|
تأثير التعويم على الاقتصاد وعلى المواطن (3)
احمد حسن عمر
(Dr.ahmed Hassan Omar)
الحوار المتمدن-العدد: 7881 - 2024 / 2 / 8 - 00:02
المحور:
الادارة و الاقتصاد
آثار تعويم العملة على اقتصاد الدول دكتور / احمد جسن عمر يؤثر تعويم العملة على قيمة النقد المحلي ارتفاعا أو انخفاضا، بما يؤثر على الأسعار، والتجارة الخارجية والنمو الاقتصادي بوجه عام، حيث تختلف هذه الآثار باختلاف وضع الدوله الذي يستخدم نظام تعويم العملة، فتأثيره على الدول الصناعية المتقدمة يختلف عن الدول النامية. إذا ما تسبب تعويم أحد العملات في ارتفاع سعر صرف هذه العملة مقابل باقي العملات، فيكون له تأثيرا سلبيا على حركة الصادرات، وذلك نظرا لارتفاع أسعار السلع المحلية بالنسبة للمستوردين الأجانب، مما يؤدي بدوره إلى انخفاض الطلب عليها، وينتج عن ذلك زيادة في الواردات نتيجة لانخفاض أسعار السلع بالنسبة للمستوردين المحليين، وبالتالي يحدث عجز بالميزان التجاري. واذلك قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال المحلية للاستثمار الخارجي لتوفر فرصة استبدال وحدة العملة المحلية بعدد أكبر من وحدات العملة الأجنبية، الأمر الذي يكون له أثرا سلبيا على مدفوعات الدولة. كما تتأثر الصناعة المحلية لشدة المنافسة مع الواردات والتي تزداد مع الانخفاض النسبي للسلع الأجنبية بالنسبة للمستوردين المحليين، الأمر الذي يعمل على إحداث تباطؤ في النمو الاقتصادي وتراجع عملية الإنتاج، مما يؤدي إلى زيادة البطالة، مما يُخِلّ بالميزان التجاري. اما في حالة تعويم العملة انخفاضا لسعر صرفها مع العملات الأجنبية، فانه بؤدى إلى حدوث عكس الآثار الاقتصادية المترتبة على رفع سعر العملة، إلا أنها تختلف في الدول الصناعية المتقدمة عنها في الدول النامية، ويرجع ذلك إلى ما يتسم الطلب الدولي على صادرات البلدان النامية بالمرونة العالية في غالب الأمر، في حين تكون العملية الإنتاجية لديها ضعيفة نسبيا بما يعيقها عن الوفاء بالطلب الخارجي، هذا إن وُجد بالأساس، وبالتالي فإنها تلجأ إلى إتمام أغلب صفقاتها الخارجية باستخدام عملات أهم شركائها التجاريين، دون استخدام عملتها المحلية، مما يعمل على حصر حركة العملة المحلية بصورة كبيرة. أثر تعويم الجنيه على المواطن المصري التعويم في ظل الوضع الاقتصادي المتدني، وقلة احتياطى النقد الأجنبي، سيؤدي لرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، ويخفض من قيمة الجنيه المصري، مما يرفع الأسعار بصورة غير مسبوقه سواء كانت مستورده أو غيره ، حيث سيتم رفع جميع السلع والمنتجات والخدمات، مما يؤدي لرفع مستوى التضخم، وتسعى الحكومة لزيادة الاحتياطي عن الطريق الودائع والقروض من صندوق النقد الدولي وبعض الهيئات الدولية وبعض الدول مثل السعودية والصين والإمارات. مزايا وعيوب تعويم العملة المزايا تقوم بعض الدول بتعويم العملة بهدف استقرار ميزان المدفوعات لأن تخفيض العملة سيجعل صادراتها أرخص فيزيد الطلب عليها وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع سعر صرف عملتها وبدوره يحقق التوازن في ميزان مدفوعاتها ويسد العجز. كما يساعد تعويم العملة على تجنب التضخم؛ أو زيادة التحكم فيه، إضافة إلى تحرير السياسة الداخلية، إذ تكون قادرة على مواجهة العجز في ميزان مدفوعاتها. ويسمح تحرير العملة بزيادة التبادل الخارجي، إذ تتمكن البنوك في نظام تعويم العملة من تداول العملات بكل حرية ودون أية قيود على عكس نظام سعر الصرف الثابت، إضافة إلى الدولة التي تتبع نظام تعويم العملة غير ملزمة بالاحتفاظ باحتياطي كبير من العملات الأجنبية في بنكها المركزي بل تستخدم هذا الاحتياطي في الاستيراد وتعزيز نموها الاقتصادي. ويوفر التعويم المرونة الكافية لمواجهة الأزمات الاقتصادية، وكذلك القدرة على إدارة سعر صرف عملتها في الخارج، حسب مصلحة اقتصادها.
