أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل حاجي نائف - ماذا أريد وماذا تريد وماذا يريد كل منا















المزيد.....

ماذا أريد وماذا تريد وماذا يريد كل منا


نبيل حاجي نائف

الحوار المتمدن-العدد: 1748 - 2006 / 11 / 28 - 04:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قبل كل شيء لا يمكن الانطلاق إلا من" الذات " أي يجب البدء من ماذا تريد "الأنا " أو ماذا تريد كل " ذات ".
فأساس ومنطلق تفكيرنا وأحكامنا وتقييماتنا هو أحاسيسنا الذاتية ( وهذه الأحاسيس تتشابه كثيراً بينا , وهذا ما يعزز ويقوي الأحكام العامة و يسمح بوجودها ) .
إن كل " الذات" تريد بالدرجة الأولى تحقيق أحاسيس معينة وتحاشي أحاسيس معينة أي تريد شعور وأحاسيس التي ترغب بها , والجنة ( إن كانت في الدنيا أو الآخرة ) وما تنتجه من أحاسيس هي هدف الأغلبية .
هذا هو الطلب الأول أو الدافع الأول لي ولكل منا " الأحاسيس" . فغياب الشعور والوعي هو غياب الذات أو الأنا , وبالتالي غياب المرجع وانعدام كل شيء , فإذا أطفئ الوعي وبقيت جميع التفاعلات والتأثيرات فإنه لن يكون هناك شيء بالنسبة لهذا الوعي .
إن المرجع الأساسي لكل منا هو الوعي والشعور الفردي الذاتي , وهذا مقيم وله اتجاه وله أفضلية ودرجات وأشكال , فهناك أحاسيس مطلوبة وأحاسيس مكروهة .
ولكن عند دراسة الوعي والبحث عن عناصر وآليات تكوًنه يظهر أنه ناتج عن آليات وتأثيرات بنيات سابقة , فوظيفته القيام بتنفيذ عمليات موضوعة مسبقاً , وهذا يعقد الوضع لأن المهم بالنسبة لكل منا هو الأحسيس وليس تلك العمليات , صحيح أن أغلب دوافعنا تكون متفقة معها ولكن لابد من التنظيم والتوفيق بينهم .
وكذلك تحديد وتعيين ما أريد ليس بالأمر السهل لأنه مرتبط بالمعرفة والحكم الذي اتخذه , فإذا قررت أنني أريد أحاسيس لذيذة وجميلة فهناك الكثير من الطرق التي يمكن أن تحقق ذلك , ولكن أغلبها سوف يتعارض مع تأثيرات وقوى البنيات الأخرى الموجود أنا ضمن تأثيراتها , وسوف أفشل في تحقيق ما أريد إذا لم أراعي قوي وتأثيرات تلك البنيات .
وهذا يدفعني إلى السعي للمعرفة لأنها الأساس في تحديد وتعيين ما أستطيع تحقيقه.
أي ماذا يوجد أولاً " المعرفة الدقيقة "؟ ثم ماذا أريد ؟ ثم ماذا أستطيع فعله ؟

ولكن الوجود هو في صيرورة وعدم تعيين وهو لا متناه , ولا يمكن التعامل معه إلا بعد فهمه ومعرفته , وهذا لا يتم إلا بعد تثبيت وتحديد وتعيين . وهذا هو الطريق الوحيد لمعرفته وفهمه .
إن أهم وظيفة للعقل البشري هي كشف البنيات المضمرة في الوجود , وذلك ببناء نماذج فكرية تمثلها . فكما يقول كانت" أن المعرفة وليدة فعل الذهن في الأشياء والعقل لا يدرك إلا ما ينتجه على صورته ومثاله" .
لقد عرف أغلب المفكرين والفلاسفة أن الوجود متحرك وفي صيرورة وهو لامعين , فزينون الآيلي أدرك وعرف أن الوجود متصل ولا متناه, وهو يقول أن التعامل معه فكرياً في حكم المستحيل , وهذا ما تمت مقاومته من أرسطو وباقي الفلاسفة .
فالإبقاء على عدم التعيين لا يحقق مطلب العقل بتحقيق تعامل مجد مع الواقع , فيجب الوصول إلى ثوابت أكيدة يتم اعتمادها , ولكن هذا غير ممكن فلا شيء أكيد بصورة مطلقة , فالصيرورة وعدم التعيين و اللا تناهي هي من خصائص الوجود الأساسية .
هذه المشكلة هي دوماً ماثلة في كل تفكير يسعى لمعرفة وفهم الوجود , ويجب التعامل معها لتحقيق ما يرضي العقل ويقبل به .
وهذا ما يفعله كل مفكر فهو يسعى لتعيين الثوابت الأساسية في هذا الوجود لكي ينطلق منها ويبني عليها أفكاره.
ولكن الخيارات الفكرية المتاحة لتفسير الوجود وظواهره وأحداثه كثيرة جداً.
وهذا ما سمح لكل منا أن يبرر أعماله وأفكاره وأحداث الوجود ويجد لها الأسس الفكرية المناسبة - في رأيه- , والنتيجة هي ما نشاهده في الواقع , كل شيء يمكن تفسيره , ولكن كم من العقول تقبل بهذا التفسير؟
إن ما يقوم به العقل هو تثبيت وتحديد وتعيين -أي تكميم- البنيات في هذا الوجود ببناء بنيات فكرية تمثلها , وهو بذلك يتجاوز صيرورة الزمن أو يسيطر عليها ويفهمها , ويزيل عدم التعيين لبعض أجزاء الوجود التي يتعامل معها عندما يمثلها ببنيات فكرية , ثم يقوم بتحريك هذه البنيات الفكرية التي قام ببنائها .
أنه بذلك يستطيع التحرك فكرياً عبر الزمن إن كان نحو الماضي أو نحو المستقبل لأنه سوف بما حدث أو بما سوف يحدث , وذلك عن طريق التحريك الفكري عبر المكان وعبر الزمان لتلك البنيات الفكرية التي قام ببنائها.
وهو يقوم بذلك بطريقة الخطوة خطوة وبذلك يبدأ بكشف الوجود وصيرورته. فهو بذلك يستطيع معرفة وفهم الوجود بالتدرج , وبذلك يستطيع تحقيق ما يريد أو ما هو مدفوع له , بقدر معرفته الدقيقة والقدرات التي يملكها .

