|
لكي تتضح الحقيقة.. يا شارل!!..
مؤيد عبد القادر
الحوار المتمدن-العدد: 1752 - 2006 / 12 / 2 - 07:16
المحور:
الصحافة والاعلام
أتابع باهتمام شديد، مشوب بالإعجاب حيناً وبالدهشة في حين آخر، جريدة الديار، فأتماهى مع رئيس تحريرها العام الزميل الأستاذ شارل أيوب عبر ما يكتبه في افتتاحياته أو مقالاته الفرعية، وهو يحذر من خطورة الركون على المنهج الطائفي أو الاتكاء على مساند أجنبية، بل أجده وهو الضابط المنضطم على قيم الجندية التي أنبتتها في أعماقه المؤسسة الوطنية العسكرية اللبنانية، أميناً كهذه المؤسسة الشجاعة في الدفاع عن الإنسان وهو يقاوم محتلي أرض بلاده، وكم كان الرجل على قدر كبير من الموضوعية، عندما دافع عن مشروعية سلاح المقاومة اللبنانية وهي تواجه قدرها في الدفاع عن لبنان، الأرض والإنسان والهوية والتاريخ.. إن ما أوردته عن خصال الضابط والصحفي والإنسان شارل أيوب يدخل في إطار إعجابي ببعض طروحاته، خاصة عندما يدافع عن مشروعية سلاح المقاومة والموقف السوري الذي كان عوناً للبنان في محنته.. فضلاً عن دفاعه ودفاع جريدته عن استقلالية القرار الوطني وفضح المؤامرات الأميركية ـ البريطانية ـ الصهيونية التي تستهدف عروبة هذا البلد الأصيل، قلعة الحرية والديمقراطية والاستقلال.. لكن دهشتي التي تقابل هذا الإعجاب تتأتى من واقع قراءاتي لبعض ما تنشره (الديار) فيما يتصل بـ(الجرح) العراقي وتداعيات الاحتلال الأميركي لأرض بلادنا الصابرة، فاستشعر من خلال إيراد (الديار) لأخبار العراق، حيادية عجيبة، بل ويبلغ الأمر عندها حد الانحياز إلى (الأكثرية) الممثلة في مجلس النواب العراقي الذي هيأ لانتخاباته المحتل وبطرق التزوير التي تحدث عنها أقرب القريبين إلى المحتل أمثال إياد علاوي وغيره، فإذا كانت (الديار) تعيب على الأكثرية في لبنان ما تسميه (استقواءها) بالأجنبي، فلماذا لم تقل كلمة واحدة بحق (أكثرية) بغداد التي تستقوي في وضح النهار بأميركا وغيرها من القوى الشريرة الأخرى، فنشاطات المالكي ممثل الأكثرية في المنطقة الخضراء ببغداد، تحتل أعمدة بارزة من (الديار) وبعناوين عجيبة تخالف قناعات المالكي الحقيقية مثل عنوان(المالكي يدعو المجتمع المدني إلى محاربة الطائفية).. أليس من حقي كقارىء ومتابع وعراقي اكتوى شعبه بنار الاحتلال والتجاذبات الطائفية أن يستشعر الدهشة من خلال ما يقرأه في (الديار) عبر هذا المنهج الغريب في تسمية الأشياء بغير أسمائها؟ قلت إن (الديار)، وأرجو أن لا تكون بتوجيه من رئيس تحريرها العام الأستاذ شارل أيوب، ما فتئت تكيل، على طريقة السيد بوش والآنسة رايس، بمكيالين، فهي تورد نشاطات المقاومة اللبنانية باهتمام ، فيما تمر على نشاطات المقاومة العراقية باستحياء عجيب حد إيهام الناس بأن الجهد العراقي المقاوم هو فصل من فصول الإرهاب.. وحسب!.. أما دور إيران المدمر في العراق فها هي (الديار) تغض الطرف عنه، ربما مجاملة لسفيرها في لبنان، مع معرفة الأستاذ شارل أيوب وهو عسكري محترف بالخدمات اللوجستية والاستخبارية التي قدمتها إيران لـ(الشيطان الأكبر)، أميركا في غزوه للعراق، والأنكى من ذلك فإن (الديار) حريصة على التمييز بين الدور الأميركي في لبنان ومثيله في العراق، فالأول مدمر والآخر يعمل على (توحيد الجهود لبناء عراق مزدهر يهزم