الشعب العراقي وأحزابه السياسية " الوطنية "
- عدنان فارس
مُهمة الأحزاب السياسية " الوطنية " العراقية ينبغي لها أن تتمثل ، كهدف مُشترك ، في الإرتقاء بالدولة ومُؤسسستها إ لى أفضل مُستوى يتم عنده تنفيذ الخطط والمشاريع ذات الصلة بحياة الشعب والمجتمع - الشعب هم الناس ، أما المجتمع فهم الناس ومُجمل العلاقات العامة الرابطة بينهم داخل البلد - هذه الخطط والمشاريع إنما تُدرس ويتم إقرارها من قبل جهات الإختصاص ، وعلى رأسها ألمؤسسة الدستورية البرلمانية . وإذا كانت هنالك " مُهمة أخرى " للسياسيين ، غير هذه المُهمة ، فهذا يعني أن يبقى العمل السياسي بعيدا عن مصالح الناس ، ومع مرور الزمن وإتساع البعد هذا ، يفقد الشعب ثقته بهذا الحزب أو ذاك ، ويفقد هكذ حزب قيمته ، أو بالأحرى إنه يفقد مُبرر وُجوده .
تتميز الحياة السياسية للأحزاب "الوطنية" في العراق بمرحلتين أساسيتين :
ألمرحةألأولى : وهي مرحلة تفكك الدولة العراقية أو تحللها في أجهزة قمعية ومؤسسات مُعادية ليس فقط لمصالح الشعب والمجتمع وأنما ألحياة في العراق قد أصبحت في خطر حقيقي ، وذلك من خلال تسلط مجاميع من الشقاوات واللصوص والقتلة تحت مظلة " حزب " البعث في دورتين إنقلابيتين . لقد تمكن صدام ، منذ بداية الدورة الثانية لسلطة البعث 1968 ، من إحكام وترسيخ سلطة الجريمة ضد الشعب العراقي بالإستعانة بعدة عوامل داخلية وخارجية ، تمثلت العوامل الخارجية بظروف الحرب الباردة وتهافت ألأطراف الدولية لجعل الكفة لصالحها في لعبة توازن القوى أنذاك . كان صدام حسين ينهل أو يغرف دعما من الصوبين ! ، من الكتلة السوفييتية ومن خصمها الغرب في آن واحد . هذا إضافة إلى أن صدام قد عرف كيف يستغل الحاجة الى المال لدى بعض الأنظمة العربية وكذلك شراء الذمم والضمائر ، ناهيك عن دعم أنظمة وتنظيمات الإرهاب ، عربية وأجنبية ، له .
أما داخليا فلقد استفاد صدام من ارتباط أو ولاء الحزب الشيوعي العراقي للإتحاد السوفييتي الذي ارتبط " بمعاهدة صداقة وتعاون " مع صدام ، بعدها تم ترقية نظام صدام الى " رتبة " طليعة حركة التحرر الوطنية العالمية ! ، وهنا فياويله الحزب الشيوعي العراقي وسواد ليله إن لم يدعم نظام صدام والبعث قاتل الشيوعيين قبل غيرهم، وبعد مفاوضات قصيرة عقد الحزب الشيوعي العزم على السير مع البعث وصدامه " يد بيد نحو الإشتراكية !! " ، اما بقية الأحزاب العراقية والتكتلات والشخصيات السياسية فقد تم إسكاتها بالتصفية والملاحقة ، ولم يسلم حتى الكثير من قواعد وكوادر الشيوعيين ( ! ) من تلك التصفيات والملاحقات بدعوى الدفاع الثورة و " الجبهة " . وتدريجيا أفرغ صدام الساحة السياسية العراقية له شخصيا واستلم كل مقاليد السلطة والتحكم في 1979 بعد أن هيأ لبناء منظومة واسعة من الشبكات الأمنية والقمعية ، وبعد أن استهلك أو رشف كل ما في الجبهة مع الحزب الشيوعي من " فيتامينات " ، وعلى إثر ذلك تم رحيل أو نزوح " القيادات الوظنية والدينية " بما خف حمله من القواعد ! خارج الوطن .
بعد سقوط نظام الشاه في ايران وتولي الملالي مقاليد السلطة ، توفرت لصدام مساحة أوسع لطموحاته الإجرامية فشن حربه العدوانية ضد الشعب الإيراني ، هذه الحرب التي في حجم تدميرها تُعتبر أضخم حرب في التاريخ الحديث بين دولتين . الشعب العراقي أعزل، إلا من تسلط نظام الجريمة . وعلى مدى سني الحرب الثمان نزف العراق كل شيء ، بشر و ثروات وأرض ومستقبل ، والقوى ( الوطنية ) تسعى في مناكبها وتأكل من رزقها ! . وبعد أن حقق صدام ونظام الملالي " الإنتصار المُبين " ، إتفقا على إنهاء هذه الحرب 1988 . وبدأ صدام يعد العُدة لحرب جديدة ، فغزى دولة الكويت وخرّبها ليستكمل بذلك تخريب العراق ، وتحقق له ما أراد .
تمّ تحرير دولة الكويت ودفع الشعب العراقي الثمن باهضا ، وتم مُعاقبة العراق على جريمة غزو دولة الكوبت ، وتمكن صدام من تحويل قرارات الحصار من عقوبة ضد نظامه إلى عقوبة ضد الشعب العراقي ، وتحول الشعب العراقي المُنهك والمُثخن بالجراح الى شعب جائع ومُشرد ، والقوى ( الوطنية ) مازالت تسعى في مناكبها وتأكل من رزقها ! .
