أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - بايدن .. هل كان صهيونياً بحق














المزيد.....

بايدن .. هل كان صهيونياً بحق


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 7902 - 2024 / 2 / 29 - 18:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا بد أن هناك ما يفسر للرئيس الأمريكي بايدن تصريحه السابق قبل أن يصبح رئيساً, والذي أعلن فيه أنه ليس نصيراً لإسرائيل فحسب وإنما هو صهيونياً بخمسة نجوم. التفسير ببساطة متناهية: لأن الرجل كاثوليكي وليس بروتستانتي. ولأنه كذلك فلقد كان من حقه أن يتحدث عن دعمه الأكيد لإسرائيل دعماً مفتوحاً على اساس نظرية الأمن القومي الأمريكي التي تتبنى الأمن الإسرائيلي إلى حد التوئمة بدلاً من دخوله الخانة التي تلزم الشخص أن يكون بروتستانتياً متطرفاً حتى يصير مسيحياً صهيونياً, لأننا في الخانة الأخيرة ننتقل هنا إلى الدين دون أن نغادر السياسة.
بالنسبة لي كان ذلك مضحكاً بعض الشيء. لقد جعلني ذلك أجزم أن التصريح لا يخلو من المجاملة المتطرفة حتى في الحالات القليلة التي يدعي فيها الكاثوليكي إنتماءه للمسيحية الصهيونية ذات الفقه البروتستانتي المتطرف.
لكن معرفة أن المال السياسي وكذلك الإعلام وأغلب السياقات التي تتحكم بوصول السياسي إلى البيت الأبيض أولاً, والكونغرس ثانياً, بمجلسيه السنت والنواب, هو مال تهيمن عليه إلى حد فائق قوى اليهودية الصهيونية, سيجعلك تفهم سريعاً السر الذي يجعل هؤلاء السياسيين (المسيحيين) يتقاتلون من أجل إرضاء الحركة والمؤسسات الصهيونية, وبخاصة من خلال التأكيد على دعمهم إسرائيل بكل الوسائل المتاحة, وتفهم أيضاً لماذا يجب أن يكون الطامع لمنصب سيادي أمريكي, بداية بعضوية الكونغرس ونهاية بالرئيس, منافقاً سياسياً وذلك إن لم يكن بروتستانتياً منتمياً لتيار الصهيونية المسيحية.
لو كان ترامب هو الذي أعلن ذلك, فلن أشكك بمصداقية الرجل, فالصهيونية المسيحية هي بالأساس حركة ذات جذور وفقه ومضمون بروتستانتي متطرف, والرجل بايدن كاثوليكي كما نعرفه. وما جعل بايدن منافقاً من الناحية الدينية أن صهيونته المسيحية تشترط عليه أن يكون بروتستانتياً في المقام الأول لأن الصهيونية المسيحية هي حركة دينية قبل أن تكون سياسية, والسياسي هنا فيها تعبير عن الديني, وليس هناك فرصة مطلقاً لتغيير جوهر المعادلة, كأن يكون الديني تعبيراً عن السياسي, كما ليس شرطاً أن يكون المتعاطف مع إسرائيل والمشروع الصهيوني بروتسانتياً, لأن التعاطف السياسي هنا هو حالة تماهي سياسي وليس حالة إنتماء. فأما التماهي الأمريكي الإسرائيلي فهو كان قد نشأ على مشتركات أمنية وسياسية جعلت المشروع السياسي الأمريكي والإسرائيلي يتوحدان حتى تكاد تحسبهما بالأصل واحداً, و كأنهما صارا كما هي أحجية: هل البيضة من الدجاجة أم الدجاجة من البيضة. وما لدينا هنا المعادلة التي تقول: ليس كل بروتستانتي هو مسيحي صهيوني وإنما هو جناحهم اليميني العنصري المتطرف, أما الكاثوليكي فيمكن أن يكون داعماً للصهيونية دون أن يكون صهيونياً بالفقه والرؤى الدينية.
وليس من باب الغرائب ولا العجائب أن نقول أن إسرائيل هي مشروع المسيحية الصهيونية قبل ان تكون مشروع اليهودية الصهيونية , وأن دولة إسرائيل تبدو في إطارها الثقافي والفقهي ومن ثم السياسي هي في خدمة مشروع المسيحية الصهيونية قبل أن تكون في خدمة مشروع اليهودية الصهيونية, ففي النهاية ومن ناحية دينية خالصة تطمع الصهيونية المسيحية أن يتحول اليهود الصالحين إلى مسيحيين. إن الإتيان على بعض الحقائق التاريخية ربما سيساعدنا على فهم ذلك.