الإرهاب ومن يقف وراءه) ـ على حد إيراد (الديار) لفقرات أثيرة في خطاب نوري المالكي رئيس حكومة الاحتلال الأميركي في العراق وعلى صدر الصفحة الأولى في أحد أعدادها، لذلك فمن حقنا أن نعجب ونحن نرى (الديار) تشهر سيفها الباشط في وجه الدور الأميركي في لبنان، فيما تضع هذا السيف في غمده وهي تمر كل يوم مرور الكرام على جرائم أميركا وشركائها في العراق.. فهل حركت (الديار) ـ مثلاً ـ ساكناً بإزاء اغتصاب فتاة عراقية عربية في مدينة المحمودية من قبل خمسة جنود أميركان اعترفت قيادتهم بفعلهم الشنيع الذي يندى له جبين الإنسانية، ثم ما الذي فعلته (الديار) بإزاء ممارسات الاستيطان الإيرانية في مدن العراق الجنوبية بعد أن أقامت المخابرات الإيرانية مقارها في هذه المدن؟.. أليس من مسؤولية من يتهم (الأكثرية البرلمانية) في لبنان بالاستقواء بالأجنبي لطمس عروبة لبنان أن يسارع، من منطلق موقفه (العروبي)، إلى اتهام (الأكثرية البرلمانية) في العراق بالاستقواء بالأجنبي لطمس عروبة العراق، وتفاصيل استقواء الأخيرة واضحة لا تحتاج إلى دليل؟! وبدل هذا كله تلجأ (الديار) إلى إفراد مساحة (واسعة) لممثل هذه الأكثرية (ورئيس تحرير الديار يعرف قبل غيره كيف تمت الانتخابات في العراق وتحت أية حراب أجنبية وميليشياوية جرت) على صدر صفحاتها الأولى، مؤطرة نشاطات نوري المالكي مرشح الرئيس بوش لمنصب رئيس وزراء العراق المحتل لتنقل إشاراته وهو يتحدث في هذه المناسبة أو تلك عن (العراق الجديد!!) المستظل بالحراب الأميركية والبريطانية، وها هي (الديار) في أحد أعدادها تفعل ذلك فتفرد مساحة في صفحتها الأولى وفي صفحة داخلية مهمة لخطاب نوري المالكي في افتتاح ما يسمى بـ(مؤتمر المصالحة)، مع عنوان بارز أشرنا إليه في مكان آخر من هذه المقالة وهو: (المالكي يدعو المجتمع المدني إلى محاربة الطائفية)، وكأني بـ(الديار) تحاول أن تتناسى بأن المالكي هو نفسه الذي وقف أمام الكونغرس الأميركي، فيما كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف بالسلاح الأميركي، الضاحية الجنوبية وكل مدن الجنوب اللبناني، ليشكر جهود أميركا الكبيرة في (تحرير!) العراق .. وهالنا أن صفحات (الديار) خلت من تنديد بهذا الموقف المشين، وكأن مجاملة إيران تستدعي احترام مشاعر عملائها الذين نصبتهم أميركا حكاماً على العراق المحتل.. وهل علم الأستاذ أيوب أن المساعدات الأميركية لإسرائيل من صواريخ وأسلحة فتاكة نقلت، فضلاً عن طريق قطر، إلى تل أبيب عبر مطارات عراقية تسيطر عليها قوات الاحتلال وبمعرفة أصدقاء إيران في بغداد؟! ثم هل يعلم الأستاذ أيوب بأن المالكي الذي أبرزت (الديار) دعوته إلى (محاربة الطائفية) يشكل، مع ستة من أقطاب الائتلاف وفي مقدمتهم قائد ميليشيات (بدر) المتهمة بالتصفيات الطائفية، اللجنة السياسية لهذا التكتل الذي يمثل القاعدة الأساسية لمجموعات طائفية؟.. لست بحاجة لأن أشرح للأستاذ شارل أيوب دور هذه الميليشيات في قتل الأبرياء على الهوية لأن الرجل يعرف أكثر مني ما قامت به هذه الميليشيات من أدوار إرهابية طائفية بدعم مباشر من القوات الأميركية والمخابرات الإيرانية وآخرها اختطاف منتسبي وزارة التعليم العالي ، وهو المطلع حتماً على خفايا الأمور من موقعه الصحفي المرموق .. وما دمنا بصدد نشاطات