هب الشعب العراقي بانتفاضة مجيدة في آذار 1991 , ولكن وبسبب أنه شعب أعزل من القوى السياسية الحقيقية ، حيث لا يُمكن لأي شعب غير مُنظم سياسيا أن يُسقط سلطة ، وبسبب دس بعض الجيران أُنوفهم بمُجريات الإنتفاضة ، إضافة إلى خُذلان أمريكا وبريطانيا للشعب العراقي أنذاك ، قمع صدام الإنتفاضة بفعاليات إجرامية نادرة ، إن لم تكن فريدة ، من نوعها . قتل وأباد مئات الآلاف من أبناء الوسط والجنوب والأكراد وتم تشريد الملايين .
ألمرحلة الثانية :
في غمرة انشغال القوى (الوطنية ) التقليدية في السعي في مناكب الأرض و .... نشأت نواتات سياسية عراقية ديموقراطية على شكل تجمُعات أو حتى أشخاص ، تطالب باستثمار الوضع العالمي الجديد القائم على أنقاض الحرب الباردة ، وكذلك الرفض العالمي للإرهاب المُنظم وتصاعد السخط العالمي ضد صدام ونظامه ، وعليه تقرر أن تصطف هذه القوى العراقية الجديدة الديموقراطية وبعض القوى التقليدية ، بتردد ، تحت لواء الجبهة العالمية التي تقودها الولايات المتحدة لإسقاط نظام صدام وبأية وسيلة . قادت الولايات المتحدة الأمريكية حملة " حرية العراق " وأسقطت نظام صدام بوقت وخسائر دون التوقعات .
ولأن صدام قد أعاد بناء كل صغيرة وكبيرة في الدولة العراقية بمواصفات خاصة به وببعثه ، فإن سقوط نظامه يعني إنهيار كامل للدولة ، وأن كامل نظام صدام والبعث لا يمكن إنهاؤه بمجرد دخول قوات التحالف بغداد ، أذن لابد من البدء ، من بغداد ، بمُطاردة فلول النظام المُندحر واستكمال مهام التحرير ، وهذا يتطلب تظافر الجهود بين الشعب العراقي وقواه السياسية ( التحرُرية ) مع قوات التحالف لتحقيق النصر المُبين والنهائي على بقايا النطام المُندحر .
القوى الديموقراطية الجديدة في طور التكوين ، والقوى ( الوطنية ) التقليدية تطالب بتشكيل ( حكومة وطنية فورا ، من أجل إنهاء الإحتلال ! ) ، وفلول البعث وصدام يراهنون على مشاكل الإنفلات الأمني والصعوبات الإقتصادية ، ايران وسوريا تحاولان تحجيم التحرير واقتطاع حصة لهما . هنا تكمن الإجابة على سؤال الموقع العراقي للتعبير الحرالديموقراطي ( كتابات )على ألإنترنيت ، حول قدرة وجدارة ( القوى الوطنية العراقية الإسلامية والعلمانية ) بالقيام بدورها المطلوب من خلال تشكيل حكومة وطنية تُمثلها في انجاز مهمات بناء العراق الجديد .
إذا كان سقوط نظام صدام قد تم بتصميم وإصرار العسكرية الأمريكية والبريطانية ، فإن إعادة إعمار ما خرّبه صدام ، وبناء الديموقراطية وتأسيس المجتمع المدني ، يتم فقط من خلال النشاط الديموقراطي للقوى السياسية العراقية بمختلف توجهاتها واعتقاداتها ، وطرح البرامج السياسية والمشاريع من مُنطلق الواقعية السياسية وحرص هذه القوى والأحزاب على النظر إلى نفسها وتقييم أهليتها السياسية من خلال مصالح الشعب العراقي في بناء دولة احترام حقوق المُواطنة . أصحاب شعارات الإستهلاك السياسي والديني ، شعارات التلاعب بالعواطف " الديماغوجية " واستغفال الشعب وحرف أنظاره وإلهاءه بمشاكل مُفتعلة مثل ( لا للإحتلال و نعم للإسلام .. وغيرها ) ، هؤلاء لا يمتلكون حتى أدنى وأبسط شروط الأهلية في العمل السياسي وتمثيل الشعب .
فيما يخص الموقف من قوات التحالف، فعلى ( المتباكين ) على سيادة الوطن وعلى حُرمة الإسلام ، أن يدركوا ، وبحرص وطني حقيقي ،أن عملية تحرير الشعب العراقي من قبضة نظام صدام إستوجبت أحتلال هذه القوات للعراق وأن استكمال وتوطيد التحرير يستوجب بقاء قوات التحالف في العراق ، ومدة بقائها يتوقف على مدى جدية ( الوطنيين ) في إثبات جدارتهم على إدارة البلد وتسيير شؤونه . علينا أن نسعى إلى تفهّم حلفائنا والتفاهم معهم ، لقد قدمت الولايات المتحدة الأميركية أكبر تاريخية للشعب العراقي ، فعلى ( الوطنيين ) العراقيين إستثمار ذلك لإبعد الحدود . لا ينبغي توظيف الوقت والجهد لغير صالح شعبنا العراقي .
مجموعة الليبراليين العراقيين