عزالدين مبارك
الحوار المتمدن-العدد: 7868 - 2024 / 1 / 26 - 00:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الشيطان هو الوجه الشرير للإله التوحيدي. ففي الأديان القديمة المتعددة كان هناك إله للشر وإله للخير وعندما فكر الإنسان في صناعة إله واحد وجد أمامه معضلة الجمع بين المتناقضين الخير والشر في كائن واحد ولذلك أبدع شخصية الشيطان كمخلوق من الإله الواحد الذي استحوذ لنفسه على إرادة الخير وترك الأفعال الشريرة لعونه وخادمه إبليس حتى يقبل بذلك العوام ويطبقون ما يأمرهم به وتكون اللعنات من نصيب الشيطان رغم أن ذلك لا يعيبه ولا يهتم به وهو الكائن المتخيل الخرافي. ورغم حيلة صناعة كائن شرير لتفسير ما يقع بين الناس من جرائم وأفعال مؤذية ودنيئة وغير مقبولة ولا أخلاقية وتبرئة الإله من ذلك فقد وقعوا في مطبة المغالطة بحيث لا يمكن قبول إرادة حرة للشيطان دون إذن وموافقة من الإرادة العليا من خالقه لأن تصرفه الحر والمستقل يجعل منه إلاها مثلما كان الشأن في الديانات المفرقة بين الخير والشر. فهيمنة الإله الواحد على كل الكائنات بما في ذلك الجن والشيطان والملائكة تجعلها تحت سلطته وخاضعة له تماشيا مع مفهوم الألوهية التي أساسها القدرة الكلية ولا شيء يمكن تحدي سلطته وإرادته وبالتالي كل ما يقوم به الشيطان من أفعال شريرة وغير لائقة تعود للإله وإرادته وأوامره وما الشيطان إلا عبدا مأمورا حسب قوله ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾. فالإله إذا يمتلك إرادة الخير والشر دون سواه ويفوض عملية التنفيذ للشيطان تحت رقابته المطلقة وبهذا تسقط حيلة تبرئة الإله من أعمال الشر والمخادعة بأنها من فعل إبليس وحده وكأن له إرادة حرة ومستقلة عن إرادة الإله الخالق.
#عزالدين_مبارك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