك في هارلام كما جاء في الإستشهاد أعلاه ، و هم مضطهَدون بفظاعة في ظلّ هذا النظام و يجب أن يتّحدوا مع آخرين هو بدورهم عُرضة للتمييز و التعنيف و الإرهاب و يتعرّض حتّى حقّهم في الوجود ذاته إلى الجهوم الخبيث .
و يشدّد هذا على واقع أنّه بينما ندافع عن حقّ الناس في الدين – و نتّحد مع المتديّنين الذين يتّخذون مواقفا إيجابيّة في القتال ضد الإضطهاد – من المهمّ بحيويّة أن نناضل بثبات و صرامة من أجل منهج و مقاربة علميّين و ليس دينيّين للواقع ، و أن نخوض قتالا شرسا و بلا هوادة ضد السمّ المعادى للعلم المنتشر في صفوف الجماهير الشعبيّة باسم الدين .
و للحديث مباشرة عن هذه الزبالة " " وهب الإلاه الرجال قضيبا و النساء مهبلا ، لذا هكذا يجب أن يكون الأمر ".
يجب أن نقول إن كان " إلاها " ما قد صمّم جشد الإنسان ، عندئذ سيكون هذا الإلاه مصمّما فظيعا . و لضرب مثال حاد: لماذا بُني جسم الإنسان على نحو يجعل الناس من الممكن أن يختنقوا و هم يتناولن الغذاء ؟ إن كان " إلاه " موجود عمليّا، كان بوسعه أن " يصمّم " جسد الإنسان بصورة لا يحدث معها إختناق ، و إن كان إلاه قد " صمّم " جسد الإنسان على النحو الذى هو عليه ، بإمكانيّة الإختناق هذه ، سيكون ذلك الإلاه مريضا و ساديّا مخادعا .
الواقع هو التالي : ليس البشر نتيجة " تصميم " أو " خلق " أيّ إلاه – إنّهم نتيجة التطوّر الطبيعيّ . و كتاب أرديا كسايبراك ، " علم التطوّر و أسطوريّة فكر الخلق – معرفة ما هو واقعي و لماذا يهمّ " يوفّر شرحا ملموسا و حيويّا لنظريّة التطوّر و دحضا للمزاعم المعادة للعلم ل " فكر الخلق " الإنجيليّ. و كلّ من يرغب في الحصول على فهم حقيقيّ للأشياء الحيويّة حول الواقع ، و المنهج العلميّ لفهم الواقع ، سيستفيد إستفادة كبرى من قراءة هذا الكتاب . (1)
إنّ المجتمع الإنساني و تطوّره ليس كذلك نتيجة بعض " التصميم " – أو التعبير عن " إرادة " إلاه ما . إنّه نتيجة تفاعل البشر مع بعضهم البعض و مع بقيّة الطبيعة ، لتلبية حاجياتهم الأساسيّة و تزويد الأجيال القادمة . و يأتي التغيّر في المجتمع الإنسانيّ من خلال نشاطات البشر – و التغيّرات الكبرى في كامل الطريقة التي ينظم وفقها المجتمع ، تأتى بواسطة الثورات التي تطيح بالنظام القديم و تُنشأ طريقة جديدة من تنظيم المجتمع . ( في عدد من الأعمال بما فيها " إختراقات ..." ، شرحت بالمعنى الأساسي ، الديناميكيّة المعنيّة في التطوّر و التغيّر الثوري للمجتمع الإنسانيّ ) (2) و هنا ينبغي قول إنّ " التصاميم الفظيعة " للمفترض إلاه المسيحيّة ليست محدودة في جسد الإنسان : فهي تشمل قائمة طويلة من الفظائع الحقيقيّة جدّا التي يدافع عنها " إلاه " الكتابات المسيحيّة هذا و يشدّد عليها . و كما أشرت إلى ذلك في كتاب " لنتخلّص من كافة الآلهة ! تحرير العقل و تغيير العالم راديكاليّا " ، الإنجيل ، فى كلّ من العهد القديم و العهد الجديد- و التقاليد |" اليهوديّة المسيحيّة " عامة - تدافع عن و تشدّد على كافة أنواع الفظائع و منها العبوديّة و الإضطهاد العنيف للنساء و المثليّين . ( و الدفاع عن الإضطهاد القاسي و العنيف موجود أيضا في قرآن الديانة الإسلاميّة ) (3).
مقاربة علميّة ثوريّة :
عبر تاريخ الإنسانيّة ، بمختلف الطق التي تنظّم وفقها المجتمع ، وُجدت تعبيرات متباينة عن الجنسانيّة الإنسانيّة كلّ من المتغايرة الجنس ( التي تعنى أناسا من جنسين متقابلين ) و نفس الجنس . و المسألة ، في علاقة بكلّ هذا ، هي ما طبيعة العلاقات المعنيّة : هل هي تعبير عن المساواة و العطف الحقيقيّ شاملة اللذّة المشتركة على ذلك الأساس ، أم هي اللامساواة و الهيمنة و الإضطهاد و إنعكاس المساهمة في علاقات إخضاع في المجتمع ككلّ ؟
تقديس بعض الإلا المفترض ( وهو عمليّا غير موجود ) ، و إتّباع كتابات هذا الدين أو ذاك ، لن تؤدّى أبدا إلى وضع نهاية لكلّ الجنون الذى يشهده الناس في هذا العالم . و القيام بذلك يتطلّب تبنّى منهج و مقاربة علميّين – المنهج العلمي و القاربة العلميّة للشيوعيّة كما جرى مزيد تطويرها مع الشيوعيّة الجديدة الناجمة عن سنوات وعقود من العمل الذى أنجزته، متعلّما من التجربة السابقة للثورة الشيوعيّة و التجارب الإنسانيّة بصورة أعمّ . و يسلذط هذا الضوء على أنّ تطوّر المجتمع الإنساني قد بل نقطة حيث من خلال الثورة الشيوعيّة ، من الممكن إنشاء علاقات جديدة تحريريّة بين البشر ، عبر العالم قاطبة – طريقة جديدة لتنظيم المجتمع ستمكّن من تلبية الحاجيات الأساسيّة لحياة كريمة للبشر ، على أساس مستمرّ التوسّع ، دون أيّ تمييز ولامساواة و إضطهاد و إستغلال ، بما في ذلك في العلاقات الحميميّة بين البشر .
إلى كلّ من يمقت الطريقة التي يتمّ وفقها التعامل مع الناس في ظلّ هذا النظام الرأسمالي – امبريالي ... كلّ من يرغب حقّا في رؤية نهاية للجنون الذى يتعرّض له الناس هنا و عبر العالم ، و التهديد المتنامي لوجود الإنسانيّة نفسها ، من خلال تدمير البيئة و خطر حرب نوويّة بين الإمبرياليّين الأمريكان و منافسيهم الإمبرياليّين الروس و الصينيّين ... كلّ من يرغب في أن يكون جزءا من إنشاء خيط حياة و مستقبل يستحقّه البشر – تحتاجون إلى أن تكونوا جزءا من و أن تعملوا بنشاط للمساعدة على بناء القوى المنظمة لهذه الثورة التي نحتاجها بصورة إستعجاليّة .
الهوامش :
1. The Science Of Evolution And The Myth Of Creationism—Knowing What’s Real And Why It Matters is available through Insight Press, Chicago, Illinois.
2. Breakthroughs: The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism, A Basic Summary is available at revcom.us.
3. A summary of the horrific oppression advocated and insisted upon in new and old testaments of the Bible is found in the section “The Bible, Taken Literally, Is a Horror,” in “Part One: Where Did God Come From... And Who Says We Need God?” in AWAY WITH ALL GODS! Unchaining The Mind And Radically Changing The World (published by Insight Press, Chicago, 2008). And Part Two of this book, “Christianity, Judaism, and Islam—Rooted In The Past, Standing In the Way of the Future,” as well as Part Three, “Religion—a Heavy, Heavy Chain” show how horrific oppression is upheld and advocated not only in the -script-ures of the “Judeo-Christian” tradition but also in the Qur’an of Islam.
(14)
الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر – الجزء الأوّل : نحن نتحلّى بالجدّية
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 813 ، 31 جويلية 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/revolution-real-chance-win

مقدّمة : يحاجج بعض الناس بأنّ محاولة القيام بثورة فعليّة للإطاحة بالنظام الرأسمالي – الإمبرياليّ الحاكم في هذه البلاد، و مواجهة القوّات المسلّحة القويّة لهذا النظام ، سيكون بمثابة عمليّة إنتحاريّة . و هذا شيء تحدّثت عنه قبل عدّة سنوات الآن في خطاب " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة " :
" يؤكّد عديد الناس بمن فيهم عديد الذين يقولون إنّهم يودّون رؤية حدوث تغيير جذريّ في المجتمع أنّ الثورة غير ممكنة لأنّ " هم " أقوياء جدّا و " الجماهير تختلط عليها الأمور جدّا ". حسنا ، صحيح أنّ الجماهير الشعبيّة متشكّلة كما شكّلها النظام ، في أيّ جزء من أجزاء المجتمع ، لا تعرف أي شيء تقريبا و رؤوسها في الوحل لمّا يتعلّق الأمر بفهم كيف هي الأمور حقّا و لماذا هي كما هي و ما يمكن و يجب القيام به بهذا المضمار . لكن هذا يقف في تناقض حاد مع حقيقة هامة أخرى – أنّ ملايين الناس يهتمّون حقّا لواحد أو أكثر و الكثيرون منهم يهتمّون حقّا بكل " أوقفوا الخمسة " . و هذا تناقض علينا أن نشتغل عليه لدفع الجماهير الشعبيّة بإتّجاه الثورة التي نحتاج إليها لنضع في نهاية المطاف نهاية لهذه " أوقفوا الخمسة " و الظروف الفظيعة التي تتعرّض إليها بإستمرار جماهير الإنسانيّة . [ و تحيل " أوقفوا الخمسة " على التناقضات الإجتماعيّة الكبرى و أشكال الإضطهاد و التدمير المبنية في هذا النظام الرأسمالي الإمبريالي و التي لا يمكن القضاء عليها إلاّ عبر ثورة تطيح بهذا النظام .] (1)
و صحيح كذلك أن السلطات الحاكمة لهذا النظام بآلة القتل و الدمار التي تستخدمها لفرض هذا النظام ، بالفعل هي قويّة للغاية . لكن جزءا كبيرا من الصعوبة التي يواجهها الناس في تصوّر أنّه بوسعنا عمليّا إلحاق الهزيمة بهم هو عدم قدرتهم على أن يرتأوا وضعا مختلفا راديكاليّا عن السير " العادي " لهذا النظام ، وضع حيث بالنسبة لأجزاء كبرى من المجتمع ، " قبضة " الطبقة الحاكمة على الشعب – قدرتها على التحكّم فيه و التآمر عليه و بثّ الرعب في صفوفه – تنكسر و تضعف بصفة كبيرة ، جوهريّا ، لا يقدر الناس على تصوّر هذا لأنّهم لا يقاربون الأشياء بنظرة و منهج علميّين . (2) ( التشديد مضاف )
و هذه السلسلة من خمسة مقالات تتحدّث بصفة أتمّ عن لماذا مثل هذه الثورة ليست ضروريّة بصفة إستعجاليّة الآن فحسب بل لماذا ، بواسطة المقاربة العلميّة الصحيحة ، يمكن لمثل هذه الثورة بالفعل أن تحصل على فرصة حقيقيّة للنجاح – و لماذا أي شخص يرغب حقّا في رؤية عالم مغاير راديكاليّا ، دون كافة الفظائع التي يفرزها بإستمرار و حتّى الفظائع الأكبر بالنسبة إلى الإنسانيّة التي يهدّد بها هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، يحتاج أن يشارك بنشاط في العمل بلا كلل و بتصميم مستند إلى العلم ، من أجل الثورة .
و فيما يلى المقال الأوّل من سلسلة مختارات من خطاباتي و كتاباتي التي تتحدّث عن كيف نمضى إلى إنجاز ثورة في هذه البلاد، معبّئين ملايين الناس ، بهدف إلحاق الهزيمة العمليّة بالفارضين بعنف لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، و مُلغين هذا النظام برمّته ، و منشئين نظاما مغايرا راديكاليّا وتحريريّا قائما على دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا. (3)
و هذا الجزء الأوّل يتضمّن مقتطفا من " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا " ( وهو متوفّر على موقع أنترنت revcom.us)؛
و يليه مقتطف من خطاب ألقيته أمام تجمّع للشيوعيّين الثوريّين سنة 2022.
" يرتهن كلّ شيء بإيجاد شعب ثوريّ من صفوف المضطهَدين بأكثر مرارة و من كافة أنحاء المجتمع ، بداية بالآلاف و تاليا بالملايين كقوّة ثوريّة عاتية منظّمة من البداية و في إنسجام مع أفق البلد بأسره ، تؤثّر في المجتمع كلّه و تغيّر إطار كيفيّة رؤية الجماهير الشعبيّة للأشياء و كيف يتعيّن على كلّ مؤسّسة أن تردّ الفعل . و عليه يجب تركيز كلّ شيء الآن على إنشاء هذه القوّة الثوريّة و تنظيمها تنظيما عمليّا .
و بعد ذلك ، حالما تنشأ هذه القوة الثوريّة ، سيقع تركيز العمل كلّه على كيف نقاتل عمليّا لتحقيق الظفر .
عند هذه النقطة ، ستحتاج هذه القوّة المتكوّنة من الملايين إلى التعبأة و الإستخدام بحيث توضّح أنّها تمضى نحو تغيير ثوريّ شامل – أنّها لن تتراجع عن هذا الهدف و لن تقبل بأي شيء أقلّ من ذلك . و هكذا ستشكّل قطبا قويّا يجذب و يدفع إلى الأمام أعدادا أكبر حتّى من الناس من كلّ أنحاء المجتمع – و ستمثّل تحدّيا و نداء نهائيّين للناس في كافة أنحاء المجتمع بمن فيهم كافة المؤسّسات القائمة التابعة لهذا النظام ، لتلتحق بضفّة هذه الثورة . "
---------
و كما أعربت عن ذلك في الحوار مع كورنال واست : من المهمّ أن نكون على صواب و مستقيمين . و من المهمّ أن نقف مع المعذبين في الأرض و أن ننهض ضد إضطهادهم – لكن علينا أن نحقّق الظفر .(4)
عمليّا ، علينا أن نفكّك حكم النظام الوحشيّ و ننشئ شيئا مغايرا راديكاليّا و أفضل بكثير . و إلاّ ، في أفضل الأحوال " سنخوض معركة جيّدة " غير أنّ الفظائع ستستمرّ و تزداد سوءا حتّى .
النقطة السادسة من نقاط يجب الإنتباه إليها من أجل الثورة تقول :
" نمضى من أجل الإطاحة الفعليّة بهذا النظام و إرساء طريقة أفضل تتجاوز كلّيا النزاعات المدمّرة و الخبيثة القائمة اليوم فى صفوف الناس . و لأنّنا نتحلّى بالجدّية ، فى هذه المرحلة ، لا نبادر بإستعمال العنف و نعارض أيّ عنف يسلّط على الشعب أو يمارس فى صفوفه ." (5)
و قد شدّدت على الكلمات " لأنّنا نتحلّى بالجدّية " لأجل التأكيد على أنّ نقطة الإنتباه هذه ليست تصريحا ببعض الفهم السلمي المثالي بأنّ النضال ضد هذا النظام يمكن و يجب دائما أن يظلّ غير عنيف . قبل كلّ شيء ، بينما نحن ضد كلّ العنف الموجّه ضد الشعب و في صفوف الشعب ، و في هذه المرحلة لا نبادر ( و لا نشجّع آخرين على المبادرة ) بالعنف ، في الوقت نفسه نعترف بقوّة و ندافع عن حقّ الناس في الدفاع عن أنفسهم ضد الهجمات غير العادلة . و بصفة أكثر إستراتيجيّة، نفهم علميّا أنّ : المصدر الجوهريّ للعنف في العالم هو هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، و أنّ بدرجة أكبر مقترفة العنف غير العادل هي الطبقات الحاكمة للقوى الرأسمالية – الإمبرياليّة و أهمّ هذه القوى هي هذه البلاد – و أنّ السبب الجوهري للماذا إلغاء هذا النظام لا يمكن أن يتحقّق سلميّا هو ، مرّة أخرى ، أنّ طبيعة هذا النظام ذاته و واقع أنّ الذين يحكمون فيه لن يسمحوا أبدا بكنس نظامهم دون محاولة القمع العنيف و السحق العنيف لأيّة محاولة للقيام بمثل هذا .
هذا ما نعنيه بأنّنا نتحلّى بالجدّية بشأن كلّ هذا .
و بهذا الفهم و هذا التوجّه ، لدينا مقاربة جدّية جدّا لمسألة كيفيّة الظفر عمليّا – الظفر في القتال الأكثر مباشرة ، تاريخيّا ، لإفتكاك السلطة – و الظفر بطريقة تعبّد السبيل للكسب بالمعنى الأوسع ، بهدف إجتثاث كلّ الإضطهاد و الإستغلال ، عبر العالم قاطبة ، منشئين علما شيوعيّا فيه يكون بوسع البشر حقّا أن يزدهروا بأتمّ التعبير عن إنسانيّتهم .
الهوامش :
1. The 5 STOPS are:
STOP Genocidal Persecution, Mass Incarceration, Police Brutality and Murder of Black and Brown People!
STOP The Patriarchal Degradation, Dehumanization, and Subjugation of All Women Everywhere, and All Oppression Based on Gender and Sexual Orientation!
STOP Wars of Empire, Armies of Occupation, and Crimes Against Humanity!
STOP The Demonization, Criminalization and Deportations of Immigrants and the Militarization of the Border!
STOP Capitalism-Imperialism from Destroying Our Planet!
2. A film and the text of Why We Need An Actual Revolution And How We Can Actually Make Revolution are available at revcom.us/BA’s Collected Works.
3. The Constitution for the New Socialist Republic in North America is available at revcom.us.
4. REVOLUTION AND RELIGION: The Fight for Emancipation and the Role of Religion A Dialogue Between CORNEL WEST & BOB AVAKIAN. This film of the Dialogue is also available at revcom.us/BA s Collected Works.
5. The Points of Attention for the Revolution are available as well at revcom.us.

(15)
الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر – الجزء الثاني : إستراتيجيا ترتكز على العلم
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 814 ، 7 أوت 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/revolution-real-chance-win-part-2

