أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - قتل الأمل














المزيد.....

قتل الأمل


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1747 - 2006 / 11 / 27 - 10:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


"ماذا يمكن للإنسان ان يفعل امام مثل هذا..." قلت بألم, وانا اتحدث مع صاحبي على التلفون عن كارثة مدينة الصدر, صمت طويلاً ثم أجاب بسخرية متوجعة: "اكتب مقالاً!" ثم اعقبها بضحكة يائسة تعبر عن الإحتجاج الشديد على العالم, وعن الشعور القاتل بالعجز...
نعم..."اكتب مقالاً!"...يا للبؤس... ما اشد صغر القلم امام 200 جثة و200 جريح يتلوى...والاف يمزقها الحزن وملايين يخنقها الرعب في كل البلاد...ما اشد نحافة هذا السلاح وضألته امام هذا الهول, وما اضعف صوته في هذا الهدير وما ابطأ حركته في هذا الهيجان...."اكتب مقالة!"..."اكتب مهزلة"... ...

*******
بين التطرف والبربرية خطوة واحدة: دينيس ديدرو 1713-1784

ليس هناك علم, مهما كبر حجمه, يستطيع ان يغطي عار قتل الأبرياء: المؤرخ الأمريكي هوارد زن, 1993

********

رغم سخرية القدر الخانقة..امسكت قلمي, فليس لدي أداة مدببة غيره وليس لي صوت غير همسه..
اكتب يا قلمي اكتب...فإن لم تكتب اليوم فسيفرض الخجل علينا الصمت طويلاً...اكتب..
اكتب يا رأسي اكتب...ما انت وما تكون ان انت لم تعرف اليوم ما يجب ان تكتب؟
اكتب يا قلبي اكتب.... اكتب رغم رائحة الموت الجنونية..
اكتب قبل ان يغرق بقية الأحياء بالجثث في وطنك البعيد..اكتب....
احاصر قلمي فيهرب مني...
********

لقد انحدرنا اليوم الى المهاوي التي تجعل من اعادة قول ما هو بديهي وواضح, الواجب الأول للمفكرين من الناس: جورج اورويل

"عندما تلتقي رجلاً، فهو أمّا أَخوكَ في الدينِ أَو هو أَخُوكَ في الإنسانية." : ألإمامَ علي(ع)

********

من ارسل ستة سيارات محملة باطنان من المتفجرات لم يكن يبغي قتل بشر, فجلد الإنسان رقيق, وفقتل الإنسان بسيط, ولايحتاج الى كل هذا الكم من الطاقة الوحشية....
من ارسل ستة سيارات محملة .... لم يكن يقصد عدداً اكبر من القتلى...فلا فرق بين 200 و 50 بالنسبة الى منطقة يسكنها مليون من السكان...
من ارسل ستة سيارات محملة بأطنان من الموت لم يكن يقصد إدامة الخوف في مدينة الصدر, فقد كان يستطيع ان يفعل ذلك بشكل افضل لو انه وزعها على ستة ايام متفرقة....

******

الخوف الجماعي يحفز غريزة القطيع, وينحو الى انتاج العنف تجاه من لايعدون اعضاء في ذلك القطيع: برتراند راسل

أن مهمة المظلل الإعلامي ان يجعل من مجموعة من الناس تنسى ان مجموعات اخرى من الناس هم من البشر: الدوس هكسلي

ان الحكم على الأعمال باعتبارها خيرة او شريرة لايعتمد في العادة على تلك الأعمال نفسها, ولكن يعتمد على موقفنا من منفذها. ليس هناك اي نوع من الوحشية....مثل التعذيب, السجن دون محاكمة, الإغتيال, قصف المدنيين... مما لايغير لونه الأخلاقي عندما يكون منفذه من جانبنا: جورج اورويلد

