|
وتفسيرات لزيادة نسب الاصابة بالادمان وامراض القلب وداء السكر في القرن 21
جواد الديوان
الحوار المتمدن-العدد: 7871 - 2024 / 1 / 29 - 11:41
المحور:
الطب , والعلوم
تحسنت حياة الانسان بظهور عصر التنوير (القرن الثامن عشر). والان حياته افضل بمقاييس توفر الغذاء والصحة وطول العمر المتوقع وغيرها. وهذه تطورات تعترضها الكثيرمن الاشكالات، وعلى سبيل المثال، هناك زيادة حادة في الوفيات، والولايات المتحدة الامريكية مثالا، بسبب الانتحار والاستهلاك القهري للكحول والادوية (الادمان). وربما هذه الزيادة في الوفيات هي وفيات يأس. الزيادة في نسب المراضة ومنها ارتفاع ضغط الدم وامراض القلب وداء السكر سببها زيادة في الاستهلاك القسري للحلويات والدهون والاغذية عالية السكريات، ولنقل اغذية شعوب البلدان الغنية المتطورة. الاطباء يحددون الاعراض السريرية في امراض او اضطرابات تنتج عن خلل في تنظيم الجسم الوظيفي (فيزيائي او كيميائي). الا ان الادمان وارتفاع ضغط الدم وداء السكر لا يتم تفسيره بشكل كامل عن خلل في الجسم. وربما تفسير حدوثها بتكيف متوقع للحياة في قفص! وهي حياة واسعة خالية من التحديات. وفي الحياة يبحث الانسان عن الالهاء والقتال (واقصد النشاط في الحياة مثل الحركة ومواجهة التحديات)، وتفاصيل هذا الالهاء والحركة في التاريخ والادب. اسلافنا وقبل مدة طويلة جدا تعلموا كيف يجدون الطعام والزملاء وتجنب الاخطار والمغامرة وغيرها. والدماغ يدفع الكائن (الانسان) للبحث عن الطعام والجنس والامان والمغامرة، ومع كل نجاح يجد الانسان مكافاة في نبضة دوبامين (هرمون السعادة). ومع الدوبامين يحصل رضا بالحياة وتفاصيلها، وتوقف قصير عن البحث عن الطعام. وعندما تتبدد الرضا والدوبامين، يعود الانسان للبحث لتحقيق حاجة جديدة. ويحتجز الانسان دائرة حصوله الى المكافاة حيث ما يطلبه من رضا. ويبحث الانسان عن مفاجاة ايجابية قادمة للحصول على نبضة دوبامين، اي رضا بالحياة. ومنذ الخلق، والانسان في تحدي مستمر، هجرة وعبور جبال وصحارى ومحيطات. وعند النجاح في كل تحدي هناك نبضة دوبامين ليحصل على الرضا. والانسان في البرية يجد الطعام عرضيا، وكل لقمة كانت مفاجاة له، وبها يحصل على الرضا عن الحياة. مشاركة الانسان مع اخرين يقلل الندرة في الطعام في المجتمعات، ويحصل على المكافاة عند العطاء او الاخذ. واهم صفات الانسان تكمن بالبراعة والسيطرة التدريجية على الطبيعية، وترتبط مع المكافاة (نبضات الدوبامين) والمساومة. وهذه المواصفات ارتبكت عند ظهور الزراعة! وسيطرت مجموعات وعوائل على الاراضي الاكثر خصوبة، وكذلك سيطرت تجمع فوائض الزراعة. وثم تغيرت قواعد هذه اللعبة بظهور الصناعة. وبذلك اصبح الانسان يجد الطعام والراحة بدون مفاجات اي بدون نبضات هرمون السعادة. وبعدها ظهرت التجارة وتطورت بشكل اخر، ظهرت فجوة بين من يملك وبين لا يملك، وظهرت المساومات بدلا من اللقمة المفاجاة. العبقرية الجماعية للانسان، قللت احتمالية ممارسة الاعمال السابقة من قتال (غزو، وسلب، ومقارعة الحيوانات) للحصول هدايا طبيعية (نبضات الدوبامين) خلال عمره. لقد تطور الانسان ليستكشف كوكب الارض، ثم في هذا القرن اصبح همه الحصول على بطاقة حضور مباراة مثلا، او يبحث عن موضوع في الانترنيت، او يجلس في داره ينظر الى شاشة! اي العمل على الانترنيت او مراقبة التلفزيون. وهذه نشاطات يتعلمها الانسان في دقائق او ايام ولا تمثل اي تحدي او مفاجاة، وبالتالي لا مكافاة