هذا الجزء الثاني من " الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر " . الجزء الأوّل : نحن نتحلّى بالجدّية " نُشر في 31 جويلية 2023
------------------------------------
مقدّمة : يحاجج بعض الناس بأنّ محاولة القيام بثورة فعليّة للإطاحة بالنظام الرأسمالي – الإمبرياليّ الحاكم في هذه البلاد، و مواجهة القوّات المسلّحة القويّة لهذا النظام ، سيكون بمثابة عمليّة إنتحاريّة . و هذا شيء تحدّثت عنه قبل عدّة سنوات الآن في خطاب " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة " :
" يؤكّد عديد الناس بمن فيهم عديد الذين يقولون إنّهم يودّون رؤية حدوث تغيير جذريّ في المجتمع أنّ الثورة غير ممكنة لأنّ " هم " أقوياء جدّا و " الجماهير تختلط عليها الأمور جدّا ". حسنا ، صحيح أنّ الجماهير الشعبيّة متشكّلة كما شكّلها النظام ، في أيّ جزء من أجزاء المجتمع ، لا تعرف أي شيء تقريبا و رؤوسها في الوحل لمّا يتعلّق الأمر بفهم كيف هي الأمور حقّا و لماذا هي كما هي و ما يمكن و يجب القيام به بهذا المضمار . لكن هذا يقف في تناقض حاد مع حقيقة هامة أخرى – أنّ ملايين الناس يهتمّون حقّا لواحد أو أكثر و الكثيرون منهم يهتمّون حقّا بكل " أوقفوا الخمسة " . و هذا تناقض علينا أن نشتغل عليه لدفع الجماهير الشعبيّة بإتّجاه الثورة التي نحتاج إليها لنضع في نهاية المطاف نهاية لهذه " أوقفوا الخمسة " و الظروف الفظيعة التي تتعرّض إليها بإستمرار جماهير الإنسانيّة . [ و تحيل " أوقفوا الخمسة " على التناقضات الإجتماعيّة الكبرى و أشكال الإضطهاد و التدمير المبنية في هذا النظام الرأسمالي الإمبريالي و التي لا يمكن القضاء عليها إلاّ عبر ثورة تطيح بهذا النظام .] (1)
و صحيح كذلك أن السلطات الحاكمة لهذا النظام بآلة القتل و الدمار التي تستخدمها لفرض هذا النظام ، بالفعل هي قويّة للغاية . لكن جزءا كبيرا من الصعوبة التي يواجهها الناس في تصوّر أنّه بوسعنا عمليّا إلحاق الهزيمة بهم هو عدم قدرتهم على أن يرتأوا وضعا مختلفا راديكاليّا عن السير " العادي " لهذا النظام ، وضع حيث بالنسبة لأجزاء كبرى من المجتمع ، " قبضة " الطبقة الحاكمة على الشعب – قدرتها على التحكّم فيه و التآمر عليه و بثّ الرعب في صفوفه – تنكسر و تضعف بصفة كبيرة ، جوهريّا ، لا يقدر الناس على تصوّر هذا لأنّهم لا يقاربون الأشياء بنظرة و منهج علميّين . (2) ( التشديد مضاف )
و هذه السلسلة من خمسة مقالات تتحدّث بصفة أتمّ عن لماذا مثل هذه الثورة ليست ضروريّة بصفة إستعجاليّة الآن فحسب بل لماذا ، بواسطة المقاربة العلميّة الصحيحة ، يمكن لمثل هذه الثورة بالفعل أن تحصل على فرصة حقيقيّة للنجاح – و لماذا أي شخص يرغب حقّا في رؤية عالم مغاير راديكاليّا ، دون كافة الفظائع التي يفرزها بإستمرار و حتّى الفظائع الأكبر بالنسبة إلى الإنسانيّة التي يهدّد بها هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، يحتاج أن يشارك بنشاط في العمل بلا كلل و بتصميم مستند إلى العلم ، من أجل الثورة .
و المقتطف التالي من " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة " هو الثاني في هذه السلسلة من المختارات من خطاباتي و كتاباتي التي تتحدّث عن كيف نمضى إلى إنجاز ثورة في هذه البلاد، معبّئين ملايين الناس ، بهدف إلحاق الهزيمة العمليّة بالفارضين بعنف لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، و مُلغين هذا النظام برمّته ، و منشئين نظاما مغايرا راديكاليّا وتحريريّا قائما على دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا. (3)
و لننطلق مع موقف في " كيف يمكننا الإنتصار – كيف يمكننا فعلا القيام بالثورة " القائل بأنّ كلّ ما نقوم به : " " يهدف إلى شيء محدّد جدّا – وضع ثوريّ : " إلى شيء محدّد بدقّة – وضع ثوري : حيث يقع النظام و سلطه الحاكمة فى أزمة جدّية و تشاهد قطاعات عريضة من المجتمع العنف الذى يستخدمانه لفرض هذا النظام كما هو – عنف إجرامي و غير شرعي ؛ حيث تصبح النزاعات فى صفوف القوى الحاكمة عميقة و حادة حقيقة – و تردّ الجماهير الشعبيّة على هذا ليس بالتمترس وراء جانب أو آخر من الحكّام المضطهدين ، بل بالإستفادة من الوضع لمراكمة القوى من أجل الثورة ؛ حيث يرفض الملايين و الملايين أن يُحكموا بالطريقة القديمة – و ينوون و يصمّمون على التضحية بكلّ شيء للإطاحة بهذا النظام و إنشاء مجتمع و حكم جديدين إستنادا إلى " دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا " . هذا هو وقت المضي إلى الهجوم الشامل لتحقيق الظفر . هذا ما نحتاج إلى العمل من أجله و ما نعدّ له بنشاط الآن . " (4) و المكوّنات و العلامات المفاتيح لأزمة ثوريّة هي أنّ " تشاهد قطاعات عريضة من المجتمع العنف الذى يستخدمانه لفرض هذا النظام كما هو – عنف إجرامي و غير شرعي ؛ حيث تصبح النزاعات فى صفوف القوى الحاكمة عميقة و حادة حقيقة – و ترُدّ الجماهير الشعبيّة على هذا ليس بالتمترس وراء جانب أو آخر من الحكّام المضطهدين ، بل بالإستفادة من الوضع لمراكمة القوى من أجل الثورة ". و يشدّد هذا على الأهمّية الكبرى للعمل الجاري و النضال المفروض علينا لتحرير الجماهير من " قبضة " الآليّات السياسيّة و وسائل الإعلام الناطقة رسميّا باسم هذا النظام .
سأتحدّث بشكل أتمّ عن كيف نحتاج إلى أن نعدّ بنشاط الآن من أجل وضع ثوريّ . و بداية لأجل الحصول على أتمّ معنى لهذا ، نحتاج إلى العمل خلفا من ذلك الوضع و ما يتطلّبه عندئذ – كيف سيحتاج القتال الشامل لأن يُخاض – لتكون لدينا فرصة حقيقيّة لإلحاق الهزيمة بقوى العنف العتيّة لهذا النظام . و هذا مجدّدا ، من الأهمّية الحيويّة بمكان أن نقارب الأشياء على نحو جدّي و علميّ .هذا ما قتوم به وثيقة " بصدد إمكانيّة الثورة " الذى هو ( كما تسجّل ذلك وثيقة " كيف يمكننا الإنتصار – كيف يمكننا فعلا القيام بالثورة " ، " يرسى أساس الفهم و العقيدة الإستراتيجيّين – لكيف نقاتل بفرصة حقيقيّة للكسب ، متى نشأت الظروف الضروريّة . " بصدد إمكانيّة الثورة " ( المتوفّرة على موقع أنترنت revcom.us ) وثيقة هامة تستحقّ دراسة جدّية . (5 ) و هنا سأتفحّص بعض النقاط المفاتيح التي وقع التعمّق فيها في تلك الوثيقة وهي ملخّصة و مكثّفة في " كيف يمكننا الإنتصار... ".
مشكلة كبرى بالنسبة إلى الثورة هي ما يمكن أن يسمّى " تطويق و سحق " جماهير الشعب في قاع المجتمع المتعرّضة للشتيمة و القذف عقب الشتيمة و القذف في ظلّ هذا النظام و التي تتطلّع إلى وضع نهاية لكلّ هذا الجنون، لكنّها بمعنى ما ، " مطوّقة " في المجتمع بفئات عريضة من الناس الذين يعانون مباشرة من ذات الفظائع يوميّا . و بكلمات بسيطة ، ، هناك أعداد كبيرة من الفقراء و المضطهَدين بمرارة في هذه البلاد و هناك أيضا طبقة وسطى كبيرة . و بالرغم من كون معظم هذه الطبقة الوسطى ليست أوضاعها جيّدة إقتصاديّا كما كان حالها في الماضى ، لا يزال هناك بون شاسع بين الطبقة الوسطى و الذين يقبعون في قاع المجتمع ، و هذا الإنقسام الكبير هو أحد أهمّ أسباب لماذا يقول الناس – حتّى الذين يصرّحون بانّهم يرغبون في رؤية حدوث ثورة لكنّهم ينظرون إلى الأشياء نظرة سطحيّة و لا يحلّلون الوضع تحليلا علميّا – إنّ الثورة ليست ممكنة . و إنّه لشيء أن تمسك الطبقة الحاكمة و مؤسّساتها للقمع و السيطرة ، ضمن جهودها لعزل و محاصرة قدر ما يرونه ضروريّا ، المضطهَدين بأكثر خبث ذلك أنّهم يمثّلون إمكانيّة كامنة لأن يتحوّلوا إلى أكبر تهديد لهذا النظام . هذا شيء ستسعى السلطات الحاكمة إلى القيام به بطريقة حتّى أكثر منهجيّة و أشدّ فى وضع تواجه فيه نضالا ثوريّا منظّما يهدف إلى الإطاحة بنظامها برمّته . فهو أحد العراقيل الأساسيّة التى تحتاج القوى الثوريّة إلى تجاوزها لأجل الحصول على فرصة حقيقيّة للكسب . ستكون هناك حاجة ليس لتطوير المقاربة الإستراتيجيّة و المبادئ الأساسيّة العمليّة فحسب بل كذلك بعض الإجراءات التكتيكيّة الخاصة للقوى الثوريّة - بما فيها تركيز القوى للإختراق المتكرّر لإحباط الجانب الآخر من التطويق المادي لمناطق القوّة الثوريّة - ستكون هناك حاجة إلى تطويرها و تطبيقها لمعالجة هذا التناقض الكبير عندما سيتمّ الشروع فى الصراع الشامل . لكن مواجهة هذا المشكل الأساسي لا يمكن أن نتركها إلى زمن يكون فيه الصراع الشامل محتدما . و هذا شيء تحدّثت عنه بصراحة و وضوح تامّين فى كتاب " الشيوعية الجديدة... " و شدّدت على أنّنا نحتاج إلى " تغيير الوضع بحيث لمّا يحين الوقت ، لن يكون بوسعهم مجرّد حصر هذه الثورة في فئات الشعب التي ... سرعان ما سيقتلونها ببساطة ، على أي حال ". (6) و كما شدّدت أيضا في الجزء الثاني من " العصافير ليس بوسعها أن تلد تماسيحا ، لكن بوسع الإنسانيّة أن تتجاوز الأفق " : " العمل السياسي و الإيديولوجي و هذا التناقض في البال سيحتاج إلى أن يُنجز خلال كامل الفترة السابقة على ظهور الظروف الضروريّة و ... شنّ الصراع [ الشامل ] ". ( 7 ) و بقدر ما يتمّ إنجاز هذا العمل من الآن فصاعدا على أفضل وجه ، بقدر ما ستكون القوى الثوريّة أقدر على صدّ و إلحاق الهزيمة ب" التطويق والسحق " العسكريّين لمعاقل الثورة لمّا يحين زمن القتال الشامل .
و مثلما وضعت ذلك في كتاب " الشيوعيّة الجديدة..." ـ تناقض محدّد للقتال الشامل هو واقع أنّه ، في البداية ، الجانب الآخر ، [ الثورة المضادة ] " سيظلّ بعدُ قويّا جدّا عسكريّا و إن كان ضعيفا و في أزمة سياسيّا " ؛ بينما الجانب الثوري " سيكون ضعيفا في البداية عسكريّا لكنّه سياسيّا قويّ و في صعود و يملك قدرا هاما من المبادرة السياسيّة التي يمكن أن تحوّل إلى مبادرة عسكريّة ". و المبادئ السارية المفعول و الطرق التي عرضت في القسم الأخير من " كيف يمكننا الإنتصار..." و المتّصلة بوجه خاص ب" كيف نلحق بهم الهزيمة " هي تطبيقات خاصة لمبادرة التعاطى مع هذا التناقض .
و المبدأ العام النابع من هذا التناقض هو واقع أنّه متى إنطلق النضال الشامل سيحتاج إلى أن يكون طويل الأمد لكن أيضا محدّدا زمنيّا . و ب" طويل الأمد " نعنى ممتدّ زمنيّا – لن يكون وضعا حيث يمكن للنتيجة ، إن كان مواتية للثورة ، قد تتحدّد في فترة زمنيّة قصيرة للغاية ؛ و ب" محدّد زمنيّا " نقصد وجود حدود زمنيّة معيّنة – ليست ممتدّة إلى ما لا نهاية له زمنيّا . و إعتبارا لهذا ، في البداية ، سيكون ميزان القوى بالتأكيد تقريبا بصفة ثقيلة لصالح القوى المعادية للثورة ( قوى الطبقة الحاكمة القديمة و القوى المقاتلة معها من أجل إلحاق الهزيمة بالثورة ) في ما يتّصل بتنظيمها و تجربتها العسكريّتين و كذلك بتسليحها ، ستحتاج القوى الثوريّة أن تمدّد زمنيّا ( تطيل ) النزاع لفترة معيّنة لأجل تحويل الوضع إلى وضع تتمكّن فيه من تجاوز نقاط ضعفها الإستراتيجيّة . و في الوقت نفسه ، نظرا لكون هذا النضال الشامل يجب أن تشنّه فحسب القوى الثوريّ’ حين تكون في وضع يتميّز بأزمة ثوريّة عميقة و حادة و بشعب ثوري يعدّ الملايين و الملايين ؛ و إن كان النزاع طويل الأمد لفترة أكثر من اللازم ، و إن لم تتقدّم الثورة في فترة زمنيّة محّددة إلى حدّ لا بأس به إلى وضع تصبح لها فيه اليد العليا ، عندئذ ميزات الوضع الثوريّ ستنزع إلى التبخّر و ستتحوّل المبادرة إلى يد الثورة المضادة ، و ولاء أقسام هامة من المجتمع منها فئات الطبقة الوسطى الذى خسرته الطبقة الحاكمة القديمة قبلا ، ستستعيد كسبه إلى درجة قد تمكّنها من هزم الثورة . و يلمس هذا نقطة هامة جدّا من التوجّه الإستراتيجي : حين نبلغ ذلك ، ما سيحصل على ساحة المعركة سيكون حاسما فى تحديد النتيجة لكن بالنسبة إلى القوى الثوريّة ، أحد الأهداف المفاتيح للقتال ستكون زرع اليأس و تفكيك صفوف الجانب الآخر ، كلّ من قوّاته المقاتلة العمليّة و " سندها المدني " الأوسع بما يؤدّى إلى مزيد خسارة الجانب المعادي للثورة للولاء و المبادرة و إلى درجة نجاح هذا ، سيكون عنصرا مفتاحا فى تحوّل ميزان القوى إلى صالح الثورة . و لن يعني الصراع الشامل مجرّد المضيّ ضد القوى المؤسّساتيّة للطبقة الحاكمة القديمة و إنّما سيعنى كذلك " حربا أهليّة بين قسمين من الناس " ، ما يتطلّب من الثورة أن تهزم و تفكّك و أيضا قدر المستطاع أن تكسب أجزاءا من القوّات المسلّحة و من الناس الذين كانوا على الجانب الآخر...
بداية ، ستحتاج " القوى التي تمثّل العامود الفقري " – خاصة الشباب الملتزم إلتزاما قويّا و المشارك بنشاط في الثورة - إلى أن تتحوّل إلى " قوّات قتاليّة منظّمة في المناطق الإستراتيجيّة المفاتيح " و إلى أن يتوفّر لها التدريب و التجهيز الضروريّين . و سيرتهن القيام بهذا بالإعتراف بأن يظهر بوضوح الوضع الثوري . فمن جهة ، محاولة القيام بهذا قبل الإقتراب المباشر لوضع ثوريّ سيؤدّى بالتأكيد تقريبا إلى إستهداف سهل لهذه الجهود و إلى سحقها بسرعة . و من الجهة الأخرى ، متى صار لدينا وضع ثوري ، سيجعل تمزّق " الظروف العاديّة " و " السير العادي " للنظام الذى سيعنيه مثل هذا الوضع ، سيجعل من الممكن ليس تنظيم و تدريب و تجهيز القوّات القتالية للثورة بيسر و سلاسة فحسب و إنّما سيعبّد الطريق جرّاء تفاقم الوضع لأساس القيام بهذا . المسألة هي أنّ القيام بهذا دون التعرّض إلى السحق ، سيكون سيرورة من الصراع الشديد لكن الوضع الجديد الدراماتيكي سيوفّر إمكانيّة خوض هذا الصراع المنطلق فيه و كسبه .
و كذلك ، سيعنى أيضا توفير الحاجيات اللوجستيكيّة للقوّة القتاليّة الثوريّة و تمكينها من الشروع في القتال الشامل دون التعرّض للسحق الفوريّ و تاليا ، سيمكّنها من إعادة التجمّع بسرعة و مرّة أخرى تتّخذ المبادرة و تحافظ على الزخم عامة و لا تتعرّض لا إلى " الإيقاف" و لا إلى السحق ، كما سيعنى صراعا شديدا و سيتطلّب إلحاق الهزيمة بتطويقات العدوّ و هجماته و التدخّل الموجّه ضد القواعد القويّة للثورة وهو[ العدوّ ] يركّز على البحث عن مكان و عن تحطيم الذين يشكّلون القوّات القتالية الثوريّة و مواردها اللوجستيّة ز و يتطلّب كلّ هذا عمليّات " إعادة توجيه " و المفاجأة . و سيرتهن بمزيد تنظيم الملايين ، أبعد من العامود الفقري للقوات القتالية ، بالملموس ك " قوّات إحتياطيّة " و كشبكات دعم و تزويد لهذه القوات القتالية ، و بإرادة و قدرة هذه " القوّات الإحتياطيّة " على " إستيعاب " و حماية القوّات القتاليّة و تجهيزاتها و تزويدها اللوجستي ، و تمكينها من إعادة التجمّع بسرعة و المسك بالمبادرة . و سيتطلّب هذا كذلك " تعديلا " متواصلا في حجم الوحدات القتاليّة و عمليّاتها في أيّ زمن معطى لتمكينها إثر إنهاء إلتزام من الإختلاط ب" القوى الإحتياطيّة " الثوريّة الأوسع بينما في الوقت نفسه ، يجرى توفير الظروف للسماح لها بالبقاء ناشطة ، تتدرّب و تواجه أكثر العدوّ .
مقاربة إفتكاك التجهيزات العسكريّة من العدوّ مهمّة بالنسبة إلى أيّة قوّة ثوريّة تشرع في مواجهة عدوّ له ميزة شاملة في السلطة المدمّرة و لبعض الوقت ، له قدرة أكبر بكثير لإنتاج المزيد من ذلك. لكن يشدّد " كيف يمكننا الإنتصار... " كذلك على أنّ إستخدام التجهيزات المفتكّة من العدوّ يجب أن يجري بطرق " تنسجم مع إستراتيجيا قتال الثورة " . ليست كلّ التجهيزات التي يمكن أن تُفتكّ من الجانب الآخر قابلة للإستخدام من قبل القوات الثوريّة – فمحاولة إستعمال بعض الأجهزة المستولى عليها يمكن أن يفرض متطلّبات و قدرات لوجستيّة ليس بمقدور الثورة أن تلبّيها أو تعتمدها بصفة مستدامة و / أو قد تدفع القوات الثوريّة إلى القتال بطرق قد تمضى ضد إستراتيجيا الثورة التي نحتاج إلى إتّباعها ، و / أو قد تدوس المبادئ و الأهداف الأساسيّة التي من أجلها تقاتل الثورة . و لهذا صلة وطيدة بما تعنيه الثورة كلّها في المقام الأوّل ، و كذلك بما إذا كانت أو لم تكن لها فرصة حقيقيّة للنجاح و قد أكّدت وثيقة " كيف يمكننا الإنتصار... " على أنّ القوّات القتالية للثورة يجب " دائما أن تقوم بعمليّات و تتحرّك بأشكال تنسجم مع النظرة و الأهداف التحريرية للثورة " . و إلى جانب ذلك يجب تطوير وسائل لتشريك جماهير الشعب في صناعة تجهيزات يمكن أن تستخدمها القوّات الثوريّة و إيجاد طرق لتطوير إستعمال قدر كبير من التجهيزات المستولى عليها من العدوّ تتماشى مع التوجّه الإستراتيجي للثورة و طرق قتالها و أهدافها . و سيكون كلّ هذا حيويّا للتقدّم و في نهاية المطاف لنجاح الثورة .
و مثلما تمّ التشديد عليه في " كيف يمكننا الإنتصار... " ، ستحتاج القوى الثوريّة إلى القتال فقط على نحو موات و إلى تجنّب المواجهات الحاسمة التى تحدّد نتيجة كامل المآل ، إلى أن يتحوّل ميزان القوى بصفة طاغية إلى صالح الثورة . و ينجم هذا عن ما وقع نقاشه بالنظر إلى القوّة التدميريّة الأعلى بصفة كبيرة للثورة المضادة في بداية القتال برمّته . و يهمّنا كذلك التشديد على أنّ هذه ليست مجرّد مسألة توجّه و رغبة من جانب القوى الثوريّة . فإعتبارا لقوّته المتفوّقة بشكل طاغي، لبعض الوقت سيبحث العدّو بإستمرار تحديدا عن دفع الثوريّين إلى أوضاع حيث إمّا سيضطرّون إلى قتال معارك حيويّة يرجّح أنّها ستخسرها ، أو سيكون عليها أن تستسلم تمام الإستسلام – ما يؤدّى إلى الهزيمة التامة للثورة أو وضعها على طريق الهزيمة . و النقطة هي أنّ القدرة على التجنب الممكن للمواجهات الحيويّة الكارثيّة مع العدوّ ستكون بذاتها محلّ صراع حاد بما في ذلك إمكانية أن تجد القوى الثوريّة ذاتها عادة مجبرة على خوض نضال مصمّم لا لشيء إلاّ لتجنّب الوقوع في أحابيل وضع يكون عليها فيه أن تقاتل في مواجهات حيويّة كهذه أو تستسلم . هذا هو سبب كلام " كيف يمكننا الإنتصار..." بنشاط عن تجنّب المواجهات الحيويّة غير المواتية و القتال فقط في أوضاع مواتية للثورة . و لهذا يقع التأكيد كذلك على أنّه حتّى عندما يكون " ميزان القوى " قد تحوّل إلى صالح الثورة ، سيظلّ من الضروريّ ، عند القيام بعمليّات تهدف بلوغ الإنتصار النهائي ، أن يستمرّ " تقدير معايير " هذه العمليّات ، " كي نستمرّ فى تجنّب المواجهات الحاسمة إلى أن تصبح قوى النظام القديم على حافة الهزيمة التامة " – حينما يحين زمن " كسر شوكة قوى العدوّ المتبقّية و نفكّكها كلّيا ونهائيّا ."
و إعتبارا لذات المشاغل ، فيما يتمّ الحديث عن أهمّية بناء الأسس السياسيّة و اللوجستيّة لدعم الثورة ، في الوقت نفسه ، تؤكّد وثيقة " كيف يمكننا الإنتصار ... " على أنّ القوى الثوريّة " لا يجب أن نحاول السيطرة و التحكّم بصورة مفتوحة على الأرض إلى أن يتمّ بلوغ " ميزان قوى مناسب لنا " . فمحاولة القيام بهكذا أمر بصفة مبكّرة سيجعل من هذه المنطقة و الذين يقطنونها و القوى الثوريّة التي تدافع عنها و تحكمها ، عرضة بدرجة عالية إلى هجمات العدوّ الذى يملك ، مرّة أخرى ، قوّة تحطيم أكبر بكثير ؛ و سيضع الثوريّين في موقع تحمّل مسؤوليّة – ما سيكون في هكذا ظروف عبئا لا يمكن تحمّله – توفير المتطلّبات الأساسيّة لسير المجتمع و حياة الناس صلبه. المسألة و الهدف هما خوض النضال من أجل إلحاق الهزيمة التامة بقوّات النظام القديم و تفكيكها و على ذلك الأساس إنشاء دولة جديدة ، دولة ثوريّة يمكن أن تشرع في التغيير الشامل للمجتمع بهدف أسمى هو تجاوز و إلغاء كافة علاقات الإستغلال و الإضطهاد ، في كلّ ركن من أركان العالم .
و هذا الهدف الأسمى و التوجّه الأممي للثورة هو كذلك سبب حديث " كيف يمكننا الإنتصار... "عن الحاجة إلى قوى ثوريّة في البلاد لمعالجة صحيحة للعلاقة بين القتال الشامل ، متى حان الوقت ، و الوضع – بما فيه طبيعة النضال الثوري و مستواه – في بلدان إلى الجنوب ( و الشمال ). و كما نعلم ، تأسّست هذه البلاد عبر و بواسطة الحرب ؛ و كما تكلّمت عن ذلك آنفا ، توسّعت بإستمرار مناطقها و مدى إمبراطوريّتها من خلال الغزوات الحربيّة و الإستعباد و أشكال أخرى من منتهى الإستغلال . في إنجاز القتال للإطاحة بالحكم العنيف لهذا النظام ، في آن معا كمسألة توجّه و مبدأ و بمعنى تعزيز أساس تحقيق الظفر ، سيكون من الحيوي رفض الإلتزام بالحدود التي تركّزت و الجدران التي أقيمت عبر القتل و الإجرام المقترفين من قبل الرأسماليّين - الإمبرياليّين الحاكمين لهذه البلاد ، و بدلا من ذلك ينبغي الوحدة بنشاط مع الشعوب إلى الجنوب و الشمال ، في القتال ضد هذا الوحش الرأسمالي- الإمبريالي ، و التقدّم بالثورة عامة ، في هذا القسم من العالم و في العالم ككلّ .
و على عكس القوى الثوريّة ، قوى النظام القديم ، لا سيما حين تواجه بأفق أنّ نظامها الإضطهادي يمكن عمليّا أن يُطاح به و أن يتفكّك ، ستلجأ إلى كافة أصناف الوحشيّة للحفاظ على هذا النظام . و كما وضع ذلك في " بصدد إمكانيّة الثورة " :
" لا يعنى هذا أنّ الإمبرياليين سيتورّعون عن جلب قوّة تحطيم هائلة ضد الثوريّين و جماهير الشعب التى تساندهم – نظرا لطبيعتهم الرجعيّة ، سيكون من الضروري إعتماد واقع أنّ الإمبرياليين سيقومون بذلك – غير أنّ المسألة الحيويّة ستكون ما إذا ، عبر كلّ هذا ، سيتمكّن الإمبرياليّون من عزل قوى الثورة المنظّمة وتحطيمها أم أنّ بالعكس هذه الأعمال الوحشيّة للإمبرياليين ستعمّق كره الأعداد المتنامية من الناس تجاه الإمبرياليّين و تضاعف تصميم الذين يساندون بعدُ الجانب الثوري و تكسب الناس أكثر إلى التعاطف معه و دعمهم عمليّا للقضيّة الثوريّة . " ...
و أيضا سيكون " قطع رأس " قيادة الثورة و تحطيم أو عرقلة وسائل التنسيق و التوجيه العامين للقوى الثوريّة من أهمّ أهداف الثورة المضادة . و تشدّد " كيف يمكننا الإنتصار... " تشديدا صحيحا على أهمّية " التعويل على دعم الجماهير و المعلومات الإستخباراتيّة التي توفّرها للثورة و منع العدوّ من الحصول على معلومات إستخباراتيّة و معارضة مساعى العدوّ إلى إيجاد و تحديد موقع القيادة الثوريّة و سحقها هي و الوحدات القتاليّة المفاتيح " و أهمّية المزج بين " التوجه و التنسيق الإستراتيجيّين للقتال ككلّ ، مع العمليّات و المبادرة اللامركزيّتين للوحدات و القيادات المحلّية ". و هنا مجدّدا ، تبرز أهمّية كلّ العمل ، من هنا فصاعدا لبناء الثورة في صفوف الجماهير الشعبيّة في عدّة فئات مختلفة من المجتمع . إلاّ أنّه يجب مواجهة ذلك مواجهة وجه لوجه ، متى حان وقت ذلك ، حتّى بدعم واسع و عميق من الجماهير و حماية القيادة خاصة لبّ القيادات العليا للثورة ، و الحفاظ على التنسيق الشامل و التوجّه الإستراتيجي الشامل و القدرة على التعويض السريع للقيادات و القوى التي نخسرها ، و سيظلّ ذلك تحدّيا جدّيا ؛ و بدوره يجب الإعداد له و النضال من أجله بنشاط ، بما في ذلك التقدّم ب و تنمية صفوف القيادات الثوريّة الآن و تدريب و صهر القادة من خلال المزج بين المساهمة النشيطة في بناء الثورة و التمكّن بأكثر فأكثر عمق من النظرة و المناهج العلميّة للشيوعيّة كما تطوّرت أكثر مع الشيوعيّة الجديدة .
و يعيدنا هذا خلفا إلى النقطة الحيويّة بأنّ كلّ ما تحدّثنا عنه فى ما يتّصل بكيف يمكننا أن نلحق الهزيمة بهم ، متى حان الوقت ، " يعتمد كلّ هذا على كسب الملايين إلى جانب الثورة فى الفترة التى تؤدّى إلى نضج الوضع الثوري " ...
هنا ، يمكن أن يكون مفيدا النظر في نقاط الشبه و نقاط الإختلاف بين السيرورة الثوريّة في بلد مثل هذا و من الجهة الأخرى، ما حدث في بعض بلدان العالم الثالث أين سمحت الظروف للثوريّين بخوض نضال مسلّح منذ بداية السيرورة الثوريّة - الإنطلاق في معارك قتاليّة ضد أجزاء صغيرة من قوّأت العدوّ بهدف بلوغ نقطة تحوّل " ميزان القوى " إلى صالحها فتصبح وقتها قادرة على خوض معاركىعلى نطاق أوسع لتلحق فى النهاية الهزيمة بقوّات النظام القديم . لها بضعة أشياء مشتركة مع كيف سيخاض النضال الشامل فى بلد مثل هذا ، متى نشأت ظروف ذلك . لكن هناك إختلافات هامة . فى هذا الصنف من البلدان ، لن ينطلق الكفاح المسلّح - و لا ينبغى أن ينطلق – إلى أن ينشأ وضع ثوريّ فى المجتمع ككلّ ، ثمّ سيكون هذا النضال على إمتلاكه لمظهر معيّن من طول الأمد ، بصفة معتبرة أقصر ( أكثر تحديدا ) مقارنة مع السيرورة العامة للحروب الثوريّة الطويلة الأمد التى خيضت فى بلدان العالم الثالث . فى بلد مثل هذا ، هناك حاجة إلى سيرورة سياسيّة و إيديولوجيّة و إلى عمل تنظيمي لإنجاز هذه " الإعدادات الثلاثة " للتسريع فى تطوّر الأشياء بإتّجاه الوضع الثوريّ و حينها سيكون من الممكن شنّ نضال شامل بفرصة حقيقيّة للظفر ، من خلال سيرورة نوعا ما طويلة الأمد لكن أيضا محدودة زمنيّا . [ " الإعدادات الثلاثة " هي : إعداد الأرضيّة ( الوضع في المجتمع ككلّ ) ، إعداد الناس ، و إعداد القيادة الطليعيّة للثورة ] .
لنلخّص ذلك بإقتضاب : الحروب الثوريّة فى العالم الثالث - الكفاح المسلّح من البداية ، و فترة كاملة طويلة المد لإنشاء أساس لمعارك حيويّة نهائيّة ؛ بينما الثورة فى بلد كهذا : سيرورة سياسيّة و إيديولوجيّة و عمل تنظيمي للتسريع و الإعداد لتطوّر وضع ثوريّ على أساسه يمكن شنّ قتال شامل و خوضه لمدّة نوعا ما طويلة الأمد لكنّها أيضا محدودة زمنيّا.
فى كلا النوعين من الأوضاع ن هناك مظهر " الإنتظار " و كذلك مظهر " التسريع " . و حتّى حيث تمكّن الثوريّون في بلدان العالم الثالث من خوض حرب من البداية ، كان عليهم إنتظار و هم يقاتلون بنشاط ، ظهور الوضع الذى يمكنهم فيه بنجاح خوض معارك حيويّة على نطاق واسع ( و أحيانا صارت الأمور طويلة الأمد إلى درجة أنّها غرقت في ذلك ، دون أفق للظفر ) . و في كلا الوضعين ، كلّ ما يقوم بع الثوريّون يحتاج أن يهدف إلى بلوغ نقطة حيث يمكنهم المضيّ في نضال شامل ليهزموا في نهاية المطاف و يفكّكوا الفارضين العنيفين للنظام الإضطهادي القديم . لكن الطرق و السيرورات مختلفة إعتبارا للظروف المختلفة . و المسألة هي أنّ كلّ ما نقوم به طوال الوقت جزء من القيام بالثورة - العمل بنشاط وفق مقاربة و خطّة إسترتيجيّتين لدفع الأشياء بأسرع ما أمكن بإتّجاه زمن يصبح فيه من الممكن للملايين أن يقاتلوا قتالا شاملا ، بفرصة حقيقيّة للظفر .
لهذا ، بهذا الفهم و التوجّه ، كيف سننفّذ التسريع بينما ننتظر ؟ وسائل القيام بذلك مكثّفة في صيغة : " لنقاوم السلطة ، و نغيّر الناس ، من أجل الثورة ". و لنبدأ مع هدف كلّ هذا في كتاب" الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته "3:1، وضعت المسألة على النحو التالي : " لنمض إلى الأساسي : نحتاج إلى ثورة . و أيّ شيء آخر ، في نهاية التحليل هراء ". (8) هذه حقيقة بسيطة و أساسيّة أخرى . نحتاج أن نتوجّه إلى الناس – ليس فقط إلى شخص أو شخصين ، ليس فقط إلى عدد قليل من الناس ، و إنّما إلى جماهير الشعب ، في كامل أنحاء البلاد ، في كلّ زوايا المجتمع – مباشرة – بالثورة. – بدلا من مجرّد ترك الإطار المحدّد " حيث هم " و محاولة نوعا ما " زرع " فكرة ما عن الثورة ضمن إطار محدود . و مثلما يُواصل " الأساسي ..." 3:1 في القول : " نحتاج إلى الوحدة مع الناس في كافة أنواع النضالات دون الثورة ؛ لكن صراحة من السخافة التفكير في أنّ شيئا أقلّ من الثورة يمكن أن يعالج كافة المشاكل الضخمة و الفظائع الهائلة التي يواجهها الناس في ظلّ هذا النظام . و على أساس التوجّه إلى الناس مباشرة بالثورة ، ننطلق من ذلك المكان . نحتاج الوحدة مع أناس في النضال ضد الظلم و الإضطهاد و النضال لكسب المزيد و المزيد من الناس لرؤية الحاجة إلى الثورة و إمكانيّتها و التفاعل مع ذلك ...
و يعود هذا إلى تناقض هام لفهتمام الحقيقي للملايين و الملايين من الناس بواحد أو أكثر و الكثيرون يهتمّون بجميع هذه " أوقفوا الخمسة " ، لكن بمعنى فهم من أين تتأتّى كافة هذه الفظائع و ما هو ضروريّ لوضع نهاية فعليّة لها ، معظم ذات هؤلاء الناس لا يعرفون شيئا و رؤوسهم في الوحل . لذا في حين نتوحّد و نعمل للتقدّم بما لا يزال يمثّل أعدادا أكبر من الناس في الإحتجاج على فظائع هذا النظام و مقاومتها ، هناك حاجة إلى صراع حاد لكسبها لمواجهة و إدراك واقع أنّه بمعنى جوهريّ ، هذا النظام هو مصدر كافة هذه الفظائع و لا يمكن إصلاحه بل يجب الإطاحة به .
هذا هو العمل الثوريّ الذى يجب إنجازه ، بالتنمية المتواصلة لأعداد من الناس المنظّمين في صفوف الثورة و بالعمل الجماعي في إنسجام مع توجّه و خطّة مشتركتين . و يجب القيام بهذا بثبات و بما في ذلك في أكثر الأوقات " عاديّة " ( مهما كانت ) و في منتهى الأهمّية " مع كلّ " هزّة " في المجتمع – كلّ أزمة ، كلّ فظائع جديدة حيث عديد الناس يتساءلون و يقاومون ما يقبلون به عادة ...
و تؤكّد " كيف يمكننا الإنتصار... " :
" يجب أن تغدو القوى المنظّمة و قيادة هذه الثورة " السلطة " التى ينظر إليها و تتبعها أعداد متزايدة – و ليس سياسيّو و وسائل إعلام هذا النظام ، محترفو الكذب – و ليس أولئك الذين يوجهون الجماهير ضد بعضها البعض بينما هي فى حاجة إلى الوحدة من أجل هذه الثورة . "...
الثورة ممكنة – و علينا المضي للعمل من أجل تحقيق هذه الإمكانية في الواقع . لذا دعونى أختم بما جرى التأكيد عليه بقوّة في نهاية " كيف يمكننا الإنتصار – كيف يمكننا فعلا القيام بالثورة " :
" يعتمد كلّ هذا على كسب الملايين إلى جانب الثورة فى الفترة التى تؤدّى إلى نضج الوضع الثوري و إلى فرصة إلحاق الهزيمة بهم عندما يحين الوقت – فرصة التخلّص من هذا النظام و إنشاء شيء أفضل بكثير – علاقة وطيدة بما نفعله الآن . و يحتاج كلّ من يتطلّع إلى عالم مختلف راديكاليّا ، خالى من الإستغلال و الإضطهاد و العذابات غير الضروريّة التى يتسبّب فيها هذا النظام ، إلى العمل الآن بتصميم ناري لجعل هذا يحدث كي تتوفّر لنا فرصة حقيقيّة للإنتصار . "
الهوامش :
1. The 5 STOPS are:
STOP Genocidal Persecution, Mass Incarceration, Police Brutality and Murder of Black and Brown People!
STOP The Patriarchal Degradation, Dehumanization, and Subjugation of All Women Everywhere, and All Oppression Based on Gender and Sexual Orientation!
STOP Wars of Empire, Armies of Occupation, and Crimes Against Humanity!
STOP The Demonization, Criminalization and Deportations of Immigrants and the Militarization of the Border!
STOP Capitalism-imperialism from Destroying Our Planet!
2. The text and film of Why We Need An Actual Revolution And How We Can Really Make Revolution, a speech by Bob Avakian in 2018, is available at revcom.us in BA’s Collected Works.
3. The Constitution for the New Socialist Republic in North America is available at revcom.us.
4. From the Central Committee of the Revolutionary Communist Party, USA: How We Can Win—How We Can Really Make Revolution, which is available at revom.us.
5. On the Possibility of Revolution, Letter from a Reader... and Response, Revolution #102, September 23, 2007, is available at revcom.us.
6. Bob Avakian, THE NEW COMMUNISM, The science, the strategy, the leadership for an actual revolution, and a radically new society on the road to real emancipation (Insight Press, Chicago, 2016).
7. Birds Cannot Give Birth to Crocodiles, But Humanity Can Soar Beyond the Horizon, Part 1 and Part 2, by Bob Avakian is available at revcom.us.
8. BAsics, from the talks and writings of Bob Avakian (RCP Publications, Chicago, 2011).
(16)
حالة طوارئ : سلاسل تقيّد الذين هم في حاجة بيأس إلى التحرّر
رسالة من بوب أفاكيان ، القائد الثوري و مؤلّف و مهندس إطار جديد تماما لتحرّر الإنسانيّة : الشيوعيّة الجديدة
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 815 ، 14 أوت 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/state-emergency-chains-people-who-desperately-need-be-free

حالة طوارئ : جماهير الشعب محبطة و مضَلَّلة : محرومة من أمل حقيقيذ ... تجرى وراء أوهام قاتلة ... تتمسّك بيأس بأشياء ليست واقعيّة ... و تنغمس في المساعي البديهيّة بينما ترفض بعناد مواجهة الواقع الأشمل ...تسعى إلى تحويل الإهانة على رأس مال ... تنقسم بمرارة و تقيم وليمة للهراء ... و تحاول أن تصنع علامة و تخدع و حتّى تقتل بعضها البعض .
قيود ، قيود ، قيود – قيود الغباء
اليوم ، يقع الكثيرون في أحابيل " 3 M + P ".
ما هي"3 M + P " ؟ أنا ، أنا ، أنا ... المال ، المال ، المال ... كره النساء و البطرياركيّة .
( Me,me,me …Money ,money,money…Misogyny and Patriarchy )
كلّ طرق التفكير و التصرّف التي تعكس و تعزّز هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يضطهد بخبث الناس ، هنا و عبر العالم قاطبة . كلّها يتمّ التشجيع عليها و تُضخّ في " الثقافة الشعبيّة " بما فيها موسيقى الهيب هوب ( كيف صار ذلك مهيمنا على الهيب هوب ، و كيف أفسد ذلك عمليّا هذا الشكل الفنّيّ المبدع ، الذى يمكن و يجب أن يكون صوتا قويّا للتحرير – هذه حكاية أخرى ، لها صلة وثيقة بكيف أنّ الأشياء في نهاية المطاف تتحكّم فيها السلطات الحاكمة التي تهيمن عموما على هذا النظام المريض الرأسالي - الإمبريالي ).
هذه قيود حقيقيّة تأسر الناس – خاصة منهم الذين هم مضطهَدون بأكثر فظاعة و بشكل قاتل في ظلّ هذا النظام .
كره النساء – Misogyny: كره النساء و تعريضهنّ إلى الإهانة بطرق لا تحصى و لا تعدّ .
البطرياركيّة [ النظام الأبوي / الذكوري ] : علاقات فيها يُعتبر الرجال متفوّقين على النساء و يتحكّمون فيهنّ ، بينما يعامل المثليّون و المتوحوّلون و المزدوجون جنسيّا على أنّهم غير شرعيّين و هم عُرضة إلى كره و تجاوزات و إزدراء .
ثمّ هناك الBEB . ما هو الBEB ؟ إنّه الهراء الإنتخابي البرجوازي ( Bourgeois Electoral Bullshit ) : الفكرة السخيفة أنّكم تغيّرون النظام الذى يفترسكم بخبث – و ملايين و مليارات البشر مثلكم ، في هذه البلاد و عبر العالم – و ذلك بالتصويت لهذه المجموعة أو تلك من العقبان البرجوازيّين ( الرأسماليّين ) .
و ما الذى يمثّل احد القيود الكبرى الأخرى التي تأسر الناس – يفترض أنّه يخفّف لكنّه في الواقع يؤبّد ألم الشعور باليأس و بفقدان القدرة على وضع نهاية للعذابات التي يتعرّض إليها العديدون اليوم ؟
الدين .
ما هو الدين ؟ إنّه الترويج المنظّم للإعتقاد في أنّ الأشياء قد وقع خلقها و يقع التحكّم فيها من طرف إلاه أو آخر ، وهو في الواقع غير موجود و قد إخترعه الناس – مع الكثير الذين يلقّنون الإيمان بأنّه إذا ما كانت الأشياء كما هي ، فإنّ ذلك يعود إلى " الإرادة " المفترضة للإلاه .
و كما كتبت قبلا : " بينما ندافع عن حقّ الناس في الدين – و نتّحد مع المتديّنين الذين يتّخذون مواقفا إيجابيّة في القتال ضد الإضطهاد – من المهمّ بحيويّة أن نناضل بثبات و صرامة من أجل منهج و مقاربة علميّين و ليس دينيّين للواقع ، و أن نخوض قتالا شرسا و بلا هوادة ضد السمّ المعادى للعلم المنتشر في صفوف الجماهير الشعبيّة باسم الدين . " (*)
تعلّم العيش بالقيود – الركوع لفارضي القيود ، التفاخر و كيل المديح للقيود ... أم كسر القيود كلّها .
هذا هو الخيار .
أعرف أنّ بعض الناس لا يحبّون قولى كلّ هذا . لكنّى سأقوله على أيّ حال لأنّنى كثوريّ يكرّس نفسه لتحرير الإنسانيّة من كلّ القيود التي تأسر الناس و تخضعهم ، أعترف بمسؤوليّة قول الحقيقة للناس ، حتّى و إن أزعجت البعض ، في البداية. و أنتم جميعا الذين تعرفون أنّ هذا صحيح : تحتاجون إلى قول ذلك أيضا ، عليكم أن تقولوه و بصوت عال .
حان الوقت ، و منذ زمن بعيد ، لكسر هذه القيود الذهنيّة ، لبلوغ موقع كسر كلّ قيود العبوديّة المعاصرة لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . حان الوقت لتبنّى النظرة العلميّة و المنهج الإستراتيجي و البرنامج و الأخلاق و القيم التي يمكن أن تقود الناس إلى التحرّر في نهاية المطاف : الشيوعيّة الجديدة . حان الوقت لأن تصبحوا من محرّرى الإنسانيّة الثوريّين .
الحقيقة الصعبة ، الحقيقة التحريريّة .
(* ) الموقف المقتطف أعلاه ( المشار إليه ب * ) من مقال " الإلاه و التحيّز و الإضطهاد و الرعب ؛ و طريق الخروج من هذا الجنون " . و هذا المقال و أعمال هامة أخرى لبوب أفاكيان – بما فيها تلك التي تتحدّث عن لماذا هذا " زمن نادر " حيث تصبح الثورة الفعليّة ممكنة أكثر – يمكن العثور عليها على موقع أنترنت revcom.us/
(17)
الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر - الجزء الثالث : الحرب الأهليّة والثورة
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 815 ، 14 أوت 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/revolution-real-chance-win-part-3

مقدّمة : يحاجج بعض الناس بأنّ محاولة القيام بثورة فعليّة للإطاحة بالنظام الرأسمالي – الإمبرياليّ الحاكم في هذه البلاد، و مواجهة القوّات المسلّحة القويّة لهذا النظام ، سيكون بمثابة عمليّة إنتحاريّة . و هذا شيء تحدّثت عنه قبل عدّة سنوات الآن في خطاب " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة " :
" يؤكّد عديد الناس بمن فيهم عديد الذين يقولون إنّهم يودّون رؤية حدوث تغيير جذريّ في المجتمع أنّ الثورة غير ممكنة لأنّ " هم " أقوياء جدّا و " الجماهير تختلط عليها الأمور جدّا ". حسنا ، صحيح أنّ الجماهير الشعبيّة متشكّلة كما شكّلها النظام ، في أيّ جزء من أجزاء المجتمع ، لا تعرف أي شيء تقريبا و رؤوسها في الوحل لمّا يتعلّق الأمر بفهم كيف هي الأمور حقّا و لماذا هي كما هي و ما يمكن و يجب القيام به بهذا المضمار . لكن هذا يقف في تناقض حاد مع حقيقة هامة أخرى – أنّ ملايين الناس يهتمّون حقّا لواحد أو أكثر و الكثيرون منهم يهتمّون حقّا بكل " أوقفوا الخمسة " . و هذا تناقض علينا أن نشتغل عليه لدفع الجماهير الشعبيّة بإتّجاه الثورة التي نحتاج إليها لنضع في نهاية المطاف نهاية لهذه " أوقفوا الخمسة " و الظروف الفظيعة التي تتعرّض إليها بإستمرار جماهير الإنسانيّة . [ و تحيل " أوقفوا الخمسة " على التناقضات الإجتماعيّة الكبرى و أشكال الإضطهاد و التدمير المبنية في هذا النظام الرأسمالي الإمبريالي و التي لا يمكن القضاء عليها إلاّ عبر ثورة تطيح بهذا النظام .] (1)
و صحيح كذلك أن السلطات الحاكمة لهذا النظام بآلة القتل و الدمار التي تستخدمها لفرض هذا النظام ، بالفعل هي قويّة للغاية . لكن جزءا كبيرا من الصعوبة التي يواجهها الناس في تصوّر أنّه بوسعنا عمليّا إلحاق الهزيمة بهم هو عدم قدرتهم على أن يرتأوا وضعا مختلفا راديكاليّا عن السير " العادي " لهذا النظام ، وضع حيث بالنسبة لأجزاء كبرى من المجتمع ، " قبضة " الطبقة الحاكمة على الشعب – قدرتها على التحكّم فيه و التآمر عليه و بثّ الرعب في صفوفه – تنكسر و تضعف بصفة كبيرة ، جوهريّا ، لا يقدر الناس على تصوّر هذا لأنّهم لا يقاربون الأشياء بنظرة و منهج علميّين . (2) ( التشديد مضاف )
و هذه السلسلة من خمسة مقالات تتحدّث بصفة أتمّ عن لماذا مثل هذه الثورة ليست ضروريّة بصفة إستعجاليّة الآن فحسب بل لماذا ، بواسطة المقاربة العلميّة الصحيحة ، يمكن لمثل هذه الثورة بالفعل أن تحصل على فرصة حقيقيّة للنجاح – و لماذا أي شخص يرغب حقّا في رؤية عالم مغاير راديكاليّا ، دون كافة الفظائع التي يفرزها بإستمرار و حتّى الفظائع الأكبر بالنسبة إلى الإنسانيّة التي يهدّد بها هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، يحتاج أن يشارك بنشاط في العمل بلا كلل و بتصميم مستند إلى العلم ، من أجل الثورة .
و التالي ، من " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا " (3 ) ، يمثّل المقال الثالث من سلسلة مختارات من خطاباتي و كتاباتي التي تتحدّث عن كيف نمضى إلى إنجاز ثورة في هذه البلاد، معبّئين ملايين الناس ، بهدف إلحاق الهزيمة العمليّة بالفارضين بعنف لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، و مُلغين هذا النظام برمّته ، و منشئين نظاما مغايرا راديكاليّا وتحريريّا قائما على دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا. (4)
-----------------------
ما هي الظروف الضروريّة للثورة ؟ بكلمات أساسيّة هي :
" أزمة في المجتمع و في الحكم تكون عميقة و تمزّق " السير العادي للأشياء " بحيث أنّ الذين يحكموننا منذ مدّة طويلة جدّا لم يعودوا قادرين على فعل ذلك بالطريقة " العاديّة " التي إعتاد الناس القبول بها .
شعب ثوريّ يعدّ الملايين و الملايين يكون " ولاءه " لهذا النظام تمزّق و تصميمه على القتال من أجل مجتمع أعدل أكبر من خشيته القمع العنيف لهذا النظام .
قوّة ثوريّة منظّمة – متكوّنة من أعداد متزايدة بإستمرار من الناس من ضمن الأكثر إضطِهادا و لكن أيضا من عديد فئات المجتمع الأخرى – قوّة تعتمد على و تعمل بمنهجيّة لتطبيق المقاربة الأكثر علميّة من أجل البناء للثورة ثم إنجازها ، وهو بصورة متصاعدة محطّ أنظار الجماهير الشعبيّة الباحثة عن قيادتها لإحداث تغيير راديكالي نحتاجه بصفة إستعجاليّة...
و الواقع الآن هو أنّ قسما فاشيّا من الطبقة الحاكمة يمثّله و يكثّفه الحزب الجمهوري ينخرط بنشاط و عدوانيّة في حركة " ذات شقّين " لبلوغ الحكم الفاشيّ و تعزيزه . وهذان الشقّان هما : إفساد السيرورة الإنتخابيّة و المؤسّسات الحكوميّة المفاتيح و التحكّم فيها ؛ و التهديد بإستخدام العنف بما في ذلك عبر تجييش الغوغاء العنيفة . و حاليّا ، يعوّل هؤلاء الفاشيّين بالأساس على الشقّ الأوّل إلاّ أنّ الثاني ( العنف ) " مرافق " له – و من المحتمل أن يتحوّل هذا الأخير إلى وسيلتهم الأساسيّة متى تبيّنت لهم ضرورة ذلك . و على كلّ حال ، إن أفلحوا في ذلك ، سيوظّفون سلطة الحكم بأكملها – بما فيها السلطة التنفيذيّة الرئاسة و المحاكم و الجهاز القضائي و السجون و كذلك الشرطة و الجيش – لسحق معارضة فعليّة للحكم الفاشيّ و سيقترضون بالقوّة برنامجهم لأسطورة " إعادة عظمة أمريكا " على أساس تفوّق البيض العدواني و التفوّق الذكوري الفجّ و العنيف و قمع المتحوّلين جنسيّا و كره الأجانب ( كره و إضطهاد الأجانب و المهاجرين لا سيما القادمين من ما سمّاهم ترامب بمقولته السيّئة الصيت " بلدان ثقب " ) و التأكيد بالقوّة و التطبيل الشوفيني للهيمنة الأمريكيّة و " تفوّق الحضارة الغربيّة " إلى جانب النبذ المتعمّد للعلم و المنهج العلمي بالخصوص حيث يتداخلان مع النهب بلا قيود للبيئة و للبشر أيضا.
و إعتبارا لطبيعة الفاشيّين و أهدافهم و أفعالهم ، توجد إمكانيّة حقيقيّة لنشوب حرب أهليّة فعليّة . و إعتبارا لطبيعة و أهداف و أفعال الفئة " السائدة " من الطبقة الحاكمة ( كما يمثّلها الحزب الديمقراطي و وسائل الإعلام على غرار قناة أم أس أن بى سى و جريدة " النيويورك تايمز " و السى أن أن ) ، و إعتبارا للوضع الراهن للناس من جميع أنحاء المجتمع الذين ينزعون إلى مساندة و سياسيّا إلى التذيّل إلى هذه الفئة " السائدة " من الطبقة الحاكمة ، من الممكن أن يتوصّل الفاشيّون إلى السلطة و يعزّزونها دون خوض حرب أهليّة ، مع كافة التبعات الرهيبة الناجمة عن هذا التعزيز الفاشي للسلطة . أو مثلما وقع التشديد على ذلك في " بيان و نداء " على أنّه يساوى حربا أهليّة من جانب واحد ، قد ينفّذ هؤلاء الفاشيّين مجازرا في حقّ الذين يكنّون ( الفاشيّون ) لهم الكره و منهم اسود و غيرهم من ذوى البشرة الملوّنة و " المهاجرين غير النظاميّين " و " النساء المغرورات " و الذين لا تنسحب عليهم " العلاقات و الضوابط الجنسيّة و الجندريّة التقليديّة " .
في جميع الأحوال ، إنّه لواقع مميت جدّا أنّ هؤلاء الفاشيّين مصمّمون على سحق – بالعنف إن إقتضت الضرورة – أيّ شخص و أيّ شيء في أيّ مكان من المجتمع يقف حجر عثرة في طريق تحقيقهم لأهدافهم المقيتة .
و يضع هذا تشديدا بنقطة تعجّب على ما ورد فى " بيان و نداء ..." عقب هذا مباشرة :
" يحتاج هذا الوضع إلى أن يتغيّر راديكاليّا بحيث تصبح الجماهير الشعبيّة مستعدّة إلى إلحاق الهزيمة بالفاشيّين و فعل ذلك كجزء من التخلّص من النظام بأكمله الذى ولّد هؤلاء الفاشيّين إلى جانب كلّ الفظائع الأخرى التي يقترفها بإستمرار." ...(5)
ليس هذا زمن الحرب الأهليّة في ستّينات القرن التاسع عشر لمّا كان هدف الذين يقاتلون الظلم هو إلغاء العبوديّة و – بمعنى من يحكم المجتمع – النتيجة الممكنة الوحيدة كانت تعزيز و توطيد حكم الطبقة الرأسماليّة الصاعدة المرتكزة في الشمال ، ذلك الزمن قد ولّى منذ مدّة طويلة الآن . و هذا النظام الرأسمالي الذى تطوّر إلى نظام إستغلال و إضطهاد عالميّ ، الرأسماليّة – الإمبرياليّة ، منذ مدّة طويلة فات أوانه – و قد مضى لفترة مديدة تاريخ صلوحيّته ، قد مضت لفترة مديدة أيّة ظروف يمكن أن يلعب فيها أيّ دور إيجابيّ . و الهدف الآن يجب أن يكون تحديدا التخلّص من هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي برمّته .
و ستكون لطبيعة الحرب الأهليّة الجديدة مظاهر مختلفة بدرجة هامة مقارنة بالحرب الأهليّة السابقة لسنوات 1861-186 حيث حاولت منطقة جغرافيّة من البلد هي الكنفدراليّة الجنوبيّة الإنفصال و تكوين بلد منفصل في تلك المنطقة . و اليوم ، القوى الفاشيّة في الجنوب و كذلك في المناطق الريفيّة عبر البلاد و عبر البلاد بأسرها وثيقة الإرتباط جغرافيّا مع فئات من سكّان معارضين لهذه الفاشيّة . أيّة حرب أهليّة جديدة ستخاض بين القوى المتعارضة التي ستكون قريبة جدّا من بعضها البعض - بالمعنى الحقيقي للتشابك الجغرافي - حول البلد . و في آن معا ستكون لهذا نقاط إيجابيّة و أخرى سلبيّة بالنسبة للذين يقفون على الضفّة الإيجابيّة في مثل هذه الحرب الأهليّة ، و سيحتاج الأمر إلى أن يؤخذ بعين الإعتبار في مقاربة خوض هذه الحرب الأهليّة .
( صورة " الولايات الحمراء / الولايات الزرقاء " التقدّم بإستمرار في وسائل الإعلام مضلّلة للغاية في ما يتعلّق بالإنقسامات الجغرافيّة و السياسيّة في البلاد . فهي لا تمثّل صورة دقيقة لتمركز السكّان – فهي لا تحدّد أين تتمركز عمليّا قطاعات من السكّان و بأيّة أعداد داخل الولايات المعنيّة . و بالأخصّ أنّها تستهين بتمركز السكّان في هذه البلاد ككلّ في المناطق المدينيّة بما فيها الضواحى المحيطة بنواتات وسط المدن ، و بكثافة جماهير المضطهَدين لا سيما في نواتات وسط المدن . وهي تستهين كذلك بالمعارضة القويّة للفاشيّين التي أبداها عدد كبير من الناس في المناطق المدينيّة . و هذا التقديم للأشياء في وسائل الإعلام السائدة يُقصد منه تعزيز الشعور بأنّ الإمكانيّة الوحيدة هي مواصلة سير هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، و الخيار الوحيد هو بين قسمين ممثّلين للطبقة الحاكمة لهذا النظام : الحزب الجمهوريّ " الأحمر " أو الحزب الديمقراطي "الأزرق ". ( و بالمناسبة ، يُنسب تاريخيّا اللون الأحمر إلى الشيوعيّة و نسبته هنا إلى الحزب الجمهوري الفاشيّ فظاعة مرفوضة تماما ! )
إنّ الإصطفاف التالى حتّى على الضفّة الإيجابيّة ، في صفوف المعارضين للفاشيّين ، ليس الإصطفاف الذى إليه نحتاج ، ذلك أنّه لن يلبّي متطلّبات التحدّى العميق و الملحّ لهذه الأزمنة . و لهذه الأسباب المناقشة في هذا الخطاب ، لا يمكن أن توجد هزيمة حقيقيّة و دائمة لهؤلاء الفاشيّين في إطار الديمقراطيّين ، في إطار ما كان لأجيال ، " ضوابط " الحكم الرأسمالي " الديمقراطي " لهذه البلاد . جوهريّا ، لا يمكن أن يوجد حلّ لهذا في ظلّ هذا النظام ، حلّ يكون في مصلحة الجماهير الشعبيّة ليس في هذه البلاد فقط و إنّما أيضا في العالم ككلّ . و مرّة أخرى ، ما نحتاج إليه بصفة ملحّة هو إصطفاف مغاير جدّا عن ما يوجد اليوم – إعادة إستقطاب من أجل الثورة .
و من جديد – دون أن نكون إطلاقيّين بهذا المضمار – هناك إطار زمنيّ محدود فيه يجب أن نبلغ إعادة الإستقطاب هذه . و لئن تمادت الأمور على ما هي عليه ، بهجوم فاشيّ للحزب الجمهوري و قاعدته و تحوّله حتّى إلى إنتهاج أكثر عدوانيّة و قوّة ، فمن المحتمل جدّا أن يُفلح هجومهم ذي الشقّين و سيستخدمون التغيّرات التي يفرضونها فرضا عبر حكومات الولايات و الأجزاء المفاتيح من الحكومة الفيدراليّة ، و على وجه الخصوص المحاكم ، ليعيدوا كسب و تعزيز التحكّم في البلاد ككلّ ، و التقدّم بثأر لتكريس برنامجهم الفاشيّ و ليقمعوا بعنف بالقدر الذى يعدّونه ضروريّا أية معارضة فعّالة .
إستعجاليّة هذا الوضع – و الحاجة الملحّة لإعادة الإستقطاب ، من أجل الثورة - يجب أن يكون مفهوما بوضوح ويجب أن يُنشر بقوّة في صفوف الجماهير الشعبيّة . ينبغي القيام بذلك بشكل مثير و دون تهويل ( و لا حاجة إلى التهويل لوصف الوضع الحيوي و الرهانات الإستعجاليّة ). و بينما من الأهمّية الحيويّة بمكان أن ندفع نحو إيجاد وحدة في صفوف الناهضين ضد المظالم و التجاوزات الفظيعة التي يقترفها بإستمرار هذا النظام ، و لبثّ الحياة بلا إنقطاع في إمكانيّة بديل مختلف راديكاليّا و تحريريّا ، مجدّدا، ثمّة حاجة إلى التشديد على أنّه من الضروري خوض نضال لا هوادة فيه لإنقاذ الجماهير من طرق التفكير و التصرّفات التي تبقيهم في الواقع أسرى هذا النظام و تساهم في تأبيد هذا النظام بشكل أو آخر.
فكر الجبريّة و الإنهزاميّة – الإعتقاد في أنّ لا شيء يمكن فعله لتغيير الوضع الفظيع و المستقبل الكئيب الذى تواجهه الإنسانيّة الآن ، الإعتقاد في أنّه ما من تغيير راديكالي إيجابي يمكن أن يحدث – هذا التفكير ذاته يجب إلحاق الهزيمة به و تجاوزه في آن معا من خلال الصراع الحاد و بعث الحياة في و نشر شعبيّا إمكانيّة عالم مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير و من خلال الثورة المستندة إلى مقاربة علميّة و ماديّة و فهم العالم الحقيقي و الإمكانيّة الفعليّة لتغييره الجذريّ الإيجابي . عامة – و فوق كلّ شيء بمعنى الجماهير الأساسيّة ، يجب أن يُصبح المضطهَدون بمرارة حجر زاوية هذه الثورة – يجب تجاوز الإنهزاميّة و إيجاد إعادة الإستقطاب الضروريّة و لا يمكن فعل ذلك إلاّ عبر مزيج قويّ من الصراع الإيديولوجي الشرس في صفوف الشعب لكسب أعداد متنامية إلى الفهم العلميّ للوضع الذى نواجه و الحلّ العملي لهذا ، إلى جانب مقاومة مصمّمة لهذا النظام الإضطهادي . و ينبغي أن يساهم كلّ هذا في بناء القوى و خلق إصطفاف سياسي ضروريّ للثورة ...
لذا ، في حال و في إطار حرب أهليّة جديدة ، ستكون مقاربة القوى الثوريّة بقيادة الشيوعيّة الجديدة إنجاز العمل السياسي الضروريّ المترافق مع القتال العمليّ لتحويل مثل هذه الحرب الأهليّة إلى ثورة لبلوغ هدف التخلّص من هذا النظام برمّته و تعويضه بنظام مختلف راديكاليّا و تحريريّا يعتمد على " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا ".
الهوامش :
1. The 5 STOPS are:
STOP Genocidal Persecution, Mass Incarceration, Police Brutality and Murder of Black and Brown People!
STOP The Patriarchal Degradation, Dehumanization, and Subjugation of All Women Everywhere, and All Oppression Based on Gender and Sexual Orientation!
STOP Wars of Empire, Armies of Occupation, and Crimes Against Humanity!
STOP The Demonization, Criminalization and Deportations of Immigrants and the Militarization of the Border!
STOP Capitalism-imperialism from Destroying Our Planet!
2. The text and film of Why We Need An Actual Revolution And How We Can Really Make Revolution, a speech by Bob Avakian in 2018, are available at revcom.us in BA’s Collected Works.
3. Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating: Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—And The Revolution That Is Urgently Needed, A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution, by Bob Avakian is available at revcom.us
4. The Constitution for the New Socialist Republic in North America is available at revcom.us.
5. From The Revcoms: A Declaration, A Call To Get Organized Now For A Real Revolution is available at revcom.us.
(18)
الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر - الجزء الرابع : لبّ صلب من الشباب و الثورة
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 816 ، 21 أوت 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/revolution-real-chance-win-part-4

