ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 1751 - 2006 / 12 / 1 - 07:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تميزت العلاقات السورية الفرنسية طيلت العقود الماضية وخصوصاً بالسنوات الأربع الأخيرة بالحميمية والأخوية , على كافة المستويات , وازدادت المواقف الفرنسية قبولاً لدى سورية من خلال دورها الإيجابي الفاعل في مجلس الأمن الدولي , فيما يتعلق بالموقف من مساندة القضية الفلسطينية ومعارضة الحرب الأميركية على العراق.
ما عبر عنه وزير الخارجية السوري وليد المعلم في المؤتمر الأورو متوسطي بفنلندا, يوحي بحالة من اللامبالاة تجاه السياسة الفرنسية الراهنة , ويخفي بذات الوقت وهم سوري عميق من عودة فرنسا إلى ماضيها الاستعماري , ولكن بحضور استعماري جديد , كما استحضرت بريطانيا ماضيها الاستعماري باحتلالها العراق مع الولايات المتحدة في آذار / مارس 2003 .
لكل دولة الحق في تغيير نمطها السياسي السائد , بما يتماشى مع التغيرات الحاصلة, فالتعاطي السوري مع العراق قبيل الحرب بسنوات شكل خطاً أحمراً معروفاً للجميع , وهذا التعاطي لم يبق على ما هو عليه بعد الحرب بل تغير التعاطي , بعد أن تغيرت المعطيات القديمة بأخرى جديدة والمقصود بذلك , استبدال نظام صدام بنظام ما بعد صدام , ودشن هذا التغير في التعاطي زيارة المعلم لبغداد مؤخراً .
فكما لفرنسا الحق في تغيير تكتيكها حسب ما تتطلع إليه من أدوار محتملة ومصالح تطمح لها , لسورية الحق في انتهاج ما تراه مناسباً من سياسات تجاه غيرها .
ما قاله المعلم في فنلندا عن فقدان الثقة السورية بالسياسة الفرنسية , يشير إلى مدى الانزعاج السوري من شخص الرئيس الفرنسي جاك شيراك, بدون شك هو اختلاف مشروع من ناحية وغير مشروع إذا بلغ درجة النفي للشخص الذي اختلف معه .
فقدان الثقة تولد عن دخول فرنسا إلى جانب أميركا في استصدار القرار الدولي 1559 الداعي إلى انسحاب القوات السورية من الأراضي اللبنانية وملحقاته المتمثلة بالقرارات التالية 1595 – 1644- 1680 – الداعية إلى تشكيل محكمة ذات طابع دولي باغتيال الحريري وترسيم الحدود والتبادل الدبلوماسي بين لبنان وسورية .
أخيراً تحول فقدان الثقة إلى وهم سوري من عودة فرنسا لماضيها الاستعماري, بدخول قواتها العسكرية لجنوب لبنان, بعد أن استصدرت قرار وقف الحرب الإسرائيلية المشنونة عليه في 14 اغسطس/ أب الماضي تحت مظلة الأمم المتحدة, وبالتالي اصبحت فرنسا باستعمارها الجديد للبنان على مقربة من الحدود السورية.
إنّ معنى الاستعمار الجديد يختلف اليوم عما كان يعنيه في الماضي من احتلال فج للأرض واستيلاء فاضح للثروات , معناه الدقيق ... ليس باستطاعة الدول الصغيرة والضعيفة مجاراة الدول العظمى مهما حاولت .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