أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبداللطيف هسوف - ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة... 7 من 8‏















المزيد.....

ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة... 7 من 8‏


عبداللطيف هسوف

الحوار المتمدن-العدد: 1747 - 2006 / 11 / 27 - 10:27
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


بخصوص إمكانية الصراع الدائم من أجل المواجهة والمحافظة على مكتسبات العمال، يمكن التفاؤل بخصوص ‏الحركية الدائمة للسياسة والتاريخ. نعم، إن الحق في الرفض هو أحد مقومات الديمقراطية، أما أن نعلن أن لا خيار ‏أمامنا سوى هذا النموذج المؤسس على (اقتصاد السوق)، وأن لا مخرج سواه رغم نتائجه السيئة، فإن ذلك سيلقي ‏بالمجتمع البشري في أحضان تشاؤم يصعب الخروج منه.‏
في 9 سبتمبر 1999 أعلنت شركة ميشلن عن ارتفاع في أرباحها وصل 17 في المائة، أي ما يقارب ملياري ‏فرنك فرنسي، لكن خلال نفس هذه الفترة سرحت هذه الشركة 7500 عاملا (10/1 من مجموع عمالها). والغريب ‏أن ذلك صاحبه ارتفاع في البورصة وصل 10,56 في المائة، ثم بعد ذلك 12,53 بالمائة. نستخلص إذن أن ‏تسريح العمال هو في صالح أصحاب الأسهم ويهمهم أكثر من التشغيل، بل من الربح نفسه... يظهر لنا إذن أن ‏شعار (الأولوية للشغل) تكذبها مصالح المقاولات ليعوض بشعار آخر هو (الأولوية لتسريح العمال). بالإضافة إلى ‏ما ذكرناه، لا توجد نصوص قانونية تسمح بمنع أو حتى بتوقيف عمليات من هذا النوع، فالترخيص الإداري ‏لتسريح العمال لم يعد ضروريا ( تم تجميده سنة 1986)، ولا توجد الآن أية طريقة للطعن، اللهم بعض ‏الإجراءات الغير الناجعة.‏
مثال آخر عن هذه الوضعية الغريبة: عندما اشترت شركة رونو الفرنسية أسهما من شركة نيسان اليابانية، ‏عملت على تسريح 21000 عاملا ... باسم توفير العمل يتم تسريح العمال. كيف نحارب البطالة ؟ [...] على ماذا ‏سنعتمد مادام القانون مجمد. في العالم أجمع يبقى الحل الوحيد هو أشباه مناصب العمل المقترحة مقابل أجرة ‏زهيدة تحت عتبة الفقر أو تقترب منها. أجرة البؤس لعمال من دون عمل حقيقي ( فقط لرفع الأرقام الإحصائية). ‏نعم، إنها طريقة لتعويض البطالة بالفقر.هذه الديكتاتورية الغريبة تتجسد في إقرار هذا النظام المدهش الذي يفرض ‏حله الوحيد ويعتبره أزليا. ولقلب الأوضاع يجب أن ندحض أولا هذا الإدعاء، أن نكشف عن مصادره و نحللها، ‏فرغم أننا نئن تحت ثقل الليبرالية المتوحشة، إلا أن أنظمتنا السياسية ديمقراطية أو على الأقل تسعى لكي تصبح ‏كذلك. لذا يتوجب على الساسة أن يقوموا بردود أفعال ولا يتحالفوا مع الأثرياء ضد الفئات العريضة. إن دورهم ‏لا يتلخص في حماية وضعية حالية ضد انتفاض الذين يعانون منها. بالعكس ، إن تماسك المجتمع لا يتم بتبني ‏أفكار تسعى لتخريبه [...].‏
هذا النظام الجديد، كما سبق وقلنا، تخلى عن مسؤولياته الاجتماعية (التربية، الصحة ...). وفيما يخص الشراكة ‏بين المدرسة و المقاولة، وصلت الأمور إلى انحرافات تم بموجبها تعويض التربية العمومية بفضاء اعتباطي لتعليم ‏حر يتولى إقرار التفاوتات الاجتماعية بين المتعلمين، فأبناء الفقراء مبعدون عن هذا التعليم الذي كان يجب أن ‏يعمم على الجميع. تدخل المقاولة في التعليم يفتح الباب أمام أبناء الأوساط المحظوظة لتسلق سلم الرقي ‏الاجتماعي. هذه السياسة الليبرالية تبتعد كليا عن ديمقراطية التعليم ، وذلك باللجوء إلى هذا التمييز المبكر الذي ‏يختار سلفا الموجهين نحو الوظائف العليا والموجهين نحو البطالة أو شغل مناصب في ظروف عمل مهينة وذات ‏أجرة زهيدة.‏
