أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الفهم الديني الجامد.. والإنسان الجديد















المزيد.....

الفهم الديني الجامد.. والإنسان الجديد


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1747 - 2006 / 11 / 27 - 10:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حينما يطرح موضوع تجديد الفهم الديني، فإن ذلك من شأنه أن يرتبط ارتباطا وثيقا بموضوع الإنسان الجديد، أي بتجديد الحياة وتجديد الفهم الإنساني برمته، حيث يؤثر فيه وعليه.
كيف نستطيع أن نفهم العبارة الماضية فهما يمكننا من خلاله تطوير حياتنا المادية والمعنوية، أو حياتنا الاجتماعية والروحية، حيث يعتبر الدين، وبالذات فهمه الجديد، أحد التجليات الرئيسية فيها؟.
طالما أن فهم الإنسان الراهن، الإنسان الحديث والجديد، للدين والشريعة بات فهما راكدا ساكنا غير متجدد، فإن فهمه للحياة الجديدة بتطوراتها وتجلياتها وإسهاماتها المادية والعلمية والاجتماعية وغيرها، أي فهمه للحياة الحديثة بشكل عام، سوف يظل فهما غير حديث وسوف يمارس حياته اليومية وفق نظرة ماضوية تاريخية قديمة، اللهم إلا استخدامه بعض وسائل الحداثة لكي يعتاش عليها ومن خلالها ولا سبيل له غير ذلك، فيما أسس ونظريات الحداثة والحياة الجديدة سوف تظل مرفوضة من قبله.
فلا سبيل أمام هذا الإنسان سوى استخدام وسائل النقل الحديثة ووسائل العلاج الحديثة ووسائل العمران الحديثة، لكن حينما تتحدث معه حول الأسس الحديثة لنظريات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية فإنه يرفضها بشدة، لأنها تتعارض مع فهمه التاريخي القديم للدين، وبالتالي تتعارض مع فهمه للحياة انطلاقا من قاعدة "الإسلام دين ودنيا"، رغم وجود قناعة متكاملة ومنطلقة من أرضية صلبة تثبت أن نظريات الحياة الحديثة هي التي أنتجت وسائل الحياة الحديثة ولا فكاك بين الاثنين.
هذا النوع من البشر، الديني التاريخي الماضوي، لا يستطيع أن يفهم الدور المحوري للعلم الحديث في حياتنا الراهنة، ما لم يطوّر فهمه الديني. وعلى انه استخدم وسائل علوم الكمبيوتر في دعم فهمه الديني القديم، لكن ذلك الاستخدام كان بسبب إيمانه المطلق بأن الفهم الديني لابد أن يستمر قديما.
ولو أنه كان غيّر نظرته هذه لكانت العلوم بشكل عام، ومنها علم الكمبيوتر لا وسائلها فحسب، جزءا رئيسيا من حياته، تحدد فهمه وطريقة عيشه. وبعبارة أخرى تحدد مساره الحداثي عن مساره الماضوي.
إن مسعى الإنسان لتجديد الفهم الديني لا يمكن أن ينجح من دون تحصين وارف بمعرفة عميقة مرتبطة بالعلوم والمعارف البشرية الجديدة. فالفقه، على سبيل المثال، سوف يظل جامدا وراكدا وتاريخيا مادام صاحبه، الذي يفسره ثم يطرحه في الساحة الاجتماعية الدينية، غير متطور وغير متجدد في أسسه الكلامية والفلسفية والعلمية. أوبعبارة أخرى، مادام مفسر الفقه غير مرتبط بالحياة العلمية الحديثة.
فلا يجب أن ننتظر من الفقهاء الراهنين، من السنة والشيعة، أي خطوة باتجاه تجديد الفهم الديني، ما داموا غير حداثيين في جوانب الحياة العلمية المختلفة. وما الحديث عن وجود فقهاء مجدّدين يسيرون وفق نهج له صلة بالحياة الحديثة من دون تطوير الأسس والعلوم التي يعتمد عليها الفقيه، كعلم الكلام والفلسفة وغيرها، إلا كلام لا معنى له ومأخوذ خيره.
فجهد الفقيه الراهن لم يصب في إطار تغيير وتجديد الفهم الديني من أجل أن يتماشى الفهم مع "أسس" الحداثة والعصرنة التي هي صورة العالم الجديد، بل صب في إطار مسعى وممشى التوافق مع "ظروف" المرحلة الجديدة من الحياة. وشتان الأمر ما بين الأسس وبين الظروف.