مقدّمة : يحاجج بعض الناس بأنّ محاولة القيام بثورة فعليّة للإطاحة بالنظام الرأسمالي – الإمبرياليّ الحاكم في هذه البلاد، و مواجهة القوّات المسلّحة القويّة لهذا النظام ، سيكون بمثابة عمليّة إنتحاريّة . و هذا شيء تحدّثت عنه قبل عدّة سنوات الآن في خطاب " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة " :
" يؤكّد عديد الناس بمن فيهم عديد الذين يقولون إنّهم يودّون رؤية حدوث تغيير جذريّ في المجتمع أنّ الثورة غير ممكنة لأنّ " هم " أقوياء جدّا و " الجماهير تختلط عليها الأمور جدّا ". حسنا ، صحيح أنّ الجماهير الشعبيّة متشكّلة كما شكّلها النظام ، في أيّ جزء من أجزاء المجتمع ، لا تعرف أي شيء تقريبا و رؤوسها في الوحل لمّا يتعلّق الأمر بفهم كيف هي الأمور حقّا و لماذا هي كما هي و ما يمكن و يجب القيام به بهذا المضمار . لكن هذا يقف في تناقض حاد مع حقيقة هامة أخرى – أنّ ملايين الناس يهتمّون حقّا لواحد أو أكثر و الكثيرون منهم يهتمّون حقّا بكل " أوقفوا الخمسة " . و هذا تناقض علينا أن نشتغل عليه لدفع الجماهير الشعبيّة بإتّجاه الثورة التي نحتاج إليها لنضع في نهاية المطاف نهاية لهذه " أوقفوا الخمسة " و الظروف الفظيعة التي تتعرّض إليها بإستمرار جماهير الإنسانيّة . [ و تحيل " أوقفوا الخمسة " على التناقضات الإجتماعيّة الكبرى و أشكال الإضطهاد و التدمير المبنية في هذا النظام الرأسمالي الإمبريالي و التي لا يمكن القضاء عليها إلاّ عبر ثورة تطيح بهذا النظام .] (1)
و صحيح كذلك أن السلطات الحاكمة لهذا النظام بآلة القتل و الدمار التي تستخدمها لفرض هذا النظام ، بالفعل هي قويّة للغاية . لكن جزءا كبيرا من الصعوبة التي يواجهها الناس في تصوّر أنّه بوسعنا عمليّا إلحاق الهزيمة بهم هو عدم قدرتهم على أن يرتأوا وضعا مختلفا راديكاليّا عن السير " العادي " لهذا النظام ، وضع حيث بالنسبة لأجزاء كبرى من المجتمع ، " قبضة " الطبقة الحاكمة على الشعب – قدرتها على التحكّم فيه و التآمر عليه و بثّ الرعب في صفوفه – تنكسر و تضعف بصفة كبيرة ، جوهريّا ، لا يقدر الناس على تصوّر هذا لأنّهم لا يقاربون الأشياء بنظرة و منهج علميّين . (2) ( التشديد مضاف )
و هذه السلسلة من خمسة مقالات تتحدّث بصفة أتمّ عن لماذا مثل هذه الثورة ليست ضروريّة بصفة إستعجاليّة الآن فحسب بل لماذا ، بواسطة المقاربة العلميّة الصحيحة ، يمكن لمثل هذه الثورة بالفعل أن تحصل على فرصة حقيقيّة للنجاح – و لماذا أي شخص يرغب حقّا في رؤية عالم مغاير راديكاليّا ، دون كافة الفظائع التي يفرزها بإستمرار و حتّى الفظائع الأكبر بالنسبة إلى الإنسانيّة التي يهدّد بها هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، يحتاج أن يشارك بنشاط في العمل بلا كلل و بتصميم مستند إلى العلم ، من أجل الثورة .
و التالي ، من " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا " (3 ) ، يمثّل المقال الرابع من سلسلة مختارات من خطاباتي و كتاباتي التي تتحدّث عن كيف نمضى إلى إنجاز ثورة في هذه البلاد، معبّئين ملايين الناس ، بهدف إلحاق الهزيمة العمليّة بالفارضين بعنف لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، و مُلغين هذا النظام برمّته ، و منشئين نظاما مغايرا راديكاليّا وتحريريّا قائما على دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا. (4)
-----------------------
في الآن نفسه ، كسب الناس القاعديّين و بالأخص الشباب ، إلى الثورة يستدعى كذلك إنجاز المزيد من الإختراقات النقديّة لما أسمّيه " مسألة جورج جكسن " – المشكل الذى طرحه بشدّة جورج جكسن وهو سجين سابق صار مناضلا ثوريّا مرتبطا بحزب الفهود السود خلال نهوض ستّينات القرن العشرين ، و قد خاض بعمق في قضيّة إمكانيّة الثورة ، قبل أن تغتاله السلطات القائمة . بالنسبة إلى عبد لم ينتظر أن يعيش أبعد من الغد ، قال جكسن إنّ فكرة التغيير التدريجي و الثورة في بعض المستقبل البعيد لا معنى لهما و إستئناف.
و يكتسى هذا معنى خاصا و خصوصيّا في زمن نادر كهذا – زمن حيث تصبح الثورة عمليّا ممكنة ، تحديدا ليس في بعض المستقبل البعيد الهلاميّ بل عبر دوّامة الأحداث و النزاعات المتفاقمة الحدّة التي تجرى بالضبط في الوقت الحاضر .
هنا ، مرّة أخرى ، المسألة الحيويّة هي كيف تُبنى الكثير من القوى المنظّمة للثورة و يكون لها تأثير على كلّ هذا ، بإتّجاه الثورة التي نحتاجها حاجة إستعجاليّة .
لجلب الجماهير الشعبيّة و خاصة منها الشباب القاعديّ ، يجب على الثورة أن تصبح قوّة متنامية و منظّمة و منضبطة و جريئة لا تخشى أيّ شيء ، مستندة على منهجها العلميّ و رؤيتها الشاملة و برنامجها و أهدافها و ممارساتها التحريريّة، و أن تصبح قطبا قويّا متصاعد النفوذ يجلب هؤلاء الشباب – و المقاتلين من أجل الثورة من كافة أنحاء المجتمع .
هناك الكثير الذى نحتاج إلى القيام به و بصفة إستعجاليّة و يتطلّب جرأة وبسالة حقيقيّتين في العمل من أجل هذه الثورة : نشر الكلمة بقوّة في ما يتّصل بهذه الثورة و تحدّى الناس للإلتحاق بهذه الثورة و إنتدابهم و تنظيمهم في صفوف هذه الثورة - السير ضد و إختراق كلّ الهراء الآسر للناس و الذى يمضى ضد مصالحهم الخاصة الحقيقيّة – القيام بالعمل الذى نحتاج إنجازه لتغيير تفكير الناس و سلوكاتهم - الوقوف ضد القوى المضطهَدة للجماهير و خوض القتال اللازم خوضه ضد فظاعات هذا النظام – القيام بكلّ هذا للإستعداد و لتوفير قاعدة لخوض النضال الشامل للإطاحة بهذا النظام في نهاية المطاف، حالما تنشأ الظروف الضروريّة لهذا .
و بنموّ الثورة على هذا النحو : هناك الكثير نقوم به و بصفة إستعجاليّة و الذى يتطلّب جرأة و جسارة حقيقيّتين ضد الفاشيّين و أيّة قوّة إضطهاديّة أخرى ، في تحرّكاتها لتهديد الجماهير و بثّ الرعب فيها و تعنيفها و قتل الناس . دعونى أوضّح أنّى لست أدعو إلى شنّ هجمات غير مستفزّة و غير مبرّرة ضد أيّ شخص ؛ لكن هناك حقّ و حاجة – و هناك مسؤوليّة – الدفاع عن المضطهَدين و المعنّفين في ظلّ هذا النظام و عن الذين يمثّلون و يقفون من أجل ما هو حقّ و يتعرّضون إلى الهجوم جرّاء ذلك .
في ستّ " نقاط يجب الإنتباه إليها من أجل الثورة " – التي هي مبادئ أساسيّة لنوادى الثورة كشكل مفتاح للتنظّم من أجل الثورة ، يعتمد عليها و يقاتل في سبيلها – النقطة الأخيرة هي التالية :
" نمضى من أجل الإطاحة الفعليّة بهذا النظام و إرساء طريقة أفضل تتجاوز كلّيا النزاعات المدمّرة و الخبيثة القائمة اليوم فى صفوف الناس . و لأنّنا نتحلّى بالجدّية ، فى هذه المرحلة ، لا نبادر بإستعمال العنف و نعارض أيّ عنف يسلّط على الشعب أو يمارس فى صفوفه ."
أجل ، هذا شيء جدّي جدّا : المضيّ من أجل الإطاحة العمليّة بهذا النظام و من أجل نظام أفضل تماما . و أجل ، جزء من كبير من هذا هو تجاوز كيف أنّ الناس الذين هُم بعدُ بعدّة طرق أخرى ، بفعل هذا النظام ، يسقطون في أحابيل أخرى يغالطهم بها هذا النظام : قتال بعضهم البعض . و يجب إيقاف هذا .
لكن هذا لا يحتاج إلى مجرّد الإيقاف . يحتاج الناس الواقعين في هذه الأحابيل أن يكونوا جزءا من شيء إيجابيّ حقّا – يحتاجون أن يصبحوا جزءا من قوى الثورة اللازم تشكيلها بصفة إستعجاليّة جدّا .
إنّ الإحباط و الغضب الذين يشعر بهما الكثيرون لا سيما الكثير من الشباب القاعديّ لقدرتهم على تلمّس أنّ الحياة في ظلّ هذا النظام لا توفّر لهم أي شيء جيّد – و ذلك منذ ولادتهم ، يكبّلون و تحاصرهم قوّات تنظر إليهم و تتعاطى معهم على أنّهم غرباء يبعثون الرعب و الكره – و أولئك الذين تنظر إليهم السلطات على أنّهم حثالة لا يستحقّون أكثر من ضربهم على مؤخّراتهم و توجيه رصاصة إلى رؤوسهم – يحتاج هذا الإحباط و هذا الغضب أن يُعاد توجيهه إلى قتال النظام الذى يتعاطى معهم على هذا النحو و يحرمهم و الكثير من أمثالهم عبر العالم من حياة كريمة و مستقبل كريم أو أيّ مستقبل أصلا .
و مرّة أخرى ، هناك الكثير الذى يستدعى بصفة ملحّة جرأة و بسالة كبيرتين للقيام بما نحن في حاجة إلى القيام به : المساهمة في النهوض ضد هذا النظام و الإستعداد لخوض كامل الثورة حالما يحين الوقت - و كجزء هام من هذا ، مساندة و الدفاع عن الذين يتعرّضون بإستمرار إلى الهجمات غير العادلة على حقوقهم و على وجودهم ذاته .
و ثمّة الهجمات المستمرّة على الناس و على الحركات الذين يتمرّدون ضد الإضطهاد العنصريّ ...
و ثمّة هجمات على أعضاء طاقم المعاهد ليس لتبنّيهم هذه الإجراءات الصحّية الأساسيّة و حسب و إنّما أيضا لأشياء كالقبول بتدريس بعض الحقائق بخصوص تفوّق البيض الملازم لهذه البلاد منذ وجودها أو السماح بإحترام حقوق المتحوّلين جنسيّا.
و هناك تهديدات و هرسلة و هجمات على النساء الباحثات عن الإجهاض و على المصحّات و على العاملين بالصحّة المقدّمين لخدمات الإجهاض ، إلى جانب تصاعد الهجوم على حقّ الإجهاض من قبل الحزب الجمهوري الفاشي و الذين عيّنهم في المحاكم .
و هناك هجمات عنيفة و عادة قاتلة ضد المثليين و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا .
و هناك هجمات عنيفة مستمرّة بما فيها التهديد بالعنف المادي و إستخدامه ، مرّة أخرى لمنع السود و غيرهم من المضطهَدين من حتّى ممارسة ما يُفترض أنّها حقوق أساسيّة كالتصويت في الانتخابات . ( بمنهج و مقاربة علميّين ، في آن معا من الممكن و الهام معارضة محاولات إنكار حقّ الناس في التصويت معارضة نشيطة ، و في الوقت نفسه كسب الناس إلى رؤية أنّ جهودهم يتعيّن أن توجّه ليس إلى التصويت لممثّلى هذا النظام الذى يضطهدهم بل إلى العمل على بناء أسس الإطاحة بالنظام برمّته ) .
كلّ هذه الهجمات على الجماهير الشعبيّة و على حقوقها لا بدّ من معارضتها معارضة قويّة و الناس الواقفون على الجانب الصحيح يحتاجون إلى الحماية النشيطة و الدفاع عنهم بنشاط كلّما تعرّضوا إلى التهديد و حتّى الهجوم الجسديّ المباشر .
و ثمّة حاجة إلى منع الشرطة من تعنيف و ببساطة إغتيال الناس بدم بارد . و لنتذكّر ما قاله بعض من كانوا شهودا على و حتّى سجّلوا الحركات البطيئة للقتل الخبيث لجورج فلويد : لقد تعذّبوا عذابا شديدا و هم يواجهون ما إذا كان عليهم القيام بأكثر ممّا فعلوا ، ما إذا كان يجب عليهم التحرّك لإيقاف عمليّة القتل الجليّة هذه لرجل أسود لا يقدر على الدفاع عن نفسه . و الآن ، مرّة أخرى ، ما أشير إليه متناغم مع النقطة السادسة من ستّ " نقاط يجب الإنتباه إليها من أجل الثورة " – و في ما أقوله هنا، لست أدعو إلى شنّ هجوم على أي شخص .لكن لا يحقّ لأيّ كان بما في ذلك الشرطة أن تقتل ببساطة شخصا – و هناك حقّ و مسؤوليّة الدفاع عن الناس و حمايتهم من لهجمات غير العادلة على حقوقهم و على حياتهم ذاتها .
تصوّروا لو توجد وُجدت ، في مثل هذه الظروف المختلفة ، نواة قوّة قويّة ثوريّة منها شباب قاعديّ ، يكون حضورها في تشكيلة منضبطة و منظّمة توضّح أنّها لن تقبل الهجمات غير العادلة على الناس . إلاّ أنّ هذا لا ينبغي أن يبقى مجرّد تصوّر – يجب تطويره كجزء هام من السيرورة العامة من الإعداد و بناء القوى المنظّمة من أجل الثورة .
من الواجب أخذ هذا مأخذ الجدّ ، مأخذ العلم – أن لا نحاول في أيّة لحظة معطاة القيام بما لا تتوفّر قاعدة لقيام به ، و إنّما نسعى سعيا حثيثا نحو إيجاد ظروف حيث ما كان غير ممكن قبلا يغدو ممكنا مع تواصل نموّ صفوف الثورة المنظّمة و تحوّلها إلى قوّة منضبطة صلبة كالفولاذ . إن فُهم الأمر على هذا النحو، يمكن أن يكون له تأثير ديناميكيّ متصاعد – ب " تبعات " و إنعكاسات أبعد من الوضع المباشر ، جاذبا المزيد من الناس إلى صفوف هذه الثورة ... ما سيجعل بدوره ممكنا إحداث تأثير أكبر ... و جذب حتّى المزيد من القوى إلى صفوف الثورة .
كلّ هذا جزء هام من المقاربة العامة التي عُرضت في ثنايا هذا الخطاب و هذا ما سيخوّل لقوى الثورة المنظّمة الصغيرة اليوم من مواصلة النموّ - بشكل متزايد وعبر طفرات وقفزات - عدديّا و قوّة منظّمة وتـأثيرا على المجتمع ككلّ. و لهذا ينبغي تحدّى المزيد و المزيد من الناس و تمكينهم من أن يساهموا في ذلك .
و هنا يبرز بُعدٌ هام آخر من العمل من أجل الثورة – و معارضة الفاشيّين كجزء من القيام بذلك : لزاما علينا أن نفضح و نعارض بشدّة - و نقاوم لنتجاوز سياسيّا و عمليّا – واقع أنّ التفوّقيّين البيض و الفاشيّين عموما بإنتظام قد رفعوا عاليا راية البند الثاني من الدستور ، المعلن ل" الحق في حمل السلاح "، و لقوا مساندة قانونيّة و قضائيّة في ذلك من طرف الشرطة و غيرها من مؤسّسات الدولة ؛ بينما بالنسبة إلى السود و المضطهَدين الآخرين و عامة الذين يعارضون إضطهاد هذا النظام و ظلمه ، مُنعوا من " حق حمل السلاح " حتّى عند الدفاع عن النفس و تعرّضوا للقمع القاسي جرّاء ذلك .
و قد تمّ تسجيل هذا بجلاء في كتاب لكارول أندرسن بؤرة تركيزه البند الثاني من الدستور – " الثاني : العرق و البنادق في أمريكا غير المتساوية بشكل قاتل " . و يتضمّن هذا الكتاب ( حتّى أكثر ! ) فضحا حارقا لعنف منفلت من عقاله سلّط على السود عبر تاريخ هذه البلاد ، و كيف أنّ " حقّ حمل السلاح " لم ينسحب قط على السود بل على العكس من ذلك وُجد حقّ فاسد ، " حقّ قتل " السود على يد السلطات القائمة و البيض العنصريّين عامة . و هذا أمر لا يمكن السماح بتواصله .
و خوض النضال نضالا مصمّما لا ينبغي أن يتمحور حول ما يمثّله ببساطة " البند الثاني من الدستور " ، بل حول عديد الطرق التي بها تجرى مقاربة الحقوق التي من المفترض أن تكون مضمونة للناس و التي تطبّق بطريقة لامتساوية إلى أقصى الحدود ، فبإستمرار يجد المضطهَدون و الذين يعملون ضد العلاقات الإضطهاديّة لهذا النظام حقوقهم عُرضة للهجوم و " التقييد " أو مداسة تمام الدوس . و في خوض هذا النضال ، من المهمّ الإعتراف إلى الدرجة الممكنة و الإستفادة من هذا التناقض : في الواقع ، في ظلّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، الحقوق و الحرّيات محدّدة و محدودة حسب ما يخدم مصالح هذا النظام و طبقته الحاكمة ؛ إلاّ أنّه يُقال لنا بصفة مستمرّة في ظلّ هذا النظام هناك " حرّية وعدالة للجميع " و يشعر حكّام هذا النظام أو على الأقلّ بعضهم بأنّه من المهمّ الحفاظ على هذه الأسطورة . و مجدّدا، إلى الدرجة الممكنة ، يجب إغتنام هذا التناقض في خوض النضال لإلحاق الهزيمة بمحاولات فارضي هذا النظام دوس ما يُفترض أنّه حقوق أساسيّة ، في تحرّكاتهم لقمع من ينهض ضد هذا النظام و ظلمه العميق .
و ما هو أكثر مركزيّة هو أنّ هذا النضال يتعيّن أن يُخاض بوعي تام و بفهم يعتمد العلم للطبيعة الأساسيّة لهذا النظام ، بتوجّه و هدف العمل للإطاحة بهذا النظام و تفكيك علاقاته و مؤسّساته للإستغلال الخبيث و لإضطهاد و لإلجام مصّاصي الدماء .
و مرّة أخرى ، كي نحقّق كلّ هذا في الواقع ، و هذه الثورة تتقدّم إلى أعداد متنامية من الشباب القاعديّ و غيرهم ، و يقع تحدّيهم للتعمّق فيها ، لا مناص من خوض صراع معهم ، صراع شاق لتخليصهم من طرف التفكير السلوك التي تبقي على هذا النظام سائدا . إنّهم في حاجة إلى " تعديل أذهانهم " ، إلى وضع رؤوسهم على أكتافهم و إلى تبنّى المنهج و المقاربة العلميّين للشيوعيّة الجديدة لتفسر الواقع و تغييره جوهريّا عبر الثورة . و هذا يعنى ليس مجرّد المضيّ للقتال من أجل النفس أو من أجل الذين نتماثل معهم بطريقة ضيّقة ( مهما كانوا ) بل التحوّل إلى ثوريّين بأتمّ معنى الكلمة – إلى شيوعيّين ثوريّين ، محرّري الإنسانيّة قاطبة – التحوّل إلى جزء من القوى المنظّمة و المنضبطة من أجل الثورة و لا شيء أقلّ من ذلك .
و كما قلنا ، إلى " كلّ من له / لها قلب يحفّزه على القتال في سبيل شيء يستحقّ حقّا النضال من أجله : تحتاجون إلى أن تكونوا جزءا من هذه الثورة . "
------------------------------------
الهوامش :
1. The 5 STOPS are:
STOP Genocidal Persecution, Mass Incarceration, Police Brutality and Murder of Black and Brown People!
STOP The Patriarchal Degradation, Dehumanization, and Subjugation of All Women Everywhere, and All Oppression Based on Gender and Sexual Orientation!
STOP Wars of Empire, Armies of Occupation, and Crimes Against Humanity!
STOP The Demonization, Criminalization and Deportations of Immigrants and the Militarization
of the Border!
STOP Capitalism-imperialism from Destroying Our Planet!
2. The text and film of Why We Need An Actual Revolution And How We Can Really Make Revolution, a speech by Bob Avakian in 2018, are available at revcom.us in BA’s Collected Works.
3. Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating: Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—And The Revolution That Is Urgently Needed, A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution, by Bob Avakian is available at revcom.us.
4. The Constitution for the New Socialist Republic in North America is available at revcom.us.
5. The six Points of Attention for the Revolution are available as well at revcom.us.
(19)
الثورة : فرصة حقيقيّة للظفر
الجزء الخامس : الظفر و الظفر
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 817، 28 أوت 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/revolution-real-chance-win-part-5

"REVOLUTION: A REAL CHANCE TO WIN" is being published in a series. Part 1: We Are Serious was published July 31, 2023. Part 2: A Scientifically Based Strategy was published August 7, 2023. Part 3: Civil War and Revolution was published August 14, 2023. Part 4: Hard Core Youth and the Revolution was published August 21, 2023. Part 5: Winning and Winning was published August 28, 2023.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

