أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - إلى متى السكوت على هذا الإختراق الثقافي؟!














المزيد.....


إلى متى السكوت على هذا الإختراق الثقافي؟!


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7885 - 2024 / 2 / 12 - 15:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إلى متى السكوت
على هذا الإختراق الثقافي؟!

تُخبرنا التوراة في مقطع تختتم به أسطورة الطوفان المعروفة، أن "نوحًا التوراتي"
هبط من سفينته ومعه أولاده الثلاثة، سام وحام ويافث. وابتدأ نوح، على عهدة التوراة،
"يكون فلاحًا، وغرس كرمة وشرب من الخمر فَسكر وتعرَّى داخل خبائه، فأبصر
حام أبو كنعان عورة أبيه وأخبر أخويه خارجًا. فأخذ سام ويافث الرداء، ووضعاه
على أكتافهما ومشيا إلى الوراء، وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء، فلم
يُبصرا عورة أبيهما، فلما استيقظ نوح من خمره علم بما فعله ابنه الصغير، فقال
ملعون كنعان، عبد العبيد يكون لاخوته، وقال: مبارك الرب إله سام، وليكن
كنعان عبدًا لهم"(التكوين 9 :20-26).
هذه الحادثة بالتفاصيل التي أوردناها، تلتقي مع سياسات الكيان الصهيوني اللقيط،
وبشكل خاص لجهة العنصرية، أولًا، واختراع التُّهم وتوجيهها بلا مبرر منطقي، ثانيًا، فقط
من منطلق ثالوث الاستعلاء والابتزاز والعدوانية. اللعنة حطَّت على المسكين كنعان ابن حام، من دون ذنب قارفه
أو فعل مشين ارتكبه. ب"قرار سماوي"، يتقرر مصير كنعان بأن يكون عبدًا لذرية سام،
أي العبريين، مع أنه لم يرَ عورة جده، ولم تذكر التوراة أنه شاهد سكره وأبصر تعريه.
لكن المصيبة ليست هنا فحسب، بل بتسرب هذه الرواية التوراتية واستقرارها في تراثنا بثقة، منذ
مئات السنين، ولم يجرؤ أحد من مفكرينا السابقين واللاحقين وكذلك المعاصرين
على أن يفتح فاه بكلمة بخصوص هذا الاختراق الثقافي الرهيب. هنا نستحضر
القولة التاريخية الشهيرة لابن خلدون:"لا يأتيهم -يقصد العرب- المُلك إلا بصبغة دينية"، بمعنى أن
العرب يدينون لأي سلطة تصطبغ بالدين، ويتطامنون لأي رياسة تختلط بالشريعة، وتتوفر فيهم قابلية
الخضوع للأحكام المقدسة حتى لو كانت "اسرائيليات" مصدرها التوراة. وتتكرس إشكالية النقل عن الإسرائيليات
بأحاديث نجد مثالها الأبرز في صحيح البخاري:"بلغوا عني ولو بآية، وحدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج".
إذا بحثنا في كتبنا التراثية، فلن نجد واحدًا منها يخلو من أصداء القصة التوراتية الملغومة المومأ إليها فوق،
مع مجاملات وحتى ملاطفات لبني اسرائيل، وإعلاء شأن سام ابن نوح التوراتي على شقيقه حام. تريدون
أدلة واثباتات، فليكن. هذا هو النيسابوري الثعلبي ينهال على حام بالتشويه ولا يخفي غضبه
عليه، فيقول راويًا عن قتادة منسوبًا إلى النبي: فأصاب حامٌ امرأته في السفينة، فدعا نوحٌ ربه، قال: فتغيرت
نطفته فجاء بالسودان...ودعا نوح على حام أن لا يعدو شعر ولده آذانهم، وحيثما كان ولده يكونوا عبيدًا لولد
سام. ولما حضرته الوفاة (نوح)، أوصى إلى ابنه سام وجعله ولي عهده"(الثعلبي النيسابوري: عرائس المجالس،
المكتبة الثقافية، بيروت، ص75). عندما طالعنا هذا الكلام للمرة الأولى، كان أول ما خطر في البال مشاهدتنا بالصدفة
فيديو بالصوت والصورة لتلاميذ في الكيان اللقيط زار مدرستهم "وفد تربوي"، فسأل أحد أعضائه:
ما رأيكم بالعرب؟! فأجاب التلاميد بصوت واحد: عبيد لنا !!!
أما زعيم كتاب السِّيَر، ابن كثير، وهو من فلسطين بالمناسبة، فيكرر رواية الثعلبي مضيفًا
إليها ما لم تقله التوراة ذاتها، إمعانًا منه في تشويه حام بن نوح التوراتي. يقول ابن كثير:"إن
حامًا واقع امرأته في السفينة، فدعا نوح عليه السلام أن تُشوه خلقة نطفته، فولد له ولد أسود
هو كنعان...وقيل، بل رأى أباه نائمًا وقد بدت عورته، فلم يسترها وسترها أخواه، فلهذا دعا
عليه أن تغير نطفته وأن يكون أولاده عبيدًا لاخوته"(ابن كثير: البداية والنهاية، دار الكتب العلمية،
لبنان، ط4، 1988م، ج1، ص 105). بالطبع، التركيز على سواد البشرة، ينم عن عقلية عنصرية
تمايز بين البشر على أساس اللون، حيث الأسود أدنى من الأبيض بمنظورها.
ونقف مشدوهين أمام كَرَمِ نعمة الله الجزائري في الإعلاء من شأن سام، إذ يقول في قصص الأنبياء:
"عن أبي عبدالله أن جبريل أتى فقال له: يا نوح إنه قد انقضت نبوتك واستكملت أيامك، فانظر الاسم
الأكبر وميراث العلم، فادفعها إلى ابنك سام...فدفع عليه السلام آثار النبوة إلى ابنه سام، فأما حام ويافث
فلم يكن عندهما علم"(نعمة الله الجزائري: النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين، منشورات مؤسسة
الأعلمي، بيروت 1978م، ص80-81).
تأسيسًا على ما تقدم، نحن على ثقة أن ما بسطنا في سطورنا غيض من فيض تمددهم في رؤوسنا من بوابة المقدس،
الذي ما يزال يحتل مركز الدائرة في ثقافتنا. ولا أظننا نجازف بالقول: لولا هذا التمدد، ما كان بمقدورهم
احتلال أراضينا.
وأنت عزيزنا القارئ، ما رأيك؟



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكشة مخ (2) التوريث السياسي في تاريخنا !
- من تجليات ثقافة العبودية !
- نكشة مُخ (1)
- هذا ما تريده أميركا بالضبط !
- هذا ما تريده أميركا بالضبط!
- رسالة إلى أبناء جلدتنا الإسلامويين*
- هل كان العرب قبل الإسلام في جاهلية ؟!
- العودة المستحيلة !
- توراتهم تؤكد سفالتهم تاريخياً
- لماذا هذا الارتباك والتلعثم والخوف؟!
- 7 أكتوبر...لماذا القلق الصهيوني؟!
- كذبة تاريخية !
- عبودية العقل !
- إضاءات على أساطيرهم(7)
- إضاءات على أساطيرهم(6)
- إضاءات على أساطيرهم(5)
- إضاءات على أساطيرهم (4)
- حرب تكسير الأساطير !
- إضاءات على أساطيرهم (3)
- إضاءات على أساطيرهم (2)


المزيد.....




- وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها ...
- وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل ...
- استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان ...
- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...
- ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر ...
- ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين ...
- قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله عطوي الطوالبة - إلى متى السكوت على هذا الإختراق الثقافي؟!