أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عبد السلام انويكًة - الى روح عبد اللطيف الدقشي ..














المزيد.....

الى روح عبد اللطيف الدقشي ..


عبد السلام انويكًة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 7916 - 2024 / 3 / 14 - 06:23
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


فوق الأرض كان الى عهد قريب جدا، صديقا عزيزا بمكانة وتقدير خاص لدى كل تازة، اسم تتقاسم معه المدينة كغيره ممن هم بمكانة ورفعة وجدية كل مشترك من ماض وحاضر وتطلع وجميع متاهات الذي قد يأتي ولا يأتي، كان فوق الأرض وهو الآن تحت الأرض رحمه الله تعالى في هذا الشهر  الكريم رمضان المبارك، بعد سنتين من رحيله في مثل هذا اليوم من شهر مارس. أنيقا جدا كان في ملبسه وحياته وملمحه ومرتقاه وحلمه وعشقه وابتسامته للحياة منذ شبابه، جميلا في سحنته أصيلا في أخلاقه ممتدا في كرمه، منفتحا في طبعه محبا لكل خير وصدق وجد واجتهاد وتميز وشموخ له ولكل الآخرين من محيطه القريب منه والبعيد. وهو الشهير رحمه الله بمقولة رفيعة محفزة معبرة جدا رافعة لكل أفق مشرق، كثيرا ما كان يرددها ويدعو للعيش على ايقاعها " Toujours plus loin, toujours plus haut, toujours plus fort ".

ذلك هو الأستاذ عبد اللطيف الدقشي، أحد أساتذة مادة الاجتماعيات (التاريخ والجغرافيا) الذين تميزوا في مسارهم المهني وفي طبيعة درسهم، وهو الذي تحفظ له ذاكرة ثانوية سيدي عزوز بتازة العليا منذ أواخر سبعينات القرن الماضي، مساحة رمزية واسعة من هيبة أستاذية حقيقية وعطاء وتميز وتفرد صورة وكفاءة معرفة ودرس، فضلا عما تحفظه عنه ايضا ذاكرة اجيال من الشباب المتمدرس ومن خلالها كل المدينة من عظمة استاذ وانسان، إن بثانوية سيدي عزوز أو ثانوية علي بن بري التي التحق بها في أواسط الثمانينات حتى تقاعده. لِما كان عليه من موسوعية ثقافة وتكوين علمي عميق وتمكن معرفي تخصصي، ناهيك عن درجة اجادته وتمكنه من اللغة الفرنسية، وهو ما جعل درسه بجاذبية خاصة وايقاع خاص وأثر إفادة ومستوى روعة وغنى فهم ومكتسب لدى تلامذته. بل ما تميز به من درس جعله ليس فقط بما كان يتقاطر عليه من زخم تلاميذ أقسام أخرى من داخل الثانوية وخارجها، للضفر بحضور ومتابعة حصة من حصصه الرائعة وكذا ملخصات دروسه ووثائقه، انما ايضا بصدى واسعا على صعيد ثانوية سيدي عزوز وفيما بعد ثانوية علي بن بري وعلى صعيد كل تازة من أقصاها الى أقصاها، بحيث في الوسط الطلابي بالسلك الثانوي آنذاك، عندما كان يذكر اسم ودرس"الاجتماعيات" كان يذكر ويحضر اسمه رحمه الله. وهذا أمر طبيعي آنذاك بحيث في كل مؤسسة ثانوية من المؤسسات وفي كل تخصص من التخصصات، كان هناك أستاذ على درجة من التميز والتفرد والكفاءة التعليمية ومن ثمة من الشهرة.