العيوب وعلى النقيض توجد العديد من المخاطر لعملية التعويم، من بينها تقلبات سعر الصرف، حيث تتعرض الدولة إلى تقلبات مفاجئة في سعر صرف عملتها، إضافة إلى التأثير في النمو الاقتصادي، حيث تفقد الدولة التي تقوم بتعويم عملتها السيطرة على سعر صرف عملتها أحياناً. وقد تزيد عملية التعويم مشكلات الدول غير المستقرة، ومن بينها تأثير عملية التعويم على زيادة مشكلة البطالة. كما تنشأ عمليات مضاربة على عملتها في الأسواق العالمية. وقد يؤثر التعويم على الموازنة العامة، بسبب اختلاف سعر صرف العملة ارتفاعا وانخفاضا، ما يؤدي لعدم الاستقرار في الأسعار. وقد يؤثر تعويم العملة سلباً في صادرات الدولة؛ وذلك عند التعادل بين سعر العملة المحلية والعملات الأجنبية، فحينها لن تُحقق الدولة المصدرة مكاسب، هذا إضافة إلى أن التعويم قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال المحلية للخارج بسبب المخاطر الناتجة عن التقلبات الشديدة في سعر صرف العملة.
المستفيدون والمتضررون من التعويم المستفيدون 1.المستفيدين من تعويم العملة، من عندهم مدخرات بالعملات الأجنبية، حيث تتضاعف ثرواتهم، ويعمدون فور حدوث عملية تعويم العملة إلى شراء الأصول، من عقارات أو مصانع أو مزارع أو سيارات، بسبب الثروة التي تجمت جراء تعويم العملة. 2.المدينون، وبخاصة أصحاب المديونيات المستحقة للبنوك وللجهات المالية الرسمية، حيث يمكنهم سداد ديونهم بأقل من قيمتها الحقيقة التي حصلوا بها على الديون، ويستطيعون ببيع بعض ما لديهم من أصول أن يسددوا جزءا كبيرا من ديونهم. 3.كبار رجال الأعمال والتجار، أو ما يطلق عليهم تجار الجملة أو الوكلاء، أو كبار المستوردين الذين لديهم مخزون كبير من السلع، حيث يقومون برفع أسعار ما لديهم من مخزون سلعي وفق الأسعار الجديدة بعد التعويم. 4.المنتجون الذين يستهدفون التصدير، ويعتمدون في إنتاجهم على المستلزمات المحلية، بشرط أن يكون لديهم مرونة إنتاجية عالية تلبي الطلب على السلع المحلية، بعد التعويم، حيث يكون المستوردون لسلع الدولة التي تم فيها التعويم متحفزين للاستفادة من ميزة انخفاض قيمة العملة، للحصول على كميات أكبر من السلع بنفس القيمة من العملات الأجنبية التي كان يستوردون بها من قبل. 5.الحكومة، من خلال انخفاض قيمة ديونها المحلية بشكل كبير، مما يخفف الأعباء عن الموازنة العامة للدولة. المتضررون 1.أصحاب المدخرات بالعملات المحلية تتضرر مجموعة من المواطنين، داخل الدولة التي أخذت بسياسة تعويم عملتها، وفي مقدمة هؤلاء أصحاب المدخرات بالعملات المحلية، حيث تقل قيمة مدخراتهم الشرائية بمقدار انخفاض قيمة العملة بعد التعويم، فهم بالفعل يفقدون جزءا مهما من مدخراتهم. 2.لدائنون بعملات محلية، حيث إن قيمة ما لديهم من ديون مستحقة لدى الغير تقل قيمتها الحقيقية بعد التعويم، فما يحصلون عليه لا يعوضهم عن القيمة الحقيقية لديونهم التي يستحقونها، لذلك تعتبر الديون لآجال طويلة في هذه الحالة خسارة كبيرة للدائنين. 3.أصحاب السلع التي لا يمكن رفع سعرها بمعدل يساوي قيمة الانخفاض الحادث في قيمة العملة نتيجة التعويم، لذلك يتعرض سوق مثل هذه السلع لحالة ركود كبيرة. 4.المستوردون، حيث يجد المستوردون أنفسهم أمام فاتورة مرتفعة للسلع التي يريدون استيرادها، ويتضرر معهم المنتجون الذين يعتمدون على مستلزمات إنتاج مستوردة، حيث يضطرون لرفع أسعار سلعهم بمقدار الارتفاع في سعر العملات الأجنبية، مما يؤدي إلى عدم قدرتهم على المنافسة في السوق المحلية، أو السوق الدولية، لذلك تنكمش الأنشطة الصناعية في ظل تعويم العملة، وتنتعش أنشطة التجارة والخدمات. 5.