أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد الخمسي - حول الحالة الثقافية التعددية المتشظية الجريحة















المزيد.....

حول الحالة الثقافية التعددية المتشظية الجريحة


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 1749 - 2006 / 11 / 29 - 10:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تؤشر الأصداء التي شاعت يوم الفلسفة وتكريم محمد عابد الجابري، عن اكتئاب في وجدان المجتمع الثقافي بالمغرب.
وقد يتجاور الشعور العام بالاكتئاب مع حالة ثقافية أفضل منه...بمعنى، قد يأتي طبيب مختص في معاينة الحالة الثقافية للمجتمع فيلاحظ كل علامات الصحة الثقافية...سواء من حيث عدد الأنشطة والأجهزة المتحركة في النسيج الاجتماعي على امتداده الجغرافي وتراتبيته الديمغرافية...في حين تبدو سحنة الوجه الثقافي ميالة نحو الشحوب....؟؟؟؟

هنا، ينتبه المعني بصحة الكائن الثقافي المغربي إلى هذا التناقض الحاد بين مؤشرات العافية وملامح الوهن....

لكن،مع اعتبار نسبة الأمية في المجتمع كقاعدة عريضة تتمترس لتحول دون تعميم المعيش الثقافي إن صح التعبير، ومع محدودية تقاليد البحث العلمي الأكاديمي كسقف متواضع يترك هامة الفكر والاعتبار العقلاني منحنية،....قد يجد التفسير الكمي للوهن المرافق لحالة الصحة الثقافية..إذ يمكن تفهم العبء الديمغرافي الذي يجثم فوق رقبة المارد الثقافي المغربي....من حيث سلاسل الأمية المكبلة ومثبطات الجهل بمجريات العلم في مسارات الكون والبيئة والهندسة الوراثية...ثم ما يلبث المارد الثقافي يسلك جموع الشعوذة والذهنية الخرافية، حتى تواجهه سريالية الأوضاع الخارجية وكأنها خيوط كهربائية وجد نفسه مجبرا على وضعها فوق نقط تماسه مع العالم بناء على ضرورة الالتحاق بالكيان المعولم...عبر الهاتف النقال والفضائيات والانترنت....فإذا به يصاب بصداع في الرأس من كثرة الذبذبات الموصلة للمعلومات.....بشحنات مرتفعة الصبيب، صادمة ضاغطة...تستعصي عن التدبير الحسن...

ولنا أن نتخيل حيرة وعجز الجسم الرياضي العملاق للمارد الثقافي عن شق طريقه وسط غابة الأوضاع العامة، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدولية والإعلامية، فكأنه بصدد فك قدميه من ملاط لزج ساخن يمنعه من الانطلاق في مباراته الثقافية....

وإذا استفدنا من الأشرطة السينمائية المعتمدة على الخيال العلمي في توليف الرواية والقصص...فلنتخيل المارد الثقافي، وقد وصل محل الاحتفاء بالفلسفة وبمحمد عابد الجابري وبحنة أرندت، تحت سقف اليونسكو، ....

السامية بين وصل الرحم والفصل بالعملية القيصرية

لست أدري ما إذا كانت القراءة المتأنية للآيات الكريمة في مرحلة اليفاعة هي التي وشمت الفكر بوشم الوعي الشامل لأهل الكتاب في الديانات الثلاث، بدل القفز داخل القفص المذهبي الفرعي طوعا وكسلا..أم كانت المعايشة في مدينة التدين والورع في المعيش اليومي جنبا إلى جنب بين المسلمين واليهود، في الملاح وخارج الملاح، هي التي رسخت في الذاكرة حضور هذه الأقلية المبدعة في النسيج الحرفي الاقتصادي، بقدر ما رسخت التعايش في اللاوعي بالتساكن مع العنصرية والفئوية الضيقة ليس فقط على أساس الاختلاف في الانتساب للدين بل ربما أكثر منه على الاختلاف في الانتساب للحومة..
وهو ما زال يتناسل في حالات "حديثة" مثل مباريات الدربي...

