|
نظرة في اسلوب النضال المعاصر- الايكلوجي والديمقراطي
كامل الدلفي
الحوار المتمدن-العدد: 1752 - 2006 / 12 / 2 - 07:25
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
ان الانظمة الشوفينية والعنصرية لطالما تظل اسيرة في حجرة افكارها الضيقة ، وتعجز عن تلمس النور الذي يدلها على سواء السبيل هذا من ناحية ، اذ نستطيع ان نصف ذلك بالمحور الاول من ازمتها العميقة ، وهي الازمة الذاتية والداخلية لتلك الانظمة ، والذي يرافقه النسق الثاني وهو الانعكاس العالمي (الخارجي) لازمة النظام الرأسمالي الدولي والذي يترك اثاره العميقة والواضحة في سلوكيات الانظمة المحلية والاقليمية ، وان نظام السلطة والدولة في المنطقة ليس بمنحى عن الدخول في أتون الازمة والتخبط في مناخاتها ، هذا هو الركن النظري لتحليل ماهية التقاربات والحلول الرسمية للقضايا الجوهرية لشعوب ومجتمعات المنطقة ، واعنى منطقة الشرق الاوسط التي تعاني ذروة الازمة والفوضى منذ زمن ليس بالقريب فان قضية اعتقال المفكر عبد الله اوجلان تعتبر مؤشرا دالا لمقتضيات تلك الازمة ، والتي نعبر عنها ( بازمة حضارة بائنة ) ، لايمكن التغاضي عن قراءة سطورها وفهم مدلولاتها ، ان اوجلان قد انتج حلا جذريا يجعل الانظمة الكلاسيكية تعيش قلقا وجوديا ، فهو مدلولاتها ، ان اوجلان قد انتج حلا جذريا يجعل الانظمة الكلاسيكية تعيش قلقا وجوديا ، فهو قد توصل الى التفسير الحقيقي للاشكالية العضوية التي تعاني منها الحياة الشرقية والنظم السائدة فيها ووضح اساليباً وادوات للحلول ، ذلك هو الجوهر والعلة التي تقف وراء اعتقاله ، لكن الامر لايقف عند حدود الابعاد الفيزيقية لكيانه الشخصي ، فهنا يقع النظام في قصور ممارساتي سيء، فانه يتصور التصفية الفيزيقية قادرة على امحاء الظاهرة الفكرية ، ان ذلك مرض دولتي قديم مارسته الانظمة والسلطات تجاه المراكز المشعة للتنوير والعلم والتطور الذهني ، فكما ان سجن غاليلو لم يغير من صحة او يحد من سرعة انتشار فرضياته العلمية وبديهياته ، وكذلك ان اعتقال اوجلان لم يؤد الى حجب صحة استنتاجاته المعمقة ، ان الخوف والهلع الكامنان في الانساق الهرمية والدولتية هو خوف متوارث ن فلاعجب ان يتضخم بين الفنية والاخرى . كلما يصبح نضال الشعوب جذريا وعميقا ويتوافق مع المتطلبات الحقيقية للحياة ، اي التطابق العلمي بين النظرية والممارسة كلما تكون ردود الفعل الوحشية اعمق واكثر مساحة ، ان النظام الدولتي يشعر بصحة الاستنتاجات ، لذلك يقوم به ، انتقاما ومن باب (لي ) ذراع الحركة التحررية بالضغط على رموزها . اعتقد ان هذه الاساليب اصبحت بالية وقديمة ولاتنطلي على ذهنية معاصرة وحديثة ، اني كمواطن عراقي اعجب شديد العجب من الموقف التركي تجاه المفكر عبد الله اوجلان ، وكان الاولى بتركيا ان تفتخر بقيمة مواطنيها سيما اوجلان لسعة الادراك والامكانية الفكرية التي يتمتع بها ، ناهيك عن مواصفاته القيادية التي ابدعت في خلق حراك وسط الجماهير من مستويات متدنية الى مستويات متقدمة في مجالات عدة ( السياسي - الاجتماعي الثقافي - الذهني .. الخ)) ان تركيا من دون شك ستندم على موقفها الجاحد بحق رموزها ، ذلك فعلا ما احس به عميقا .. لقد تجاوز أوجلان الكثير من الحلول المطروحة في مجالات السياسة والاجتماع والفكر حينما قدم اطروحته العلمية ( كونفدرالية الشرق الاوسط الديمقراطية ) ، ان المتتبع للخط الفكري الذي يطرحه يلاحظ نواتات الفكرة قد وجدت من البدايات لديه ، حتى اختمرت نهائيا في بيان الكونفدرالية الديمقراطية في نوروز / 2005 ، ان شكل الديمقراطية (الراديكالي ) والاجتماعي ( المباشر وغير المباشر) يعتبر الاساس المنهجي الذي يسمح بأعلان الكونفدرالية ، لقد تناول اوجلان المحورين الاساسيين في القضية وهما الديمقراطية والدولة ولقد اشبع هذين المفهومين تحليلا وتقصيا واستنتاجا ، فوجد ان المساحتين تاتي كل واحدة منهما على حساب الاخرى ، فكلما اتسعت مساحة الدولة ضاقت مساحة الديمقراطية وبالعكس ، هذه فرضية تامة التوكيد . ان مشروع الكونفدرالية الديمقراطية يعري الدولة ويكشف حقيقتها الهرمية المركبة ويتجاوز مسالة الحدود السياسية المرسومة ، وهذا بحد ذاته يتجاوز الكثير من المشكلات العالمية والشرق اوسطية سيما في مجال القومية البدائية والتي دفعت شعوب المنطقة لاجلها المزيد من التضحيات والدماء وازهاق الانفس ،ثم الى ذكر الركن الاساس الاخر فيها وهو بناء المؤسسات المجتمعية ابتداء من اللجان الدنيا في المجالس والبلديات في القرى والقصبات والاقضية والمدن صعودا الى المؤتمر الشعبي ، والتي ياتي التمثيل فيها عن طريق الانتخابات العام ولمدة زمنية محدودة (سنة واحدة) ، وبذا ضمنا تمأسس لجان الشعب الديمقراطية التي تاتي الى تفعيل تعاضدها المشاعية كالاديان والعلم والثقافة والفنون والرياضة الخ . التي تاتي الى تفعيل وسائل تعاضدها المشاعية كالاديان والعلم والثقافة والفنون والرياضية ..الخ . ومن خلال جذرية الحلول في الجوانب المختلفة ، استطاع الشعب ان يمارس ديمقراطية الواقعية ، واستطاع ايضا ان يوقف نفوذ السيطرة والتسلط المتمثل بالدولة وهيكليتها . وتستكمل الاطروحة منهجيتها في توضيح جدلية العلاقة بين الفرد والمجتمع والدور والمناط في كل منهما ، اننا في العراق نعاني صعوبة الحل منذ 3 سنوات على التغيير السياسي الخارجي الذي حدث لدينا ، ومازلنا ندفع الثمن باهضا بسبب تسيد الذهنية القديمة والرثة للنسق السياسي البالي القوموي والعصبوي والطائفي والليبرالي ، ان لدنيا افرازات كارزمية استطاعت ان تمسرح المشهد السياسي وفق رؤاها ، وان التعقيد في الحل يكمن في جوهر القراءة والتحليل ، نحن نطرح في وسائلنا المتوفرة حلولا منهجية تتطابق مع الرؤى التي طرحها (اوجلان في مرافعاته وكتاباته ، ان تقدما ملموسا يحصل في الجانب الثقافي والاعلامي ولانقل السياسي ، فان الابتعاد عن الحلول في هذا الجانب سمة افرازية بحتة ، ان مجتمعنا العراقي خارج نطاق العملية السياسية ، ومن الوصول به الى جادة التحليل العلمي بسبب من العزلة الكبيرة التي فرضت عليه من جانب ، وهيمنة الانساق الكلاسيكية من جانب اخر ، لو دققنا بنظرة فاحصة وسريعة على حصيلة ما تحقق للشعب العراقي بثلاث سنوات نجد انه يخسر مقومات حيوية وهامة بشكل يومي ، وبمقاسات الفكر الايكلوجي والديمقراطي. فلقد ادى الامر الى تركيز الفوضى العالمية ونقلها الى العراق في بؤرة