مقدّمة : يحاجج بعض الناس بأنّ محاولة القيام بثورة فعليّة للإطاحة بالنظام الرأسمالي – الإمبرياليّ الحاكم في هذه البلاد، و مواجهة القوّات المسلّحة القويّة لهذا النظام ، سيكون بمثابة عمليّة إنتحاريّة . و هذا شيء تحدّثت عنه قبل عدّة سنوات الآن في خطاب " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة " :
" يؤكّد عديد الناس بمن فيهم عديد الذين يقولون إنّهم يودّون رؤية حدوث تغيير جذريّ في المجتمع أنّ الثورة غير ممكنة لأنّ " هم " أقوياء جدّا و " الجماهير تختلط عليها الأمور جدّا ". حسنا ، صحيح أنّ الجماهير الشعبيّة متشكّلة كما شكّلها النظام ، في أيّ جزء من أجزاء المجتمع ، لا تعرف أي شيء تقريبا و رؤوسها في الوحل لمّا يتعلّق الأمر بفهم كيف هي الأمور حقّا و لماذا هي كما هي و ما يمكن و يجب القيام به بهذا المضمار . لكن هذا يقف في تناقض حاد مع حقيقة هامة أخرى – أنّ ملايين الناس يهتمّون حقّا لواحد أو أكثر و الكثيرون منهم يهتمّون حقّا بكل " أوقفوا الخمسة " . و هذا تناقض علينا أن نشتغل عليه لدفع الجماهير الشعبيّة بإتّجاه الثورة التي نحتاج إليها لنضع في نهاية المطاف نهاية لهذه " أوقفوا الخمسة " و الظروف الفظيعة التي تتعرّض إليها بإستمرار جماهير الإنسانيّة . [ و تحيل " أوقفوا الخمسة " على التناقضات الإجتماعيّة الكبرى و أشكال الإضطهاد و التدمير المبنية في هذا النظام الرأسمالي الإمبريالي و التي لا يمكن القضاء عليها إلاّ عبر ثورة تطيح بهذا النظام .] (1)
و صحيح كذلك أن السلطات الحاكمة لهذا النظام بآلة القتل و الدمار التي تستخدمها لفرض هذا النظام ، بالفعل هي قويّة للغاية . لكن جزءا كبيرا من الصعوبة التي يواجهها الناس في تصوّر أنّه بوسعنا عمليّا إلحاق الهزيمة بهم هو عدم قدرتهم على أن يرتأوا وضعا مختلفا راديكاليّا عن السير " العادي " لهذا النظام ، وضع حيث بالنسبة لأجزاء كبرى من المجتمع ، " قبضة " الطبقة الحاكمة على الشعب – قدرتها على التحكّم فيه و التآمر عليه و بثّ الرعب في صفوفه – تنكسر و تضعف بصفة كبيرة ، جوهريّا ، لا يقدر الناس على تصوّر هذا لأنّهم لا يقاربون الأشياء بنظرة و منهج علميّين . (2) ( التشديد مضاف )
و هذه السلسلة من خمسة مقالات تتحدّث بصفة أتمّ عن لماذا مثل هذه الثورة ليست ضروريّة بصفة إستعجاليّة الآن فحسب بل لماذا ، بواسطة المقاربة العلميّة الصحيحة ، يمكن لمثل هذه الثورة بالفعل أن تحصل على فرصة حقيقيّة للنجاح – و لماذا أي شخص يرغب حقّا في رؤية عالم مغاير راديكاليّا ، دون كافة الفظائع التي يفرزها بإستمرار و حتّى الفظائع الأكبر بالنسبة إلى الإنسانيّة التي يهدّد بها هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، يحتاج أن يشارك بنشاط في العمل بلا كلل و بتصميم مستند إلى العلم ، من أجل الثورة .
و فيما يلى مقتطف من خطاب ألقيته أمام تجمع للشيوعيّين الثوريّين في 2022 وهو الحلقة الأخيرة من سلسلة مختارات من خطاباتي و كتاباتي التي تتحدّث عن كيف نمضى إلى إنجاز ثورة في هذه البلاد، معبّئين ملايين الناس ، بهدف إلحاق الهزيمة العمليّة بالفارضين بعنف لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، و مُلغين هذا النظام برمّته ، و منشئين نظاما مغايرا راديكاليّا وتحريريّا قائما على دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا. (3)
--------------------------------------------
مثلما قلت في الحوار مع كونال واست : من المهمّ أن نكون على حقّ و أن نتحلّى بالإستقامة – من المهمّ أن نقف إلى جانب المعذّبين في الرض و أن ننهض ضد إضطهادهم – لكن علينا أن نحقّق الظفر . علينا عمليّا أن نحطّم حكم هذا النظام الوحشيّ و ننشأ شيئا مغايرا راديكاليّا و أفضل بكثير . و إلاّ ، سنكون في أفضل الأحوال " قد خضنا المعركة الصحيحة " لكن الفظائع ستتواصل و ستسوء حتّى أكثر .(4)
جاء في النقطة السادسة من نقاط الإنتباه من أجل الثورة التالي :
" نمضى من أجل الإطاحة الفعليّة بهذا النظام و إرساء طريقة أفضل تتجاوز كلّيا النزاعات المدمّرة و الخبيثة القائمة اليوم فى صفوف الناس . و لأنّنا نتحلّى بالجدّية ، فى هذه المرحلة ، لا نبادر بإستعمال العنف و نعارض أيّ عنف يسلّط على الشعب أو يمارس فى صفوفه ." (5)
و قد شدّدت على الكلمات " لأنّنا نتحلّى بالجدّية " لأجل التأكيد على أنّ نقطة الإنتباه هذه ليست تصريحا ببعض الفهم السلمي المثالي بأنّ النضال ضد هذا النظام يمكن و يجب دائما أن يظلّ غير عنيف . قبل كلّ شيء ، بينما نحن ضد كلّ العنف الموجّه ضد الشعب و في صفوف الشعب ، و في هذه المرحلة لا نبادر ( و لا نشجّع آخرين على المبادرة ) بالعنف ، في الوقت نفسه نعترف بقوّة و ندافع عن حقّ الناس في الدفاع عن أنفسهم ضد الهجمات غير العادلة . و بصفة أكثر إستراتيجيّة، نفهم علميّا أنّ : المصدر الجوهريّ للعنف في العالم هو هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، و أنّ بدرجة أكبر مقترفة العنف غير العادل هي الطبقات الحاكمة للقوى الرأسمالية – الإمبرياليّة و أهمّ هذه القوى هي هذه البلاد – و أنّ السبب الجوهري للماذا إلغاء هذا النظام لا يمكن أن يتحقّق سلميّا هو ، مرّة أخرى ، أنّ طبيعة هذا النظام ذاته و واقع أنّ الذين يحكمون فيه لن يسمحوا أبدا بكنس نظامهم دون محاولة القمع العنيف و السحق العنيف لأيّة محاولة للقيام بمثل هذا .
هذا ما نعنيه بأنّنا نتحلّى بالجدّية بشأن كلّ هذا .
و بهذا الفهم و هذا التوجّه ، لدينا مقاربة جدّية جدّا لمسألة كيفيّة الظفر عمليّا – الظفر في القتال الأكثر مباشرة ، تاريخيّا ، لإفتكاك السلطة – و الظفر بطريقة تعبّد السبيل للكسب بالمعنى الأوسع ، بهدف إجتثاث كلّ الإضطهاد و الإستغلال ، عبر العالم قاطبة ، منشئين علما شيوعيّا فيه يكون بوسع البشر حقّا أن يزدهروا بأتمّ التعبير عن إنسانيّتهم .
هذه المقاربة ل" الظفر – و الظفر " تطبيق لمبدأ أنّ " الشيوعيّة الجديدة تنبذ تماما وهي مصمّمة على أن تجتثّ من الحركة الشيوعيّة المفهوم و الممارسة السامين بأنّ " الغاية تبرّر الوسيلة ". وإنّه لمبدأ حجر أساس للشيوعيّة الجديدة أنّ " وسائل " هذه الحركة يجب أن تنبع و تتناغم مع " الغايات الجوهريّة لإلغاء كافة الإستغلال و الإضطهاد بواسطة الثورة المقادة على أساس علميّ ". (6)
لذا لنمض إلى كيف يمكننا و كيف سنحتاج إلى المضيّ إلى الظفر عندما تنشأ الظروف لذلك . و تنبع هذه المقاربة الإستراتيجيّة الضروريّة من الفهم العلمي لكون القوى الثوريّة ليس بوسعها أن تكسب أيّ نزاع تواجه فيه وجها لوجه كامل قوّة سلطة دولة موحّدة و مندمجة قائمة . ( و أطرح المسألة على هذا النحو ليتمكّن الناس من التفكير فيها ...).
و يتناول التالي من " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا " الموضوع بالحديث :
" و هنا مجدّدا ، ثمّة شيء حيويّ وجب فهمه ، شيء مميّز للمقاربة الجدّية ، المقاربة العلميّة للنضال من أجل الظفر لمّا يحين الأوان : لا يهمّ مدى تغيّر المجتمع عامة و لا يهمّ حتّى مدى تأثّر المؤسّسات الأقوى للقمع العنيف التابعة لهذا النظام، بإنشقاقات له دلالتها و يرجّح أنّها ستحدث في صفوفها ، ستواجه الثورة مع ذلك قوّاتا مسلّحة قويّة معادية للثورة متكوّنة من صفوف فئات من المؤسّسات الرسميّة و من صفوف " القوى المدنيّة " الفاشيّة المتخندقة معها . و سيكون غير مرجّح إلى أقصى الحدود و خاصة في البداية ، أن تتمكّن اقوّات الثوريّة المقاتلة من مواجهة و إلحاق الهزيمة بتلك القوّات المسلّحة المعادية للثورة في هجوم مباشر و وجها لوجه بأي شيء يقرب من قوّتها التامة . و لهذا ، في العقيدة و في التوجّه الإستراتيجيّ المطوّرين لتمكين القوى الثوريّة من خوض القتال و الظفر ، حالما يحين الأوان ، يقع التشديد على أنّ :
" تحتاج القوى الثوريّة إلى عدم القتال إلاّ في ظروف مواتية لها و إلى تجنّب المواجهات الحاسمة التي ستحدّد مآل الأمر كلّه ، إلى أن يتحوّل ميزان القوى بصفة طاغية إلى صالح الثورة ". (7)
و هذه العقيدة و هذا التوجّه الإستراتيجي جرى الحديث عنهما بشيء من العمق و توضيحهما بصفة أتمّ في " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة " بتفكير إضافي يوفّره مقالي المعنون " ثورة حقيقيّة – فرصة حقيقيّة للظفر ، مزيدا من تطوير إستراتيجيا الثورة " ( و الذى يمكن العثور عليه أيضا على موقع أنترنت revcom.us ) . و يُرسى هذا أرضيّة العمل الأساسيّة لكيف ، عندما تكون الظروف اللازمة قد نشأت ، يكون بوسع قوّة ثوريّة ، معبّأة الجماهير الشعبيّة أن تقارب عمليّا الإطاحة بهذا النظام على نحو يمكّن من التحييد الفعّال و في نهاية المطاف تجاوز ما سيكون بالتأكيد، منذ البداية ، القوّة الطاغية للقوّات المسلّحة الباحثة عن إلحاق الهزيمة و سحق هذه المحاولة للإفتكاك الثوريّ للسلطة . يتحدّث عن كيف ، متى نضجت الظروف الثوريّة ، يمكن للقوى الثوريّة ، بعامود فقريّ قائم خاصة على الشباب الذين جرى كسبهم ليشكّلوا النواة الصلبة لهذه الثورة ، كيف يمكن أن يُنظّموا و يدرَّبوا و توفّر لهم وسائل الإشتباك مع و إلحاق الهزيمة بقوى الثورة المضادة في مواجهات ، بداية على نطاق ضيّق ، يكون مواتيا للقوى الثوريّة – و كيف ، على ذلك الأساس و أثناء القيام بذلك ، يمكن أن تنمو و تكسب أعدادا متنامية من ضمن الذين كانوا جزءا من القوى المعادية للثورة ، و بالتالى في نهاية المطاف إلحاق الهزيمة بالقوى الباقية للثورة المضادة .
في " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة " ، ذكرت هذا الموقف الهام :
" لقد لاحظ روبارت سميث وهو قائد عسكري و إستراتيجي بريطاني أنّ قوّة منتفضة " محدّدة لأبعاد النزاع " " تمثّل في حدّ ذاتها قوّة و سلطة بديلة ". و هذا يعنى أنّه إذا كانت قوّة ثوريّة إلى درجة كبيرة تحدّد طابع النزاع ، لن تعتبر مجموعة " خارجة عن القانون " و إنّما قوّة شرعيّة تنازع النظام القديم سلطته و يرتبط هذا بلماذا من المهمّ جدّا أن تترافق العمليّات الأوّليّة للقوّات التاليّة الثوريّة بإعلان جريء إلى العالم ، " يوضّح أنّ هناك قوّة منظّمة مصمّمة على إلحاق الهزيمة بقوّات النظام القديم و على إنشاء نظام ثوريّ ، جديد ". و سيضطلع هذا بجزء حيوي من القضاء على " الرهبة التطيّريّة " التي لدى الناس تجاه النظام القائم ، الإيمان تقريبا الديني بأنّ هذا هو الطريق الأفضل أو على ألقلّ الأوحد الذى يمكن أن تكون عليه الأشياء و أنّ سلطة هذا النظام لا يمكن تحدّيها ؛ و هذا سيقوّض أكثر " شرعيّة " و " نفوذ " النظام القديم و طبقته الحاكمة و ولاء فئات واسعة من السكّان و يرسى المزيد من القاعدة لكسب حتّى فئات أوسع بما في ذلك من ضمن القوات المقاتلة لفائدة الجانب الآخر ."
مقاربة البحث عن الإنتصارات و تحقيقه ، في مواجهات محدودة أكثر ، لها كأحد أهدافها المفاتيح إيجاد وضع عام يحصل فيه تفكّك للجانب المقابل و إرتدادات لأجزاء هامة من ذلك الجانب المقابل إلى الجانب الثوريّ . و سيكون هذا جزءا هاما من سيرورة إحداث تغيير نوعيّ في " ميزان القوى " حيث يكسب الثوريّون اليد العليا -موقع منه سيتمكّنون بالتالي من إلحاق الهزيمة النهائيّة بالثورة المضادة .
و التالي من مقال " ثورة حقيقيّة – فرصة حقيقيّة للظفر ، مزيدا من تطوير إستراتيجيا الثورة " ، يشدّد على هذا :
" ستكون هناك حاجة إلى تشديد إضافي على حاجة القتال الثوري الشامل إلى أن يكون على نطاق البلاد برمّتها ، منذ البداية ، أو بسرعة كبيرة عقب الإنطلاقة ، كي تكون لدى القوى الثوريّة معاقل منظّمة من الدعم في أنحاء كثيرة و مختلفة من البلاد – و للتمكّن من التحرّك في وقت واحد ، أو بتتابع سريع في أنحاء كثيرة و مختلف من البلاد ( لإنشاء ظاهرة عمليّات إنفجار متكرّرة و متتابعة بشكل سريع عبر البلاد كافة )- لأجل المواجهة الفعّالة ل " تطويق و سحق " الثورة من قبل الثورة المضادة ، و بوجه خاص قدرة الثورة المضادة ليس على تركيز القوى ضد فحسب بل عمليّا إحتلال المناطق التي تمثّل معاقل دعم للثورة ( حتّى حينما لا تكون هذه المعاقل بعدُ تحت السيطرة الواضحة للثورة و إدارتها ) ، خاصة في المراحل الأولى لهذا القتال الشامل . "
مقاربة " عمليّات إنفجار متكرّرة و متتابعة بشكل سريع " هذه التي تبقى العدوّ فاقدا لتوازنه ، يمكن أن تساهم كذلك في تفكّك الجانب الآخر و في إرتدادات في صفوفه .
و لنقتبس مجدّدا من " لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة و كيف يمكن حقّا أن ننجز ثورة " :
" و هناك مسألة هامة أخرى شدّد عليها روبارت سميث : ليست القوّة المطلقة بل " فائدة القوّة " هي المهمّة – ليس ما يمكن لأيّة دولة أو ايّة قوّات مسلّحة أخرى أن تملك من ذخائر و إنّما ما يمكن أن تستخدمه عمليّا لصالحها في نزاع مسلحّ معيّن . و من المبادئ العمليّة المفاتيح للقوى الثوريّة سيكون خوض النضال على نحو يمنع قوّات النظام القديم من التمكّن من إستخدام قوّتها التدميريّة الأسوأ على نحو يخدم مصلحتها العسكريّة و السياسيّة . و في الآن نفسه ، إزاء العمليّات الوحشيّة التي ستظلّ القوّات الحاكمة القديمة تنجزها ، سيكون من الحيويّ بالنسبة للقوّات الثوريّة أن " تحوّل العمليّات الوحشيّة للعدوّ ضدّه – أن تكسب قوى أكبر إلى جانب الثورة بما فيها أولئك الذين يأتون من صفوف العدوّ ". "
و يجدر بنا هنا أن نكرّر هذه النقطة الحيويّة :
" و صحيح كذلك أن السلطات الحاكمة لهذا النظام بآلة القتل و الدمار التي تستخدمها لفرض هذا النظام ، بالفعل هي قويّة للغاية . لكن جزءا كبيرا من الصعوبة التي يواجهها الناس في تصوّر أنّه بوسعنا عمليّا إلحاق الهزيمة بهم هو عدم قدرتهم على أن يرتأوا وضعا مختلفا راديكاليّا عن السير " العادي " لهذا النظام ، وضع حيث بالنسبة لأجزاء كبرى من المجتمع ، " قبضة " الطبقة الحاكمة على الشعب – قدرتها على التحكّم فيه و التآمر عليه و بثّ الرعب في صفوفه – تنكسر و تضعف بصفة كبيرة ، جوهريّا ، لا يقدر الناس على تصوّر هذا لأنّهم لا يقاربون الأشياء بنظرة و منهج علميّين . "
و في الوقت نفسه ، يؤكّد " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا " أنّ تطوّر العقيدة الأساسيّة و المقاربة الإستراتيجيّة لكلّ هذه المعركة الشاملة سيرورة مستمرّة . و أنّ
" أثناء هذه المرحلة من إعداد الأرضيّة و إعداد الجماهير الشعبيّة و إعداد القوى القياديّة لهذه الثورة ، العقيدة و المقاربة الإستراتيجيّة الأساسيّتين للقتال الشامل ينبغي بإستمرار تطويرهما و جعلهما " عمليّتين " أكثر في المفهوم – أي يجب مزيد تحليلهما و جعلهما ملموستين أكثر ، خاصة بمعنى ما سيمثّل طرقا عمليّة للظفر – تنبع من ذلك و تخدمه ، و الطبيعة و المظاهر الخاصتين للمواجهات مع الجانب الآخر ، خاصة في المراحل الأولى و ( بقدر الإمكان ) عامة .
و كما جرى الحديث عن ذلك آنفا ، عامل هام في ما يتعلّق بكلّ ها هو الإمكانيّة الحقيقيّة لحرب أهليّة بين الفئات المتعارضة من المجتمع ، و كيف يمكن لهذا أن يؤثّر في المؤسّسات المفاتيح لسلطة دولة هذا النظام . و إن كانت مثل هذه الحرب الأهليّة لتنشب – أو حتّى إن كانت الإنقسامات المتعمّقة في المجتمع تتحرّك بصورة مباشرة أكثر نحو مثل هذه الحرب الأهليّة – يمكن أن يكون لهذا تأثير على مثل هذه المؤسّسات بأفق حقيقي لإنقسامات في صفوفها ، و حتّى إمكانيّة إنفصالات عن مثل هذه المؤسّسات ، ببعض الأجزاء تقف إلى جانب الفاشيّين و أخرى إلى جانب الذين على الضفّة المقابلة للفاشيّين.
و هذه الإمكانية شيء ستحتاج العقيدة الأساسيّة و المقاربة الإستراتيجيّة للقوى المقاتلة الثوريّة أن تأخذه بعين الإعتبار و أن تستثمره . لكن لكي تحقّق القوى الثوريّة النصر و تُدمج في صفوفها أعدادا هامة من ضمن المؤسّسات الحاكمة و القمعيّة لهذا النظام ، و القيام بذلك على نحو يحافظ عمليّا على الطابع التحريري للقوى الثوريّة و يقوّيها على ذلك الأساس ، سيكون من الضروري للصفوف الثوريّة أن تُصهر ليس فقط بمعنى القدرة القتاليّة [ وهي بداية أمر غاية في الأهمّية ] بل بمعنى توجّهها الإيديولوجي و السياسي الجوهريّ ، كمقاتلين و مقاتلات من أجل تحرير الإنسانيّة .
و إلاّ ، حتّى لو تمّ كسب قوى منالجانب الآخر ، نظرا لكيفيّة تعويدها و تدريبها ، قد ينتهى الأمر إلى تحديد إطار الأشياء على أساس سيّء جدّا و يؤدّى إلى الهزيمة بشكل أو آخر ( إمّا هزيمة تامة على يد العدوّ ، أو هزيمة بمعنى أنّه حتّى و إن تمّ تحقيق إنتصار عسكري بشكل ما ، الطريقة التي تحقّق بها لن تؤدّي إلى نظام جديد و أفضل حيث يمكن أن يجري تغيير المجتمع و في نهاية المط-اف العالم قاطبة ، لإجتثاث كافة الإستغلال و الإضطهاد ).
و إليكم شيئا آخر للأخذ بعين النظر أيضا : المهمّ ، مع إقتراب المعركة الشاملة ، ليس حجم ( بالملايين ) الثوريّين و الثوريّات فحسب بل أيضا " مكوّناتهم " التي تشمل الجماهير من الأكثر عُرضة للإضطهاد ، لا سيما الشباب ، و كذلك أعداد كبيرة من أناس من فئات أخرى من المجتمع ؛ كيف سترتبط تلك " المكوّنات " من الثوريّين و الثوريّات بمكوّنات القوى المناهضة، كيف ، بدوره ، سيرتبط هذا بالتناقضات الإجتماعيّة الكبرى في المجتمع الأوسع ( على سبيل المثال ، الإضطهاد العنصري و الجنسيّ و الجندريّ ) .
كي يكون الأمر ملموسا أكثر ، و لمزيد تفكيك هذا : إنطلاقا من مصالحهم ، إضطرّ حكّام هذه البلاد إلى إلى أن يجلبوا أعدادا واسعة من المضطهدين إلى جيشهم ، بمن فيهم نساء و سود و لاتينو . و إلى درجة أنّ هذه الصفوف ستشاهد ضمن جماهير الثوريّين و الثوريّات " أناسا مثلهم " ، سيعزّز هذا القدرة الكامنة للقوّات الثوريّة على جعل القوى التي تبحث عن قمعها تتحلّل و تتسبّب في إرتدادات ذات دلالة من صفوفها إلى صفوف الثورة .
و طبعا ، كما وقعت الإشارة إلى ذلك في " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا " ، هذا العامل ( مكوّنات الثوريّين و الثوريّات في علاقة بالقوى المناهضة ) لن تتمّ ترجمته " آليّا " إلى دعم – أو حتّى إرتدادات إلى – جانب الثورة ؛ لكن هذا عامل موات كامن سيحتاج إلى أن نبني عليه بوعي و بالملموس عبر سيرورة القتال الشامل . و ستكون إمكانيّة هذا على الأرجح حتّى أكبر في إطار حرب أهليّة فعليّة ، بمرّة أخرى ، " أفق حقيقيّ لإنقسامات " في صفوف مؤسّسات الفرض العنيف لهذا النظام و " حتّى الإنفصال عن مثل هذه المؤسّسات ببعض الأجزاء تقف إلى جانب الفاشيّين و أخرى إلى جانب الذين على الضفّة المقابلة للفاشيّين " .
و في علاقة بهذا ، إليكم نقطة حيويّة أخرى : نحن ، الشيوعيّون الثوريّون و الجماهير الشعبيّة التي تنمو بإستمرار تحت قيادتنا ، يجب أن نتقدّم إلى الواجهة في خوض النضال ضد الفاشيّين و أن نقوم بذلك على أساس ثوريّ ، و ليس كمدافعين عن الديمقراطيّة – البرجوازيّة الإمبرياليّة . و ستكون لهذا كلّ الصلة بإمكانيّة إعادة الإستقطاب بصفة مواتية أكثر للثورة بما في ذلك القتال الشامل الفعليّ .
و خلال كلّ هذا ، سيكون ذا أهمّية كبرى أن نعتمد بصلابة على و أن نبقي بإستمرارفى الأذهان و نطبّق تطبيقا صريحا التوجّه و المقاربة الأمميّين الأساسيّين اللذين يمثّلان مكوّنا أساسيّا من الشيوعيّة الجديدة . و مثلما نبّهت إلى ذلك في " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا " :
" بطريق الحتم ، ستتأثّر هذه الثورة و بدورها ستؤثّر بصفة هامة في ما يحدث في البلدان الواقعة جنوبها ( و شمالها ) ، و التي كانت للولايات المتّحدة علاقات متداخلة وثيقة معها تاريخيّا و التي قد وقعت في عديد الحالات تحت سيطرة و نهب الإمبرياليّين الأمريكان . "
و هنا أودّ أن ألفت النظر إلى كتاب جديد هام جدّا نشرته المنظّمة الشيوعيّة الثوريّة ، المكسيك ، " الأمل الثوريّ " [ La Esperanza Revolucionaria ] و قد جرت ترجمته إلى الأنجليزيّة وهو متوفّر على موقع أنترنت revcom.us ).
و يمضى " شيء فظيع أم شيء تحريري حقّا " ليسجّل هذه النقطة الهامة :
" و بصفة أعمّ ، ستوجد طرق تنظر بها إلى هذه الثورة و تتعاطى معها شتّى القوى، أبعد بكثير من الحدود الراهنة لهذه البلاد. ستكون لقتال جدّي من أجل الثورة في هذه البلاد – هذه البلاد – إنعكاسات سياسيّة قويّة مزلزلة ترسل برجّات زلزال عبر العالم . و صحيح أنّ من ردود الفعل ستكون أنّ الحكومات و القوى القمعيّة الإضطهاديّة عبر العالم ستنظر إلى هذا على أنّه تهديد جدّي لموقعها و أهدافها ، و ثمّة إمكانيّة حقيقيّة لحدوث تحرّكات من قبل بعض هذه القوى لدعم أو للإلتحاق بمحاولات سحق هكذا ثورة . و في الآن نفسه ، هكذا ثورة ستوقض كالزلزال و تزعزع إيجابيّا بقوّة تماما مليارات البشر في كلّ أرجاء كوكبنا مقطّعة أوصال فكرة عدم وجود إمكانيّة بديل لهذا العالم الرهيب . عامة ، ستساهم تقريبا بشكل مؤكّد و إلى درجة هامة جدّا في إعادة الإستقطاب على الصعيد العالمي . " [ فكّروا في التأثير ، حتّى على أناس السائرين الآن في تيّارات سيّئة جدّا ، مثل الأصوليّة الإسلاميّة . فجأة تصبح الأشياء مختلفة تماما في العالم – هناك نضال ثوريّ حقيقيّ ، تحريريّ ، بأفق إنتصار عملي ، يجري في هذه البلاد . فكّروا في التأثير على مئات ملايين الشباب و كذلك الآخرين عبر العالم . ]
كلّ هذا يحتاج إلى أن تأخذه بعين الإعتبار القوى القياديّة لهذه الثورة ، كجزء هام من توجّهها و أهدافها الإستراتيجيّين
يرتهن كلّ شيء بإيجاد شعب ثوريّ:
و قد تفحّصنا بشيء من العمق ، و في إطار شامل ، الأساس الضروري و خارطة الطريق الأساسيّة للثورة التي صارت ممكنة ( أكثر ) – و نحن في حاجة ملحّة إليها – الآن نعود مرّة أخرى إلى هذه النقطة الحيويّة :
" يرتهن كلّ شيء بإيجاد شعب ثوريّ من صفوف المضطهَدين بأكثر مرارة و من كافة أنحاء المجتمع ، بداية بالآلاف و تاليا بالملايين كقوّة ثوريّة عاتية منظّمة من البداية و في إنسجام مع أفق البلد بأسره ، تؤثّر في المجتمع كلّه و تغيّر إطار كيفيّة رؤية الجماهير الشعبيّة للأشياء و كيف يتعيّن على كلّ مؤسّسة أن تردّ الفعل . و عليه يجب تركيز كلّ شيء الآن على إنشاء هذه القوّة الثوريّة و تنظيمها تنظيما عمليّا . "(9)
هوامش المقال :
1. The 5 STOPS are:
STOP Genocidal Persecution, Mass Incarceration, Police Brutality and Murder of Black and Brown People!
STOP The Patriarchal Degradation, Dehumanization, and Subjugation of All Women Everywhere, and All Oppression Based on Gender and Sexual Orientation!
STOP Wars of Empire, Armies of Occupation, and Crimes Against Humanity!
STOP The Demonization, Criminalization and Deportations of Immigrants and the Militarization
of the Border!
STOP Capitalism-imperialism from Destroying Our Planet!
2. The film and text of Why We Need An Actual Revolution And How We Can Actually Make Revolution are available at revcom.us in BA’s Collected Works.
3. The Constitution for the New Socialist Republic in North America is available at evcom.us.
4. REVOLUTION AND RELIGION: The Fight for Emancipation and the Role of Religion A Dialogue Between CORNEL WEST & BOB AVAKIAN. This film of the Dialogue is available at revcom.us in BA’s Collected Works.
5. The Points of Attention for the Revolution are available at revcom.us.
6. This is from Breakthroughs, The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism, A Basic Summary, by Bob Avakian, that is also available at revcom.us.
7. Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating: Profound Crisis, Deepening Divisions, The Looming Possibility Of Civil War—And The Revolution That Is Urgently Needed, A Necessary Foundation, A Basic Roadmap For This Revolution, by Bob Avakian is available at revcom.us. The statement quoted here can be found in Why We Need An Actual Revolution And How We Can Really Make Revolution this statement originally appeared in From the Central Committee of the Revolutionary Communist Party, USA: How We Can Win—How We Can Really Make Revolution, which is available at revom.us.
8. La Esperanza Revolucionaria [Revolutionary Hope] available at revcom.us.
9. This is from “Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating.”

(20)
وضع نهاية للإستغلال و للإضطهاد كلّه
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 817 ، 28 أوت 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/putting-end-exploitation-and-all-oppression

في مقال سابق ، حلّلت ما هو الإستغلال و كيف أنّه أساس النظام الرأسمالي و كيف يمكن وضع نهاية له ب " القيام بالثورة للإطاحة بهذا النظام و تعويضه بنظام مغاير جوهريّا و أفضل بكثير ، يستند على " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " (1) . و هنا سأتفحّص أكثر بعض الأبعاد المفاتيح لهذا .
إنّ الأنظمة الإقتصاديّة ( أنماط . أساليب الإنتاج ) القائمة على الإستغلال أنظمة فيها جزء من عمل المستغَلِّين يقع دفع مقابل له ( بشكل ما ) بينما جزء آخر من ذلك العمل لا يدفع له مقابل ( غير مدفوع المقابل ) ، و الثروة التي ينتجها ذلك العمل غير مدفوع المقابل يتمّ تملّكها ( الإستحواذ عليها ) من طرف قوّة لها موقع أعلى و بالفعل تتحكّم في المضطرّين للعمل في ظلّ هذه الظروف .
الرأسماليّة و العبوديّة :
ليست الرأسماليّة النظام الوحيد القائم على الإستغلال . إلاّ أنّها نظام فيه لا يبدو الإستغلال واضحا بشكل مباشر . إنّها نظام يبدو فيه ظاهريّا أنّ العمل " يدفع له مقابل تام " – أنّ " تبادلا متساويا حدث " بين الرأسمالي و العمّال الذين يستغلّهم الرأسمالي : يدفع الرأسمالي للعمّال أجورا و ينجزون عملا للرأسمالي . لكن في الواقع ، مثلما هو الحال في كافة الأنظمة الإستغلاليّة ، جزء من عمل العمّال المستغَلِّين في ظلّ الرأسماليّة يدفع له مقابل و جزء لا يدفع له مقابل : أجر العامل لا يساوى غير جزء القيمة ( الثروة ) التي ينتجها بينما يعمل من أجل الرأسمالي ، و بقيّة القيمة التي ينتجها عمله تذهب إلى الرأسمالي .
و العبوديّة على النقيض من الرأسماليّة في هذا المضمار : ففي ظّ النظام العبودي ، يبدو ظاهريّا أنّ كلّ عمل العبيد " غير مدفوع المقابل " لأنّه عامة لا يقع دفع مالهم لهم كمقابل . لكن في الواقع " يقع دفع مقابل لهم " / مع كلّ الفظاعة الرهيبة للنظام العبودي ، يوفّر مالكو العبيد بالكاد الحاجيات الأدنيا للحياة ، من مثل شكل من السكن و الغذاء و الثياب إلخ . ذلك أنّه لو لم يفعل مالكو العبيد ذلك ، سرعان ما سيصبح العبيد غير قادرين على العمل و سيُفلس مالكو العبيد . ما يميّز العبوديّة بصفة خاصة ، على أنّها نظام فظيع ، ليس أنّ عمل العبيد كلّيا " غير مدفوع المقابل " ، بل أنّ العبيد تماما ملكيّة ملكى العبيد ، مع كلّ ما يعنيه ذلك – الفظائع الرهيبة التي يوقعها بإستمرار مالكو العبيد بالعبيد . بما فيها الإغتصاب الجماعي و بيع الأطفال بعيد عن أوليائهم ، و الجلد بالسوط و عقوبات عنيفة أخرى للعبيد ، ليس للتمرّد ضد مالكى العبيد وحسب بل لمجرّد محاولة الفرار أو ببساطة الإخفاق في التلبية المستمرّة لمتطلّبات عملهم ( مثلا، قدر القطن المطالبين بجمعه يوميّا ).
بديهيّا ، بالنسبة إلى العبيد ، ما من شيء جيّد في نظام العبوديّة – فهو مريع مطلقا .
خلاصة القول : في كلا هذين النظامي ن النظام الرأسمالي و النظام العبودي – من ينجزون العمل المنتج يقع إستغلالهم لكن في حال ( الرأسماليّة ) يبدو أنّ العمل مدفوع المقابل تماما ، أجر ، في ما يبدو " تبادلا متساويا " ؛ بينما في الحال الأخرى ( العبوديّة ) يبدو أنّ العمل كلّه غير مدفوع المقابل. لكن مع الإختلافات الحقيقيّة جدّا بين هذين النظامين الإستغلاليّين، في كلتا الحالتين العمل جزء من العمل يدفع له مقابل فيما لا يدفع للجزء الآخر مقابل .
هذا هو المظهر الأساسي و المحدّد للنظام الإستغلالي : من يقع إستغلالهم مجبرون بطريقة أو أخرى ، على إنجاز العمل الذى ينتج ثروة أكثر ممّا هي ضروريّة لبقائهم على قيد الحياة و لقدرتهم على العمل – و لا تذهب تلك الثروة إليهم أو لمصلحتهم ، بل إلى طبقة من الناس موقعها أعلى وهي فعلا تتحكّم فيهم . (2)
جوهر الإستغلال ليس أنّ الناس مجبرين على العمل الشاق . و ليس ببساطة أنّهم ينتجون فائضا عبر العمل غير مدفوع المقابل . جوهر الإستغلال هو أنّهم مجبرون على القيام بذلك في ظروف إضطهاد و إغتراب : لأنّ الذين يعمل ن أجلهم المستغَلّون يملكون سلطة حياوة أو موت عليهم ، بشكل أو آخر ... لأنّه ليس لهم رأي في ما هو هدف عملهم ، و لا في كيف تستعمل الثروة المنتجة ، و لمصلحة من ... و لأنّ تملّك المستغِلّين للثروة المنتجة يقوّى موقع هؤلاء المستغِلّين في علاقة بالمجبرين على العمل لأجلهم .
في ظلّ العبوديّة ، سلطة مالكى العبيد على حياة أو موت العبيد بديهيّة . و في ظلّ الرأسماليّة سلطة الحياة و الموت هذه أقلّ بروزا و تشدّدا لكنّها موجودة بالمعنى الحقيقي لأنّ الطبقة المستغَلّة من العمّال المأجورين ( البروليتاريا ) في موقع لا يخوّل لها البقاء على قيد الحياة ( لا يمكن أن تحصل سوى على وسائل الحياة ) بالعمل لأجل رأسمالي أو آخر يستغِلّها – و يدفع هؤلاء الرأسماليّين بإستمرار من يستغلّونهم إلى ما هو أصعب و ما هو أشقّ أو يرمون بهم إلى الشوارع ، حسب حاجيات الرأسماليّين الذين هم أنفسهم تحرّكهم المنافسة بلا هوادة في ما بينهم . ( وجود عدد هام من الناس الذين لا يمكن تشغيلهم بصفة مربحة ، و هم بالتلي غير مشغَّلين ، مظهر قار من مظاهر الرأسماليّة ، و التهديد المستمرّ بالبطالة يقوّى نفوذ الرأسماليّين في علاقة بالعمّال الذين يشغّلونهم ، و يستغلّونهم ) .
وضع نهاية للإستغلال و الإضطهاد :
لوضع نهاية للإستغلال ، لا بدّ من وضع نهاية للظروف التي ينهض عليها الإستغلال . و يتطلّب هذا التغيير الراديكالي الشامل للمجتمع و في نهاية المطاف للعالم ككلّ . إنّه يتطلّب ، كقفزة كبرى أولى ، الإطاحة بالنظام الاقتصادي و السياسي الرأسمالي و تعويضه بنظام إشتراكي يتحرّك نحو إلغاء أسس الإستغلال . و في المجال الاقتصاديّ الجوهريّ ( نمط / أسلوب الإنتاج ) ، يتطلّب الأمر مصادرة أملاك الرأسماليّين المستغلّين : وضع نهاية لملكيّة الرأسماليّين و تحكّمهم في وسائل الإنتاج ( الأرض و المواد الأوّليّة و المصانع و الآلات و التكنولوجيا الأخرى المستخدمة في الإنتج ) ، محوّلين وسائل الإنتاج هذه إلى ملكيّة مشتركة للمجتمع يستعملها الحكم الإشتراكي بطريقة مخطّطة خدمة لمصلحة الجماهير الشعبيّة التي أنتجت وسائل الإنتاج هذه ، من خلال عملها الجماعي ( حتّى و إن كان ذلك العمل قد أنجز في ظلّ ظروف إستغلال من الرأسماليّين ). (3)
لكن مهما كانت هذه خطوة حيويّة – و بالمعنى الواقعي ، تاريخيّة – ليست سوى البداية . فلا يزال الحال أنّه ليسير المجتمع و لتلبية حاجيات الناس ( الحاجيات الماديّة الأساسيّة ، لكن أيضا الحاجيات السياسيّة و الإجتماعيّة و الفكريّة و الثقافيّة ) على أساس متّسع بإستمرار ، لا بدّ من إنجاز عمل منتج كقاعدة لكلّ هذا . و للقضاء على الإستغلال ، من الضروري تغيير طابع ذلك العمل . يجب أن يصبح عملا غير إستغلاليّ و لا إغتراب فيه لمن ينجزونه .
و هناك إختلاف عميق و جوهريّ بين الدفع للعمل الشاق من قبل قوّة في موقع أعلى -و بالمعنى الواقعي تتحكّم في ما يتمّ فعله - و من الجهة الأخرى العمل الشاق مع الأحبّاء و الأصدقاء و الرفاق لإنجاز أهداف حدّدتموها معا و إتّفقتم حولها . لقد إختبر عديد الناس هذا الإختلاف في حياتهم اليوميّة . موسّعا إلى مستوى بلاد و في نهاية المطاف العالم بأسره ، هذا هو الإختلاف العميق ، الجوهريّ بين الحياة في ظلّ نظام قائم على الإستغلال ، مثل الرأسماليّة ، و الحياة في ظلّ نظام هدفه إلغاء الإستغلال و كافة العلاقات الإضطهاديّة التي تترافق مع الإستغلال .
و لبلوغ هذا التغيير التاريخي ، يجب تغيير طبيعة العمل و العلاقات التي يُنجز في إطارها العمل ( علاقات الإنتاج ) ، إلى جانب ( و كأساس ) تغيير طبيعة المجتمع ككلّ . بالنسبة إلى أيّ مجتمع كي يواصل السير ، يجب إنتاج فائض – أكثر ممّا يحتاجه الناس لتلبية الحاجيات الأساسيّة للحياة . و إختلاف جوهريّ بين نظام إستغلالي و نظام غير إستغلالي يكمن في كيفيّة خلق هذا الفائض و كيفيّة إستعماله و كيف تتّخذ القرارات حول هذا .
في مجتمع إشتراكي ، الشغل مضمون للناس ، و بهذا المعنى النضال الفردي للبقاء على قيد الحياة يصبح شيئا من الماضيّ – يكفّ عن أن يكون شيئا يشغل بال الناس أو أمرا يخشونه . لكن أبعد من ذلك ، الفائض المنتج في المجتمع الإشتراكي يجب أن يُستعمل للتوسيع المستمرّ لأساس تلبية الحاجيات الشاملة للناس بما في ذلك في مجال التعليم و الثقافة و ما إلى ذلك ؛ للتعاطي مع الكوارث الطبيعيّة و التصرّف كمعتنين بالبيئة ؛ للدفاع عن البلد الإشتراكي ضد الهجمات – و بصفة حيويّة لتوفير قاعدة ماديّة متّسعة للنضال من أجل إلغاء و إجتثاث علاقات الإضطهاد داخل البلاد و لمساندة النضال الثوريّ في العالم ككلّ – بينما أيضا يقع الإعتناء بالأجيال القادمة . لذا ، مرّة أخرى ، المسألة الحيويّة هي : كيف ، في ظلّ أيّة ظروف يتمّ إنتاج ذلك الفائض و لأيّة أغراض يُستخدم ؟
لتجاوز نظام قائم على الإستغلال ، لا يجب إلغاء الملكيّة الخاصة لوسائل الإنتاج للرأسماليّين المتنافسين و تعويضها بملكيّة إشتراكيّة للمجتمع ككلّ فحسب ، بل يجب كذلك تجاوز الإنقسامات الإضطهاديّة المميّزة للمجتمع الإستغلالي القديم . و يشمل هذا التقسيم إلى عمل فكريّ و عمل يدويّ - العلاقات اللامتساوية بين الذين عملهم في الأساس فكريّ ( العمل الفكريّ ) و الذين ينجزون عملا هو في الأساس جسديّ ( عمل يدويّ ) . و يشمل كذلك العلاقات العرقيّة و الجنسيّة و الجندريّة و إنقسامات أخرى تتضمّن أساس إضطهاد و تناقض عدائيّ بين أقسام مختلفة من المجتمع .
كلّ هذا مبني ّ في أسس الرأسماليّة و أنظمة أخرى قائمة على الإستغلال . و كلّ هذا يجب تغييره لأجل القضاء على الإستغلال. و في الوقت نفسه ، يجب على الجماهير الشعبيّة أن تشارك بطريقة متنامية الوعي في تحديد الأهداف و في التخطيط لتلبية الأهداف ، في تطوير الاقتصاد و المجتمع ككلّ ، و ليس ببلد معيّن في الذعن بل بالتوجّه الجوهريذ للمساهمة في تغيير العالم بأسره ، بإتّجاه الهدف النهائيّ للشيوعيّة ، مع إلغاء كلّ الإستغلال و الإصضطهاد في جميع الأماكن .
يمثّل كلّ هذا أساس تحوّل العمل المنجز كقاعدة للمجتمع إلى عمل غير مغترب و غير إستغلالي بل و يساهم في التحرير على أساس تطوّعي جوهريّا و واعي متنامي . و مجدّدا ، المعنى هنا هو إختلاف عميق بين الإضطرار إلى العمل الذى تفرضه قوّة في موقع أعلى و تتحكم في ألآخرين – وهو الوضع في ظلّ الرأسماليّة و كافة الأنظمة الإستغلاليّة – من جهة و من الجهة الأخرى ، العمل معا مع آخرين لتطوير بطريقة تتوسّع بإستمرار ، الأساس المادي / الاقتصادي لبلوغ أهداف وقع تحديدها معا جماعيّا وهي توسّع بلا توقّف حرّية البشر من مجرّد الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة ، و كذلك من العلاقات الإضطهاديّة – حرّية تنمو بإطّراد في المجتمع الإشتراكي و تبلغ حتّى أبعادا أتمّ عند تحقيق الشيوعيّة على الصعيد العالمي . (4)
التوجّه الأساسي و الخطوط العريضة الملموسة لإنشاء مجتمع و في نهاية المطاف عالم بأكمله حيث يصبح هذا واقعا محدّدين في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " . (5)
كلّ من يتطلّع أو يحلم بعالم يكفّ فيه البشر عن أن يكونوا مستغَلّين و مضطهَدين – و إنّما يزدهرون حقّا بأتّم معنى إنسانيّتهم – يحتاج أن يعمل بوعي و بنشاط و بلا كلل من أجل الثورة التحريريّة التي تحوّل هذا إلى واقع . و للأسباب التي حلّلت في عدد من الأعمال ، هذا " زمن نادر " حيث هذه الثورة ليست ضرورة بصفة إستعجاليّة فحسب بل هي ممكنة أكثر – و هذا " الزمن النادر " لا يجب التفريط فيه و هدره بل يجب إغتنام الفرصة بتصميم واعي على إنجاز هذه الثورة التحريريّة .(6)
**********
ملاحظات و مزيد الشرح و نقاط للإستكشاف ( لبوب أفاكيان )

