أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - هم يُقتلون















المزيد.....

هم يُقتلون


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 525 - 2003 / 6 / 26 - 17:41
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



14.6.03
 

 
بعد أسبوع من الاحتفال بتدشين سفينة السلام التي أبحرت من ميناء العقبة، أصابها طوربيدو مدمر. ليس من الواضح بعد، فيما إذا كانت السفينة قد غاصت في الأعماق، أم أن بإمكانها الاستمرار في الإبحار، رغم الأضرار.
فيما يلي قصة الرحلة البحرية حتى الآن: في البداية، حاولت مروحية إسرائيلية قتل عبد العزيز الرنتيسي، وهو أحد الجناح السياسي في حماس. وقد نجا بأعجوبة. بعد ذلك مباشرة، قتلت هذه المروحيات زعماء آخرين من حماس. ومن الواضح انه قد بدأت حملة مدروسة لاغتيال ناشطي المنظمة بكل ما فيها من أجنحة - الجناح العسكري، السياسي، الاجتماعي، التربوي والديني.
 مثل هذه الحملة هي طبعا ثمرة تحضيرات مسبقة ومستمرة، على مدى أسابيع وأشهر. ومن الواضح أيضا انه قد تم التخطيط لها قبل قمة العقبة، ولكن شارون قد أجلها ليتيح للرئيس بوش التمتع بلحظات المجد على شاطئ البحر الأحمر. فور عودة الرئيس ومرافقيه إلى أمريكا، مفعمين بالسعادة، بدأ تشغيل آلة الموت.
 هناك ادعاء أساسي في كل المحاكم في العالم: إذا قام شخص ما بفعل فعلة تكون نتائجها مؤكدة، هذا يعني بأنه قد كان ينوي التوصل إلى هذه النتائج. هذا الادعاء ينطبق أيضا على هذه الحملة.
 قتل زعماء حماس (بمن في ذلك نسائهم وأطفالهم والمارة في الطريق) كانت ستؤدي حتما إلى النتائج التالية: (أ) عمليات انتحارية من قبل حماس، أي: عمليات انتحارية وقتل جماعي، (ب) قطع جهود السلطة الفلسطينية للتوصل إلى وقف إطلاق النار من قبل حماس، (ج) تدمير منزلة أبي مازن  في بداية طريقه، (د) إجهاض خارطة الطريق، (هـ) تعويض المستوطنين عن تفكيك بعض النقاط الاستيطانية الزائفة.
 لقد تم التوصل فعلا إلى كل من هذه الأهداف الخمسة. لقد امتلأت البلاد بالدم والنار، ووسائل الإعلام لدى كل من الطرفين  منشغلة بالتقارير الصحفية عن مراسم التشييع والتحريض المتبادل، وتوقفت الجهود للتوصل إلى هدنة، وقد كنّى شارون أبا مازن "صوص لم ينبت ريشه بعد"، وخارطة الطريق تتعثر وبوش يوبخ شارون ويصب غضبه على حماس.
وتوقف تفكيك النقاط الاستيطانية الزائفة التي كان مجرد نكتة منذ البداية. ويستمر البناء في المستوطنات بأسرع وتيرة ممكنة، مثله مثل بناء "الجدار"، الذي يرسم معالم الحدود عميقا داخل الضفة الغربية. تعاظمت الإغلاقات والتطويقات من جديد. وعاد الوضع في المناطق المحتلة إلى ما كان عليه، وكأن مسرحية العقبة لم تكن أصلا.
 فقتل الرنتيسي كان إذن نقطة هامة في تاريخ الدولة. والسؤال الأول هو:  من اتخذ هذا القرار؟
من السهل الحديث عمن لم يتخذ هذا القرار.
إنها ليست الحكومة، التي تحولت منذ زمن بعيد إلى جوقة من المتملقين ومطأطئي الرأس. شارون ينظر إلى الحكومة نظرة ازدراء. ولا يفكر أبدا في التشاور معها.
ولم تكن أيضا الكنيست، التي وصلت إلى حضيض لم يسبق له مثيل. ممثلو عالم الجرم يجلسون فيها علانية ، قاتل طلب (وحصل على) العفو، وبعض الوصوليين الذين يبدون وكأنهم التقطوا من الشارع. ويُنظر إلى رئيس الكنيست على أنه كوميديان.
 هو ليس الجمهور أيضا. فكل استطلاعات الرأي تشير إلى أن الجمهور يريد نجاح "خارطة الطريق". والكل آمن بأن شارون يعمل بجدية لأجل السلام. وفي اليسار أيضا كان هناك بعض السُذّج الذين أغدقوا على شارون التهليل والتمجيد لأنه قد غير جلده. وما من أحد سأل الجمهور فيما إذا كان يريد أن يدخل إلى دائرة دموية جديدة. فاستطلاع الرأي الأخير يشير إلى أن  67% من الجمهور يعارض اغتيال الرنتيسي في هذا الوقت. ولكن شارون يعرف بأن الجمهور سيخضع للأمر الواقع ويسير وراءه كما يسير قطيع الخراف في مزرعته.
إذن من الذي قرر ذلك؟
هذا ليس سرا.  فقد نُشر الأمر على الملأ. لقد اتخذ هذا القرار خمسة من الجنرالات.
رئيس الحكومة، أريئيل شارون، عميد متقاعد.
وزير الدفاع، شاؤول موفاز، لواء متقاعد.
