أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي 2024 - أوضاع المرأة في الحروب والصراعات وكيفية حمايتها، والتحديات التي تواجهها - حسن جدال - الدين: شكل جديد لعمل النساء















المزيد.....

الدين: شكل جديد لعمل النساء


حسن جدال

الحوار المتمدن-العدد: 7909 - 2024 / 3 / 7 - 22:30
المحور: ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي 2024 - أوضاع المرأة في الحروب والصراعات وكيفية حمايتها، والتحديات التي تواجهها
    


“أقضي وقتي في تدبير وتدوير الديون. فكيف تتوقعون مني أن أعمل؟ (بوشبوراني)”

تتعامل باستمرار امرأة داليت (سابقًا كانت تعرف بـ “المنبوذون”)؛ من إحدى قرى ولاية تاميل نادو في الهند؛ اسمها بوشبوراني مع عشرة إلى عشرين قرضًا، اقتُرِضَت من مؤسسات ائتمان، ومُقرِضين غير رسميين، ونخب محلية، وجيران.

“لماذا يعود الكثير من المتقاعدين للعمل؟ بسبب الديون. (جواب فيليبي، ساكن في حي فقير بفيتوريا، البرازيل)”

تقوم دونا جي، والدة فيليبي؛ البالغة من العمر 74 عامًا؛ بخياطة الملابس، وبيع الكعك في الشارع، منذ أن امتص تسديد أقساط القروض 70% من معاشها التقاعدي.

توضح هذه الشهادات العواقب الملموسة على النساء من أوساط شعبية، لتطور ملحوظ على نطاق عالمي، خلال العقود الثلاثة الماضية، وهو: انفجار مديونية الأسر، مدفوعا بتسهيل الائتمان وزيادة الهشاشة الاقتصادية.

في أجزاء مختلفة من العالم، تعتبر الإدارة اليومية للدين بمثابة شكل حقيقي من أشكال العمل. والحال، أن “عمل الدين” هذا يُدبّر، في المقام الأول، من قبل النساء. ويُفضي البحث عن الأموال لسداد الدين فيما بعد إلى أشكال جديدة من العمل، “عمل من أجل الدين” الذي يؤثر؛ هو الآخر؛ في أغلب الأحيان على النساء.

وهكذا، ينبثق عمل الدين والعمل من أجل الدين كشكل جديد من أشكال عمل الظل، المجاني والمميز للاقتصاديات المالية. ويسلط الضوء على هذا الواقع، في كل من الهند والبرازيل، أطروحتا دكتوراه صادرتان حديثا؛ إحداهما في الاقتصاد، والأخرى في السوسيوأنثروبولوجيا؛ وكتاب قيد الإصدار.

حجم الديون

على الرغم من التفاوت الكبير في مستوى مديونية الأسر من بلد لآخر، إلا أن متوسطها تضاعف تقريباً ما بين عامي 1995 و 2021 في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)، حيث ارتفع من 68% إلى 127% من الدخل المتاح (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، 2023). وتتسارع هذه الوتيرة بشكل خاص في بلدان الجنوب. فحسب بنك التسويات الدولية (BRI)، قفزت مديونية الأسر من 28% إلى 50% من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الناشئة، ما بين عامي 2010 و 2022.

لكن، بينما تمثل القروض العقارية، في دول الشمال، الجزء الأكبر من المديونية (84٪ في فرنسا عام 2021)، فإن نموها في دول الجنوب مدفوع بشكل أساسي بأشكال مختلفة من القروض الاستهلاكية، التي تم تعميمها، من خلال ما يسمى بسياسات الإدماج المالي، منذ بداية الألفية الثالثة، والتي استهدفت في المقام الأول الفئات الشعبية خصوصا النساء.

في البرازيل، و وفقًا لبيانات البنك المركزي، انتقلت نسبة الأسر المَدِينَة لمؤسسات الائتمان من 44% إلى 55% بين عامي 2010 و 2015، قبل أن تقفز، خلال جائحة كوفيد-19، لتصل إلى 80% في عام 2021.

في ولاية تاميل نادو، وبعد عقدين من السياسات الهادفة لتوسيع الخدمات المصرفية وتطوير القروض الصغرى الخاصة بالنساء، توثق بيانات بحث حول المناطق الريفية؛ أنجزه مرصد الديناميات الريفية والتفاوتات في جنوب الهند؛ زيادة متوسط ​​مديونية الأسر من 160% إلى 250% من دخلها السنوي ما بين عامي 2010 و 2016. وتثقل الديون كاهل النساء بشكل أكبر، حيث يشكل متوسط دخلهن 22% من إجمالي دخل الأسرة، لكنهن يتحملن 37% من ديونها.

