أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - انتفاضة محاكم التفتيش السلفية















المزيد.....

انتفاضة محاكم التفتيش السلفية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1746 - 2006 / 11 / 26 - 11:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طفح الكيل بوزير الثقافة المصري، الأستاذ فاروق حسني، و"بق البحصة"، وهو يرى بأم عينيه، و"أبيها"، ما آل إليه حال "أم الدنيا"، وأرض الخصوبة، والجمال، التي ألهمت عظماء الكتاب، والفنانين، الشعراء، وأبدعوا فيها ملاحم فنية خالدة باقية على مر الأيام، وهي تصبح أسيرة لعصبة من المستحاثات الفكرية المنقرضة التي تجتر منطق بدوي بائد متخلف، وتتعرض لاغتصاب فكر الإخوان، وتقع، في النهاية، فريسة مستكينة في براثن قوى السلف الوهابية المتخلفة القادمة من عمق الصحراء، حيث القحط، والجدب، واليباس، والتي تكفلت، وبنجاح، إعادتها قروناً ضوئية إلى الوراء، لتلهيها عن القضايا الإنسانية المصيرية، والعظيمة الكبرى. كما يطفح الكيل، كل يوم، وتفقع المرارات، وتنفجر الأدمغة والشرايين، بتلك الطلائع، والنخب الفكرية الواعية التي ترى الانهيار، والتردي، والانحطاط العام الذي يلف هذه الأصقاع المنكوبة جرّاء تحالف طغم الاستبداد الديناصورية، مع فقهاء الظلام.

ومن بوادر هذا الانهيار الشامل لمنظومات العقل، وتداعي المنطق، وانحطاط الوعي العام، أن صار رضا، ورواج فتاوى وعاظ السلاطين، وقضايا من مثل الحجاب والنقاب، وتقصير الجلباب، وحف الشوارب، ومنع الاختلاط، ودعاء دخول السوق، والخروج من المرحاض، وشعر العانة، وفقه الغرائز، وتضاريس الفرج، وسر الدبر، وفلسفة النكاح، و"أدلجة" البول والغائط، ولغز الجماع، وموسوعات الإيلاج، هي الشغل الشاغل لأمة المليار، التي لم تتعظ شعوبها وتتربى من كثرة الهزائم والمصائب والاندحار، ولم يعد عندها من قضية، أوعمل تقوم به، واهتمام تتبناه وتدافع عنه، سوى تقمص هذه المظاهر الفارغة من أي مضمون إيماني له علاقة بالله، وهذه القضايا المصيرية الهامة ذاتها، هي أسلحة التدمير الشامل الاستراتيجية التي تتسلح بها في معاركها ضد الصليبيين والزنادقة الكفار. فما كان منه إلا أن أشار، وبأدب واستحياء، إلى أحد هذه المظاهر وهي انتشار الحجاب، والنقاب في هذه المجتمعات كانتشار الرشوة، واللصوصية، والفساد، في صفوف الموظفين، الكبار منهم والصغار، معتبراً إياها ردة ظلامية.

كلمة حق، تستكشف، وتقرأ الواقع بصدق، وشجاعة، وهي في محلها، وفي توقيتها الذهبي الممتاز، نطق بها الأستاذ حسني، ومن موقعه كوزير للثقافة، مؤتمن، ومسؤول مباشرة عن التثقيف الإنساني الرفيع، لا الوضيع الرقيع. ومهمته الأولى نشر الوعي، والعمل على تفتيح عقول الناس، وتهذيبها، ورفع مستواها، لا إغلاقها، وتصحيرها، وإشغالها بصغائر، وتوافه الأشياء. وإني به، وهو يتحسر على مصر أيام الرومانس، والصور الجميلة، والصحوة الحقيقية، ومعانقة الأحلام. مصر أيام زمان، التي نهضت من كبوتها العثمانية، بعد طول نوم وسبات، وبعد أربعمائة عام من عمليات التجهيل، والتسطيح، وغسل الدماغ، والكذب باسم الله، وتمويت العقل التي مارسها "خلفاء" الله العصمليين في الأرض المهجورة اليباب، و"خلـّفوا"، و"بحمد الله"، بعدها، مجتمعات ينهشها الفقر، والجوع، والمرض، والكآبة، والأمية، والجهل، والفساد، وتجتاحها الحروب، والأوبئة، والانقسامات، والمشيخات، وإمارات الطوائف، والنعرات، ويحكمها الباشاوات، والآغاوات، والجهلاء، وتأكلها الصراعات، والثارات، والأحقاد. هذه الخلافة هي نفسها التي يتباكى عليها أزلام، ومريدو الجماعات الدينية، اليوم، ويدعون إلى إعادة إنتاجها، وإحياء تراثها وتشغيله بطاقته القصوى من جديد، بعد أن فعلت فعلها بالبلاد والعباد.