رئيس هيئة الأركان، موشيه يعلون، لواء.
رئيس الموساد، مئير دغان، عميد.
رئيس الشاباك، أفي ديخطر، ورتبته في الشاباك تضاهي رتبة لواء.
هذا الخماسي العسكري يحدد الآن مصير الدولة، ربما لأجيال طويلة، وربما إلى الأبد. يسمون هذه الظاهرة في أمريكا اللاتينية باسم "خونطا" (مجلس ضباط بعد انقلاب عسكري).
لقد تحدثنا أكثر من مرة عن مكانة الجنرالات - في الخدمة العسكرية وبعدها - في دولة إسرائيل. إنها مكانة ليس لها مثيل في الدول الغربية. لا يوجد في أي دولة ديموقراطية رئيس حكومة جنرال. لا يوجد في أي دولة ديموقراطية رئيس حكومة جنرال.  لا يوجد في أي دولة ديموقراطية وزير أمن هو جندي مهني، ولا أي جندي آخر كان يلبس بزته العسكرية حتى عشية توليه هذه الوظيفة. لا يوجد في أي دولة ديموقراطية رئيس هيئة أركان يشارك في كل جلسات الحكومة، ويشكل مرجعا أخيرا ونهائيا لكل المسائل الأمنية (والتي تضم في إسرائيل أيضا كل المسائل السياسية).
 لسلطة الجنرالات بنية تحتية واسعة جدا. يتم تسريح الجنرال الإسرائيلي من الخدمة في جيل صغير جدا، على الأغلب في سنوات الأربعين الأولى من حياته. وإن لم ينضم لزعامة (يترأس الليكود والعمل والمفدال جنرالات ويترأس حزب ميرتس كولونيل) أو إن لم يتحول إلى رئيس بلدية، يهتم أصدقائه بتعيينه رئيس مجلس إدارة شركة حكومية كبيرة، أو جامعة أو أية خدمة جماهيرية أخرى.
 مئات الجنرالات السابقين، يشغلون أغلبية المناصب الهامة في كافة هيئات الدولة والمجتمع، وليسو فقط أصدقاء مترابطين بالذكريات المشتركة. فالمشاركة اعمق من ذلك بكثير. لان العشرات من سنوات الخدمة العسكرية تبلور نظرة معينة إلى الحياة، رأيا سياسيا، طريقة تفكير وحتى لغة. لم يكن في تاريخ الدولة سوى ثلاثة أو أربعة استثناءات.
يبدو لأول وهلة، أن هناك جنرالات "يمينيون" و"يساريون". لكنه خداع نظر.  فقد بدا الأمر واضحا هذا الأسبوع. بعد محاولة اغتيال الرنتيسي، والعمليات الانتحارية التي قامت بها حماس، ظهر عشرات الجنرالات في وسائل الإعلام. (الجنرال الإسرائيلي، حتى وإن كان أحمق للغاية، يتحول أوتوماتيكيا إلى محلل مؤهل في وسائل الإعلام). وبهدف الموازنة، جاء التلفزيون بجنرالات من اليمين ومن اليسار، ولكن يا للعجب: كلهم تحدثوا بنفس اللهجة، باختلافات هامشية، مستخدمين نفس المصطلحات.
وقد تجسد هذا الأمر، اكثر مما تحسب بالتحاليل، بكلمتين اثنتين: "هو يُقتل".
وكأنه استنادا إلى أمر عسكري، انخرطت هذه الكلمات في الخطاب العام، حتى أنه لا يوجد هناك أي جنرال، رجل سياسية أو مراسل صحفي، لم يتفوه بهاتين الكلمتين بمتعة ظاهرة للعيان. لم يحدث حتى الآن أن سمعنا هاتين الكلمتين في وسائل الإعلام. والآن، الكل يستخدم هاتين الكلمتين. الرنتيسي "هو يُقتل". الشيخ ياسين "هو يُقتل". بقية زعماء حماس "هم يُقتلون". وربما ياسر عرفات أيضا.
 يرجع اصل المصطلح في التوراة إلى سفر صموئيل بـ (الفصل 12). بعد أن اقترف الملك داوود أعمالا خسيسة للغاية، وعمل على قتل ضابطه الأمين، أوريا الحثي، في الحرب، ليأخذ منه زوجته، بات شيفع، قام ناثان النبي بتوبيخه. وقص عليه قصة رجل غني لئيم، قام بذبح النعجة الوحيدة التي يملكها رجل فقير. قال داوود للنبي متوترا: "حي هو الرب، إنه يُقتل الرجل الفاعل ذلك! ...فقال ناثان لداوود: أنت هو الرجل!"
أي أن هذا المصطلح قد أسند في الأصل إلى اكبر زعماء إسرائيل، الذي قام بعمل خسيس. والآن يستخدم زعماء إسرائيل هذا المصطلح ضد أعدائهم.
ولن هذا ليس هو جوهر القضية. الجوهر هو أن رئيس الحكومة وزمرة جنرالاته يلقنون كلمتين، وكل الشعب في إسرائيل يرددهما كجوقة هائلة من  الببغاوات، دون اعتراض، ودون تفكير. إن هذا أمر مروع بحد ذاته، ولكن عندما تتحول هاتين الكلمتين إلى إجماع وطني ينطوي على كارثة، دون أي تفكير أو نقاش، فهذا الأمر مروع أكثر بكثير.
 لم يتضح بعد إن كان شارون قد نجح في إغراق سفينة مبادرة السلام. ربما سيظهر الرئيس بوش عزما وإصرارا لإنقاذ هذه المبادرة، التي ادخر فيها كامل هيبته الشخصية. ولكن، في هذه الأثناء، تستمر رقصة الموت في خطواتها، ودم غزير يجري في شوارع إسرائيل وفلسطين.           
     