نعم إن التوجه الحالي هو تعويض القطاع العام بالقطاع الخاص (قطاع يمنع فيه غالبا الإضراب والمطالبة ‏بالحقوق). إن الليبرالية الحالية تعتبر أن القطاع العام غير مربح يجب خوصصته. هذه الخوصصة، وعكس ما ‏يظنه الجميع، لا تحسن ظروف الشغل، بل تعمل على تقليص المناصب والزيادة في البطالة. شعار هذا النظام هو ‏اقتصاد المصاريف العمومية مقابل تردي في الخدمات: رفع التكلفة وتقليص عدد العمال في حين يرتفع رقم ‏مبيعات المقاولة نتيجة الدخول في مضاربات لصالح عدد محدود من أصحاب رأس المال.‏
تحدثنا في كل ما سبق عن العلاقة الغير العادلة بين أصحاب المال والطبقة العاملة. لنتحدث الآن عن حلقة ‏أخرى في سلسلة رقي الليبراليين، أعني المستهلك. ماذا يمكن أن نقول اليوم بشأن المستهلكين الذين يلعبون دورا ‏هاما داخل النظام الليبرالي؟ إنهم آخر حلقة في هذه السلسلة: زبائن. ما هي سلطتهم وما مدى تأثيرهم داخل ‏الاقتصاد الحر؟ كيف يمكن أن نفسر هذا التوافق بين اقتصاد السوق والارتفاع المدهش الحاصل في عدد ‏الأشخاص الذين يعيشون تحت عتبة الفقر (حتى في الدول المتقدمة)؟ كيف يقبل اقتصاد السوق بفقدان هذا العدد ‏الكبير من المستهلكين نتيجة تنامي البطالة وضعف الأجر وتدني التعويضات الاجتماعية؟ ألم يكن أفيد لهذا ‏الاقتصاد وضع حد لتسريحات العمال ورفع الأجر والإعانة الاجتماعية؟ أليس الأفضل هو التحرر من الخوف ‏الدائم من الكساد؟
في الحقيقة ، لا يجب عرض المسائل بهذه البساطة، فحتى اقتصاد السوق الذي يحتوي على جوانب مقبولة يجد ‏نفسه تحت سيطرة اقتصاد المضاربة الذي يلقي بعالم المقاولات في أحضان عالم صوري حيث أصبح المأجورون ‏وكذا المستهلكون لا يمثلون أهمية كبيرة بالنسبة للربح. التخلص من المستهلكين كان حتى عهد قريب كان أمرا ‏مستحيلا بالنسبة للمقاولة، لكن طابع المقاولة نفسه تغير. إنها ترتبط اليوم بنوعية الاستثمارات أكثر من ارتباطها ‏بالمستهلكين: قيمتها لا ترتبط بالممتلكات المادية الحقيقية، بالمبادلات الكلاسيكية أو بالمواد الملموسة التي ‏تعرضها. بل هي ترتبط بالأسواق المالية الصورية التي تدخلها، أي المستوى الذي تحتله في أسواق المضاربة.‏
هذا النظام يبتعد عن المستهلك الذي كان في الماضي محور المقاولات ومصدر الربح. اليوم، يجب على ‏المستهلك بالأحرى التلاؤم مع ما يقدمه المنتج. كان الزبائن فيما قبل يدفعون بالمقاولات إلى تحسين منتجاتها ‏لكسب رضاهم عبر تنافس شريف، أما اليوم فإن المنتجات أصبحت متشابهة بسبب الشركات المتعددة الجنسيات ‏التي تسيطر على السوق العالمية. كل ما يتغير هو العلامات (‏Label‏ ). لقد أصبحت المنتجات لا تتمايز، أما ‏اقتناؤها فهو يخضع لسلطة الإشهار. تغير توجه التنافس وضعفت سلطة المستهلك أمام المقاولة. كما أن عدد ‏المقاولات المتنافسة يتقلص بسرعة مدهشة لتعوضه الشركات الضخمة المتعددة الجنسيات. تندمج المقاولات فيما ‏بينها و تتلاحم من أجل ربح أكبر على حساب المستهلك. لا يتعلق الأمر اليوم بتنافس بين المقاولات، بل بشراكة ‏وتعاون فيما بينها. لا يهم الاسم الذي تحمله الشركات المندمجة في شركة واحدة، المهم هم أن يعزز طبقة ‏الليبرالية المتوحشة التي تمسك بزمام الأمور عبر العالم. إنها ظاهرة خطيرة تمس بالأساس المستهلكين، ‏المأجورين والمعطلين على السواء.‏