1- مقال " الإستغلال : ما هو . و كيف نضع له نهاية " متوفّر على موقع أنترنت revcom.us
2- كارل ماركس ، مؤسّس الشيوعيّة ، أشار إلى أنّ في النظام الإقطاعي العلاقة بين العمل المدفوع المقابل و العمل غير مدفوع المقابل أوضح ممّا في الأنظمة الأخرى : في هذا النظام ، ينجز الأقنان العمل في الأرض التي يملكها السادة الإقطاعيّون و قسم كبير ممّا يُنتجه الأقنان يذهب إلى السيّد الإقطاعي بينما يُسمح للأقنان بالإحتفاظ بقسط صغير فقط من إنتاجهم من أجل حاجياتهم الأساسيّة جدّا. و نظام المغارسة الذى وُجد في جنوب الولايات المتّحدة لتقريبا قرنا من الزمن بعد الحرب الأهليّة – و فيه جماهير السود ( و بعض البيض الفقراء ) كانوا يتعرّضون إلى إستغلال خبيث – كان في الأساس شكلا من أشكال هذا النظام الإقطاعيّ . لكن ، مرّة أخرى ، هذا النظام الإقطاعي الإستغلالي الذى فيه العلاقة بين العمل المدفوع المقابل و العمل غير مدفوع المقابل بديهيّة أكثر ، له نقاط إلتقاء مع كافة الأنظمة الإستغلالية حيث جزء من عمل الذين يقع إستغلالهم مدفوع المقابل ، بشكل أو آخر ، و جزء غير مدفوع المقابل ، و القيمة التي ينتجها العمل غير المدفوع المقابل تتملّكها قوّة موقعها أعلى ، وهي بالمعنى الواقعي تتحكّم في الذين يجدون أنفسهم مجبرين على العمل في ظلّ هذه الظروف .
3- في كتاب " إختراقات : الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعيّة الجديدة ..." ، أناقش دور العمل في إنتاج وسائل الإنتاج . و هذا الكتاب متوفّر أيضا على موقع أنترنت revcom.us
4+5 – ملاحظة حول التالي :
و مجدّدا ، المعنى هنا هو إختلاف عميق بين الإضطرار إلى العمل الذى تفرضه قوّة في موقع أعلى و تتحكم في ألآخرين – وهو الوضع في ظلّ الرأسماليّة و كافة الأنظمة الإستغلاليّة – من جهة و من الجهة الأخرى ، العمل معا مع آخرين لتطوير بطريقة تتوسّع بإستمرار ، الأساس المادي / الاقتصادي لبلوغ أهداف وقع تحديدها معا جماعيّا وهي توسّع بلا توقّف حرّية البشر من مجرّد الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة ، و كذلك من العلاقات الإضطهاديّة – حرّية تنمو بإطّراد في المجتمع الإشتراكي و تبلغ حتّى أبعادا أتمّ عند تحقيق الشيوعيّة على الصعيد العالمي .
و اين قيل أنّ الأهداف " وقع تحديدها معا جماعيّا " يحيل هذا على سيرورة عامة تعنى ، من جهة أشكالا جماهيريّة للنقاش و الجدال المباشر للجماهير لهذه الأهداف ، و كيفيّة بلوغها ، و انتخابات على مستويات متباينة من المجتمع ، وصولا إلى مستوى الحكم المركزي ، و من خلالها يساهم الناس في المسائل الكبرى المتّصلة بتطوّر الاقتصاد و المجتمع عامة . و في حين أنّ بعض هذا سيحدث على مستوى الوحدات الإقتصاديّة الأساسيّة و مؤسّسات المجتمع ( مثلا ، المعاهد و أيضا مواقع العمل ) – فإ،ّ كلّ هذا سيُغذّى مستويات مختلفة من الحكم ، وصولا إلى الحكم المركزي للمجتمع ككلّ . إنّه من خلال هذه السيورة العامة – و ليس مستوى مصانع خاصة أو مواقع عمل أو مؤسّسات أخرى – ستتّخذ القرارات النهائيّة بشأن الأهداف و وسائل تحقيق هذه الأهداف ، بالنظر إلى تطوير الاقتصاد و المجتمع ككلّ . و بينما تعدّ مساهمة المستويات القاعديّة للمجتمع جزءا ضروريّا و حيويّا من هذه السيرورة ، إن تُرك إتّخاذ القرار على صعيد وحدات إقتصاديّة خاصة أو أقسام خاصة أخرى من المجتمع – بدلا من تحديده في نهاية المطاف بمؤسّسات حكم المجتمع ككلّ ، بناءا على مساهمتهم عبر المجتمع – عندئذ ستكون النتيجة أنّ حاجيات و مصالح مختلف الفئات الخاصة من المجتمع في نزاع مع بعضها البعض ، و سيقع تقويض المصالح المشتركة الأوسع للشعب و سيُسحب المجتمع إلى الخلف بإتّجاه العودة إلى نظام قائم على الإستغلال.
ما هناك حاجة إليه هو مخطط عام للأهداف ، ووسائل تحقيق الأهداف ، للمجتمع ككلّ ، بكافة فئات المجتمع تساهم بدرجة هامة ، و تقوم بمبادرات ذات دلالة ، ضمن هذا الإطار العام و المخطّط العام . و معيار هذا المخطّط هو تجسيد و تشجيع العلاقات التي ليست إستغلاليّة و إنّما تحريريّة ، هو أنّها تساهم في التوسيع المستمرّ لح{ّية البشر من مجرّد الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة و كذلك من العلاقات الإضطهاديّة .
و مرّة أخرى ، التوجّه الأساسي و الخطوط العريضة الملموسة لإنشاء مجتمع و في نهاية المطاف عالم بأكمله حيث يصبح هذا واقعا محدّدين في " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " المتوفّر على موقع أنترنت revcom.us.
6- أنظروا ، على سبيل المثال ، " شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا ..." المتوفّر على موقع أنترنت revcom.us .
و ختاما : مادة للتفكير و مزيد الإستكشاف : مستلزم هام ىخر للتقدّم نحو عالم شيوعي – التجاوز التام للرأسماليّة و كافة العلاقات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة – هو أن تكون القدرة الإنتاجيّة للمجتمع قد تطوّرت على أساس غير إستغلالي ، إلى درجة تكون معها الحاجيات الأساسيّة للناس من أجل حياة كريمة و الحاجيات العامة للمجتمع قابلة للتلبية دون إضطرار معظم الناس إلى القضاء معظم ساعات يقظتهم في العمل الجسديّ ، و يقع تحريرهم ليشاركوا في عديد الأبعاد الأخرى من العمل و الحياة . و إلى جانب هذا ، اللامساواة في الدخل بين الناس يجب القضاء عليها و تجاوزها ، مع النقد / المال الذى يكفّ عن لعب دور في العلاقات بين الناس – وضع لا يعود فيه النقد / المال يحدّد أو يؤثّر في إنتاج و تبادل الأشياء في المجتمع ، و بالفعل يكون النقد / المال قد أُلغي تماما من سير المجتمع . ما هي الظروف الضروريّة و كيف يمكن للمجتمع أن يسير على نحو يمكّن البشر من الحياة في عالم أين النقد / المال لم يعد له دور و أُلغي هو و علاقات اللاماواة و الإضطهاد ... و حيث يمكن تلبية حاجيات الناس ، على أساس يتّسع بإستمرار ، دون نقد / مال و دون حاجة الناس إلى الحساب حسابا بائسا للعلاقات الماليّة...كيف يمكن للمجتمع أن يسير وفق المبدأ الشيوعي" من كلّ حسب قدراته، إلى كلّ حسب حاجياته "، حيث يساهم الناس في المجتمع تطوّعا ، متحرّرين من الإنشغال بما إذا ستجرى تلبية حاجياتهم و يحصل الناس بالمقابل على ما يحتاجونه لحياة كريمة ، دون أيّ تبادل للنقد / المال : كلّ هذا يشمل مسائلا معقّدة تستحقّ نهائيّا البحث و الغوص فيها ، حتّى و إن كان هذا خارج مجال هذا المقال الخاص .
(21)
رأسماليّون ، معادون للشيوعيّة : نفاق صارخ و تناقض ساطع
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 818 ، 4 سبتمبر 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/capitalists-anti-communists-blatant-hypocrisy-glaring-contradiction

لقد كان ممثّلوا النظام الحاكم في هذه البلاد دائما و لا زالوا مليئين نفاقا صارخا و تناقضا ساطعا . و كذلك هو حال آخرين الذين يشوّهون – أو ببساطة يرفضون أن يتفاعلوا بجدّية مع – الشيوعيّة ، و بوجه خاص الشيوعيّة الجديدة .
و إليكم بضعة أمثلة مثيرة لا غير :
* " الآباء المؤسّسون " لهذه البلاد ( و أجل ، كانوا " آباء " – رجالا ) صرّحوا في إعلان إستقلالهم أنّ " جميع الرجال خلقوا متساوين " . و مع ذلك عديد هؤلاء الآباء المؤسّسين – بمن فيهم مؤلّف إعلان الإستقلال ذلك ، توماس جيفرسن – كانوا من مالكي العبيد . و أربعة من الخمسة رؤساء الأوائل لهذه " الولايات المتّحدة الأمريكيّة " كانوا من مالكي العبيد .
* قاد هؤلاء " الآباء المؤسّسين " حرب الإستقلال مصرّحين بتصميمهم على التحرّر من طغيان النظام الملكي الأنجليزي ، و قد تبنّوا كمبدأ جوهريّ معارضة الأنظمة الملكيّة . و مع ذلك ورثتهم السياسيّون اليوم بإستمرار يهذون بالعائلة الملكيّة البريطانيّة ، و كلّ حفلاتها السخيفة و المغرورة . قد يبدو هذا شيئا لا أهمّية له إلاّ أنّه عمليّا مثال معبّر عن واقع أنّ هذا النظام الرأسمالي - الإمبريالي فات أوانه بعمق – لقد فات تاريخ صلوحيّته منذ مدّة طويلة ، و فات أوان إمكانيّة أن يكون قوّة إيجابيّة في العالم .
* الموظّفون السياسيّون الأقوياء لهذا النظام ، مثل جو بيدن ، يصرّحون بصفة متكرّرة بأنّ هذه البلاد منذ تأسيسها كانت مشعلا مشرقا للحرّية في العالم و أنّها اليوم منخرطة في الصراع التاريخي العالمي للديمقراطيّة مقابل " الأوتوقراطيّة " . و مع ذلك ، هذه البلاد تضطهد بشكل قاتل الناس داخل و بصفة متكرّرة أرست و تواصل دعم أنظمة قمعيّة مجرمة عبر العالم قاطبة . و بكلمات أحد العبيد السابقين و أحد الأنصار المصمّمين لإلغاء العبوديّة ، فردريك دوغلاس ، " بالنسبة إلى الوحشية المثيرة للتمرّد و النفاق بلا حياء ، أمريكا تسود بلا منازع " – وهي كلمات نطق بها في 1852 غير أنّها تعبذر بقوّة عن حقيقة هذه البلاد ، وصولا إلى يومنا هذا . و هذا مثال آخر عن واقع أنّ المبدأ المرشد لبيدن و البقيّة ليس الولاء ل " الديمقراطيّة " بل الولاء لكلّ ما يعتقدون أنّه يتقدّم بمصالح الولايات المتّحدة الرأسماليّة الأمريكيّة ، مع كلّ الإضطهاد الفظيع و الدمار الرهيب ، للبيئة و البشر عبر العالم .
* في وسائل الإعلام السائدة التي تخدم هذا النظام يتمّ بإستمرار تشويه الشيوعيّين على أنّهم يقدّمون قائدا كأيقونة دينيّة أساسيّة. و مع ذلك وسائل الإعلام هذه نفسها تمدح ، بالتعابير الأكثر جدّية البابا الكاتوليكي – وهو بالنسبة إلى العقيدة الكاتوليكيّة الرسميّة يُعدّ معصوما من الخطأ ( دائما على صواب ، ليس حتّى قادرا على أن يخطأ ) في ما يتّصل بالإيمان و الأخلاق . تصوّروا لو أعلننا أنّ قادة الحركة الشيوعيّة ، نتيجة الموقع الذى يحتلّونه ، معصومين من الخطأ في ما يتّصل بالسياسة و الإيديولوجيا !
* نحن شيوعيّون ثوريّون نستند عمليّا على منهج و مقاربة علميّين لفهم الواقع و تغييره – الشيوعيّة الجديدة – غالبا جدّا ما نُستبعد على أنّنا " طائفة " ، و أنا نفسى " زعيم الطائفة " . و مع ذلك ، إلى جانب هذا التشويه السخيف ، هناك واقع أنّ حكّام هذه البلاد و آخرين يدافعونعن ذات المواقع الأساسيّة ، لن يُدينوا أبدا المسيحيّة على أنّها طائفيّة في حين أنّه من الممكن شرعيّا أن تعتبر كذلك . و قائد المسيحيّة الممدوح ، يسوع ، طالب أتباعه بالولاء بكلمات لن نستخدمها مطلقا نحن الشيوعيّون الثوريّون :
" من أحبّ أباه أو أمّه أكثر ممّا يحبّنى ، فلا يستحقّنى . و من أحبّ إبنه أو بنته أكثر ممّا يحبّنى ، فلا يستحقّنى . و من لا يحمل صليبه و يتبعنى ، فلا يستحقّنى . من حفظ حياته يخسرها ، و من خسر حياته من أجلي يحفظها " ( الأنجيل ، متّى ، 10: 37:39 )
* في المدّة الأخيرة ، كتبت مقالا يتحدّث عن سبب لماذا لن يكون من الجيّد بل سيتسبّب في ضرر حقيقيّ أن نناقش روبار أف كندي الإبن و جنونه المعادي للعلم بشأن التلاقيح ( و غير ذلك من المواضيع ) ؛ و لماذا من الجهة الأخرى ، من المهمّ أم نتفاعل جدّيا مع عديد الأفكار و النظريّات غير المألوفة بما فيها الشيوعيّة الجديدة ( " روبار أف. كندي الإبن ... التدجيل و التآمر ... أفكار غير عاديّة و مقاربة علميّة – المحاورة أو عدم المحاورة – هذه مسألة مبدأ و منهج " ) و مع ذلك ، يظلّ المشكل أنّ عددا كبيرا جدّا يزعمون الإعتقاد في أهمّية عرض و نقاش وجهات النظر المعارضة حول مسائل هامة ، خاصة عندما يكون من الممكن القيام بذلك في إطار عقلاني ، يدوسون مبادئهم الخاصة المعلنة و يتبنّون مناهج رديئة في رفض التفاعل الجدّي مع الشيوعيّة الجديدة و بدلا من ذلك يتمسّكون بعناد بموقف جرى التعبير عنه بفجاجة في هذا الردّ من أكاديميّ على مقالي : يمكن أن يكون روبار أف كندي مشعوذا ، لكن كذلك هو كلّ من يسمّى نفسه شيوعيّ " – موقف يوفّر بسخرية مثالا مثيرا بالضبط للعجرفة و الإستبعاد بدون تفكير للشيوعيّة الشائع جدّا في صفوف الأكاديميّين وغيرهم .

نفاق صارخ و تناقض ساطع :

مثلما كتبت في ذلك المقال :
" لعلّه ، إلى جانب تأثير التشويه الإعلامي المنتشر على نطاق واسع حول الشيوعيّة ، أحد أسباب رفض البعض التفاعل مع هذا الموضوع هو أنّهم يعلمون أنّه ليس لديهم عمليّا أيّة معرفة ملموسة عن الشيوعيّة و تنقصهم خلفيّة صلبة لحكمهم السلبي عليها . و يبدو أنّ البعض لديهم على الأقلّ معنى أوّليّ ( و خوف ) من كون مثل هذا التفاعل سيفرض عليهم أن يتخلّوا عن ما يبدو أنّه أحكام إعتباطيّة مريحة – فالنقاش الجدّي حول الشيوعيّة سيبيّن بالتحديد أنّ ما يعتقد فيه على نطاق واسع ، حكم " يعرف الجميع " بأنّ الشيوعّة كانت فظيعة سيتبيّن أنّه إفتراء خبيث لا صلة له جوهريّا بالواقع ؛ و أنّ الشيوعيّة الجديدة في محاكمتها لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي و نظرتها الشاملة و الملموسة لعالم مختلف راديكاليّا و أفضل ، تمثّل شيئا إيجابيّا بعمق ، شيئا تحريريّا حقاّ ، يحتاج تبنّيه بنشاط و بصفة ملحّة و تطبيقه على العالم .
بالنسبة إلى عديد الناس ، يتطلّب هذا مواجهة ما تبدو حقائق غير مواتية لكن عمليّا تحريريّة و " التحرّك للخروج من منطقة رفاه الشخص ". هل نحتاج أن نقول إنّ هذا ليس سببا شرعيّا أو تبريرا للإخفاق في أو رفض التفاعل الجدّي مع الشيوعيّة الجديدة ؟ التعويل على ألحكام السلبيّة " الأرض المنبسطة " حول الشيوعيّة ، دون التفاعل الجدّيّ ،و بالأخصّ مع الشيوعيّة الجديدة لن يجعل من هذه الأحكام أحكاما صالحة . لن يلغي بل سيساهم في ـابيد الضرر الكبير الذى تتسبّب فيه مثل هذه الأحكام غير الصالحة . لم يمحو واقع أنّه من ناحية ، في ظلّ هيمنة هذا النظام الرأسالي – الإمبريالي – بفرضه العلاقات الرهيبة الإستغلاليّة و الإضطهاديّة و تسريعه في تحطيم البيئة و تشديده من خطر حرب نوويّة – تُدفع الإنسانية نحو كارثة حقيقيّة و من الناحية الأخرى ، أنّ الشيوعيّة الجديدة تمثّل السبيل الوحيد للخروج من هذا الجنون بإتّجاه عالم و مستقبل يستحقّهما البشر و يخوّلان التعبير عن أعلى طموحات الإنسانيّة . " (*)
Robert F. Kennedy Jr... Quackery and Conspiracy... Unconventional Ideas and a Scientific (*)هذا المقال" Approach—To Debate´-or-Not to Debate, That Is a Question of Principle and Method"
revcom.us متوفّرعلى موقع أنترنت
(22)
كيلار مايك ، آيس كيوب ، لماذا لا يمكن للبرامج الرأسماليّة و التطلّعات البرجوازيّة أن تؤدّي إلى التحرير و لماذا نحتاج إلى ثورة فعليّة
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 820 ، 18 سبتمبر 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/why-capitalist-programs-and-bourgeois-aspirations-cannot-lead-liberationandwhy-we-need

بداية ، لكي يكون لدينا الأساس الضروري لما سأتناوله بالبحث هنا ، لنوضّح بعض الأشياء الأساسيّة . ما معنى برجوازيّة؟ إنّها طريقة أخرى لقول (وهي عبارة فرنسية تعنى ) الطبقة الرأسماليّة . و ماذا تعنى " طبقة " ؟ " الطبقة " من الناس هي جزء من المجتمع يتحدّد بموقعه في العلاقات في المجتمع ، و بوجه خاص موقعه و دوره في الاقتصاد . لذا ما هي الطبقة الرأسماليّة ؟ مثلما أشرت إلى ذلك في مقالات عن الإستغلال ، الطبقة الرأسماليّة جزء صغير من المجتمع يهيمن على بقيّة المجتمع على أساس إستغلال الناس – يستعمل الرأسماليّون عمل الناس الآخرين لمراكمة الثروة لأنفسهم (1) . و تحكم الطبقة الرأسماليّة المجتمع الرأسمالي ككلّ بموجب دورها الهيمني في الاقتصاد .
ثمّ هناك البرجوازيّة الصغيرة . وهي تعنى تماما برجوازيّة " صغيرة " و عمليّا تحيل على الطبقة الوسطى – أناس ذوى مشاريع صغيرة الحجم ، أناس ذوى درجات في التعليم العالي ، أناس في الفنّ ، أساتذة و دعاة و آخرين يحتلّون موقعا وسطا بين المستغلّون اكبار ( الطبقة الرأسماليّة الحاكمة ) و البروليتاريّون ، الجماهير الشعبيّة التي يستغِلّها الرأسماليّون . (2)
بهذا كأساس ، لنتوغّل في جوهر الموضوع .
في مقال حديث ، حدّدت السلاسل التى تقيّد الناس الذين يحتاجون بيأس إلى التحرّر و من ذلك البحث المحموم عن المال و الميزوجيني – كره النساء و إهانتهنّ بطرق لا حصر لها . و تحدّثت عن كيف أنّ كلّ هذا " يروّج له بإستمرار و يضخّ في " الثقافة الشعبيّة " و منها موسيقى الهيب هوب . ( و عرّجت كذلك على كيف أنّ هذه الزبالة قد شوّهت هذا الشكل الفنّي المبدع ، الهيب هوب ، الذى كان يمكن أن يكون و ينبغي أن يكون صوتا قويّا من أجل التحرير غير أنّه تحوّل إلى شيء آخر في ظلّ هيمنة هذا النظام الرأسمالي الإمبريالي ) (3).
في ظهور له كضيف شرف ، كنفسه ، في حلقة حديثة من برنامج عرض خيالي ، " مليارات " ، قدّم صاحب موسيقى الراب و الممثّل كيلر مايك مثالا مذهلا آخر بالذات عن المشكل العميق الذى كنت أشرت إليه . قبل كلّ شيء ، في حوار مع الشخصيّة مايك برنس ، ملياردار مالي طفيلي ، لم لم يشعر كيلر مايك حتّى بالحرج وهو يقول إنّه " معجب " بنوادى التعرّى – وهي تعبير مركّز للإهانة الجنسيّة للنساء .
ثمّ ، في ذات الحوار مع الشخصيّة برنس ، مضى كيلر مايك إلى طلب أن يستثمر برنس ( الذى يتقدّم كمترشّح للرئاسة ) في بعض بنوك السود . ( و وعد برنس بالقيام بذلك و بالمقابل وعد كيلر مايك بمساندة برنس ). و كما يصوّر ذلك هذا البرنامج ، يفكّر كيلر مايك و يتحدّث مثل مموّل طفيلي هو ذاته . و بصورة هامة ، كما شرحت في مقال آخر ، في النظام الرأسمالي ، البنوك مؤسّسات تكسب الأموال على أساس إستغلال الجماهير الشعبيّة . و ينطبق التالي على البنوك و على مؤسّسات رأسماليّة أخرى :
" و إليكم النقطة الأكثر جوهريّة : مصدر الثروة التي يراكمها مختلف الرأسماليّين هي إستغلال الناس المضطرّين إلى العمل لدي رأسمالي او آخر ( أو شركة رأسماليّة إلخ ) في سيرورة إنتاج السلع التي يستهلكها الناس . " (4)
و في تعارض مع ما يقع تقديمه بإستمرار في هذه البلاد بما في ذلك من خلال الأفلام و البرامج التلفزيّة ك " مليارات " :
" عمل هؤلاء المستغَلّين من طرف الرأسماليّين – و ليس " الذكاء الخارق " أو " العبقريّة التجريّة " للرأسماليّين – هو الذى يخلق الثروة التي يتملّكها الرأسماليّون ( يستحوذون عليها لفائدتهم و إستعمالهم الخاصّين ) . "(5)
و في الوقت نفسه ، لا تقوم الرأسماليّة على إستغلال بلا رحمة للجماهير الشعبيّة فحسب بل هي تحرّكها المنافسة الحادّة في صفوف الرأسماليّين أنفسهم . و الرأسماليّون الذين يكسبون في هذه المنافسة هم أولئك الذين يستغلّون الناس بأكثر فعاليّة و ربلا رحمة و لا شفقة . و إمّا يقومون بهذا أو يواجهون أفق إبتلاعهم أو تحوّلهم إلى تحت على يد الرأسماليّين الآخرين . و بالنسبة إلى الجماهير الشعبيّة التي يستغلّها الرأسماليّون ، فهذا يعنى أنّ الرأسماليّين سيدفعونهم بلا هوادة إلى ما هو أقسى أو يرمون بهم إلى الشوارع ، وفق حاجيات الرأسماليّين الذين هم أنفسهم تحرّكهم المنافسة بلا هوادة في ما بينهم . لهذا، بالرغم من ما قد يرغب بعض الرأسماليّين في القيام به ، لا يوجد و لا يمكن أن يوجد شيء مثل " الرأسماليّة العطوفة ".
و كما يؤكّد على ذلك كيلر مايك ، لا شكّ في أنّ بنوك السود تتعرّض إلى الميز العنصريّ ، كما هو حال السود عامة – و مثل هذا الميز العنصري تتعيّن معارضته – لكنّ هذه البنوك مع ذلك مؤسّسات رأسماليّة ، قائمة على إستغلال الجماهير و تحرّكها القوانين الأساسيّة للإقتصاد الرأسمالي .
على ما يبدو ، الفكرة التي يصرّح بها كيلر مايك هي أنّ بناء بنوك السود ( و برجوازيّة السود عامة ) سيُفضى بصورة ما إلى تحسّن له دلالته بالنسبة إلى جماهير السود . هذا فهم رثّ تروّج له البرجوازيّة و ممثّليها في كلّ مكان – أنّ دفع مصالحها سيخدم مصالح الشعب بصفة أعمّ . في الواقع، كما سأتحدّث عن ذلك أكثر لاحقا ، مصالح البرجوازيّة ، برجوازيّة أيّة أمّة، تختلف جوهريّا عن مصالح الجماهير الشعبيّة .
لكن قبل التوغّل في هذه النقطة العامة بصفة أتمّ ، من الضروري أن نشير إلى أنّ كامل مشهد أتلنطا هيب هوب الذى ظهر منه كيلر مايك ، بالوعةفيها موسيقى الراب متداخلة مع تجارة المخدّرات و إهانة النساء بما في ذلك نوادى التعرّى . لكن المشكل ليس محدّدا في كيلر مايك و مشهد أتلنطا هيب هوب . ففي إطار الانتخابات الرئاسيّة الفارطة (2020) ، خرج علينا صانع موسيقى الراب / الممثّل آيس كيوب ببرنامج لرأسماليّة السود و غازل فكرة مساندة صريحة و واضحة لدونالد ترامب الفاشيّ الذى عبّر عن " إهتمامه " بهذا التمشّى الرأسمالي .
و كلّ هذا مثال حاد عن النقطة التي أثرتها في كتاب " إختراقات ..." متحدّثا عن الوضع في صفوف السود و مضطهَدين آخرين :
" و إلى جانب هذه الظواهر ، ثمّة ظاهرة أنّ في مجال الثقافة ، على سبيل المثال ، قسم معيّن نسبيّا صغير لكن مؤّثّر ، من الناس قد نجح في الصعود من صفوف هذه الجماهير إلى موقع برجوازي أساسا ... هذا يشمل أناسا لم تستخدم فقط مجال الثقافة بل كذلك أحيانا مجال الجريمة ليحصلوا على موقع يصبحون بفضله أثرياء جدّا ، ثمّ يستثمرون في قطاعات مواد التجميل و الثياب و ما إلى ذلك - يمسون برجوازيين حقيقيين، حتّى و إن كان العديد منهم جزءا من أمّة أو شعب مضطهَد. و لديهم النظرة المناسبة إلى درجة ذات دلالة كبيرة . " (6)
و هذه " النظرة المناسبة " ليست نظرة يمكن أن تقود جماهير السود أو الجماهير الشعبيّة عامة إلى التحرّر .
لماذا لا يمكن لبرامج البرجوازيّة و البرجوازيّة الصغيرة و تطلّعاتهما أن تؤدّى إلى التحرير الحقيقيّ :
من المهمّ أن نبقي في أذهاننا أنّ البرجوازيّة البرجوازيّة الصغيرة من السود طبقتان ليس في هذه البلاد عامة لكن بصورة أخصّ ضمن أمّة السود المضطهَدَة في هذه البلاد . فمن جهة ، تتعرّض هتين الطبقتين من السود بطرق متنوّعة إلى المعاملة الضارة و التمييز العنصري الموجّهين ضد السود ككلّ في مجتمع تفوّق البيض هذا . و بالرغم من مكانتهم الإقتصاديّة و الإجتماعيّة ، الناس ضمن البرجوازيّة الصغيرة من السود ، و حتّى البرجوازيّة من السود ، قد يصبحوا ضحايا وحشيّة و جرائم الشرطة التي تفرض العلاقات الإضطهادية لهذا النظام ككلّ . و من الجهة الأخرى ، تحتلّ البرجوازيّة و البرجوازيّة الصغيرة من السود مواقعا فوق الجماهير الشعبيّة للسود – و إلى درجات متباينة ، لهما مواقعا ذات إمتيازات في المجتمع عامة ، حتّى مع الميز العنصري الذى تتعرّضان إليه – و رؤيتهما العفويّة جوهريّا تعبير عن مواقعهما الطبقيّة (7).
و إلى جانب الترويج لرأسماليّة السود على أنّها " المنقذ " المفترض للسود ، ثمّة الترويج الواسع الإنتشار ل " اليقظة " بما في ذلك من قبل فئات برجوازيّة صغيرة من السود (مثلا ، عديد السود في الوسط الأكاديمي و في الإعلام ). و كما قد نبّهنا، نحن الشيوعيّون الثوريّون ، إلى ذلك :
" كانت " اليقظة " تعنى ذات مرّة الوعي الشرعي بالإضطهاد العنصري لكنّها منذ مدّة طويلة تحوّلت إلى جنون متعصّب و عقليّة غوغاء خبيثة . محبّة لسفك الدماء و إستهداف الأشخاص و تمزيقهم ، بينما تتملّص بجبن و عادة تعرقل بنشاط النضال الحقيقي و الذى نحتاجه ضد النظام خاصة الإطاحة به بواسطة ثورة فعليّة ! "
و هذه " اليقظة " :
" تفرض تهديدات ثقافة المنع قوانينا غريبة و نزويّة . وهي تبثّ مزاعما مناهضة للعلم ب " تمثيل المهمّشين " و تشدّد على أن " يبقى الناس في مساراتهم " في النضال ضد الإضطهاد . جنون " اليقظة " يظهر الكثير من السلوكات الضارة ضمن النظام الرأسمالي – الإمبريالي و ثقافته المهيمنة ، معمّقا كابوس الإنسانيّة ! "(8)
و هذا تعبير آخر عن كيف أنّ ، اليوم ، الكثير من نظرة و أعمال المفترضة برجوازيّة صغيرة " تقدّميّة " بما في ذلك الكثير من البرجوازيّة الصغيرة من السود ، عمليّا ضارة للغاية – معارضة و تقف حاجزا دون القتال الحقيقي من أجل تحرير السود و المضطهَدين كافة .
في وسائل الإعلام السائدة و من خلال النظام الإنتخابي البرجوازي و بطرق عديدة أخرى ، ممثّلو البرجوازية و البرجوازيّة الصغيرة السود – و عديد ممثّلي هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي عامة – يحاولون تقديم الأشياء كم لو أنّ هذه الطبقات ذات الإمتيازات الأكبر ضمن السود " شخصيّات نموذجيّة " للسود ككلّ ( و الناس بصفة أعمّ ) ، و ما تسعى إليه هذه الطبقات هو إفتراضيّا طريقة تجاوز الميز العنصري و اللامساواة غير أنّ الحقيقة هي : أهداف و تطلّعات البرجوازية و البرجوازيّة الصغيرة من السود لا يمكن أن تؤدى إلى تحرير الجماهير الشعبيّة للسود – أو المضطهَدين عامة – لهذا السبب الأساسي : لا ينظرون أبعد و لا يسعون إلى تجاوز هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يستغلّ بلا رحمة و لا شفقة و يضطهد إضطهادا إجراميّا الجماهير الشعبيّة ، هنا و عبر العالم . بدلا من ذلك ، يسعون إلى الإنضمام إلى صفوف هذا النظام الوحشيّ و الحصول على المزيد لأنفسهم ( حتّى و إن ترافق هذا أحيانا بدعوى أنّ تحسين موقعهم سيحسّن من و يعود بالفائدة على موقع الجماهير الشعبيّة للسود ). لكن الواقع هو أنّ هذا لن يغيّر و لا يمكنه أن يُغيّر ظروف إضطهاد الجماهير الشعبيّة من السود ، و المضطهَدين الآخرين . و لن يُغيّر حتّى واقع أنّه رغم موقعهم الأكثر إمتيازات ، البرجوازية و البرجوازية الصغيرة من السود ، كجزء من أمّة السود المضطهَدَة ، ستظلاّن عرضة و لن تقدرا على الفرار تماما من الميز العنصري و الوحشيّة التي يتعرّض لها السود ككلّ في ظلّ هذا النظام و تفوّق البيض مبنيّ في أسسه . و يحتاج التخلّص من كلّ ذا إلى التخلّص من هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي بواسطة ثورة فعليّة .
و هناك أيضا في صفوف البرجوازيّة و البرجوازيّة الصغيرة من السود – مثلا شخص مثل فراخان – من يبحث عن تركيز بلد سود منفصل و هو و من معه الطبقة الحاكمة لهذه البلاد . بهذا المضمار ، ثمّة مسائل هامة للفهم و مسائل مبدئيّة . أوّلا، حقّ تقرير مصير أمّة السود المضطهَدَة بما في ذلك حقّ تشكيل بلد منفصل ، يجب الدفاع عنه – و جرى الدفاع عنه في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفته ( وهو متوفرّ على موقع أنترنت revcom.us ) . و في الوقت نفسه ، بلد سود منفصل تحكمه برجوازيّة من السود و يسير وفق مبادئ الرأسماليّة لا يمكن أن يسير إلا ّ بإستغلال الجماهير الشعبيّة للسود . و كبلد رأسمالي فىعالم يهيمن عليه النظام الرأسمالي – الإمبريالي و القوى العظمى الرأسماليّة الإمبرياليّة ، مثل هذا البلد الرأسمالي من السود لا يمكن أن يحتلّ إلاّ موقعا تابعا و مهيمن عليه ضمن النظام العالمي عامة .
كلّ هذه أسباب أساسيّة للماذا ، رغم مزاعمهما ، البرجوازية و البرجوازية الصغيرة لأيّة أمّة أو ّأيّ بلد ، لا يمكن أن يؤدّيا إلى تحرير الجماهير الشعبيّة و وضع نهاية لكافة العلاقات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة . و مرّة أخرى ، ممثّلو هذه الطبقات ليسوا حتّى يهدفون إلى وضع نهاية لكافة علاقات الإستغلال و الإضطهاد بل يهدفون بالأحرى إلى تركيز أو تحسين موقعهم ضمن مثل هذه العلاقات .
التحرير الحقيقيّ – ثورة تحريريّة حقاّ :
أكّد كارل ماركس ، مؤسّس الشيوعيّة ، على هذه النقطة الهامة للغاية : إنذ الممثّلين السياسيّين و الفكريّين لكلّ طبقة يدّعون أنّ المصالح الخاصة للطبقة التي هم جزء منها ، تمثّل كذلك المصالح العامة للشعب و المجتمع عامة . لكن الواقع هو أنّ هناك طبقة وحيدة مصالحها – ليس بالمعنى الضيّق بل بالمعنى الأشمل و الأكثر جوهريّة – تمثّل مصالح جماهير الإنسانيّة و في نهاية المطاف الإنسانيّة ككلّ . و هذه الطبقة هي البروليتاريا – من كلّ الأجناس و الأمم و البلدان – الطبقة المستغَلّة من الشعب في ظلّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، وهي لا تستطيع أن تضع نهاية لوضعها الإستغلالي إلاّ بالقضاء على هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي و إجتثاث كافة العلاقات الإستغلاليّة و الإضطهاديّة ، في كلّ مكان .
و مجدّدا ، بناء البرجوازية و البرجوازيّة الصغيرة من السود لم يُخلّص و لن يُخلّص و ليس بإمقدوره أن يخلّص من الميز العنصري و اللامساواة و الإضطهاد – لن يتمكّن و ليس بوسعه التخلّص من وضع السود ككلّ كشعب مضطهَد . لا يمكن التخلّص من هذا الإضطهاد ، في ظلّ هذا النظام للسبب الأساسي التالي ألا وهو أنّ تفوّق البيض مبنيّ في أسس هذا النظام و في كلّ جزء من هذه البلاد - في التشغيل و التعليم و الإسكان و ما إلى ذلك – و كلّ هذا تفرضه المؤسّسات الحاكمة بما فيها الشرطة المجرمة و فارضون عنيفون آخرون لهذا النظام .
في آن معا من الممكن و من المهمّ كسب أقسام لها دلالتها من البرجوازيّة الصغيرة إلى جانب الثورة التي نحن في حاجة إستعجاليّة إليها للتخلّص من الإستغلال و الإضطهاد كلّه – و هذا ينطبق نهائيّا على البرجوازيّة الصغيرة ، و حتّى البعض من ضمن البرجوازيّة ، من أمّة السود المضطهَدَة . لكن هذه الطبقات و المصالح التي تمثّلها في حدّ ذاتها لا يمكن أن تقود أبدا ثورة تخدم مصلحة الجماهير المضطهَدَة و المستغَلّة من السود ، و المضطهَدين و المستغَلّين عامة .
و من جديد ، يُعزى ذلك إلى النظرة و الأهداف و التطلّعات العفويّة و مساعى هذه الطبقات تنحو نحو الحصول على موقع أفضل لنفسها ضمن هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى هو المنبع الأساسي و السبب الأساسيّ لهذا الإستغلال و الإضطهاد – و القضاء على هذا الإستغلال و هذا الإضطهاد غير ممكن دون القاضاء على هذا النظام .
و في الوقت نفسه ، نقطة هامة في علاقة بكلّ هذا هي أنّ الناس بوسعهم تبنّى و يتبنّون وجهة نظر و أهداف تتناسب مع مصالح طبقة أخرى غير تلك الطبقة التي إليها ينتمون . و الآن ، مثلا ، لسوء الحظّ ، الحال ضمن طبقة البروليتاريّين المستغَلّين ( و المضطهَدين عامة ) في هذه البلاد ( و بلدان أخرى ) ، وقع تعويد الجماهير الشعبيّة على تبنّى و قد تبنّت نظرة و قيم النظام الرأسمالي – الإمبريالي الفاسد . هذا من ناحية و من الناحية الأخرى ، صحيح أيضا أنّه بينما الطبقة الحاكمة لهذا النظامستظلّ مصمّمة على الحفاظ على هذا النظام ، من خلال الوسائل الأكثر إجراما و تدميرا ، فإنّ الجماهير الشعبيّة – ليس ضمن البروليتاريا فحسب بل أيضا ضمن فئات أخرى من المجتمع – يمكن كسبها للإعتراف بالحاجة الماسة و بإمكانيّة الثورة للإطاحة بهذا النظام و إنشاء شيء أفضل بكثير . البشر كائنات مفكّرة و بما هم كذلك يمكن للناس بصفة واسعة أن يتوصّلوا إلى الإقرار بأنّ الطريق الوحيد للتخلّص من هذا الجنون و عذابات الحياة في ظلّ هذا النظام – الطريق الوحيد لمستقبل يستحقّ الحياة فيه بالنسبة إلى جماهير الإنسانيّة ، و في نهاية المطاف الإنسانيّة جمعاء – هو تبنّى هذه الثورة و إنجازها . لكن ، خاصة إعتبارا للثقل الكبير للنظام الرأسمالي – الإمبريالي و الطرق التي يعمل بها على تشكيل الناس لا يمكن كسب جماهير شعبيّة إلى هذا إلاّ إذا خاض الذين يعترفون بالحاجة إلى هذه الثورة نضالا شرسا لكسر سلاسل الناس و إخراجهم من الطرق الهراء التي عوّدهم هذا النظام على التفكير و التصرّف وفقها ، و كسبهم ليصبحوا محرّرين ثوريّين واعين للإنسانيّة ، يهدفون ليس إلى أقلّ من وضع نهاية و إجتثاث كلّ الإستغلال و الإضطهاد عبر العالم قاطبة .
كخلاصة لهذه النقطة الحيويّة : ثورة تحريريّة حقّا – تهدف عمليّا إلى القضاء على كلّ الإستغلال و الإضطهاد – لا يمكن إلاّ أن تكون و يجب أن تكون بقيادة الصفوف المتنامية للشيوعيّين الثوريّين ممثّلين المصالح الجوهريّة و الأوسع للطبقة المستغَلّة في ظلّ الرأسماليّة ، البروليتاريا ، في الإطاحة بهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي و إنشاء نظام مغاير راديكاليّا و أفضل بكثير – بقاعدة إقتصاديّة مختلفة جوهريّا ( نمط / أسلوب إنتاج ) و مؤسّسات سياسيّة تحريريّة و علاقات إجتماعيّة و ثقافة – مثلما جرى عرض ذلك بصورة شاملة و ملموسة في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا ".
هوامش المقال :
الهوامش التالية تحيل على مقالات و كتب لبوب أفاكيان ( بإستثناء 8 الذى صاغته مجموعة كتابة من وقع أنترنت
revcom.us . و هذه الأعمال متوفّرة جميعها على موقع الأنترنت هذا .
الهامش 4 : ... و ذلك الهامش يسجّل أيضا النقاط الهامة التالية :
إضافة إلى الذين هم معنيّون مباشرة بإستغلال الناس في سيرورة إنتاج ثروة النظام الرأسمالي ، هناك كذلك مستغِلّون رأسماليّون آخرون . مثلا ، هناك البنوك و المؤسّسات الماليّة الأخرى التي تستفيد من خلال القروض للشركات و الأعمال الأخرى التي تستغلّ الناس مباشرة . ( هذه القوض يجب إستعادتها بفائض إضافي من المال – " الفائدة " ) . و علاوة على ذلك ، عادة ما تستثمر هذه المؤسّسات الماليّة نفسها في الشركات التي تستغلّ مباشرة الناس . و بالمقابل ، تنخرط شركات كبيرة الحجم أيضا في المبادلات الماليّة . يصبح رأس المال المالي مترابطا مع رأس المال المستخدم مباشرة في إستغلال الناس في سيرورة الإنتاج . و هناك أيضا التجّار الرأسماليّون – مثلا ، أولئك الذين يبيعون الثياب أو الغذاء أو حاجيات ضروريّة أخرى . و تاليا هناك أولئك الذين يستثمرون في سوق البورصة – لكن هذا يعادل نوعا ن القمار – الرهان على أيّ من المؤسّسات الرأسمايليّة ستكون أنجح في إستغلال الناس .
الهامش 7 : ثمّة واقع أنّه حتّى مع الميز المنهجي و اللامساواة الذين يتعرّض لهما السود ككلّ في ظلّ هذا النظام ، يظلّوا يتقاسمون إلى درجات مختلفة غنائم طفيليّة الإمبرياطوريّة الأمريكيّة – الطريقة التي تتمتّع بها الرأسماليّة – الإمبرياليّة الأمريكيّة بإستغلال الشعوب حول العالم ، لا سيما في العالم الثالث لأمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا . (الطفيلي يعيش على – و تماما أو بالفعل يمصّ دماء – كائنات حيّة أخرى . و الرأسماليّة – الإمبرياليّة الأمريكيّة إمبراطوريّة عالية الطفيليّة سيرها و مراكمتها للثروة و القوّة يعتمدان على الإستغلال الخبيث للناس عبر العالم قاطبة بما في ذلك منتهى إستغلال أعداد ضخمة من أطفال العالم الثالث ) . و كلّ شخص في هذه الولايات المتّحدة الأمريكية الطفيليّة يحصل على بعض " الفوائد " ( الغنائم ) من هذا الإستغلال العالمي، رغم أنّ التوزيع ضمن مختلف الطبقات يجرى بطريقة غير متساوية بدرجة عالية . و البرجوازية و البرجوازية الصغيرة من السود ، نظرا لموقعهما في الهيكلة الإقتصاديّة و الإجتماعيّة لهذه البلاد ، يحصلان بالملموس على قدر أكبر من الغنائم مقارنة بالناس في قاع المجتمع ، بمن فيهم جماهير السود التي ظروف قمعا الممنهج و العنيف و حرمانها تفوق بكثير أيّة غنائم تحصل عليها نتيجة العيش في هذا البلد الطفيلي .
1. “Exploitation: What It Is, How to Put an End To It” and “Putting an End to Exploitation, and All Oppression.”
2. There is discussion of the position and role of different sections of the petite bourgeoisie in Breakthroughs: The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism, A Basic Summary.
3. “State of Emergency: Chains on People Who Desperately Need to Be Free, A message from Bob Avakian, revolutionary leader, author and architect of a whole new framework for human emancipation: the new communism.” A video based on a recording I made of this article is also available as part of the YouTube The RNL—Revolution, Nothing Less!—Show (episode #164).
4. “Exploitation: What It Is, How to Put an End to It,” footnote 2. That footnote also makes the following important points:
Besides those who are -dir-ectly involved in exploiting people in the process of producing the wealth of the capitalist system, there are also other capitalist exploiters. For example, there are the banks and other financial institutions that make profit through loans to the corporations and other businesses that -dir-ectly exploit people. (These loans have to be repaid, with an additional amount of money—the “interest.”) Plus, often these financial institutions themselves invest in the corporations that are -dir-ectly exploiting people. And, in turn, large-scale corporations also become involved in financial transactions. Finance capital becomes woven together with capital -dir-ectly used to exploit people in the process of production. There are also merchant capitalists—for example, those who sell clothing,´-or-food and other basic necessities. And then there are those who invest in the stock market—but that just amounts to a kind of gambling—betting on which capitalist enterprises will be more successful in exploiting people.
5. “Exploitation: What It Is, How to Put an End to It” (emphasis added).
6. Breakthroughs.
7. There is the fact that, even with the systematic discrimination and inequality that Black people as a whole are subjected to under this system, they still share, to different degrees, in the parasitic spoils of the American empire—the way American capitalism-imperialism feasts off the exploitation of people around the world, especially in the Third World of Latin America, Africa, the Middle East and Asia. (A parasite lives off—and literally´-or-in effect sucks the blood of—other living beings. American capitalism-imperialism is a highly parasitic empire, whose -function-ing and accumulation of wealth and power is based on viciously exploiting people all over the world, including by super-exploiting huge numbers of children in the Third World.) Everyone in this parasitic USA receives some of the “benefits” (the spoils) of this worldwide exploitation, although this is distributed among different classes of people in a highly unequal way. The Black bourgeoisie and petite bourgeoisie, because of their position within the economic and social structure of this country, receive substantially more of these spoils than the people on the bottom of society, including masses of Black people, whose conditions of systematic and brutal oppression and deprivation far outweigh any spoils they receive as a result of living in this parasitic country.
8. A Seven Point Indictment: “WOKE” IS A DESTRUCTIVE FORCE in the political, intellectual, artistic and ethical life of society.
9. This important point from Marx is discussed in Hope For Humanity On A Scientific Basis, Breaking with Individualism, Parasitism and American Chauvinism, in the section “Particular Interests and General Interests—Differing Class Interests and the Highest Interests of Humanity.” This is available at revcom.us in the section BA’s Collected Works. (The work by Marx being discussed is The Eighteenth Brumaire of Louis Bonaparte.)
(23)
محاكمات دونالد ترامب الفاشي و الطبيعة الإجراميّة لهذا النظام برمّته
أو لا تدعوهم يتلاعبون بكم بتموضع ترامب ، أو بتظاهر الديمقراطيّين بأنّهم مدافعون عن العدالة – نحتاج إلى ثورة و نظام مختلف جوهريّا و أفضل بكثير
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 821 ، 25 سبتمبر 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/trials-fascist-donald-trumpand-criminal-nature-whole-system