وتهدف هذه الديون، في غالبيتها العظمى، إلى “تغطية النفقات”: الغذاء، والرعاية الصحية، والإسكان، ودفع فواتير الماء والغاز والكهرباء. كما تمكن أيضا من المشاركة في الطقوس، وشراء سلع استهلاكية … وسداد ديون أخرى.

في هذا الصدد، وإذا كان يُنظر الى القروض الصغرى على أنها عامل مساعدة لإنشاء المقاولة والخروج من الفقر، فقد تبين أنها تُعد قبل كل شيء قروض استهلاكية، تسمح في أحسن الأحوال بتنظيم الدخل والإنفاق مع مرور الوقت، وفي أسوأ الأحوال تصبح عاملا يفاقم المديونية.

عمل الدين

تحتل نساء الأوساط الشعبية موقع الصدارة في الأشكال الجديدة للعمل الناتجة عن الاقبال المتزايد على خدمات التمويل، كمدبرات لميزانيات الأسر، يجدن أنفسهن مشغولات بتدبير وإعادة تمويل الديون، سواء تلك التي اقتُرِضت باسمهن الخاص، أو حتى التي تعود إلى كافة أفراد الأسرة.

في السياق الفرنسي، تظهر ذلك بوضوح الاستطلاعات الاثنوجرافية لأنا بيرين-هيريديا وكاميل فرانسوا: النساء يدرن قلة الموارد والعجوزات المالية، وهن الهدف الأول للمُوَكّلين القضائيين في حالة تأخر الإيجار.

يُعد تدبير الدين عملا حقيقيا: المهام روتينية، وتستغرق وقتًا طويلاً وتتطلب مهارات محددة. في ولاية تاميل نادو، ينطوي “عمل الدين” على تنفيذ معاملات سداد شهرية، أسبوعية، وأحيانًا يومية. إنها عملية تتطلب مهارة التوفيق بين خمسة، عشرة، إلى خمسة عشر قرضًا في الآن ذاته، ومتابعة هذه التركيبة من الديون بتمارين ذهنية مستمرة، تستدعي حسابات معقدة تعتمد على معايير الأسعار والمشاعر.


مسؤولة عن مجموعة للقروض الصغرى: يتطلب هذا العمل تحيين مجموعة متنوعة من الوثائق الإدارية والاحتفاظ بها؛ وغالبًا ما تكون أرشيفًا “ورقيًا”؛ في القرى. إي. غيرين، تعليق من المؤلف

يتطلب الأمر أيضًا التفاوض بشأن المبالغ والأسعار وجداول السداد، من أجل تكييفها مع عدم انتظام المداخيل وعدم القدرة على التنبؤ بها، وذلك مع مجموعة واسعة من المُقرِضين. وبالإضافة إلى منظمات القروض الصغرى ومؤسسات الائتمان، تأتي القروض من مجموعة متنوعة من المُقرضين في الحي أو القرى المجاورة، سواء كانوا مقرضين بالرهن أو متجولين، أصحاب محلات، أفراد من النخبة المحلية، أصدقاء وجيران أو حتى أقارب.

يشمل القيام بعمل الدين أيضًا، مواجهة تعليقات غير ملائمة أو مزدرية، من قبل المُقرضين، وأحيانًا تصل حد الإهانة و السب، مع ما يستدعيه ذلك من الحفاظ على الهدوء. ويعتبر عدم الالتزام بسداد الدين إشارة لعدم المسؤولية والتهاون وسوء التدبير، ويمنع الاقتراض مرة أخرى. بالنسبة للمقرضين، بغض النظر عن طبيعتهم، فان تشويه السمعة يعتبر سلاحًا فعالًا لفرض سداد الديون.

أخيرًا، يجب العناية بالمظهر والسلوك، للظهور كامرأة قوية وعازمة، قادرة على سداد ديونها. وإذا كانت الوسائل المادية غير كافية، يتم تحويل الجسد إلى سلعة والانخراط في تبادلات دين-جنس، بدءًا من الابتسامة والتحرش وصولًا إلى الاتصال الجنسي.

العمل من أجل الدين

غالبًا ما يترافق عمل الدين مع العمل من أجل الدين، الذي يهدف إلى البحث عن الأموال اللازمة لسداد الديون والفوائد الباهظة في كثير من الأحيان. في الأحياء الفقيرة البرازيلية، يُترجم هذا إلى أيام عمل أطول، تمتد إلى المساء والأحد. يزاوج الناس بين عملين أو ثلاثة لضمان السيولة النقدية. بالنسبة للرجال، يتم العمل بمواقع البناء في ظروف سيئة، دون حماية اجتماعية وبأجور أقل من الحد الأدنى القانوني.