مكثفة ادى الى نتائج بنيوية سيئة ادت الى الوقوع في التشويش والبعثرة المجتمعية ، فنجد قد فسدت القيم المعنوية والروابط الاخلاقية بمستويات غير معهودة ، بعد ان ساهم المجتمع نفسه في نهب حضارته وامواله وثرواته وتاريخه ، وفي الثقافة والعلوم نجد تصفية جسدية مؤلمة للكوادر العلمية ، وللصحافيين والاعلاميين وقتل الاطباء ، وارتفاع معدلات الارهاب والعنف مما يرينا مشهدا تتضح فيه معالم فساد الروح وتراجع الضمير سيما في مجال الفساد الاداري ، مما يجعل كل وسائل التعاضد المشاعي تتعرض الى الانهيار ، واستمرار السياسة بانتاج الخداع اليومي على انها منتجة للحلول العاجلة والشاملة ، اننا نقع في ازمات متولدة ومولدة . حيث تخرج الطائفية من عباءة الحلول الدينية والتي خرجت بالدين من كونه نظاماً معرفياً ومنظومة تشريعية واخلاقية تدعو الى خير صلاح المجتمعات ، ليتحول الى نسق ضيق وصلب اي الى طائفة محلية مسلحة ، ان الحلول تكمن بدون شك في تطوير مفهوم الدولة والديمقراطية وقيام فلسفة سياسية تجيد النجاح في الربط بين الاثنين ، تماما كما طرح الامر في المفهوم الايكلوجي الديمقراطي ان بيئتنا في العراق لايمكن ذكرها دون ان يشيع في النفس ذلك الشعور الحزين ، لقد تلوث الماء والهواء والتراب وكافة المكونات واصبحت الامراض السرطانية والولادات المشوهة من الظواهر الاعتيادية والطبيعية في المشهد العراقي ، اننا نجد في الكونفدرالية الديمقراطية حلا امثلا وسريعا لمشاكلنا المستعصية ولابد من النضال في سبيل ذلك ولكافة الاتجاهات .
#كامل_الدلفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكونفدرالية الديمقراطية البديل الحقيقي لستراتيجية الرأسمالي
...
-
الى الراحلين محمد رضا القصاب وعبد الحسين خليفة الموت خارج ال
...
-
ملاحظات واقعية في طريق العقل السياسي العراقي
-
فوتوغراف الموت خارج اللعبة(ح1)
-
الموت خارج اللعبة - الاعدام والاخرون- ح 2
-
الافاقة من تاثيرات الحادي عشر من سبتمبر في قرارات الناخب الا
...
-
حكمة العراق : سيناريو مقابل وإمكان وحيد
-
دور الأعلام في ترسيخ مفهوم المواطنة
-
الرأي العام مستويات راهنة في المشهد العراقي
-
المثقف الحقيقي وبدائله في الشرق الاوسط الكونفدرالية الديمقرا
...
-
مصطفى العقاد بين ابتكار التجلي وسيرورة الخفاء
-
هل يستثمر اليسار العراقي الفرصة السياسية القائمة ؟
-
أيام الدراسة أول نص تاريخي عن التملق : ودرس في الفساد الأدار
...
-
جدلية الترابط بين امركة العراق وعرقنة امريكا
-
الاعلام والدور الوطني في تفعيل مشروع المصالحة
-
ثنائية القاتل-القتيل بين خصائص الدولة والدكتور فائق كولبي
-
الديمقراطية ومزايا العصر الحديث
-
الولادة القيصرية للد يمقراطيةفي العراق و البديل الليبرالي ال
...
-
الثقافة والعنف جدلية الخفاء المتبادل
-
الثقافة وثنائية العرقنة - الفناء
المزيد.....
-
اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأورغواي خلال الجولة الثا
...
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع
...
-
صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
-
بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|