كنا نسمع مختارات من الآي المقدس ما يجمع الناس ويوحد وجدانهم. وكانت فلانة اليهودية المسنة قد تكفلت بالاحتضان الحنون لبنتها الصغيرة المسلمة، التي تعودت على عطف تلك العجوز التي لم تغادر الحومة، والحال أن الأسرة المسلمة اضطرت للانتقال خارج المدينة بسبب انتساب الأب للوظيفة العمومية في الشهور الأواسط للسنة الدراسية...فتمكنت البنت من استكمال سنتها الدراسية دون انزعاج...ولم يعكر الانتقال المفاجئ استقرار البنت....الشئ الجميل هو أن الجميع لم يحتج فتوى ولا سيف دمقليس من جهة خارجية...فالآباء لم يخافوا على إسلام بنتهم.. والعجوز اليهودية أحبت جيرانها وهم مسلمون على السليقة بلا زوائد ذهنية ايديولوجية...لم يستوردوا زادا معنويا من بنية خارج سوسيولوجيا الجوار الجميل...لأن وجدان الجميع كان يحمل سمات الرشد واكتمال النضج في ذاته والمناعة المرحة الأصلية بلا مضادات حيوية....ولربما الوعي الديني المحلي لم يكن مصابا بالتورم الايديولوجي بل كان مطابقا للهوية وفقط...بلا أدوار أخرى...


ولنتذكر أن القضية الفلسطينية وقد انتسبنا لها جميعا، حثت الناس على التزود بحصة إضافية من العقلانية ومن تعميم وتعميق منهجية التفكير الإنساني...فكان أول ما تسلح به المعنيون بالقضية الفلسطينية أن يميزوا بين المسألة اليهودية كمعضلة تاريخية رافقت محاكم التفتيش والإصلاح الديني في النهضة الأوربية، بل أصبحت موضوع مزايدات بين المذاهب المسيحية في أوربا بعد الإصلاح الديني في القرن 16، ....في حين كان لنا ما يمكننا أن نطبق بصدده الديالكتيك الإسلامي "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم"...فالتحليل التقليدي المنبني على أساس العلاقة الدموية العرقية، تركت اليهود في الوعي الشعبي المتوارث بين المغاربة أننا نشترك مع بعضنا البعض...في الجد المشترك ابراهيم عليه السلام...كما كانت الخصومة تحت سقف نفس العائلة بين سارة وهاجر غير معروفة.....أما ما كان يميل إلى اعتباره المحللون فهو الجذر المشترك الأعلى حيث سام بن نوح عليهما السلام...

كيف قوبل التكريم المشترك (الجابري وحنه أرانت) الذي انتبهت إليه اليونسكو؟ هناك من لم ير في التكريم سوى نية مبيتة لاستراتيجية الترويض الثقافي الهادئ على التطبيع من الآن، استفادة من المناعة الثقافية الملحوظة في التجربة المصرية....وهناك من "حيـــــح" مباشرة دون عناء تفكير ما دام الأمر متعلقا بمثقفة أمريكية ألمانية من أصل يهودي من حيث التدين العائلي...والحال أن الجهل السفلي المتطاير بشظاياه في" أفئدة" و"عقول"، المثقفين "الحراكة" نحو عالم المثل في بلاد السند والهند حيث جذور مصباح علاء الدين وكل الحكايات الجميلة المنعشة للمفصل الرابط بين الروح والجسد في التجارب الشرقية في كل من فارس و خراسان والسند والهند والمغول...علما أن صومعتنا المربعة لا تمت بصلة لصومعتهم المستديرة....

وعلى مقربة من هذه "الأصالة" الفكرية " الحذرة" اليقظة، جاء الفكر الغربي المتشظي أيضا ليعيد إنتاج التشويه في مفهوم السامية عبر التعريف الشقي بالنفي "معاداة السامية" التي تعتني بالواحد وترمي الثاني في سلة النسيان التاريخي...ولا يفصل بينهما فوق فلسطين سوى ما عرف بالخط الأخضر...وأحيانا فوقها يعيشان على نفس الضفة من الخط الأخضر...في فلسطين المتشظية في الشرق، كما الوعي بالسامية....في الغرب