و أنا أخطّ هذا المقال ، يواجه دونالد ترامب عدّة تهم إجراميّة و محاكمات عالقة متّصلة بمحاولته دفع إنقلاب و البقاء في السلطة إثر خسارته انتخابات 2020 ، و إتّهامات أخرى بجرائم جدّية .
أبعد من النواة الصلبة من الأنصار ، بعض الناس – الذين ينظرون إلى الأشياء بطرق جزئيّة و سطحيّة لا غير – سقطوا في أحابيل ما صرّح به ترامب نفسه بصوت عالى أنّه ضحيّة متابعات غير عادلة أو إضطهاديّة (1). و يشمل هذا البعض ضمن المضطهَدين بمرارة في ظلّ هذا النظام الذين خدعتهم المظاهر السطحيّة بانّه إعتبارا لكون ترامب يقع تتبّعه بأناس يمسكون بمقاليد الحكم بالتالي هناك شيء للتماثل معه في وضع ترامب ، حتىّ شيء نعجب به و نحترمه في كيف أنّ ترامب يفضح بجرأة هذه التهم الإجرامية و الذين وجّهوها له .
في هذا الصدد ، من الهام أن نأخذ بعين الإعتبار أنّ تموضع ترامب – بما في ذلك محاولته ضرب " كلب مجنون "[ …] في " حجزه " لمحاكمته في أتلنطا – يبدو أنّه يستهدف جلب إنتباه ليس " قاعدته " العنصريّة المفضوحة و العدوانيّة فحسب بل أيضا ىخرين يجب أن يكونوا أفضل معرفة ، بمن فيهم الرجال السود و اللاتينو 0 ترامب يحسب على ما يبدو أنّ على الأقلّ بعضهم سيتأثر بموقفه التفوّقيّ الذكوريّ ).
و يضيف هذا بُعدا آخر للماذا من المهمّ أن نكون واضحين حول ما الذى يمثذله عمليّا ترامب و ما الذى يجرى عمليّا مع هذه التهم الموجّهة له .
على مستوى معيّن ، هناك واقع أنّه مثلما أشرت إلى ذلك قبلا – و كما سأتوغّل في ذلك لاحقا هنا – ليس دونالد ترامب " شديدا " ، إنّه كيس قمامة فاشيّة منتفخ .(2)
لكن لا بدّ من المضيّ أعمق للحصول على أساسيّات المسألة و جوهرها .
قبل كلّ شيء ، ترامب ممثّل للطبقة الحاكمة في هذا النظام السارق للحياة و الساحق للأرواح ، النظام الرأسمالي – الإمبريالي للولايات المتّحدة ، و يحظى بدعم قسم قويّ من هذه الطبقة الحاكمة .
ثانيا ، و بالأخصّ ، ترامب فاشيّ – ممثّل القسم الفاشي من هذه الطبقة الحاكمة . و لنكن واضحين بشأن ما يعنيه هذا . في مقال حديث نُشر على موقع أنترنت revcom.us ، تمّ التشديد على أنّ ترامب و آخرين يدفعون الأشياء تماما بإتّجاه الحكم الفاشيّ في هذه البلاد و قد
" أطلقوا قاعدة إجتماعيّة من الملايين منظّمة و مسلّحة تعتقد أنّها تنهض ب" مهمّة مقدّسة " لفرض أجندا تفوّق البيض المفتوح و التبعيّة البطرياركيّة للنساء و تنظيف الحياة العامة من المثليّين و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا ، و الإرهاب المعادي للمهاجرين و جنون معاداة العلم . لإنجاز هذا ، يحتاجون و هم يسعون إلى " تفجير " السير العادي للحكم السياسي لهذا النظام . "(3)
الآن ، بعض الناس يملكون تفكيرا ملتويا بحيث يعترفون عمليّا بما يمثّله ترامب – أو على ألقلّ أنّه عنصريّمفضوح و بارز – لكن بعد ذلك يتّخذون موقف أنّه بصيغة ما من الأفضل المضيّ مع عنصريّ معروف مثل ترامب من المضيّ مع أناس يدّعون أنّهم ليسوا عنصريّين و في الواقع هم عنصريّون كقادة الحزب الجمهوريّ. هذا تعبير عن نظرة ضيّقة بشكل تافه و نظرة ذات أفق منخفض – إخفاق في رؤية أبعد من حدود هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي و إخفاق حتّى في تصوّر الأشياء أبعد من وضع حيث يكون الإختيار بين العنصريّين البارزين و " المقنّعين " . و بالأخصّ ، هذا الضرب من التفكير يخفق في فهم أنّه عندما يصرخ قائد سياسي من حزب من حزبي الطبقة الحاكمة ( فىهذه الحال الجمهوريّون ) بعنصريّة بارزة ، فهذا ليس مجرّد مسألة " رأي خاص " أو " تحيّز شخصيّ " . إنّه إعلان مفتوح لمحاولة جعل تلك العنصريّة و كلّ ما يرتبط بها سياسة حكوميّة رسميّة ، تدعمها قوّة السلطة التامة للدولة ( الشرطة و القوّات المسلّحة و المحاكم و السجون و ما إلى ذلك ) ، و كذلك " المليشيات " العنصريّة و مجموعات مسلّحة فاشيّة أخرى 0 تلك التي تعادل اليوم الكلو كلوكس كلان و غوغاء السحل في عهد التمييز العنصيّ المفتوح " الشرعي / القانوني " و " المكانة الأدنى " للسود ) .
و ضمن أشياء أخرى ، لهذا يصمّم هؤلاء الفاشيّين على أن يلغوا من التعليم العام حتّى الإحالة المحدودة على التاريخ الحقيقي لهذه البلاد بما في ذلك الطبيعة الرهيبة للعبوديّة و تبعاتها ، و نتائج هذا ، و تواصل الإضطهاد العنصريّ ، وصولا إلى يومنا هذا .
الواقع أنّ ترامب ليس ببساطة عنصريّ "مفضوح " . مثلما وضعت ذلك في سلسلة مقالات سنة 2020 ، إنّه عنصريّ إبادي جماعي سيكون أكثر من مستعدّ ليس لمواصلة سجن فحسب بل أيضا عمليّا قتل أعداد ضخمة من السود و من الناس ذوى البشرة الملوّنة الآخرين الذين ينظر إليهم على أنّهم أقلّ من البشر . (4)
و كذلك يجب قول إنّ مفهوم أنّ÷ نوعا ما من " الأفضل " المضيّ مع عنصريّين "مفضوحين " هو ، على الأقلّ في بعض الحالات ، ليس إنعكاسا لجهل فادح و حسب بل أيضا ما يجب أن يسمّى بالطموح الجنوني : السعي إلى الحصول نوعا ما على موقع لتجنّب تبعات هذه العنصريّة المفضوحة و الدخول في " الأشياء الجيّدة " لهذا النظام الذى يقوم ليس على الإضطهاد الإجرامي للسود و آخرين فقط ، في هذه البلاد و حسب بل على الإستغلال الخبيث و منتهى الإستغلال تماما لمليارات البشر ، هنا و عبر العالم قاطبة بما في ذلك أكثر من 150 مليون طفل في العالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ) .
ما الذى يجرى حقّا مع محاكمات دونالد ترامب و النزاعات في " القمّة " :
بالمعنى الأساسي ، القسم الفاشيّ من الطبقة الحاكمة ، الممثّل بترامب و الحزب الجمهوري ّن مصمّم على تمزيق " الضوابط التقليديّة " التي من خلالها جرى حكم هذه البلاد منذ بُعيد نهاية الحرب الأهليّة سنة 1865 بما في ذلك " الإنتقال السلمي للسلطة " . و هذا في الواقع " إنتقال سلمي للسلطة " بين مختلف أقسام الطبقة الحاكمة ، عبر الانتخابات ( كاسبو الانتخابات يحتلّون المناصب و خاسرو الانتخابات يقبلون بالنتائج ) . و تمزيق هذه " الضوابط " – بينما يتمّ التحرّك للمسك ب و إستعمال المؤسّات الحكوميّة المفاتيح خدمة للبرنامج الفاشي ، بما في ذلك لجان معاهد الانتخابات المحلّية و لجان الانتخابات و حكومات الولايات و وكالات " المخابرات " و القوّات المسلّحة و كذلك المحاكم على كلّ المستويات ، وصولا إلى المحكمة العليا – كلّ ذهذا حيويّ بالنسبة إلى الفاشيّين في مأسستهم حكما لا يقع تحدّيه و إلغاء حتّى مظهر السماح ببعض " الحقوق المدنيّة و القانونيّة " التي جرى كسبها من خلال نضال مصمّم ضد العنصريّة و الإضطهاد الجنسيّ و الجندريّ و غير ذلك من المظالم .
( المقال على موقع revcom.us الذى أحلت عليه سابقا يقدّم عددا من الأمثلة عن هجوم الفاشيّين لتمزيق " ضوابط " النظام الإضطهادي بما في ذلك التحرّك نحو مساعي عزل جو بيدن – في جزء منه ك " ردّ " على الديمقراطيّين الذين في مناسبتين سعيا إلى عزل ترامب عندما كان رئيسا ، و بالمعنى الأوسع كجزء من الهجوم الجمهوريّ لإفتكاك و تعزيز الشكل الفاشيّ للحكم في البلاد ككلّ ).
هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، ( يعنى بالقسم الآخر من الطبقة الحاكمة ، عامة ممثّلا بالحزب الديمقراطي ) ، التصميم يقع على الحفاظ على " الضوابط التقليديّة "و طريقة حكم البلاد كما جرى لأجيال – و القيام ببعض التحرّكات من أجل " الدمج " و " التنوّع " بينما يواصلون بثّ وهم " الحرّية و العدالة للجميع " – هو أفضل طريقة للحفاظ على إستقرار الحكم الرأسمالي محلّيا و البحث عن تحقيق المصالح " الوطنيّة " ( أي الإمبرياليّة ) للطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة في المجال العالميّ. و هذا القسم من الطبقة الحاكمة مقتنع قناعة راسخة بأنّ تمزيق هذه " الضوابط " و الإنقلاب المفتوح على التنازلات الجزئيّة للنضال ضد الظلم ، سيهدّد جدّيا إستقرار حكم الرأسماليّة – الإمبرياليّة الأمريكيّة " محلّيا " و يقوّض موقعها العالمي في وقت تواجه فيه تحدّيا جدّيا لهيمنتها في العالم ، ليس من قبل روسيا فحسب ، كما يتكثّف الآن في حرب أوكرانيا ، بل حتّى أكثر من صعود قوّة الصين ( التي لا تزال تزعم أنّها " إشتراكيّة " يحكمها ما يسمّى بالحزب " الشيوعي " ، لكنّها منذ مدّة طويلة صارت فعليّا بلدا رأسماليّا – إمبرياليّا ).
و بالنسبة إلى الحزب الديمقراطيّ ، و قسم من الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة الذى يمثّله في ألساس ، من الضروري و يكتسى أهمّية حيويّة الحفاظ على و الدعاية بصوت عالي ، لمفهوم الولايات المتّحدة على أنّها " مدينة منارة على جبل "، و تجربة ديمقراطيّة عظيمة ، و ( كما لم يكفّوا عن الترديد ) " قائدة العالم الحرّ " . لهذا ، مثلا ، جو بيدن صاغ نقطة مصرّحا بأنّ الولايات المتّحدة كانت منارة حرّية و إلهام لامعة للعالم طوال أكثر من قرنين .
و الإجابة على هذا يعبّر عنها بقوّة في الموقف التالي :
" إبحثوا أينما شئتم ، تجوّلوا عبر كافة الأنظمة الملكيّة و أنظمة الطغاة في العالم القديم ، سافروا عبر بلدان أمريكا الجنوبيّة، فتّشوا في كلّ ركن من أركان العالم عن جميع التجاوزات ، و حينما تعثرون على آخرها ، أعقدوا مقارنة بينها و بين الممارسات اليوميّة لهذه الأمّة و ستشاطرونني الرأي بأنّه في ما يتعلّق بالوحشيّة المقزّزة و النفاق الفجّ ، فإنّ أمريكا تسود بلا منازع ".
هذا ماقاله فريدريك دوغلاس وهو من العبيد السابقين و من الأنصار المصمّمين على إلغاء العبودية ، سنة 1852، إلاّ أنّ هذا الموقف لدوغلاس يتحدّث بجسارة عن الحقيقة بشأن هذه البلاد وصولا إلى يومنا هذا ، مع تواصل الجرائم الكبرى المرتكبة في ظلّ هذا النظام ، داخل هذه البلاد و عبر العالم قاطبة .
( في مقال " أمريكا : نموذج حقّا - للإبادة الجماعيّة …"، على ضوء الفظائع المقترفة ضد السود عبر تاريخ هذه البلاد ، لفتت الإنتباه إلى هذه الحقيقة الساطعة : " في ما يتعلّق بالفساد، لا يمكنكم أن تجدوا شيئا فعله هتلر والنازيّون أسوأ من هذا". أتحدّى أيّ كان ينوى الجدال حول هذا ، أن يقرأ ذلك المقال و المواد الأخرى على موقع revcom.us التي تفضح سلسلة لا نهاية لها من الأعمال ارهيبة التي ميّزت هذه البلاد ، من البداية و عبر تاريخها . و في ملاحظة ختاميّة ، في نهاية هذا القال ، أقدّم المزيد من الفضح و التحليل لبعض الجرائم الوحشيّة لهذا " القائد للعالم الحرّ " ، منذ تأسيسه وصولا إلى يومنا هذا ).
الديمقراطيّون و الجمهوريّون : العودة إلى الماضي و تحطيم المستقبل :
في المدّة الأخيرة ، ساق أحدهم ملاحظة هامة وثاقبة : الديمقراطيّون كما الجمهوريّون ، كلّ بطريقته الخاصة ، يحاولون إعادة تركيز وضع قد وُجد في الماضيّ ، بينما كلاهما يمثّلان تهديدا جدّيا للغاية لمستقبل الإنسانيّة .
يرغب الجمهوريّون الفاشيّون وهم مصمّمون على إنشاء – مهما كان العنف الذى يقدّرون ضرورته – عودة إلى وضع قد وُجد لزمن طويل في هذه البلاد ، قبل و حتّى لبعض الوقت عقب الحرب العالميّة الثانية ، حيث كانت اللامساواة ممأسسة و مفروضة بشكل واضح بما فيها التمييز و الإضطهاد العنصريّ و الجنسيّ و الجندريّ .
و من جهتهم ، يرغب الديمقراطيّون في العودة إلى وضع حيث كانت إمبرياليّة الولايات المتّحدة القوّة المهيمنة على العالم بوضوح و أساسا دون مواجهة أيّ تحدّى . ( هذا وضع وُجد مع نهاية و لفترة وجيزة عقب الحرب العالميّة الثانية ، و قد إنتهت سنة 1945 ، و مرّة أخرى لفترة عقب إنحلال و إنهيار الإتّحاد السوفياتي الذى كفّ عن الوجود مع بدايات تسعينات القرن العشرين ). و إلى جانب الطريقة التي بها سياسات الديمقراطيّين و كذلك الجمهوريّين و السير الجاري لكامل النظام، يدمّرون البيئة بنسق متسارع ، هؤلاء الإمبرياليذين من الحزب الديمقراطي ينوون المخاطرة بالمستقبل و بوجود الإنسانيّة ذاته في تصميمهم على التصدّى لتحدّى الهيمنة العالمية للولايات المتّحدة ، من قبل صين رأسماليّة – إمبرياليّة صاعدة بوجه خاص . و على سبيل المثال ، من الكاشف أنّ المرشّحين الأخيرين للرئاسة من الحزب الديمقراطي ،هيلاري كلينت و جو بيدن ، تجّار حرب مفضوحين و عدوانيّين . و ضمن جرائم أخرى ، كلّ من بيدن و كلينت دعّما غزو الولايات المتّحدة للعراق سنة 2003 وهو جريمة حرب عالميّة قائمة على كذب محض – غزو نتج عنه مئات آلاف القتلى و تدمير كبير للعراق و تمزيق لمفاصله و أطلق دوّامة موت و تحطيم في ذلك الجزء من العالم . و الآن ، يبحث بيدن كرئيس و بعدوانيّة وهو يصعّد بإستمرار من إنخراط الولايات المتّحدة في حرب بالوكالة مع الإمبرياليّة الروسيّة في أوكرانيا ، بينما كذلك يعدّ بنشاط لحرب مع الصين . (5)
المسعيان لعزل ترامب من طرف الديمقراطيذين حينما كانوا يتحكّمون في الكنغرس يعكسان إختلافاتهم الأساسيّة مع و إنشغالاتهم الجدّية بدور ترامب و سياساته كرئيس .
و مسعى العزل الأحدث لترامب جاء بعد ذلك ، و إعتبر ترامب مسؤولا عن الهجوم الكبير لأنصاره على الكنغرس وهو عاقد إجتماعه يوم 6 جانفي 2021 ليقرّ رسميّا بفوز بيدن في الانتخابات الرئاسيّة لسنة 2020. و هذا الهجوم على الكنغرس كان جزءا من محاولة إنقلابيّة نظّمها ترامب ، بهدف الإنقلاب على نتائج تلك الانتخابات الرئاسيّة لسنة 2020 ليبقى في السلطة متحدّيا تلك النتائج . و معارضة الديمقراطيين لهذا و مسعى عزل ترامب على هذا الأساس ، تعنى بوضوح الإنشغال الكبير للديمقراطيّين بالحفاظ على " الضوابط التقليديّة " لهذا النظام – بالخصوص " الإنتقال السلمي للسلطة " بين مختلف أقسام الطبقة الحاكمة – إلى جانب وهم " الديمقراطية ، مع الحرّية و العدالة للجميع " : كغطاء للدكتاتوريذة الفعليّة ( إحتكار السلطة السياسيّة و القوّة المسلّحة " الشرعيّة " و العنف ) الممارسة من طرف الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبرياليّة .
و مسعى العزل السابق ( الأوّل ) لترامب الذى بدأ مع نهاية 2019 ، ركّز على تهمة أنّه لأجل تقويض جو بيدن – الذى كان على ألرجح ( و صار ) منافسا لترامب من الحزب الديمقراطي في انتخابات 2020 – كان ترامب يخرّب المساعدة العسكريّة لأوكرانيا التي كانت حينها تخوض حربا محدودة الطاق أكثلا مع إنفصاليّين موالين لروسيا في أوكرانيا ( وهذا ، مع غزو روسيا سنة 2022 ، أضحى بصفة متصاعدة حربا كبرى فيها الولايات المتّحدة و على رأسها إدارة بيدن ، منخرطة بأكثر عمق أبدا ) . و إلى جانب المسألة الخاصة لما كانترامب يقوم به كرئيس في علاقة بأوكرانيا ، كان هناك نشغال ، بخاصة في صفوف قسم الطبقة الحاكمة الذى يمثّله الحزب الديمقراطي ، أنّ ترامب كان يقوّض " تحالفات " حلف الناتو و غيرها من " التحالفات " العسكريّة و السياسيّة التي كانت تتراّسها الولايات المتّحدة . و إحدى نقاط إهتمام بيدن – عامة و كما تكثّف ذلك في الحرب في أوكرانيا – هو " إصلاح " و تعزيز و توسيع هكذا تحالفات .
( كذلك ، من التهم الإجراميّة الكبرى التي يواجهها ترامب الآن تشمل " تعريض الأمن القومي للخطر " – أي ، المصالح الإمبرياليّة للولايات المتّحدة و الهيمنة العالميّة – بالتعليق اللاقانوني و التمسّك و المعالجة بلا عناية لوثائق" مصنّفة " متّصلة بما يسمّى " الأمن القومي " .)
و من المهمّ فهم أنّ كُلاّ من قسمي الطبقة الحاكمة لهذه البلاد الرأسماليّة – الإمبرياليّة يتّفقان على إتّخاذ إجراءات قصوى قد تكون ضروريّة في محاولة للإبقاء على الصين بعيدة عن تجاوز الولايات المتّحدة كأقوى بلد إمبريالي في العالم . لكنّ هذين القسمين التعارضين من الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة منقسمين بعمق ليس حول كيفيّة حكم الولايات المتّحدة ذاتها فحسب بل أيضا كيفيّة بلوغ الهدف الفاسد للحفاظ على الولايات المتّحدة ك " رقم واحد " – رقم واحد في الإستغلال و الإضطهاد و النهب في العالم . و يعتقد الفاشيّون ( أو على ألقلّ البعض منهم ) أنّ الإنخراط في عديد التحالفات الرسميّة مع بلدان أخرى ( أقلّ ) يمكن أن يقلّص من حرّية الإمبرياليّة الأمريكيّة في التحرّك – بما في ذلك بعنف و تدمير غير محدودين – لفرض مصالحها في أيّ مكان من العالم . و بصورة أخص، على الأقلّ الكثير من هؤلاء الفاشيّين يشعرون بقوّة بأنّ الحرب الوكالة التي تخوضها الولايات المتّحدة بقيادة بيدن ضد روسيا في أوكرانيا تلهية عن التركيز الضروريّ على معارضة الصين و إستخدام أيّة وسائل تكون ضروريّة للحيلولة دون الصين و تخطّيها الولايات المتّحدة كقوّة إمبرياليّة مهيمنة على العالم ، عسكريّا و إقتصاديّا . و يرى هؤلاء الفاشيّين أنّ الحرب في أوكرانيا على أنّها تعزّز روابط روسيا مع الصين ، جاعلا معارضة هيمنة الولايات المتّحدة أقوى . هذا من جهة و من الجهة الأخرى ، بيدن و حلفاؤه في الطبقة الحاكمة – يخوضون و يصعّدون بإستمرار من مشاركة الولايات المتّحدة في حرب بالوكالة مع روسيا في أوكرانيا ( مستعملين الأوكرانيّين " كبش فداء " في هذه الحرب ) لأنّ هذا الجزء من الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة مقتنع بإلحاق الهزيمة بروسيا و إضعافها و قدرتها على تحدّى هيمنة الولايات المتّحدة ، مهمّ بحدّ ذاته و كذلك يدفع وتدا بين روسيا و الصين .
لا ينبغي أن يقال إنّ هذه الأنواع من المشاغل ، من أيّة جهة ، لا صلة لها بالمصالح الجوهريّة للجماهير الشعبيّة في هذه البلاد و في العالم قاطبة . لكن إن كان لزاما قول شيء ، فإنّ التالي هام للغاية كتوجّه جوهريّ و خطّ مرشد :
" مصالح و أهداف و المخطّطات الكبرى للإمبرياليّين ليست مصالحنا نحن – ليست مصالح الغالبيّة العظمى من الناس في الولايات المتّحدة و لا مصالح الغالبيّة الغالبة للناس في العالم عامة ، و الصعوبات التي وجدوا نفسهم فيها الإمبرياليّون أنفسهم بحثا عن تحقيق هذه المصالح يجب رؤيتها و الردّ عليها ، ليس من وجهة نظر الإمبرياليّين و مصالحهم بل من وجهة نظر الغالبيّة العظمى من الإنسانيّة و الحاجة الأساسيّة و الإستعجاليّة للإنسانيّة لعالم مختلف وأفضل و لطريقة أخرى ". (6)
محاكمات دونالد ترامب و النزاعات العميقة التي يعكسها ذلك و الزمن النادر حيث تصبح الثورة ممكنة أكثر :
بالعودة مباشرة إلى المحاكمات الجارية لدونالد ترامب ، كما يمكن رؤية ذلك في ما سلّطت عليه الضوء هنا ، ما تمثّله هذه المحاكمات هو نوع من التكثيف للنزاع الأوسع و العام بين قسمين من الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبرياليّة في هذه البلاد – نزاع و صراع يعكس تناقضات عدائية مريرة و عميقة بينهما ، بكلّ جانب يشعر بصفة متزايدة أنّ ما يمثّله الجانب الآخر هو تهديد وجودي و يمكن أن يكون ضربة قاتلة لذات طبيعة هذا البلد الرأسمالي – الإمبريالي و دوره و موقعه كقوّة مهيمنة في العالم . و هذه الإنقسامات ضمن هذه الطبقة الحاكمة ستتواصل في التعمّق و الحدّة ، بنتيجة أنّهم بصورة متنامية غير قادرين على الحكم " بطريقة موحّدة " .
و كما حلّلت بعمق و شدّدت بصفة متكرّرة ، كلّ هذا – ما يحدث ضمن هذه البلاد و كذلك في المجال العالمي الأوسع – يتّجه الآن نحو ، و يمكن نهائيّا أن يؤدّي إلى شيء أفظع حتّى من " الحياة العاديّة " في ظلّ هذا النظام . لكن من المهمّ جدّا أيضا الإقرار بأنّ هذا ينطوى أيضا على إمكانيّة شيء تحريريّ حقّا – ثورة فعليّة للإطاحة بهذا النظام ، في هذه البلاد الرأسماليّة – الإمبرياليّة الأقوى ، و إنشاء نظام مختلف راديكاليّا و أفضل بكثير – إمكانيّة قد تصبح واقعا إذا كان الثوريّون يبلّغون رسالة على نطاق واسع في صفوف الشعب ، مسلّطين الضوء على الواقع الأعمق لما يجرى و للماذا و مقدّمين أنّ هناك بديل للحياة على هذا النحو ، و مصارعين مع الناس ليقطعوا مع طرق تفكيرهم الخاطئة و يلتحقوا بالثورة .
إنّه لمهمّ بشكل حيويّ الإعتراف بالخطر الحقيقيّ جدّا الذى يمثّله ترامب و القسم الفاشي من الطبقة الحاكمة – و " قاعدته " من العنصريّين المجانين ، و كارهي النساء و كارهي المثليّني و المتحوّلين و المزدوجين جنسيّا و كارهي المهاجرين و المجانين المعادين للعلم ، و الساعين إلى حرب أهليّة جديدة – لكن من الأهمّية الحيويّة بمكان الإعتراف بالشيئين الأساسيّين التاليين : 1- هذه الفاشيّة ليست نوعاما " غريبة " عن الطبع " المستقيم " لهذا " القائد الديمقراطي للعالم الحرّ " ، بل هي وليدة التربة العفنة لهذه البلاد – وليدة طبيعته الداخليّة الفاسدة و تطوّره التاريخي – و كذلك ردّ على تحدّى موقعها الهيمني في العالم . بعبارة أخرى ، هذه الفاشيّة تعبير أقصى عن الإستغلال الخبيث ... و تفوّق البيض الفتّاك و العنيف نو التفوّق الذكوري و البطرياركيّة … و " التفوّق الأمريكي الفجّ " – كلّ هذا قائم في أساس وراسخ بعمق في العلاقات و المؤسّسات و الثقافة المهيمنين في هذه البلاد . هناك علاقات و مؤسّسات و ثقافة هذا النظام الذى هو نظام فاسد و قد فات أوانه تماما ، منذ زمن فوات تاريخ صلوحيّته ، باثّا سمّا خطيرا في كلّ مكان من لبّه الفاسد ، و ممثّلا تهديدا حقيقيّا جدّا للمستقبل و للإنسانيّة في وجودها ذاته . و 2- الوضع اليوم " يحتاج أن يتغيّر راديكاليّا ،إلى حيث تكون الجماهير الشعبيّة مستعدّة لإلحاق الهزيمة بهؤلاء الفاشيّين و تقوم بذلك كجزء من التخلّص من هذا النظام ككلّ الذى ولّد هؤلاء الفاشيّين ، إلى جانب كافة الفظائع الأخرى التي يقترفها بلا توقّف " .(7)
ختاما ، يجب أن يصبح هذا بسرعة الفهم الأساسي الذى تكسبه الجماهير ، أوّلا بالآلاف و تاليا بالملايين لإستيعابه و التصرّف إنطلاقا منه ، لجعل الثورة التحريريّة التي نحتاجها بصفة إستعجاليّة واقعا قويّا :
عندما تصبح النزاعات في صفوف مختلف أقسام الطبقة الحاكمة البرجوازيّة ( الرأسماليّة ) عميقة جدّا و عدوانيّة بحيث لا يعودون قادرين على الحكم " بالطريقة العاديّة " كما فعلوا لأجيال ، " يكون هذا علامة عن تصدّعات في منتهى العمق و الحدّة في كامل النظام القائم ؛ و مثل هذا الوضع يجب أن يغتنمه المضطهَدُون ليس للوقوف إلى جانب قسم من البرجوازيّة ضد قسم آخر ... بل بدلا من ذلك ، للتصعيد في النضال الثوريّ للإطاحة بحكم البرجوازيّة بأكمله ." (8)
----------------------------------------
ملاحظات لبوب أفاكيان :
1- هناك نوع من التشابه بين بعض الناس الذين ينجذبون إلى مساندة ترامب و وجوه متنوّعة من الذين تبنّونا أو ساعدوا الحملة الرئاسيّة لروبار أف كندي الإبن إنطلاقا من إعتقاد مضلّل بأنّ كندي يمثّل نوعا من المعارضة الإيجابيّة " للنظام القائم " ( أو " النظام المركّز " ) في حين أنّ في الواقع تتنزّل " معارضة " كندي جيّدا في إطار النظام السائد الرأسمالي – الإمبريالي ، و في الوقت نفسه ، تتميّز بالجنون المعادي للعلم، بالخصوص و ليس فقط في معارضة التلاقيح الآمنة و الفعّالة و المنقذة للحياة . و طبعا ، هناك إختلافات بين الجناح اليميني و " الجناح اليساري " من الشعبويّة . تنويعة الجناح اليمينيّ تتميّز عامة بكره النخب المثقّفة ، خاصة كما ترى هذه " النخب المثقّفة " على أنّها تتمتّع بإمتيازات غير مستحقّة ل" أناس دونيّين " ، على حساب " المحترمين للقانون و المشتغلين بشقاء و الأمريكيّين الوطنيّين " . و التنويعة الشعبويّة " اليساريّة" تتميّز على ألرجح بمعارضة النخب الشركات أو بصفة أعمّ الأغنياء جدّا ( " طبقة الملياردارات " ) ، بمطالب مثل توزيع أكثر " عدالة " للثروة في ظلّ هذا النظام .
و مع ذلك ، يظلّ صحيحا أنّ هناك مجال له دلالته للتداخل بين الجناح اليميني " للشعبويّة " و المفترض جناحها اليساري . كلاهما يشتملان على قوى و تيّارات سياسيّة تتميّز بضرب من المعارضة اللاعقلانيّة لبعض الوجوه القويّة – سواء الحكومة ( أو أجزاء منها ) و " النخب المثقّفة " ، أو الشركات الكبرى و المؤسّسات الماليّة الكبرى – تعارض يفتقد إلى أيّ فهم للنظام معتمد على العلم عليه يقوم كلّ هذا ، و معارضة تتميّز بقدر كبير من فرديّة " لا تدوسونى " التي تقوم على و تنبع من طفيليّة الرأسماليّة – الإمبرياليّة ( واقع أنّ هذه البلاد بما هي القوّة الرأسماليّة – الإمبرياليّة المهيمنة على العالم ، تتغذّى على إستغلال و إضطهاد تماما مليارات البشر عبر العالم بما في ذلك أكثر من 150 مليون طفل يتعرّضون إلى منتهى الإستغلال خاصة في العالم الثالث لأمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ).
و في علاقة بكلّ هذا ، من المهمّ بشكل حيويّ فهم أنّ المشكل ليس هذه أو تلك المؤسّسة الماليّة أو الحكوميّة أو"مؤسّسات" الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوريّ في حدّ ذاتهما ، و إنّما النظام الرأسمالي – الإمبريالي ذاته الذى تمثّل كلّ هذه المؤسّسات و مراكز السلطة المختلفة جزءا منه ، حتّى مع مصالح خاصة و أدوار متباينة و مقاربات متباينة للحفاظ على هذا النظام و فرضه .
2. The article “Donald Trump Isn’t ‘Tough,’ He’s a Bloated Bag of Fascist Feces” is available at revcom.us.
3. “If You’re Hoping ‘It Will Work Out All Right In the End,’ You Better Read This: Three Ways Fascism Has Just Moved Closer.” This article is also available at revcom.us.
4. Donald Trump—Genocidal Racist, available at revcom.us.
5. Go to revcom.us for extensive writings from Bob Avakian on this U.S. proxy war with Russia in Ukraine, including: The War in Ukraine and the Interests of Humanity: A Scientific Revolutionary Approach vs. Harmful Confusion and Chauvinist Delusion "Don t Worry About Nuclear War—If There Is One, Russia Will Lose!" The Dangerous Demagoguery of Timothy Snyder on Behalf of U.S. Imperialism and Its Proxy War in Ukraine Ukraine: World War 3 Is the Real Danger, Not a Repeat of World War 2.
6. BAsics, 3:8 (BAsics, from the talks and writings of Bob Avakian, RCP Publications.
7. This statement is cited in Something Terrible,´-or-Something Truly Emancipating. It was first put forward in From The Revcoms (Revcom.us): A Declaration, A Call To Get Organized Now For A Real Revolution, also available at revcom.us. Emphasis added.
8. This is part of the important statement soon to be published at revcom.us, From The Revcoms (Revolutionary Communists), Revolution, Building Up The Basis To Go For The Whole Thing, With A Real Chance To Win: Strategic Orientation And Practical Approach.
ملاحظة ختاميّة : حول الطبيعة الحقيقيّة و الجرائم الوحشيّة لهذه البلاد
تحلّل سلسلة الجرائم الأمريكيّة ، على موقع أنترنت revcom.us مائة من أسوأ جرائم هذه البلاد ، منذ تأسيسها إلى يومنا هذا – في قائمة لا تتحدّث عن مجرّد " أحداث معزولة " لأخطاء بل عن نموذج كامل من الفظاعات المتكرّرة المرّة تلو المرّة ، تلو المرّة وهي تعكس الطبيعة الأساسيّة لهذه البلاد – في قائمة ستطول أكثر إلى أن تُطيح ثورة و تجتثذ النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يحكم هذه البلاد و تعوّضه بنظام مغاير راديكاليّا و أفضل بكثير ، معتمد على " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفته .
مكثّفا الكثير من الجرائم الوحشيّة لهذه البلاد و لطبقتها الحاكمة ، هناك واقع أنّ هذه الجمهوريّة المسمّاة " الولايات المتّحدة الأمريكيّة " هي :
" جمهوريّة " نشيدها الوطني " كتبه مالك عبيد ( آه ، آه قولوا إنّه بوسعكم رؤية ...كلّ العبوديّة ... ) ! ...
جمهوريّة تأسّست على العبوديّة و السرقة و الإبادة الجماعيّة : مبقية ملايين السود مقيّدين بالسلاسل لأجيال ... قاتلة عددا هائلا من السكّان الأصليّين لأمريكا و سارقة أراضيهم ... خائضة حربا قطعت أوصال نصف المكسيك ، موسّعة بدرجة كبيرة رقعة العبوديّة .
نظام ، من بدايته الأولى وصولا إلى يومنا هذا قد قام على الإستغلال بلا رحمة و لا شفقة ، مستخدما و منتهكا الجماهير الشعبيّة لخلق ثروة لقلّة قليلة ، بتفوّق بيض عنيف ، و تفوّق ذكوري و إضطهاد جندري مبني في أسس هذا النظام و مفروض من قبله ... ناهبا الشعوب في كافة أرجاء العالم ... مدمّرا البيئة و خائضا الحرب غير العادلة تلو الأخرى إلى درجة حتّى تهديد الإنسانيّة في وجودها ذته ... مغتالا الأمل في مستقبل لائق ، أو أيّ مستقبل أصلا . "
( من بيان هام للشيوعيّين الثوريّين ، revcoms ، الولاء [ للثورة ] وهو متوفّر على موقع أنترنت revcom.us ) .
الولايات المتّحدة بلد فيه يقع الهجوم على / ضرب امرأة كلّ 9 ثواني . وهو بلد حيث عدد ضخم من النساء يتعرّض للإغتصاب أو الهجوم الجنسيّ كلّ سنة ، بلد حيث وقع الإنقلاب على حقّ الإجهاض و حرمان النساء منه ، مع تأكيد لتحكّم التفوّق الذكوري في أجسادهنّ و وجودهنّ ذاته ، ما يشكّل بالمعنى الحقيقي جدّا ، شكلا من أشكال إستعباد الإناث . هذا بلد فيه المثليّون و المتحوّلون و المزدوجون جنسيّا يتعرّضون إلى التمييز ضدّهم و إلى الإضطهاد و الترهيب و الشيطنة و الإعتداءات و التعنيف و القتل الصريح .
هذا نظام فيه أكثر من 40 مليون امرأة مورّطة و مستعبدة في التجارة الجنسيّة العالميّة لما يسمّى ب " صناعة الجنس " في الاقتصاد العالمي و النظام الرأسمالي- الإمبريالي عامة ، و فيه كانت الولايات المتّحدة لعقود القوّة المهيمنة .
و ثمّة العنف الكبير غير العادل الذى تقترفه إمبرياليّة الولايات المتّحدة على " الصعيد العالمي " :
" فضلا عن الجرائم المتوصالة ضد الإنسانيّة التي إقترفتها الولايات المتّحدة ، فقط منذ الحرب العالميّة الثانية ، بما في ذلك قتل ملايين المدنيّين في الفيتنام ، و قبل ذلك في كوريا ، و الإنقلابات الدموية التي نظّمتها في أندونيسيا و إيران و غيرهما من الأماكن ، في فترة من 1846 إلى الوقت الحاضر الولايات المتّحدة قد تدخّلت في بلدان جنوب أمريكا و وسطتها – عسكريّا وبواسطة إنقلابات السي أي أي ، أو بطرق أخرى – على الأقلّ 100 مرّة ، بثمن تماما مئات آلاف القتلى و البؤس اللامتناهي لشعوب تلك البلدان . "
( من مقال لبوب أفاكيان " الشوفينيّة الأمريكيّة الوقحة : - معاداة الإستبداد - ك - غطاء - لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة" وهو أيضا متوفّر على موقع revcom.us )
و ثمّة واقع أنّ الولايات المتّحدة ( إلى الآن على الأقلّ ) هي البلد الوحيد الذى إستخدم فعلا الأسلحة النوويّة ، بقذفها قنابل نوويّة على مدينتين يابانيّتين فى نهاية الحرب العالميّة الثانية ، حارقة فورا مئات الآلاف من المدنيّين اليابانيّين و معرّضة عديد الآخرين إلى الموت و العذاب البطيئين نتيجة آثار الإشعاعات . و ثمّ ، في زمن أحدث ، وُجد غزو الولايات المتّحدة غير الشرعي للعراق . هذا الغزو الذى قام على كذب صريح – و الآن الحرب بالوكالة في أوكرانيا ، إلى جانب الإعداد النشيط للحرب مع الصين ، مع نموّ خطر السحق النوويّ .
و كلّ هذا في ظلّ كلّ من الإدارتين الديمقراطيّة و الجمهوريّة .
أمّا بالنسبة إلى مزاعم بيدن ( و قسم من الطبقة الحاكمة يمثّله ) أنّ الولايات المتّحدة منخرطة في صراع تاريخي ، ضمن هذه البلاد ذاتها و عبر العالم ، ل " الديمقراطيّة " مقابل " الإستبداد المعادي للديمقراطية " ، في مقال " فكر " مناهضة الإستبداد " فكر مناهض للعلم – خدمة الإمبريالية الأمريكيّة و الترويج للشوفينيّة الأمريكيّة " ، عرضت القائمة التالية لبعض البلدان ، فقط منذ الحرب العالميّة الثانية ، تحالفت معها الولايات المتّحدة – و في عديد الحالات ، عبر الغزو و الإنقلابات الدمويّة إلخ – نصّبت حكومات قمعيّة " إستبداديّة " ( كانت ستعدّ " إستبداديّة " وفق " منطق " " منظّري" " الإستبداد " ) : الشيلي ...البرازيل ...هايتى ... كوبا ( قبل ثورة 1959 ) ... السلفادور ... نيكاراغوا ... غواتيمالا ... الهندوراس ... بناما ... جمهوريّة الدومينيك ... اليونان ... بولونيا ... أندونيسيا ...الفليبين ... طوريا الجنوبيّة ... فيتنام الجنوبيّة ...الصين ( قبل إنتصار الثورة سنة 19499 ... إيران ...العراق ...تركيا ... إسرائيل .
و مجدّدا، هذه ليست سوى قائمة جزئيّة للحكومات " الإستبداديّة التي يدعمها – و عادة نُصّبت بواسطة غزوات و إنقلابات دمويّة إلخ – إمبرياليّو الولايات المتّحدة ، فقط منذ الحرب العالميّة الثانية .
تحت سطح الظاهر من " الإحترام " ( و حتّى هالة " الكرامة الجدّية المحيط بعديد " قادة " هذه البلاد ، هناك واقع ذهنيّة فاسدة و مجنونة حقّا يجب على المرء إمتلاكها – أو هو مجبر على إمتلاكها – لكي يخدم كوظّف سامي في هذا النظام . فإضافة إلى الوقائع و التحاليل التي قد وفّرتها بعدُ و التي تسجّل بوضوح هه النقطة الأساسيّة ، هناك التالي ، يخدم كمذكّرة أنّه ليس للذهنيّة المجرمة فحسب بل للذهنيّة " الوحشيّة " حقا يمكن أن تنظروا ليس إلى دونالد ترامب فقط أو جمهوريّين فاشيّين آخرين ، بل كذلك إلى شخص مثل هيلاري كلينتن . و كما تمّت الإشارة إليهفى مقال حديث على موقع أنترنت revcom.us ( نسخة معيّنة من الجريمة الأمريكيّة رقم 35: حرب الولايات المتّحدة – حلف الناتو سنة 2011 ضد ليبيا ) في 2011 ، كسكرتيرة دولة في إدارة أوباما ، كانت هيلاري كلينتن ضمن أقوى و أعلى الأصوات المدافعة عن قذف الولايات المتحدة / حلف الناتو بلد شمال أفريقيا ليبيا ما أدّى إلى إزاحة الحكم الذى كان يتراّسه معمّر القذّافي ، و في الوقت نفسه ، موت آلاف الليبيّين . و أدّى كذلك موت القذّافي إلى فوضى عارمة و نزاع مدني في ليبيا ، و قد تواصل بأشكال مختلفة إلى يومنا هذا – و قد ضاعف كثيرا الموت و الدمار الناجم عن الفيضنات الكبرى الحديثة في ليبيا .
و مثلما أشار ذلك المقال على موقع revcom.us ، عندما إعتقلت قوّات المعارضة القذّافي – مستفيدة من أشهر من قصف الولايات المتّحدة / تحالف الناتو لقوّات القذّافي – في النهاية القذّافي نفسه و عذّبته و قتلته ، ضحك كلينتن على شاشة التلفزة قائلا " أتينا ، رأينا ، مات " . لكن الذين إعتقلوا القذّافي و قتلوه لم يقوموا بمجرّد تعذيبه بالمعنى العام : لقد إغتصبوه ، بطريقة وحشيّة بشكل خاص . مطّلعا على ذلك ، قام كلينتن بالتصريح الوحشيّ ببهجة : " أتينا ، رأينا ، مات " .
ثمّ هناك باراك أوباما نفسه و الذى كان إنتخابه ك " أوّل رئيس أسود " يفترض أن يُنظر إليه كمكسب عظيم و " دليل " على انّ هذه البلاد تواصل التقدّم بإتّجاه " وحدة أكمل " . التالي يوفّر بعض و فقط بعض الحقيقة حول الدور الفعلي لأوباما، كرئيس للسلطة التنفيذيّة لهذه القوّة الرأسماليّة – الإمبرياليّة الوحشيّة حقّا ، و بأكثر جوهريّة الحقيقة حول طبيعة هذه البلاد و هذا النظام ككلّ .
سنة 2012 ، تحدّث باراك أوباما بهذه الكلمات بينما كان يمدح جيش الولايات المتّحدة لدوره في الفيتنام : " من أكثر فصول تاريخنا إيلاما كان الفيتنام – و بوجه الخصوص كيف تعاطينا مع فياقنا التي خدمت هناك ... لقد كتبتم أروع صفحات الشجاعة و النزاهة في كتب التاريخ العسكري . "
( باراك أوباما ، 28 ماي 2012 ، جزء من إحياء ذكرى حرب الفيتنام )
لم يوجد و لا يوجد شيء " بطولي " بشأن جيش الولايات المتّحدة . بالعكس ، إنّه – دون أدنى مبالغة – آلة لا توصف لجرائم الحرب الكبرى و الجرائم ضد الإنسانيّة و أعماله في الفيتنام تمثّل تكثيفا منهجيّا لهذا ، بدرجة دمار و فساد لا يتصوّر تقريبا :
قتل ملايين المدنيّين الفيتناميّين بقذف و قصف مستمريّين بالقنابل بما في ذلك لمدارس و معاهد و مستشفيات و سدود و البنية التحتيّة الحيويّة الأخرى و الإستعمال على نطاق واسع لقنابل النبالم ،و الفسفور الأبيض و العميل البرتقالي ، و ملايين الأسلحة المعادية للأشخاص ، و حرق حتّى الموت و التسبّب في غعاقة أعداد ضخمة من الأطفال و غيرهم ؛
تدمير معيشة ملايين الفيتناميّين – تحطيم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلاحيّة و الماشية اللازمين جدّا لسكّان ريف الفيتنام؛
تعذيب المسجونين – بما في ذلك أعداد كبيرة من المدنيّين – ذكور و إناث ، شيبا و شبابا ، بمن فيهم صغار السنّ جدّا ؛
قطع أعضاء من الأجساد و حمل أجزاء من أجساد الفيتناميّين القتلى ك " جوائز " ؛ الإغتصاب الجماعي للنساء و الفتيات الفيتناميّات .
كلّ هذا و أكثر قام به جيش الولايات المتّحدة و جنوده " الأبطال " .
و تتضمّن سلسلة " جرائم أمريكا " رواية عن مجزرة ماي لاي في الفيتنام و حسبها قتل الجنود الأمريكان بشكل طائش أكثر من 500 مدني تقريبا جميعهم من المسنّين و النساء و الأطفال غير المشاركين في القتال . و إنّه لواقع تمّ توثيقه توثيقا جيّدا أنّ هذه المجزرة لم تكن نوعا من الإستثناء أو التجاوز بل مثّلت المقاربة الأساسيذة و الوسيلة الأساسيّة لآلة الحرب الأمريكيّة في الفيتنام ، مغذّاة إيديولوجيّا بزيج فاسد و مسموم من الجهل و معاداة الشيوعيّة بصفة غير عقلانية و الشوفينيّة الأمريكيّة و العنصريّة الفجّة و كره النساء ، كان يُنظر إلى الفيتناميّين و يعاملون على أنّهم أدنى من البشر " منحطّين "، و الإناث أدنى الجميع .
هذا هو التاريخ الفعلي لدور الولايات المتّحدة في الفيتنام و هو يعتبر حسب الأذهان الملتوية لرؤساء الدولة الإمبرياليّة الأمريكيّة ، كبراك أوباما ، و يُمدح على أنّه " أروع صفحات الشجاعة و النزاهة في كتب التاريخ العسكري . "
و لا يكشف هذا فقط ذهنيّة أوباما الفاسدة تماما – و كلّ من يتراّس هذا النظام الوحشيّ حقّا – لكنّه كذلك الحال أنّ أوباما هنا عن إرادة و بخبث يعيد كتابة التاريخ : إنّه يقلب الأمور رأسا على عقب بشأن الدور الفعلي لهذه " الفيالق " في الفيتنام . إنّه يشتكى من أنّ " الفيالق " التي تقف وراء هذه الفظائع في الفيتنام لم يقع شكرها " لخدمتها " لجرائم الحرب الرهيبة ، لكن بدلا من ذلك ، جرائم الحرب هذه عن حقّ و بصفة عادلة أدانتها الجماهير الشعبيّة في هذه البلاد .
و يُخفق ( أو يرفض ) أوباما في أن يُشير إلى واقع أنّ العديد من هذه الفيالق ( و الفيالق السابقة ) توصّلت إلى التمرّد المفتوح ضد ما كانت تصدر الأوامر للقيام به في الفيتنام و أضحت جزءا هاما من المعارضة الجماهيريّة لدور الولايات المتّحدة في تلك الحرب . و في تعارض مع ما يدافع عنه بفساد أوباما على أنّه بطولي ، ذلك التمرّد للفيالق الأمريكيّة ضد الحكومة و النظام الذى كان يُشجّعها و يقودها لتقترف فظائع رهيبة لا تصدّق – ذلك النوع من التمرّد شيء حقّا يجب تكريمه و تشجيعه .
(24)
بعض الحقائق الأساسيّة حول الحرب الإسرائيليّة المدعومة من قبل الولايات المتّحدة ضد فلسطين
بوب أفاكيان ، 20 أكتوبر 2023 ، جريدة " الثورة " عدد 825 ، 23 أكتوبر 2023
https://revcom.us
[ بوب أفاكيان قائد ثوريّ تقدّم بالشيوعيّة الجديدة كإطار كامل جديد لتحرير الإنسانيّة . و قد طوّر مقاربة إستراتيجيّة للقيام بثورة فعليّة للإطاحة بالنظام الرأسمالي - الإمبرياليّ . و قد ألّف" دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا" كمخطّط ملموس و نظرة شاملة لطريقة حياة جديدة تماما و نظام مغاير جوهريّا .]
أوّلا ، حقيقة أساسيّة حول فلسطين و إسرائيل :
إسرائيل التي يدعمها الإمبرياليّون " الغربيّون " - و قبل كلّ شيء ، الولايات المتّحدة - هي القوّة المهيمنة و الإضطهاديّة في صلتها بالشعب الفلسطينيّ . تأسّست إسرائيل قبل 75 سنة من الآن ، على أساس إرهاب رهيب ضد جماهير الشعب الفلسطينيّ . و مذّاك إرتكبت فظائعا متكرّرة ضد هذا الشعب . و هذا واقع تاريخيّ .
و حماس ليست حركة ثوريّة ، و أهدافها ليست تحريريّة – ليست قوّة تحرير بل هي نفسها قوّة إضطهاديّة . و الفظائع التي إقترفتها حماس ضد المدنيّين الإسرائيليّين تنبع من الطبيعة الرجعيّة لحماس و أهدافها و أساليبها بما هي قوّة أصوليّة دينيّة ( إسلاميّة ) متعصّبة . وهذه الفظائع وجب التنديد بها . إلاّ أنّها ليست نوعا من " المحرقة / الهولوكوست الجديدة " بمعنى إبادة جماعيّة للشعب اليهودي – و هي لا تقترب بتاتا من العذابات المريعة التي فرضتها و تفرضها إسرائيل على أجيال من الشعب الفلسطينيّ .
و مع ذلك الآن ، عدد المدنيّين الفلسطينيّين بمن فيهم الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل منذ هجوم حماس أكبر بكثير من عدد المدنيّين الإسرائيليّين الذين قتلوا في ذلك الهجوم – و ينضاف عدد قتلى الفلسطينيّين إلى الآلاف الآخرين الذين قتلتهم إسرائيل منذ 2008 فقط .
لسنا في ثلاثينات القرن العشرين و الحرب العالميّة الثانية لمّا إقترف النازيّون ، كقوّة حاكمة لألمانيا ، فظائعا رهيبة و قتلا جماعيّا لملايين اليهود . الوضع اليوم ليس وضع فلسطينيّين يجمّعون يهودا مغلوبين على أمرهم في محتشدات و يخضعونهم إلى إبادة جماعيّة . الوضع الراهن هو عكس ذلك .
إسرائيل قوّة عسكريّة مسلّحة نوويّا و تلقى تزويدا و دعما كبيرين من القوّة الإمبرياليّة المهيمنة على العالم ، الولايات المتّحدة . و لأجيال ، فرضت إسرائيل إضطهاد ميز عنصري / أبارتايد على الفلسطينيّين ، متنكّرة لحقوقهم الأساسيّة . و بالخصوص ، في ما يتعلّق بأكثر من مليوني فلسطيني في غزّة نصفهم أطفال ، فإنّ إسرائيل حرمتهم حتّى من وسائل العيش أبعد من الوجود الأدنى و اليائس .
و مرّد أخرى ، نشدّد على بعض الوقائع الأساسيّة و الحيويّة : إسرائيل بلد تأسّس ، قبل 75 سنة ، بدعم من القوى الإمبرياليّة العظمى كدولة عنصريّة تنظّر لتفوّق اليهود و تمارسه ، على أساس التطهير العرقيّ الشنيع – بالقتل الجماعي و الإغتصاب و تدمير قرى فلسطينيّة بأكملها ، و تهجير الجماهير الفلسطينيّة من أراضيها و إلحاق تلك الأراضي بالمجال الترابي المتوسّع لما صار دولة إسرائيل ( التي لم تكن موجودة أصلا قبل الحرب العالميّة الثانية ). و الآن إسرائيل بدعم تام من الإمبرياليّين الأمريكان تقترف بشكل سافر إبادة جماعيّة ضد الفلسطينيّين .
هذه هي الحقيقة . إنّها تصف الواقع الأساسي لهذا الوضع و تاريخه . و هذه الحقيقة ليست " معاداة للساميّة "- هي فقط حقيقة .
حقيقة هامّة أخرى :
لماذا يدعم بايدن و أساسا كامل الحكومة و الطبقة الحاكمة في الولايات المتّحدة إسرائيل في إرتكاب الإبادة الجماعيّة ضد الشعب الفلسطينيّ على مرأى ومسمع من العالم قاطبة ؟ لا يعزى ذلك إلى" قوّة اللوبي اليهوديّ " - أو لفهم سخيف و فاحش بأنّ " اليهود يتحكّمون في كلّ شيء " . و إنّما يُعزى إلى كون إسرائيل تنهض ب " دور خاص " كقلعة مدجّجة بالسلاح لدعم إمبرياليّة الولاات المتذحدة في جزء إسترتيجيّا هام من العالم ( " الشرق الأوسط " ). و قد كانت إسرائيل قوّة مفتاح في إقتراف الفظائع التي ساعدت على الحفاظ على الحكم الإضطهادي للإمبرياليّة الأمريكيّة في عديد أنحاء العالم .
و هذا – الحفاظ على الهيمنة الإضطهادية المجرمة للإمبرياليّة الأمريكية و فرضها – هو الحافز لدفع بايدن لمزيد تصعيد الحرب بالوكالة التي تخوضها الولايات المتّحدة ضد روسيا في أوكرانيا ، و كذلك مزيد الإستعداد للحرب مع الصين ، حتّى بثمن المخاطرة بوجود الإنسانيّة ذاته .
كلّ هذا حقيقة أساسيّة بشأن هذا الواقع الأساسي . و تسلّط هذه الحقيقة الضوء مرّة أخرى على ألهمّية العميقة لموقفى بأنّنا، شعوب العالم ، لم يعد بوسعنا السماح لهؤلاء الإمبرياليّين أن يواصلوا الهيمنة على العالم و تحديد مصير الإنسانيّة . هناك حاجة للإطاحة بهم في أقرب وقت ممكن . و إنّه لواقع علميّ أنّه ليس علينا أن نعيش على هذا النحو .
المزيد من الوقائع الهامّة و المنطق الأخرق للمساندين الصهاينة لإسرائيل :
و لنكن واضحين بشأن واقع هام جدّا : الصهيونيّة ليست هي اليهوديّة . فاليهوديّة دين و ثقافة و أناس يتشاركون تلك الثقافة. أمّا الصهيونيّة فهي عقيدة سياسيّة و إيديولوجيا عنصريّة تنظّر لتفوّق اليهود و تمارسه . و الصهيونيّة هي الأساس الإيديولوجي الذى تأسّست عليه دولة إسرائيل و الذى تواصل تأبيده كتبرير لوجودها و إضطهادها و تدميرها للشعب الفلسطينيّ .
و إليكم المنطق الأخرق للمساندين الصهاينة لإسرائيل و موقفهم يتلخّص في التالي :
" لا أستطيع أن أفهم ما يجرى . لمّا كنّا نحن اليهود ضحيّة للإبادة الجماعيّة ، أدان الناس الشرفاء في كلّ مكان من إقترفوا تلك الإبادة . و الآن و نحن نرتكب إبادة جماعيّة ضد الفلسطينيّين ، يندّد بنا الناس الشرفاء . ببساطة لا أستطيع فهم ما يجرى . لا بدّ أن يكون هذا معاداة للساميّة " .
لا – ليس معاداة للساميّة – إنّه معارضة متّسقة و عادلة للفظائع مهما كان من يقترفها .
(25)
نقطة مخفيّة في أخلاق مساندي إسرائيل الذين ينقدون حماس – و حماس فقط – لقتل أطفال
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 825، 23 أكتوبر 2023
https://revcom.us
بينما لا يمكن تبرير أعمال حماس المتّصلة بقتل مسنّين و أطفال ( و ما يُزعم من إغتصاب و إعتداءات جنسيّة أخرى على النساء ) ، ما يبعث على القرف هو أنّه يبدو أنّ الطبقة الحاكمة و وسائل إعلامها و كذلك عديد المشاهير و غيرهم في هذه البلاد يلاحظون و يهتمّون بقتل الأبرياء و بخاصة الأطفال فقط عندما يكون هؤلاء إسرائيليّين ( و بشكل عام أولئك الذين وقع تعويد الأمريكيّين على التفكير على أنّهم " أصدقاؤنا و حلفاؤنا " مثل الناس في أوكرانيا ) و ليس عندما يكونون من الناس مثل الفلسطينيّين .
و رغم وجود معارضة لها دلالتها لهذا الموقف و المزيد من النزعات الإيجابيّة في صفوف الناس في هذه البلاد ، يطفو على السطح حقّا أنّ الفلسطينيّين لا أهمّية لهم كبشر ، لا يمكن رؤيتهم كبشر – أو حتّى أنّهم لا يعتبرون عمليّا بشرا - من قبل عدد كبير جدّا من الناس ، أبعد من مجرّد الطبقة الحاكمة المجرمة بوحشيّة ، في هذه البلاد . و يكون هذا أكثر فُحشا حينما نرى أنّ عدد الأطفال الفلسطينيّين المقتولين على يد الصهاينة بدعم أمريكي ، حتّى في هذا الوضع الراهن ، بعدُ أكبر ، أكبر، أكبر بكثير من قمّة ما بلغته الطرق التي إستخدمتها إسرائيل لإضطهاد و قمع الفلسطينيّين لأجيال إضطهادا و قمعا وحشيّين بدعم تام من الولايات المتّحدة و ممثّليها و موظّفيها السياسيّين من كلا حزبي الطبقة الحاكمة ( الحزب الديمقراطي و الحزب الجمهوريّ أيضا ).
(26)
أجل ، لا يمكن أن " نسوّي " بين إسرائيل و الفلسطينيّين ، لكن الواقع عكس ما يؤكّد عليه مساندو إسرائيل
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 825 ، 23 أكتوبر 2023
www.revcom.us

