أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حاتم بن رجيبة - كيف تتخلص الدول من ديونها ؟؟















المزيد.....

كيف تتخلص الدول من ديونها ؟؟


حاتم بن رجيبة

الحوار المتمدن-العدد: 7886 - 2024 / 2 / 13 - 18:48
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


قلة من البلدان في العالم من تحقق فائضا في ميزانيتها. فمعضمها تنفق أكثر بكثير مما تدخل.

الفرق هائل: ليس مئات الآلاف من الدولارات أو الملايين بل المليارات أو الترليونات !!! وهذا ليس حال دول العالم الثالث فقط بل سمة جل الدول المصنعة والثرية(اليابان و الولايات المتحدة الأمريكية أبطال العالم في حجم التداين!!)، فمن البلدان المصنعة السويد و النرويج و إسرائيل فقط من تحقق فائضا . هذا العجز ليس لسنة أو بعض السنوات بل مزمن يستمر عشرات السنين وحتى قرونا !! ورغم ذلك فإن قلة منها تعلن إفلاسها. وحتى عند الإفلاس لا تنهار وتختفي بل تتعافى و تعلن إفلاسها بدل المرة مرات .

كيف تستطيع جل دول العالم أن تستمر في الوجود رغم مراكمتها للديون عشرات السنين لتبلغ قيمتها أرقاما مفزعة وخيالية: ترليونات ! فتستحوذ خدمة الدين لوحدها على جل الميزانية؟؟؟ كيف لا تنهار؟ بل بعضها تزداد رخاء وازدهارا وقوة و ثراء: مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والصين ؟؟؟ أمر عجيب ومحير؟؟؟

الواضح أن جل الدول تلجأ إلى التحيل و المغالطة والسرقة للتخلص من جل الديون كما يفعل المجرمون و الصعاليك و حثالة القوم . فمن المستحيل أن تستطيع جل هذه الدول المستدانة أن لا تنهار أمام هذا الوزر الجبار من الديون دون أن تلجأ إلى حيل شيطانية أو طرق تعسفية أو مافيوزية للخروج من الأزمة.

فما هي هذه الحيل والأساليب المريبة ؟؟؟؟

-الحيلة الأولى هو أن تقرض الدولة نفسها بنفسها!!

فعلى عكس الأشخاص بإمكان الدولة أن تصك النقود، أن تخلقها، أن تقول لها كن فتكون، هكذا من لا شيء ،فعلى عكس العملة قديما عندما كانت تصك من الذهب والفضة و المعادن الثمينة أصبح المال من الورق الزهيد والتافه الثمن : صكه سحر و شعوذة!

فإما أن تأمر البنك المركزي أن يطبع مليارات من المال ويسلمها إياها أو أن تقترض منه دون فائض كما فعلت الدولة التونسية مؤخرا.

قيمة التحيل!! أنا بحاجة إلى 20 مليار للإيفاء بأجور الموظفين أو تسديد الديون الداخلية أو تسديد منح المتقاعدين والفقراء أو تمويل حرب خضتها أو أخوضها، ليس علي إلا أن أطبعها!! مباشرة بأن آمر المطابع أو البنك المركزي أو غير مباشرة بأن أسن قانونا يخول لي أن اقترض من البنك المركزي أو أجبره أن يسدد قرضا رقاعيا أقترضه من المواطنين و المؤسسات الوطنية.


- حل ثان هو التحيل عن طريق توظيف التضخم المالي . فلو اقترضت الدولة من مواطنيها مبلغا بقيمة 10 مليار دولار مثلا ، فهي تعلم أن هذا المبلغ سيصبح بعد عشر سنوات بقيمة مليار دولار فقط أو حتى أدنى من ذلك متى بقيت نسبة التضخم مرتفعة أعلى من 10 % مثلا . فتكون ربحت 9 مليارات على أقل تقدير ، طبعا على حساب مواطنيها !! أي أنها سرقتهم أموالهم وضحكت على ذقونهم. فالمواطن يطمع في نسبة فائدة محترمة تتعدى بكثير ما يحصل عليه من البنوك العمومية ك 3 % أو أكثر(ذلك أن نسبة فائدة البنوك لا تتعدى ال 1% ) لكن يتناسى أن ما سيسترجعه من الدولة بعد عشر سنوات ستكون قيمته أقل بكثير مما كان عليه!! فلو أقرضها 20 ألف دينار مثلا فسيستعيد بعد عشر سنوات بعد احتساب نسب التضخم 10 آلاف دينار فقط أو أقل.


