أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - غازي الصوراني - الأخلاق بين الديمقراطية والاستبداد














المزيد.....

الأخلاق بين الديمقراطية والاستبداد


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 7913 - 2024 / 3 / 11 - 18:23
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



في البلدان الديمقراطية، يتساوى جميع المواطنين أمام القانون، وبقدر ما يكون هؤلاء أحراراً تكون دولتهم حرة وقوية، وفي البلدان المتأخرة حيث التسلط والاستبداد يتساوى جميع المواطنين أيضاً، ولكن بصفتهم لا شيء. الدولة الديمقراطية قوية بشعبها، ودولة الاستبداد قوية على شعبها.
المواطنون في البلدان الديمقراطية ذوات حرة متساوية في الحقوق وفي الكرامة الإنسانية، تشارك بنشاط في الحياة العامة؛ والرعية في عالم الاستبداد موضوع، والرعايا موضوعات لإرادة المستبد ، فلا ترقى منزلتها ومنزلتهم فوق منزلة الأتباع والعبيد. ومن ثم فإن دوام الاستبداد وألفة الرعايا له تجعل من أخلاقهم أخلاق أتباع وعبيد. الاستبداد والعبودية صنوان، هكذا كانت الحال في الماضي، وكذلك هي اليوم .
الاستبداد المعاصر كسلفه القديم، يقوم على احتكار الثروة والسلطة والقوة، ووضع اليد على جميع المرافق العامة، وعلى جميع مجالات الحياة، ويمتص قوة عمل المجتمع، ويختزل الوطن كله في شخص المستبد. ويلتمس لنفسه المشروعية من عقيدة دينية أو عقيدة سياسية، قومية أو اشتراكية يفرضها على المجتمع كله بالعسف والإكراه، ولكي يستتب له الأمن يصطنع المستبد قوى للأمن علنية وسرية، وهذه تصطنع جيشاً من المخبرين والوشاة يتكاثر كالخلايا المسرطنة .
نخلص مما تقدم، إلى أن الاستبداد يقتل في الإنسان شخصه القانوني، إذ يسلبه جميع حقوقه، ثم يقتل فيه شخصه الأخلاقي، فتنغلق دائرة الاستبداد؛ ويغدو بالإمكان إعادة إنتاجه .
وما كان بوسع الاستبداد أن يقتل الشخص الأخلاقي في الإنسان لو لم يتمكن من قتل الشخص القانوني فيه، ولو لم يزعزع قاعدة الحقوق الطبيعية والمدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية .
بالطبع، يفرح المستبدون (حينما تأخذهم العزه بالاثم) بتحويل شعوبهم إلى قطعان، ومن دون أن يدروا أن ضعف شعوبهم الفعلي هو قوتهم الوهمية، ومن دون أن يدروا أن ضعف الشعوب محمول بتراكمات داخليه تتفاعل وتزداد في انتظار لحظة القطع والانفجار في وجه المستبد.
ذلك إن قتل الشخص القانوني ثم قتل الشخص الأخلاقي في الإنسان هو قتل روح الاجتماع المدني وروح المواطنة؛ ولذلك قيل من لا يدافع عن قوانين بلاده لا يحسن الدفاع عن وطنه، ومضمون القوانين التي يجدر بالمواطنين أن يدافعوا عنها هو الحقوق ومعيارها هو العدالة، والعدالة هي التجسيد الواقعي للمساواة .
ماركس والموقف من الأخلاق:
"لقد فهم الكثيرون كارل ماركس وكأنه ضد الأخلاق، بينما ماركس في الواقع هو نموذج المفكر الثوري الأخلاقي بامتياز.. إنه ضد الأخلاق البرجوازية المجردة والغيبيبة التي تحاول إيهام المجتمع بأن المشكلة مجرد سلوك أخلاقي .. وليس نتاج بنى اقتصادية وسلطة سياسية هدفها تكريس الاستغلال... إنه لم يَسقُط في مصيدة فلسفة الأخلاق الغيبية الوعظية.. وإنما اندمج في الفعل الثوري والفلسفي والفكري لكي يرتقي بالوعي الاجتماعي والتحريض على الفعل من أجل التغيير الحقيقي" .
"الفكرة التي نستهدفها تتجلى في أن التغيير ليس مجرد حالة ذهنية أو فكرية.. بل موقف وفعل سياسي مباشر بهدف تغيير البنى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المادية السائدة ، سواء في البلدان الرأسمالية أو في بلداننا التابعة والمتخلفة.. أي البنى التي تولد كل هذا الإسفاف الأخلاقي والثقافي والسلوكي.. فبدون تغيير تلك البنى سيبقى الوعي خاضعا لعلاقات القوة المبنية على السيطرة على وسائل الانتاج... والمستندة إلى العمل المأجور الذي في جوهره استغلال لعرق وجهد وعمر وحياة القوى المنتجة من قبل طبقات طفيلية هدفها أولا وأخيرا الربح وتركيم الثروة، بمعنى أن تغيير هذه العلاقات اللاأخلاقية في جوهرها ينطلق من تغيير الواقع ذاته... ودور الفكر والأيديولوجيا هنا هو تعزيز هذه العملية الملموسة... أما أن يتحول الفكر إلى عملية وعظ أخلاقي لا تمس الواقع والطبقات المستَغِلَّة... فإنه يصبح في هذه الحالة جزءا من منظومة القهر ذاتها... بهذا المعنى فإن القيم الأخلاقية ما لم تكن قوة فاعلة من أجل كشف الاستغلال والقهر والدفاع عن حقوق ومصالح الناس .. فإنها فقط تعزز الوهم بإمكانية تعميم العدالة وتحقيق الحرية عن طريق الوعظ الأخلاقي" .
"بهذا المعنى بالضبط يتحدد الموقف الماركسي من الأخلاق... أي أن الأخلاق بذاتها كمفاهيم ليست هي قوة التغيير بل إن الالتزام بالفعل السياسي والاجتماعي لتغيير الواقع هو الذي يعطيه القيمة الأخلاقية الكبرى... التي ستنتج في سياقاتها منظومة أخلاقية بديلة منسجمة مع الواقع الجديد.
هذه هي الأخلاق الثور ية وليس الوعظ الأجوف الذي يواصل الثرثرة عن الأخلاق ولكن بدون جرأة ووضوح في مواجهة أسباب القهر والظلم والاستغلال كعلاقات وقوى طبقية" .