[ بوب أفاكيان قائد ثوريّ تقدّم بالشيوعيّة الجديدة كإطار كامل جديد لتحرير الإنسانيّة . و قد طوّر مقاربة إستراتيجيّة للقيام بثورة فعليّة للإطاحة بالنظام الرأسمالي - الإمبرياليّ . و قد ألّف" دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا" كمخطّط ملموس و نظرة شاملة لطريقة حياة جديدة تماما و نظام مغاير جوهريّا .]

أجل ، الحال كذلك ، كما يشدّد بإستمرار مساندو إسرائيل ، لا يمكن أن نسوّي بين إسرائيل و الفلسطينيّين – لكن الواقع عكس ما يؤكّد عليه مساندو إسرائيل : لا تتساوى أمّة مضطهِدة هي إسرائيل و أمّة مضطهَدَة هي فلسطين ؛ و أعمال الإسرائيليّين أسوأ بكثير ، من صنف مختلف تماما ، مقارنة حتّى بالفظاعات التي إرتكبتها حماس ، لأنّ إسرائيل في موقع أقوى بكثير لإقتراف و قد إقترفت مثل هذه الفظاعات على نطاق أكبر بكثير و أساس متكرّر أكثر بكثير !
الواقع الأساسي في كلّ هذا هو أنّ دولة إسرائيل ( مرّة أخرى ، مع الدعم التام للولايات المتّحدة ) قد قد خلقت و تحافظ بقوّة / بخبث / بإجرام ، على ظروف إضطهاد عام للميز العنصري / أبرتايد فيها اشعب الفلسطيني مستعبد فعلا و مُجبَر على تحمّل عذابات رهيبة ، بصفة مستمرّة . و هذا هو المصدر الأساسي للنزاع – و لا يمكن حلّ هذا النزاع دون الإعتراف بهذا الواقع الإضطهادي الأساسي ، و العمل على تجاوزه و إجتثاثه .
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(27)
بوب أفاكيان : إلى الشيوعيّين الثوريّين و المنتمين إلى نوادى الثورة و المتعاطفين معها – فلسطين ، إسرائيل ، الإمبرياليّة : الحرب و خطر حرب أكبر حتّى – و الثورة – توجّه أساسيّ و تحريض مُقنع و تعبأة الجماهير
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 825 ، 23 أكتوبر 2023
www.revcom.us

[ بوب أفاكيان قائد ثوريّ تقدّم بالشيوعيّة الجديدة كإطار كامل جديد لتحرير الإنسانيّة . و قد طوّر مقاربة إستراتيجيّة للقيام بثورة فعليّة للإطاحة بالنظام الرأسمالي - الإمبرياليّ . و قد ألّف" دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا" كمخطّط ملموس و نظرة شاملة لطريقة حياة جديدة تماما و نظام مغاير جوهريّا .]