-حل ثالث هو الإقتراض بشكل مهول و النسف المتعمد لقيمة العملة المحلية بإحداث نسب تضخم خيالية مثل 300 % أو 1000 % وأكثر ثم سن إصلاح مالي راديكالي وصك عملة جديدة كأن يكون الدينار الجديد بقيمة مليون دينار قديم مثلا . وهكذا تتخلص الدولة من ديونها الثقيلة : مئات المليارات ببعض مئات الدنانير من العملة الجديدة!!! الضحية كالعادة هم المدخرون: الشعب!! ولكن هذه المرة لن يستعيدوا أي مليم، سيخسرون كل مدخراتهم!!


- حيلة رابعة: الحاكم الجديد: إثر انتخابات ديمقراطية أو إثر انقلاب عسكري ألخ لا يعترف بالديون التي راكمها من سبقه في الحكم! هكذا يزيل جبلا من الديون والتعهدات بجرة قلم، في ثوان معدودات!!! وهذا ليس تجاه شعبه العاجز فقط بل أيضا تجاه دول أخرى وحتى تجاه قوى عالمية مرعبة لعلمه أن شن حرب عليه ليس بالأمر الهين لتكلفة الحروب الهائلة!! الحاكم الجديد سيجد طبعا مبررا لذلك: مثلا أن قروض سالفه كانت لتسديد نفقاته ونزواته الخاصة وليس لأجل الشعب والدولة!


- حيلة أخرى هي أن تعلن الدولة إفلاسها!! وهكذا تجبر مقرضيها عن التخلي التلقائي عن ديونها!! إما كلها أو عن معضمها!!!هكذا بعد أن عاثت فسادا وبعثرت المليارات في حروب ظالمة أو أودعها ساستها في بنوك أجنبية وحرموا شعوبهم من الإنتفاع بها تتنكر للمدينين بكل صلافة ووقاحة.


-أو أن الدولة تلمح فقط إلى أنها مهددة بالإفلاس ، على حافته. المقرضون(بنوك خاصة و شركات تأمين عالمية ألخ ) سيهرولون إلى دولهم لتتدخل و تسدد ديونهم بدل الدولة الأصلية حتى لا يقع انهيار مالي لديها(مثلما حصل في اليونان مؤخرا )!! الدولة المدينة الأولى تصدر ديونها بكل سهولة إلى الدول الأجنبية التي جازفت مؤسساتها المالية من بنوك وشركات تأمين واستثمار ومواطنين أثرياء ألخ بإقراضها.


لكن لماذا تتصرف الدول هكذا؟ لماذا تلتجئ إلى التحيل والمغالطة والسرقة واللصوصية؟ لماذا تقترض أصلا إن كانت تعي أنها لن تستطيع خلاص ديونها؟؟

خاصة الدول الديمقراطية والمتطورة مثل اليابان وأمريكا وفرنسا وألمانيا ألخ؟؟

ألأن الإقتراض أسهل الحلول أم لأنه أنجعها أو لأنه أقل أضرارا ؟؟

و ما هي البدائل؟


البديل الأول هو أن تتقشف الدولة على المدى المتوسط والبعيد على الأقل:أن تنفق وتسثمر أقل. أن تتقشف في التوظيف و الأجور والبنية التحتية والصحة والدفاع و مساعدة ذوي الإحتياجات كالمرضى والمعاقين والفقراء ألخ وهذا ما جربته العديد من الدول فكانت النتيجة كارثية بأن ازداد الفقر والبؤس بارتفاع مهول لنسبة البطالة وإفلاس المؤسسات و انهيار الإقتصاد وضعف الدولة مما هدد أمنها واستقرارها، كما فاقم عجز ميزانيتها لنقص المداخيل. فمن سيدفع الجباية؟؟ المؤسسات المفلسة والعاطلون عن العمل؟؟؟


البديل الثاني هو رفع الجباية إما على كافة الشعب أو على الأثرياء فقط. في كلتا الحالتين ستخسر . في الحالة الأولى سيثور سواد الشعب وستكون الكارثة والمجازفة الكبرى، لأن الثورات تكون عنيفة وخاصة إن كانت ثورة جياع دون تأطير. فإما مجازر و فوضى مطلقة، أو حكومات جديدة راديكالية خطيرة: مثل الفاشية و النازية و الشيوعية و الدينية .

أما إذا ارتفعت الجباية على الأثرياء فإن احتمال فرارهم إلى بلدان أخرى ضعيفة الجباية كبير كما أن ردة فعلهم ستكون مؤثرة لأنهم يستطيعون بثروتهم شراء الذمم أو التأثير على الرأي العام ومغالطته فيحثون على الإنقلابات العسكرية أو انتخاب حكومات موالية لأنهم يمتلكون الصحافة والدعاية في الدول الديمقراطية كما يمولون الحملات الإنتخابية.