    
               
      

 



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآباء يأكلون الحصرم
- زيارة عرفات؟ عجبا
- الجدار السيئ
- لا تحسدوا أبا مازن
- يقرعون الباب في منتصف الليل
- بعد انقضاء الليل
- تصورات أخرى حول الحرب - أين الخطأ؟
- الأرز المُر - التصورات حول الحرب
- هجم الذئب؟
- أين الورقة إذن؟
- لا عليكم، كلوا الشوكولاطة
- رجل يواجه العالم بأسره
- حرب ذات رائحة لا صلة لهذه الحرب بالإرهاب
- السيدة السمينة لم تغن بعد
- نشيد الصداقة
- السوفييت الأعلى الخاص بليبرمان
- إنقلاب نداف
- حيوان غريب جدا
- كيف نساعد شارون
- الهدف: انقلاب!


المزيد.....




- معالجات Qualcomm القادمة تحدث نقلة نوعية في عالم الحواسب
- ألمانيا تصنع سفن استطلاع عسكرية من جيل جديد
- المبادئ الغذائية الأساسية للمصابين بأمراض القلب والأوعية الد ...
- -كلنا أموات بعد 72 دقيقة-.. ضابط متقاعد ينصح بايدن بعدم التر ...
- نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
- التحقيقات بمقتل الحاخام بالإمارات تستبعد تورط إيران
- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - هم يُقتلون