فالفقهاء، على سبيل المثال، ينظّرون لتجديد وسائل التعبد، من صلاة وصيام وحج وغيرها، ليجعلوها تتوافق مع "ظروف" الحياة المتغيرة، لكنهم لا يؤسسون لتدين جديد يستطيع الذوبان في الحياة الحديثة الجديدة. فهمّهم منصب على إيجاد قوانين فقهية تسهل طقوس التعبّد في ظروف مناخية وجغرافية وحياتية مختلفة، ومساهماتهم لا تستطيع أن تتعدى ذلك الأمر، في حين أنهم يبعدون مسافات شاسعة عن محور ربط التعبّد ووسائله بالتغيرات التي حدثت في "أسس" الحياة، مثل النظرة إلى مفهوم الحرية والتعددية الثقافية واحترام حقوق الإنسان وغيرها. فلا علاقة للفقه الراهن بتغيّر النظرة الإنسانية تجاه تعدد طرق الوصول إلى الحق وتعدد طرق التديّن وتعدد طرق التقرب إلى الله، كما لا علاقة لهم بالقراءة التاريخية للدين ولحياة الرسول والصحابة وللتاريخ الإسلامي بشكل عام. فكل تلك مسلمّات وايديولوجيات تاريخية من غير المسموح الإقتراب منها، ولو اقترب أي شخص من تلك المنطقة سيكون قد مس منطقة محرمة، منطقة ينبني عليها أساس حياة المسلمين وفقههم وأخلاقهم وطرق عيشهم.
فلننظر إلى "الجهاد" الذي بات، كمفهوم وكممارسة، وفي مختلف المدارس الفقهية الشيعية والسنية، يعكس نهجا لا يمت للحياة الحاضرة بصلة، حيث لا يزال، في تشريعه وفي طريقة تنفيذه، ركنا أساسيا من أركان طرق المواجهة العسكرية في الحياة القديمة، في حين بات العالم الراهن يمقت هذا النوع من المواجهة القائمة على الذبح والقتل والتفجير والانتحار من دون أي اعتراف أو احترام لقواعد اللعبة الجديدة والمفاهيم التي تنظم احترام حقوق الإنسان، حتى بات "القتل الإسلامي الفقهي" يسبح خارج منظومة القوانين والمفاهيم التي تنظم حياة الإنسان الحديث. فلا يمكن لهذه النظرة الفقهية تجاه الجهاد، وتجاه معظم المفاهيم الدينية الأخرى، أن تتبدل، مالم تتبدل لدى الفقه والفقيه معرفته بالعالم وبالكون، والذي تبدُّله بدوره سيؤثر تباعا على تطور الفقه.
فعالمنا الراهن الذي نعيش فيه بدأ بالتغيّر، في الأسس والمفاهيم وفي شكل الحياة ووسائلها، منذ القرن الخامس الميلادي، وبات تغيّره في الوقت الراهن سريعا جدا. في حين أن الفقه والفقيه لا يزالان يمثلان حياة ما قبل القرن الخامس الميلادي. فكيف إذن يستطيع هذا العلم، بأصوله وأحكامه، وبمدارسه وفقهائه، وبمختلف مجالات اهتمامه: العبادية والحياتية والمعاملاتية، أن يكون صالحا لحياتنا الراهنة؟
إن الفقه الراهن والقائمين عليه يسعون بكل ما أوتوا من عزم إلى أن يتناغموا مع التغيرات التي تطرأ على الحياة، أي إلى أن يتماشوا مع ظروف الحياة الجديدة. بيد أن ما يحتاج إليه الفقه ليس ذلك مطلقا، إذ يجب عليه أن يعي التحولات العالمية في مختلف مناحي الحياة، ويتدبر في أسس الارتقاءات التي حصلت، بدءا بالفكر والعلم وانتهاء بالوسائل. فلو ظلت نظريات الحياة القديمة معشعشة في رأس وذهن الفقيه، فسوف يظل العالم بلونه القديم بالنسبة إليه. وأي تغير أو تحول في الحياة، سوف لن يدرك إلا في إطار فهمه القديم.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفهم الديني غير المسؤول: الموقف من حزب الله نموذجا
- بوش يتخبط.. لكن ماذا عن الإسلاميين؟
- التعددية في بعدها السياسي
- التعددية في بحر وجودها وتعريفاتها
- مناخ التعددية عبر التاريخ
- متى يتوقف نبض الحياة المتحرك
- كعادتهم خلطوا الحابل السياسي بالنابل الديني
- مكاسب وخسائر طهران
- الإكراه الديني يعادي الإيمان
- استبداد المدرسة الفقهية
- اخوان الكويت.. ومعركة رئاسة البرلمان
- خسارة السيد المعمم
- جدل الانتحار في غوانتانامو
- إهداء إلى المحزونين على الذباح
- نضال الكويتية
- الفهم الديني.. ومسوغات التكفير والإلغاء
- الإنسان.. محور غائب في الفهم الديني
- لماذا ترفض واشنطن رسالة نجاد؟
- اختلاف الفهم الديني.. وتهم البدعة والزندقة
- الفهم الديني غير المقدس.. ضرورة اجتماعية


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الفهم الديني الجامد.. والإنسان الجديد