السادسة مساءً: تعلق لونا الغسيل بعد قضاء يوم حافل بين المطعم حيث تطبخ (في الجزء العلوي من الأحياء الفقيرة) وبين الوكالات البنكية التي تمول أعمالها (أسفل الأحياء الفقيرة). البرازيل. نارين، تعليق من المؤلف.

بالنسبة للنساء، يمكن أن تكون الأنشطة خارج المنزل، كخادمات للمنازل، أو الأعمال المنزلية، مثل خياطة الملابس، أو صنع الكعك التي تباع بعد ذلك في الأسواق. ويكون نصيب الجدات، على الخصوص، مواصلة العمل بعد التقاعد، واللواتي يستخدمن القروض لمساعدة أبنائهن العاطلين عن العمل.

يمثل عمل الدين والعمل من أجل الدين مصدرًا هائلاً لنهب الطبقات الشعبية، ولربح مؤسسات الائتمان، التي تعتمد على العمل المجاني للنساء، و على الاستيلاء على جزء متزايد من دخل الأسر على حد سواء: تمثل حصة الفوائد نسبة 30% بولاية تاميل نادو سنة 2016 وفقًا للدراسة المذكورة أعلاه، و12% في البرازيل في سنة 2021.


دفتر ملاحظات خاص بإدارة الحساب تحتفظ به امرأة قروية في تاميل نادو بالهند. إيزابيل غيران، 2021، تعليق من المؤلفة.

لا يمكن حل هذا الاستغلال، عبر منطق النهب المالي. إنه يستمد جذوره من نظام تراكم غير قادر على ضمان إعادة إنتاج اجتماعية للعمال، حيث يتظافر في الآن ذاته عجز الرأس المال الخاص على توفير أجور معيشية لضمان، وعدم فعالية الدولة في توفير حماية اجتماعية حقيقية.

مقاومات نسائية

يمكن العثور، بأشكال متنوعة ومختلفة على هذه السمات بأوروبا أيضًا. ففي فرنسا، تصاعدت صعوبات الطبقات الشعبية في “تغطية نفقاتها”، بفعل إصلاحات نظام التقاعد، وخفض “كلفة العمل”، التي تم تنفيذها في سياق سياسات التقشف. وأمام هذه الاكراهات المتزايدة، سلطت حركة “السترات الصفراء” الضوء على الدور المركزي للأمهات في تدبير الديون (الفواتير والقروض العقارية بشكل خاص). تظهر هذه الحِركات أيضًا، أن “عمل الدين” يشكل دعامة للمقاومات النسائية وخطاب السياسي، مرتبط بالواقع اليومي للطبقات الشعبية.

وإذا كانت النساء فاعلات ظل في القطاع المالي، فإنهن أيضًا معارضات شرسات له. ففي الأرجنتين، وفي مختلف دول أوروبا، وأيضًا في المغرب، وسريلانكا، والهند، وربما في أماكن أخرى، تنتفض النساء ضد عنف الديون وثقلها الزائد على كاهلهن. هؤلاء النساء يناضلن بنشاط من أجل إلغاء الديون، ولكن وأيضًا من أجل سياسات اجتماعية تمنع الاستدانة المزمنة. وقد حان الوقت للإصغاء إليهن.

بقلم: إيزابيل غيران، إيلينا ريبول، تيموثي نارين.


ترجمة : حسن جدال



#حسن_جدال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين: شكل جديد لعمل النساء


المزيد.....




- أول خطاب له.. وزير دفاع روسيا الجديد: -مستعد للتضحية بحياتي- ...
- حظر تجول في كاليدونيا الجديدة بعد احتجاجات عنيفة على تعديلات ...
- غارة إسرائيلية في النصيرات تدفن عائلات بأكملها تحت الأنقاض ا ...
- ضجة في الجزائر بعد تداول فيديو وصور لشاب عثر عليه في مستودع ...
- مشروعات السعودية العملاقة.. حديث رسمي عن أولويات و-مزيد من ا ...
- هل يخلّص النوم العميق الدماغ من السموم؟ دراسة تتوصل لنتائج غ ...
- برلمان جورجيا يوافق على -القانون الروسي- والاتحاد الأوروبي ي ...
- -التاريخ يعيد نفسه.. دارفور على شفا مذبحة واسعة النطاق-
- نموذج جديد من -تشات جي بي تي- يمزح ويحمر خجلاً
- -القسام-: أجهزنا على 7 جنود إسرائيليين في عملية مركبة شمال ق ...


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي 2024 - أوضاع المرأة في الحروب والصراعات وكيفية حمايتها، والتحديات التي تواجهها - حسن جدال - الدين: شكل جديد لعمل النساء