أحمد إدريس
الحوار المتمدن-العدد: 7893 - 2024 / 2 / 20 - 20:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
« إلهي، يا مَن لا تنقطع رحمتُه عمَّن غلبَتْ عليه غفلتُه و مَلكَتْه شهواته، أيقِظ قلوبَنا من غفلتها، و حرِّر عقولَنا من أسرها، و زكِّ نفوسنا أنت خير مَن زكَّاها. » (الشيخ زبير إدريس، في إحدى منشوراته)
"حرِّر عقولنا من أسرها" : أهِيَ رغبة حقيقية عميقة ؟ لأن المُؤكَّد أن تحرير العقل من أسره و أغلاله لن يتنزَّل علينا كالمطر من السماء، فهو يَتطلَّب مُمارسة عميقة و شاملة و مُضْنِية لما يُعرف تحت مُسمَّى جهاد النفس. و الدين الإلهي في جَوْهَره جاء لِيَفُك الأغلال عن العقول، حتى يُصبح الناس فِعلاً أحراراً و لِكَي لا يضحك عليهم الأفَّاكون، و ما أتى أبداً لِيُعلن الحرب أو يحكم بالإعدام على العقول.
نصيحة ثمينة في هذا المِضمار : « لا تستعجل الحُكم على ما لم تعرف كُنهه و حقيقته، فليس كل غريب على عقلك خاطئاً. فالدواء المُر غريب على لسانك، لكنَّ جسدك لا يصح إلاَّ به. » (نور الدين أبو لحية)
لَوْ لم يتخلل المسيرة الطويلة للإنسانية أفرادٌ قلائل يعملون بهذه النصيحة و لا يكتفون بتقليد الأسلاف، بل لديهم الشجاعةُ للخروج على المعروف المألوف المُتوارَث فيجتهدون لإبتكار أشياء جديدة و يظهر إبداعُهم في شتَّى مجالات الحياة و هم بالطبع بشر يُخطئون و يصيبون و نجِدُهم في الغالب أبعدَ الخَلق عن ادِّعاء امتلاك الحقيقة المُطلَقة و احتكارها أو الإعتقادِ بذلك، لَوْلا هؤلاء ما كُنا لِنَنعم اليوم بالهاتف و السَّيارة و الإنترنت و لَوجدنا معظم مشايخنا يُؤيِّدون وأد البنات !
أختم بسؤال أطرحه على الجميع بدءاً بنفسي : لو بعقليتنا و أسلوب تفكيرنا عاصَرْنا البِعثة المحمدية، هل كنا سنستطيع كسر أغلال المألوف و اتباعَ محمد ؟ أم أن الكثيرين بل الأعم الأغلب كانوا سيقولون للنبي : « بل نَتَّبِعُ ما وجدنا عَلَيْهِ آباءنا » (قرآن). و هم الذين يُرددون اليوم "الحمد لله على نِعمة الإسلام" دون كلل و بِعُجب مُضحك. هذه العبارة التي أصبحت مثار تندُّر و سُخرية على بعض الصفحات الإلكترونية. بل إن هناك مَن استوحى منها عبارة حمد طريفة، صادفتُها مرات على مواقع التواصل الإجتماعي : « الحمد لله على نِعمة الإنترنت فقد أنار العقول و أخرجها من شقاوة الجهل إلى نعيم المعرفة. »
اللهم اهدنا سُبل الرشاد.
ملاحظة : لعل صاحب الدعاء قصد (بـ"حرِّر عقولَنا من أسرها") شيئاً آخَر لم أُوفَّق لإدراكه…
#أحمد_إدريس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