في مثل هذا اليوم من مارس 2022 ، فقدت تازة هذه العلامة والأيقونة الأستاذ عبد اللطيف الدقشي، أحد ألمع أطر المدينة التربوية التي أثثت المدينة على امتداد عقود من الزمن، واحدا من خريجي الجامعة المغربية في سنوات مجدها حيث سبعينات القرن الماضي، بحيث يسجل ويحسب له ولتازة بكل فخر واعتزاز وذكر، أنه كان أول طالب جامعي بل الوحيد الذي تم انتقاءه ليلتحق بالسلك الثالث وما أدراك ما السلك الثالث آنذاك، بعد حصوله على الاجازة في الجغرافيا وبتفوق عال. بكل أسف رغم التحاقه لعدة شهور بهذا المسار من التكوين العالي، في هذا الزمن من عمر الجامعة المغربية، لم يكتمل حلمه العلمي لأسباب متداخلة ليلتحق رحمه الله بسلك التعليم الثانوي. ولعل مما طبع مسار الفقيد المهني، ما كان عليه من تكوين أكاديمي يهم تخصصه "الجغرافيا"، ناهيك عما ميزه عن محيطه من ثقافة مواكبة وتتبع وقراءات وتجدد وتجديد معارف، مستفيدا من مكتبة خاصة رفيعة المستوى، كانت تحتوي دراسات ونصوص أبحاث أكاديمية مغربية واجنبية عدة، ولعل من هذه النصوص والمؤلفات من كان نادرا وليس سهلا الحصول عليه آنذاك، فضلا عن زخم مجلات ووثائق عالية المستوى كثيرا ما كان مدمنا على اقتنائها رغم أثمنها وكلفتها المرتفعة. دون نسيان ما كان عليه  من عمل بحث في صمت، من قبيل اعمال ترجمة لنصوص تاريخية وجغرافية، منها من كانت في نهايتها كما بالنسبة لكتاب"تازة وغياتة" للعقيد الفرنسي "فوانو"، التي نتمنى أن ترى النور في يوم ما تثمينا لِما بذله فيها من جهد معبر رحمه الله.

بعض من فقيد تازة الذي رحل الى دار البقاء في مثل هذا اليوم قبل سنتين، والذي- كما هو غير خاف عمن يستحضر روحه- كان بتواضع قل مثيله وخجل ولطف وجميل صفات ونبل مترفعاً قنوعاً متعففا خلوقاً، فضلا عن انسانية انسان. شاء القدر أن يلبي لقاء ربه خارج مدينته التي عشقها وارتبط بها في كل حياته، بعيدا هناك بوجدة بعد معاناة مع مرض لم ينفع معه علاج. يشاء القدر أن يرحل محفوفاً برعاية الله تعالى مشمولاً بحب وتقدير من عرفوه وعايشوه وجايلوه كأستاذ وكانسان..، سلام عليه رحمه الله تعالى يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا. فاللهم ارحم صديقنا وعزيزنا برحمتك الواسعة في هذا الشهر المبارك العظيم واسكنه فسيح جناتك يا ارحم الراحمين يا رب العالمين.



#عبد_السلام_انويكًة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبيلة البرانس بعيون أو نص بحثي تاريخي مُؤسِّس ..
- جامعة ابن طفيل تحتفي بالأستاذ محمد الغرايب ..
- بين سؤال القسم المشترك ورهان التجاوز..
- حول الرياضة بتازة زمن الحماية ..
- حول التدبير المتمحور حول النتائج ..
- جرسيف وإرث وادي ملوية ومللو ..
- بني وراين .. بعض من الزمن ..
- حول أسطرلاب جامع تازة الأعظم ..
- حول باب الجمعة الأثري بتازة .. ؟
- البرلمان المغربي بعيون أرشيف المغرب ..
- قبيلة البرانس .. تاريخ وتراث
- حول - ناعورة - وادي جواهر فاس ..
- الذكرى الثمانين لتقديم عريضة الاستقلال بالمغرب ..
- حول قبيلة التسُول بتازة المغرب ..
- ملعب تازة البلدي .. بعض من ذاكرة مكان
- جبل تازة وجبالها الى حين ..
- أرشيف المغرب والاحتفاء بالمليح ..
- من ذاكرة المجتمع المدني التازي ..
- قبيلة غياتة بالمغرب ذلك الجبل ..
- قبيلة غياتة بالمغرب .. بعض من كائن الزمن والمكان والانسان ..


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عبد السلام انويكًة - الى روح عبد اللطيف الدقشي ..