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ...
- من خيمة النزوح ورغم القصف الهمجي الذي أدى إلى قتل نحو 9 آلاف ...
- بمناسبة يوم مولدي الثامن والسبعين - يوم بطعم الخيمة والخيبة. ...
- غزة بعد أربعة أشهر على الحرب العدوانية
- مجابهة الوجود الاستعماري-الاستيطاني الصهيوني:
- المسألة اليهودية والحل الصهيوني وسبل المجابهة......
- باختصار عن سياسات الانفتاح والتبعية ودورها في إنتاج الفساد.. ...
- ما الحداثة وما هي أبرز سماتها وأنواعها؟............
- معايدة الى اهلنا احباءنا المسيحيين من غزةالصامدة بمناسبة عيد ...
- غزة تحت الحصار والعدوان الإسرائيلي ..............
- الضرورة الملحة لمراجعة مفهوم المركزية وتعميم الديمقراطية منه ...
- احزاب وفصائل اليسار الماركسي وأهمية الالتزام بالديمقراطية مف ...
- ما معنى أن نناضل بدون نظرية ثورية (وأقصد بذلك الماركسية تحدي ...
- بعد ثلاثة أيام من الانقطاع الاكراهي عن الكتابة....خاطرة من و ...
- وجهة نظر حول تأثير البنية الفوقية في المجتمعات التابعة والمت ...
- -مرحلة- الانقسام الراهن، تمثّل مرحلةً حافلةً بالسمات الخاصة ...
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ...
- سؤال وجواب......
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ...
- عن رثاثة البورجوازية الكبيرة في مجتمعات الوطن العربي


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - غازي الصوراني - الأخلاق بين الديمقراطية والاستبداد