نعلم أن المؤتمر الصهيوني الأول الذي تراسه هرتزل كان قد عقد في بال السويسرية وذلك في عام 1897, لكن في عام 1844 وفد إلى القدس أول قنصل أميركي، (واردر كريستون)، وكان من الأهداف التي رسمها القنصل لنفسه أن "يقوم بعمل الرب، ويساعد على إنشاء وطن قومي لليهود في أرض الميعاد" (رضا هلال: المسيح اليهودي ص 95). وبذل (كريستون) جهداً مضنياً في الاتصال بالقادة الأميركيين وحثهم على العمل من أجل "جعل فلسطين وطنا قوميا لليهود حتى يلتئم شمل الأمة اليهودية، وتمارس شعائرها وتزدهر"
وعلى خطى كريستون جاء الرحالة الإنجيلي الأميركي (ويليام بلاكستون)، الذي نشر كتابا بعنوان "المسيح قادم" عام 1878 بيعت منه ملايين النسخ، وأثر تأثيراً عميقا على البروتستانتية الأميركية. والفكرة الرئيسية للكتاب أن "عودة المسيح" التي ظل المسيحيون ينتظرونها على مر القرون لن تتم إلا بعودة اليهود إلى أرض الميعاد. وفي العام 1891 تقدم بلاكستون بعريضة إلى الرئيس الأميركي يومها (بنيامين هاريسون) مطالبا بتدخل أميركا لإعادة اليهود إلى فلسطين. وجمع على العريضة توقيعات 413 من كبار رجال الدين المسيحي في أميركا، إضافة إلى كبير قضاة المحكمة العليا، ورئيس مجلس النواب، وعدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ، ورؤساء تحرير عدد من الصحف الكبرى.
على الجهة الأخرى علينا أن نتذكر أن عدداً لا باس به من اليهود يؤمنون بأن الفقه اليهودي لا يقر قيام دولة أسرائيل ومثال ذلك اليهود من (الحريديم) الذين يحرمون على أنفسهم الخدمة في الجيش. وثمة حركة يهودية تطلق على نفسها اسم "ناطوري كارتا" أي حراس المدينة تحارب الفكر الصهيوني ولا تؤمن بدولة إسرائيل.
إن اليهود الصهاينة الذي عقدوا مؤتمرهم الأول عام 1897 في (بال السويسرية) لم يعقدوه إلا بعد أن أدركوا أن الظرف السياسي الأمريكي والأوروبي, على إختلاف الذرائع, قد بات يعمل لصالحهم. وأقول مختلف الذرائع بغية التمييز بين الدوافع الأمريكية من جهة والأوروبية على الجهة الأخرى, إذ حيث ينسب للمال السياسي والإعلام الصهيوني والتعاطف البروتستانتي صلته بخلق التعاطف الأمريكي فإن أوروبا كانت طامعة أيضاً في التخلص من اليهود الذين كانوا قد أصبحوا مشكلة حقيقية لمجتمعاتها.
ونلاحظ هنا أن الدول ذات الإغلبية الكاثوليكية ميالة لإتخاذ مواقف لصالح الفلسطينيين ومثال ذلك إسبانيا وإيرلندة, أما البرازيل ذات الأغلبية الكاثوليكية العالمية فمواقفها واضحة. ولا نعني أن هذه الدول محكومة بمواقف ذات صبغة دينية كاثوليكية, إلا أن المعني هنا أن ثقافتها الدينية العامة الداعمة لثقافتها السياسية هي بكل تاكيد معاكسة إن لم تكن متناقضة مع ثقافة المسيحية الصهيونية ممثلة بالجناح البروتستانتي اليميني المتطرف.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المهدي المنتظر
- الدين السياسي ليس ديناً وليس دولة
- القضية الفلسطينية وصدام الأديان
- فلسطين ومفهوم القضية المركزية
- عن روما القديمة وعن ترامب الآتي وعن مجلس الإنقاذ
- انتحاري على طريقته الخاصة
- القائم من ميتته كي يورثنا الفرحة
- كاريزما الزعيم
- في البحث عن الإجابة الصعبة : مَن في خدمة مَن ؟
- الكيان الشيعي الموازي .. رسالة ورد
- محاولة إغتيال طارق عزيز .. مسؤولية من كانت ؟
- محاولة اغتيال طارق هل كانت من تدبير صدام حسين (2)*
- محاولة إغتيال طارق هل كانت من تدبير صدام حسين ؟*
- استهداف مسيرة التشييع 4
- محاولة إغتيال طارق عزيز*
- في ضيافة المدافع .. مذكرات الأيام الساخننة (2) يوم المستنص ...
- في ضيافة المدافع .. تلك الايام الساخنة (1)
- الكيان الشيعي العراقي الموازي من دولة السلطان إلى دولة الولي ...
- سقوط النظام الملكي العراقي .. قراءات خاطئة (2)
- الرابع عشر من تموز .. قراءات خاطئة


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - بايدن .. هل كان صهيونياً بحق