|
مشروع قانون حق الحصول على المعلومة هل يلبي الهدف المنشود من تشريعه.
سربست مصطفى رشيد اميدي
الحوار المتمدن-العدد: 7904 - 2024 / 3 / 2 - 15:15
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
ابتداء ان حق الحصول على المعلومة والاحصائيات الرسمية والقرارات والاوامر الادارية والبيانات المطلوبة تعتبر من ضمن اهم اسس عمل ومتطلبات جهات عديدة، التي تعتبر جزءا لا يتجزء من المجتمع المدني، ومن سمات الدول الحديثة المستندة على القانون وحرية التعبير. وفي مقدمة تلك الجهات هي وسائل الاعلام، والجامعات ومراكز البحوث، والمنظمات الغير الحكومية، والنقابات والمواطن العادي صاحب المصلحة في الحصول على معلومة معينة. وحيث ان الجهات اعلاه تشكل اهم دعائم اية دولة حديثة تعتمد اصول الحكم الرشيد، والتي تعتمد على المشاركة ضمن اهم عناصرها، حيث أن المشاركة في القرار السياسي والاقتصادي للبلد يتطلب توفير المعلومات بشكل عام من قبل وزارات ومؤسسات الدولة، التي يجب ان تتصف اعمالها بالشفافية وبنشر جميع الوثائق والبيانات والاحصائيات المطلوبة التي يفترض ان تكون ضمن الوصف الوظيفي لاية مؤسسة في الدولة، حيث انه بدون الشفافية لا يمكن تحديد المسؤلية على الجهة المقصرة سواء كان عمداً ام لا، ومن ثم القيام بالاجراءات القانونية للمحاسبة. وبدون هذه الدعائم لا يمكن ان تقوم اسس الحكم الرشيد في اية دولة وهي المشاركة والشفافية وتحديد المسؤلية ومن ثم المحاسبة. ويعتبر حق الحصول على المعلومة ضمن اهم حقوق الانسان سواء كان شخصا طبيعيا ام معنويا، والتي نص عليه الاعلان العالمي لحقوق الانسان ضمن سياق المادة 19 منه حول (استقاء الانباء والافكار وتلقيها واذاعتها باية وسيلة كانت دون التقيد بالحدود الجغرافية). وقد نصت على حق الحصول على المعلومة دساتير عدد من الدول الاوروبية بشكل صريح، اما في الدول العربية فان ثقافة حقوق الانسان لا زالت لم تاخذ نطاقها في الفكر السياسي والدستوري بشكل واضح لذلك لا نلاحظ وجود مادة او فقرة ضمن دساتيرها تقرر حق الحصول على المعلومة سواء كان للمؤسسات او للمواطنين. ولكن نظرا لارتباط هذا الحق بشكل وثيق مع حرية التعبير والنشر فان هذا الحق مثبت بصيغة او اخرى في دساتير اغلب الدول العربية، الجزائر، البحرين، لبنان، الاردن، المغرب، جيبوتي، تونس، ليبيا، موريتانيا، السودان، الصومال، سوريا، الكويت، اليمن، قطر، فلسطين، سلطنة عمان، والعراق في الفقرة أولا من المادة 38 التي تنص على (حرية التعبير عن الراي بكل الوسائل) وتنص في الفقرة ثانيا منها على (حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر). لكن لم تشرع الا في عدد قليل من الدول العربية قوانين تنظم الية تنظيم هذا الحق، وهي لاردن والمغرب واليمن فقط، لكن في العراق فان برلمان اقليم كوردستان قد اصدر (قانون حق الحصول على المعلومات في اقليم كوردستان- العراق) رقم 11 لسنة 2013، حيث لا بد من الاشارة الى ان برلمان كوردستان قد شرع عدد من القوانين المهمة التي تتعلق بالحقوق والحريات، خاصة اثناء الدورة الثانية والثالثة له، حيث لم تشرع مثلها من مجلس النواب. لذلك يمكن ان ننظر الى مشروع قانون حق الحصول في العراق كخطوة جيدة بهذا الاتجاه، خاصة بعد أن بدأت اغلب التشريعات في العراق خاصة بعد سنة 2010 تتوجه الى تضييق نطاق الحقوق والحريات العامة والشخصية للمواطن العراقي. لكن لاجل التدقيق في ماهية المشروع وما نعتقد انه لا بد ان يهدف الى تذليل العقبات امام الجهات المشار اليها اعلاه، للحصول على المعلومة بيسر وسهولة من الدوائر الحكومية ومؤسسات الدولة، وحتى القطاع الخاص، لكون مهامها وعملها تعتمد على هذه المعلومات، واعتبارها ضمن مباديء حقوق الانسان المهمة. ولاجل القاء الضوء على مواده نشير الى النقاط التالية: 1 المادة الاولى التي تتعلق بالتعريفات حيث ان الفقرة الرابعة منها تعرف الوثائق السرية، اي ان المشرع يقرر مسبقاً ان بعض الوثائق من القرارات والمخططات والأوامر تعتبر سرية، ولا يجوز الاطلاع عليها لمساسها بامن الدولة او بالاقتصاد الوطني من خلال الاطلاع عليها، ولكن تطبيق ذلك تم رهنها حسب مقتضيات العمل، وبالتالي لم تقرر من هي الجهة التي تقرر اعتبار تلك الوثائق سرية من عدمها؟ وهل توجد لوائح محددة صادرة من الدولة او من السلطة التشريعية في تصنيف الوثائق التي تعتبر سرية من عدمها؟ ام ان ذلك الامر متروك لرئيس الدائرة او المؤسسة وان ذلك سيكون حسب تعليمات ولوائح مهددة او حسب المزاج الشخصي للشخص المسؤول؟ وهل سيكون ذلك من صلاحيات الرئيس الاعلى او الوزير ام من اختصاص المدراء الفرعيين ومسؤولي الدوائر ورؤوساء الاقسام؟ علماً ان قانون حق الحصول على المعلومة في اقليم كردستان رقم ١١ لسنة ٢٠١٣ لا يشير ضمن تعريفاته الى الوثيقة السرية، واعتبار الوثيقة السرية موجودة في جميع الدول، لكن هنالك في بعض الدول تزيح الصفة السرية بشكل رسمي عن هذه الوثائق بعد مرور ٥٠ سنة عليها خاصة تلك التي تتعلق بالسياسة الخارجية وتقارير الدبلوماسيين للدولة المنتشرين في عواصم العالم المختلفة. ٢ بالنسبة لاهداف مشروع القانون الواردة في المادة الثانية منه لما وضحناه في المقدمة من توفر اهم عنصرين في أي حكم، وهما المشاركة والشفافية، بالاضافة الى تعزيز حرية التعبيروالنشر والاعلام وتعزيز حرية التعبير والنشر والاعلام، وهي تقريبا نفس الاهداف في قانون اقليم كردستان في المادة الثانية منه. ٣ خص المشروع المفوضية العليا لحقوق الانسان حاله حال قانون الاقليم في متابعة تنفيذ فقرات هذا المشروع، خاصة فيما يخص استلام الشكاوى ومتابعتها ومعالجتها، وايضا تدريب الموظفين ومنظمات المجتمع المدني حول كيفية الحصول على المعلومات، ولكن المشروع وقانون الاقليم لم يشيرا الى وسائل الاعلام او الجامعات ومراكز البحوث فيما يخص التدريب. ٤ وضع مشروع القانون الية الحصول على المعلومات وفق المادة التاسعة منه، لكن تطبيق ذلك يحتاج الى الوقت من قبل طالب المعلومة دون ان تضع المشروع ضوابط وقواعد للمؤسسة الدولة فيما يتعلق بالشفافية والنشر في المواقع الالكتروني. وبالتالي تبقى تزويد المعلومات حسب مزاج المدير الاداري للدائرة او المؤسسة. ٥حددت المادة الحادية عشر من المشروع بفقراتها الثلاثة عشر المعلومات التي لا يجوز الحصول عليها وهي عديدة، اهمها تلك التي تتعلق بالقوات المسلحة وموضوع الدفاع عن الدولة، والامن الوطني والسياسية الخارجية للدولة، والوثاىق السرية التي لم تفصح المادة ماهيتها، ومداولات مجلس الوزراء، وايضا الخاصة بعمل الوزارات والجهات الغير مرتبطة بوزارة، والتوصيات والإقتراحات التي تقدم لغرض اتخاذ قرار من اي جهة، والمعلومات التي تتعلق بالمفاوضات بين العراق ودولة اخرى، والتحقيقات الادارية والجزائية، والمعلومات التي تؤثر على سير تحقيق او اجراء المحاكمات، وايضا العقود المتعلقة بالمناقصات والمزايدات، والمعلومات التي تمنع الحصول عليها بموجب قوانين اخرى، بالإضافة إلى المعلومات والبيانات الشخصية، وايضا تلك التي تؤثر على الملكية الفكرية. واذا كان من الطبيعي أن تكون المعلومات التي تتعلق بالقوات المسلحة والدفاع والامن تحجب عن الاطلاع عليها ونشرها، وهكذا التي تتعلق بموقف العراق التفاوضي، والحفاظ على الملكية الفكرية، وموضوع حماية المنافسة، وصيانة البيانات الشخصية، لكن بهذا التوسع الذي اخذ بالمشروع فانه تقريبا جميع المعلومات المطلوبة لاي باحث او منظمة او نقابة او جامعة ستكون محجوبة. فمثلا لا يمكن نشر نوع السلاح وتفاصيل حركة القطاعات العسكرية وغيرها، لكن كيف يمكن التطرق الى الفساد في عقود توريد السلاح وتموين الجش بدون الحصول على المعلومة المطلوبة، وبدون المعلومات المطلوبة حول الجهات التي شاركت في قمع انتفاضة تشرين 2019، كيف يمكن الوصول الى مقترفي جرائم القتل والاختطاف والاغتيال ضد المتظاهرين ٢٠١٩ من الشباب العراقي، وتقديمهم لمحاكمات علنية تنقل وقائعها في وسائل الاعلام؟ وهل ان معرفة عدد العقود المبرمة لبناء مدارس على مدار السنوات الماضية بعد 2003 ولم تنفذ، ستجابه بالمنع لانه ضمن البيانات المالية والاقتصادية التي قد تتضرر منها الجهات المتعاقدة والوزارات المتعاقدة معها، والتي يفترض ان تكون جميع العقود الحكومية مشمولة باحكام هذا القانون في حال تشريعه وعدم حصرها بالمناقصات والمزايدات، حيث ان شبهات الفساد تكون اكثر احتمالا في العقود التي تنجم عن الدعوات المباشرة، او الدعوة الوحيدة. ٦ - حددت المادة الثالثه عشر من المشروع المعلومات التي يجب على الجهات المعنية نشرها وهي، الهيكل الاداري والتنظيمي، والنظام الداخلي والوصف الوظيفي، وضوابط العمل وتقديم الخدمات، والقرارات الادارية التي تؤثر في شؤون المواطنين، والتقارير السنوية بالإنجازات، والموازنة السنوية والحسابات الختامية، والارصدة والأملاك المنقولة والاملاك المؤجرة، والمشروعات المستمرة التي في طور الانجاز، واجراءات التوظيف، واليات عمل حفظ الوثائق. لكن السؤال لماذا لايتم نشر تقارير الفشل أيضاً وعدم انجاز المشاريع ومن المسؤول عنها والاجراءات الحكومية في محاسبتهم؟ واستنادا الى ما سبق نعتقد انه يستوجب على مجلس النواب واللجنة المختصة بهذا المشروع ان تطرحه للنقاش ويتم استضافة المختصين من الجامعات العراقية، ومن منظمات المجتمع المدني وديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة قبل عرضه للتصويت بصيغته النهائية في مجلس النواب، ليتم الاطلاع على الافكار والمقترحات المطلوبة من قبلهم لاغناءه استنادا على تلك المقترحات، لانه يتعلق بحق مهم من حقوق الانسان، بالاضافة الى التاكيد في صلب القانون على ضرورة التزام مؤسسات الدولة والقطاع الخاص بمعيار الشفافية في اعمالها، لان وجود عقوبات في المادة 16 من مشروع القانون، وما وردت في الاحكام الموجبة منه، اعتراف ضمني من المشرع العراقي على افتقاد عمل وزارات ومؤسسات الدولة العراقية للعلانية والشفافية.
#سربست_مصطفى_رشيد_اميدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظم الانتخابية والتعددية التمثيلية في المجالس المنتخبة
-
انتخابات مجالس المحافظات 2023، نتائج متوقعة لقانون انتخابي غ
...
-
انتخابات مجالس المحافظات 2023، نتائج متوقعة لقانون انتخابي غ
...
-
دور الأحزاب السياسية العراقية في بناء الدولة بعد 2003. القسم
...
-
دور الأحزاب السياسية العراقية في بناء الدولة بعد 2003. القسم
...
-
الانتخابات التركية، دروس وعبر بعد فوات الأوان.
-
قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية، الى ال
...
-
قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية، الى ال
...
-
قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية، الى ال
...
-
المخاطر الانتخابية التي تواجه انتخابات برلمان كوردستان والحل
...
-
المخاطر الانتخابية التي تواجه انتخابات برلمان كوردستان والحل
...
-
المخاطر الانتخابية التي تواجه انتخابات برلمان كوردستان والحل
...
-
المخاطر الانتخابية التي تواجه انتخابات برلمان كوردستان والحل
...
-
المخاطر الانتخابية التي تواجه انتخابات برلمان كوردستان والحل
...
-
العدالة الانتقالية بين الواقع والمطلوب،القسم الثالث والاخير
-
العالة الانتقالية، بين الواقع والمطلوب.
-
العدالة الانتقالية بين الواقع والمطلوب
-
ملاحظات على مقترح التعديل الثالث لقانون انتخابات مجالس المحا
...
-
نظرة على قانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية رقم ١&
...
-
انتخابات إقلیم کوردستان إلى أین؟
المزيد.....
-
إعلام عراقي: صدور مذكرة اعتقال بحق الجولاني
-
عودة اللاجئين إلى حمص.. أمل جديد بين أنقاض الحرب
-
حملة دهم واعتقالات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية طالت 25
...
-
الخارجية الأميركية تلغي مكافأة بـ10 ملايين دولار لاعتقال الج
...
-
اعتقال خلية متطرفة تكفيرية في قضاء سربل ذهاب غرب ايران
-
تفاصيل اعتقال اثنين من النخبة الإيرانية في الخارج
-
قصة عازفة هارب سورية، رفضت مغادرة بلادها خلال الحرب رغم -الا
...
-
قوات الاحتلال تقتحم قرية برقة بنابلس وتداهم المنازل وتنفذ حم
...
-
ألمانيا: قتيلان على الأقل وعشرات الجرحى في عملية دهس بسوق عي
...
-
الأردن يأسف لقرار السويد وقف تمويل الأونروا ويدعو لإعادة الن
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|