|
مجلس الاستهلال الشرعي.. شعلة في ظلام حالك
احمد العلي
الحوار المتمدن-العدد: 1749 - 2006 / 11 / 29 - 10:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تصوم القطيف والاحساء والدمام كل عام متفرقة ، فأتباع المرجع الفلاني يصومون السبت والآخرون يصومون الأحد وكذلك الإفطار ورأس السنة الهجرية والمناسبات الدينية المختلفة تحييها كل فرقة على حده في أحيانا كثيرة ، أتذكر أني مررت على إحدى قرى القطيف في رمضان الفائت فصدمت لأنهم يحتفلون بمناسبة دينية بعد ليلة من احتفال معظم المنطقة بها وعندما استفسرت عن السبب قالوا لي بأنها تميل إلى فرقة دينية معينة ، هذه الفرقة اعرفها بأنها منكفئة على نفسها ، متعارضة مع غيرها ، ترفض الآخر ولا تريد الالتقاء به رغم أنها تشكل معه الطائفة الشيعة العريقة في التاريخ والوجود الإسلامي . خطوة في الاتجاه الصحيح أن توحيد الأهلة مطلب شعبي في بلادنا التي ترزح تحت وطأة تيارات دينية تقليدية واقصائية ، فكم من بيت يصوم نصفه ويفطر نصفه الآخر ! أتذكر أني التقيت احد الأصدقاء وكان منزعجا جدا لان زوجته قررت الصيام لان مرجعها الديني تبث عنده الصيام اليوم التالي بينما هو تبث عنده أنه يوم العيد !! برزت ثلة من رجال الدين في المنطقة والتقوا( وقليل ما يلتقون) وأسسوا مجلسا الاستهلال الشرعي واتفقوا على القواعد الفقهية المقررة مع الاستعانة بالتشخيص الموثوق بالتعاون مع جمعية الفلك بالقطيف ، وضم المجلس في صفوفه فرقاء التيارات الدينية النشطة في البلاد ، أنها بحق خطوة متقدمة في سبيل رص الصفوف وتوحيد الكلمة وجمع الشعب على رأي واحد ، انه مواجهة مستنيرة للضعف والهوان الذي يعيشه أبناء الشيعة ، في دولة تمارس عليهم التمييز والطائفية، أن يتوحدوا على الأقل في مناسباتهم الدينية المشتركة فيما بينهم تعتبر خطوة نادرة في بلادنا التي تتخذ مساراتها الإصلاحية منحا معقدا تتضارب فيه المشارب والمصالح ، كثيرا ما تحيى مناسبات عاشوراء ورمضان والعيدين ووقفة عرفات أكثر من مرة وفي بلدة واحدة لا يتجاوز عدد سكانها عن 25 ألف نسمة! رغم أن الجميع أتباع مذهب واحد وعقيدة واحدة!! هدف نبيل أن هدف المجلس نبيل ، وانه ليتفق مع كافة المطالب الإصلاحية والتجديدية والتطويرية التي تملى الأصداء ، انه خطوة في الاتجاه الصحيح، نحو تنظيم النشاط الديني وتحديثه وتوحيد مساراته المركزية ، انه يتفق على نحو الإطلاق مع طموحات الشعب وأمله في حياة مركزية وتعددية في نفس الوقت وبدون تناقض أو تعارض ، انه تجاوز للفئوية الضيقة والمصالح التيارية المحدودة، انه ضد الذاتية المفرطة والتشاحنات التي لا هدف منها ولا طائل. اختلاف تشخيص أهلة الشهور عنوان الاستبداد كثير ما كان استهلال الصيام والإفطار وغيرها من المناسبات الدينية عناوين للأنانية وتضارب المصالح وبروز الصراعات السافرة بين رموز التيارات الدينية الحاكمة ، رغم أنها مناسبات دينية شعبية يشترك فيها الجميع دون استثناء ويتم إحيائها وفقا لنمط جامد في اغلب الأحيان ، أن معظمها من صميم الدين و ليست نتاج الفقه الظني أو التخميني وان كانت أحكامها كذلك في بعض الأحيان إلا أنها من أصل الشريعة والكثير من فتاواها من بديهيات التشريع الإسلامي الشيعي ، ورغم ذلك تعرضت كغيرها إلى ميادين مفتوحة للصراع على السلطة والنفوذ ما بين عمائم البلاد ، فمنظومة الاستبداد والقهر والتفرد والرغبة الجامحة في السلطة لا تستثني صعيدا من الصعد أو مجالا من المجالات . مجلس واحد لشعب واحد! مجلس الاستهلال ضم اغلب التيارات النشطة ، لم يستطع أن يضم إليه بعض التيارات المهمة كالتيار التقليدي والفرقتين الإخبارية والشيخية ، رغم أن مهمته محصورة في تثبيت أهلة الشهور العربية وتوحيد سكان المناطق الثلاثة عليها ، ومن أهم ما يميزه أن أكثر من90% من فتاوى وأحكام أهلة الشهور متفق عليها ما بين كافة الأطياف الشيعية على الساحة. تدخل سافر بعد حوالي شهر من تأسيس هذا المجلس الرائع تأتي الحكومة السعودية لتتدخل بسفور كعادتها في الشأن الداخلي للشيعة وتحظره كمؤسسة دينية شعبية مدنية ! أن السلطات السعودية تخشى من أن يتحول مجلس الاستهلال إلى بداية تأسيس منظومة عمل مشترك ما بين التيارات الدينية النشطة، تكون من أجندته في نهاية أمر الاتفاق على نظام عمل تعاوني للمطالبة بحقوق الطائفة المسلوبة منذ انضمامها للحكم السعودي. بداية عظيمة في البلاد الغربية تعقد تحالفات مؤقتة ما بين الأحزاب والحركات السياسية، وتنشى بناء عليها مؤسسات مشتركة أو أحزاب تحالفيه ، من خلالها تتوحد الأطياف المؤتلفة لتحقيق هدف مشترك دون التنازل المطلق عن تبايناتها واختلافاتها فإذا ما تم تحقيق الهدف المنشود عاد كل أتباع طيف سياسي إلى نشاطه الحزبي الفئوي ، إذا ما بلغت التيارات على الساحة في بلادنا هذه المرحلة من النضج فسيكون امرأ عظيما وعاملا مهما في تحصيل الحقوق المشروعة لشعبنا ، إلا أن الحكومة السعودية استبقت هذا التصور – على ما يبدو- وحظرت على الفور باكورته ، فمثلما حظرت الاتصال ما بين المثقفين الشيعة والسنة في الاجتماعات العامة خوفا من أن يكون ذلك بداية تجاوز الدائرة الطائفية والمذهبية بما يشكله ذلك من خطر على سلطة العائلة المالكة مرحليا و مستقبليا فان السلطات السعودية كذلك تخشى من أن يتحول مجلس الاستهلال الشرعي بنشاطه المحدود والمقتصر على تحديد بدايات ونهايات الشهور العربية وتوقيت المناسبات الدينية بناء عليها إلى ديباجة لعمل مشترك ما بين الأطراف الدينية النشطة التي يغلب على علاقاتها التوتر والتشنج في اغلب الأحيان . فليبقى المجلس شعلة مضيئة مجلس الاستهلال خطوة في الاتجاه الصحيح، نحو توحيد صفوف الشعب ، نحو عمل مشترك يتجاوز التباينات والصراع التي لم تجلب للبلاد سوى البؤس والضياع، مجلس الاستهلال تحية من القلب إليك كمؤسسة حضارية وسط كومة من البنى المحطمة، أنت شمعة نادرة في ظلامنا الحالك، بحق نور الله لا تنظفي ولتبقى نور في فضائنا المظلم وعلامة على طريق الحرية الطويل.
#احمد_العلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعبنا المغلوب على أمره
-
مواقع الانترنت بين الاستبداد والاستبداد
-
وهم الخصوصية السعودية
-
عندما يتحول الدين الى افيون
-
المثقف السعودي: الى متى الصمت في عصر العولمة؟
-
شيعة القطيف والاحساء في النفق المظلم
-
النخبة السعودية والحوار الوطني: مقدمة لمشروع إصلاحي أم مراوغ
...
-
الشيعة في المملكة العربية السعودية .. التقرير الحقوقي الاول
...
-
رانيا الباز: الهروب من الجحيم
-
الاقتصاد السعودي بين الاستنزاف والاصلاح
-
بلال اخو هلال
-
سياحة في البيئة السعودية
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|