******

مالم يكن من خطط التفجير بسيطاً ساذجاً, ولا اضنه كذلك, فلا شك انه ارسل كماً من الموت على قدر ما يحتاج اليه هدفه, بلا زيادة...فكل سيارة اضافية تهدد ان تكشف المؤامرة...
ومن حمّل كل سيارة بنصف طن من المتفجرات كان يدرك ما يحتاجه بلا زيادة...فكل منّ اضافي..يثقل السيارات ويزيد من احتمال إنكشاف الخطة...
كل سيارة اضافية وكل كيلو متفجر وكل سائق اضافي وكل حمّال اضافي وكل دقيقة اضافية تزيد احتمال وقوع خطأ ما او عطل ما او قدر ما.. يكشف الجريمة...
إذن..من ارسل كل هذا كان يدرك انه يحتاج الى كل هذا...
من ارسل السيارات الستة كان يقدر ان هدفه قد لاتكفيه اربعة سيارات مثلاً...
من ارسل الأطنان الثلاثة من المتفجرات قدر بلا شك ان هدفه اصلب من ان يحطمه طنين من المتفجرات...
فماهو...ما هو الهدف الذي, يتواجد بين الناس البسطاء, ولاتكفي طنين من المتفجرات لقتله يا ترى؟...

التفت حائراً الى رفوف كتبي..فاقرأ غلاف كتاب لـ"وليام بلوم" اشتريته واجلت قراءته طويلاً, يحمل عنوان "قتل الأمل". يذكرني العنوان بعبارة قرأتها البارحة في كتاب جومسكي الأخير "غرور السلطة". اهرع الى الكتاب ابحث عن الفقرة. ... هاهي:

"بعد ان حقق قادة الإرهاب اهدافهم, اجتمع اليسوعيون في سان سلفادور في مؤتمر لمناقشة النتائج المترتبة عليه. وتبين لهم ان لديهم الكثير من الخبرة من تأثير ذلك الإرهاب المباشر عليهم شخصياً, اضافة الى ما كانوا قد شاهدوه من اهوال في ايام سنوات الثمانينات المرة. انتهى المؤتمر الى الإستنتاج انه لايكفي التركيز على الإرهاب نفسه. فما لايقل اهمية عنه "ان يجري تقصي المدى الذي خلفته ثقافة الإرهاب من تغيير في نفسية الناس حتى فقد الكثيرين الأمل بالتغيير, وبالتالي لم يعودوا قادرين على رؤية اي بديل عن قبول شروط اصحاب السلطة"
يضيف جومسكي: "هذا لاينطبق على اميركا الوسطى لوحدها. ان تدمير الأمل جزء اساسي من الستراتيجية. ومتى ما تم الوصول الى ذلك, امكن عندها السماح بديمقراطية شكلية, بل يتم التشجيع عليها كذلك, لو كحلية للنظام القادم. البعض ستكون لهم الأمانة للإعتراف بهذا بصراحة. لكن (ما يسمونه) "بهائم الجماهير" هي التي ستفهم الأمر اكثر من غيرها. لأنهم هم من تجرأ على تحدي نظام السلطة, وهم من ذاقوا طعم نتيجة ذلك"

السيارات الستة باطنانها الثلاثة اذن, لم ترسل لقتل الناس او بث الرعب...انما كان هدفها "قتل الأمل"!
....هل نجحت يا ترى؟...



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنتخابات الهولندية: عواصف شديدة فوق الأراضي المنخفضة
- خطة طوارئ للدراسة الجامعية في زمن الإرهاب
- كيف يتخذ الإنسان العراقي موقفاً من كل هذا؟ -2: ضرورة القراءة ...
- كيف يتخذ الإنسان العراقي موقفاً من كل هذا الضجيج؟
- الحكم على صدام, فرحة نصر وتفاؤل حذر
- الحكم على صدام, وتفاؤل حذر
- أمسك خصمك متلبساً بقول الحق وامتدحه!
- كيف عادت -صدام حسين يلوك النه-؟
- نظرية بابل*
- أحداث العراق الجسيمة: غزلان وتماسيح
- غيلان: تعويذتنا الواقية من الإنهيار
- برلمانيوا العراق كقدوة حسنة
- اللصوص تشكر حماتها علناً
- إنه يبكي، ذلك القاضي الذي اسعدكم!
- أبي يجد جواباً لحيرته: بحث عن الحقائق في موضوع العنف في العر ...
- وجيهة الحويدر إمرأة تخاف ظلها
- أبي يفتش عن جواب لحيرته : بحث عن الحقائق في موضوع العنف في ا ...
- العراق المترنح بين فدراليتي الإبتزاز والجبن
- ملاحظات حول وثيقة المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي
- العلم العراقي: المشكلة والحل


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - قتل الأمل