إن أحد التعاريف يصف الفلسفة كونها طبيب الحضارة...وعندما يصيب الروماتيزم مفاصل جسد الإنسانية في الكرة الأرضية، نتألم أن نجد الوصفة هكذا موقعة من طرف عالم أمريكي، من جامعة هارفاد المصنفة الأولى في العالم كله، أراد أن يزود الوعي الأمريكي بمنشطات للتركيز واليقظة بديلا للمهدئ المنوم الذي زرعه فوكوياما في الشرايين الأمريكية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي (نهاية التاريخ والانسان الخير يونيه 1989)...فإذا بالسموأل هينتغتون يتسبب في بروز مضاعفات مضادة جانبية، أفرزت الكريات البيضاء في غدة البيت الأبيض بما يزيد عن حاجة الجسد الأمريكي...مما أفرز حساسية المحافظين الجدد...دفعت الولايات المتحدة إلى البحث عن عدو بديل (صدام الحضارات 1993)....

تبيئة التعدد المتشظي

منذ الأزل، وإلى الأبد سيبقى تزحزح القارات الثقافية متسببا في احتكاكات وزلازل وبراكين...غير أن البحث العلمي الأكاديمي من عيار ما ينتجه الغرب من روائع، من المفترض أن يوفر للبشرية آفاق للتعايش بين القارات الثقافية، بدل إذكاء نفسية بل ذهنية الحرب، والتي لا تعدو أن تكون استمرارا حضاريا للبدائية بين بني البشر...

لقد وقع المغرب في منتصف القرن التاسع عشر ما سهل على رجب أردوغان مهمة تجاوز خارطة الطريق المتروكة من طرف قديسي الحروب الصليبية...مقابل إدماج بلد الخلافة في قارة الحروب والخلافات من زاوية وحدوية أخرى...و ديلكتيك التاريخ نفسه جعل ملحمة أنوال في المغرب (يوليوز 1921) تهيئ الأرضية المعنوية للجيش التركي لينتصر على جارته اللذوذ اليونان بعد عام وشهر (غشت 1922)...

ومنذ القديس أوغستين، والكاهنة العظيمة، لم يتمكن المارد الثقافي المغاربي من صياغة ثقافية على الطراز الوحدوي الأوربي أو الهندي لمسألة الهوية، لذلك، لم يكن من قدر محمد عابد الجابري، وقد بقي أمازيغي الكينونة الخام عشر سنين من عمره ( بعدما صحح لي المعلومة السابقة الأستاذ سالم يافوت في برنامج حجر في ماء/ إذاعة طنجة)، سوى مواجهة الألم الذي يواكب استمرار الإبهام في مسألة الهوية المغاربية....فمن هناك السادية ومن هنا المازوشية المؤلمة.......



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معضلتنا في السياسة الأمنية؟ حالة المغرب
- الإصلاح الدستوري في المغرب: هل يمكن تلقيح الفصل التاسع عشر ب ...
- متفجرات الحقيبة السياسية
- تكريم العقل .....تخصيب لرحم الحرية
- قاتل أعداءك بسلاح الحب
- عقوبة الإعدام بين الترتيب الدولي للمغرب ورسالة فيكتور هيغو ح ...
- من أجل أفق آخر للعلاقات المغربية الجزائرية
- ضعف القدرة التوقعية لدى القيادات الحزبية
- سلوك النخب السياسية موقع اللقاءات الموازية في صناعة الاختيار ...
- بين روحانية رمضان وجمالية الجسد
- خلق الحدث السياسي
- مقاربة الإصلاح في أميركا اللاتينية
- الوجه السلبي من البونابرتية في السياسة الخارجية الجزائرية
- المغرب:الانتقال من من بناء -القوة- إلى بناء الثقة
- تحت سقف الاستراتيجية الديمقراطية أي دور لحزب العدالة والتنمي ...
- فوق نفس الرقعة: ربح العرب الضامة وربحت أمريكا الشطرنج
- 2006-1996 عشر سنوات بعد الاصلاح الدستوري في المغرب أي أفق
- منبعنا مشترك سواء في لبنان أو روما
- الانتقال من الوطنية الى المواطنة
- ثلاثة ملايين مهاجر مغربي كتلة لإنتاج قيم الديمقراطية والتقدم


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد الخمسي - حول الحالة الثقافية التعددية المتشظية الجريحة