وسيبقى موقف الوزير فاروق حسني الشهم والشجاع، في معركة الصراع بين الثقافة واللاثقافة هذه، واحداً للذكرى والتاريخ، في ظل صمت مطبق، ومريب من أقرانه الآخرين وزراء الفراعنة، وملالي الطالبان، وكسرى أنو شروان، عن هذه المجزرة الفكرية الدائمة، وعمليات الإبادة الجماعية الكبرى المستمرة للعقل البشري التي يمارسها إعلام التضليل الشامل ضد هذه الشعوب، في ظل هذا التواطؤ الرسمي المشبوه مع السحرة، والمشعوذين، والدعاة. ومن مخلفات، ونتائج حملات الإبادة هذه، أن صار كل ما يقترن باسم هذه الأوطان، هو مدعاة للتندر، والسخرية، ومقروناً بالتخلف، والقرف، والانحطاط، والنفور، والاشمئزاز.

وهكذا انتفضت قوى السلف الماضوية، وعلا ضجيجها وصراخها، بعد أن نبش الوزير من عقلها الباطن تلك المكنونات الفكرية التي تلامس جوهر وجودها، وفتح الباب على أحد مقدساتها الرمزية أمام حوار ليس في موروثاتها التاريخية، ولا تسمح به وتناصبه العداء، ووضعها على طاولة التشريح العقلاني. واهتاجت لواحدة من القضايا التي تعتبرها ركيزة أساسية لاستعراض قواها في معركتها لتقويض، وترويض، والإجهاز على هذه السلالات البشرية التائهة في بحور الأصولية والاستبداد. ورأت جماعات الفكر الظلامي، في موقف الوزير حسني، سحباً للبساط من تحت أقدامها، وبداية النهاية لمشروعها الظلامي الشامل بإطباق سيطرتها الكاملة على هذه المجتمعات، التي تمارس عليها ساديتها الفكرية القهرية. وجن جنونها واعتبرته تحدياً غير مسبوق، ومن جهة رسمية بهذا الحجم، بعد أن تم تحييد مثقفي الأجهزة، وفراخ البلاطات، وغلمان السلاطين، وكتبة القياصرة عقوداً من الزمان عن قضايا العلمنة والتنوير، عبر تحالفات وتفاهمات بعيدة المدى بين الجانبين، فاستنفرت أجهزتها، والإعلام الحكومي الموضوع بكامله تحت تصرفها، وانطلق احتياطيها الاستراتيجي المسمّن في مداجن، وفراريج البترودولار للنيل من هيبة، ومقام، وسمعة الوزير الهمام، وطالبت بتطبيق الحدود عليه، ومحاكمته على استخدام العقل المحظور "حكماً"، بفرمانات الفقهاء، وآيات الله. وها هو سيمثل قريباً أمام لجنة مختصة من مجلس "الشغب" الإخواني، لمجرد رأي شخصي عبّر عنه في قضية عامة، وباتت ظاهرة غريبة تؤرق كل من لديه اهتمام جدي بمستقبل هذه الأجيال التي يبدو أنها قد خرجت نهائياً من التنافس، والسباق الحضاري الإنساني العام.

إنها دعوة لكل الشرفاء، والمتنورين الأحرار، للتضامن مع الأستاذ فاروق حسني، وزير الثقافة المصري، الذي يتعرض لإرهاب فظيع، ومرعب من الجماعات السياسية، ويخوض معركة شرسة مع قوى الظلام، والارتداد.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهَيْلَمة السياسية
- نساء مصر، و-كامب- الشيخ محمد بن عبد الوهاب!!!
- هولندا والمسلمون: نهاية حقبة
- الفياغرا في زمن البداوة
- هل يعود السفير الأمريكي إلى دمشق؟
- الأمّة الافتراضية
- إيلاف وليبرالية الأعراب
- محاكمة صدام: فشل سياسة الجواكر البوشية
- حزب الله الفلسطيني: والخيارات الإلهية!!!
- الجريمة والنقاب
- هل هي قصة لحم مكشوف، أم فكر مكشوف؟
- جبهة الخلاص الوطنية الأمريكية وطريق الضلال
- مثلث برمودا الفكري: نقاب، وحجاب، وجلباب
- قناة الشام الفضائية: الكوميديا السورية السوداء مستمرة!!!
- كل ربع ساعة وأنتم بخير
- المزرعة الإخوانية
- الحوار المتمدن في دائرة الاستهداف
- رئيس مغتصب، و زير نساء
- لا، ........يا وفاء سلطان
- العرب بين فسطاطين


المزيد.....




- كلمة مرتقبة لقائد الثورة الاسلامية بذكرى تأسيس منظمة تعبئة ا ...
- كلمة مرتقبة لقائد الثورة الاسلامية آية الله السيد خامنئي بمن ...
- إيران تنفي التورط بمقتل حاخام يهودي في الإمارات
- قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين ...
- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - انتفاضة محاكم التفتيش السلفية