‏------------------------‏
ملحق:‏
‏-------‏
فيفيان فورستير‎( VIVIANE FORRESTER )‎‏ روائية في الأصل، كاتبة وناقدة في صحيفة لوموند ‏الفرنسية وعضوة في لجنة تحكيم جائزة فيمينا ‏‎( Prix Fémina )‎‏. أصدرت عدة كتب أدبية منذ سنة 1970: (فان ‏غوغ أو الدفن في حقول القمح)، (عنف الصمت) ، (هذا المساء، بعد الحرب)، (عين الليل)، (أيادي)...إلخ. لكنها ‏قررت سنة 1996 مساءلة الأفكار الاقتصادية والتوجهات السياسية بكتابها الذي حاز شهرة واسعة : (الرعب ‏الاقتصادي). كتاب حصل في نفس السنة على جائزة ميديسيس ‏‎( Prix Médicis )‎‏ وترجم بعد ذلك إلى 24 لغة.‏‎ ‎في شهر فبراير سنة 2000، يصدر لفوريستر كتاب آخر ينتقد الليبرالية في شكلها المعاصر تحت عنوان: ‏‏(ديكتاتورية غريبة). ‏
تقول فوريستير: إننا نعيش اليوم تحت سيطرة ما يسمى بالعولمة ونرزح تحت ثقل نظام سياسي كوني وأحادي ‏التوجه. هذا النظام يتخفى تحت غطاء الليبرالية المتوحشة التي تتحكم في العولمة وتستغلها لصالح عدد محدود ‏وضد مصالح الفئات الشعبية الواسعة. تنتقد فوريستر في هذا الكتاب الفكرة القائلة بأن الاقتصاد يهيمن على ‏السياسة، و تبين أن هذه السياسة المهيمنة والأحادية التوجه تخرب اليوم الاقتصاد لصالح المضاربة، لصالح الربح ‏الذي أصبح متعارضا مع توفير الشغل، مع كل ما يتعلق بالمجال الاجتماعي (الصحة، التربية والتعليم... الخ)، بل ‏ضد كل ما يرتبط بالحضارة الإنسانية. ترد فيفيان فورستير على الدعاية الغربية التي تروج خطأ بأن البطالة تكاد ‏تنعدم في الولايات المتحدة الأمريكية فتقول : (نعم لقد تقلصت البطالة مقابل ارتفاع عدد الفقراء، حتى وإن كانوا ‏يتوفرون على شغل. إنهم في الحقيقة يمولون بطالتهم وفقرهم). إنها دعوة لمقاومة هذه الديكتاتورية الغريبة التي ‏تقصي عددا كبيرا من الاستفادة من التقدم الذي حققته الإنسانية. نعم يمكن مقاومتها لأنها تحافظ رغم ذلك على ‏تمظهراتها الديمقراطية: إنه في آن واحد الفخ والأمل المنشود.‏



#عبداللطيف_هسوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة. ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة. ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة. ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة ...
- ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبيرالية المتوحشة ...
- هل سيحكم النساء العالم بعد أن فشل الرجال؟ سيكولين رويال تفوز ...
- المغرب: أحزاب سياسية مريضة يسيرها زعماء لا ديمقراطيون
- المغرب الكبير: بين تغييب البعد الأمازيغي واللعب على وتر العد ...
- الأحزاب المغربية لا ترشح للانتخابات سوى مرتزقين وانتهازيين ج ...
- الأمريكيون يحاسبون رئيسهم بوش عن سياساته الرعناء - إقالة وزي ...
- اتحاد المغرب (العربي) الكبير:‏‎ ‎ضخامة تكلفة انقسام ‏
- المغرب (العربي) الكبير مؤجل إلى حين: السعي وراء زعامات فارغة ...
- المغرب خلال عشر سنوات الأخيرة: تعددية حزبية مفبركة وحكومة تن ...
- حزب الاتحاد الاشتراكي المغربي: انفتاح على فعاليات وطنية بديل ...
- المغرب: انعدام الأمن وإرهاب المواطنين في وضح النهار، من المس ...
- في الكتابة وعشق الكلام المرصع
- الثماني المباركون في القاهرة يتآمرون على الرباعي المنبوذ بحض ...
- عروبة مفقودة
- الدين الرسمي وأحزاب اليسار في مواجهة الأحزاب الإسلاموية: ردو ...


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبداللطيف هسوف - ديكتاتورية غريبة: في نقد فيفيان فوريستير لليبرالية المتوحشة... 7 من 8‏