ولكن تبقى الأحاسيس هي مطلب كل منا , فوعينا و ذاتنا هي أحاسيس .
فالشيء الهام بالنسبة لنا نحن البشر هو: الأحاسيس والمشاعر والإدراك والوعي, فالمعارف وكذلك الأحاسيس وظيفتهم خدمة بنية الجسم بشكل عام, وقد نشأت الأحاسيس أولاً, ثم تطورت ونمت وأصبحت على شكل أفكار وأحكام ومعارف ولكنها ظلت تابعة لأصلها الحسي .
المفيد هو المطلوب أساساً, ويعبر عنه غالباً بالممتع, وأصبح هذا الممتع غالباً هو المهم. فالأحاسيس بالنسبة لكل منا هي في النهاية مرجع قياس وتقييم كل شيء, فكافة الأحكام أو المعارف, تبنى غالباً بالاعتماد على الأحاسيس – فكما ذكرنا الإدراك والوعي هما أحاسيس- , ولا يمكن بناء و تقييم الأحكام إذا لم تكن واعية , والموجود بالنسبة لكل منا يجب أن يكون محسوساً, حتى وإن كان فكرة, فالأحكام هي أفكار محسوسة واعية , ولا يمكن أن توجد بالنسبة لنا إلا إذا أحسسنا بها و وعيناها.

والكثير من الموجودات بالنسبة لنا هي في أساسها موجودات فكرية تم إدراكها والوعي بها . وليس ضرورياً أن يكون هناك مقابلاً مادياً مطابق لها, فوجودها كفكرة محسوسة كاف لكي تصبح موجودة لدينا , أما تطابقها أو عدم تطابقها مع الواقع فهذا شيء آخر.
وهذا يرجعنا إلى ما فكر فيه أغلب الفلاسفة, وهو أننا لا نعرف , إلا الأحاسيس والأفكار عن الوجود, أما الوجود بذاته فهو محجوب عنا ولا نستطيع الوصول إلا لمعرفة أجزاء قليلة منه , وهي ما تتأثر به حواسنا, ثم ما يبنيه تفكيرنا وتجاربنا .

إن غالبية المفكرين تعتمد أحكام القيمة كموجه أساسي لمعالجاتهم الفكرية ولا تهتم أو تركز على أحكام الواقع إلا من خلال أحكام القيمة .
في رأي أن هذا تسرع في بناء أحكام القيمة ويعيق وصولنا إلى أحكام قيمة عالية الدقة , فيجب أولا أن نحدد دوافعنا وأهدافنا وما نريد وما لا نريد , عن طريق أحكام الواقع المرتكزة على التجارب الواقعية , ونسعى للوصول إلى أكبر كمية من أحكام الواقع الدقيقة , ثم بعد ذلك نقوم ببناء أحكام القيمة حسب تلك الأحكام الواقعية , وأثناء تطبيقها نقوم بالتصحيحات إن استدعى الأمر ذلك لتتفق أحكام القيمة مع أحكام الوقع بأكبر قدر ممكن .



#نبيل_حاجي_نائف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظة على التفكير البشري
- الدماغ الحوفي واللحاء والعلاقة بينهم
- التشابه بين نظام الويندوز في الكومبيوتر وسبورة الوعي لدى الإ ...
- أهم أعمال عقلنا لا زال يقوم بها الدماغ القديم
- تأثير اللغة والإعلام علينا أكبر مما نتصور
- الكيل بمكيالين
- مفهوم الحرية وهل الإنسان حر 2
- التكوين الشبكي وتشكل الوعي
- ما هو مفهوم الحرية , وهل الإنسان حر ؟
- تأثر الأحاسيس والأحكام بالتوقع والترقب والآمال
- الدوافع البشرية
- النقود صفاتها وخصائصها
- السلعة صفاتها وخصائصها
- التصنيف من آليات عمل العقل الأساسية
- الغائية والتخطيط
- الصفقة غير المنتهية أو الصفقة غير المنجزة
- أسباب ودوافع المبادلات بين البشر
- التبادل والصفقة
- ملاحظة على التواصل واللغة
- ملاحظة على عالم المادة وعالم الفكر


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل حاجي نائف - ماذا أريد وماذا تريد وماذا يريد كل منا