عند اتقانها كما كانت اعماله سابقا. وبذلك فقد الانسان نبضات الدوبامين (المكافأت) وأصبح النمو غير مريح. فبحث الانسان عن المواد التي تسهل له الحصول على المكافات (نبضات الدوبامين). ويتكيف الانسان، اي يقلل من الحساسية للتحفيز القوي المستمر، واليات التكيف اندفاع واضح للدوبامين. ويلجا الانسان الى مواد تسبب اندفاع اكبر من الدوبامين، ومنها الكوكائينن والهيروين، والنيكوتين، والكحول، والسكر والدهون، وغيرها (ومنها ما يتناقله الاعلام في ايامنا هذه الكريستال)، وهذا الادمان. نبضات الدوبامين والرضا عن الحياة به، انظمة لا يتم كسرها ولا تتعرض لخلل في التظيم الفيزيائي او الكيمياوي. وانما يعمل وفق تصميم الخلق. اي يتعامل مع احداث صغيرة وتغيرات عرضية ولا يوجد اندفاع مزمن للدوبامين يسبب ياس فسيولوجي ونفسي. ومن المؤكد لا تصيب حالة الياس الكل، وانما التعليم والمساواة وفرص العمل وغيرها تشكل حماية للانسان من الادمان. ولمعالجة الامراض الناتجة من عقارات الياس والغذاء الغني، يبحث الطب عن ادوية جديدة. والاخيرة تدفع الى تكيفات جديدة، وبذلك يهرب الناس من الصحة الحقيقية الى حالات غير مستقرة تحافظ على الحياة بادوية متعددة polypharmacy. والحل يكمن في توسيع فرص لايجاد رضا في الحياة ولو لفترات قصيرة، من خلال نشاطات تحدي تتطلب تعلم خبرات لفترات طويلة، وبذلك يتم انقاذ المكافات من مرض نظام الحياة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، معظم الاعمال التي تخدر العقل (لا مفاجات ولا تحديات) هي الاقل اجرا، وبذلك تتطلب البحث عن عمل اخر! والحل في الاصرار على اجور افضل واعلى، وتقليل ساعات العمل لكل الاعمال المخدرة للعقل، ومع الزمن يتم النوسع في الفرص. وهنا لابد من الدعوة للانتباه الى التماثل في رسوم الانسان في الكهف، ورسوم الانسان في الوقت الحاضر على الجسور والشوارع!!
#جواد_الديوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الى والدي مع الحب
-
التقييم النفسي للقادة السياسيين عن بعد في العالم- علم حديث
-
هادي شويش في ذكراه الثالثة
-
وتتغير صفات الادوية
-
توثيق مكافحة السرطان في العراق في كتاب
-
مؤتمر علمي في كلية الطب – بغداد
-
التحري عن السرطان تخصص دقيق
-
نشاط في كلية الطب-بغداد
-
اجتماع ثاني لجنة 61
-
من اجتماع لجنة 61
-
العرب اهدرت الوقت
-
البحث العلمي في كليات الطب – 5 المجلات المفترسة
-
البحث العلمي في كليات الطب – 4
-
البحث العلمي في كليات الطب - 3
-
البحث العلمي في كليات الطب – 2
-
البحث العلمي في كليات الطب -1
-
عودة لوقفة احتجاجية لأطباء ...
-
مرة أخرى مع وقفة احتجاجية لأطباء ...
-
وقفة احتجاجية لاطباء
-
وعن جائحة كوفيد-19 1
المزيد.....
-
الإعلام العبري يكشف عن إنهيار الخدمات الطبية وهلع جنود الاحت
...
-
للرجال فقط.. كيف تتجنب مخاطر العمل المكتبى على صحتك؟
-
تفسير حلم المطر الغزير في الحرم المكي
-
حظك اليوم الأحد 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024
-
هاروماكي (لفائف الربيع على الطريقة اليابانية)
-
ما تفسير حلم العظام في المنام؟
-
طبيب البوابة: هل يشكل عقار أوزيمبيك مخاطر تهدد الحياة؟
-
10 طرق للاستفادة القصوى من حفلات موسم العطلات في العمل
-
8 أفكار لعرائس الشتاء لارتداء ملابس دافئة وأنيقة
-
للأمهات.. الروشتة الكاملة لتغذية طفلك في مرحلة ما قبل المدرس
...
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|