المالكي التي سلطت (الديار) الضوء عليها نجد من المناسب التذكير بأن ما يسمى بـ(مؤتمر المصالحة) اشترط إبعاد (المقاتلين) الذين واجهوا قوات الاحتلال من أية مصالحة، ناهيك عن رفضه إشراك البعثيين على أساس عقيدتهم القومية وليس على أساس ممارسات مدانة لبعضهم، إذ كان الأجدر بدعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان اللجوء إلى القضاء لمقاضاة من تثبت إدانتهم بجرائم طاولت الإنسان وحقوقه، سواء كانت هذه الجرائم قد ارتكبت قبل الاحتلال أم بعده، بدل إطلاق أيدي الميليشيات الطائفية لتقتل على هواها وبمباركة اللجنة السباعية للائتلاف التي تضم في عضويتها المالكي صاحب الدعوة التصالحية!.. نتمنى على الأستاذ أيوب أن تسلط (الديار) الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في العراق وتفضح الدورين الأميركي والإيراني معاً في فتح أبواب العراق أمام المستوطنين الجدد لنطمئن على حرص (الديار) على عروبة العراق كحرصها المعلن على عروبة لبنان !! فالكيل بمكيالين ـ أيها الزميل العزيز ـ يسيء إلى مناقبيتك، وأنت الضابط القديم في الجيش اللبناني الباسل، هذا الجيش الذي نعده شقيقاً لجيشنا العراقي الذي أصدر سيء الصيت والسمعة (بول بريمر) قرار حله إرضاء للكيان الصهيوني وتناغماً مع إيران ، وربما عقاباً على دوره في معارك السنوات الثمان التي انهزمت فيها، ولم تستطع إخضاع العراق لها.. حاولت في هذه العجالة تذكير (الديار) بواجبها إزاء العراق من منطلق اعتقادي بصدق ما تقوله عن حرصها على العروبة، فالعروبة واحدة، سواء في لبنان أم في العراق، ومثلما اندفعت (الديار) بحماسة للدفاع عن منهج المقاومة في لبنان فهي مطالبة اليوم وليس غداً بالدفاع عن منهج المقاومة في العراق، لأن المقاومين العراقيين استطاعوا، على وفق بيانات قوات الاحتلال الأميركية ذاتها ، قتل أكثر من ألفين وثمانمائة جندي من جنود الغزو وإعاقة أكثر من خمسة عشر ألف آخرين كلهم جاؤوا لوأد عروبة العراق وفتح أبوابه أمام شتى أنواع الاستيطانات.. وعلى الجريدة أن تفرق، اليوم (وليس غداً أيضاً) بين المقاومة العراقية وبين ما تلصقه عصابات أميركية وإسرائيلية وإيرانية باسمها من أعمال لزرع الفتنة الطائفية وتصوير هذه المقاومة وكأنها ضرب من ضروب الإرهاب، خاصة وأن العراقيين وفي كل الأحوال، يمتلكون القدرة على معرفة المخططات المشبوهة، وهم ينظرون إلى منهج بوش الإرهابي نظرتهم إلى منهج التكفيريين والطائفيين، ذلك لأن المقاومة العراقية تمثل العراقيين جميعاً في الشمال والوسط والجنوب وهي بحق ممثلهم الشرعي والوحيد.. أخيراً.. آمل أن يدرك الزميل شارل أيوب أن مشروع المالكي للمصالحة ليس إلا محاولة مفضوحة لإنقاذ جيش الولايات المتحدة المهزوم في العراق، خاصة بعد هزيمة المحافظين الجدد في الانتخابات النصفية، فضلاً عن تكريس هذا المشروع للمحاصصة الطائفية، ومحاولة تسويغ الاحتلال بفرض منطقه على العراقيين بدعوى المشاركة في الحياة السياسية لبناء عراق (جديد!!) ..تحت ظلال (الزيزفون) الأميركي!!.. .......................................... * كاتب وصحفي عراقي ومحرر الموسوعة العراقية في الشخصيات والأعلام (هؤلاء في مرايا هؤلاء)..
#مؤيد_عبد_القادر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|