ملاحظة الناشر :
هذه الوثيقة كتبها بوب أفاكيان متوجّها إلى صفوف الشيوعيّين الثوريّين ، لكن بإعتبار طابعها الإستعجالي – تقرّر أنّه سيكون من المهمّ تقاسمها مع جمهور أوسع . و تتوفّر مقتطفات من هذه الوثيقة للتوزيع الجماهيري على موقع أنترنت revcom.us
-------------------------------
يدعم بايدن بشكل مفضوح و قويّ الإبادة الجماعيّة التي تقترفها إسرائيل في حقّ الشعب الفلسطيني ، و في الوقت نفسه ، يدفع بعدوانيّة إلى التصعيد في حرب الولايات المتّحدة بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا ، و إلى مزيد الإستعدادات للحرب مع الصين – و كلّ هذا يشدّد كثيرا على أفق عذابات كبيرة جدّا و رهيبة يتكبّدها الشعب الفلسطيني و أيضا خطر حرب نوويّة قد تمسح من على وجه الكوكب الوجود الإنساني كما نعرفه ... و إزاء كلّ هذا ، من المهمّ بشكل حيويّ أن نكون واضحين حول المسائل المعنيّة و الرهانات العميقة ، حتّى يكون لنا توجّه صلب و نكون مستعدّين بنشاط للتعبير عن مواقفنا و تعبأة الجماهير الشعبيّة في معارضة مصمّمة لكلّ هذا و التقدّم بالأشياء نحو الحلّ الحقيقيّ الوحيد لكلّ هذا ألا وهو الثورة التي نحتاجها بصفة إستعجاليّة متنامية وهي ممكنة أكثر في هذا " الزمن النادر ".
في هذا الوضع ، يمسى من الضروري بأكثر حدّة و أهمّية حيويّة أن نفضح التحرّكات الإمبرياليّة و طبيعة هذا النظام و نسلّط الأضواء بشدّة على واقع أنّ بايدن و مجمل الطبقة الحاكمة التي يمثّلها ، هم ( مثلما وضع ذلك بقوّة مالكولم آكس) " ذئاب مصاّصة دماء " و من أفواهها تسيل الدماء بينما يتكلّمون بنفاق عن " الحرّية " و " الحقوق " و يتجرّأون حتّى على الكلام عن " السلام ! " . و كجزء من هذا ، سيكون من المهمّ فضح نفاق بايدن و البقيّة في التنديد ببوتن على أنّه مجرم حرب لقتله مدنيّين في أوكرانيا بينما يدعم بادين و مجمل الطبقة الحاكمة لهذه البلاد تمام الدعم و يوفّرون المزيد من الوسائل كي تنفّذ إسرائيل القتل الإبادي الجماعي للمدنيّين الفلسطينيّين . و في غاية الأهمية مواصلة التشديد على العامل الموحّد في كلّ هذا : ما يحرّك بايدن و البقيّة – ما يقصدونه ب " المصالح القوميّة " و " الأمن القومي " لهذه البلاد – ليس الاهتمام بحياة أو حقوق الناس ، في أيّ مكان ، بل المصالح الإضطهاديّة المجرمة لمصّاصي الدماء من إمبراطوريّة الولايات المتّحدة التي هم على إستعداد لفرضها بعنف إبادي جماعي و حتّى بخطر مسح وجود الإنسانيّة على هذا الكوكب .
و بعض ما يلى هنا وقع نشره على موقع أنترنت revcom.us و وقع تناوله في برنامج الثورة لا شيء أقلّ من ذلك ! ، إلى جانب فضح و تحليل آخر لهذه المسائل الهامّة . بيد انّي شعرت بأنّه سيكون من المهمّ أن نجمّع معا ، في وثيقة واحدة ، نقاط توجّه لفهمنا الخاص و كأساس للتحريض لتعبأة – و الصراع الضروريّ مع – الجماهير الشعبيّة العريضة . و في الوقت نفسه ، يجب على الناس أن يواصلوا متابعة موقع revcom.us و برنامج الثورة لا شيء أقلّ من ذلك ! من أجل تحليل ما يجري و التوجّه مع تواصل تطوّر الأمور و من المؤكّد تقريبا إحتدامها .
أوّلا ، حقيقة أساسيّة حول فلسطين و إسرائيل :
إسرائيل التي يدعمها الإمبرياليّون " الغربيّون " - و قبل كلّ شيء ، الولايات المتّحدة - هي القوّة المهيمنة و الإضطهاديّة في صلتها بالشعب الفلسطينيّ . تأسّست إسرائيل قبل 75 سنة من الآن ، على أساس إرهاب رهيب ضد جماهير الشعب الفلسطينيّ . و مذّاك إرتكبت فظائعا متكرّرة ضد هذا الشعب . و هذا واقع تاريخيّ .
و حماس ليست حركة ثوريّة ، و أهدافها ليست تحريريّة – ليست قوّة تحرير بل هي نفسها قوّة إضطهاديّة . و الفظائع التي إقترفتها حماس ضد المدنيّين الإسرائيليّين تنبع من الطبيعة الرجعيّة لحماس و أهدافها و أساليبها بما هي قوّة أصوليّة دينيّة ( إسلاميّة ) متعصّبة . وهذه الفظائع وجب التنديد بها . إلاّ أنّها ليست نوعا من " المحرقة / الهولوكوست الجديدة " بمعنى إبادة جماعيّة للشعب اليهودي – و هي لا تقترب بتاتا من العذابات المريعة التي فرضتها و تفرضها إسرائيل على أجيال من الشعب الفلسطينيّ .
و مع ذلك الآن ، عدد المدنيّين الفلسطينيّين بمن فيهم الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل منذ هجوم حماس أكبر بكثير من عدد المدنيّين الإسرائيليّين الذين قتلوا في ذلك الهجوم – و ينضاف عدد قتلى الفلسطينيّين إلى الآلاف الآخرين الذين قتلتهم إسرائيل منذ 2008 فقط .
لسنا في ثلاثينات القرن العشرين و الحرب العالميّة الثانية لمّا إقترف النازيّون ، كقوّة حاكمة لألمانيا ، فظائعا رهيبة و قتلا جماعيّا لملايين اليهود . الوضع اليوم ليس وضع فلسطينيّين يجمّعون يهودا مغلوبين على أمرهم في محتشدات و يخضعونهم إلى إبادة جماعيّة . الوضع الراهن هو عكس ذلك .
إسرائيل قوّة عسكريّة مسلّحة نوويّا و تلقى تزويدا و دعما كبيرين من القوّة الإمبرياليّة المهيمنة على العالم ، الولايات المتّحدة . و لأجيال ، فرضت إسرائيل إضطهاد ميز عنصري / أبارتايد على الفلسطينيّين ، متنكّرة لحقوقهم الأساسيّة . و بالخصوص ، في ما يتعلّق بأكثر من مليوني فلسطيني في غزّة نصفهم أطفال ، فإنّ إسرائيل حرمتهم حتّى من وسائل العيش أبعد من الوجود الأدنى و اليائس .
و مرّد أخرى ، نشدّد على بعض الوقائع الأساسيّة و الحيويّة : إسرائيل بلد تأسّس ، قبل 75 سنة ، بدعم من القوى الإمبرياليّة العظمى كدولة عنصريّة تنظّر لتفوّق اليهود و تمارسه ، على أساس التطهير العرقيّ الشنيع – بالقتل الجماعي و الإغتصاب و تدمير قرى فلسطينيّة بأكملها ، و تهجير الجماهير الفلسطينيّة من أراضيها و إلحاق تلك الأراضي بالمجال الترابي المتوسّع لما صار دولة إسرائيل ( التي لم تكن موجودة أصلا قبل الحرب العالميّة الثانية ). و الآن إسرائيل بدعم تام من الإمبرياليّين الأمريكان تقترف بشكل سافر إبادة جماعيّة ضد الفلسطينيّين .
هذه هي الحقيقة . إنّها تصف الواقع الأساسي لهذا الوضع و تاريخه . و هذه الحقيقة ليست " معاداة للساميّة "- هي فقط حقيقة .
حقيقة هامّة أخرى :
لماذا يدعم بايدن و أساسا كامل الحكومة و الطبقة الحاكمة في الولايات المتّحدة إسرائيل في إرتكاب الإبادة الجماعيّة ضد الشعب الفلسطينيّ على مرأى ومسمع من العالم قاطبة ؟ لا يعزى ذلك إلى" قوّة اللوبي اليهوديّ " - أو لفهم سخيف و فاحش بأنّ " اليهود يتحكّمون في كلّ شيء " . و إنّما يُعزى إلى كون إسرائيل تنهض ب " دور خاص " كقلعة مدجّجة بالسلاح لدعم إمبرياليّة الولايات المتّحدة في جزء إستراتيجيّا هام من العالم ( " الشرق الأوسط " ). و قد كانت إسرائيل قوّة مفتاح في إقتراف الفظائع التي ساعدت على الحفاظ على الحكم الإضطهادي للإمبرياليّة الأمريكيّة في عديد أنحاء العالم .
و هذا – الحفاظ على الهيمنة الإضطهادية المجرمة للإمبرياليّة الأمريكية و فرضها – هو الحافز لدفع بايدن لمزيد تصعيد الحرب بالوكالة التي تخوضها الولايات المتّحدة ضد روسيا في أوكرانيا ، و كذلك مزيد الإستعداد للحرب مع الصين ، حتّى بثمن المخاطرة بوجود الإنسانيّة ذاته .
كلّ هذا حقيقة أساسيّة بشأن هذا الواقع الأساسي . و تسلّط هذه الحقيقة الضوء مرّة أخرى على الأهمّية العميقة لموقفى بأنّنا، شعوب العالم ، لم يعد بوسعنا السماح لهؤلاء الإمبرياليّين أن يواصلوا الهيمنة على العالم و تحديد مصير الإنسانيّة . هناك حاجة للإطاحة بهم في أقرب وقت ممكن . و إنّه لواقع علميّ أنّه ليس علينا أن نعيش على هذا النحو .
المزيد من الوقائع الهامّة و المنطق الأخرق للمساندين الصهاينة لإسرائيل :
و لنكن واضحين بشأن واقع هام جدّا : الصهيونيّة ليست هي اليهوديّة . فاليهوديّة دين و ثقافة و أناس يتشاركون تلك الثقافة. أمّا الصهيونيّة فهي عقيدة سياسيّة و إيديولوجيا عنصريّة تنظّر لتفوّق اليهود و تمارسه . و الصهيونيّة هي الأساس الإيديولوجي الذى تأسّست عليه دولة إسرائيل و الذى تواصل تأبيده كتبرير لوجودها و إضطهادها و تدميرها للشعب الفلسطينيّ .
و إليكم المنطق الأخرق للمساندين الصهاينة لإسرائيل و موقفهم يتلخّص في التالي :
" لا أستطيع أن أفهم ما يجرى . لمّا كنّا نحن اليهود ضحيّة للإبادة الجماعيّة ، أدان الناس الشرفاء في كلّ مكان من إقترفوا تلك الإبادة . و الآن و نحن نرتكب إبادة جماعيّة ضد الفلسطينيّين ، يندّد بنا الناس الشرفاء . ببساطة لا أستطيع فهم ما يجرى . لا بدّ أن يكون هذا معاداة للساميّة " .
لا – ليس معاداة للساميّة – إنّه معارضة متّسقة و عادلة للفظائع مهما كان من يقترفها .
بعض النقاط الأخرى للفهم و المقاربة الأساسيّين في ما يتّصل بفلسطين و إسرائيل :
نحتاج إلى مواصلة إنجاز التحليل و الفضح المقنعين لهذا النزاعفى فلسطين / إسرائيل ، و دور مختلف القوى مع تواصل تطوّر الأمور و تحوّلها إلى أمور أفظع حتّى ، في ما يتعلّق بما يقوم به الإسرائيليّون و داعموهم ( فوق كلّ شيء ، الحكومة / الطبقة الحاكمة في هذه البلاد ). و نحتاج إلى مواصلة إنجاز تحاليل و فضح دقيقين جدّا و فعّالين ، و مواصلة تسليط الضوء على المصالح الجوهريذة للجماهير الشعبيّة – في النزاع المباشر في جزء من العالم ( " الشرق الأوسط " ) ، و في الولايات المتحدة و في العالم ككلّ . و سيحتاج منّا هذا متابعة الأحداث عن كثب ، و ضمن أشياء أخرى ، و دفع جدالات حادة و مقنعة ضد المواقف و الخطوط الخاطئة التي تتقدّم بها قوى مختلفة بما فيها ( و ليس حصرا ) القوى العتيّة و المؤثّرة و الناس ، ضمن الطبقة الحاكمة ، و ضمن المشاهير ، و ما إلى ذلك .
بينما لا يمكن تبرير أعمال حماس المتّصلة بقتل مسنّين و أطفال ( و ما يُزعم من إغتصاب و إعتداءات جنسيّة أخرى على النساء ) ، ما يبعث على القرف هو أنّه يبدو أنّ الطبقة الحاكمة و وسائل إعلامها و كذلك عديد المشاهير و غيرهم في هذه البلاد يلاحظون و يهتمّون بقتل الأبرياء و بخاصة الأطفال فقط عندما يكون هؤلاء إسرائيليّين ( و بشكل عام أولئك الذين وقع تعويد الأمريكيّين على التفكير على أنّهم " أصدقاؤنا و حلفاؤنا " مثل الناس في أوكرانيا ) و ليس عندما يكونون من الناس مثل الفلسطينيّين .
و رغم وجود معارضة لها دلالتها لهذا الموقف و المزيد من النزعات الإيجابيّة في صفوف الناس في هذه البلاد ، يطفو على السطح حقّا أنّ الفلسطينيّين لا أهمّية لهم كبشر ، لا يمكن رؤيتهم كبشر – أو حتّى أنّهم لا يعتبرون عمليّا بشرا - من قبل عدد كبير جدّا من الناس ، أبعد من مجرّد الطبقة الحاكمة المجرمة بوحشيّة ، في هذه البلاد . و يكون هذا أكثر فُحشا حينما نرى أنّ عدد الأطفال الفلسطينيّين المقتولين على يد الصهاينة بدعم أمريكي ، حتّى في هذا الوضع الراهن ، بعدُ أكبر ، أكبر، أكبر بكثير من قمّة ما بلغته الطرق التي إستخدمتها إسرائيل لإضطهاد و قمع الفلسطينيّين لأجيال إضطهادا و قمعا وحشيّين بدعم تام من الولايات المتّحدة و ممثّليها و موظّفيها السياسيّين من كلا حزبي الطبقة الحاكمة ( الحزب الديمقراطي و الحزب الجمهوريّ أيضا ).
و ضمن أشياء أخرى ، الصورة البيانيّة ( على موقع أنترناتنا ) المبيّنة للإختلاف الكبير بين وفايات الفلسطينيّين و العدد القليل جدّا من وفايات الإسرائيليّين طوال حوالي ال15 سنة ( قبل 7 أكتوبر من هذه السنة ، غاية في الأهمّية . ( و هذا يفكّرنا بالفرق الشاسع بين عدد السود و اللاتينو – من أصول أمريكيّة لاتينيّة – المقتولين على يد الشرطة في هذه البلاد و هم يعدّون بالآلاف ، مقابل عدد أعوان الشرطة الذين قتلهم السود و اللاتينو ، وهو عدد قليل جدّا ). و هذه الصورة البيانيّة ( لوفايات الفلسطينيّين مقابل وفايات الإسرائيليّين ) يجب أن يتواصل عرضها بصفة بارزة كما يجب إستخدامها ، حتّى مع تحيينها ، لتشمل وفايات الإسرائيليّين منذ بداية 7 أكتوبر ، وفى الوقت نفسه الإرتفاع المستمرّ لعدد وفايات الفلسطينيّين الذى ينحو إلى أن يتجاوز بكثير عدد وفايات الإسرائيليّين ، منذ 7 أكتوبر . ( عدد الفلسطينيّين المقتولين في غزّة منذ 7 أكتوبر قد تجاوز بعدُ بكثير ما جاء في التقارير الإسرائيليّة من عدد الوفايات الإسرائيليّة الناجمة عن هجوم حماس في 7 أكتوبر . ينحو عدد القتلى الفلسطينيّين إلى الإرتفاع ، و من المرجّح جدّا أن يتصاعد بشكل كبير مع تواصل تطوّر الأحداث . و ضمن الوفايات الفلسطينيّة ، عدد ضخم سيكون من ضمن الأطفال متخطّيا بكثير عدد الأطفال الإسرائيليّين الذين قتلتهم حماس ).
و مع تطوّر الأمور ، سيكون من المهمّ إستخدام الصورة البيانيّة المحيّنة لتوضيح العدد الجمليّ للوفايات الفلسطينيّة و الإسرائيليّة ( نتيجة النزاع الأساسي بين الجانبين ) منذ 2008 ، و كذلك العدد الجملي ، في كلّ جانب ، فقط منذ أحداث 7 أكتوبر . و سيكون من الجيّد أن تتوفّر لدينا على الأقلّ بعض اللافتات ذات الحجم الكبير ترسم عليها الثصورة البيانيّة لمثل هذه الوفايات ( للفلسطينيّين مقابل الإسرائيليّين ) تستعمل في التحرّكات الجماهيريّة ، خاصة بإعتبار أنّ هذا النزاع – أو القتل المتصاعد من جانب واحد – ستتواصل حدّته ، مع ارتفاع عدد القتلى ، و هذا ما سيكون عليه الحال تقريبا بشكل مؤكّد .
و مع تطوّر الأشياء و إحتدامها ( و لعلّه ينتشر ليشمل آخرين في ذلك الجزء من العالم ) ، سنحتاج إلى أن نقيم علاقات بأفضل طريقة ممكنة مع الإحتجاجات المعارضة للجرائم الإسرائيليّة و المدافعة عن الحقوق ( و الحياة ) الجوهرية للشعب الفلسطينيّ ، بينما نتقدّم بثبات و حيويّة و بشكل مقنع ، بفهمنا العلميّ لهذا النزاع و أسبابه الأساسيّة و الحلّ الأساسي لكلّ هذا - الثورة الفعليّة - و مقارنة هذا بما لا يعدّ حلولا و بالمقاربات الخاطئة . ( في علاقة بأيّة إحتجاجات ، سيكون من الهام جدّا التشديد على أهمّية رسم خطوط التمايز بصفة صحيحة – و هذا ، كمظهر هام ، يجب أن يشمل عدم مساندة حماس و الفظائع الحقيقيّة التي إقترفتها في هجومها الحديث ). على أيّ حال ، في كافة الظروف العامة ، نحتاج إلى أن نتقدّم بثبات و بحيويّة و بدقّة بفهمنا العلمي لهذا النزاع و أسبابه الأساسيّة و الحلّ الأساسيّ له : كيف يرتبط كلّ هذا بالثورة التي نحتاجها بصفة إستعجاليّة وهي ممكنة أكثر في هذا " الزمن النادر " بالضبط في " قلب الوحش " .
و كما أوضحت الحكومة الإسرائيليّة ، ليس هذا سوى بداية لما سيكون أحداثا تمتدّ على مدّة زمنيّة طويلة أكثر و مروّعة أكثر ، تقترفها بصفة واسعة إسرائيل ( مرّة أخرى بدعم من الولايات المتّحدة و " حلفائها " ). و للتشديد على ذلك مرّة أخرى : سنحتاج إلى أن نعير إهتماما متواصلا و منهجيّا لهذا و نتصرّف بطرق متباينة في علاقة به – بينما نقوم بثبات بذلك إنطلاقا من توجّهنا الإستراتيجي الثوري الأساسي ، خاصة في الظروف المحتدّة بإستمرار لهذا " الزمن النادر " ( بما في ذلك أحداث كتلك التي تجرى الآن ، و التي ، كما وضع ذلك رفيق قيادي ، " تأتى من لا مكان ، لكنّها لا تأتى من لا شيء " ) . و من الضروريّ كذلك أن نأخذ بعين الإعتبار أنّه مع تواصل تطوّر الأحداث ، و تقريبا بالتأكيد تصاعدها ، خاصة بمعنى الأعمال و الفظائع التي تقترفها إسرائيل ( بدعم من الولايات المتّحدة و " حلفائها " ) من المرجّح جدّا أنّ التظاهرات المعارضة ستستمرّ إلخ : بعض الناس يساندون ما تقوم به إسرائيل باسم حقّها في " الدفاع عن نفسها " ! و آخرون معارضين لذلك بطرق متنوّعة و من آفاق متباينة . لذا ، مرّة أخرى ، سنحتاج إلى مواصلة الإرتباط بهذا ، بأبعاد مختلفة ، إنطلاقا من فهمنا و مقاربتنا الإستراتيجيّين الثوريّين ، و سنحتاج أن نتقدّم بجرأة بهذا الفهم و هذه المقاربة ، و أن نصارع بشراسة من أجلهما ، ضد كافة أصناف وجهات النظر الخاطئة .
مبقين في الأذهان كيف أنّ الناس عامة لا يعرفون سوى القليل ( و يُبقى عليهم في الظلمة ) بشأن القضايا الكبرى ، و بشأن التاريخ الهام و ما شابه ، سيكون من المهمّ مواصلة إبراز دور إسرائيل ليس كقوّة إضطهاديّة فقط ، فارضة بإجرام دولة ميز عنصريّ ، بكلّ منتهى العذابات التي تتسبّب فيها للشعب الفلسطيني ، لكن أيضا دور إسرائيل كعلاقة مفتاح ( و هي تلعب نوعا من الدور الخاص ) خدمة لهيمنة الولايات المتّحدة في تلك المنطقة الحيويّة ( من " الشرق الأوسط " ) ، و خدمة لموقع الهيمنة الإمبرياليّة للولايات المتّحدة – و تحرّكاتها الخطيرة المتصصاعدة حفاظا على ذلك الموقع الهيمني ، في العالم ككلّ .
و أمر هام آخر بالنسبة إلى الجماهير هو فهم بالمعنى الأساسي للماذا و كيف أنّ حماس ( التي ليست بداهة قوّة إيجابيّة ) صارت بصفة متصاعدة " وجه " المقاومة الفلسطينيّة – بما في ذلك دور إسرائيل في هذا و تبعات أعمال إسرائيل ، و كذلك دور " السلطة الفلسطينيّة " كأداة فعليّة بيد إسرائيل – و في الوقت نفسه مواصلة فضح مجمل تاريخ و واقع فظائع إسرائيل منذ تأسيس ( و في سيرورة تأسيس ) دولة إسرائيل ، و الطبيعة الأساسية للميز العنصري لإضطهاد الفلسطينيّين ، و واقع أنّ هنا يوجد هؤلاء الذئاب الإمبرياليّين المعبّرين عن الدعم العدواني لدولة ميز عنصري / أبارتايد وحشيّة ، إسرائيل ، و أعمالها تبلغ الآن حقّا أبعاد الإبادة الجماعيّة .
و في إرتباط بهذا ، سلّط موقف مجموعة – بداهة هو صادر عن أفق " يقظة " [ سياسات الهويّة ] – الضوء على نزعات نحتاج إلى التصدّى لها بينما نقف بصلابة مع الشعب الفلسطيني . و موقف " اليقظة " هذا قال إنّ المجموعة التي أصدرته تقف إلى جانب المستعمَرين ( و يقصدون ، في هذه الحال ، الشعب الفلسطينيّ ) في مقاومة إضطهادهم مهما كانت الأساليب المستخدمة في تلك المقاومة . و هنا مرّة أخرى ، نجد النقطة الهامة ألا وهي لا وجود ل " هم " ( موحّدين ) : هناك شعب فلسطيني بطبقات مختلفة ، و تشكيلات إجتماعيّة و قوى منظّمة في صفوفها . و المسألة الحيويّة هي : ما هي المصالح الأساسيّة لجماهير الشعب الفلسطيني و ما هي المقاربة الأساسيّة ، و ما هي الوسائل ، التي يمكن أن تؤدّى إلى إنهاء إضطهادهم و تساهم في وضع نهاية للإضطهاد كلّه ؟ ( ليس أنّ هناك " جواب سهل " لكيفّة بلوغ تحرير الشعب الفلسطينيّ إلاّ أنّ هذه هي أنواع الأسئلة التي نحتاج الخوض فيها – في تعارض مع موقف أنّه مهما قرّروا " هم " هو الوسيلة المناسبة و يجب مساندتها ) . و صنف موقف " اليقظة " الذى ذكرته هنا – و مواقف أخرى تعبّر في الأساس على وجهة النظر عينها – تلهي عن هذه المسألة الحيويّة و تساعد عمليّا مضطهَدى الشعب الفلسطيني – في إلقاء كلّ المقاومة في ذات معسكر حماس ، برؤيتهاو برنامجها و مقاربتها السلبيّين أساسا ، و بالتالى تساهم في نزع الثقة في أيّة مقاومة و تبرير الإضطهاد الرهيب ، و القتل تماما ، الذى تعرّض له بلا هوادة الشعب الفلسطيني لأجيال ( حتّى قبل الأحداث المروّعة الجارية الآن ).
و في الوقت نفسه ، يجب قول إنّ حتّى مع التمييز الذى يجب إجراؤه بين المقاومة الشرعيّة و العادلة و الفظائع الحقيقيّة التي إقترفتها حماس ( و التي لا يمكن تبريرها ) ، يجب كذلك إجراء تمييز واضح و التشديد عليه بإستمرار ، بين إسرائيل و داعميها الإمبرياليّين ، و فوق كلّ شيء الولايات المتّحدة ، و الذين يمثّلون الأمّة و القوّة المضطهِدة و من الجهة الأخرى الأمّة المضطهَدَة ، الفلسطينيّون .
أجل ، الحال كذلك ، كما يشدّد بإستمرار مساندو إسرائيل ، لا يمكن أن نسوّي بين إسرائيل و الفلسطينيّين – لكن الواقع عكس ما يؤكّد عليه مساندو إسرائيل : لا تتساوى أمّة مضطهِدة هي إسرائيل و أمّة مضطهَدَة هي فلسطين ؛ و أعمال الإسرائيليّين أسوأ بكثير ، من صنف مختلف تماما ، مقارنة حتّى بالفظاعات التي إرتكبتها حماس ، لأنّ إسرائيل في موقع أقوى بكثير لإقتراف و قد إقترفت مثل هذه الفظاعات على نطاق أكبر بكثير و أساس متكرّر أكثر بكثير !
الواقع الأساسي في كلّ هذا هو أنّ دولة إسرائيل ( مرّة أخرى ، مع الدعم التام للولايات المتّحدة ) قد خلقت و تحافظ بقوّة / بخبث / بإجرام ، على ظروف إضطهاد عام للميز العنصري / أبرتايد فيها اشعب الفلسطيني مستعبد فعلا و مُجبَر على تحمّل عذابات رهيبة ، بصفة مستمرّة . و هذا هو المصدر الأساسي للنزاع – و لا يمكن حلّ هذا النزاع جدون الإعتراف بهذا الواقع الإضطهادي الأساسي ، و العمل على تجاوزه و إجتثاثه .
و بالتوازي ، يتوجّب علينا أن نفضح بوضوح و أن نقاتل بنشاط أيّة تمظهرات أو تعبيرات عن معاداة الساميّة بينما كذلك نؤكّد بقوّة أنّ معارضة إسرائيل و ما تمثّله و ما تفعله – متى كانت هذه المعارضة قائمة على أرضيّة صحيحة و إطار صحيح – ليست بكلّ تأكيد معاداة للساميّة .( هنا موقف واضح و مقتضب عن الإضطهاد الرهيب لليهود تاريخيّا ، كما يتكثّف في الهولوكوست / المحرقة ، هام و مرّة أخرى تعليقاتي حول المعنيين المختلفين جوهريّا ل " لن يحدث هذا مرّة أخرى مطلقا " ( "never again " ) بالتوازي مع موقف أنّه بعد الهولوكست / المحرقة ، أسوأ ما حدث لليهود هو دولة إسرائيل – مناسب و هام نهائيّا . و إلى جانب هذا ، مجدّدا ، النقطة التي يجب إبرازها هي أنّ تأسيس الدولة الصهيونيّة ، على قاعدة " التطهير العرقي " للشعب الفلسطيني و الإستيلاء على أراضيه للعيش فيها ، و تاليا مواصلة تعريض هذه الجماهير إلى إضطهاد ميز عنصريّ / أبارتايد و قمع إجرامي ، ليس و لا يمكن أن يكون ، مبرّرا و إجابة وجيهة للفظاعات المروّعة التي تعرّض لها اليهود تاريخيّا ) .
و عامل هام جدّا في هذا الوضع هو وجود تحرّكات تماما لآلاف اليهود في هذه البلاد تفضح و تعارض أعمال الإبادة الجماعيّة التي تقترفها إسرائيل و تطالب بوضع نهاية لدعم الولايات المتّحدة لإسرائيل . و يجب إعارة إنتباه خاص و الإعتراف ب و توسيع و حيث يكون ممكنا التواصل مع المنظّمات اليهوديّة و الأشخاص اليهود الذن يفضحون سياسات الميز العنصري/ ابارتايد لدولة إسرائيل والأعمال الإنتقاميّة الإباديّة الجماعيّة لإسرائيل ضد المدنيّين في غزّة ( و في غيرها من الأماكن ) . ذلك أنّ مثل هذه الأصوات و القوى اليهوديّة يمكن أن تلعب دورا هاما في المضيّ ضد تيّار المساندة بدون تفكير لإسرائيل ، و تعارض نظرة أنّ أيّ تنديد بإسرائيل يمثّل معاداة للساميّة و تساعد في توضيح تاريخ ما تمّ إقترافه عبر العقود من إحتلال إسرائيل لفلسطين .


و نقطة أخرى هامة للغاية :
كلّ هذا ، مع ما تفعله إسرائيل الآن و كيفيّة تصرّف حكومة الولايات المتّحدة في علاقة / دعما لها ، يمثّل ظروفا هامة جدّا ( و مزيد من " الإنفتاحات " ) للقيام بفضح فعّال و مقنع لبايدن / الديمقراطيّين – خاصة مع إتّجاه وجود عزل لبايدن/ الديمقراطيّين في صفوف الناس الذين يهتمّون بالعدالة للفلسطينيّين ، بطريقة أساسيّة ما – و هناك أكثر من قلّة من مثل هؤلاء الناس ، و يجب كذلك أن نضمّن تحريضنا فضحا حادا للطريقة التي تتحرّك بها " الديمقراطيّات الغربيّة " ( مثل فرنسا و ألمانيا ) لقمع و أحيانا التجريم التام ليس للمواقف و التحرّكات فحسب التي يمكن أن تكون عمليّا داعمة لحماس بل للمواقف و التحرّكات السلميّة الموالية للفلسطينيّين عامة . ( و هذا مثال معبّر آخر عن كون الديمقراطيّة البرجوازيّة هي عمليّا دكتاتوريّة برجوازيّة ، و هذا يبرز أكثر في ظروف حيث تشعر الطبقة الحاكمة بأنّ مصالحها تتعرّض بشدّة إلى التحدّى بشكل أو آخر . )
نحتاج حقّا إلى أن " نضيّق الخناق بشدّة " على هذا و عدم ترك الأمور تمرّ هكذا – نظلّ نشدّد عليه و نبرزه : فضح مقنع لمن يقفون وراء هذا النظام الوحشيّ ( بايدن / الديمقراطيّون ، و بالمناسبة الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة ككلّ ) ليس في دعم أجيال من قمع الميز العنصري / أبارتايد و القمع الإجرامي للفلسطينيّين فحسب و إنّما الآن الدعم بصوت عالي و بعدوانيّة لما يجب أن يوصف بدقّة بأنّه مواقف و عمليّات إبادة جماعيّة تقترفها الحكومة الإسرائيليّة ( و من ذلك " عقاب جماعي " مفضوح و بلا إعتذار للفلسطينيّين المحاصرين بعدُ في غزّة و الذين يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة في ظروف حرمان يائس ، و نصفهم أطفال ، و القتل الإسرائيلي للمدنيّين الفلسطينيّين بلا تفرقة – مرّة أخرى ، لأعداد كبيرة من الأطفال – و جرائم الحرب الكبرى و الجرائم ضد الإنسانيّة ، مبرّرة بمواقف من " نحن [ الإسرائيليّون ] نقاتل حيوانات بشريّة " وتصريحات علنيّة بأنّ الأهداف الشرعيّة للهجمات الإسرائيليّة ليست حماس بل كافة الشعب الفلسطيني في غزّة.)
و نحتاج كذلك إلى توضيح نقطة ، مع فضح النظام برمّته ، أنّ هذا موضوع حوله في الأساس نجد كامل الطبقة الحاكمة لهذه البلاد متّحدة في الأساس – ما يكشف بحدّة مجدّدا الطبيعة الوحشيّة حقّا لهذه الطبقة الحاكمة و لهذا النظام – و لكن ، في الوقت نفسه ، هذا لن " يعالج الإنقسامات " في صفوف الطبقة الحاكمة و التي سيتواصل تفاقمها عامة .
نقطة جوهريّة ختاميّة :
نحتاج أن نوضّح بطرقة مقنعة هذه النقاط فيما نبرز واقع أنّ كلّ هذا ، مجدّدا ، يُشير إلى الحاجة الملحّة – الإمكانيّة المتزايدة أكثر من " الأوقات العاديّة " لحلّ فعليّ : ثورة فعليّة .
كلّ هذا – كلّ ما يحدث مع تطوّر الوضع المتّصل بفلسطين و إسرائيل ، إلى جانب دفع بايدن إلى تشديد خطر حرب مع روسيا و الصين ، و كيف يكشف هذا الطبيعة ذاتها الرأسماليّة - الإمبرياليّة للولايات المتّحدة - يسلّط الضوء مرّة أخرى على الحقيقة الحيويّة لموقفى بأنّنا، شعوب العالم ، لم يعد بوسعنا السماح لهؤلاء الإمبرياليّين أن يواصلوا الهيمنة على العالم و تحديد مصير الإنسانيّة . هناك حاجة للإطاحة بهم في أقرب وقت ممكن . و إنّه لواقع علميّ أنّه ليس علينا أن نعيش على هذا النحو .
و واقع أنّ الإبادة الجماعيّة الى تقترفها إسرائيل ضد الفلسطينيّين مسألة حولها نجد الكبقة الحاكمة لهذه البلاد أساس متّحدة – يكشف بحدّة مرّة أخرى الطبيعة الوحشيذة حقاّ لهذه الطبقة الحاكمة و هذا النظام – بينما في الوقت نفسه لن " يعالج هذا الإنقسامات " في صفوف الطبقة الحاكمة ، التي سيتواصل تفاقمها عامة . و هذا يبرز مجدّدا و يسجّل بقوّة واقع هذا " الزمن النادر " حيث الثورة ضروريّة بصفة إستعجاليّة و ممكنة أكثر .
على كاهلنا تقع مسؤوليّة أن نتحرّك بجسارة – على الأساس الصلب للشيوعيّة الجديدة و منهجها و تحليلها العلميّين لهذه الأحداث المزلزلة للعالم – لتعبأة أعداد متنامية من الناس ليفتحوا عيونهم على الحاجة الملحّة لهذه الثورة و إمكانيّتها ، و للتحرّك بحيويّة لتحويلها إلى واقع .
(28)
حكم مستفزّ في الوقت المناسب صادر عن بوب أفاكيان
بوب أفاكيان ، 10 نوفمبر 2023 ؛ جريدة " الثورة " عدد 828 ، 13 نوفمبر 2023
https://revcom.us/en/bob_avakian/timely-provocation-bob-avakian

يترافق التالى مع تصريحيّ بأنّه : " بعد محرقة الهولوكوست ، أسوء ما حدث لليهود هو دولة إسرائيل ."
[ " الأساسيّ من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، 5:12 ، مكتبة الحوار المتمدّن ، ترجمة شادي الشماوي- المرتجم ]
لقد قامت إسرائيل بشيء مُدهش حقّا – لقد تمكّنت إسرائيل من تحويل اليهود إلى نازيّين !
هذا هو الإستنتاج المريع لكن الذى لا مناص من إستخلاصه من كامل تاريخ إسرائيل ، في إضطهادها القاتل للشعب الفلسطيني ، و العمليّات الإباديّة الجماعيّة الإسرائيليّة الجارية ، إلى جانب تصريحات المسؤولين السامين في الحكومة الإسرائيليّة و كذلك داعمى إسرائيل ، ضد الشعب الفلسطيني في الضفّة الغربيّة .
و أيضا ينبغي قول إنّ لا شيء من هذا كان يمكن أن يحصل دون الدعم التام و الثابت لإمبرياليّة الولايات المتّحدة لمواصلة إسرائيل جرائمها ضد الإنسانيّة و جرائم الحرب : تطهيرها العرقيّ للشعب الفلسطيني ، و حكمها للميز العنصري ضدّهم لأجيال ، و الآن مذابح الإبادة الجماعيّة المتتالية في غزّة و تفاقم عنف المستوطنين اللاشرعيّين ، بدعم من الجيش الإسرائيليّ، ضد الشعب الفلسطيني في الضفّة الغربيّة .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأسماليّة و البطرياركيّة : للتخلّص منهما ، علينا أن نقوم ب ...
- خطاب بايدن عن حال الإتّحاد : عن إسرائيل 600 كلمة و أربع أكاذ ...
- اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الهنديّ ( الماوي ) : سجلاّت 2 ...
- اليوم العالمي للمرأة 2024 : تجمّعوا في غضب و تحدّى و غبطة لك ...
- المنظّمة الشيوعيّة الثوريّة ، المكسيك : اليوم العالمي للمرأة ...
- النساء في مقدّمة النضال من أجل التحرير! 8 مارس اليوم العالمي ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي - اللينينيّ - الماويّ ): 8 ...
- مجزرة - الطحين - شمال غزّة : بدعم من الولايات المتّحدة ، تُط ...
- - هذا ما قرّرت طبقتنا الحاكمة أن يكون أمرا عاديّا -[ آرون بو ...
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ...
- من هيئات الشيوعيّين الثوريّين من أجل تحرير الإنسانيّة - [ بي ...
- الولايات المتّحدة تستخدم الفيتو ضد قرار الأمم المتّحدة المطا ...
- تفاعلا مع بوب أفاكيان – الجزء الثاني من كتاب : مقالات بوب أف ...
- إسرائيل تحوّل اليهود إلى نازيّين ( الجزء 2 ) : - المحتجّون - ...
- رفح ... مستشفى الناصر ... المجاعة المفروضة فرضا – المذابح ال ...
- إسرائيل تجعل من غير الممكن أن تلد النساء الفلسطينيّات : إن ل ...
- دفاعا عن بوب أفاكيان و الشيوعيّين الثوريّين ( Revcoms )
- إسرائيل تحوّل اليهود إلى نازيّين ( الجزء 1 ) : نتن - النازي ...
- خطر كبير يلوح في الأفق و يد بايدن ملطّخة بالدماء : خطر الهجو ...
- الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينينيّ – الماويّ ) : ...


المزيد.....




- النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و ...
- الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا ...
- -الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
- تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال ...
- المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف ...
- أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا ...
- لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك ...
- بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف ...
- اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية


المزيد.....

- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - مقالات بوب أفاكيان 2023 – الجزء الثالث من كتاب : مقالات بوب أفاكيان 2022-2023