الموظفون، وأصحاب الدخول الثابتة وأصحاب المعاشات، لأن رواتب الموظفين لا يمكن زيادتها بنفس القدر الحاصل في انخفاض قيمة العملة نتيجة التمويل، ومن الصعب أن يقوم صاحب العمل بالحكومة أو القطاع الخاص أن يرفع الرواتب بما يوازى عملية التعويم. نتائج تعويم العملة ان الآثار التي يحدثها هذا النظام على الاقتصاد والتجارة والمستهلكين، ينتج عنه الآنى: زيادة التجارة الخارجية: التعويم يسهل على الدول التجارة مع بعضها البعض، حيث يتكيف سعر صرف العملات مع التغيرات في السوق، ما يزيد من فرص التصدير والاستيراد. زيادة المخاطر والتقلبات: التعويم يجعل سعر صرفها متغير باستمرار، ما يزيد من المخاطر والتقلبات في سوق الصرف، ويؤثر على قدرة المستثمرين والشركات على التخطيط والتنبؤ. زيادة التضخم أو الانكماش: تعويم العملة يؤثر على مستوى الأسعار في الدولة، حيث إذا انخفض سعر صرفها، فإن ذلك يزيد من تكلفة السلع المستوردة، ما يؤدي إلى زيادة التضخم. وإذا ارتفع سعر صرفها، فإن ذلك يزيد من قوة شرائية المستهلكين، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع المحلية والأجنبية، وقد يؤدي إلى زيادة الانكماش. زيادة الاستقرار الاقتصادي: التعويم يساعد على تحقيق الاستقرار الاقتصادي في الدولة، حيث يمكنها مواجهة أي صدمات خارجية أو داخلية بتغيير سعر صرفها، دون الحاجة إلى اتباع سياسات تقشفية أو انكماشية. زيادة الديمقراطية والشفافية: التعويم يزيد من الديمقراطية والشفافية في الدولة، حيث يحد من قدرة الحكومة على التلاعب بسعر صرفها لأغراض سياسية أو شخصية، ويجبرها على اتباع سياسات مالية ونقدية مسؤولة ومنصفة. وخلاصة القول أن التعويم هو بداية المشاكل الحقيقية للاقتصاد، حيث لم يجن الشعب إلا تبخر 60% من مدخراته، وانفجار الأسعار السلع والخدمات بشكل مرعب، وارتفعت الديون الخارجية بشكل متسارع ومقلق، وارتفاع معدلات البطالة مع تراجع أعداد العمالة المتدفقة للأسواق الخليجية، فضلا عن اعتزام العديد منها العودة نتيجة صعوبات على غرار تقليص عدد العمالة أو الرواتب والإجبار على العودة. لذا يجب النظر إلى التقارير الدولية المتعلقة بنسب النمو المتوقعة في مصر، خاصة تقارير صندوق النقد الدولي، بالمنظور الكلي للتقرير، وليس بالتركيز على معدلات النمو فقط، لأن هذه التقارير تركز على الاقتصاد الكلي الموجه للمجتمع الدولي مع تجاهل تام للاقتصاد الجزئي الذي يؤثر على مستوى حياة المواطن بصورة مباشرة.
#احمد_حسن_عمر (هاشتاغ)
Dr.ahmed_Hassan_Omar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأمن الغذائي احد قضايا الأمن القومي
-
رؤية مصر وتحديات استراتيجية الأمن الغذائي
-
مؤشرات الأمن الغذائى
-
اطار مفاهيمى للأمن العذائى
-
الجمعية الامريكية الاسرائيلية للعلاقات العامة (ايباك) ودورها
...
-
الفن التشكيلى ومواكبه العصر
-
الإستثمار وسيلة من وسائل التنمية
-
نقل وتسويق التكنولوجيا الحديثة لتشجيع وتطوير الابتكارات
-
استراتيجية تسويق الملكية الفكرية
-
مستقبل التحول الرقمي والرقمنة
-
الآثار الإيجابية للزيادة السكانية
-
المشكلة السكانية والبيئة
-
مخاطر الديون والاحتياطات الواجب اتخادها
-
فخ الديون ........... من الجاني
-
الوصايا العشرة لحماية المستهلك في مجال الخدمات المالية
-
أهمية الشمول المالي للفرد والأسرة والمجتمع
-
استحداث سندات توريق الحقوق والمستحقات المالية المستقبلية الم
...
-
مكانه العمل كعبادة
-
تأثير اعلان افلاس الدول على المواطنين
-
افلاس الدولة......المفهوم والأسباب والحل
المزيد.....
-
الحجز على أموال بلديات معارضة يثير الجدل في تركيا
-
الأرباح الذهبية.. نجوم هوليود الأعلى دخلا في 2024
-
المخاوف بشأن الفائدة تقود أسهم -وول ستريت- لتراجع أسبوعي
-
هوندا ونيسان تدرسان الإنتاج المشترك للسيارات
-
ما هي -كروت الصين- للرد على رسوم ترامب؟
-
أزمة مياه مقبلة في أميركا وهذه هي الأسباب
-
محكمة إسبانية تقضي بسجن مدير سابق لصندوق النقد الدولي
-
صادرات مصر تسجل ارتفاعا بنسبة 10.2% في سبتمبر 2024
-
الاتحاد الأوروبي يبحث عن بدائل للغاز الروسي قبل نهاية العام
...
-
أسعار النفط تتراجع في أسبوع بسبب مخاوف الطلب وقوة الدولار
المزيد.....
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|