البديل الثالث هو أن تخلق الدولة الثروة. أي أنها تدير مؤسسات مربحة كأن تصبح مالكة للمصانع والنزل وكل ما يمكن أن يدر المال في كل المجالات صحة و تعليم و خدمات و فلاحة و تصنيع . فعلاوة على الأرباح المباشرة من مؤساتتها تربح الجباية الموظفة على الأجور.

ولكن هل يمكن للدولة أن تدير هذا الكم الهائل من المؤسسات وأن تكون مربحة ؟؟ فكيف ستراقبها؟؟؟ كلنا يعلم أن جل المؤسسات العمومية خاسرة ومنتوجاتها رديئة وخدماتها سيئة.


البديل الرابع هو الاحتذاء بالدول المزدهرة الغربية التي استطاعت أن تكون مداخيلها أعلى من نفقاتها دون أن تنفجر البطالة والفقر والبؤس مثل النرويج والسويد وإسرائيل.

هذه الدول حثت المواطنين والمستثمرين الأجانب على خلق الثروة والإستثمار و بالدعم السخي جدا للتعليم الجيد والعلوم التجريبية والتقنية والبحث العلمي وتطوير البنية التحتية والتشريعات لمقاومة البيرقراطية وحث الإبتكار والمجازفة . فعوض أن يطمع المدخرون في نسبة فوائد البنوك المضحكة ويقعون في فخها وفخ الدولة فيسرقون مالهم ببيعهم الوهم، يستثمرون أموالهم لبعث مؤسسات يديرونها بأنفسهم أو يقرضون أدمغة ذكية ومجازفة ومبتكرة.
هذه الدول راكمت مداخيلها عن طريق ارتفاع واردات الجباية للكم الهائل من المؤسسات الخاصة الرابحة والنسبة الهزيلة من البطالة والقدرة الإستهلاكية الهائلة لمواطنيها وقدرتهم الشرائية المرتفعة.



#حاتم_بن_رجيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ستنجو تونس من الإفلاس ؟
- ،،مجزرة بن طلحة،، قصة قصيرة
- ،، العشرية السوداء،، أو متى خرج العفريت من قمقمه!! حاتم بن ر ...
- ،، زوجتك نفسي،، قصة قصيرة من قصص العشرية السوداء
- ،،أم تركتنا إلى عالم الشيطان!،، قصة قصيرة
- لن نهزم إسرائيل و لم نكن لنهزمها أبدا !!!!
- هل الصهاينة وحوش أم الفلسطينيون خرفان و فريسة سهلة؟؟؟
- الإحتفال ال 75 بإبادة 400 قرية فلسطينية!!!
- راشد الغنوشي: عدو الدولة التونسية رقم واحد!
- فهم معجزة إسرائيل الإقتصادية
- قيس سعيد:زاهد و مصلح أم دكتاتور رهيب؟؟؟
- تونس على حافة الإفلاس: الأسباب!!!
- تونس ومصر : حرب غربية ضروس ضد سعيد والسيسي !!!
- تونس: أزمة اقتصادية مريبة!!
- الشرق الأوسط: مستقبل مظلم ومرعب!!
- صفعة مدوية لقيس سعيد بانتخابات تشريعية فاشلة!!!
- كيف تصبح دولة ما،،مصنعة،،!!
- أفيقوا يا أمازيغ و انتفضوا!
- السياسات النقدية بين الحقيقة والوهم
- كيف نحارب الرأسمالية المتوحشة


المزيد.....




- زيادة جديدة.. سعر الذهب منتصف تعاملات اليوم الخميس
- -الدوما- يقر ميزانية روسيا للعام 2025 .. تعرف على حجمها وتوج ...
- إسرائيل تعلن عن زيادة غير مسبوقة في تصدير الغاز إلى مصر
- عقارات بعشرات ملايين الدولارات يمتلكها نيمار لاعب الهلال الس ...
- الذهب يواصل الصعود على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.. والدول ...
- نيويورك تايمز: ثمة شخص واحد يحتاجه ترامب في إدارته
- بعد فوز ترامب.. الاهتمام بـ-التأشيرات الذهبية- بين المواطنين ...
- الأخضر اتجنن.. سعر الدولار اليوم الخميس 11-11-2024 في البنوك ...
- عملة -البيتكوين- تبلغ ذروة جديدة
- الذهب يواصل رحلة الصعود وسط التوترات الجيوسياسية


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - حاتم بن رجيبة - كيف تتخلص الدول من ديونها ؟؟